الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعريف المسند إليه بالإشارة:
وبالإشارة:
1 -
لتمييزه أكمل تمييز؛ نحو [من البسيط]:
هذا أبو الصّقر فردا فى محاسنه
…
من نسل شيبان بين الضّال والسّلم (1)
ــ
إنّ الّذى الوحشة فى داره
…
تؤنسه الرّحمة فى لحده
وهذا يمكن جعله من وجه بناء الخبر، ويمكن أن يجعل ذريعة لجبر خواطر الفقراء قال: وربما قصد توجه ذهن السامع إلى ما قد يخبر به، كقول المعرى:
والذى حارت البريّة فيه
…
حيوان مستحدث من جماد (2)
قيل: أراد ابن آدم؛ لأنه من تراب، وقيل: أراد به ناقة صالح صلى الله عليه وسلم وسنتكلم عليه عند الكلام على تقديم المسند إليه.
تعريف المسند إليه بالإشارة:
ص: (وبالإشارة لتمييزه أكمل تمييز إلخ).
(ش): يؤتى بالمسند إليه اسم إشارة لأحد أمور:
الأول: أن يقصد تميزه؛ لإحضاره فى ذهن السامع حسا، فالإشارة أكمل ما يكون من التمييز، كقول ابن الرومى:
هذا أبو الصّقر فردا فى محاسنه
…
من نسل شيبان بين الضّال والسّلم (3)
وقول المتنبى:
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا
…
وإن عاهدوا أوفوا وإن عقدوا شدّوا (4)
وقول مادح حاتم الطائى:
(1) البيت لابن الرومى، وسقط عجزه فى بعض النسخ.
(2)
البيت لأبى العلاء فى المصباح فى المعانى والبيان والبديع لبدر الدين بن مالك ص 15، وفى الإشارات والتنبيهات للجرجانى ص 46.
(3)
البيت لابن الرومى فى الإشارات والتنبيهات للجرجانى ص 38.
(4)
البيت من الطويل وهو للحطيئة فى ديوانه 41، ولسان العرب 3/ 297 (عقد)، 14/ 94، 89 (بنى)، والمخصص 2/ 5، 64/ 15، 122/ 139، وتهذيب اللغة 1/ 15، 197/ 492، وتاج العروس (بنى)، وله رواية:
أولئك قوم إن بنوا أحسنوا البنا
…
وإن عاهدوا أوفوا وإن عاقدوا شدوا
2 -
أو التعريض بغباوة السامع؛ كقوله [من الطويل]:
أولئك آبائى فجئنى بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جرير المجامع (1)
3 -
أو بيان حاله فى القرب، أو البعد، أو التوسّط؛ كقولك: هذا أو ذلك أو ذاك زيد.
4 -
أو تحقيره بالقرب؛ نحو: أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ (2).
ــ
وإذا تأمّل شخص ضيف مقبل
…
متسر بل سربال ليل أغبر
أوما إلى الكوماء هذا طارق
…
نحرتنى الأعداء إن لم تنحرى
فقوله: (تأمل) فيه نقض أدبى، والصواب أن يقول: تخيل، أو توهم. ولك أن تقول: كون أكمل التمييز يحصل باسم الإشارة دون غيره ظاهر إن قلنا: إنه أعرف المعارف، وإلا ففيه نظر.
الثانى: التعريض بغباوة السامع؛ حتى إنه لا يتميز له الشئ إلا بإشارة الحس، كقول الفرزدق:
أولئك آبائى فجئنى بمثلهم
…
إذا جمعتنا يا جرير المجامع (3)
الثالث: أن يقصد بيان حاله فى القرب، أو البعد، أو التوسط، كقولك: هذا، أو ذاك، أو ذلك زيد أى: كقولك: هذا زيد للقريب، أو ذاك عمرو للمتوسط، أو ذلك بكر للبعيد وهذا تفريع على أن رتب اسم الإشارة ثلاث، وأما من جعل المتوسط والبعيد سواء، فهو لا يجعل اسم الإشارة تمييزا للمتوسط عن البعيد، ولا عكسه.
الرابع: أن يقصد تحقيره بالقرب، قال فى الإيضاح: وربما جعل القرب ذريعة إلى التحقير، وكلامه فى ظاهره أن هذا ليس سببا آخر؛ بل هو من بقايا هذا الرابع، وهو الصواب، ومثل له بقوله تعالى: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ (2)، أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا (4)
(1) البيت للفرزدق فى ديوانه (11/ 418)، وأساس البلاغة (جمع)، والإشارات والتنبيهات 184، والإيضاح (1/ 119)، (والتبيان) للطيبى (1/ 157) بتحقيقى.
(2)
سورة الأنبياء: 36.
(3)
البيت من الطويل، وهو للفرزدق فى ديوانه 11/ 2418، وأساس البلاغة (جمع).
(4)
سورة الفرقان: 41.
5 -
أو تعظيمه بالبعد؛ نحو: الم ذلِكَ الْكِتابُ (1).
6 -
أو تحقيره؛ كما يقال: ذلك اللعين فعل كذا.
7 -
أو التنبيه عند تعقيب المشار إليه بأوصاف على أنه جدير بما يرد بعده من أجلها؛ نحو: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (2).
ــ
وقوله تعالى: وَما هذِهِ الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ (3) وعليه من غير باب المسند إليه قوله تعالى: ماذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا (4) وقوله (أو تعظيمه بالبعد) قال فى الإيضاح: وربما جعل البعد ذريعة إلى التعظيم، كقوله تعالى: الم ذلِكَ الْكِتابُ (5) ذهابا إلى بعد درجته، وقد قيل فيه: إنه على بابه، فإن الكتاب لم يكن كمل إنزاله، وقيل الإشارة إلى: الم، ولكنها لما انقضت، صارت فى حيز البعد. ومن مثال ما نحن فيه، قوله تعالى: وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوها (6) وقوله تعالى: فَذلِكُنَّ الَّذِي لُمْتُنَّنِي فِيهِ (7) وقوله: (أو تحقيره) أى قد يقصد تحقيره بالبعد، كقولك: ذلك اللعين فعل كذا، ووجهه أنك تستحقره عن أن يقرب منك، كما تستعظم فى الوجه السابق أن يدنو منك. ومن هنا يعلم أنه قد يقصد تعظيم المشار إليه بالقرب، ومنه قوله تعالى: إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (8) وأمثاله فى القرآن كثير، وكان ينبغى للمصنف أن يذكر التعظيم بالقرب، كما ذكر التعظيم والتحقير فى البعد.
الخامس: التنبيه بعد ذكر المشار إليه بأوصاف قبله (على أنه) أى المشار إليه (جدير بما يرد بعده من أجلها نحو: أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)(9) فذكر الأوصاف بعد الذين، ونبه باسم الإشارة على أن المشار إليه - وهو الذين - جدير بذلك. ولك أن تقول: أى مناسبة فى اسم الإشارة، اقتضت ذلك؟ ولو أتى بغير اسم الإشارة من المعارف، لحصل هذا. ومن هذا قول حاتم الطائى:
(1) سورة البقرة: 1 - 2.
(2)
سورة البقرة: 7.
(3)
سورة العنكبوت: 64.
(4)
سورة البقرة: 26.
(5)
سورة البقرة: 1، 2.
(6)
سورة الزخرف: 72.
(7)
سورة يوسف: 32.
(8)
سورة الإسراء: 9.
(9)
سورة البقرة: 5.