الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الخمسون: إلى محمد بن عمير
…
"الرسالة الخمسون"1
قال جامع الرسائل:
وله أيضا رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ محمد بن عمير –وفقه الله تعالى لفعل الإيمان والخير-، سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
وصلتنا خطوطك ومنظومتك، والله –سبحانه وتعالى المسئول أن يمن علينا وعليك لمعرفة الحق بدليله، والدعوة إلى الله وإلى سبيله.
وتعرف أنا رأينا من أجناس المعاندين وأعيان المشركين خلقا كثيرا. ولم نر مثل هذا المفتون2 في جهله وضلالته وشناعة معتقده ومقالته. وقد رأيت كتابه الذي سماه "جلاء الغمة" ورأيت حشوه من مسبة دين الله والصد عن سبيله، والكذب على الله وعلى رسوله، وعلى أولي العلم من خلقه، وأئمة الهدى ما لم نر مثله للمويس وابن فيروز والقباني وأمثالهم ممن تجرد لعداوة الدين ومسبة مشايخ المسلمين. فابتدأ مصنفه بمسبة الشيخ، وأن الله ابتلى به أهل نجد وجزيرة العرب؛ وأنه كفر الأمة عامها وخاصها، وجعل من يبني المساجد ويرفع المنار مشركين أصليين، وأن قوله يتناقض، وأنه أخذ أموال المسلمين وجعلها فيا له ولعياله، وأن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم وخطاب الموتى بطلب الشفاعة وغيرها من المطالب، ليس بشرك، ويستدل على ذلك بأحاديث موضوعة، وحكايات مكذوبة، ويزعم أن من له الشفاعة يوم القيامة، يجوز دعاؤه وطلبه في هذه الحياة الدنيا، ويسوغ التوجه إليه، وأن صاحب البردة قد أحسن
1 وردت هذه الرسالة في حاشية "أ" ص 61-63.
2 يريد عثمان بن منصور –صاحب كتاب: جلاء الغمة في تكفير هذه الأمة-، وقد تقدمت ترجمته في ص 59.
وأصاب ويستدل من جهله على ذلك بأنه رواها علن فلان وفلتان وهيان بن بيان وابن حج وأبي حيان، ونحو ذلك من طرائق الشيطان. ويرد بمثل هذه النصوص السنة والقرآن. نعوذ بالله من الجهل والحمق والخذلان.
وكان الرجل من رجال الجاهلية الأولى، لم يأنس بشيء مما جاءت به الأنبياء، ولم يدر ما كان عليه السلف الصالحون والأولياء المتقون، ويحتج على بطلان دعوة شيخنا، وبأن بلاده بلاد مسيلمة، ولم يدر أنه عاب بذلك أهل مصر والشام والعراق والحرمين وسائر البلدان التي سكنها من نازع الله في الربوبية والإلهية.
فيا ويحه إن لم تداركه توبة
…
لسوف يرى للمجرمين مرافقا
وله من ركة القول وفهامة1 الخطاب، وعدم المعرفة بقواعد الإعراب ما يوصل تشبيهه بسائمة الأنعام، وثور الدولاب معدا.
حررت إليك بهذه البطاقة لتقرأها على الخاصة والجماعة، وتنذر من سمع شيئا من مقالته أن يغتر بجهالته وضلالته. والله يقول الحق وهو يهدي السبيل. وسلام على إخواننا الصادقين، ورحمة الله وبركاته إلى يوم الدين آمين.
1 فهاهة: من فهِةَ، أي عيي، يقال: وفههت تَفَهُ وتَفِهُ فهاهة، أي عيت. والفهاهة: العي؛ وفه الرجل في خطبته وحجته، إذا لم يبالغ فيها ولم يشفها، وقد فههت في خطبتك فهاهة. لسان العرب، 13/525، مادة "فهه".