الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة السادسة والسبعون: إلى الشيخ عبد العزيز بن حسن
…
الرسالة السادسة والسبعون1
قال جامع الرسائل:
وله أيضا رسالة إلى الشيخ عبد العزيز. وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد اللطيف بن عبد الرحمن، إلى الأخ المكرم الشيخ عبد العزيز بن حسن –سلمه الله تعالى - سلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو على نعمه. وخطك وصل، وتأخر جوابه لكثرة الاشتغال، والله المستعان. وتسأل عن وجوب صلاة الجمعة على أهل القرى الذين لم يبلغ العدد منهم أربعين من أهل الوجوب. اعلم أنهم اتفقوا على أن من شرط وجبها وصحتها، الجماعة 2.
واختلفوا في مقدار الجماعة.
فمنهم من قال: واحد والإمام، هذا مذكور عن ابن جرير الطبري 3.
ومنهم من قال: اثنان سوى الإمام، لأن أقل الجمع عنده اثنان 4.
ومنهم من قال: ثلاثة دون الإمام وقائل هذا يرى أن أقل الجمع ثلاثة، لا اثنان 5.
1 وردت هذه الرسالة في حاشية "أ" ص 58-59.
2 انظر: فتح القدير لابن الهمام، 2/60؛ المبسوط، 2/24؛ الشرح الكبير، 1/377؛ الشرح الصغير، 1/496؛ مغني المحتاج، 1/282؛ روضة الطالبين، 2/10.
3 لم أقف على قوله هذا.
4 قال بهذا الليث والإمام أبو يوسف.
انظر: المبسوط، 2/24؛ والجامع لأحكام القرآن، 18/73.
5 المبسوط للسرخسي، 2/24؛ المبدع في شرح المقنع، 2/152؛ والجامع لأحكام القرآن 18/73.
والكلام مبسوط في أقل الجمع في شرح التحرير وغيره، والقول الأخير هو قول أبي حنيفة. ومنهم من اشترط أربعين، وهو قول الشافعي وأحمد 1. وقال قوم: ثلاثين ومنهم من قال: يجوز بما دون الأربعين، إلا الثلاثة والأربعة، ولم يشترط عددا، وإنما ذكر جوابا أوردوه، وهو أنه لا تجب إلا على عدد تتقرَّى بهم قرية 2.
وأصحاب القولين الأولين أخرجوا الإمام عن مسمى الجمع؛ للاختلاف في دخوله في مسمى الجماعة. وأصحاب القول الأخير يقولون: الجمع في غالب الأحوال له حكم غير ما يطلق عليه/3 /في جميعها، بل هم الذين يمكنهم أن يسكنوا على حدة من الناس. وهذا يروى عن مالك. ويروى عنه أيضا اشتراط اثني عشر من أهل القرية 4. وكلا القولين معروف.
ومن اشترط الأربعين كالشافعي وأحمد وجماعة من السلف، فإنما صاروا إلى ما صح من أن هذا العدد كان في أول جمعة صليت بالناس 5. فهذا هو حد شرطها. أعني شرط الوجوب.
1 الأم للشافعي، 1/328؛ مغني المحتاج، 1/282؛ روضة الطالبين، 2/7؛ المغني مع الشرح الكبير، 2/171، 172؛ المبدع في شرح المقنع، 2/150-151؛ والجامع لأحكام القرآن، 18/73.
2 انظر: الشرح الكبير للدردير، 1/377؛ الشرح الصغير، 1/496.
3 كلمة غير واضحة في الأصل.
4 وهو أيضا قول ربيعة. انظر: الشرح الكبير للدردير، 1/377؛ الشرح الصغير، 1/497؛ والجامع لأحكام القرآن، 18/73.
5 كما ورد في الأثر: "عن عبد الرحمن بن كعب، عن أبيه كعب بن مالك أنه كان إذا سمع النداء يوم الجمعة ترحم لأسعد بن زرارة، فقلت له: إذا سمعت النداء ترحمت لأسعد بن زرارة، قال: لأنه أول من جمع في هزم النبيت من حرة بني بياضة، في نقيع يقال له نقيع الخضمات، قلت: كم أنتم يومئذ؟ قال أربعون". سنن أبي داود، 1/645-646، الصلاة، باب الجمعة في القرى. المستدرك للحاكم، 1/281، قال الحاكم:"هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي".
واشتراط الصحة من أن من الشروط ما هو شرط للوجوب فقط لا للصحة، وهذا من أحسن الأقوال، وبه يتفق أغلب كلام المختلفين.
إذا عرفت هذا، فإنهم اختلفوا أيضا في الأحوال المرتبة التي اقترنت بهذه الصلاة عند فعله إياها صلى الله عليه وسلم، هل هي شرط في الصحة والوجوب، أم ليس بشرط؟ وتلك الجماعة والمصر والاستيطان. ومن رآه دليلا اشترطه، ومنهم من رجح بعضها دون بعض، واشترطه في المرجح لا غير. وبعضهم لم يرها دليلا، ورجح في الاشتراط والوجوب/أدلة/1 أخرى لعموم الجماعة في سائر الصلوات.
ولقائل أن يقول: لو كانت هذه الأحوال شرطا في صحة الصلاة، لما جاز أن يسكت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أن يترك بيانها، لقوله تعالى:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} 2 هذا ما يحضرني. فإن رأيت خللا فلا جناح عليكم في إصلاحه. والسلام.
1 في الأصل: إلى أدلة.
2 سورة النحل: الآية "44".