الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الفوات والإحصار، وأنواع التحلل
لا تفوتُ العُمرةُ المستقِلَّةُ أبدًا، وأمَّا فِي القِرانِ فتتبَعُ الحجَّ فِي الفواتِ، والحجُّ لا يفوتُ إلَّا بفواتِ الوقوفِ (1).
ومَن فاتَهُ الحجُّ وَجَبَ أَنْ يتحلَّلَ، ويأثَمَ بِالبقاءِ على إحرامِهِ، نَصَّ عليه.
ولو بَقِيَ عليهِ لِيحُجَّ مَعَ النَّاسِ مِن قابِلٍ بِذلِك الإحْرَام لا يُجزئُه.
وتحلُّله بِالطَّوافِ والسَّعي إنْ لَمْ يكُن سَعَى عَقِبَ (2) طوافِ القُدُوم، كذا جزموا بِهِ.
والتحقيقُ: أنَّه لا بُدَّ مِن السَّعي مُطلقًا، ثُم يحلِقُ، ولا يجبُ رَمْيٌ، ولَا مبيتُ مِنًى فِي الأصحِّ، ولا يجزئُ ذلك عنْ عُمرةِ الإسْلَام (3).
وقال المَحَامِلِيُّ (4): مَنْ حجَّ أو اعتَمَرَ نفْلًا وَقَعَ عن فرضِهِ إلَّا فِي
(1) تقدم عن المحاملي أن الحج يفوت بفوات الإحرام والوقوف.
(2)
"عقب" سقط من (ل).
(3)
راجع "المجموع"(7/ 118)، و"مناسك النووي"(ص 118 - 119)، و"الحاوي"(4/ 21 - 22).
(4)
المحاملي في "اللباب"(ص 209).
مسألتَيْنِ (1):
(1)
إحداهُما: هذِهِ.
(2)
والثانيةُ: مَن نسِيَ مَا أحْرَم بِهِ، فإنهُ يجتهدُ فِي قولٍ (2)، والأصحُّ أنَّه ينوِي القِرانَ، ويجزئُهُ عنْ حجَّة الإسْلَام دونَ عُمرتِهِ (3).
ولا يصِحُّ الاستثناءُ لأنهُ فِي كلٍّ منهُما لم يعتمِرْ نفْلًا، فإنَّ فِي الأُولى تحلَّلَ بعمَلِ عُمرةٍ، وفِي (4) الثانيةِ إنَّما لم (5) تجزِئْهُ العُمرةُ، لاحتمالِ أَنْ يكونَ إحرامُهُ السابِقُ حجًّا، وإدخالُ العمرةِ عليهِ لَا يجوزُ على ما صحَّحوه، وبَرِئَ مِنَ الحجِّ إذا نَوَى القِرانَ قبلَ الطَّوافِ.
ومَنْ فاتَهُ الحجُّ إنْ كانَ حجُّهُ فرضًا فهو باقٍ فِي ذِمَّتهِ، وإنْ كان تطوُّعًا لزمَهُ قضاؤُهُ على الفورِ، كالمفسِدِ.
وقياسُهُ: أَنْ يأتيَ مثلَهُ فِي الفرضِ، ويلزمُه مع القضاءِ دمُ الفواتِ، كدَمِ التمتعِ، ويُراقُ فِي الحَجَّة المقضيَّةِ وُجُوبًا.
(1)"الروضة"(3/ 182)، و"شرح السنة"(7/ 291).
(2)
وهو المذهب القديم كما في "المجموع"(7/ 233)، و"الحاوي"(4/ 85).
(3)
وهو المذهب الجديد كما في "مختصر المزني"(ص 162)، و"الحاوي"(4/ 86)، و"حلية العلماء"(3/ 238).
(4)
في (ل): "و".
(5)
"لم": سقط من (ب).
* ضابطٌ:
لا يجتمِعُ القضاءُ والفِديةُ فِي المناسِكِ إلَّا على ثلاثةٍ:
1 -
المفسِدُ بِالجِماع.
2 -
والذي فاتهُ الحَجُّ.
3 -
ومؤخِّرُ رَمْي يومٍ إلى يومٍ، على قولٍ مرجوحٍ فِي هذا.
ويجتمِعُ (1) القضاءُ والفديةُ فِي الصِّيام فِي مفسِدِ رمضانَ بالجِماع، فِي (2) القِسْمِ الثالثِ المذكورِ فِي الصيامِ.
* * *
وإذا أُحْصِرَ المُحْرِمُ تحلَّل، ولو كان واحِدًا.
وكذا يُحلِّلُ السيدُ عبدَه الذِي أحْرَم بغيرِ إذنِهِ، إلَّا إنِ اشتراهُ بعدَ إحرامِهِ بِإذنِ البائِع.
ويُحلِّلُ الزوجُ زوجتَه التِي أَحْرمتْ بغيرِ إذنِهِ ولو فرْضًا.
وللأصل (3) مَنْعُ الفرع مِنَ التطوُّع وتحليلُهُ منهُ (4).
وللمطلِّق مَنْعُ المعتدَّةِ مِن الخُروج.
(1) في (ب): "ويجتمع مع".
(2)
في (ز): "وفي".
(3)
في (ل): "الأصل".
(4)
في (ل): "عنه".
وللغرِيم المنعُ.
ولا يتحلَّلُ إلَّا إذا كان مُعْسِرًا ولم يقدِرْ على إثباتِ إعسارِهِ.
والمُحْصَرُ يتحلَّلُ بِالنيةِ، وذَبْحِ شاةٍ، أو الإطعامِ بِقيمتِها، إنْ لم يَجِدْها، ثُم يحلِق.
وأغرب المَحَامليُّ (1) فحكى قولَيْنِ فِي أنهُ ينحرُ قبلَ أَنْ يتحلَّل أمْ يتحلَّلُ قبلَ أن ينحَرَ (2)، ويُمكنُ (3) حملُهُ على العبدِ والمُعْسِرِ، فإنْ لم يَجِدْ حَلَقَ بِنيةِ التحلُّل، ولا يتوقَفُ تحلُّلُهُ على الصَّوم على أشبهِ القَولَيْنِ بالقِياسِ (4)، كما قال الشَّافعِيُّ رضي الله عنه.
فإنْ (5) لم يَصُمْ وأيْسَرَ (6) بعد التحلُّلِ أَتَى بالواجبِ الماليِّ على الأصحِّ.
والمُحْصَرُ عن (7) عرفاتٍ دونَ البيتِ يتحلَّلُ بعملِ عُمرةٍ.
(1) المحاملي في "اللباب"(ص 206).
(2)
أصحهما: النحر أولا. الحاوي 4/ 354، كفاية الأخيار 1/ 144، مغني المحتاج 1/ 534.
(3)
في (ل): "ويمكنه".
(4)
في (أ، ب): "فالقياس".
(5)
في (ل): "وإن".
(6)
في (ل): "ولبس".
(7)
في النسخ: "من"، والمثبت من (ز).
والمُحْصَرُ مُطلقًا لا قضاءَ عليهِ، ولَا فِي هذِهِ الصُّورةِ وأنظارِها على الأصحِّ.
وأنواعُ التَّحلُّلِ سِتَّةٌ:
1 -
أحدها (1): بالتَّمام (2) لَا مع مُفسِدٍ (3)(4)، ومنهُ تمامُ العُمرةِ لِمن أحرم بِالحجِّ قبلَ أشهرِهِ (5).
2 -
الثانِي: مع الفسادِ بِالجِماع.
3 -
الثالث (6): بالفواتِ.
4 -
الرابع (7): بالإحصارِ العام.
5 -
الخامس (8): بالإحصارِ الخَاصِّ.
* * *
(1)"أحدها": سقط من (ب).
(2)
في (ل): "مع التمام".
(3)
في (ل): "لا سقطه".
(4)
والتمام يكون بأن يطوف ويسعى ويحلق. راجع: "المنهاج"(ص 391).
(5)
المحاملي في "اللباب"(ص 203).
(6)
في (ب): "الثاني".
(7)
في (ب): "الثالث".
(8)
في (ب): "الرابع".
وشَرَطَ المَحَامليُّ للإحْصَارِ خَمْسَة (1) شرائِطَ (2):
1 -
أحدها: أن (3) يعلَمَ أنهُ (4) إذا تحلَّل تخلَّص مِنْ العُذْرِ (5)، وهذا غيرُ مُعتَبَرٍ على الأصحِّ (6).
2 -
الثاني: أن يخافَ الفوتَ (7)، وهذا غيرُ مُعتبرٍ، فلو أُحْصِر عن الطَّوافِ تحلَّل، وإن لم يَخَفِ الفواتَ (8).
3 -
الثالث: أن يكونَ الإحصارُ عامًّا فِي أحدِ القولينِ (9)، وقد تقدَّم أن الأصحَّ خلافُهُ.
4 -
الرابع: أن يكونَ قبلَ دُخولِ مكةَ (10)، وذلك ليس بمعتبَرٍ.
(1) في (أ): "خمس".
(2)
المحاملي في "اللباب"(ص 205).
(3)
في (ب): "وشرط أن".
(4)
"أنه" سقط من (ل).
(5)
في (ز): "العدو".
(6)
"الحاوي"(4/ 346).
(7)
في (ل): "الفوات".
(8)
"مناسك النووي"(ص 457)، روض الطالب 1/ 524.
(9)
"الروضة"(3/ 175).
(10)
"المهذب"(1/ 234).
5 -
الخامس: أن لَا يكونَ لهُ إلَّا طريقٌ واحدٌ (1) فلو وَجَدَ آخر لزمَهُ سلوكُهُ وإن فاتهُ الحجُّ لطولِهِ، ولَا يتحلَّلُ إلَّا بعملِ عُمرةٍ، ولا قضاءَ فِي الأصحِّ.
* * *
6 -
السادس: مِن أنواع التَّحلُّلِ:
التحلُّلُ (2) بالشرط (3)؛ فإذا شَرَطَ أنه إذا مَرِضَ تحلَّل جَازَ على الأصحِّ، لصحة الحديث (4).
ومثلُهُ شَرْطُ التَّحللِ لغرضٍ آخَرَ مِن فراغ نفقةٍ وضلالٍ فِي طريقٍ ونحوِهِما.
وأطلق المَحَامِلِيُّ شَرْطَ أنه مَتَى بَدَا لهُ شُغلٌ تحلَّل، والمعروفُ ما سبق.
ثم إنْ شَرَطَ أَنْ يصيرَ (5) حلالًا بنفسِ المرضِ، فلهُ شرطُهُ على النَّص.
(1)"حلية العلماء"(3/ 306).
(2)
"التحلل": سقط من (ز).
(3)
في (ب): "بشرط".
(4)
يعني حديث عائشة رضي الله عنهما الذي رواه البخاري برقم (4801) في باب الأكفاء في الدين وقوله {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا} ومسلم (154/ 1207) في باب جواز اشتراط المحرم التحلل بعذر المرض ونحوه. . من طريق هشامٍ، عن أبيه، عن عائشة، قالت: دخل رسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم على ضُباعة بنت الزبير، فقال لها:"لعلك أردت الحج؟ " قالت: واللَّه لا أجدُني إلا وجعةً، فقال لها:"حُجي واشترطي، وقُولي: اللهُم محلي حيثُ حبستني".
(5)
في (ل): "يكون".
وإنْ شَرَطَ التحلُّلَ بِلا هَدْي أو أطلَقَ لم يلزَمْهُ الهَدْيُ، وإلَّا لزِمَهُ.
وإنْ شَرَطَ أن ينقلِبَ حَجُّه عُمرةً بالمرضِ صَحَّ (1).
* * *
* ضابطٌ:
لا ينقلِبُ الحجُّ عُمرةً عندنا إلَّا فِي هذِهِ الصورةِ على الأصحِّ (2)، وبالفواتِ على وجهٍ (3).
وليس لنا خروجٌ مِن عبادةٍ بشرط إلَّا الاعتكافُ والحجُّ، وليس لنا تحلُّلٌ قبل وقتِهِ بِلا هَدْي، إلَّا فِي صورتَي الشَّرْطِ.
ولا يبطُلُ الحجُّ والعمرةُ إلَّا بالرِّدَّةِ.
ومكانُ ذبحِ دَمِ الإحصارِ حيثُ أُحْصِر، وكذا ما لزِمَهُ مِنْ دمٍ وما معهُ مِن هَدْي.
* * *
(1) في (أ، ب): "حج".
(2)
"على الأصلح" سقط من (أ، ب).
(3)
في هامش (ز): "فائدة: وتجزئ هذه العمرة عن عمرة الإسلام، بخلاف عمرة الفوات فإنها لا تجزئ".