المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

. . . . . . . . . . - عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح - جـ ١

[السبكي، بهاء الدين]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة المحقق

- ‌خطة التحقيق

- ‌ترجمة جلال الدين القزوينى صاحب" التلخيص

- ‌اسمه ونسبه:

- ‌ولادته ونشأته:

- ‌صفته:

- ‌طلبه للعلم ومشايخه:

- ‌مصنفاته:

- ‌وفاته:

- ‌ترجمة بهاء الدين السبكى صاحب شرح عروس الأفراح

- ‌اسمه ونسبه ونسبته:

- ‌الأسر البارزة:

- ‌والده

- ‌إخوته:

- ‌إجلال أخيه ووالده له:

- ‌ الوالد

- ‌أبناؤه:

- ‌شيوخه:

- ‌تلاميذه:

- ‌وظائفه:

- ‌وفاته:

- ‌مصنفاته:

- ‌ تناقض كلام الرافعى والشيخ محيى الدين النووى:

- ‌ تعليق على الحاوى:

- ‌ تكملة شرح المنهاج

- ‌ شرح مختصر ابن الحاجب:

- ‌ شرح كتاب تسهيل الفوائد لابن مالك:

- ‌ شرح التخليص للقزوينى فى المعانى والبيان، سماه" عروس الأفراح

- ‌ قطعة على شرح المنهاج:

- ‌ هدية المسافر فى المدائح النبوية:

- ‌مقدمة المصنف لعروس الأفراح

- ‌شرح مقدمة صاحب التلخيص

- ‌مقدمة فى أهمية علم البلاغة

- ‌مقدّمة فى بيان معنى الفصاحة، والبلاغة

- ‌ما يوصف بالفصاحة:

- ‌ما يوصف بالبلاغة:

- ‌ الفصاحة فى المفرد:

- ‌الفصاحة في الكلام

- ‌شروط فصاحة الكلام:

- ‌الفصاحة فى المتكلم:

- ‌البلاغة فى الكلام:

- ‌رجوع البلاغة إلى اللفظ:

- ‌طرفا بلاغة الكلام:

- ‌ملكة المتكلم:

- ‌الفنّ الأوّل علم المعانى

- ‌أبواب علم المعانى:

- ‌أحوال الإسناد الخبرىّ

- ‌نوعا الإسناد:

- ‌أ - الحقيقة العقلية:

- ‌ب - المجاز العقلى:

- ‌ملابسات المجاز العقلى:

- ‌أقسام المجاز العقلى:

- ‌أهمية القرينة للمجاز الإسنادى:

- ‌ حذف المسند إليه

- ‌[الجزء الاول] أحوال المسند إليه:

- ‌ذكر المسند إليه:

- ‌ تعريف المسند إليه

- ‌تعريف المسند إليه بالإضمار:

- ‌تعريف المسند إليه بالعلمية:

- ‌تعريف المسند إليه بالموصوليّة:

- ‌تعريف المسند إليه بالإشارة:

- ‌تعريف المسند إليه باللام:

- ‌تعريف المسند إليه بالإضافة:

- ‌ تنكير المسند إليه

- ‌(تنبيهان):

- ‌ إتباع المسند إليه، وعدمه

- ‌ وصف المسند إليه:

- ‌توكيد المسند إليه:

- ‌بيان المسند إليه:

- ‌الإبدال من المسند إليه:

- ‌العطف على المسند إليه:

- ‌ تقديم المسند إليه

- ‌رأى عبد القاهر:

- ‌رأى السكاكى:

- ‌(تنبيه):

- ‌تأخير المسند إليه:

- ‌إخراج الكلام على خلاف مقتضى الظاهر:

- ‌تفسير السكاكى للالتفات:

- ‌ ترك المسند:

- ‌الجزء الثانى أحوال المسند

- ‌ذكر المسند:

- ‌كون المسند مفردا:

- ‌كون المسند فعلا:

- ‌كون المسند اسما:

- ‌ تقييد الفعل بمفعول ونحوه:

- ‌تقييد المسند بالشرط:

- ‌[عبارات النحاة في «لو» شرطيه]

- ‌تنكير المسند:

- ‌تخصيص المسند بالإضافة أو الوصف:

- ‌تعريف المسند:

- ‌كون المسند جملة:

- ‌تأخير المسند:

- ‌تقديم المسند:

- ‌تنبيه

- ‌باب أحوال متعلقات الفعل

- ‌حذف المفعول للبيان بعد الإبهام:

- ‌حذف المفعول لدفع توهم إرادة غير المراد:

- ‌حذف المفعول لإرادة ذكره ثانيا:

- ‌حذف الفعل لإرادة التعميم مع الاختصار:

- ‌حذف الفعل لمجرد الاختصار:

- ‌حذف الفعل لرعاية الفاصلة:

- ‌حذف المفعول لاستهجان ذكره:

- ‌حذف المفعول لنكتة أخرى:

- ‌تقديم المفعول على الفعل:

- ‌تقديم بعض معمولات الفعل عليه:

- ‌باب القصر

- ‌[طرق القصر]

- ‌أولا - العطف:

- ‌ثانيا - النفى والاستثناء:

- ‌ثالثا - التقديم:

- ‌اختلاف طرق القصر:

- ‌تأخير المقصور عليه فى (إنما):

- ‌باب الإنشاء

- ‌أنواع الإنشاء:

- ‌1 - (التمنى):

- ‌2 - الاستفهام:

- ‌[اداة الاستفهام]

- ‌(هل) لطلب التصديق:

- ‌(هل) تخصص المضارع بالاستقبال:

- ‌(هل) لاختصاص التصديق بها إلى آخره:

- ‌هل قسمان: بسيطة ومركبة:

- ‌بقية ألفاظ الاستفهام يطلب بها التصور إلى آخره:

- ‌(من) للاستفهام للعارض المشخص:

- ‌يسأل بأى (عما) يميز أحد المتشاركين فى أمر يعمهما:

- ‌(كم) للاستفهام عن العدد:

- ‌(كم) للاستفهام عن الحال:

- ‌(أين) للاستفهام عن المكان:

- ‌(أيان) للاستفهام عن المستقبل:

- ‌استعمالات أنّى:

- ‌هذه الكلمات تستعمل كثيرا فى غير الاستفهام:

- ‌الأمر من أنواع الطلب:

- ‌اختلاف صيغة الأمر عند تجردها عن القرائن:

- ‌النهى من أقسام الإنشاء:

- ‌هذه الأربعة تقدير الشرط بعدها:

- ‌العرض مولد عن الاستفهام:

- ‌القرينة تجوز فى غير الأمور الأربعة:

- ‌النداء من أنواع الإنشاء:

- ‌الخبر يقع موقع الإنشاء:

- ‌الإنشاء كالخبر فى الأبواب الخمسة السابقة:

- ‌الفصل والوصل

- ‌(تنبيه):

- ‌[مثال لقسم الاتفاق بين المسند والمسند اليه معنا]

- ‌تذنيب

- ‌الإيجاز والإطناب والمساواة

- ‌(تنبيهان):

- ‌‌‌(المساواة)

- ‌(المساواة)

- ‌(الإيجاز)

- ‌إيجاز الحذف

- ‌(الإطناب)

الفصل: . . . . . . . . . .

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الطبيعة من حيث هى ومدلول كل إنسان لم يقم الأفراد، وإن كان الحكم فى المهملة على الأفراد - كما ذهب إليه بعضهم - فقد يقال: ليست فى قوة الجزئية، لأنه إن أريد أن معنى المسند إليه فيهما واحد فممنوع، لأن المسند إليه فى السالبة الجزئية مثل: كل إنسان قام يحتمل نفى الحكم عن بعض الأفراد، ومطلق الشمول أعم من العددى والمجموعى أو من المجموعى، والمسند إليه فى المهملة يحتمل كل واحد والبعض دون البعض فحينئذ كل إنسان يحتمل كل فرد والمجموع، وإنسان لم يقم يحتمل البعض ويحتمل الأفراد ولا يحتمل المجموع، فقد أسست كل احتمال النفى عن المجموع فقد صارت للتأسيس وإن لم تكن عامة فى كل فرد فرد.

(قلت): وفيه نظر، لأن (إنسان لم يقم) أفاد الحكم على المجموع أيضا، فإن قال:

إنه باللازم قلنا: فكل إنسان لم يقم أفاده باللفظ ونقل الدلالة عن اللازم إلى موضوع اللفظ تأكيد كما سبق.

ومنها: أن قوله: دلالة كل رجل لم يقم على العموم إنما كان لأن التأسيس خير من التأكيد فلا يكون ذلك موضع كل، وهو بعيد، والذى يظهر أن كلّا دالة على ذلك بالوضع.

ومنها: أن ما ذكروه ينتقض بقولك: ما إنسان إلا قائم فإنه لنفى كل فرد، ولو قلت: ما كل إنسان إلا قائم كان كذلك

لنفى كل فرد كما سيأتى.

ومنها: أن هذا إن مشى لهم فى النكرة إلا يمشى فى المعرفة، مثل كل ذلك لم يكن فإن تقديره المذكور لم يكن وهو عام يفيد كل فرد دون كل فهى للتأكيد أيضا.

(تنبيه):

إذا عرفت ذلك فاعلم أن ما قدمناه من الفرق بين سلب العموم فى لم يقم كل رجل وعموم السلب فى كل رجل لم يقم حق لا إشكال فيه، واختلف فى الاستدلال عليه على أقوال: أحدها: قدمناه مما ذكره المصنف، وقد علمت ما فيه، الثانى: أن النفى متوجه إلى الشمول دون أصل الفعل وهو قريب من الأول، الثالث: قول النبى صلى الله عليه وسلم:" كل ذلك لم يكن"(1) فإن معناه لم يكن واحد منهما، وكذلك قول أبى النجم:

(1) هو حديث ذى اليدين، واسمه" الخرباق"، أخرجه البخارى فى" الأذان"، باب: هل يأخذ الإمام إذا شك بقول الناس، (2/ 240)، (ح 714)، وفى مواضع أخر من صحيحه، ومسلم فى" المساجد"، (ح 573).

ص: 255

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى

علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (1)

وسبب ذلك أن الحكم على كل فرد، وقيل: سببه فى الحديث أن السؤال عن أحد الأمرين لطلب التعيين بعد ثبوت أحدهما فجوابه بالتعيين أو بنفى كل منهما، وبأن ذا اليدين قال: قد كان بعض ذلك، والموجبة الجزئية نقيض السالبة الكلية، وفى البيت أن الشاعر عدل عن النصب الفصيح إلى الرفع الذى هو ضرورة عند سيبويه وغيره مع عدم الضرورة - وليس هذا إلا لذلك - هذا ما ذكروه، والتحقيق فى ذلك ما ذكره الوالد فى تصنيف له فى أحكام كل، وها أنا أذكره ملخصا، قال: لا بد من تقديم مقدمة، وهو أن قولنا: زيد قائم حكم على زيد بالقيام، وهى موجبة محصلة. وقولنا: زيد ليس بقائم حكم عليه بعدم القيام، وهى موجبة معدولة. ويشترط فى القسمين وجود موضوعهما. وقولنا: ليس زيد بقائم سالبة محصلة، وليس معناها الحكم على زيد بعدم القيام، وإلا لساوت الموجبة المعدولة، ولكن معناها سلب ما حكمت به فى الموجبة المحصلة، ولذلك تصدق مع وجود الموضوع وعدمه، والسالبة المحصلة نقيض الموجبة المحصلة وأعم من الموجبة المعدولة، ومدلول السالبة المحصلة نقيض مدلول الموجبة المحصلة.

إذا تقرر ذلك جئنا لغرضنا فقلنا: لم يقم كل إنسان سالبة محصلة معناها نقيض لمعنى الموجبة المحصلة وهى

قام كل إنسان حكم على كل فرد بالقيام فيكون المحكوم به فى السالبة المحصلة نقيض قيام كل فرد، ونقيض الكلى جزئى فيكون مدلوله سلب القيام عن بعضهم، ولذلك يقول المنطقيون: ليس كل إنسان بقائم سالبة جزئية.

(1) البيت لأبى النجم فى المصباح ص 144، وأسرار البلاغة 2/ 260، والمفتاح ص 393، والإشارات ص 251، ودلائل الإعجاز ص 278، وخزانة الأدب 1/ 359، ونهاية الإيجاز ص 182، وشرح عقود الجمان 1/ 53، والأغانى 23/ 36.

ويقول عبد القاهر فى تعليقه على البيت: إنه أراد أنها تدعى عليه ذنبا لم يصنع منه شيئا البتة لا قليلا ولا كثيرا ولا بعضا ولا كلا. والنص يمنع من هذا المعنى ويقتضى أن يكون قد أتى المذنب الذنب الذى ادعته بعضه، وذلك أنا وجدنا إعمال الفعل فى" كل" والفعل منفى لا يصلح أن يكون إلا حيث يراد أن بعضا كان وبعضا لم يكن. الدلائل ص 278.

ص: 256

وقال عبد القاهر: إن كانت كلمة كلّ داخلة فى حيّز النفى بأن أخّرت عن أداته؛ نحو [من البسيط] خ خ:

ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه (1)

أو معمولة للفعل المنفى؛ نحو: ما جاءنى القوم كلّهم خ خ، أو: ما جاءنى كلّ القوم خ خ، أو: لم آخذ كلّ الدراهم خ خ، أو: كلّ الدراهم لم آخذ -: توجّه النفى إلى الشمول خاصّة، وأفاد ثبوت الفعل أو الوصف لبعض، أو تعلّقه به.

وإلّا عمّ: كقول النبى صلى الله عليه وسلم لمّا قال له ذو اليدين (2): أقصرت الصّلاة أم نسيت؟! -: كلّ ذلك لم يكن (3)، وعليه قوله [من الرجز]:

قد أصبحت أمّ الخيار تدّعى

علىّ ذنبا كلّه لم أصنع (4)

ــ

وقولنا: كل إنسان لم يقم موجبة معدولة معناها الحكم بعدم القيام على كل فرد، وقد تقرر أن مدلول كل إنسان كل فرد فيكون معناها الحكم بعدم القيام على كل فرد، ولا يعارض هذا قول المنطقيين: كل إنسان ليس بقائم سالبة جزئية، لأنهم إنما قالوا ذلك من اعتقادهم من كل المجموع ونحن قد أثبتنا أن مدلولها عند العرب الأفراد فالحكم بالنفى على كل الأفراد فهذا هو السر فى الفرق بين كل ذلك لم يكن ولم يكن كل ذلك، واستقام به كلام اللغويين والنحويين وكلام المنطقيين، وظهر أن العرب أدركت بعقولها السليمة وطباعها الصحيحة ما تعب فيه اليونان دهرهم بل زادوا عليه فى تحرير دلائل كل، والحمد لله الذى وفقنا لفهم ذلك. اه كلامه.

وقد أردف ذلك بفوائد تتعلق بما نحن فيه، وغالب ما سأذكره فى هذه المسألة هو من كلامه ذلك.

ص: (وقال عبد القاهر إلخ).

(ش): هذا الكلام المنقول عن عبد القاهر موافق فى الحكم لما قاله ابن مالك إلا أنه مخالف له فى الاستدلال، وإنما أخره المصنف ليتبين أنه إنما رد فيما تقدم الدليل ولم يرد

(1) عجز البيت للمتنبى، وعجزه:

تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن

(2)

أحد الصحابة.

(3)

الحديث أخرجاه فى الصحيحين، البخارى فى الصلاة 88، ومسلم فى المساجد 97، 98 وغيرهما.

(4)

البيت لأبى النجم الراجز المشهور وهو فى المصباح ص 144.

ص: 257

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

المدلول، ثم فى كلام عبد القاهر تحرير، وهو أن كلا إن كانت فى حيز النفى بأن أخرت عن أداة النفى كانت لنفى الشمول لا لنفى كل فرد مثل قوله:

ما كلّ ما يتمنّى المرء يدركه

تجرى الرّياح بما لا تشتهى السّفن (1)

هذا على تقدير رواية الرفع، وقد جوز فيه ابن جنى النصب على إضمار فعل على شريطة التفسير فعلى هذا يكون من القسم الآخر، وسنتكلم عليه إن شاء الله تعالى، وكذلك إذا كانت معمولة للفعل المنفى، ولك أن تقول: إذا كانت معمولة للفعل كانت فى حيز النفى فلا ينبغى أن يجعل قسما برأسه، وكونها معمولة إما على جهة الفاعلية نحو: ما جاء كل القوم، وعبد القاهر مثله بما جاء القوم كلهم، وفيه نظر؛ لأن كلا ليست معمولة للفعل المنفى بالأصالة بل بالتبعية، وهى هنا للتأكيد، والذى أفاد نفى الشمول هو النفى عن القوم. أو كان على جهة المفعولية مثل لم آخذ كل الدراهم وعلى ما مثل به عبد القاهر فى الفاعل ينبغى أن يقول هنا: لم آخذ الدراهم كلها.

(قلت): وذكره الفعل ليس للتقييد بل للوصف كذلك، تقول: لست آخذ كل الدراهم ليس القائم كل الرجال، والمراد الفعل الذى عمل فيه سواء كان متقدما أم متأخرا، وقد مثله بقوله كل الدراهم لم آخذ، وفيه نظر لما سنذكره فى آخر الكلام فليراجع.

وقوله: (لنفى الشمول) أى لنفى المجموع وقوله: (خاصة) أى لا لكل واحد.

قوله: (وأفاد ثبوت الفعل أو الوصف) ليشمل لم آخذ ولست آخذا، وهو إشارة لما قلناه من أن الوصف كالفعل. وقوله:(لبعض) أى أفاد الكلام ثبوت الفعل لبعض المشمولين فى جهة الفاعلية نحو: لم يقم كل الرجال أثبت قيام بعضهم.

قوله: (أو تعلقه به) أى فى جهة المفعولية نحو: لم أضرب كل رجل، أفاد تعلق الضرب ببعضهم، وكذلك فى الوصف، مثل: ليس القائم كل رجل، لست الضارب كل أحد.

(1) البيت للمتنبى من قصيدة مطلعها:

بم التعلل لا أهل ولا وطن

ولا نديم ولا كأس ولا سكن

انظر: التبيان 2/ 478، ودلائل الإعجاز ص 284، وشرح المرشدى 1/ 88.

ص: 258

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

(قلت): وإفادة ذلك الثبوت للبعض فيه نظر، وإن ثبت ذلك فهو بمفهوم الصفة لا من نفس موضوع اللفظ.

قوله: (وإلا عمّ) أى إن لم يكن كل فى حيز النفى عم الأفراد كقوله صلى الله عليه وسلم:" كل ذلك لم يكن"(1) وقد تقدم الكلام عليه، ويستثنى من كلامه صورة يتقدم فيها كل، وهو سلب عموم سنعقد لها فرعا.

(تنبيه): إذا قلت: انتفى كل رجل أو كل رجل منتف أو نفيت كل رجل فعموم النفى حاصل، ويكون النفى لكل واحد، لأنه متوجه على معنى كل، وهو كل واحد لا الاستغراق، والاستغراق الذى أفادته كل شمول المحكوم به لما أضيفت إليه كل، فإذا قلت: رجل قائم فالقيام مستغرق لكل فرد، فالمحكوم به مستغرق - أى اسم فاعل - ومدلول كل مستغرق - أى اسم مفعول - وسواء كان المحكوم به إثباتا أم نفيا كالإيجاب المعدول محموله، ومن هنا كان كل ذلك لم يكن للعموم، لأن معناه انتفى كل ذلك فالنفى محكوم به على كل فرد فعم جميع أفرادها. وفى قولك: لم يقم كل رجل دخل النفى على قام كل رجل وقام هو المسند وكل رجل مسند إليه فقبل دخول النفى دل قام على شمول القيام فجاء النفى لسلب الشمول فزال استغراق المحكوم به - وهو القيام - كأنك قلت: استغراق كل فرد لم يوجد.

(تنبيه): علم مما سبق التفصيل بين أن تكون كل معمولة للنفى أو لا، فلو قال:

كله لم أصنع بالرفع أو كله لم أصنعه بالضمير فهو سواء فى استغراق كل فرد، ولو نصب على الاشتغال فكذلك، قال الوالد: لأنك بنيت الكلام على كل وحكمت بالنفى عليها، لأن لم أصنعه فى معنى تركت كأنك قلت: تركته كله لم أصنعه، فإن قدرت منصوبا بتركت متقدمة على كله أو متأخرة أو بلم أصنع متأخرة محذوفة أو للم أصنع المنطوق فهو عموم سلب، وإن قدرته معمولا للم أصنع متقدمة فهو سلب عموم، ولذلك يقدر تركت كله لم أصنعه، فلو نصبت ولم تأت بضمير، فقد علم مما سبق أنه إذا وقعت معمولة تفيد سلب العموم، فمقتضى ذلك الإطلاق أنها هنا لسلب العموم فقط كقولك: لم أصنع كله، لأنه إن كان معمولا لفعل سابق فعامله تقدم أو

(1) تقدم تخريجه.

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

للمنطوق به، فلم أصنع فى قوة المتقدم لأنه عامل، لكن فى كتاب سيبويه عند ذكر كله لم أصنع أن قال: وهذا ضعيف - أى حذف الضمير - وهو بمنزلته فى غير الشعر، لأن النصب لا يكسر البيت ولا يخل به ترك إضمار الهاء، كأنه قال: كله غير مصنوع اه.

وهو يقتضى أنه لا فرق بين الرفع والنصب فى التقدير كله غير مصنوع، ويلزم منه أن النصب أيضا يفيد عموم السلب فيبعد كل البعد حمل كلام سيبويه على أنه فيهما لسلب العموم. وقد اختار الوالد صحة ما قاله سيبويه، وحمله على ظاهره، وعلله بأن اللفظ ابتدئ بكل، ومعناها كل فرد، فعاملها المتأخر فى معنى الخبر عنها، لأن السامع إذا سمع المعمول تشوق إلى عامله تشوق سامع المبتدأ إلى الخبر، فكان" كله لم أصنع"(1) منصوبا ومرفوعا سواء فى المعنى.

(فرع): إذا قلت: صنع كل فرد منتف أو لم يكن لم يدل على نفى كل صنع بل على نفى الصنع المستغرق، لأنه المعمول على كل قبل دخول السلب، فافهم ذلك فإنه قد يخفى، ويظن أنه لأجل تقدم كل على النفى يحصل عموم السلب، وذلك إنما يكون إذا كان مدلولها محكوما عليه بالنفى والحكم بالنفى على محمولها لا على موضوعها غير أن الصيغة محتملة لذلك وغيره.

(فرع): النهى كالنفى فلا تضرب كل رجل معناه لا تضرب المجموع، ولذلك قالوا: لو قال: والله لا كلمت كل رجل إنما يحنث بكلامهم كلهم فلو كلم واحدا لم يحنث، وهذا وإن لم يكن نهيا فهو فى حكمه، فإن قلت: قوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ (2) وقوله تعالى: وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ (3) ثبت الحكم فيه لكل فرد، قلت:

بقرينة أو بجعل الأداة والإضافة للجنس، فإن قلت: فما تصنع فى قوله تعالى:

وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (4) ونحوه من قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (5) وقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالًا فَخُوراً (6) وقوله

(1) فى الأصل" صنع" والصواب ما أثبتناه.

(2)

سورة الأنعام: 151.

(3)

سورة الأنعام: 151.

(4)

سورة الحديد: 23.

(5)

سورة الحج: 38.

(6)

سورة النساء: 36.

ص: 260

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

تعالى: وَلا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ (1)؟ قلت: السلب عن المجموع أعم من السلب عن كل فرد فقد يدل دليل من خارج على عموم السلب خلافا لعبد القاهر.

(فرع): هذه الأحكام السابقة لا تختص بها كل بل غيرها من صيغ العموم كذلك فى الغالب، فنظير كل إنسان لم يقم الرجال لم يقوموا فى النفى وإِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ (2) فى الإثبات ومن قام فأكرمه، ونظير لم يقم كل إنسان لم يقم الرجال لم يقم من فى الدار أو الرجل مرادا به العموم، وإن كانت كل أدل على التفصيل من غيرها، وقد حققنا هذا الموضع فى شرح مختصر ابن الحاجب، أما لم يقم إنسان فلا يقال:

تأخرت فيه صيغة العموم وهى النكرة عن النفى، لأن النفى هو صيغة عموم النكرة فليتأمل.

(فرع): ما ذكرناه لا تختص به صيغ العموم، بل كل ما دل على متعدد أو مفرد ذى أجزاء كذلك؛ فإذا قلت: ما رأيت رجالا أو ما رأيت رجلين أو ما أكلت رغيفا أو ما رأيت زيدا وعمرا كل ذلك سلب للمجموع لا لكل واحد بخلاف ما لو تقدم السلب.

(فرع): ما قدمناه من أنه إذا تقدم النفى على كل لا يفيد الاستغراق هو فيما إذا لم ينتقض النفى بإلا فإن انتقض قبل المحمول فالاستغراق باق كقوله تعالى: إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (3) فهو لعموم السلب، وسببه أن النفى للمحمول وما بعد إلا لا يسلط النفى عليه لأنه مثبت، وهو فى المفرغ مسند لما قبلها، وهو كل فرد كما كان قبل دخول النفى والاستثناء، وعلى قياس هذا ما كل أحد إلا قائم وما كل ذلك إلا يكون، وكذلك لو كان ما بعد إلا منفيا مثل: ما كل رجل إلا لم يقم، وإن وقعت إلا بعد المحمول كانت لسلب العموم مثل: ما كل إنسان قائم إلا فى الدار.

(فرع): قد علم حكم كل مع النفى فما حكمها مع الشرط؟ والذى يظهر أن تقدم كل على الشرط كتقدمها على النفى فيكون الشرط عاما لكل فرد، فإذا قلت: كل رجل إن قام فاضربه وكل عبد لى إن حج فهو حر فمن حج منهم عتق، فلو تقدم

(1) سورة القلم: 10.

(2)

سورة العصر: 2.

(3)

سورة مريم: 93.

ص: 261

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

الشرط فقلت: إن حج كل عبد من عبيدى فهم أحرار لا يعتق أحد منهم حتى يحج جميعهم، ولو قال: إن حج كل عبد فهو حر فمن حج منهم عتق، ومن هذا الباب قوله تعالى: وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها (1).

(تنبيه): يتلخص فى هذا الفصل أسئلة: الأول: قوله: لأنه - أى التقديم - دال على العموم يقتضى أنه ليس بالوضع فحينئذ لا عموم فى قولنا: قام كل رجل والأمر بخلافه.

والثانى: قوله: لئلا يلزم ترجيح التأكيد على التأسيس يقتضى أيضا أن العموم إنما عدلنا له بهذا المرجح لا بالوضع، وهو خلاف إجماعهم على أن كل عامة.

الثالث: قوله: لئلا يلزم ترجيح التأكيد على التأسيس، قلنا: سلمنا أن التأسيس راجح على التأكيد حيث التأكيد ليس فيه معنى زائد، وأما التأسيس بصيغة مؤكدة فهو خير من التأسيس دونها مثل: إن زيدا قائم فهو خير وأبلغ من زيد قائم، والواقع هنا من التأكيد هو هذا النوع لا ذاك.

الرابع: أن ما ذكروه ينتقض بكل المضافة لمعرفة مثل: كل ذلك لم يكن، فدخول كل حينئذ يكون كعدمه لأن المعنى بذلك المذكور، وكذلك كل الرجال قائمون، لكن له أن يقول: لا يلزم من تعذر التأسيس فى محل تعذره فى غيره.

الخامس: قوله: إن السالبة الجزئية تستلزم نفى الحكم عن الجملة يخدش فيه قولنا:

بعض الإنسان لا يحمل الصخرة العظيمة فإنه صادق، ولا يلزم منه نفى الحكم عن كل فرد فرد لأنه يصدق، بل كلهم، لكن مراده بالجملة الجملة باعتبار كل فرد فرد لا الجملة باعتبار تجزى الفعل، وهذه الإشكالات على كلام ابن مالك.

السادس: قول المصنف: إن لم يقم إنسان إذا أفاد النفى عن كل فرد فقد أفاد النفى عن الجملة يعنى فيكون لم يقم كل إنسان تأكيدا أيضا نقول عليه: إن سلمنا ذلك فلم يقم كل إنسان أفاد رفع الدلالة على كل فرد، وهذه فائدة تأسيسية، ولا نسلم أن اللفظ إذا أفاد تأسيسا وتأكيدا لا يكون خيرا من المفيد تأسيسا فقط، وهذا كقولك: أكرم الرجال الطوال لا يقال: رفع الدلالة ليس فائدة، لأنا نقول: قد يكون فى رفع الدلالة على الأفراد فائدة، إما لأنه يدل على قيام البعض بالمفهوم أو غير

(1) سورة الأعراف: 146.

ص: 262

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

ذلك من الفوائد، وهذا على رأى عبد القاهر أوضح، لأنه يرى أن لم يقم كل إنسان يدل على قيام البعض.

السابع: قوله: إن السالبة الكلية مقتضية لنفى الحكم عن كل فرد قد يمنع، ويقال:

إنها اقتضت نفى الحقيقة من حيث هى هى، واستلزم ذلك نفى الحكم عن كل واحد وعن الجملة، وقد صرح جماعة بذلك فى أصول الفقه كما قدمناه، وحينئذ فلا يكون كل تأكيدا، بل دلت على معنى آخر، وهو نفى الحقيقة المستلزم لنفى الأفراد، وهذا وارد على المصنف وعلى ابن مالك.

الثامن: قوله: إن النكرة المنفية سالبة كلية لا يصح، لأنه خارج عن اصطلاح القوم، بل هى فى حكمها.

التاسع: قول ابن مالك والمصنف وعبد القاهر: إنه إذا تقدم النفى كانت لسلب العموم يدخل فيه ما إذا انتقض النفى نحو: ما كل رجل إلا قائم، وهو عموم سلب كما سبق.

العاشر: تمثيله بما جاء القوم كلهم ليس بجيد، لأن كلهم هنا لا مسند ولا مسند إليه بل تأكيد، ولكن سلب العموم هنا فى الألف واللام فى القوم.

الحادى عشر: فى كل الدراهم لم آخذ عموم سلب فيه نظر، لأنه إنما يكون ذلك إذا كان معمولا لفعل محذوف قبله، فإن كان معمولا لفعل محذوف بعده أو لهذا الفعل المذكور فمقتضى كلام سيبويه أنه لعموم السلب كما سبق.

الثانى عشر: أنه يستثنى لو قلت: صنع كل ذنب لم يكن كان عموم سلب، وإن كانت كل متقدمة.

الثالث عشر: على قول عبد القاهر: إن لم يقم كل رجل يقتضى قيام البعض، وليس كذلك، بل مسكوت عنه، وإلا لزم فى قوله تعالى: وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتالٍ فَخُورٍ (1) ونحوه، وكذلك فى نحو: وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ (2).

الرابع عشر: أن قولهم نفى الحكم عن كل فرد فرد يفيد النفى عن الجملة وقول الخطيبى: إنه لا يفيد بنفسه وإنما يفيد باللازم قد يمنع ويقال: النفى عن الأفراد فى

(1) سورة لقمان: 18.

(2)

سورة الأنعام: 151.

ص: 263