الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونشره، وهم على أربعة أقسام:
القسم الأول: من تلقّى المذهب وبرع فيه لكنه وصل إلى درجة الاجتهاد المطلق.
الثاني: من اجتهد واختار لنفسه بعض الاختيارات.
الثالث: من عكف على دراسة المذهب، وأخذ على نفسه همّ نشره.
الرابع: قوم برعوا في علوم شتّى كالحديث النبوي واللغة وغير ذلك، وأخذوا عن أصحاب الشافعي.
المرتبة الثانية: التخصص والبناء: هذه المرتبة تعتبر بمثابة العمود الفقري للمذهب، ففيها بدأ يتشكل المذهب كبناء له معالمه الواضحة، ورجاله الذين تخصصوا فيه، وصاروا يدافعون عنه، وظهرت فيه كتابات متميزة، وعُين مجموعة من الشافعية في قضاء الولايات والأقاليم، وظهر أثر الإمام ابن سريج والأنماطي فيها واضحا على بعض أبناء هذه الطبقة والطبقات التي تليها.
المرتبة الثالثة: المشار المذهب وظهوره على بقية المذاهب: هذه المرتبة امتداد للمرتبة التي سبقتها لكنها تفترق عنها زمانيا، وامتازت بكثرة المصنفات، وبالامتداد الجغرافي الواسع للمذهب، ففي هذه المرتبة بلغ انتشار المذهب كل البلاد الإِسلامية تقريبًا، باستثناء شمال إفريقيا والأندلس بما فيها المغرب العربي التي حافظ أهلها على المذهب المالكي، ولما وليها المعزّ بن باديس سنة 407 حمل أهلها على اتباع المذهب المالكي، وبقيت تلك البلاد تتبع المذهب المالكي إلى أيامنا هذه، فهو الغالب على تلك البلاد.
* * *
من ميزات فقه الإِمام الشافعي
الشَّافعي رضي الله عنه محدثٌ يُكثر في كتبه من الاستدلال بالحديث، وهو قيَّاس كبير يكثر من استعمال القياس.
وقد تأثر الشَّافعي رضي الله عنه بمدرسة الحجاز، ومدرسة العراق؛ لأنَّه كَانَ في أوّل
أمره تلميذًا للإمام مالك، ومتّبعًا لمذهبه، واحد رجال مدرسته، وما زال كذلك إلى سنة 195 هـ حيث قدم بغداد قدمته الأخيرة، فهناك كَانَ قد بلغ مؤسس مذهب يدعو إليه.
وكان أقوى ما أثّر فيه اتصاله بأصحاب الإِمام أَبي حنيفة واستفادته من كتب محمَّد بن الحسن، وعلمه بطريقة أهل العراق، إذ رأى أَنَّ طريقتهم ومنهجهم لا يحسن أخذها كلّها ولا تركها كلَها، فعندهم القياس وهو منهج صحيح، ولكن في نظر الشَّافعي ليس على إطلاقه، بل لا بد أَن يتأخر القياس عن الأحاديث الصحيحة حتى ما كَانَ منها خبر آحاد، وعندهم طريقة تفريع المسائل الكثيرة من أصولها، والاستدلال بالعدالة والمصلحة والاستحسان، وإلحاق الشبيه بالشبيه، وما بين الأشياء من موافقات وفروق، والوثوب إِلى المناظرة وتأليف الحجج والبراهين والأدلة، فاقتبس من ذلك أحسنه وأضافه إِلى ثروته الحجازية من اللغة والأدب أولًا، والحديث والإجماع وطريقة الحجازيين في الاستنباط ثانيًا، فألّف بينهما بشخصيته الفذّة، فأخرج مذهبه في العراق ودعا إِليه.
وتوسّع في استعمال الحديث والاستدلال به أكثر مما فعل مالك وأَبو حنيفة، وقد حَدَّ من الرأي والقياس، وضيّق سلطتهما، ولذلك كَانَ من أنصاره أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهوية من كبار المحدِّثين، كما أَنه كَانَ أقرب إلى نفوس الحنفية من المحدَّثين وفقهائهم، لأنَّه لم ينكر القياس جملة، بل أخذ به وقعّد له القواعد حتى عَدَلَ بعضُ فقهاء العراق عن مذهب أَبي حنيفة إلى مذهبه.
وكان الشَّافعيُّ أول من أعطى للحديث مكانته الأولى في الفقه، وأَلَّح إلحاحًا شديدًا في الاستدلال بالحديث، فكانت نظريته حدثًا تاريخيًا جعل الناس يتجهون للرجوع للحديث بعد أَن كَانَ الاتجاه قبله في التشريع نحو العمل المجمع عليه حينًا، وأقوال الصَّحابة والتابعين والرأي حينًا آخر، ومنذ ذلك الوقت أَخذ الفقه والحديث مسلكا جديدًا في المذاهب الفقهية.
* * *