الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
و
البلاغة فى الكلام:
مطابقته لمقتضى الحال، مع فصاحته.
وهو (1) مختلف؛ فإنّ مقامات الكلام متفاوتة:
فمقام كل من التنكير، والإطلاق، والتقديم والذكر: يباين مقام خلافه.
ومقام الفصل: يباين مقام الوصل.
ومقام الإيجاز: يباين مقام خلافه.
وكذا: خطاب الذكى مع خطاب الغبىّ، ولكلّ كلمة مع صاحبتها مقام.
ــ
أحدها: أنه ذكر لفظ الفصيح فى حد فصاحة المتكلم، والحد لا يذكر فيه شئ مشتق من المحدود، ولعل جوابه: أن فصيحا المذكور فى حد فصاحة المتكلم، مشتق من فصاحة الكلام التى عرفت، لا من فصاحة المتكلم التى هو
يحدها.
والثانى: أنه يحد فصاحة المتكلم، والملكة لا تتوقف على التكلم بل هو يقصد حدها، سواء أنطق أم لا كما سبق.
والثالث: أنه يلزم أن من له ملكة على التكلم بالكلمة المفردة الفصيحة - ولا ملكة له على الكلام الفصيح - لا يسمى فصيحا، وهذا إن فرض وجوده قد يلتزمه. فإن قلت: التعبير عن المقصود لا يكون إلا بالمركب لفظا، أو تقديرا، فلا يمكن بكلمة، قلت: بل يمكن إذا كان المقصود التصور، كقولك فى حد الإنسان: ناطق.
(تنبيه): اعلم أن أكثر الناس ذكر الفصاحة حيث كانت حدا واحدا، وذكروا حدودا كثيرة ترجع إلى ما ذكره المصنف فى فصاحة المتكلم لم أر التطويل بذكرها.
البلاغة فى الكلام:
ص: (والبلاغة فى الكلام، مطابقته لمقتضى الحال مع فصاحته
…
إلخ).
(ش): هو غنى عن الشرح، وللمتقدمين فى البلاغة رسوم واهية، قيل: لمحة دالة، وقيل: معرفة الوصل من الفصل. نقلوه عن ابن جنى، ونقله فى موارد البيان عن الفارسى، وقيل: الإيجاز من غير عجز، والإطناب من غير خطل، وقيل: اختيار الكلام، وتصحيح الأقسام. وقيل: قليل يفهم، وكثير لا يسأم. وقيل: الإشارة إلى المعنى بلمحة تدل عليه. وقيل: الإيجاز مع الإفهام والتصرف من غير إضجار. وقيل:
(1) أى مقتضى الحال.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
إدراك الطالب، وإقناع السامع (1) وقيل: تصحيح الأقسام، واختيار الكلام. وقيل: وضوح الدلالة، وانتهاز الفرصة، وحسن الإشارة، نقل أكثر ذلك فى موارد البيان. وقال محمد ابن الحنفية: قول تضطر العقول إلى فهمه بأيسر العبارة، وقال بعض أهل الهند: هى النظر بالحجة، والمعرفة بمواقع الفرصة، وقيل: إجاعة اللفظ بإشباع المعنى، وقيل:
معان كثيرة فى ألفاظ قليلة، وهى: إصابة المعنى وحسن الإيجاز، وقال الخليل: كلمة تكشف عن البغية، وقيل: إبلاغ المتكلم حاجته بحسن إفهام السامع، وقيل: أن تفهم المخاطب بقدر فهمه من غير تعب عليك، وقيل: حسن العبارة مع صحة الدلالة، وقيل: دلالة أول الكلام على آخره، وارتباط آخره بأوله، وقيل: القوة على البيان مع حسن النظام. وعن الخليل أيضا: البلاغة ما قرب طرفاه وبعد منتهاه، وقال أرسطاليس: البلاغة حسن الاستعارة،
وقال خالد بن صفوان: البلاغة إصابة المعنى، وقصد الحجة، وقال إبراهيم الإمام: هى الجزالة والإطالة. وقيل: تقصير الطويل، وتطويل القصير. وقال ابن المعتز: هى بلوغ المعنى، ولما يطل سفر الكلام. وقال ابن الأعرابى: التقرب من البغية، ودلالة قليل على كثير. وقيل: إهداء المعنى إلى القلب فى أحسن صورة من اللفظ، وقيل: ما صعب على التعاطى، وسهل على الفطنة، وقيل: سد الكلام ومعانيه، وإن قصر، وحسن التأليف، وإن طال. والظاهر أن أكثر هذه العبارات إنما قصدوا بها ذكر أوصاف للبلاغة، ولم يقصدوا حقيقة الحد ولا الرسم؛ وإنما أفرد قوله ومقام وما بعده لزيادة الاعتناء بذكر ذلك، لكونه أهم من غيره، والكلام فيه أكثر، ومثال مقام التنكير والتعريف قوله تعالى: كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ (2) ومثال مقامى الإطلاق، والتقييد: وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ (3) لعموم الدعوة وخصوص الهداية على بحث فيه يذكر فى غير هذا الموضع، والتقديم: لا فِيها غَوْلٌ (4).
(1) قوله: (وقيل: تصحيح) إلخ هو مكرر مع ما قبله بسطر كتبه مصححه.
(2)
سورة المزمل: 15 - 16.
(3)
سورة يونس: 25.
(4)
سورة الصافات: 47.