الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومنها: النداء، وقد تستعمل صيغته؛ كالإغراء فى قولك لمن أقبل يتظلّم: يا مظلوم، والاختصاص فى قولهم: أنا أفعل كذا أيها الرجل، أى: متخصّصا من بين الرجال
ــ
قالت بنات العمّ يا سلمى وإن
…
كان فقيرا معدما قالت وإن (1)
ونص ابن مالك وابن عصفور على أن ذلك ضرورة، وغيرهما أطلق الجواز، هذا إذا حذفا مع بقاء" إن" فإن حذفت" إن" أيضا فالظاهر جوازه إذا دل عليه دليل.
النداء من أنواع الإنشاء:
ص: (ومنها النداء
…
إلخ).
(ش): أى الخامس من أنواع الإنشاء: النداء، وحقيقته طلب إقبال المدعو على الداعى بأحد حروف مخصوصة، وأحكامه معلومة فى النحو، وقد يستعمل فى غير معناه مجازا، فمن ذلك: الإغراء، وهو فى الاصطلاح إلزام المخاطب العكوف على ما يحمد عليه، والمراد به هنا الابتلاء، وقد تستعمل فيه صيغة النداء كما نقول لمن يتظلم
ويتشكى من الظلم: يا مظلوم، فإنه ليس نداء حقيقة؛ لأن الغرض أن المخاطب أقبل يتظلم، ولكنه ترغيب له فى شكوى الظلم، ومن ذلك: الاختصاص، كقوله: أنا أفعل أيها الرجل، وغفر الله لنا أيتها العصابة، أى: مخصصا به دون الرجال، واغفر لنا مخصوصين من بين العصائب، والاختصاص حقيقة اسم ظاهر بعد ضمير متكلم أو مخاطب مسند إليه حكم على معنى التخصيص والتأكيد، وأى هذه مبنية على الضم كحالها فى النداء وليست منادى. وزعم السيرافى أنها فى الاختصاص معربة، ويجوز أن تكون خبر مبتدأ تقديره: هو أيها الرجل، أى المخصوص به، وأن تكون مبتدأ تقديره: أيها الرجل المخصوص أنا المذكو. وذهب الأخفش إلى أنه منادى، قال: ولا يمتنع أن ينادى الإنسان نفسه، كقول عمر - رضى الله عنه - " كل إنسان أفقه منك يا عمر"(2). وإذا تأملت ما ذكرناه علمت أن الاختصاص على قول الجمهور ليس طلبا
(1) الرجز لرؤبة بن العجاج فى ديوانه ص: 186، وخزانة الأدب 9/ 14 والمقاصد النحوية 4/ 436.
(2)
هو حديث عمر - رضى الله عنه - فى نهيه عن المغالاة فى صدقات النساء، فهو صحيح بلفظ:" ولا تغالوا فى صدقات النساء". أما ما شاع على الألسنة من اعتراض المرأة على عمر وقولها:" نهيت الناس آنفا أن يغالوا فى صداق النساء، والله تعالى يقول فى كتابه: وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً، فقال عمر: كل أحد أفقه من عمر، مرتين أو ثلاثا
…
" الحديث فهو" ضعيف" يرويه مجاهد عن الشعبى عن عمر، أخرجه البيهقى فى" الكبرى"، (7/ 233)، وقال:" هذا منقطع". وكيف تكون المرأة أفقه من عمر، وهو الملهم المحدث، الذى نزل القرآن على لسانه؟ وراجع كلام الشيخ الألبانى على هذا الخبر فى" الإرواء"، (6/ 347، 348).
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
وعلى رأى الأخفش طلب؛ لأنه نداء، ولا يكون ذلك فى ضمير الغائب، فلا يجوز:
اللهم اغفر لهم أيتها العصابة. قال سيبويه: أراد أن يؤكد؛ لأنه قد اختص حين قال:
أنا ولكنه أكد ولم يعرف المختص إلا بلفظ أيها وأيتها، وإنما وقع علما أو مضافا أو معرفا بالألف واللام، وقد خالف النداء فى أنه لا يبدأ به، ولا يستعمل بسائر أحرف النداء، واستعمل معرفا بالألف واللام، وهو أقسام؛ قسم منقول من النداء وهو ما سبق، وقسم تتبع فيه النقل، مثل: نحن العرب أقرى الناس للضيف، وقسم يجوز فيه الأمران، وهو خمسة: أهل، كقوله صلى الله عليه وسلم:" سلمان منا أهل البيت"(1) وآل، نحو: نحن آل فلان كرام، ومعشر:" نحن معاشر الأنبياء لا نورث"(2)، وبنى:
إنا بنى نهشل لا ندعى لأب
والعلم، نحو: بك الله نرجو الفضل، بنا تميما يكشف الضباب.
(تنبيه): اقتصر المصنف من الإنشاء الطلبى على ما ذكره، وبقى عليه الترجى، نحو:
لعل الله يأتينا بخير، ونقل القرافى الإجماع على أنه إنشاء وإذا كان الترجى إنشاء فهو
(1)" ضعيف جدا" أخرجه الحاكم فى" المستدرك"، (3/ 598)، وسكت عنه، ورده الذهبى بقوله:" قلت:
سنده ضعيف". لذلك أورده الشيخ الألبانى فى ضعيف الجامع (ح 3272)، وزاد نسبته، إلى الطبرانى من حديث عمرو بن عوف، وقال: ضعيف جدا. وقد صح موقوفا على على - رضى الله عنه.
(2)
الحديث متفق على صحته بلفظ:" لا نورث ما تركنا صدقة"، أما بهذا اللفظ، فقد قال الحافظ ابن حجر فى" الفتح"، (12/ 10):" فقد أنكره جماعة من الأئمة، وهو كذلك بالنسبة لخصوص لفظ" نحن"، ولكن أخرجه النسائى من طريق ابن عيينة عن أبى الزناد بلفظ:" إنا معاشر الأنبياء لا نورث
…
" الحديث.
أخرجه عن محمد بن منصور عن ابن عيينة عنه، وهو كذلك فى مسند الحميدى عن ابن عيينة، وهو من أتقن أصحاب ابن عيينة فيه. وأورده الهيثم بن كليب فى مسنده من حديث أبى بكر الصديق باللفظ المذكور، وأخرجه الطبرانى فى" الأوسط"، بنحو اللفظ المذكور، وأخرجه الدارقطنى فى" العلل"، من رواية أم هانئ عن فاطمة عليها السلام عن أبى بكر الصديق بلفظ:" إن الأنبياء لا يورثون".