الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
به لكونه جزءًا من الفعل المأمور به. وكل منهي عنه فرد من أفراد نفس الفعل (1).
احتجوا بقوله تعالى: {أَقِيْمُواْ الْصَّلَاةِ} .
وجوابه: لو سَلِمَ عمومه فهو مخصوص بما ذكرناه فإنه لا قضاء بعد هذه الصلاة إجماعًا. قلنا: يسقط عندها لا بها، كما قال القاضي أبو بكر.
"
المسألة الرابعة
"
النهي لا يفيد الفساد عند أكثر الفقهاء ويفيده عند بعض أصحابنا. وقال أبو الحسين البصري: يفيده في العبادات دون المعاملات وهو المختار.
ومعنى الفساد في العبادات عدم الإِجزاء، وفي البيع مثلًا أنَّه لا يفيد الملك.
لنا: في العبادات أنَّه لم ياتِ بالمأمور به، لأن المنهي عنه لا يؤمر به لما سبق فلا يخرج عن العهدة، لأن تارك المأمور به يستحق العقاب.
احتجوا بوجوه:
أ - المنهي عنه قد يكون سببًا للخروج عن العهدة، كالصلاة في الثوب المغصوب.
ب - أن النهي وضع للزجر وعدم الإِجزاء، ليس هو ولا لازمه لجواز أن يقال: لا تصل في كذا وإذا صليت فيه صحت فلم يدل عليه (2) بلفظه ولا بمعناه.
(1) خلاصة اعتراض القاضي الأرموي على أدلة الإِمام في الرد على رأي الفقهاء، في جواز الصلاة في الدار المغصوبة. أن الإمام الرازي جعل الجهة المأمور بها منهي عنها، وهذا محل اتفاق بين المتكلمين والفقهاء، أنَّه لا يجوز أن يرد الأمر والنهي على فعل معين. والصلاة في الدار المغصوبة ليس شأنها كذلك. فالصلاة في الدار المغصوبة جزئي من جزئيات الصلاة المأمور بها. والأمر بالماهية ليس أمرًا بشيء من جزئياتها فلا تكون تلك الصلاة مأمورًا بها.
فلا مانع أن يرد عليها النهي وخلاصة الكلام: أن الأمر والنهي ليسا واردين على محلٍ واحد، بل الأمر متوجه للصلاة. وليس متوجهًا للدار المغصوبة. فلهذا يجوز أن يتوجه النهي إليها؛ لأنه ليس الأمر واردًا عليها؛ لأن الأمر شيء كلي ليس أمرًا بأفراده.
(2)
سقط من "أ" عليه.
جـ (1) - الصلاة في الأوقات المكروهة والوضوء بالماء المغصوب، منهي عنهما مع صحتهما.
الجواب عن:
أ - أن مماسة (2) البدن ليس جزءًا من الصلاة ولا مقدمةً لها. فالآتي بها آتٍ بالمأمور به بلا خلل.
ب - أن النهي دل على أن المنهي عنه غير المأمور به، والنص على أن عدم الإِتيان به لا يخرج عن العهدة، فدل النهي عليه بهذه الواسطة.
ج - أن متعلق النهي مجاور لمتعلق الأمر لما بينا.
ولنا في المعاملات: أن عدم إفادة الملك ليس معنى النهي، ولا لازمه لجواز أن يقال: لاتبع وإذا بعتَ أفاد الملك فلم يدل عليه لا بلفظه ولا بمعناه. فلأن قال هذا يشكل بالعبادات ثم نقول: يدل عليه بمعناه لوجهين:
الأول: إنه يدل على أن المنهي عنه معصية، والملك نعمة فناسب أن لا يناط به.
الثاني: النهي يدل على اشتمال المنهي عنه على المفسدة الخالصة أو الراجحة أو المساوية، فيكون الإِقدام عليه عبثًا، فيناسب الفساد وأصله المنهيات الفاسدة. ثم أنَّه معارض بوجوه:
أ - قوله عليه السلام: "من أدخل في ديننا ما ليس منه فهو رد"(3). والمنهي
(1) وجه الاستدلال بهذا الدليل: أنَّه لو اقتضى النهي الفساد لكان أينما تحقق النهي، تحقق الفساد. لكن في المثالين الواردين ثبت النهي مع الصحة. وهذا يدل على أن النهي لا يقتضي الفساد.
(2)
المقصود بمماسة البدن مماسة الثوب المغصوب للبدن وهو شيء مجاور للصلاة فليس جزءًا منها، ولا مقدمة لها، فلهذا لا تفسد الصلاة.
(3)
أخرجه أبو داود وابن ماجة والبيهقي عن عائشة، ورمز له السيوطي بالصحة ولفظه:"مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". وقال الطوخي هذا الحديث نصف أدلة الشرع لأن الدليل يتركب من مقدمتين. وهو مقدمة كبرى في إثبات كل حكم. وقال النووي ينبغي حفظه واستعماله في إبطال المنكرات. فيض القدير 6/ 36.