الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الصيام
هو لُغةً: الإمساكُ.
وشَرْعًا: إمساكٌ عن المفطِّرِ على وجهٍ مخصوصٍ.
قال اللَّهُ عز وجل: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} وقال تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} .
وهو أحدُ (1) أركانِ الإِسلامِ.
* * *
(1) في (ل): "صوم رمضان" وذكر ناسخ (ظا) أنه في نسخة: "وصوم شهر رمضان".
* ولِصحَّةِ الصَّومِ مُطْلَقًا أربعُ شرائطَ (1):
(1)
الإسلامُ.
(2)
والتمييزُ.
(3)
والنقاءُ مِن الحَيضِ والنِّفاسِ.
(4)
وقابليةُ الوقتِ، فلا (2) يصحُّ صومُ الكافرِ، والمجنونِ، والصبيِّ الذي لا يُميِّزُ، ومَنِ استغرقَ في الإغماءِ يومَه، ولا الحائضِ والنُّفَساءِ، ولا الصومُ في الليلِ، ولا في الأيامِ المُحرَّمةِ، ورمضانُ لا يُقبَلُ صومُ غيرِه فيه.
* * *
* ولِوجوبِ صَومِ رمضانَ خمسُ شرائطَ (3):
(1)
البلوغُ.
(2)
والعقلُ.
(3)
والإِسلامُ -على معنى أنَّا لا نُطالِبُ الكافرَ الأصليَّ بفِعْلِه طَلبَه مِن المسْلِمِ، ولا بِقضَاءٍ، ولا كَفَّارةٍ، وإلا فالكافِرُ الأصليُّ مخاطَبٌ بفُروعِ
(1) المحاملي في "اللباب"(ص 188)، الغاية القصوى 1/ 410، عمدة السالك 85، التذكرة 76، فتح المنان 217.
(2)
في (ل): "ولا".
(3)
المحاملي في "اللباب"(ص 188)، التنبيه 65، الغاية والتقريب 25، المقدمة الحضرمية 112، المنهاج القويم 112.
الشريعةِ على الأصحِّ (1)، والمرتدُّ يقضِي إذا أَسْلمَ (2).
(4)
والإمكانُ (3)؛ فلا يجبُ على مَن لا يُطيقُه.
(5)
والنقاءُ مِنَ الحَيضِ والنِّفاسِ، وهلْ يقالُ: هو واجبٌ على الحائضِ والنُّفَساءِ حالةَ المانعِ؟ وجهانِ، أصحُّهما: لا.
ولِتَحَتُّمِه (4) مع ما سبقَ: عدمُ المرضِ والسفرِ المبيحَينِ للفِطْرِ.
* * *
* ضابطٌ: المعذُورونَ في الإفطارِ مِن المسلمِينَ البالغِينَ أربعةُ أقسامٍ:
* قِسمٌ عليهم القضاءُ دُونَ الكفَّارةِ، وهُم الحائضُ والنُّفَساءُ والمسافرُ
(1) هذه المسألة لها أدلة كثيرة معرفة في مظانها، ومما استحسنته استدلال الرازي في تفسيره بقوله تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} على هذه المسألة، فقد قال في "تفسيره" (32/ 304): تدُل الآيةُ على أن الكافر لهُ مزيدُ عُقُوبةٍ بسبب إقدامه على محظُورات الشرع وتركه لواجبات الشرع، وهُو يدُل على صحة قول الشافعي: إن الكُفار مُخاطبُون بفُرُوع الشرائع.
(2)
قال النووي في "المجموع"(3/ 6): قال الشافعي والأصحاب: يلزم المرتد إذا أسلم أن يقضي كل ما فاته في الردة أو قبلها، وهو مخاطب في حال الردة بجميع ما يخاطب به المسلم، وإذا أسلم لا يلزمه إعادة ما كان فعله قبل الردة من حج وصلاة وغيرهما، واللَّه أعلم.
(3)
الإمكان: الطاقة والقدرة على الصوم.
(4)
في (ل): "ولنختمه".
سفرَ القصرِ، والمريضُ (1).
وتَختصُّ الحائضُ والنُّفساءُ بوجوبِ الإفطارِ، وعدمِ صحةِ الصومِ كما تقدَّمَ (2)، والمُغمَى عليه لا يَصحُّ منه (3)، وعليه القضاءُ.
* وقِسمٌ عليهمُ الكفارةُ دون القضاءِ، وذلك في الشَّيخِ والشَّيخةِ؛ لا يُطيقانِ الصومَ (4).
* وقِسمٌ عليهم الكفارةُ والقضاءُ، وذلك في الحاملِ والمُرضعِ (5)، إذا أفطرتَا للخوفِ على الولدِ، ومَن أفطرَ لإنقاذِ غريقٍ ونحوِه، ومؤخِّرُ قضاءِ رمضانَ مع الإمكانِ حتَّى يَدخلَ رمضان آخَرُ لكنْ تأخيرُه بغيرِ عُذرٍ.
* وقِسمٌ لا قضاءَ ولا كفارةَ، وذلك في المجنونِ.
* * *
* قاعدةٌ:
لا تَجتمعُ الفديةُ والقضاءُ عندنا إلَّا في القِسمِ الثالثِ، ومَن أَفسدَ صومَ
(1) المحاملي في "اللباب"(ص 192) والروضة 2/ 370.
(2)
الحائض والنفساء يحرم عليهما الصوم، ولا يصح منهما، وقد نقل النووي في المجموع 6/ 257 الإجماع على ذلك.
(3)
"منه": سقط من (ل).
(4)
المحاملي في "اللباب"(ص 192) و"المنثور" 3/ 75، ومختصر قواعد الزركشي 609.
(5)
يعني على أحد القولين كما عند المحاملي في "اللباب"(ص 193).
رمضانَ بالجِماع (1)، ونَظيرُه في الحَجِّ: مَنْ (2) أَفسدَ نُسُكَهُ بالجِماعِ، ومَن فاته الحجُّ، ومؤخِّرُ رمْي يومٍ إلى يوم (3) على قولٍ مرجوحٍ.
* * *
* ويُعتبرُ في صيام شهرِ (4) رمضانَ سبعةُ أشياءَ، وقد يُشاركُه غيرُه في بعضِها (5):
1 -
أحدُها: العِلمُ أو الظنُّ بدخولِ الشهرِ، وذلك برؤيةِ الهِلالِ، أو باستكمالِ العَددِ، أو بأنْ يُثبته القاضي، والقاضي يُثْبتُه بعِلْمِه، أو (6) بعَدْلٍ بصفةِ الشهودِ، لا عبدٍ وامرأةٍ في الأصحِّ.
والرؤيةُ يَتعدى حُكْمُها إلى ما دون مسافةِ القصرِ، والنظرُ إلى اختلافِ المَطالعِ: ضعيفٌ (7).
ويكتفِي الآحاد بكل (8) مِن العبدِ والمرأةِ والصِّبيةِ الرُّشداءِ (9) لِصِحَّةِ
(1) في (ل): "بجماع".
(2)
في (ز، ل): "ومن".
(3)
في (ل): "إلى يومين".
(4)
"شهر": زيادة من (أ، ز).
(5)
في (ل): "وقد شارك بعضه في غيرها".
(6)
"بعلمه أو" سقط من (ل).
(7)
"ضعيف": سقط من (ل)، وفي هامش (ز): بل المعتبر والمعتمد اختلاف المطالع كما صححه النووي.
(8)
في (ل، ز): "الأداء كل".
(9)
في (ب): "الأموال الباطنة".
النِّيةِ (1)، فإذَا ثَبَتَ لَيلًا لا يحتاجُ إلى إعادتِها كالحائضِ تَنوي (2) قَبْلَ انقطاعِ دَمِها ثم ينقطعُ بالليلِ للأكثرِ أوْ للعادةِ (3)، فلا تحتاجُ إلى التجديدِ، ويُكتفَى بالظنِّ في الليلةِ الأخيرةِ لِصومِ يومِها.
وأيضًا في اجتهادِ المحبوسِ، ويقضِي ما وقعَ قَبْلَه كالصلاةِ، وما بَعْدَه يكونُ قضاءً.
2 -
الثاني: تبييتُ النيةِ لِكلِّ يومٍ، وهذا في كل صومٍ مفروضٍ، ويُكتفى (4) في النفلِ بِنِيَّةٍ في النهارِ قَبْلَ الزوالِ، بشرطِ انتفاءِ المَوانعِ قَبْلَها، ولا يَضُرُّ قصْدُ الخُروجِ مِن الصومِ على ما صُحِّحَ، والأرجحُ خلافُه.
3 -
الثالثُ: وهو مُعتبَرٌ في كلِّ صومٍ، وكذا ما بعده: الإمساكُ عنِ الطعامِ والشرابِ وعنْ كلِّ (5) عَينٍ تَدخلُ في جَوفٍ مِن مَنفذٍ قصدًا، ولو بحُقنةٍ (6)، وسعوطٍ (7)، ودخولِ حديدةٍ في بَطنِه، لا فَصْد وحِجَامة.
4 -
الرابعُ: الإمساكُ عن الجِماعِ.
5 -
الخامسُ: الإمساكُ عن الاستمناءِ، ولا يَضرُّ الإنزالُ بفِكْرٍ ونظرٍ
(1) في (ظا): "والنية".
(2)
في (ب): "الرشد".
(3)
في (ل): "العادة".
(4)
في (ل): "يكتفى".
(5)
في (ل): "وهن كل".
(6)
يقصد الحقنة الشرجية.
(7)
السعوط: استنشاق الدواء عن طريق الأنف.
واحتلامٍ.
6 -
السادسُ: الإمساكُ عن الاستقاءِ، ولا يَضرُّ النسيانُ والجهلُ فِي جميعِ ذلك.
7 -
السابعُ: استغراق الإمساكِ عما ذُكرَ لجميع (1) اليومِ، مِن طُلوعِ الفجرِ إلى غُروبِ الشمسِ.
والأولُ مما (2) يُعتبَرُ يُعدُّ شَرْطًا.
* * *
والذي (3) يَصلُ إلى الجوفِ مِن مَنفذٍ ولا يفطِّر سبعةٌ (4)(5):
1 -
الأكلُ أو (6) الشربُ ناسيًا أو مكرهًا.
2 -
وسبْقُ الماءِ في المضمضةِ والاستنشاقِ حيثُ لَمْ يبالغْ.
3 -
وغُبارُ الطريقِ، ولو فَتحَ فاه عمدًا على رأيٍ مرجوحٍ (7).
4 -
وغربلة الدَّقيقِ.
5 -
والذُّبابُ.
(1) فى (ل): "جميع"، وفي (ظا):"بجميع".
(2)
في (ظا): "ما".
(3)
من قوله: "والذي" حدث سقط كبير في نسخة (ب).
(4)
في (ل): "بسبعة".
(5)
راجع: "المجموع"(6/ 327)، و"الأنوار"(1/ 155).
(6)
في (ظا): "و".
(7)
في نسخة: "مرجح" كما أشار ناسخ (ظا).
6 -
ومَن توضأَ فمضمضَ (1) وبالَغَ قَبْلَ نِيَّةِ النفلِ فدخلَ في (2) جَوفِه ثم نَوى النفلَ.
7 -
وابتلاع الريقِ الطاهرِ (3) الصِّرْفِ مِن مَعِدَتِه.
وما لا يَدخلُ مِن مَنفذٍ لا يُفطِّرُ، فلا يَضرُّ الكُحْلُ، وإن وَجدَ مِنه طَعمًا في الحَلقِ، ولا وُصولُ الدُّهنِ إلى الجوفِ بتشربِ المَسامِ.
* * *
* ضابطٌ:
كلُّ مَن وجبَ عليه أداءُ رمضانَ فأفطرَ فيه عمدًا وجبَ عليه القضاءُ بلا خِلَاف إلَّا في صورةٍ واحدةٍ، وهي المُجامِعُ، لا يَلزمُه مع الكفارةِ القضاءُ على قولٍ مرجوحٍ.
* * *
(1) في (أ): "ومن مضمض"، وفي (ظا):"ومن تمضمض".
(2)
"في": سقط من (أ).
(3)
في (ل): "والظاهر".
فصل فى المسنونات والمكرهات
- يُسَنُّ أن يَتسحَّرَ.
- ويُؤخِّرَ سُحورَه (1) ما لمْ يقعْ فِي الشكِّ.
- وأن يُقدمَ غُسلَ الجنابةِ على طُلوعِ الفجرِ.
- وأن يُكثرَ مِن تلاوةِ (2) القرآنِ والأذكارِ والصدقةِ وأفعالِ الخيرِ، فلها مَزيَّةٌ في شهرِ رمضانَ لا سيَّما في العَشرِ الأواخرِ منه.
- وأن يعجِّلَ الفِطرَ.
- وأن يُفطِرَ على رُطبٍ، فإن لمْ يجدْ فعلَى تمرٍ، فإن لَمْ يجدْ فعلَى ماءٍ.
- وأن يقولَ عند الفِطرِ: اللهُمَّ لكَ صمتُ، وعلى رزقِكَ أفطرتُ، فتقبَّلْ مِنِّي إنكَ أنتَ السميعُ العليمُ، ذَهبَ الظمأُ، وابْتَلَّتِ العُروقُ، وثَبَتَ الأجرُ إن شاءَ اللَّهُ تعالى (3).
(1) في هامش (ز): السحور بالفتح ما يُتسحر به، وبالضم الفعل، قياسه على الوَضوء والوُضوء، أو يكون بالفتح الوقت كالصَّبوح والغَبوق، وهذا أجود. تم.
(2)
في (ظا): "قراءة".
(3)
روي هذا الدعاء في حديث ضعيف: رواه أبو داود في "سننه" في باب القول عند الإفطار برقم (2357) من طريق الحسين بن واقدٍ قال: حَدَّثَنَا مروان -يعني ابن سالمٍ =
* ويُكرَهُ في الصومِ ثلاثةَ عَشرَ شيئًا (1):
1 -
مضغُ العِلْكِ.
2 -
وأن يَحتجِمَ.
3 -
أو يحجمَ.
4 -
أو يَفتصِدَ.
5 -
أو (2) يدخلَ الحمَّامَ.
6 -
وأن (3) يستاكَ بعدَ الزوالِ، والمختارُ لا يُكرَهُ مُطْلقًا (4)، وقد تقدمَ (5).
= المقفع- قال: رأيت ابن عمر يقبض على لحيته، فيقطع ما زاد على الكف، وقال: كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال: ذهب الظمأ وابتلت العروق، وثبت الأجر إن شاء اللَّه".
وفي إسناده مروان بن سالمٍ المقفع، وهو مجهول.
وقال ابن حجر في "التهذيب"(10/ 93): زعم الحاكم في "المستدرك" أن البخاري احتج به فوهم، ولعله اشتبه عليه بمروان الأصفر. وَقَال في "التقريب": مقبول.
قلت: والحديث رواه المزي في "تهذيب الكمال"(27/ 391) وقال عقبة: قال الحافظ أبو عبد اللَّه: هذا حديث غريب لم نكتبه إلا من حديث الحسين بن واقد.
(1)
شرح السنة 6/ 272، التنبيه 67، الحلية 3/ 173، مدارك المرام 95 - 98، الأنوار 1/ 157 - 158، كفاية الأخيار 1/ 128، أسنى المطالب 1/ 421 - 422، فيض الإله المالك 1/ 282 - 283.
(2)
في (ل): "وأن".
(3)
/14 - أ].
(4)
"مطلقًا": سقط من (ل).
(5)
راجع الأم 2/ 11، والتنبيه ص 14، وحلية العلماء 1/ 105.
7 -
8 - وذَوقُ (1) الطعامِ، ومَضْغُه.
9 -
وتأخيرُ الفِطْرِ.
10 -
وثجُّ الماءِ عندَ الفِطرِ.
11 -
12 - والمُشاتمةُ والغِيبةُ.
13 -
والقُبلةُ، إن كان قويًّا على الجِماعِ، كذا ذكرَه (2) المَحامِلِيُّ (3)، لكن الغِيبة محرَّمةٌ.
وأما القُبلةُ: فرجَّحَ جماعةٌ فيها التحريمَ لِمنْ تُحرِّكُ شَهوتَه، والأرجحُ دليلًا لا تحرمُ (4).
والمُشاتمةُ قد تكون محرَّمةً.
* * *
(1) في (ل): "ذوق".
(2)
في (ل): "ذكره".
(3)
ذكره المحاملي في اللباب (ص 106).
(4)
في (ل): "تحرم فيها".
فصل
الكفارة هي مغلَّظةٌ ومخفَّفةٌ (1)، وتسمى فِديةً.
الأُولى: تجبُ على كلِّ (2) ذَكَرٍ أَفسدَ صومًا مِن أداءِ رمضانَ بجماعٍ أَثِمَ بِه للصومِ.
ولا (3) تجبُ على المرأةِ مُطْلقًا.
ولا على الناسِي لِعدمِ الإفسادِ (4).
ولا على مَن أَفسدَ صومًا غيرَ أداءِ رمضانَ مِن نَذْرٍ أو كفارةٍ أو قضاءٍ أو تطوعٍ بجماعٍ.
ولا على مَن أفسدَ صومًا مِن أداءِ رمضانَ بغَيرِ جِماعٍ.
ولا على مريضٍ أو مسافرٍ مِن أهلِ الرُّخصةِ إذا أفسدَ صومًا مِن أداءِ رمضانَ بالجماعِ؛ لأنه لمْ يأثَمْ بذلكَ؛ تفْريعًا على أن صيامَ المسافرِ لا يمنعه مِن الفِطرِ في ذلك اليومِ، وهو الأصحُّ.
(1) في (ل): "أو مخففة".
(2)
"كل": سقط من (ل).
(3)
في (ل، ظا): (فلا).
(4)
في (ل): "الاقتصاد".
ولا على مَن ظَنَّ أن الفجرَ لمْ يطلُعْ فجامَعَ ثُمَّ تَبينَ خلافُه، فعلَيه القَضاءُ كما فِي الأكلِ، ولا كفارةَ لعدمِ الإثمِ.
ولا على مسافرٍ ونحوِه أفطرَ بالزِّنا؛ لأنه أثِمَ بالزِّنا لِذَاتِه لا للصومِ.
والكفارةُ عِتقٌ (1) خالٍ عَن عوضٍ، لِرَقَبةٍ غَيرِ مُستولَدةٍ، ولا مُكاتَبةٍ، صحيحةٍ سليمةٍ مِن العُيوبِ التي تضرُّ (2) بالعملِ الضررَ البَيِّنَ، كفاقدِ الخنصرِ والبنصرِ مِن يدٍ وأُنملتَينِ مِن بقيةِ الأصابعِ، وأُنملةِ إبهامٍ.
ويُجزئُ الأقرعُ والأعرجُ إلَّا أن يَتعذَّرَ عليه مُتابعة المَشيِ.
فإن لَمْ يَجدْ صام شهرَينِ متتابعَينِ، ولا يَنقطع التتابعُ بالحيضِ والنِّفاسِ والجُنونِ.
فإن لمْ يَقدرْ أَطعمَ ستِّينَ مِسكينًا مِن أهل الزكاةِ، لكلِّ مِسكين مُدٌّ مِن غالِبِ قُوتِ البلدِ. وهكذا الحُكْمُ في كفارةِ الظَّهارِ.
وأما كفارةُ القتلِ ففيها: الإعتاقُ، ثم الصومُ، لا الإطعامُ، على أصحِّ القولَينِ.
وأما كفارة اليمينِ: فتأتِي في بابِه إن شاءَ اللَّهُ تعالى.
وتَسقطُ كفارةُ جِماعِ رمضانَ بالجُنونِ في ذلك اليومِ، والموتِ فيه، لا بالإعسارِ في الأصحِّ، وكذا كفارة الظِّهارِ، والقتلِ، واليمينِ، بخلافِ ما
(1)"عتق": سقط من (ل).
(2)
في (ل): "لا تضر".
وجبَ (1) بدلًا لِجزاءِ الصيدِ، فلا يَسقطُ بالإعسارِ قَطْعًا.
ومُقابلَة ما وَجبَ عِبادةً كزكاةِ الفِطرِ تَسقطُ بالإعسارِ جَزمًا.
وأما (2) المخفَّفةُ، وهي الفِديةُ فتكونُ هنا، وفِي الحجِّ.
وهي على (3) ثلاثةِ أنواعٍ:
نوعٌ منها مُدٌّ، ونوعٌ مُدَّانِ، ونوعٌ دمٌ.
وليس لنا بعضُ مُدٍّ إلَّا في بعضِ شَعَرةٍ على رأيٍ صححَهُ (4) الماوَرْدِيُّ:
فأما التي هي مُدٌّ ففِي اثنَيْ عَشرَ مَوضعًا:
إفطارُ الحاملِ خوفًا على الولدِ.
وإفطارُ المرضِعِ كذلك ولو مُستأجَرةً، والفِديةُ عليها.
وإفطارُ الكبيرِ الذي لا يُطيقُ الصومَ.
وتأخيرُ قضاءِ رمضانَ إلى قابلٍ، ويتكررُ (5) بتكررِ السنينَ على الأصحِّ.
وكذلك فيمنْ ماتَ وعليه صومُ (6) يومٍ، لَم يحصُلْ فيه وفاءٌ شرعيٌّ،
(1) في (ل): "أوجب".
(2)
في (ل): "فأما".
(3)
"على" سقط من (ل).
(4)
في (أ، ز): "وصححه".
(5)
في (ل): "وتكرر".
(6)
"صوم": سقط من (ل).
فيُخْرَجُ مِن تركتِه مُدٌّ، وكذا ناذرُ صيامِ الدَّهرِ إذا أَفطرَ عمدًا، ولكلِّ يومٍ مُدٌّ في جميع ما ذُكرَ فِدية تامَّة.
ففِي يومَينِ مُدَّانِ.
وفِي ثلاثةٍ فأَكثرَ بعددِها.
ونتْفُ شَعرةٍ في الإحرامِ لا مِن داخلِ الجَفنِ وما غطَّى مِن الحاجبِ (1) العَين.
وتقليمُ ظُفرٍ لا المُنكسرِ.
وترْكُ بَيْتُوتَةِ ليلةٍ مِن ليالِي مِنًى لا للمعذورِ.
وترْكُ حَصاةٍ.
وقطْعُ نَبْتٍ مِن نَباتِ الحَرَمِ قِيمتُه ثَمَنُ مُدٍّ.
وكذلك في مُتقوَّمِ الصيدِ.
* * *
* وأما المُدَّانِ ففِي ستةٍ:
1 -
حَلقُ شَعرتَينِ في الإحرامِ.
2 -
وتقليمُ ظُفرَينِ.
3 -
وترْكُ مَبيتِ ليلتَينِ.
(1) في (ل): "حاجب".
4 -
وقتْلُ صَيدٍ قِيمتُه ثَمَنُ مُدَّينِ.
5 -
وكذلك في نَبْتِ الحرَمِ.
6 -
وفِي يومَينِ مما سَبقَ.
وقد تزيدُ الأمدادُ على ما ذُكرَ كما في ثلاثةِ أيامٍ فأكثرَ مما سَبق.
وكذلك في (1) مواضعَ في الحَجِّ تأتِي.
وأما الدمُ: ففِي ستةَ عشرَ موضعًا (2)، وكلُّها في الإحرامِ:
1 -
المناسِكُ (3).
2 -
والصيدُ (4).
3 -
والوطءُ.
4 -
وحلقُ ثلاثِ شَعراتٍ فأكثرَ.
5 -
وتقليمُ الأظفارِ.
6 -
والطيبُ.
7 -
واللباسُ.
(1)"في": سقط من (ل).
(2)
"موضعًا" سقط من (ل).
(3)
"المناسك": سقط من (ل).
(4)
في (أ، ل، ظا): "الصيد".
8 -
وتركُ الإحرامِ مِن المِيقاتِ.
[9 - وتركُ البَيْتوتةِ بمُزدَلِفةَ.
10 -
وكذلك ليالِي مِنًى.
11 -
وقطْعُ شَجرِ الحرَمِ] (1).
12 -
13 - وترْكُ الرمْيِ وطوافِ الوداعِ لا القُدومِ، خلافًا لِما جَزمَ به المَحامليُّ.
15 -
14 - ودمُ التمتعِ والقِرانِ.
16 -
وفوتُ (2) الحجِّ والإحصارِ، لا في رَكعتَي الطوافِ على الأصحِّ، ولا في الجَمعِ بين الليلِ والنهارِ بعرفةَ لِمن وقفَ نهارًا على (3) الأصحِّ.
* * *
ثم الدماءُ المذكورةُ منها دمُ تخييرٍ وتقديرٍ كالحلقِ والتقليمِ، ومنها تخييرٌ وتعديلٌ، ومنها ترتيبٌ وتقديرٌ، ومنها ترتيبٌ وتعديلٌ، ومنها مغلظٌ، وسيأتي في الحجِّ. .
* قاعدةٌ: يَختصُّ صيامُ رمضانَ بالإمساكِ كما يَختصُّ بالكفارةِ المغلَّظةِ.
* * *
(1) ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(2)
في (ل): "وفوت".
(3)
/ 14 - ب].
* والإمساكُ واجبٌ، ومستحبٌّ: فالواجبُ على ثمانيةٍ:
1 -
متعمِّدُ الفِطرِ.
2 -
وتاركُ النيةِ مِن الليلِ عمدًا أو سهوًا.
3 -
ومَن سبقَه الماءُ في المبالغةِ.
4 -
ومَن تَسحَّرَ لِظنِّ بقاءِ الليلِ.
5 -
أوْ أكلَ لِظنِّ دُخولِ الليلِ ثُم بانَ أنه أكلَ بالنهارِ.
6 -
ومَن ارتدَّ ثُم أَسلَمَ في بقيةِ يومِه.
7 -
ومَن نوَى الخروجَ مِن الصومِ. إذا قلنا "يَبطلُ الصومُ بذلك"، وهو الأرْجَحُ (1).
8 -
ومَن ظهرَ له يومَ الثلاثينَ مِن شعبانَ أنه مِن رمضانَ، يَستوِي في ذلك الآكلُ والناوي والتاركُ (2)، وكلُّ هؤلاءِ يَلزمُهم مع الإمساكِ القضاءُ.
* وأمَّا الإمساكُ المستحبُّ: فلمسافرٍ ومريض أفطرَا، ولمْ يَنْويَا مِن (3) الليلِ وأصبحَا، ثم زالَ عُذرهما، وكذا الكافرُ الأصليُّ يُسْلمُ في أثناءِ النهارِ، والمجنونُ يُفيقُ، والصبيُّ يَبْلُغُ وهو مُفطِرٌ، والحائضُ تَطْهرُ، وكذا النُّفساءُ.
(1) في (ل): "الأظهر".
(2)
"والتارك": سقط من (ل).
(3)
عند قوله: "ولم ينويا من" ينتهي السقط المشار إليه في (ب) من قبل.
وكلُّ هؤلاءِ لا يَلزمُهم القضاءُ (1)، إلَّا المسافرَ والمريضَ والحائضَ والنُّفساءَ.
وليس لنا صومٌ يجوزُ الخروجُ منه، ثُم يَمتنعُ الخروجُ إلَّا في أربعةٍ المسافرُ والمريضُ إذا زال عذرُهما وهما صائمْانِ والصبيُّ يَبلُغُ وهو صائم على ما صحَّحُوه، والنصُّ في "الأم": يُستحبُّ له الإتْمامُ.
ومَن أصبحَ متطوعًا ثم نذرَ صومَ ذلك اليومِ أو تمامَه (2).
وكلُّ مَن لزمَه الإتمامُ، فجامَعَ بعد اللزومِ، فعليه الكفارةُ إلَّا في النذرِ.
وليس لنا صبيٌّ يصومُ في رمضانَ ثم يجامِعُ نهارًا فتلزمُه الكفارةُ، إلَّا أَنْ يَبْلُغَ قَبْلَ جِماعِه.
* * *
(1) في هامش (ز): مراد الشيخ بقوله: "وكل هؤلاء لا يلزمهم القضاء. . الكافر الأصيل والمجنون يفيق والصبي إذا زال المانع في أثناء النهار. وأخرج بقوله كالصبي يبلغ وهو مفطر إذا أصبح صائمًا، وقد ذكر حكمها فيما بعد، وهو وجوب الإتمام، ولا قضاء عليه على الصحيح. انتهى.
(2)
في (أ، ب): "إتمامه".
فصل
جماعُ الصيامِ خمسةٌ: فرضٌ وسُنةٌ ونفلٌ ومكروهٌ وحرامٌ.
أما الفرضُ فمنه منصوصٌ عليه في القرآنِ [ومنه غيرُ مَنصوصٍ عليه.
* المنصوصُ في القرآنِ] (1) تسعةٌ:
خمسٌ (2) يجبُ فيها التتابعُ (3):
- صومُ رمضانَ (4).
- وكفارةُ الظِّهارِ (5).
- وكفارةُ القتلِ (6).
- وكفارةُ المُجامِعِ في رمضانَ.
كذا قال المَحاملِيُّ، وهو وهْمٌ، فكفارةُ المُجامِعِ ليستْ فِي القرآنِ.
(1) ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(2)
في (ل): "خمسة".
(3)
المحاملي في "اللباب"(ص 188)، الأشباه للسيوطي 445.
(4)
المنثور 1/ 241.
(5)
رحمة الأمة 225، كفاية الأخيار 2/ 71.
(6)
التنبيه 229، مغني المحتاج 4/ 108.
وصومُ رمضانَ (1) التتابعُ فيه مِن ضرورةِ الزمانِ.
- والخامسُ: كفارةُ اليمينِ يجبُ فيها التتابعُ على قولٍ مرجوحٍ (2).
* * *
وثلاثةٌ يجوزُ فيها التفريقُ (3):
- قضاءُ رمضانَ.
- وفِديةُ الحلْقِ.
- وجزاءُ الصيدِ.
* * *
وواحدٌ يجبُ فيه (4) التفريق، وهو صومُ التمتعِ بين الثلاثةِ والسبعةِ (5)، وفِي معناه مَن نذرَ أَنْ يصومَ متفرِّقًا على الأصحِّ (6).
وأما أيامُ الثلاثةِ والسبعةِ، فيستحبُّ فيها التتابعُ على المشهورِ.
* * *
(1)"رمضان": سقط من (ب).
(2)
الحلية 7/ 309، الروضة 11/ 12.
(3)
الحلية 3/ 147، تحرير التنقيح 38.
(4)
"فيه": سقط من (ل).
(5)
المناسك للنووي 524 - 525، كفاية الأخيار 1/ 144.
(6)
يعني لا يجوز أن يصوم حينئذ متتابعًا. . هذا الأصح عند النووي وغيره، والقول الثاني: يجوز أن يصوم متتابعا. الروضة 3/ 309، المجموع 8/ 479.
وأمَّا مَا لَمْ يُنصَّ عليه في القرآن، فثلاثةَ عشرَ (1):
(1)
كفارةُ المُجامِعِ في شهرِ رمضانَ.
(2)
والمُجامعِ في الإحرامِ.
(3)
واللبسُ في الإحرامِ (2).
(4)
والطِّيبُ.
(5)
وتقليمُ الأظفارِ.
(6)
ودَهنُ شَعرِ الرأسِ، واللحيةِ.
(7)
والقِرانُ.
(8)
والنذرُ.
(9)
والإحصارُ.
(10)
وفواتُ الحجِّ.
(11)
وتركُ واجبٍ مِن واجباتِه التي تُجبَرُ بالدمِ.
(12)
وقطْعُ شجرةٍ (3) مِن أشجارِ الحرَمِ، وما في معنى ذلك.
(1) الروضة 3/ 184 - 186، مناسك النووي 527، 530، كفاية الأخيار 1/ 129، 143 - 145، فتح الجواد 1/ 352 - 358.
(2)
"واللبس في الإحرام": سقط من (ب).
(3)
في (ل): "شجر".
(13)
وما يأمُرُ به الإمامُ مِن الصومِ في الاستسقاءِ.
وأما الصومُ المسنونُ، فأربعةَ عشرَ (1):
1 -
2 - صومُ الاثنينِ والخميسِ.
3 -
ويومُ عرفةَ.
5 -
4 - وعاشوراءُ وتاسوعاءُ (2).
7 -
6 - والبيضُ وعشرُ المُحرَّمِ.
8 -
والأشهرُ الحُرُمُ، وأفضلُها المُحرمُ.
9 -
وتسعُ ذي الحجةِ.
10 -
وأن يصُومَ يَومًا ويُفطرَ يومًا.
11 -
[وأن يصومَ يومًا ويُفطرَ يومَينِ](3).
12 -
وصومُ يومٍ (4) لا يجدُ في بيتِه ما يأكُلُهُ.
(1) السنن المأثورة 315، فضائل الأوقات 325، 337، 358، 431، 446، 515، 520، شرح السنة 6/ 328، 331، 341، 342، 353، 355، الروضة 2/ 387، 388، المجموع 6/ 378 - 386، التنبيه 67، عمدة السالك 89، مغني المحتاج 1/ 446، مدارك المرام 31، 34، 36، 45.
(2)
في (ل): "وتاسوعاء وعاشوراء".
(3)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(4)
"يوم": سقط من (ل).
13 -
وصومُ شعبانَ.
14 -
وستةُ أيامٍ مِن شوالٍ.
وما سبق فِي عَشرِ المُحرمِ؛ ذَكرهُ المَحامِلِيُّ (1)، وهو غيرُ معروفٍ.
* * *
وأما النفلُ مِن الصومِ فغيرُ محصورٍ (2).
* * *
وأما المكروهُ: فثلاثةَ عشرَ (3):
1 -
صومُ المريضِ.
2 -
والمسافرِ.
3 -
والحاملِ.
4 -
والمرضعِ.
5 -
والشيخُ الفاني. إذا خافُوا (4) المشقةَ الشديدةَ، وقد يَنتهي ذلك إلى
(1) المحاملي في "اللباب"(ص 190).
(2)
المحاملي في "اللباب"(ص 190).
(3)
شرح السنة 6/ 346، 360، 361، مدارك المرام 56 - 57، كفاية الأخيار 1/ 132، الاستغناء 2/ 544، أسنى المطالب 1/ 430 - 431، تحفة الطلاب 1/ 430، فتح الوهاب 1/ 124، الحواشي المدنية 2/ 205.
(4)
في (أ): "خاف".
التحريمِ.
6 -
وصومُ يومِ الشكِّ (1). .
كذا قال (2) المَحامِلِيُّ (3)، وهو حرامٌ لا لقضاءٍ أو موافقةِ نذرٍ أو وِردٍ.
7 -
وفِي النصفِ الأخيرِ مِن شعبانَ، إنْ لَم يَصُمْ قَبْلَه أو كانتْ له عادةٌ والمختارُ: أنَّه لا يجوزُ لِغيرِهما.
8 -
وصومُ يومِ عرفةَ للحاجِّ.
9 -
وأن يتطوعَ وعليهِ صومُ رمضانَ.
10 -
11 - 12 - وأن يصومَ يومَ (4) الجمعةِ مُفرَدًا، أو السبتِ، قيل: أو الأحد.
13 -
أو يصومَ الدهرَ مع خِيفةِ ضَررٍ أو فَوتِ حقٍّ ومحبوبٍ لغيرِه.
* * *
* وأما المحرَّمُ فخمسةٌ (5):
(1) انظر: المجموع 6/ 399.
(2)
في (ل): "قاله".
(3)
المحاملي في "اللباب"(ص 191).
(4)
/15 - أ].
(5)
شرح السنة 6/ 349، 351، 352، التنبيه 68، الروضة 2/ 365، مدارك المرام 67 - 66، غاية البيان 159.
1 -
يومُ الفِطرِ.
2 -
ويومُ النحرِ.
3 -
وأيامُ التشريقِ لا لِمُتمتِّعٍ لَمْ يجدِ الهَدْيَ علي المختارِ، وقد يضافُ إلى ذلك ما سبقَ تحريمُه مِن الشكِّ وغيرِه.
4 -
ومِن المُحرَّمِ صومُ الحائضِ والنُّفَساءِ.
5 -
ويومُ الشكِّ (1) هو الثلاثونَ مِن شعبانَ إذا تَحدثَ برؤيتِه مَن لا يُعتمدُ.
* * *
(1) في (ل): "والشك".