المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌رحلاته في طلب العلم والوظائف التي شغلها - التحصيل من المحصول - جـ ١

[السراج الأرموي]

فهرس الكتاب

- ‌ترجَمَة المؤلّف

- ‌نَسَبهُ وَمَولدهُ وَنشْأته

- ‌رحْلَاته في طَلَب العِلْم وَالوَظائِفُ الّتي شَغَلَهَا

- ‌عُلومُه وَمَنزلَتُهُ بَيَن العُلَماء

- ‌وَفَاتُهُ

- ‌شيوُخه

- ‌تَلاميذهُ

- ‌مؤَلَّفَاتُ القَاضي سِرَاجِ الدّين الأَرمَوي بوَجهٍ عَام

- ‌1 - مطالع الأنوار في المنطق والحكمة

- ‌2 - شرح الإِشارات والتنبيهات في المنطق والحكمة

- ‌3 - بيان الحق في المنطق والحكمة ذكره صاحب كشف الظنون

- ‌من اشتغل بالمحصول للإِمام فخر الدين الرَّازيّ بالشرح أو الاختصار

- ‌ الكتاب

- ‌تنبيهات

- ‌كتَابُ التّحْصِيل وعَدَدُ نُسُخهَ الموَجُوَدَة وَمَكان وُجُودهَا وَصفَتها

- ‌عَلَاقة كِتَاب التَّحْصِيل بِمَا تقدّم عَلَيْه منْ كتُب الأصُول

- ‌1 - التشريع قبل تدوين علم أصول الفقه

- ‌2 - الشافعي واضع علم الأصول

- ‌3 - علم الأصول في القرنين الثالث والرابع الهجريين ومن ورد ذكره في التحصيل من أصولي هذين القرنين

- ‌4 - علم الأصول في القرنين الخامس والسادس الهجريين وذكر من وردت آراؤهم في كتاب التحصيل من الأصوليين

- ‌الكتُبُ الّتي تأثّرَت بالتّحصِيل

- ‌مَسْلَكُ القَاضِي سِرَاج الدّين الأَرمَويّ في الاخِتِصَار وَمَدَى إلتزامه بآراء الإِمَام فخر الدّين الرّازي

- ‌ الخاتمة

- ‌مراجع القِسم الدّراسي

- ‌المراجع غير العربيّة

- ‌الكَلَام في المقَدِّمَات

- ‌المقدمة الأولى

- ‌(المقدمة) الثانية

- ‌تنبيهان

- ‌(المقدمة) الثالثة

- ‌(المقدمة) الرابعة

- ‌التقسيم الأول:

- ‌ التقسيم الثاني

- ‌(التقسيم) الثالث

- ‌(التقسيم) الرابع

- ‌(التقسيم) الخامس

- ‌(التقسيم) السادس

- ‌(المقدمة) الخامسة

- ‌(المقدمة) السادسة

- ‌الكَلَام في اللّغَات

- ‌الفصل الأول في أحكامها الكلية

- ‌ المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌المسألة الثالثة

- ‌المسألة الرابعة

- ‌المسألة الخامسة

- ‌ الفصل الثاني" في تقسيم الألفاظ

- ‌ الفصل الثالث" في الأسماء المشتقة

- ‌المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ الفصل الرابع" في الترادف والتوكيد

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ الفصل الخامس" في الاشتراك

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ الفصل السادس" في الحقيقة والمجاز

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ المسألة التاسعة

- ‌ المسألة العاشرة

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ المسألة التاسعة

- ‌ المسألة العاشرة

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ الفصل التاسع"" في كيفية الاستدلال بالخطاب

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثَّانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌الكلَام في الأوامِر وَالنّواهي

- ‌ الفصل الأول"في المقدمات

- ‌ المقدمة الأولى

- ‌ المقدمة الثَّانية

- ‌ المقدمة الثالثة

- ‌ المقدمة الرابعة

- ‌ المقدمة الخامسة

- ‌ المقدمة السادسة

- ‌ المقدمة السابعة

- ‌ الفصل الثاني"في المباحث اللفظية

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثَّانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ المسألة التاسعة

- ‌ المسألة العاشرة

- ‌ الفصل الثالث " في المباحث المعنوية

- ‌ النظر الأول

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ النظر الثاني " في أحكام الوجوب وفيه مسائل

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ النظر الثالث " في المأمور به وفيه مسائل

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ الفصل الرابع " في المناهي

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌الكَلَام في العُمُوم وَالخصُوص

- ‌ الفصل الأول " في ألفاظ العموم

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ المسألة التاسعة

- ‌ المسألة العاشرة

- ‌ المسألة الحادية عشرة

- ‌ المسألة الثانية عشرة

- ‌ المسألة الثالثة عشرة

- ‌ المسألة الرابعة عشرة

- ‌ المسألة الخامسة عشرة

- ‌ المسألة السادسة عشرة

- ‌ المسألة السابعة عشرة

- ‌ الفصل الثاني " في الخصوص

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ الفصل الثالث" في مخصص العام المتصل به

- ‌الأول: الاستثناء

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌الثاني الشرط:

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ الثالث "الغاية:

- ‌ الرابع"الصفة:

- ‌ الفصل الرابع " في مخصص العام المنفصل

- ‌الأول: العقل

- ‌الثاني: الحس

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ الفصل الخامس" في بناء العام على الخاص

- ‌ الحالة الأولى: أن يعلم تقارنهما

- ‌ الحالة الثانية: أن يعلم تأخر الخاص

- ‌ الحالة الثالثة: أن يعلم تأخير العام

- ‌ الحالة الرابعة: أن لا يعلم التاريخ

- ‌ الفصل السادس" فيما يظن أنه من المخصصات

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ المسألة الثامنة

- ‌ المسألة التاسعة

- ‌ المسألة العاشرة

- ‌ الفصل السابع " في حمل المطلق على المقيد لا يحمل عليه إن اختلف حكمهما وإن تماثل حكمهما

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌الكلام فى المُجمَل والمبَيَّن

- ‌المقدمة في تفسير ألفاظٍ أطلقت في هذا الباب

- ‌ الفصل الأول" في المجمل

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ المسألة السابعة

- ‌ الفصل الثاني" في المبيَّن

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

- ‌ المسألة الخامسة

- ‌ المسألة السادسة

- ‌ الفصل الثالث " في وقت البيان

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌ الفصل الرابع" في المبيَّن

- ‌ المسألة الأولى

- ‌ المسألة الثانية

- ‌الكَلَام في الأَفعَال

- ‌ المسألة الأولى

- ‌المسألة الثانية

- ‌ المسألة الثالثة

- ‌ المسألة الرابعة

الفصل: ‌رحلاته في طلب العلم والوظائف التي شغلها

وتحقيق المذاهب، وبين طريقة فخر الِإسلام البزدوي علي بن محمد بن الحسين بن عبد الكريم، المكنى بأبي العسر في كتابه الذي عني فيه بالشواهد الجزئية الفرعية، وقد افتتح ابن الساعاتي كتابه هذا بعبارة لطيفة وهي: (قد منحتك أيها الطالب لنهاية الوصول إلى علم الأصول هذا الكتاب البديع في معناه المطابق اسمه لمسماه لخصته لك من كتاب الأحكام ورصعته بالجواهر النقية من أصول فخر الِإسلام، فإنهما البحرانْ المحيطان بجوامع الأصول الجامعان لقواعد المعقول والمنقول. هذا حاوٍ للقواعد الكلية

الأصولية وذلك مشمول بالشواهد الجزئية الفرعية).

‌رحْلَاته في طَلَب العِلْم وَالوَظائِفُ الّتي شَغَلَهَا

ذكرت بأن القاضي سراج الدين محمود بن أبي بكر الأرموي، قد ولد في أرمية من أعمال أذربيجان عام 594 هـ. في وقتٍ كان حاكم بلدته ضعيف الشخصية عديم المسؤولية. عازفاً عن الجد إلى اللهو والعبث. وقد زار بلدته أرمية في هذه الآونة العلاّمة ياقوت الحموي (1)، صاحب معجم

البلدان فوصفها لنا وصفاً دقيقاً، وذكر من خيراتها وجمالها ما ذكر مع الِإهمال وعدم رعاية الجانب من قبل السلطان. "إزبك بن البهلوان بن إيدكز".

أما تفاصيل حالة أسرته العلمية والمادية وطبقتهم الاجتماعية، فلم أجد فيما اطلعت عليه من المراجع العربية والفارسية ما يكشف عنها. سوى أن بعض المراجع ذكرت أنه تلقى مبادئ العلوم في بلدته أُرمية، ولعله يوجد في المستقبل من يكشف لنا عن مزيدٍ من تفاصيل حياة القاضي الأرموي رحمه الله إذا استقصى الكتب الفارسية، لأن معظم أخباره وجدتها فيها.

ولا أبيح لنفسي أن أرسم في ذهني شخصاً وأسرة ثم أبدأ في إطلاق الأوصاف جزافاً، وأعوذ بالله أن أقول ما لا أعلم. وإنني وصلت في بحثي عن حال القاضي الأرموي وآثاره لا إلى طريق مسدود، بل إلى طريق شاق وصعب بالنسبة لي، حيث إنني لا أعرف اللغة الفارسية والتركية. ومن يعرف

(1) معجم البلدان 1/ 159.

ص: 23

هاتين اللغتين بلا شك سيصل إلى ما لم أصل إليه، وسيعرف ما لا أعرف عن أحواله وتفاصيل صفاته. وكذلك لا أدري كم المدة التي قضاها من عمره في أحضان بلدته وأكناف أسرته وعشيرته وكل ما وجدته أن محقق كتابه لطائف الحكمة، المطبوع أخيراً باللغة الفارسية في إيران أنه قال: العله فرَّ أمام

الزحف التتاري كسائر العلماء). وجيوش التتار قد وصلت في زحفها إلى بلاد أذربيجان كما في كتاب الكامل لابن الأثير (1). عام 617 هـ حيث فر أمامها حاكم تلك البلاد إزبك بن البهلوان، ولكن لم تسقط في أيديهم حيث دخلت تحت وطأة التتار في عام 654 هـ فيما بعد.

وذكرت كتب التراجم أنه هاجر من بلده طلباً للعلم، متوجهاً تلقاء كعبة العلم آنذاك، وموسوعة المعارف كمال الدين موسى بن يونس بن منعة الكردي في الموصل، المتوفى عام 639 هـ، والذي كان يتقن أربعةً وعشرين فناً على ما في طبقات ابن السبكي (2)، وكان يشرح لليهود والنصارى التوراة والِإنجيل أحسن من أحبارهم، ولازمه القاضي سراج الدين الأرموي، وخدمه حباً في العلم فترة من الزمن فيظن أن تحصيله العلمي الذي أكسبه هذه الشهرة كان في الموصل، ويغلب على الظن أنه قد تهيأ له أيضاً، الأخذ عن علماء الموصل الآخرين الذين كانت تعج بهم الموصل آنذاك، وخاصةً آل منعة بيت العلم والفضل، ولا ندري هل هجر بلده مع أسرته أم وحيداً فريداً، لأنه فيما اطلعنا عليه لم نجد أنه رجع لزيارة بلده والله أعلم.

غرف القاضي الأرموي- رحمه الله من بحور معارف كمال الدين بن يونس العقلية والشرعية ما شاء الله له أن يغرف، حتى ارتوى وتضلع من تلك العلوم وقد ورد في سيرة كمال الدين بن يونس، أنه لما وصلت كتب فخر الدين الرازي درسها وشرحها ولم يعرف أحد مصطلحاته إلا هو والذي يغلب على الظن أن القاضي الأرموي- رحمه الله ممن استمع لهذه الشروح، ولعل هذا هو سبب تعلق القاضي سراج الدين الأرموي- رحمه

(1) الكامل لابن الأثير طبع الاستقامة 9/ 329.

(2)

طبقات ابن السبكي 5/ 158.

ص: 24

الله- بكتب الِإمام فخر الدين الرازي، وخاصة المحصول وكتاب الأربعين فاختصرهما، والذي يظهر أن القاضي الأرموي لم يغادر الموصل، إلا وقد بلغ مبلغ العلماء، وأتقن الفنون وذاع صيته وظهرت شهرته. وهذا نجده واضحا جلياً في استقبال حاكم ملطية له، علاء الدين كيقباذ السلجوقي، الذي تربّع على كرسي الحكم بعد موت أخيه عز الدين بن كيكاوس بن كيخسرو بن قلج السلجوقي سلطان قونية وأقصرا وملطية. وقد وجدنا قصة استقباله له في كتاب مطبوع بالفارسية يسمى مناقب (1) أوحد الدين حامد بن أبي الفخر الكرماني، المتوفى سنة 635 هـ في مدينة ملطية. ومطبوع في

طهران سنة 1347 هـ وخلاصة ترجمة القصة: أن القاضي سراج الدين الأرموي قد قدم إلى ملطية من مصر، قاصداً التشرف والتقرب من الشيخ أوحد الدين الكرماني. وكان ذلك في عهد علاء الدين كيقباذ الذي استقبله بنفسه، ورحب به ترحيباً يليق بجلالة قدره وعظيم منزلته، واستفسر منه عن

مراده من الحضور، فلما أجابه وكشف عن رغبته التقرب من الشيخ أوحد الدين الكرماني استنكر ذلك واستغربه وقال له: إن ملطية لا تليق بمقام القاضي سراج الدين الأرموي، ولا تتسع إلى طموحه وعلومه التي في حاجة لها المدن الكبيرة ثم أسكنه مدرسةً أمام الجامع وعينه مدرساً فيها. وما هذا

إلا لشهرة الأرموي- رحمه الله وفي مناقب أوحد الدين الكرماني وردت قصص أخرى عن ملازمته للشيخ أوحد الدين الكرماني وإعجابه به، والتقائه مع عالم من علماء الكلام والهيئة والحكمة وإقليدس والمنطق والنجوم والرياضيات هو جمال الدين الواسطي، الذي توفي قبل أوحد الدين الكرماني، ولكن لم نعثر على ترجمة له في كتب التراجم.

وكما يظهر من هذه الرواية أن القاضي سراج الدين الأرموي قد زار مصر قبل ملطية، ولكن لا نعلم كم مدة أقام سواء في مصر أو في ملطية.

وبلغنا من كتاب مفرج الكروب (2) في أخبار بني أيوب الذي ألفه صديقه

(1) مناقب أوحد الدين الكرماني من 91 - 95.

(2)

مفرج الكروب 4/ 247.

ص: 25

وقرينه جمال الدين محمد بن سالم بن نصر الله بن سالم بن واصل الحموي الشافعي، قاضي القضاة المتوفى 697 هـ أن القاضي سراج الدين الأرموي قد بعثه الملك الصالح نجم الدين أيوب إلى الانبراطور الذي صالحه الملك الصالح نجم الدين على تسليم بيت المقدس للنصارى، وأقام سراج الدين عنده مكرماً مدةً، وصنف له كتاباً في المنطق، وأحسن إليه الانبراطور إحساناً كبيراً، وعاد سراج الدين الأرموي للملك الصالح منعماً.

وهذه القصة إن دلت على شيء إنما تدل على منزلة القاضي الأرموي رحمه الله حيث إنه في هذه السن المبكرة وصل إلى أن يكون سفيراً لملك بني أيوب.

ثم بعد ذلك يظهر لنا أن الركائب قد أناخت به في دمشق الشام ملتقى العلماء، والتي شهدت من العلماء ما لم تشهده مدينة أخرى في هذا القرن بلا نزاع، والذي يبدو لي من نسخ كتابه التحصيل أنه صنف كتابه التحصيل في دمشق، حيث إن معظم النسخ قد أثبتت في آخرها أنها دُونت في دمشق

الشام، وكانت الشام في هذه الفترة تحت سلطان بني أيوب. ثم ربما سافر خلال مدة إقامته في دمشق إلى بلاد أخرى، وقد ذكر المقريزي في كتاب السلوك (1) لمعرفة دول الملوك، أن القاضي سراج الدين الأرموي قد قدم إلى مصر، وكان ذلك برفقة الملك السلطان المعظم غياث الدين توران شاه بن الصالح نجم الدين أيوب بن الكامل محمد بن العادل، المتوفى 648 هـ، عندما طلبت منه زوجة أبيه شجرة الدر الحضور لتولي الأمر لموت أبيه، وكان برفقته أيضاً سلطان العلماء عز الدين بن عبد السلام وبهاء الدين بن الجميزي وبعض العلماء، وحدث بينهم مناظرات ومباحثات فقهية منها في 2 ذي الحجة سنة 647 هـ، وكان موضع الحديث قوله- صلى الله عليه وسلم:"نعم العبد صهيب لو لم يخف الله لم يعصه"(2).

(1) كتاب السلوك لمعرفة دول الملوك 2/ 354.

(2)

قال العجلوني في كشف الخفا: 2/ 323، اشتهر هذا الأثر في كلام الأصوليين وأصحاب المعاني وأهل العربية من قول عمر وبعضهم رفعه. ونقل عن السخاوي في المقاصد الحسنة أنه قال: ظفر به ابن حجر في مشكل الحديث لابن قتيبة من غير إسناد. وورد في بعض =

ص: 26