الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب دخول حرم مكة وحكم صيده وشجره
دخولُهُ لا يوجِبُ إحرامًا على أصحِّ القولَينِ خِلافًا لِما اختارهُ ابنُ القَاصِّ والمسعوديُّ والماورديُّ والبغويُّ (1) والمَحَامليُّ وغيرُهُم.
ولو دخل أهلُ الحرمِ مَكَّةَ لم يجِبْ إحرام قطعًا، ومثلُهُ مَن دَخَلَ الحرَمَ لقتالٍ مُباح، أو خائفًا مِن ظالِم، أو غريمٍ بِحبسِهِ، وهو مُعسِرٌ لا يمكنه أن يظهرَ لأداءِ النُّسُك.
والعبدُ (2) لا إحرامَ عليه، ولو أذِنَ له السيِّدُ فِي الدخولِ على المذْهَبِ، ولا مَن يتكرَّرُ دخولُهُ كحَطَّابٍ وصيادٍ على المشهورِ.
واستثنى المَحَامليُّ مِن الإيجابِ ثمانيةً: التاجِرُ، والزائِرُ، والمكيّ المسافِرُ إذا عاد، والحطَّابُ، ومَن فِي معناهُ، والممتارُّ يرجِعُ بأقلَّ مِن أسبوع، والبريدُ، والرسولُ، والمقاتِلُ مباحًا أو واجبًا.
وما ذكَرَهُ فِي التاجِرِ والزائِرِ والمكِّي العائِدِ من سفرِهِ والراجِعِ بِأقل مِن أسبوع والبريدِ والرسولِ: خِلافُ المعروفِ.
(1)"والبغوي" سقط من (ل).
(2)
في هامش (ز): "والأمة كذلك، وقد ذكر ابن حزم أن لفظ العبد يتناولها لغة، وأيضًا لا يختص ذلك. . . ".
وعلى القولِ بالوجوبِ مَن دَخَلَ غيرَ محرِم لا قَضاءَ عليه، على الأصَحِّ، كفواتِ التحية.
قال المرعشيُّ: وليس فِي الفرائضِ ما إذا تَرَكَهُ الإنسانُ لا تَلزمُهُ إعادةٌ ولا كفارة عليه (1) غيرُهُ.
وينبغِي أن يقولَ الأعيانُ، وإلا ففرائضُ الكفايةِ قد تُتصورُ فيها ذلك، وصيدُ حَرَمِ مكَّةَ البَرِّيِّ على الوجهِ المعتبرِ فِي الإحْرَامِ حرامٌ على الحلالِ أيضًا.
وكذلك شجرهُ الرطبُ غيرُ المؤذِي: لا الورقُ، والإذخرُ، والمأخوذُ للدواء، ولا ما كان أصلُه مِنْ شَجَرِ الحِلِّ والنابِتِ بعضُها فِي الحرم حَرَمِيَّةٌ كلُّها.
ومنهم مَن اختارَ تحريمَ العَوْسَجِ ونحوِهِ.
وفِي الشجرةِ الكبيرةِ: بقرةٌ، وفِي الصغيرةِ التي هِي (2) سُبُعُها أو يَقرُبُ من ذلك: شاةٌ، وفِي غيرِ ذلك: القيمةُ، إلَّا إنْ أخلَفَ يشتري بِها الطعَامَ، وهي تخييرٌ وتعديلٌ كما سبق (3).
(1)"عليه" سقط من (أ).
(2)
"هي" سقط من (أ).
(3)
في هامش (ز): "يرد عليه أن التحريم في الشجر إنما هو في الرطب أما اليابس فلا شيء في قطعه، كما لو قدَّ صيدًا ميتًا نصفين، هذه عبارة أصل الروضة [3/ 165]، وقد ذكره قبل سطر بقوله: (وكذلك شجره الرطب) فإذًا لا يراد".
ويختصُّ حَرَمُ مَكَّة بأربعةَ عَشَرَ حُكْمًا (1):
1 -
تحريمُ الاصطِيادِ.
2 -
وقطعُ الشجرِ.
3 -
ولا ينحرُ غيرُ المُحْصَرِ الهَدْيَ إلَّا فِيهِ (2).
4 -
ولا يُفَرِّقُ لحمَهُ والطعامَ الواجِبَ فِي المناسِكِ إلَّا فِيهِ.
5 -
ولو نَذَرَ (3) المشيَ إليه لزِمَهُ.
6 -
ولا يدخُلُه إلَّا بإحرام واجبٍ أو مستحبٍّ على الخِلافِ.
7 -
ولا يتحلَّلُ إلَّا فِيهِ إلَّا إذا كان مُحْصَرًا.
8 -
ولو قَتَلَ فيه خطأ آدَمِيًّا أو أصابه غُلِّظَتِ الدِّيةُ.
9 -
ولا تُتملكُ لُقطتُهُ.
10 -
ولا يدخلُهُ كافرٌ.
11 -
ولا يُدفنُ فيه (4).
(1) عند المحاملي: اثنا عشر فقط، وراجع:"الأحكام السلطانية"(ص 166 - 167)، و"مناسك النووي"(ص 461 - 463)، و"إعلام الساجد"(ص 152 - 177).
(2)
"إلا فيه": سقط من (أ).
(3)
في (أ): "قدر".
(4)
"فيه" سقط من (أ).
12 -
ولو شرَطَ على دخولِهِ مالًا، فَدَخَلَ أُخِذ منهُ، ولا يُعرفُ فاسِدٌ يُسْتَحَقُّ فيه المسمَّى غيرُ هذا (1).
13 -
ولا يُحْرِمُ أحدٌ فيهِ بالعُمرة وحدَهَا.
14 -
ولا فِدْيةَ على حاضِرِيهِ بمُتعةٍ ولا قِرانٍ، وبالعباداتِ المُختَصَّةِ بالحجِّ.
* * *
* وتختَصُّ الكعبةُ:
بأنَّها قِبلةُ المُسلمينَ مِن جَمِيع الجِهاتِ.
وبالحجِّ والعُمْرةِ والطَّوافِ.
وتفضيلُ الصَّلاةِ بِمائةِ ألفٍ فِيها، وفِي المَسْجِدِ حولَها.
والمصلُّون يسْتَديرِونَ حولَهَا ويَتَقَابلونَ (2) فِيها حَتَّى الإمامُ والمأمومُ، وكذلك الاسْتِدبارُ.
(1) في هامش (ز): "ذكر الهروي: كل عقد فسد سقط فيه المسمى إلا في موضع واحد، وهو إذا عقد الإمام عقد الذمة مع الكفار على السكنى في أرض الحجاز، فإنه فاسد، فإذا سكنوا ومضت المدة فيجب المسمى لتعذر عوض المثل، فإن منفعة الإسلام من جهته لا تضر، فيمكن أن يقابل المسمى، وهذا مرتب مما قاله شيخنا. . . الحرم. انتهى".
قلت: راجع ذلك في "حاشية الرملي الكبير على أسنى المطالب"(4/ 211)، و"مغني المحتاج"(3/ 490).
(2)
في (ل): "ويقابلون".
وبأنَ إحياءَها فرضُ كِفايةٍ.
وبأنَّ قاضِي الحاجَةِ يحرُمُ عليهِ استِقبالُها واستدبارُها بِالصحراءِ.
ومكَّةُ أفضلُ البِلادِ غيرِ البُقعَةِ التِي دُفِن فِيها النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم (1) فإنَّها أفضلُ البِقاع (2)، واللَّه سبحانه وتعالى أعلم.
* * *
(1) إلى هنا ينتهي السقط الواقع في (ب).
(2)
قال النووي في "شرح صحيح مسلم"(9/ 163 - 164):
ومذهب الشافعي وجماهير العلماء أن مكة أفضل من المدينة، وأن مسجد مكة أفضل من المسجد المدينة، وعكسه مالك وطائفة. وقال القاضي عياض: أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض، وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض، واختلفوا في أفضلها ما عدا موضع قبره صلى الله عليه وسلم فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين: المدينة أفضل. وقال أهل مكة والكوفة والشافعي وابن وهب وابن حبيب المالكيان: مكة أفضل. اهـ.
قلت: وهذا الإجماع الذي ادعاه القاضي غير صحيح، وقد انتقده شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (27/ 37) فقال: وأما التربة التي دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلا أعلم أحدًا من الناس قال إنها أفضل من المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى إلا القاضي عياضٌ. فذكر ذلك إجماعًا وهو قولٌ لم يسبقه إليه أحدٌ فيما علمناه. ولا حجة عليه بل بدن النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من المساجد. وأما ما فيه خلقٌ أو ما فيه دفنٌ فلا يلزم إذا كان هو أفضل أن يكون ما منه خلق أفضل. فإن أحدًا لا يقول إن بدن عبد اللَّه أبيه أفضل من أبدان الأنبياء فإن اللَّه يخرج الحي من الميت والميت من الحي. ونوحٌ نبيٌّ كريمٌ وابنه المغرق كافرٌ وإبراهيم خليل الرحمن وأبوه آزر كافرٌ.