الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما تنكيره:
فلإرادة عدم الحصر والعهد؛ كقولك: زيد كاتب، وعمرو شاعر، أو للتفخيم؛
ــ
يقيد بالأشياء؛ فإنه يخرج عنه نحو قولنا: ما لم يشأ الله لم يكن؛ فإن المعدوم لا يسمى شيئا.
ومنها: (مهما) قال تعالى: وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ (1).
ومنها: (أى) لتعميم ما تضاف إليه، على بحث فى كيفية الاستغراق فيهما، والفرق بين عمومها وعموم الصلاحية ليس هذا موضع تحقيقه، وقد حققناه فى شرح المختصر.
ومنها: (كيفما) على قول.
وبقيت أدوات يحصل بها التعليق وليست شرطا، منها:(أما) و (لما) و (لولا) فمعنى (أما) مهما يكن من شئ، وهو حرف بسيط، وليست شرطا، وبذلك صرح شيخنا أبو حيان، ونقل عن بعض أصحابه أنها حرف إخبار تتضمن معنى الشرط، ولو كانت أداة شرط لاقتضت فعلا بعدها، لكنها أغنت عن الجملة الشرطية، وعن أداة الشرط، وهى من أغرب الحروف؛ لقيامها مقام أداة شرط، وجملة شرطية، وكونها تدل على الشرط يعلم أن معنى (أما زيد فذاهب) الإخبار بأنه سيذهب فى المستقبل؛ لأن زيد ذاهب جواب الشرط، ولا يكون جوابه إلا مستقبلا، و (لما) التعليقية حرف عند سيبويه يدل على ربط جملة بأخرى ربط السببية، ويسمى حرف وجوب لوجوب، ويقال: حرف وجود لوجود، وقيل:
هى ظرف زمان بمعنى حين، وجوابها فعل ماض لفظا ومعنى، أو منفى بما، أو مضارع منفى بلم، أو جملة اسمية
مقرونة بإذا الفجائية، وزعم ابن مالك أن جوابها الماضى قد يقرن بالفاء، ويكون جملة اسمية مقرونة بالفاء، وبمضارع مثبت. وأما (لولا) فحرف امتناع لوجود وما بعدها مبتدأ عند البصريين، فاعل عند الكسائى، ومرفوع بها عند الفراء وابن كيسان. وأما (لو) فقد تقدم الكلام عليها، وقد عدها التنوخى هى ولولا من المنتظم فى سلك الشرط.
تنكير المسند:
ص: (وأما تنكيره
…
إلخ).
(ش): ذكر الخطيبى الشارح هنا أن هذه الأحوال التى يذكرها أهل هذا العلم لا يقصدون أنها موجبة لهذه الأمور، بل إنها أمور مناسبة؛ ولهذا فسروا مقتضى الحال بالاعتبار المناسب أعم من أن يكون المناسب موجبا أو لا، قال: والمقصود أن الغالب
(1) سورة الأعراف: 132.
نحو: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (1)، أو للتحقير (2)
ــ
عند انتفاء هذين الأمرين إما تنكير المسند وهو الغالب، أو تعريفه بالإضمار، أو اسم الإشارة؛ لأن غيرهما من المعارف يندرج تحت الأمرين، فنفيهما يستلزم نفيه، والحمل على الغالب أولى، فتنكير المسند عند انتفاء الأمرين أولى.
(قلت): قوله: إن غير اسم الإشارة والمضمر يندرج تحت الأمرين فيه نظر؛ لأن المضمر واسم الإشارة كغيرهما فيما ذكره فإن كان التعريف مطلقا يستلزم العهد، أو الحصر، صح عموم ما ذكره المصنف، ووجهه أن التعريف إن كان بأداة عهدية، أو بمضمر، أو اسم إشارة فهو معهود، وإن كان بأداة عهدية، أو جنسية، أو بموصول أفاد الاستغراق المستلزم للحصر، وإن لم يكن التعريف يستلزم ذلك بطل ما ذكره، من غير فرق بين المضمر واسم الإشارة، وبين غيرهما، وحاصل ما ذكره المصنف أن تنكير المسند يكون لإرادة عدم الحصر، وإرادة عدم العهد.
(قلت): وفيما قاله نظر؛ لأنه إذا أراد الحكم عليه مع قطع النظر عن غيره فالتنكير حسن، فينبغى أن يقول: لعدم إرادة الحصر والعهد؛ فإن عدم الإرادة أعم من إرادة العدم، ثم عدم إرادتهما أعم من عدم إرادة أحدهما؛ فينبغى أن يقول: لعدم إرادة واحد منهما، وقد ينكر للتفخيم نحو: هُدىً لِلْمُتَّقِينَ إن قلنا: إنه خبر مبتدأ محذوف، أو للتحقير، مثل:(ما زيد شيئا) لا يقال: قولنا: ليس شيئا إن كان معناه حقيرا صلح للمدح والذم؛ لأن هذه الصيغة لا تستعمل إلا
للتحقير، وعندى أنه لا حاجة لما ذكره المصنف، ولا ينبغى الاقتصار عليه، بل ينبغى أن يكون تنكيره لأحد أسباب تنكير المسند إليه. هذا ما ذكره المصنف، ويريد أنه قد يكون لتنكير المسند إليه، كقولك:(رجل فى الدار قائم)؛ لأن المعرفة لا يخبر بها عن النكرة، كذا قالوه، لكن المعرفة خبر النكرة عند سيبويه فى نحو:(كم مالك)، و (اقصد رجلا خير منه أبوه) وقال ابن مالك وغيره: إنه يخبر فى بابى كان وإن بمعرفة عن نكرة اختيارا ومن منع ذلك يتأول قوله:
كأنّ سبيئة من بيت رأس
…
يكون مزاجها عسل وماء (3)
(1) سورة البقرة: 3.
(2)
نحو: ما زيد شيئا.
(3)
البيت من الوافر، وهو لحسان بن ثابت فى ديوانه ص: 71، والأشباه والنظائر 2/ 296، وخزانة الأدب 9/ 224، 231، 283، 285، 287، 289، 293، والدرر 2/ 73، وشرح أبيات سيبويه 1/ 50، وشرح شواهد المغنى ص: 849، وشرح المعضل 7/ 93، والكتاب 1/ 49، ولسان العرب =