الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر المسند إليه:
وأمّا ذكره، ف:
1 -
لكونه الأصل ولا مقتضى للعدول عنه.
2 -
أو للاحتياط؛ لضعف التعويل على القرينة.
ــ
سمع وطاعة، أو بصريح قسم، وبعد لا سيما إذا رفع الاسم بعدها، وفى المصدر الذى انتصب توكيدا للجملة نفسها، إذا رفعت نحو: صنع الله، وذكر المبرد نحو قولهم: دار فلانة أى: هذه دار فلانة وفى قولهم: من أنت؟ زيد أى:
مذكورك زيد، وقولهم: لا سواء، وقد يحذف سرورا بالمسند، كقولك: غزال أى: هذا غزال، يخاطب من يريد صيده.
(تنبيه) اقتصر المصنف على المبتدأ من المسند إليه؛ لأن الفاعل لا يحذف عند البصريين، وما ندر من ذلك فى: قام الناس، لا يكون زيدا ونحوه، على رأى ابن مالك، لا عبرة به ولعله لم يقصد الحذف. وكذلك مواضع يسيرة فإن جوزنا حذفه، كما هو مذهب الكسائى، كان حذفه ما يتأتى فيه من الاعتبارات السابقة، فى حذف المبتدأ، دون ما لا يتأتى مثل: السرور بالمسند، فإنه حاصل حذف الفاعل أم ذكر؛ لأن المسند إلى الفاعل مقدم عليه.
ذكر المسند إليه:
ص: (وأما ذكره إلى آخره).
(ش): ذكر المسند إليه يكون لأحد أمور:
الأول - أنه الأصل، ولك أن تقول: هذا المعنى يعارض كلا من مقتضيات الحذف، فما تصنع حينئذ بتعارض المقتضيين؛ فينبغى أن يزاد فيه، ولا مقتضى للحذف، كما فعل فى الإيضاح؛ ليدل على أن الأصل، إنما يراعى، حيث لا مقتضى يعارضه. وقولنا:
ولا مقتضى سواء شرط للتعليل لا جزء علّة فرار من التعليل بالعدم.
الثانى - أن يضعف التعويل على القرينة، هذه عبارته، ولك أن تقول: إن كان المراد أن القرينة ضعيفة فى نفسها، لا يغلب على الظن إفادتها، فلا مقتضى للحذف. فإن القرينة الدالة على المحذوف شرط الحذف وإن كان المراد ضعف اعتماد السامع عليه، لعدم تنبهه فلا يسوغ الحذف حينئذ، أو المراد: ضعف تعويل المتكلم
3 -
أو التنبيه على غباوة السامع.
4 -
أو زيادة الإيضاح والتقرير.
5 -
أو إظهار تعظيمه.
6 -
أو إهانته.
7 -
أو التبرّك بذكره.
8 -
أو استلذاذه.
9 -
أو بسط الكلام حيث الإصغاء مطلوب؛ نحو: هِيَ عَصايَ (1).
ــ
عليها، فذلك عبارة عن عدم الحذف. وإن أراد: أن الاعتماد على القرينة فى نفسه ضعيف، أو أن المتكلم يفرضه
ضعيفا، كان منافيا لقوله فيما سبق: بحذف للاعتماد على أقوى الدليلين: العقل واللفظ، وفرض المتكلم القوى ضعيفا لا موجب له.
الثالث - أن يقصد التنبيه على غباوة السامع، حتى أنه لا يفهم إلا بالتصريح، وينبغى أن يقول: إيهام غباوته؛ لأن التنبيه على غباوته إنما يكون عند غباوته، وحينئذ لا يسوغ الحذف وإذا لم يسغ وجب الذكر؛ لأنه الأصل ولا مقتضى للحذف.
الرابع - أن يقصد زيادة الإيضاح والتقرير. فإن قلت: قد تقدم أن الدلالة مع الحذف أقوى. قلت: لكنها ربما احتاجت إلى فكر ونظر بخلاف الصراحة.
الخامس - إظهار تعظيمه بالذكر كقوله: القهار يصون عباده؛ لعظم هذا الاسم، أو إهانته لما يدل عليه اسمه من الحقارة، كقولك: اللعين إبليس.
السادس - التبرك باسمه، كقولك: محمد رسول الله خير الخلق.
السابع - الاستلذاذ بذكره، كقولك: الله خالق كل شئ، ورازق كل حى وعد السكاكى هذين شيئا واحدا؛ لأن بينهما تلازما والأحسن أن يمثل للاستلذاذ بذكره بما تكون حروف المسند إليه عذبة، من غير نظره لمعناه.
الثامن - بسط الكلام، حيث يقصد الإصغاء، كقول موسى عليه السلام: هِيَ عَصايَ ولذلك زاد على الجواب بقوله: أَتَوَكَّؤُا عَلَيْها وما بعده وإنما أجمل المآرب؛ لأن تفصيلها يطول، وقد يفضى الطول إلى الخروج عن الفصاحة. قلت:
وقولهم: (حيث الإصغاء مطلوب) فيه نظر؛ لأن المطلوب هو الكلام المستدعى من موسى عليه السلام لا الإصغاء، وأن أخذ الإصغاء من جانبه عز وجل فذلك لا يسمى إصغاء. ولو سى فإنما كان المقصود كلام الله تعالى له، وأن يصغى هو له،
(1) سورة طه: 18.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وذلك لا يحصل ببسط الجواب، ولم يكن المقصود سماع الله تعالى، فإنه حاصل لا يزال إلا أن يقال: قصد تطويل المكالمة والمراجعة.
ومن هذا أيضا قالوا: نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ (1) هذا ما ذكره المصنف.
قال السكاكى: وقد يذكر لقصد تخصيص المسند بالمسند إليه بعد أن كان عاما، كقولك:
زيد جاء وعمرو ذهب، وقوله:
الله أنجح ما طلبت به
…
والبرّ خير حقيبة الرّجل (2)
وقوله:
والنّفس راغبة إذا رغّبتها
…
وإذا تردّ إلى قليل تقنع (3)
قال المصنف فى الإيضاح: وفيه نظر؛ لأنه إن قامت قرينة تدل عليه إن حذف فعموم الخبر وإرادة تخصيصه بمعين وحدهما لا يقتضيان ذكره، وإلا فيكون ذكره واجبا.
وأجيب على هذا بأنه لا مانع من اجتماع الأسباب، فيكون ذكره لعدم القرينة وللتخصيص، فإن وجوب ذكره لعدم القرينة، لا ينافى ذلك. وفيه نظر؛ لأن المصنف يقول: هب أنه لا ينافى، فأى مناسبة فى عموم الخبر وإرادة تخصيصه يقتضى الذكر؟
كما أشار بقوله: لا يقتضيان ذكره وأجيب عنه بأن إرادة التخصيص توجب التصريح به وهو لا يحصل إلا بالذكر. نعم هنا سؤال على الجميع، وهو: أن قولهم: لقصد تخصيص المسند بالمسند إليه كلام بعيد عن الصواب؛ لأن تخصيص المسند بالمسند إليه معناه: ما الله إلا أنجح، وما النفس إلا طامعة؛ لأن تخصيص الشئ بالشئ، إن يجعل له شيئا، لا يجعله لغيره، كما سبق. فتخصيص المسند، وهو الطمع بالنفس معناه أن لا
(1) سورة الشعراء: 71.
(2)
البيت من الكامل، وهو منسوب لامرئ القيس بن حجر، وهو فى ديوانه ص 131 ط. دار الكتب العلمية، ونسبه فى الأغانى 3/ 301 لامرئ القيس بن عابس الكندى الصحابى، وانظر: الإشارات والتنبيهات ص 35، والتبيان 1/ 147، والمفتاح ص 95، والإيضاح ص 40.
(3)
البيت من الكامل، وهو لأبى ذؤيب الهذلى فى لطائف التبيان ص 46 برواية (والنفس)، والمفتاح ص 95، والإيضاح ص 40.