الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"
الفصل الثالث" في الأسماء المشتقة
وفيه مسائل
المسألة الأولى
قال الميداني (1): الاشتقاق (2) أن تجد بين اللفظين تناسبًا في المعنى والتركيب فتردّ أحدهما إلى الآخر.
وأركانه: اسم وضع لمعنى. وآخر له نسبة إلى ذلك المعنى.
ومشاركتهما في الحروف الأصلية. وتغير يلحق ذلك الاسم في حرف أو حركة أو فيهما بزيادة أو نقصان أو بهما.
"
المسألة الثانية
" (3)
لا يصدق المشتق بدون المشتق منه لاستحالة الكل بدون الجزء.
(1) هو أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم الميداني النيسابوري ولد ونشأ وتوفي بنيسابور عام 518 هـ كان من أئمة اللغة والأدب والنحو. له الأمثال والسامي في الأسامي ونزهة الطرف في علم الصرف.
له ترجمة في: وفيات الأعيان 1/ 46، بنية الوعاة 155، الأعلام 1/ 208، روضات الجنات 1/ 291، معجم الأدباء 2/ 107، البداية 12/ 194، مرآة الجنان 3/ 223، نزهة الألبا 466.
(2)
وعرفه الجرجاني ص 21 أنه (نزع لفظ من آخر بشرط مناسبتهما معنًى وتركيباً ومغايرتهما في
الصيغة).
(3)
منشأ الخلاف في هذه المسألة مسألة كلامية راجعة لصفات الله تعالى وهي أن أبا علي وأبا هاشم الجبائيين المعتزليين يقولان إنَّ عالمية الله تعالى واجبة له سبحانه وليست معللة بالعلم.
لأن الواجب لا يعلل بالغير. وذلك تبعًا لشبهتهم في إنكار صفات الله تعالى حيث قالوا: لو اتصف الباري بها فإن كانت حادثةً لزم أن يكون الباري سبحانه محلًا للحوادث. وإن كانت قديمة لزم تعدّد القدماء. فمَن أثبت الذات مع الصفات الثمان التي تثبتها الأشاعرة كان كفره =
وجوّزه أبو علي (1) وأبو هاشم. إذ قالا العلم والقدرة والحياة (2) معانٍ توجب العالميَّة والقادِريَّة والحيية الثابتة لله تعالى دونها.
ولا بدون (3) بقائه خلافًا لأبي علي بن سينا (4) وأبي هاشم. إذ يصدق بعد الضرب أنه ليس بضارب لصدق الأخص منه وهو قولنا ليس بضارب في الحال
= أعظم من كفر النصارى بثلاث مرات لأن النصارى قالوا: إن الله ثالث ثلاثة.
وقد أجاب الإِمام فخر الدين الرازي رحمه الله عن شبهتهم وآرائهم في صفات الله تعالى جوابًا شافيًا في كتابه الأربعين. والذي دفعنا للإشارة لهذه المسألة الكلامية هو تعلقها بهذه المسألة اللغوية. ومما يجدر الإشارة إليه أن المعتزلة يعللون العالمية بالنسبة للمخلوق بالعلم.
(1)
هو محمد بن عبد الوهاب بن سلام بن خالد بن حمران المعروف بالجبائي أحد أئمة المعتزلة والمتكلمين أخذ عنه أبو الحسن الأشعري ولد عام 235 هـ، وتوفي عام 303 هـ. له: مقامات المعتزلة. والرد على أهل السنة.
ترجم له وفيات الأعيان 4/ 267، الأنساب 1/ 121، مفتاح السعادة 2/ 165، مرآة الجنان
2/ 241، الجبائيان لعلي فهمي خشيم 57.
(2)
وفي "أ، ب، د"، الحيوية.
(3)
كان اختصار الأرموي هنا مخلًّا وذلك أنه دمج مسألتين في مسألةٍ واحدة.
فالمسألة الأولى: هي الاختلاف في صدق المشتق بدون المشتق منه وارتضى الأرموي تبعًا للرازي عدم صدق المشتق دون المشتق منه لاستحالة صدق الكل بدون الجزء وخالفه في ذلك الجبائيان أبو علي وأبو هاشم.
والمسألة الثانية: بقاء وجه الاشتقاق هل هو شرط لصدق المشتق أم لا. ونقل الأرموي عن الرازي أنه شرط. وخالف في ذلك أبو علي بن سينا وأبو هاشم الجبائي المعتزلي. فيكون بداية المسألة الثانية من قوله: (ولا بدون بقائه) ونظرًا لترابط المسألتين أراد الأرموي حرصاً على الاختصار جعلهما مسألة واحدة فحدث الالتباس للناظر فيها لأول وهلة. وقوله: (ولا بدون بقائه) معطوف على قوله: (لا يصدق المشتق بدون المشتق منه).
واعلم أن المشتق إن أطلق باعتبار الحال أو كان المعنى موجودًا حال الإطلاق فهو حقيقة بالاتفاق. وإن كان باعتبار المستقبل كقوله تعالى: {إنك ميت} فهو مجاز بالاتفاق. فإن كان باعتبار الماضي ففيه الاختلاف المذكور.
انظر المحصول 1/ 1/ 329، ونهاية السول 1/ 205.
(4)
هو أبو علي الحسين بن عبد الله بن الحسن بن علي بن سينا البلخي الفيلسوف ويلقب بالشيخ
الرئيس. له من الكتب: القانون، تقاسيم الحكم، لسان العرب، الموجز في المنطق، ديوان شعر. توفي عام 428 هـ.
له ترجمة: في الملل والنحل للشهرستاني 2/ 159، ومرآة الجنان 3/ 47، عيون الأنباء ص 437.
فلا يصدق قولنا ضارب. لأن استعمال أهل اللغة كل واحد منهما لتكذيب الآخر يدل على عدم تناقضهما وتناولهما لزمان معين. وإذ ليس هو غير الحاضر وفاقًا فهو عينه.
ولقائل أن يقول (1): لا نسلم أن قولنا ليس بضارب في الحال سلبٌ أخصٌ بل سلبُ أخصٍ كقولنا: الحمار ليس بحيوان ناطق. ثم لا نسلم تناولهما للزمان الحاضر. إذ الفرق بين قولنا ضارب وبين قولنا ضارب في الحال معلوم بالضرورة من أهل اللغة. وكذا في السلب. وهذا يصلح ابتداء دليل في المسألة. وإنما يستعملان في التكاذب عند توافق المتخاطبين على إرادة (2) زمان معين حاضر أو غيره. ثم إنه معارض بما أنه يصدق في الحال أنه ضارب في الماضي وأنه أخص من قولنا ضارب فليصدق.
ولهما وجوه:
أ- صحة تقسيم الضارب إلى الضارب في الماضي والحال.
ب- اتفاق أهل اللغة على أن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الماضي لا يعمل عمل الفعل إذ يدل على جواز إطلاقه بمعنى الماضي والأصل فيه الحقيقة.
جـ - لو شرط البقاء لما كان اسم المخبر والمتكلم حقيقة إذ لا يوجد معناهما دفعة ولا اسم المؤمن عندما لا يكون الشخص متلبسًا بمعنى الإِيمان.
والجواب عن:
أ- النقض بصحة تقسيمه إلى الحال والمستقبل.
ب- المعارضة باتفاقهم على أنه إذا كان بمعنى المستقبل عمل عمل الفعل.
(1) ملخص اعتراض القاضي الأرموي رحمه الله على دليل الإِمام الذي رد به على ابن سينا وأبي هاشم. وهو قوله إن الضارب في الحال أخص من مطلق الضارب فقولنا ليس بضارب في الحال نفي للأخص ولا يلزم من نفي الأخص نفي الأعم فلا يلزم من صدقه صدق ليس بضارب. كقولنا: الحمار ليس بحيوان ناطق فإنه صادق على أنه لا يصدق قولنا: إنه ليس بحيوان.
(2)
سقط من "أ، جـ، د" إرادة.