الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما إفراده:
فلكونه غير سببى مع عدم إفادة تقوّى الحكم،
ــ
أو فعل مع الحذف إذا كان جواب استفهام فإنه إن كان فى لفظ السائل الفعل أو الاسم فهو المحذوف غالبا، وقد يجاب بأن تقدير مثل ما فى السؤال من فعل أو اسم راجح لا متعين.
وقد حذف الظرف من التلخيص - وهو أحسن - فإن الاحتمال حاصل مع الحذف، ثم الظرف لا يكون مسندا على الحقيقة إنما المسند عامله من فعل أو اسم فليس لهذا القسم وجود إلا على القول بأن الظرف نفسه هو المسند وهو ضعيف. وفى الإيضاح: وإما لنحو ذلك، وذكر عن السكاكى أن من أسباب ذكره التعجب من المسند إليه كقولك: زيد يقاوم الأسد، مع دلالة القرائن. قال: وفيه نظر لأن التعجب حاصل بدون الذكر مع القرينة.
كون المسند مفردا:
ص: (وأما إفراده فلكونه غير سببى مع عدم إفادة تقوى الحكم).
(ش): فيدخل فى الإفراد نحو: زيد منطلق أبوه، مما أسند فيه الوصف إلى المبتدأ رفعا لظاهر ذى سبب؛ لأنا فسرنا السببى بالجملة، ويدخل فيه نحو: زيد قائم؛ لأنه لا يفيد التقوى بل هو قريب من إفادته كما تقدم، ويدخل فيه نحو: عرفت عرفت، مما أفاد التقوى بالتكرار، ونحو: إن زيدا قائم، مما أفاده بالحرف؛ لأنا قيدنا التقوى بكونه مفادا بنفس الإسناد فى التركيب نحو: زيد قام، مما كان فيه الفعل مسندا لضمير المبتدأ لأنه كما تقدم مشتمل على الإسناد مرتين وذلك لأن المبتدأ يطلبه بالإسناد إليه لكونه خبرا عنه ولكونه فعلا يطلب ضمير ذلك المبتدأ ليسند إليه لكونه فعليا لا سببيا، فوقع الإسناد فيه مرتين فأفاد التقوى بهذا الوجه وهو الإسناد مرتين ويحتمل أن لا يحتاج إلى القيد السابق، وهو قولنا: بنفس إسناده، وذلك بأن تجعل الألف واللام للعهد السابق، وهو التقوى المفاد بهذا الطريق وهو الإسناد فى تركيب واحد مرتين. ويدخل فيما أفاد التقوى بهذا الوجه فيكون جملة نحو قولنا: أنا عرفت وأنت ما سعيت فى حاجتى، مما كان فيه الفعل مسندا لضمير المبتدأ مع قصد إفادة التخصيص، كما تقدم أن مثل هذا التركيب يقصد به التخصيص؛ لأن التقوى موجود فيه لوجود الإسناد مرتين، ولو لم يقصد ذلك التقوى بالذات؛ لأنا لم نشترط إلا نفى إفادة التقوى، فمتى انتفى نفى الإفادة فإن وجدت الإفادة كان جملة ولو لم نقصد تلك الإفادة، نعم لو شرطنا نفى قصد التقوى دخل فى الإفراد ما قصد به التخصيص، على تقدير تسليم
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
أن هذا التركيب عند قصد التخصيص لا يفيد التقوى، فلا يلزم دخوله فى الإفراد؛ لأن المقصود نفى أن السببية والتقوى يكون علة للإفراد. ولا يلزم اطراد العلة فيصح وجود ذلك النفى مع نفى الإفراد كما فى نحو: أنا سعيت فى حاجتك، وقولنا: لم يقصد إفادة التقوى بالذات - إشارة إلى أن الإفادة لا بد فيها تبعا؛ إذ ما يفاد بلا قصد أصلا لا يعد من خواص تراكيب البلغاء، فلا عبرة به أصلا، وقولنا: لأن السببى فى هذا الاصطلاح نعنى به اصطلاح السكاكى، وإياه تبع المصنف فى إطلاق السببى على ما ذكر، كإطلاقه الفعلى على خلافه كما أشرنا إليه بقولنا:
فيما تقدم؛ لكونه فعليا لا سببيا، أما اصطلاحه فى السببى فكأنه مأخوذ من قول النحاة: إن نحو: مررت برجل كريم أبوه - نعت سببى، لكن على اعتباره ينبغى أن يسمى نحو قولك: زيد منطلق أبوه - مسندا سببيا، وهو لا يقول به، والتفريق بينه وبين قولنا: زيد أبوه منطلق بأن الأول المسند فيه مفرد والثانى المسند فيه جملة لا يفيد وجها لتخصيص الثانى بتسميته سببيا دون الأول، وأما اصطلاحه فى الفعلى فلا يعرف له سلف فيه، وقد أطلق السببى فى النعت على ما أطلقه عليه النحويون نحو:
مررت برجل كريم أبوه، وأطلق الفعلى فيه على ما أطلقوا عليه الحقيقى نحو: مررت برجل كريم، وحول هذا الاصطلاح إلى المسند لكنه خصصه بالجملة كما أشرنا إليه قبل، فعلم أن مجموع اصطلاحه فى السببى والفعلى مبتكر له، ولما كان تعريفه السببى فيه انغلاق وصعوبة حسبما يظهر عند الوقوف عليه فى المفتاح، ومعلوم أنه يلزم من انغلاقه انغلاق مقابله وهو الفعلى عدل المصنف إلى المثال فى السببى ليعرف منه الفعلى فقال (والمراد بالسببى) خبر هو (نحو) الخبر فى قولك (زيد أبوه منطلق)، ومعلوم أن تعريف الحقائق بمجرد المثال لا يخلو من خفاء؛ لأن أوجه التماثل كثيرة، ومثل هذا قولك مثلا: زيد انطلق أبوه، مما كان فيه الخبر جملة علقت على مبتدأ بعائد لا يكون مسندا إليه فى تلك الجملة، فيستفاد حد السببى مما ذكر من المثالين لاشتمالهما على أجزائه، فيخرج عنه المسند فى نحو: زيد منطلق أبوه؛ إذ ليس (منطلق أبوه) بجملة كما تقرر، والمسند فى نحو: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) مما هو جملة أخبر بها عن ضمير الشأن؛ لأن تعليقها بالمبتدأ بنفسها لا بعائد، وفى نحو قولنا: زيد قام؛ لأن العائد فى قام مسند إليه ويدخل فى ذلك الحد المستفاد من المثالين.
(1) سورة الإخلاص: 1.
والمراد بالسببى نحو: زيد أبوه منطلق.
ــ
ص: (والمراد بالسببى نحو: زيد أبوه منطلق).
(ش): المسند على أقسام:
الأول - أن يكون سببيا، والمراد بالسببى أن يكون إثبات المسند للمسند إليه لمتعلقه لا لنفسه، وذلك إما بأن يتقدم السببى نحو: زيد أبوه منطلق، أو يراد حدوث المسند وهو سببى مثل: زيد انطلق أبوه، وفى هذين القسمين يكون جملة، أو زيد منطلق أبوه، وهو مفرد سببى.
الثانى - أن لا يكون سببيا، ولكن يراد تقوى الحكم بتكرر الإسناد كقولك: زيد قام؛ فإنه وقع الإسناد إلى زيد مرتين
أحدهما إلى لفظ زيد، والثانى لضميره وهو فاعل قام.
الثالث - أن لا يكون سببيا ولا يراد به التقوية مثل: زيد منطلق، فحاصله أنه إن أريد به التقوية كان جملة، وإن لم يرد فإما أن يكون سببيا أو لا، إن لم يكن فهو مفرد، وإن كان فإما أن يتأخر السببى ولا يراد الحدوث، أو لا، فإن تأخر ولم يرد الحدوث فهو مفرد مثل: زيد قائم أبوه، إذا عرفت ذلك ورد على المصنف أن كلامه يقتضى أنه متى كان سببيا كان جملة، وليس كذلك؛ لأجل زيد منطلق أبوه.
(تنبيه): مراد المصنف بغير السببى هو ما أراده السكاكى بالمسند الفعلى، وهو ما يكون مفهومه محكوما فيه بالثبوت أو الانتفاء، وجعل منه: فى الدار خالد، على أن تقديره: استقر فى الدار. وأورد عليه المصنف أمرين:
أحدهما - أن ما ذكره فى تفسير المسند الفعلى يجب أن يكون تفسيرا للمسند مطلقا، والظاهر أنه إنما قصد به الاحتراز عن المسند السببى؛ إذ فسر المسند السببى بعد هذا بما يقابل تفسير المسند الفعلى، ومثله بقولنا: زيد أبوه انطلق أو منطلق، والبر الكر منه بستين، فجعل أمثلة السببى مقابلة لأمثلة الفعلى مع الاشتراك فى أصل المعنى؛ وأجيب عنه بأن ما ذكره تفسير للمسند الخبرى المقابل للسببى الشامل للمفرد والجملة التى تكون قصد بها تقوى الحكم؛ ولذلك قيد السكاكى الفعلى بنفى الجملة؛ ليتعين كونه مفردا، أما كونه مقابلا للسببى؛ فلأن الفعلى ما يكون مفهومه محكوما فيه بالثبوت للمسند إليه أو الانتفاء، وهو أعم من المفرد والجملة التى يكون المقصود بها تقوى الحكم.