الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قالوا (1) وقعت منهم ذنوب وكل ذنب عندهم كفر. وأجازت الشيعة اظهار الكفر تقيةً. ولا تغيير (2) ما أنزل اليهم وإلَّا زال الوثوق بقولهم ولا الخطأ في الفتوى. وقيل بجوازهما سهوًا.
أما الذنب الفعلي. فقيل يجوز عليهم الكبيرة والحشوية (3) منهم قالوا بوقوعها. ومنع القاضي أبو بكر من وقوعها سمعًا. وقيل: لا تجوز عليهم كبيرة ولا صغيرة عمدًا ويجوز مؤولًا وقيل: ولا مؤولًا بل سهوًا، ويعاتبون به لاختصاصهم بزيادة المعرفة والتحفظ.
قيل: لا تجوز عليهم كبيرة وتجوز صغيرة عمدًا وخطًا ومؤولًا، إلا ما ينفر كالكذب والتطفيف، وهو قول أكثر المعتزلة. وعندنا أنه لا يقع منهم ذنب قصدًا وأما سهوًا، فقد يقع بشرط أن يتذكروه في الحال ويُنبهوا على كونه سهوًا.
المسألة الثانية
مجرد فعله عليه السلام يدل على الوجوب عند ابن سريج (4) والإصطخري (5) وابن خيران (6) وعلى الندب عند قوم وينسب إلى الشافعي.
= وما بعدها، المواقف 629، مقالات الإسلاميين 81، الملل والنحل للشهرستاني 1/ 114 - 138.
(1)
سقط من "أ، جـ، هـ" قالوا.
(2)
في "أ" ولا يعتبر. وهو تصحيف. والجملة معطوفة على قوله لا يجوز منهم الكفر.
(3)
أول من استعمل لفظ الحشوية عمرو بن عبيد يرمي بها بعض الصحابة وعلماء الحديث، وهم يقدسون العقل ويؤثرونه على النقل وانظر هامش صفحة 1/ 254 من هذا الكتاب.
(4)
انظر هامش 1/ 297 من هذا الكتاب.
(5)
هو أبو سعيد الحسن بن أحمد الإصطخري الشافعي، تولىٍ القضاء والحسبة، من آرائه الخاصة في الأصول. إن فعل الرسول المداوم عليه يكون واجبًا في حقه وحق أمته، توفي سنة 328 هـ، له ترجمة في الفهرست 300، تاريخ بغداد 7/ 268، وفيات الأعيان 1/ 161، البداية والنهاية 11/ 193، شذرات الذهب 2/ 312، طبقات الشافعية لابن السبكي
2/ 193.
(6)
هو أبو علي الحسين بن صالح بن خيران البغدادي من كبار فقهاء الشافعية، توفي سنة =
وعلى الإباحة عند مالك. وبتوقف في الكل عند الصيرفي وأكثر المعتزلة وهو المختار.
لنا: أنه (1) يجوز كون ذلك الفعل ذنبًا - إن جوَّزنا الذنب عليه - ومباحًا ومندوبًا وواجبًا عامًا وواجبًا مختصًا به فامتنع الجزم.
احتجوا على الوجوب بوجوه:
أ - قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ} (2). والأمر هو الفعل وحرمة المخالفة توجب الموافقة. وقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} (3) الآية، وهو وعيد على ترك التأسي به، وهو فعل مثل فعله وقوله (4) تعالى:{فَاتَّبِعُوهُ} وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} (5) والمتابعة فعل مثل فعل الخير. وقوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} (6). وما فعله أتاناه. وقوله تعالى: {أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} (7) وفاعلٍ مثل فعل الخير (8) طائع له.
وقوله تعالى: {فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا} (9) الآية. بيَّن أنه إنما زوجها منه ليكون حكم أمته مساويًا لحكمه فيه.
=320 هـ، انظر طبقات الشافعية لابن هداية 55، طبقات ابن السبكي 2/ 213، تذكرة الحفاظ 3/ 19، تاريخ بغداد 8/ 53، الكامل 8/ 84، شذرات الذهب 2/ 287، البداية والنهاية 11/ 171، النجوم الزاهرة 3/ 235، مرآة الجنان 2/ 280.
(1)
وفي "أ" لا يجوز.
(2)
[النور: 63].
(3)
[الأحزاب: 21]. وسقط من "أ" رسول الله.
(4)
سقط من "أ" قوله تعالى: {فَاتَّبِعُوهُ} .
(5)
[آل عمران: 31].
(6)
[الحشر: 7].
(7)
[النساء: 59].
(8)
سقط من "ب"(أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وفاعل مثل فعل الغير طائع له). وفي (د، هـ)(فعله) بدل (فعل الغير).
(9)
الأحزاب: 37،. وتمام الآية:{لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا} وموضع الشاهد في مقدمتها.
ب - رجعت الصحابة إلى فعله "في التقاء الختانين"(1) لما اختلفوا فيه.
و"واصلوا لما واصل"(2) وخلعوا نعالهم في الصلاة لما خلع (3).
وأمرهم بالتحلل بالحلق عام الحديبية فتوقفوا فشكا إلى أم سلمة (4) فقالت: اخرج إليهم فاحلق واذبح ففعل فحلقوا وذبحوا مسارعين (5).
وخلع خاتمه فخلعوا (6) وكان عمر رضي الله عنه يقبل الحجر الأسود ويقول: (إني أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك)(7) وقال عليه السلام لأم سلمة حين سألت عن قبلة الصائم: (ألا أخبرتيه أني أقبل وأنا صائم)(8) وهذا يدل على تقرير (9) وجوب العود إلى أفعاله عندهم.
(1) متفق عليه من حديث أبي هريرة بلفظ: "إذا جلس الرجل بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل" وزاد مسلم. وإن لم ينزل. وأخرجه أيضًا أحمد والنسائي وابن ماجه وأخرجه مسلم وغيره عن عائشة. انظر فتح الباري 1/ 395، الفتح الكبير 1/ 100.
(2)
أحاديث النهي عن الوصال في الصيام أخرجها البخاري ومسلم وغيرهما، وفي بعض طرقها ذكر سبب النهي أنه جماعة من الصحابة واصلوا لما واصل (فتح الباري 4/ 202).
(3)
رواه ابن حبان وعبد بن حميد وإسحاق بن راهويه وأبو يعلى وأبو داود من حديث أبي سعيد الخدري انظر (نصب الراية 1/ 208، سنن أبي داود 1/ 175).
(4)
أم سلمة بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله القرشية المخزومية. أم المؤمنين واسمها هند أمها عاتكة بنت عامر بن ربيعة، وكانت تحت ابن عمها أبي سلمة، مات عنها فتزوجها الرسول صلى الله عليه وسلم بعد أن اعتذرت بأنها غيورة، وبأنه ليس لها ولي وانها كبيرة دعا لها الرسول صلى الله عليه وسلم أن يذهب غيرتها وزوجها ابنها على الراجح سنة أربع من الهجرة، كانت قد هاجرت مع زوجها للحبشة، فولدت له هناك سلمة ثم هاجرت للمدينة، فولدت له فيها عمر ودرة وزينب، والراجح أنها ماتت في خلافة يزيد بن أبي سفيان بعد وقعة الحرة، انظر الإصابة 8/ 241، الاستيعاب 1939.
(5)
أخرج القصة البخاري وابن هشام وغيرهما، وهي طويلة جدًّا. انظر هداية الباري 1/ 178، فتح الباري 5/ 330.
(6)
أخرج الستة من حديث ابن عمر رضي الله عنهما. اصطنع رصول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ذهب فصنع الناس خواتم الذهب، ثم إنه جلس على المنبر فنزعه وقال: والله لا البسه أبدًا فنبذ الناس خواتمهم. انظر تيسير الوصول إلى جامع الأصول 2/ 133.
(7)
رواه الستة والحاكم. انظر نصب الراية 3/ 38، فتح الباري 3/ 462.
(8)
الحديث بهذا اللفظ لم اعثر عليه، ولكن معناه متفق عليه من رواية أم سلمة وعائشة وحفصة، انظر فتح الباري 4/ 252، صحيح مسلم 3/ 135.
(9)
في "أ"(تقرر) بدل (تقرير).
جـ - أن حمل فعله على الوجوب أحوط فوجب المصير إليه.
د- تعظيمه (1) عليه السلام واجب وفعل مثل فعله تعظيم له كما في العرف فيجب قياسًا عليه (2). والجواب عن الآية الأولى: أن الأمر حقيقة في القول فقط. سلمنا كونه حقيقة فيهما لكن حمله على القول أولى لقرينة ذكر الدعاء. سلمنا: لكنه أريد به القول إجماعًا، والمشترك لا يحمل على معنييه. سلمنا. لكن الهاء ضمير الله تعالى، لكونه أقرب وإن قال ورودها للحث على الرجوع إلىِ أقواله وأفعاله عليه السلام قرينة عود الضمير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيضًا لا امتناع في عوده إليهما. قلنا: العود إلى الله أيضًا مؤكد لذلك الحث وضمير الواحد لا يجوز عوده إليهما.
قلنا: العود إلى الله أيضًا مؤكد لذلك الحث وضمير الواحد لا يجوز عوده إلى اثنين. سلمنا عود الضمير إلى الرسول صلى الله عليه وسلم. لكن لا نسلم أن عدم فعل مثل فعله مخالفة له. فإن المخالفة لغة وإن كانت عدم فعل مثل فعل الغير لمضادتها الموافقة، وهي فعل مثل فعل الغير ولعدم قيام كل واحد من فعل مثل فعل الغير وعدمه مقام الآخر بوجه أصلًا، لكن الشرع زاد عليه وجوب الفعل المتروك، حتى لا يسمى ترك الحائض الصلاة مخالفة للمسلمين. وحينئذٍ بيان الوجوب بالمخالفة دورٌ وهو
جواب آية التأسي.
وعن آيتي (3) المتابعة: منع العموم فإنه يوجب وجوب الفعل علينا واعتقاد عدم وجوبه بتقدير (4) أنه لا يكون واجبًا عليه وأنه متناقض. وعن آية الإيتاء (5): أن المراد الأمر لقوله تعالى: {وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (6). لأنا بحفظ الأمر وامتثاله نصير كالأخذين له وهو كالمعطي.
(1) وذلك أخذ من قوله تعالى: {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ} .
(2)
سقط من (أ، ب)"عليه".
(3)
في "أ" آية المتابعة. والصواب آيتي وهما. قوله تعالى: {فَاتَّبِعُوهُ} وقوله تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي} .
(4)
في (أ، ب، جـ) وتقدير.
(5)
في (ب، د، هـ) الإتيان والصواب الإيتاء، لأنه مصدر آتى بمعنى أعطى.
(6)
"عنه فانتهوا" موجودة في (هـ) فقط.
وعن آية الطاعة (1): أنها موافقة الأمر أو الإرادة (2) وإثباتهما (3) بالفعل وعن آية زيد: أنها تنفي الحرج عن فعل مثل فعله ولا يلزم منه الوجوب.
ب - أنه خبر واحد ولا يفيد العلم ولهم اثبات الظن به ثم الوجوب بالظن سيأتي في القياس، ولأن أكثر هذه الأخبار ورد في الصلاة والحج، فلعله عليه السلام كان يُبيِّن لهم مساواته اياهم فيها. قال عليه السلام:"صلوا كما رأيتموني أصلي"، "خذوا عني مناسككم"(4). ومسألة التقاء الختانين وتقبيل الحجر منه. وأما الوصال فلما قصدوا به إتيان الواجب كما في الصوم أنكر عليهم، ولا يعلم أنهم خلعوا نعالهم وجوبًا. وأيضًا يحتمل أنهم اعتقدوا وجوب الخلع عليهم (5) لتقدم قوله تعالى: {خُذُوا
زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} (6) اذ لا يترك مأمور به إلَّا لأمرٍ. كيف؟ وقد أنكر عليهم. ولما عللوا بفعله قال: أن جبريل أخبرني أن فيها أذى وذلك ينفي وجوب اتباعه ما لم يعرفوا وجه وقوعه.
جـ - منع الاحتياط باحتمال حرمة الفعل على الأمة.
د - أن ترك مثل فعل الملك قد يكون تعظيمًا له.
احتجوا على الندب بوجوه:
أ - آية الأسوة فإن قوله: (لكم) ينفي الوجوب. وقوله: (أسوة حسنة) ينفي الإباحة.
(1) آية الطاعة هي قوله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} المتقدمة والجواب عن الاستدلال بها، أنه يمتنع توقف وجوب الفعل على الطاعة، لأن الطاعة متوقفة على وجوب الفعل للزوم الدور.
(2)
في (أ، جـ)"إذ" بدل "أو".
(3)
في "أ"(وإتيانهما) بدل (إثباتهما).
(4)
عند تخريج الحديثين في صفحة 1/ 419 من هذا الكتاب.
(5)
في "هـ" عليه.
(6)
[الأعراف: 31].