الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(المساواة)
المساواة: نحو قوله تعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ (1)،
ــ
حسنا يفيد معنى حسنا، مثل:
إنّ الثّمانين وبلّغتها
…
قد أحوجت سمعى إلى ترجمان (2)
وما يؤثر نقصا فى المعنى ويفسد، كقول المتنبى:
ترعرع الملك الأستاذ مكتهلا
…
قبل اكتهال أديبا قبل تأديب (3)
والأستاذ بعد الملك مفسد، وينقص المدح، ثم اعتذر بأن الأستاذ صار لكافور، كاللقب الذى لا يريد تغييره؛ لأنه كان إذ ذاك مدبرا لأمر ولد أخشيد يفتخر بخدمته.
المساواة:
ص: (والمساواة إلى آخره).
(ش): شرع فى الكلام على الأقسام الثلاثة، مقتصرا فى الغالب على الأمثلة؛ فإن محال الإيجاز علمت مما سبق من مقتضيات ترك المسند، أو المسند إليه، أو متعلق أحدهما. ومحال الإطناب علمت مما سبق من أسباب ذكر المسند من قصد البسط، أو لرعاية الفاصلة، أو تكرير الإسناد وغير ذلك، لا لكونه الأصل، فإن رعاية ذلك مساواة لا إطناب. إذا عرف هذا فالمساواة مثلها بقوله سبحانه وتعالى: وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ. وأورد على المصنف أن فيه إطنابا؛ لأن السيئ زيادة فإن كل مكر لا يكون إلا سيئا، ونسبة المكر إلى الله تعالى فى قوله سبحانه: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ (4) مجاز للمقابلة، ولو وقع استعماله وحده، فهو مجاز على الصحيح، وسيأتى ما عليه فى باب المجاز. وقول النابغة الذبيانى:
(1) سورة فاطر: 43.
(2)
البيت لعوف بن محلم الشيبانى أورده محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 163.
(3)
البيت من البسيط وهو لأبى الطيب المتنبى فى شرح ديوانه (2/ 212).
(4)
سورة آل عمران: 54.
وقوله [من الطويل]:
فإنّك كالّليل الذى هو مدركى
…
وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع
ــ
فإنّك كالليل الّذى هو مدركى
…
وإن خلت أنّ المنتأى عنك واسع (1)
(قلت): فى المثالين نظر؛ لأن الآية الكريمة إن كان الاستثناء فيها مفرغا، ففيه إيجاز القصر. وإن كان غير مفرغ، ففيه إيجاز قصر بالاستثناء، وإيجاز حذف بحذف المستثنى منه، فإن تقديره بأحد. وقال الخطيبى: هنا الاستثناء فيه مفرغ، فالمستثنى منه محذوف. وهو غلط؛ فإن الحذف لا يكون مع التفريغ. وأورد أيضا أن فيها إيجازا فإنها حاثة على كف الأذى عن جميع الناس يحذره عن جميع ما يؤدى إلى الأذى، وبأن فيها إيجاز تقدير؛ لأن الأصل يضر بصاحبه مضرة بليغة، فأخرج الكلام مخرج الاستعارة التبعية الواقعة على سبيل التمثيلية؛ لأن" يحيق" بمعنى يحيط، فلا يستعمل إلا فى الأجسام بالنظر إلى الكلام السابق فيه إطناب؛ لأنه تذييل، لقوله تعالى: وَمَكْرَ السَّيِّئِ وأما البيت ففيه إيجاز، لحذف جواب الشرط، وإن كانت الكاف حرفا، ففيه إيجاز آخر بحذف خبر إن على القول الصحيح، خلافا لمن ذهب إلى أن الجار والمجرور نفسه هو الخبر، وخلافا لمن ذهب إلى أن القول بذلك فيما إذا كان الجار الكاف دون غيره. وفيه الإطناب بذكر دليل الجواب، فإنه زائد على مدلول الكلام فإن الأصل الإتيان بالشرط وجوابه، إلا أن يقال: النظر للملفوظ به ولا زيادة فيه، والأول أظهر كما سيأتى.
كل ذلك تفريع على أن الجواب لا يتقدم على الشرط، كما هو مذهب البصريين.
ومن المساواة على ما يقتضيه كلام المصنف:
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا
…
وسالت بأعناق المطىّ الأباطح (2)
(1) البيت من الطويل، وهو للنابغة فى ديوانه (ص 56 / الكتب العلمية)، ولسان العرب (طور)، (نأى)، وكتاب العين (8/ 393) وتاج العروس (نأى)، وبلا نسبة فى مقاييس اللغة 5/ 378، ومجمل اللغة 4/ 368.
(2)
البيت من الطويل، وهو لكثير عزة فى ملحق ديوانه ص 525، وزهر الآداب ص 349، وبلا نسبة فى لسان العرب (طرف)، وأساس البلاغة (سيل)، وتاج العروس (طرف)، ومعجم البلدان (منى) وأسرار البلاغة (ص 15 / رشيد رضا)، ودلائل الإعجاز (74، 75، 294، 296 / شاكر).