الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولاختصاص التصديق بها، وتخصيصها المضارع بالاستقبال: كان لها مزيد اختصاص بما كونه زمانيّا أظهر؛ كالفعل؛ ولهذا كان فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (1) أدلّ على طلب الشكر من:
فهل تشكرون؟ خ خ، فهل أنتم تشكرون؟ خ خ؛ لأن إبراز ما سيتجدّد فى معرض الثابت أدلّ على كمال العناية بحصوله، ومن: أفأنتم شاكرون؟ خ خ؛ وإن كان للثبوت؛ لأن (هل) أدعى للفعل من" الهمزة"؛ فتركه معها أدلّ على ذلك؛ ولهذا لا يحسن:
هل زيد منطلق؟ إلا من البليغ.
ــ
(هل) لاختصاص التصديق بها إلى آخره:
ص: (ولاختصاص التصديق بها إلى آخره).
(ش): يريد أن (هل) لها مزيد اختصاص بما هو أظهر فى الزمان عن الهمزة، كالفعل فإن الفعل أظهر فى الزمان من الاسم؛ لأنه يدل عليه تضمنا على الصحيح، والاسم المشتق وإن دل على الزمان فدلالته التزامية، وقوله: كالفعل مقتضى الكاف أن شيئا آخر أظهر فى الدلالة على الزمان من غيره، ويحتاج إلى مثال؛ فإن دلالة الفعل على الزمان أظهر من دلالة الاسم، وليست دلالة الاسم أظهر من غيرها، وغيرهما لا يدل بالكلية على الزمان إلا أن يقال: إن اسم الفعل يدل على الزمان دلالة متوسطة بين دلالتى الفعل وسائر الأسماء، إذا تقرر هذا فهذا الاختصاص بالفعل نشأ عن كل واحد من الأمرين السابقين.
أحدهما: تخصيصها بالمضارع، وهذا واضح؛ لأنها إذا كانت تخصص المضارع بالاستقبال صار لها فيه تأثير يوجب اختصاصا، فإذا كان لها تأثير فى المضارع وهو أخص من الفعل صار لها تأثير فى مطلق الفعل ضرورة.
الثانى: اختصاص التصديق بها؛ لأن الفعل صفة لكونه عرضا، والمطلوب بالتصديق لا يكون إلا صفة لأنه حكم بالإثبات أو النفى لأنهما لا يتوجهان إلى الذوات من حيث إنها ذوات، بل لما يتعلق بها من وجود وعدم، فثبت لكل واحد من الأمرين أن (هل) لها مزيد اختصاص بالفعل (ولهذا) إذا ثبت هذا الاختصاص (كان قوله تعالى: فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أدل على طلب الشكر من قولنا: فهل تشكرون، ومن قولنا: فهل أنتم تشكرون؛ لأن إبراز ما سيتجدد) وهو الفعل فى
(1) سورة الأنبياء: 80.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
قالب الثابت المستقر، بحيث تكون الجملة اسمية، والمبتدأ والخبر فيها اسمان (أدل على كمال العناية بحصوله) من إبقائه على أصله من الإتيان بالفعل، وكذا:
فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أدل على طلب الشكر من: أفأنتم شاكرون؛ لأن ترك الفعل من (هل) أدل على كمال العناية لتحويله عن أصله، بخلاف الهمزة، وقول المصنف: فهل أنتم تشكرون، أخذه من السكاكى، وفيه نظر؛ فإن هذا التركيب لا يصح كما سبق من وجوب تقديم الفعل فيه على الاسم لفظا، إلا إن كان فرعه على القول الضعيف، وقد أورد أن ما ذكره المصنف قد يعكس فيقال: فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ أقل دلالة من أفأنتم شاكرون؛ لأن الجملة الاسمية الدالة على الثبوت لا معارض لها مع الهمزة، فلا تنقص قوتها الثابتة، إلا إذا غلب فأما إذا لم يغلب فلا أثر له، وعندى أن السؤال أقوى من الجواب، وجوابه عندى أن (هل) لا دلالة لها على التجدد، بل الفعل هو الدال عليه، فإذا لم يوجد فليس فيها شئ يعارض بالجملة الاسمية، وكونها لها اختصاص بالفعل الدال على التجدد لا يقضى لها بدلالة على التجدد؛ حيث لا فعل.
قوله: (ولهذا) أى: ولكون هل أدعى من الهمزة للفعل (لا يحسن: هل زيد منطلق، إلا من البليغ) لأن البليغ لا يستعمل ذلك إلا حيث كان يستفهم عن استمرار الانطلاق، ويحوله لذلك عن الإتيان بالفعل بخلاف غيره. قلت: والكلام إذا ذكرت قواعده استعمله من له فهم، وهذا لا يختص بهذا المحل، وإنما يصرف البيانى كل كلام إلى قواعده، بناء على أنه إذا على أصل وضعه فى اللغة، وأما من لا يتكلم على الوضع فليس الكلام معه، فهذا فيه نظر إن كان المراد بأنه لا يحسن أنه لا ينبغى أن يقع فيكون فى معنى النهى، وإن كان المراد الإخبار بأن ذلك لا يحسن إلا إذا صدر من البليغ، فإن صدر من غيره لم يحسن، أى: لم يستحسن لعدم العلم بأن كلامه مطابق بقرينة.
(تنبيه): قول المصنف: ولاختصاص التصديق بها هو الصواب، وعبارته فى الإيضاح:
ولاختصاصها بالتصديق، والصواب ما فى التلخيص فإن (هل) لا تختص بالتصديق، ولو اختصت به لما استفهم عن التصديق بالهمزة، بل التصديق مختص بهل بمعنى أن (هل) لا تكون بغيره. أما قول المصنف: وهى تخصص المضارع بالاستقبال فهو مقلوب، فإن الاستقبال قد يكون للفعل الماضى، ثم هذه العبارة لا ينبغى أن يقع المضارع بعدها للحال،