الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المسألة الثانية
دلالة الألفاظ لو كانت لذواتها لما اختلفت بالُأمم ولاهتدى إليها كل عاقل.
وخالف عباد (1) بن سليمان محتجاً بأنه لو لم يناسب الاسم معناه (2) لترجح الجائز بلا مرجح.
وجوابه: إن التخصيص من الله تعالى كتخصيص إيجاد العالم بوقت معين، ومن الناس كتخصيص الأعلام بالأشخاص.
ثم إن كان وضع الكل من الله تعالى وهو مذهب الأشعري وابن فورك (3) سمي توقيفياً. وإن كان من الناس وهو مذهب أبي هاشم (4) وأتباعه سمي اصطلاحياً. وقيل: في ابتداء اللغات لابدّ من اصطلاح (5) دون الباقي (6) وقيل: بالعكس وهو مذهب الُأستاذ أبي إسحاق (7).
(1) هو أبو سهل عباد بن سليمان الصيمري نسبة إلى صيمر آخر عراق العجم وهو من معتزلة البصرة. قيل إنه تزندق واختلف في وفاته والراجح أنها سنة 250 هـ ومذهبه كون اللفظ يفيد المعنى لذاته. لسان الميزان 3/ 229.
(2)
وفي "ب" مسماه بدل معناه.
(3)
هو أبو بكر محمد بن الحسن الأنصاري الأصولي المتكلم الفقيه الشافعي النحوي من تلاميذ البيهقي وأبي القاسم القشيري. له ما يقرب من مائة مصنف منها: تفسير القرآن ودقائق الأسرار وطبقات المتكلمين. قتله محمود بن سبكتكين عام 406 هـ.
له ترجمة في: وفيات الأعيان 1/ 61، طبقات ابن السبكي 3/ 52، شذرات الذهب 3/ 181، مرآة الجنان 3/ 17، كشف الظنون 6/ 60، معجم المؤلفين 9/ 208.
(4)
هو عبد السلام بن محمد بن عبد الوهاب تتلمذ على والده حتى فاقه وتنسب له البهشمية من المعتزلة. من آرائه في الُأصول: امتثال الأمر لا يوجب الإجزاء. له كتاب في الاجتهاد وكتب كثيرة في علم الكلام توفي عام 321 هـ.
له ترجمة في: وفيات الأعيان 1/ 361، الفهرست 247، معجم المؤلفين 5/ 230، روضات الجنان 7/ 291، طبقات الأصوليين 1/ 183.
(5)
وفي "هـ" الاصطلاح.
(6)
سقط من "ب، د" قيل.
(7)
هو إبراهيم بن محمد الإسفرائيني الملقب بركن الدين الفقيه الشافعي المتكلم الُأصولي.
شارك الباقلاني في الأخذ عن محمد بن أحمد الطائي صاحب أبي الحسن الأشعري. وعنه أخذ عبد الجبارين علي الأسفرائيني وعن أبي القاسم أخذ إمام الحرمين الجويني وعن إمام الحرمين أخذ حجة الإسلام الغزالي. قال ابن خلكان له رسالة في الُأصول، وله الجامع في =
وتوقف (1) جمهور المحققين في الكل، لأنه يمكن أن يخلق الله تعالى فيهم علماً ضرورياً بأن هذه الألفاظ وضعت لهذه المعاني. وبأن يضع الواحد اللفظ للمعنى ويعرفه غيره بإيماء أو إشارة ويساعده غيره عليه كتعليم الوالد لغته ولده. ولا جزم بواحد لضعف دليله فوجب التوقف.
حجة التوقف وجوه:
أ- قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} (2) دلّ أن الأسماء توقيفية فكذا الأفعال والحروف. لأنه لا قائل بالفرق، ولأن التكلّم بها وحدها متعذر، ولأنها إنما سمِّيت أسماء (3) لكونها علامة على معانيها.
ب- قوله تعالى: {إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا} (4). وإنما يصح الذم لو كان غيرها من الأسماء توقيفياً.
ج- قوله تعالى.: {وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ} (5) وليس المراد اختلاف تأليفاتها لأنه في غير الألسن أبلغ بل اختلاف لغاتها.
فى- إنه لا بدّ في الاصطلاح من تعريف الغير ما في الضمير بطريق يدل لا بالاصطلاح لئلا يتسلسل، بل بالتوفيق. وبه تمسك الُأستاذ لكنه قال هذا في الابتداء، أما في الدوام فقد يحصل اصطلاح، بل هو معلوم الوقوع.
= أُصول الدين في خمسة مجلدات.
ترجم له معجم المؤلفين 1/ 161، تبيين كذب المفتري 143، طبقات الشيرازي 106، طبقات ابن السبكي 3/ 111، وفيات الأعيان 1/ 4.
(1)
اختار جمهور المحقِّقين التوقف، بمعنى أنه جائز أن يكون الوضع من الله تعالى وحينئذٍ يسمى توقيفياً، وذلك للأدلة الواردة وأهمها:
- قوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} .وقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} .
وجائز أن يكون الوضع من الناس لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} وغير ذلك من الأدلة. ولذلك توقف جمهور المحققين ومنهم القاضي أبو بكر والإمام الرازي والقاضي البيضاوي (انظر نهاية السول 2/ 23).
(2)
[البقرة: 21].
(3)
في (ب، جـ، د) اسما.
(4)
[النجم: 23].
(5)
[الروم: 22].
هـ (1) - الاصطلاح يرفع الأمان عن الشرع (2) لجواز تبدل اللغات.
حجة الاصطلاح وجهان:
أ- قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ} (3) دلّ على تقدم اللغة على البعثة المتوقف عليها التوقيف.
ب- حصول التوقيف إما بخلق (4) الله تعالى علماً ضرورياً بوضعه هذه الألفاظ إما في غير عاقل وهو بعيد جداً أو في عاقل، وأنه يتضمن العلم به تعالى فيكون ضرورياً وأنه ينافي التكليف بمعرفته وإما بطريق آخر ولا يتسلسل بل ينتهي إلى الاصطلاح.
والجواب عن:
أ- إن التعليم هو الفعل الصالح لحصول العلم. يقال علّمته فما تعلم.
والإِقدار على الوضع كذلك. ثم العلم الحاصل بعد الوضع بإيجاده تعالى ولأن الاسم مشتق من السمو أو السمة. فما يكشف عن حقيقة شيء اسم وتخصيصه بالألفاظ لعُرفٍ طارئ. فلعله أراد بالأسماء الصفات من صلاحية المخلوقات للمصالح. سلّمنا أنه ينافي وضع آدم عليه السلام. لكنه لا ينافي
وضع مَن سبقه من خلق الله تعالى.
ب- إن الذم لاعتقاد تحقّق الإِلهية في الصنم.
جـ- المعارضة بمجاز آخر وهو الإِقدار على اللغات.
د- النقض بتعليم الولد ولده. سلّمنا توقيف لغة فلم تتعين هذه.
هـ- إن التغير لو وقع لاشتهر وسنجيب عن النقض بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم
وأمر الإِقامة في الأخبار.
و- منع توقف التوقيف على البعثة.
(1) من هنا بدأت مخطوطة ألمانيا.
(2)
وفي (أ)(من) بدل (عن).
(3)
[إبراهيم: 4].
(4)
وفي (ب، جـ) لخلق.