الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحج
[فيه لُغتانِ: فتحُ الحاءِ وكسرِها](1).
وهو (2) لغةً: القصدُ، أو قَصْدًا لِمُعَظَّمٍ.
وفِي الشَّرعِ: عبارةٌ عنْ قَصْدِ البيتِ العَتيقِ بإحرامٍ مَخصوصٍ، مُشتمِلٍ على وقوفٍ وغيرِه على وجهٍ مخصوصٍ، قال اللَّهُ تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (195) وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .
وهو أَحدُ أركانِ الإسلامِ، وهل تجبُ العُمرةُ؟ قولان: أصحُّهُما الوجوبُ (3).
(1) ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(2)
في (ل): "هو".
(3)
"المنهاج"(ص 190).
والوجوبُ علي التراخِي إلَّا في موضِعٍ واحدٍ، وهو ما إذا استطاعَ بنفسِه ثُم عُضِب، فإن الاستنابةَ تتضيقُ عليه (1)، ولكن لا يُجبَرُ عليها.
ولا يجبُ الحجُّ والعمرةُ إلَّا بسبعِ شرائطَ (2):
(1)
الإسلامُ.
(2)
والبلوغُ.
(3)
والعقلُ.
(4)
والحريةُ.
(5)
والاستطاعةُ.
(6)
والإمكانُ.
(7)
والوقتُ.
هكذا ذكر المَحامِلِيُّ (3)(4).
والإمكانُ مِنْ جُملةِ أمورِ الاستطاعةِ، وسيأتي.
والوقتُ يتعلقُ بالحجِّ، فلا يجبُ ذلك على الكافرِ الأصليِّ على معنى: أنَّا
(1)"عليه": سقط من (ل).
(2)
راجع: "اللباب"(ص 196) و"مناسك النووي"(ص 95)، و"الإقناع"(1/ 231 - 232)، و"أسنى المطالب"(1/ 44).
(3)
"والإمكان والوقت هكذا ذكر المحاملي": سقط من (ب).
(4)
"اللباب"(ص 196).
لا نَطْلُبُ منه الفِعلَ، وإن كان (1) الكافرُ مخاطَبًا بفروعِ الشريعةِ.
ومَن حجَّ ثم ارتدَّ لمْ يَبطُلْ حجُّه على معنى أنَّه لا يُؤمَرُ بالقضاءِ إذا أَسْلمَ، وإلا فالرِّدةُ بمُجرَّدِها تُحبطُ العملَ على معنى ذَهابِ الأجرِ. نصَّ عليه.
ومَن ارتدَّ قَبْلَ أن يَحُجَّ فتعلُّقِ الحجِّ باقٍ عليه.
ولا يجبُ الحجُّ على صبيٍّ، ولا مجنونٍ لمْ يوجدْ فِي حالِ عَقلِه بعد بُلوغِه ما يَقتضِي إيجابَ الحجِّ، فإن وُجد ثم جُنَّ لمْ يَسقطِ الإيجابُ، حتَّى لو أفاقَ اكتفى في الإيجابِ بما (2) سَبقَ، أو ماتَ قُضيَ مِن تَرِكَتِه، ولا يُستنابُ عنه في حالِ جُنونِه، فإنِ استنابَ وليُّه عنه، فماتَ مجنونًا فأظهرُ القولَينِ: لا يُجزِئُه، [فإنْ كان مع جُنونِه مَعضُوبًا أجزأَ عنه قَطْعًا. قلتُه تَخريجًا.
وليس لنا موضعٌ يَسقطُ فرضُ الحجِّ وعمرتُه بالنيابةِ عن المجنونِ (3) إلَّا في هذا الموضعِ] (4).
والذي يُجنُّ ويُفيقُ عليه الحجُّ إذا حصلتِ الإفاقةُ زمنًا يقتضِي الإيجابَ، فلا يجبُ على العبدِ، يستوِي المُكاتَبُ والمبعَّضُ وغيرُهما.
وكل مَن لا يجبُ عليه يصحُّ منه إلا الكافرَ، فلا شَرْطَ للصحةِ غيرَ (5) الإسلامِ.
(1)"كان": سقط من (ب).
(2)
في (ب): "مما".
(3)
في (أ): "الجنون".
(4)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(5)
في (ل): "عن".
وصحتُه مِن المجنونِ والصبيِّ الَّذي لا يُميِّزُ بإحرامِ وليِّه، ويُحضِرُه المواقفَ ويأمرُه مقدورَه، والمميِّزُ يُحرِمُ بإذنِ وليِّه (1).
فللمباشرةِ شرطانِ:
(1)
الإسلامُ.
(2)
والتمييزُ بإذنِ الوليِّ.
ومَن صحَّ منه مع وجودِ نقصٍ مِن صبًى أو رِقً لا يَسقطُ به الفرضُ إلَّا إذا زالَ نقصُهما ووقفَا (2) في حالةِ الكمالِ (3) أو طافَا في العُمرةِ، فإنه يَسقطُ فرضُهما ويُعيدَان (4) السعيَ، إن كانَا قد سَعيَا في حالةِ النَّقصِ، ولا دَمَ عليهما.
وإنْ أفاقَ المعتوهُ بعد الإحرامِ وقبْلَ الوقوفِ، فإن كان هو الَّذي أَحرَمَ في حالِ عقلِه، ثم أتى بالوقوفِ وبقيةِ الأركانِ وهو مُفيق سَقطَ عنه الفرضُ، وإن كان وليُّه أحرمَ عنه لَمْ يَسقطْ.
وظاهرُ النصِّ فيما (5) إذا أفاقَ في المِيقاتِ ودامتْ له الإفاقةُ حتَّى فرغَ مِن أركانِ الحجِّ أنَّه يُجزئُه عن حجةِ الإسلامِ مع تصوره (6) بأن وليَّه أحرمَ عنه.
(1)"المنهاج"(ص 190).
(2)
في (ل): "ثم وقفا".
(3)
في (ب): "للكمال".
(4)
في (ل): "ويعيدا".
(5)
في (ل): "أنه".
(6)
في (ل): "تصويره".
وذَكرَ المَحامِلِيُّ -فيما إذا أفاقَ المعتوهُ بعد الإحرامِ وقبْلَ الوقوفِ- وجهَينِ على اختلافِ حالَينِ؛ لِأنَّه إن عادَ إلى الميقاتِ وأحرمَ منه، فقد صحَّ عنه، وإن لَمْ يَعُدْ إلى الميقاتِ وأحرمَ من حيثُ هو (1) فلا يصِحُّ، وعليه الهَدْيُ والقضاءُ في أحدِ القولَينِ، وهو كلامٌ غيرُ مُستقيمٍ.
* * *
والاستطاعةُ نوعانِ: استطاعةٌ بنفْسِه، واستطاعةٌ بغيرِه (2).
فالأول يعتبَرٌ (3) فيها خمسةُ أُمورٍ:
الأولُ: الراحلةُ (4) لمن لا يقوى (5) على المَشي في السفرِ القصيرِ، ويُعتبَرُ مع الراحلةِ ما يقتضِيه الحالُ مِن مَحمَلٍ ونحوِه (6).
الثاني: الزادُ وأوعيتُهُ حتَّى السُّفرةُ، وأن يجدَ الزادَ والماءَ (7) في المواضعِ المعتادةِ بعِوَضِ المِثلِ، وأن يبدَ عَلفَ الدابةِ في كلِّ مرحلةٍ (8).
(1) في (ب): "فأحرم من الميقات".
(2)
"المنهاج"(ص 190).
(3)
في (ل): "فالأولى معتبر".
(4)
في (ب): "الراحة".
(5)
في (ل): "لا لقوي".
(6)
"المنهاج"(ص 195).
(7)
في (أ، ب): "الماء والزاد".
(8)
"المنهاج"(ص 190) قال النووي: ويشترط كون الزاد والراحلة فاضلين عن دينه دينه ومؤنة من عليه نفقتهم مدة ذهابه وإيابه والأصح اشتراط كونه فاضلًا عن مسكنه وعبد يحتاج إليه لخدمته وأنه يلزمه صرف مال تجارته إليهما.
الثالثُ (1): الطريقُ.
الرابعُ (2): البَدَنُ.
الخامس (3): إمكانُ السيرِ.
* * *
وما تقدَّمَ في الراحلةِ والزادِ يُعتبَرُ وجودُه ذَهابًا وإيابًا لا لكاسبِ يَومٍ ما (4) ما (4) يكفيه لأيامٍ في السفرِ القصيرِ، والمكيُّ إذا استطاعَ وهو خارجَ مكةَ لا تُعتبَرُ نفقةُ الإيابِ في حقِّه.
وأما الطريقُ: فيُشترطُ فيه الأمنُ في النفْسِ والبُضْعِ والمالِ:
فمَن خافَ مِن سَبُعٍ أو عدوٍّ لا يَلزمُه الحجُّ إن لمْ يجدْ طريقًا سِواهُ.
ومَن خافَ مِن عدوٍّ ولمْ يكنِ الخوفُ عامًّا لأهلِ ناحيتِه (5)، فالإيجابُ متوجهٌ إليه، ويُقضَى من تركتِه. نصَّ عليه.
ويَلزمُ ركوبُ البحرِ إن غَلَبتِ السلامةُ (6).
وأما البُضعُ: فلا يجبُ على المرأةِ حتَّى تأمنَ على نفسِها بزوجٍ أو مَحرمٍ
(1) في (ب): "الثاني".
(2)
في (ب): "الثالث".
(3)
في (ب): "الرابع".
(4)
في (ب): "ما لا".
(5)
في (ب): "ناحية".
(6)
كما في المنهاج (ص 191): فلو خاف على نفسه أو ماله سبعًا أو عدوًّا أو رصديًّا رصديًّا ولا طريق سواه لم يجب الحج، والأظهر وجوب ركوب البحر إن غلبت السلامة.
أو عبدِها، ذَكرَه المرعشيُّ، وهو مُقتضَى كلامِهم في النظَرِ، أو نسوةٍ ثقاتٍ، والواحدةُ كافيةٌ للجوازِ، ولا يجوزُ سفرُها مع النسوةِ في التطوعِ (1) على الأصحِّ (2).
وأما المالُ: فمَن خافَ عليه مِن قاطعٍ أو رَصَدِيٍّ لم يجبِ الحجُّ إن كان الخوفُ عامًّا لأهلِ ناحيتِه، كما تقدمَ.
وأما البَدَنُ: فيُعتبَرُ لاستطاعةِ مباشرتِه أن يَستمسِكَ على الراحلةِ بِلا مشقةٍ شديدةٍ، ويُعتبَرُ وجودُ قائدٍ في (3) حقِّ الأعْمى.
وأما إمكانُ السيرِ: وهو أن يَبقَى مِن الزمانِ عندَ وُجودِ الزادِ والراحلةِ ما يُمْكنُ السيرُ فيه (4) إلى الحجِّ السيرَ المعهودَ، فإنْ لَمْ يَبْقَ ذلك لمْ يَلزمْهُ الحجُّ، وهو الَّذي تقدَّمَ في شرائطِه.
وأما (5) الوقتُ: فلا بد من، وأن يُوجَطَ المعتَبرُ في الإيجابِ في الوقتِ، فلو فلو استطاعَ في شهرِ رمضانَ، ثم افتقرَ قبْلَ مجيءِ شوالٍ، فلا استطاعةَ، وكذا لو افتقرَ بعد حجِّهم وقبلَ الرُّجوعِ لمن (6) يُعتبَرْ في حقِّه الذَّهابِ والإيابِ.
(1)"في التطوع": سقط من (ب).
(2)
كما في المنهاج (ص 191): وفي المرأة أن يخرج معها زوج أو محرم أو نسوة ثقات، والأصح أنه لا يشترط وجود محرم لإحداهن، وأنه يلزمها أجرة المحرم إذا لم يخرج إلا بها.
(3)
في (ل): "يعتبر وجوده قائدًا".
(4)
في (ب): "فيه السير".
(5)
في (ل): "وأما".
(6)
في (ل): "لم".
والثانية (1): الاستطاعةُ بغيرِه، فمَن لا يستمسكُ (2) على المركوبِ لإحدى العللِ الثلاثِ وهِي:
(1)
العضبُ في البَدَنِ.
(2)
أو كِبَرُ سِنٍّ.
(3)
أو ضعفُ خِلقةٍ.
فتلحقُه مشقةٌ عظيمةٌ بالركوبِ، وهو يجِدُ ما يَستأجرُ بِهِ مَن يحجُّ عنه فاضلًا عن نفقةِ مَن تَلزمُه نفقتُه يومَ الاستئجارِ، فيلزمُه ذلك (3).
ولو لمْ يجِدْ أجيرًا إلَّا بأكثرَ مِن أُجرةِ المِثلِ، لمْ يَلزمْه.
ومَن بِه إحدى العِللِ الثلاثِ إذَا لمْ يجِدْ مالًا، ووجدَ مَن يَبذلُ له الطاعةَ بالبدَنِ مِن قريبٍ أو أجنبِيٍّ (4) فيلزمُه ذلك (5) لَا في بذْلِ المالِ، ولَا فِيما إذا كان الولدُ ماشِيًا أو مُعوِّلًا على الكسبِ والسؤالِ.
وقياسُ ما سَبَقَ أَنْ يُلزَمَ في السفرِ القصيرِ في الماشِي القويِّ، ومَن يَكسِبُ ما يَكفيه لأيَّامٍ.
والحاجُّ عن غيرِه بِلا رِزقٍ ولا أُجرةٍ هُو المُتطوعُ.
(1) في (ظا): "والثاني".
(2)
في (ل): "يتمسك".
(3)
"المنهاج"(ص 190 - 191).
(4)
في (ل): "أجير".
(5)
"ذلك": سقط من (ل).
ولا يَحُجُّ أحدٌ عن المعضوبِ (1) إلَّا بإذنِه؛ [على ما صحَّحُوه وهو مُشكِلٌ، والأقوى جوازُه بغيرِ إذنِه](2)، والمرزوقُ مَن يقول له: حُجَّ عنِّي، ويُعطيهِ (3) نفقةَ الطريقِ، ولو استأجرَ بالنفقةِ لمْ يصحَّ لجهالتِها، والأجيرُ مَن يستأجرُه لِيَحُجَّ عنه، فتكونُ إجارةً لازمةً، فجميع ذلك صحيحٌ جائزٌ، ويقعُ الحجُّ عن المحجوجِ عنه، ويَسقطُ بذلك فرضُه.
* * *
(1) بالضاد الْمُعْجَمَة، وحكيت الْمُهْملَة، وَهُوَ المأيوس من قدرته على الْحَج بِنَفسِهِ. "دقائق المنهاج"(ص 56).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ل).
(3)
في (ل): "فيعطه".