الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في صلاة شدة الخوف
(1)
إذَا اشتَدَّ، والْتحَمَ القِتالُ، ولَم يَتمكنُوا مِنْ تَرْكِه، صلَّوْا بِحَسَبِ الإمكانِ، وليس لهم التأخيرُ عنِ الوقتِ.
ويصلُّون رُكبانًا ومُشَاةً، ولهم تَرْكُ الاستقبالِ عند العجزِ.
ولهم الإيماءُ عندَ العجزِ، ويُجعلُ السجودُ فيه أخفضَ، ويُعذرُ فِي العملِ (2) الكثيرِ، لا فِي الصِّياحِ (3)(4).
(1) قال اللَّه تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} قال ابن عمر رضي الله عنهما: "مستقبلي القبلة وغير مستقبليها"، يعني: في شدة الخوف، يصلون ركبانا أو رجالا عدوا أو مشيا، فإذا أمن فإن كان راكبا نزل وبنى، وإن اشتد الخوف فركب ابتداءً.
وانظر: "أحكام القرآن" للشافعي 1/ 35، 36، 96، "أحكام القرآن" للهراسي الشافعي 1/ 327، "النكت والعيون" 1/ 310.
وانظر: "الإقناع" لابن المنذر 1/ 122 - 123، "الإقناع" للماوردي 58، "أسنى المطالب" 1/ 273، "فيض الإله المالك" 1/ 187، "فتح المنان"169.
(2)
"العمل": سقط من (ظ).
(3)
في (أ): "المصباح".
(4)
ذكر الغزالي في "الوسيط" هذا النوع من صلاة شدة الخوف وجعله النوع الرابع من أنواع صلاة الخوف فقال: النوع الرابع صلاة شدة الخوف، وذلك إذا التحمَ القتالُ ولم يحتملْ تخلف طائفةٍ عن القتالِ فلا سبيلَ إلَّا الصلاة رِجالًا ورُكبانًا، مستقبلَ القبلةِ وغيرَ مستقبلِها إيماءً بالركوعِ والسجودِ، ولا يُحتملُ فيها الصَّيْحَةُ والزَّعْقةُ للاستغناءِ عنها، ولا =
ولَوْ تَلطَّخَ سِلاحُه بالدمِ، فله إمساكُه عند الاحتياجِ (1) ويَقضِي، واختارَ الإمامُ عدمَ القضاءِ (2).
= يُحتملُ الضرباتُ الكثيرةُ من غيرِ حاجةٍ، ويُحتملُ القليلةُ مع الحاجةِ، وفي الكثيرةِ يُنظرُ فإن كان في أشخاصٍ فيُحتمل ما يتوالى منه، وإن كان في شخصٍ واحدٍ فلا يُحتمل لكونه عذرًا نادرًا.
وفيه قولٌ أنه يُحتملُ في الموضعين، وهو مُنقاسٌ؛ لأن الواحدَ أيضًا قد يدفعُ عن نفسهِ بسلاحهِ ودِرْعِهِ فيحتاجُ إلى الموالاةِ.
وفيه قولٌ ثالثٌ: أنه لا يُحتملُ في الأشخاصِ أيضا لندورِ الحاجةِ وضيقِ بابِ الرخصةِ.
(1)
في (ظ): "الاحتاج".
(2)
ولو تلطَّخَ سلاحُه بالدمِ فليبادرْ إلى إلقائهِ أو يجعلُه في قِرابه تحتَ رِكابهِ إنِ احتملَ الحالُ ذلك. كذا قاله الإمامُ.
وقال الرويانيُّ في "تلخيصه": الظاهرُ فيما إذا ردَّه إلى قرابهِ تحت وركِه: أنها تبطلُ؛ لأنه كان يمكنُه أن يطرحَه من يدهِ في الحالِ، وإن أمسكَه من غيرِ ضرورةٍ بطلتْ صلاتُه.
قالَ العمرانيُّ: قالَ الصيدلانيُّ: فإنْ تنحَّى ليغسله فوجهان، وإن احتاجَ إلى إمساكهِ فله إمساكُه للضرورةِ. [روضة الطالبين (2/ 61)، وشرح الوجيز (4/ 647)، والمنهج القويم (1/ 218)].
وظاهرُ كلامِ الأصحابِ القطعُ بوجوبِ القضاءِ لندورِ العددِ، وحكاهُ القاضي الحسينُ عنِ النصِّ، وحكاهُ الإمامُ عن بعضهم ثُم منعه وقال: تلطخُ السلاحِ بالدمِ من الأعذارِ العامةِ في حقِّ القاتل، ولا سبيل إلى تكليفهِ تنحيه السلاح، فتلك النجاسةُ ضروريةٌ كنجاسةِ المستحاضةِ في حقِّها، وجعل المسألة على قولَيْن مُرتَّبَيْن على القولين فيما إذا صلَّى في حشٍّ أو غيرِه من المواضعِ النجسةِ وهذه الصورةُ أَولى بنفي القضاءِ لإلحاقِ الشرعِ القتالَ بسائرِ سقطاتِ القضاءِ في سائرِ المحتملاتِ كالاستدبارِ والإيماءِ بالركوعِ والسجودِ، وجعلَ المصنفُ عدمَ وجوبهِ أقيسُ. =
وتَجري صلاةُ شِدَّةِ (1) الخوفِ فِي العيدَينِ والخسوفين (2)، وقياسُه أَنْ تَجرِي فِي الرَّوَاتبِ التي تَفُوتُ، لا (3) الاستسقاءَ، وَتَجْري فِي كلِّ قتالٍ مباحٍ.
وكذا الدفعُ (4) عنِ المالِ، وكذا الهَرَب مِنْ سَيلٍ، أو حريقٍ، أو غرقٍ (5)، أو سبُعٍ أو حيةٍ (6)، أو مِن غَرِيمِه الذي يَطْلُبُه لِيَقْتَصَّ منه، وهو يرجُو العفوَ لَو تغيَّب، أو مِن صاحبِ الدَّيْن، والهاربُ معسِرٌ عاجزٌ (7) عنْ بيِّنةِ الإعسارِ ولا يُصَدِّقُهُ المُسْتَحِقُّ.
وكذا لو (8) خافَ فَواتَ الوُقوفِ (9) صلَّى العِشاءَ مُستقرًّا على الأرضِ على وجهٍ رجَّحَهُ بعضُهم، ومنهم مَن رَجَّحَ تأخيرَ الصلاةِ والسعي للوقوفِ، ومنهم مَنْ عَكَس (10).
= ونقلَ العمرانيُّ الخلافَ والبناء عن صاحبِ "الإبانةِ". [روضة الطالبين (2/ 61)، والمجموع (4/ 219)].
(1)
"شدة": سقط من (ل).
(2)
في (ظ): "الخوف العيدين والكسوفين"، في (ل):"في العيدين والكسوف".
(3)
في (ل): "إلا".
(4)
في (ل): "للدفع".
(5)
في (ل): "غريق".
(6)
في (ل): "أو حية أو سبع".
(7)
في (أ): "معسرًا عاجزًا".
(8)
في (ل): "إذا".
(9)
في (ل): "الوقوف لو".
(10)
"المهذب"(1/ 199 - 203) و"التنبيه"(ص 41 - 42).
وقال الغزالي: لو خافَ المحرمُ فواتَ الوقوفِ فيصلي مسرعًا في مشيهِ على وجهٍ، ويتركُ الصلاةَ على وجهٍ، وتلزمُه الصلاةُ لابثًا على وجهٍ. انتهى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعلل أصحاب هذا الوجه رأيهم، بأنه وإن فاته الحج للصلاة على الأرض مستقرًّا فإن ذلك لعظم حرمة الصلاة، ولأن الحج يمكن تحصيله، وقالوا: ويشبه أن يكون هذا الوجه أوفق كلام الأئمة.
قال النووي: "هذا الوجه ضعيف، والصواب الأول [يعني: يؤخر الصلاة يحصل الوقوف] فإنا جوزنا تأخير الصلاة لأمور لا تقارب المشقة فيها هذه المشقة، كالتأخير للجمع، واللَّه أعلم".
انظر "الروضة"(2/ 63)، وراجع "المجموع"(4/ 315).