الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأقسامه أربعة: لأنّ طرفيه:
إمّا حقيقتان: نحو: أنبت الربيع البقل.
أو مجازان: نحو: أحيا الأرض شباب الزّمان.
أو مختلفان: نحو: أنبت البقل شباب الزمان، وأحيا الأرض الربيع.
ــ
هذا الحد، لم أطل بذكرها، وقد تبين بما ذكرناه أن المسمى بالحقيقة والمجاز العقلى عند المصنف هو الإسناد نفسه، وعليه عبارة ابن الحاجب فى النقل عن عبد القاهر، وقول الزمخشرى فى الكشاف، وغيره، وعلى عبارة السكاكى يكون المجاز نفس الكلام.
قال المصنف: وإنما اخترنا هذا؛ لأن نسبة المسمى حقيقة أو مجازا على هذا لنفسه بلا واسطة شئ وعلى الأول لاشتماله على ما ينسب إلى العقل، قلت: بل لا يصح من جهة المعنى إلا ذلك، والسكاكى فى جميع الباب يقول: إسناد حقيقة وإسناد مجاز، كما قال غيره.
أقسام المجاز العقلى:
ص: (وأقسامه أربعة؛ لأن طرفيه إلى قوله وغير مختص).
(ش): أى أقسام المجاز العقلى أربعة، لأن له طرفين: هما المسند والمسند إليه فإما أن يكونا حقيقتين أى كل منهما حقيقة لغوية، مثل: أنبت الربيع البقل، فالإنبات والبقل حقيقتان، لاستعمالهما فى موضوعهما ومنه:
وشيّب أيّام الفراق مفارقى (1)
وكذلك قول الشاعر:
ونمت وما ليل المطىّ بنائم (2)
أو مجازين مثل أحيا الأرض شباب الزمان، فإن الإحياء والشباب مستعملان مجازا فى الإنبات والربيع، أو يكون المسند حقيقة والمسند إليه مجازا، مثل: أنبت البقل شباب الزمان، أو عكسه، نحو: أحيا الربيع البقل، ووقع المجاز العقلى كثيرا فى القرآن كقوله تعالى:
(1) صدر بيت من الطويل وعجزه: وأنشزن نفسى فوق حيث تكون، وهو بلا نسبة فى الإيضاح ص 31، بتحقيقنا، وينسب لجرير وليس فى ديوانه.
(2)
عجز بيت من الطويل، وصدره: لقد لمتنا يا أم غيلان فى السرى، وهو لجرير فى ديوانه ص 419، وخزانة الأدب 1/ 465، 8/ 202، والكتاب 1/ 160، ولسان العرب 2/ 442، والإشارات والتنبيهات ص 26، والإيضاح ص 31.
وهو فى القرآن كثير: وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً (1)، يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ (2)، يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما (3)، يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (4)، وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (5).
وهو غير مختص بالخبر، بل يجرى فى الإنشاء؛ نحو: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً (6)
ــ
وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً «1» - نسب الزيادة للآيات وهى لله تعالى، وكذلك يُذَبِّحُ أَبْناءَهُمْ «2» نسب التذبيح لفرعون لكونه الآمر به، وكذلك يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما «3» باعتبار السبب فى النزع، وكذلك يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً «4» وكذلك أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها «5» .
(تنبيه): هذه الأقسام الأربعة تأتى فى الإسناد الحقيقى، فقد يكون طرفاه حقيقتين، مثل:(خلق الله زيدا) وقد يكونان مجازين، كقولك:(أحيا البحر زيدا) تريد (أعطى الكريم زيدا) وقد يكون المسند مجازا، والمسند إليه حقيقة، مثل:(أحيا الله البقل)، وعكسه، مثل:(جاء فلان) يريد غلامه، وإنما يجوز ذلك بقرينة ترشد إلى المعنى.
(تنبيه): هذه الأقسام الثمانية هى دائرة بين الفعل وفاعله، ولا شك أن الفعل يلابس فضلات باعتبار المفعول، والحال، وغيرهما، وذلك باعتبار الحقيقة أو المجاز، فنقول: كل واحد منهما قد يكون فى الفاعل والمفعول، والمفعول يلابس الفعل حقيقة أو مجازا، وكل واحد منهما قد يكون فى نفسه مجازا إفراديا، وقد يكون حقيقيا، فهذه أربعة أحوال تضرب فى الثمانية أعنى الأقسام الأربعة الحقيقية والأقسام الأربعة المجازية - تبلغ اثنين وثلاثين قسما، وتأتى فى المفعول الثانى أربعة وستين، وفى الثالث مائة وثمانية وعشرين، وتتضاعف بالتوابع والحال والمصدر والظرف ونحوه، فعليك باعتبار ذلك، وافعل ما تقتضيه القواعد السابقة، وينبغى أن يسمى هذا مجاز الملابسة، ولا يقال: مجاز إسناد؛ لغلبة استعمال الإسناد بين الفعل وفاعله، أو ما قام مقامه فقط.
ص: (وغير مختص بالخبر بل يجرى فى الإنشاء كقوله تعالى: يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً «6»).
(1) الأنفال: 2.
(2)
القصص: 4.
(3)
الأعراف: 27.
(4)
المزمل: 17.
(5)
الزلزلة: 2.
(6)
سورة غافر: 36.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
(ش): لأن هامان ليس مأمورا أن يبنى بنفسه، وقوله: غير مختص معطوف على كثير، ولكنه لا يشاركه فى ظرفه الذى هو فى القرآن، وهذا مثال لمجاز السببية ويأتى ذلك فى الجميع، كقولك: لعل العيشة ترضى، والنهار يصوم، والنهر يجرى، والجد يجد، وفى القسم تقول: أقسمت بالله، حقيقة، فإذا أردت الإسناد المجازى لا تكاد تقدر عليه، ولا تقدر عليه أيضا فى النداء ولا الاستفهام، لا يقال: قد يأتى فى القسم فى نحو:
حلف الزّمان ليأتينّ بمثله
…
حنثت يمينك يا زمان فكفّر (1)
فإنك يصح أن تقول: على هذا قال الزمان: أقسمت لآتين بمثله؛ لأن الإسناد حينئذ فى قول الزمان: (أقسمت) حقيقة وفى قولك: قال الزمان: هو المجاز.
(قاعدة هذا أول مواطن ذكرها لا بأس بالتيقظ لها فقد غلط فيها من لا أحصيهم عددا من الأئمة) والاختصاص والتخصيص معناهما الانفراد والإفراد، فإذا قلت: اختص زيد بالمال فمعناه أنه انفرد به لم يشاركه أحد من الناس فيه، وخصصته به أى أفردته من دون سائر الناس بالمال، كما صرح به أهل اللغة، وقال: الراغب: التخصيص (2) والاختصاص والتخصص تفرد بعض الشئ بما لا يشاركه فيه الجملة اه. وهذا واضح، ولذلك قال تعالى: يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ (3) أى يفرد من يشاء برحمته، أو ينفرد من يشاء برحمته، فمعناه على التقديرين انفراد من يشاء بالرحمة، فإذا قلت: اختص زيد بالمال فمعناه أن زيدا منفرد عن غيره بالمال، فهو المختص بمعنى اسم الفاعل، والمال مختص به، والمختص أبدا هو المنفرد، والمحتوى على الشئ فهو كالظرف له، والمختص به أبدا هو المأخوذ، كالمظروف، فلو قلت: اختص المال بزيد مريدا ما أردته بالمثال السابق لم يصح؛ لأنك فى المثال الأول حصرت المال فى زيد، وفى الثانى حصرت زيدا فى المال، فلا يكون له صفة غير الاحتواء على المال،
(1) البيت بلا نسبة فى شرح عقود الجمان 1/ 48.
(2)
التخصيص: كذا فى الأصل، ولا يستقيم الإخبار عنه بالتفرد، فلعله من زيادة الناسخ، أو سقط بعض العبارة. كتبه مصححه.
(3)
سورة آل عمران: 74.