الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرسالة الثامنة والثمانون: منظومة في الفتنة التي وقعت بين المسلمين
…
الرسالة الثامنة والثمانون1
قال جامع الرسائل:
وله أيضا – قدس الله روحه ونور ضريحه - منظومة أنشأها/ رحمه الله/2 لما اشتدت الكربة، واستحكمت الغربة، وقلَّ المعاون والمساعد، وكثر المخالف والمعاند، ودهمت فوادح معضلات الحوادث، وهجمت بكلاكلها الخطوب الأثائث 3 التي تشيب من أهوالها النواصي، ويعجز عن حمل بعاعها 4 الجبال الرواسي.
فأول ذلك الفتنة التي وقعت بين المسلمين، وانثل بها عرش الملة والدين، وانهدم/بها/5 سور الإسلام وصار الأمر بأيدي البوادي الطغام، فانفرجت ذات البين، وانكشفت العورة لأهل الكفر والمين 6.
فعند ذلك، فحدتنا المعضلات العظام، وانهدمت أصول الدين والإسلام، وانطمست المعالم والأحكام؛ فقدمت العساكر إلى البلاد الإسلامية، فانكشفت شمس الرسالة المحمدية، وافتتن كثير من جهلة الناس، بفتوى من ينتسب إلى العلم، من أهل الجهل والإفلاس، بأن تلك العساكر التي هجمت على بلاد أهل الإسلام، إنما جاءوا لنصرة ذلك الإمام 7.
فأنشأ هذه المنظومة، من حرارة الجوى 8، وخوفا على الناس، من سلوك المفاوز
1 في المطبوع: جاءت هذه الرسالة في ص 262-268، وهي فيه الرسالة رقم "43". وفي "ب" جاءت في ص 92-98. وفي "د" جاءت بعد الرسالة رقم "32".
2 ساقط في "أ"، والمطبوع.
3 الأثائث، أي الكثيرة. لسان العرب، 2/110، مادة:"أثث".
4 بعاعها: أي أثقالها. لسان العرب، 8/17، مادة:"بعع". وفي المطبوع: أعبائها.
5 ساقط في "د".
6 المين: الكذب. لسان العرب، 13/435؛ وترتيب القاموس المحيط، 4/305، مادة:"مين".
7 يريد الإمام عبد الله بن فيصل بن تركي؛ الذي استعان على أخيه سعود، بجيوش من مدحت باشا في العراق. وقد تقدم ذلك في ص 49.
8 الجوى: الحرقة، وشدة الوجد، من عشق، أو حزن. لسان العرب، 14/157؛ مادة:"جوا".
التوى 1، وأسّ على من هلك،/بشبه/2 المشبهين وتمويهات 3 الأئمة المضلين.
ويذكر مآثر أهل الإسلام، الذين استجابوا لله ورسوله، بدعوة شيخ الإسلام، وعلم الهداة الأعلام، الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وما كانوا عليه من المعتقد، حسن السيرة، وخلوص الطوية والسريرة، ويحذر من طريقة أقوام، إنما/نشؤا/4 في ظل عافية الإسلام، ولم يعرفوا ما عليه أهل الجاهلية، من عبادة الأوثان والأصنام، الذرائع للقضية إلى الدخول في ولاية من حاد الله ورسوله، وموالاتهم، والرضا بأحكامهم وقوانينهم.
وقد حُمِلَت إليهم الأثقال، ورُحلت الرواحل، واستفاء بظلهم من آثر العاجل، وغمض الطرف عن الآجل. فكم هلك بسببهم من هلك، وانتظم في سلكهم من شك في دينه وارتبك، فنعوذ بالله من مضلات الفتن، ما ظهر منها وما بطن.
وإذا أردت ترى مصارع من ثوى 5
…
ممن تربص وارتضى بهوان 6
وتروم مصداق الذي قد قاله
…
شيخ الوجود العالم الربان
فاستقرئ الأخبار ممن جاءهم
…
ماذا رأوا من أمة الكفران
نبذوا الكتاب وراءهم واستبدلوا
…
عن ذاك بالقانون ذي الطغيان
وعن الأذان استبدلوا من زيغهم
…
بالبوق تشريعا من الشيطان
وكذا مسبة ربنا سبحانه
…
والجعل للأنداد للرحمن
وكذاك شرب المسكرات مع الزنا
…
وكذا اللواط وسائر النكران
1 التوى: الهلاك. لسان العرب، 14/106، مادة:"توا".
2 في "ج" و "د": بشبهة.
3 في "أ": تمويه.
4 في "د": نشو.
5 في "ب" و "ج" والمطبوع: "توى"، وفي "د":"ترى". وفي "أ" والمثبت: "ثوى"، ومعناه: هلك؛ يقال للمقتول: قد ثوى. لسان العرب/، 14/126، مادة:"ثوا". وقد تقدم معنى "توى" بالتاء، أنه: الهلاك. في هامش "1" من هذه الصفحة.
6 هذا الشعر من هنا، لجامع الرسائل: الشيخ سليمان بن سحمان.
وكذلك الأرفاض قام شعارهم
…
بل أظهروا كفرانهم بأمان
هل يرتضي بالمكث بين ظهورهم
…
عبيد يشم روائح الإيمان
والله ما يرضى بهذا مؤمن
…
أنى يكون وليس في الإمكان
حاش الذي ما اسطاع يوما جهرة
…
أو مظهرا للدين ذا تبيان
لكنما المقصود من لم يرفعوا
…
رأسا بما قد جاء في القرآن
أو صحَّ في الإخبار عن خير الورى
…
والصحب والأتباع بالإحسان
وضروا ولاية دولة قد عارضت
…
أحكامه بزبالة الأذهان
وضعوا قوانينا تخالف وحيه
…
واستبدلوا الإيمان بالكفران
فسَلِ المقيم بظلمهم وحماهمو
…
هل أنكروا ما فيه من طغيان
أو زايلوا أصحابه أو قاطعوا
…
أخدانهم من كل ذي خسران
لكنهم قد آثروا الدنيا على الـ
…
أخرى فيا سُحقا لذي العصيان
بل ليتهم كفوا عن استجلابهم
…
من غاب من صحب ومن إخوان
بل صح عن بعض الملا/تسفيهه/1
…
/أحلام/2 /أهل/3 الحق والإيمان
تبا لهاتيك العقول وما رأت
…
واستحسنت من طاعة الشيطان 4
وقد قال الشيخ – رحمه الله تعالى - فيما تقدم من الرسائل، أن الإقامة ببلد يعلو فيها الشرك والكفر، ويظهر الرفض، ودين الإفرنج، ونحوهم، من المعطلة للربوبية والإلهية، وترفع فيها شعارهم، ويُهدم الإسلام والتوحيد، ويعطل التسبيح والتكبير والتحميد، /وتقلع/5 قواعد الملة والإيمان، ويحكم بينهم بحكم الإفرنج واليونان، ويشتم السابقون، من أهل بدر، وبيعة الرضوان، فالإقامة بين ظهرانيهم والحالة هذه، لا
1 في "أ": تسفيه.
2 في "د": أحكام.
3 في "أ": لأهل.
4 إلى هنا نهاية شعر جامع الرسائل.
5 في "د": وتنقلع.
تصدر عن قلب/باشرته/1 حقيقة الإسلام والإيمان، والدين، وعرف ما يجب من حق الله في الإسلام على المسلمين؛ بل لا يصدر عن قلب رضي بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا 2.
/ثم/3 إنه – رحمه الله بذل الوسع بكتب الرسائل، والنصائح، والتحذير عن أسباب الندم، والفضائح.
والمنظومة المشار إليها من كلامه – رحمه الله مسودة، ولم أجدها تامة. وهذا نص الموجود منها، قال – رحمه الله وعفا عنه/ بمنِّه/-4:
دع عنك ذكر منازل ومغاني
…
وبدور أنس قد بدت/وغوان/5
و/جآذر/6 في روضة يشدو بها
…
صوت النديم وشادن فتان
لا تُصغ للعشاق سمعك إنما
…
إنما منادمهم بين البرية عان
والعشق داء قاتل ودواؤه
…
في السنة المثلى عن الأعيان
قطع الرسائل والذرائع والتي
…
بين الورى أحبولة الشيطان
واقرأ كتاب الله إن رُمت الهدى
…
أو رُمت ترقى ذروة الإحسان
واعكف بقلبك في/أزاهر روضة/7
…
مملوءة بالعلم والإيمان
وانظر إلى تركيبه واعمل به
…
إن كنت ذا بصر بهذا الشان
هذا ولا ينجيك طب في التي
…
ترجو بغير مشيئة الرحمان
1 كذا في المطبوع، وفي بقية النسخ: باشره.
2 تقدم ذلك ضمن الرسالة الثانية في ص 210-211.
3 في "أ": نعم.
4 ساقط في "ب" و "ج" و "د"، والمطبوع.
5 في "أ": وغواني.
6 في المطبوع: "جوزرا". والجآذر: جمع جوذر، وهو ولد البقرة، وقيل البقرة الوحشية. لسان العرب، 4/124، مادة:"حذر".
7 كذا التعديل في "أ"، بدلا من:"رياض أريضة". وهذا الثاني هو المثبت في "ج"، وفي "ب"، و "د":"أراضي رويضة"، وفي المطبوع:"أرئك روضة".
فاسأله في غسق الليالي والدجى
…
يا دائم المعروف والسلطان
وانظر إلى ما قاله علم الهد
…
عند ازدحام عساكر الشيطان
أشكو إليك حوادثا أنزلتها
…
فتركتني متواصل الأحزان
من لي سواك يكون عند شدائدي
…
إن أنت لم تكلأ فمن يكلاني
لولا رجاؤك والذي عودتني
…
من حسن صنعك/لاستطير/ 1 جناني
واذكر مآثر أقوام قد انتدبوا
…
يوما لنصر الدين بالإحسان
من صالحي الإخوان أعلام الهدى
…
من أطدوا التوحيد ذي الأركان
قامت بهم أركان شرعة أحمد
…
وعلت سيوف الحق والإيمان
وغدا الزمان بذكرهم متبسما
…
يبدي سنا للطالب الولهان
سارت بهم أبناء مجد في الورى
…
يغشي/سناها/2 عابد الأوثان
قد جددوا للدين أوضح منهج
…
/يبدي/3 ضيا للسالك الحيران
حتى علا في عهدهم شأن الهدى
…
وانقض ركن الشرك في الأديان
أما العقائد إن ترد تحقيقها
…
عنهم بلا شك ولا كتمان
إن الإله مقدس سبحانه
…
رب عظيم جل عن حدثان
حقا على عرش السماء قد استوى
…
ويرى ويسمع فوق ست ثمان
يعطي ويمنع من يشاء بحكمة
…
في كل يوم ربنا ذو شان
خضعت لعزة وجهه وجلاله
…
حقا وجوه الخلق والأكوان
بل كل معبود سواه فباطل
…
من دون عرشه للثرى التَّحْتان
فاحذر توالى في حياتك غيره
…
من كل معبود ومن شيطان
واحذر طريقة أقوام قد افتتنوا
…
في حب أدنى أو خسيس فان
1 كذا في جميع النسخ، ولعه: لاستطار.
2 في "د": شناها.
3 كذا في المطبوع. وفي جميع السنخ: يبدوا.
واقطع علائق حبها وطلابها
…
إذ قطعوا فيها عرى الإيمان
لهفي عليهم لهفة من واله
…
متوجعا من قلة الأعوان
قد صاده المقدور بين معاشر
…
في غفلة عن نصرة الرحمان
واستبدلوا بعد الهدى طرق الهوى
…
لما عموا عن واضح البرهان
واقطع علاقة حبهم في ذاته
…
لا في هواك ونخوة الشيطان
واهجر مجالس غيهم إذ قطعوا
…
فيها عرى التوحيد والإيمان
لا سيما لما ارتضاهم جاهل
…
ذو قدرة في الناس مع سلطان
لما بدا جيش الضلالة هادما
…
ربع الهدى وشرائع الإحسان
قوم سكارى لا يفيق نديمهم
…
أبد الزمان/ يبوء/1 بالخسران
قوم تراهم مهطعين لمجلس
…
فيه الشقاء وكل كفر دان
بل فيه قانون النصارى حاكما
…
من دون نص جاء في القرآن
بل كل أحكام له قد عطلت
…
حتى الندا بين الورى بأذان
ويرون أحكام النبي وصحبه
…
في شرعه من جملة الهذيان
ويرون قتل القائمين بدينه
…
في زعمهم من أفضل القربان
والفسق عندهمو فأمر سائغ
…
يلو به الأشياخ كالشبان
والمنع في قانونهم وطريقهم
…
غصب اللواط كذاك والنسوان
فانظر إلى أنهار كفرٍ فجرت
…
قد صادمت لشريعة الرحمان
بل لا يزال لجريها بين الورى
…
من هالك متجاهل خوان
والله لولا الله ناصر دينه
…
لتفصَّمت فينا عرى الإيمان
فالله يجزي من سعى في سدها
…
من أمة التوحيد والقرآن
والله يعطي من يشاء بفضله
…
فوق الجنان عطية الرضوان
وكذا يجازي من سعى في رفعها
…
ما قد أعد لصاحب الكفران
1 في المطبوع: يعود.
يا رب واحكم بيننا في عصبة
…
شدوا ركائبهم إلى الشيطان
سلوا سيوف البغي من أغمادها
…
وسعوا بها في ذلة وهوان
واستبدلوا بعد الدراسة والهدى
…
بالقدح في صحب وفي إخوان
صرفوا نصوص الوحي عن أوضاعها
…
وسعوا بها في زمرة العميان
فتحوا الذرائع والوسائل للتي
…
يهوى هواها عابدو الصلبان
وسعوا بها في كل مجلس جاهل
…
أو مشحرك أو أقلف نصران
وقضوا بأن السير نحو ديارهم
…
في كل وقت جائز بأمان
لم يفقهوا معنى النصوص ولم يعوا
…
ما قال أهل العلم والعرفان
ما وافق الحكم المحل ولا هو اسـ
…
توفي الشروط فصار ذا بطلان
فادرأ بها نحرهم تلقى الهدي
…
وارجمهمو 1 بثواقب الشهبان
واقعد لهم في كل مقعد فرصة
…
واكشف نوابغ جهلهم ببيان
حتى يعود الحق أبلج واضحا
…
يبدو سنا للسالك الحيران
وقضوا بأن العهد باقي للذي
…
ولَّى الولاية شيعة الشيطان
تبا لهم من معشر قد أشربوا
…
حب الخلاف ورشوة السلطان
وقضوا له بالجزم أن متابه
…
قد هدّ ما /أعلى من البنيان/2
وطلابه للأمر والحرب الوبي
…
فعلى طريق العفو والغفران
قال جامع الرسائل: هذا آخر ما وُجد منها، فرحمه الله، وعفا عنه. وصلى الله على/ عبده ورسوله/3 محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
1 في "د": واجهموا.
2 جاء في هوامش جميع النسخ: "ما أبدا من البطلان". ولعها رواية.
3 ساقط في "ب"، و "ج"، و "د"، والمطبوع.