الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب صلاة الخوف
(1)
إن لَمْ يَشتَدَّ الخوفُ، فهي أنواعٌ جاءتْ مِن فِعْلِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم (2):
* منها: صلاةُ بَطْنِ نخلٍ.
(1) صلاةُ الخوف ثابتةٌ عند العلماء كلِّهم إلا أبا يُوسف والمزني:
أما أبو يُوسف، فقال: كانت مختصةً بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن يصلي معه، وذهبت بوفاته، وأما المزني فقال: نُسخت في زمنه عليه الصلاة والسلام، واحتج أبو يوسف بقوله تعالى:{وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} ، وظاهرُها اختصاصُها به، وبأن التغيير الداخل عليها كان ينجبرُ بصلاتها معه عليه الصلاة والسلام بخلافِ غيرِه، واحتج المزنيُّ بأنه عليه الصلاة والسلام فاتته صلواتٌ يومَ الخندق لاشتغاله بالقتال، ولو كانت صلاةُ الخوف جائزةً لفعلها ولم يُفوِّت الصلاة.
(2)
قال المحاملي في "اللباب"(ص 124): اعلم أن صلاة الخوف على ضربين: أحدهما: في السفر، والثاني: في الحضر.
فإن كان في السفر يصلي بالطائفة الأولى ركعة، فإذا فرغ أتموا لأنفسهم ومروا إلى المصاحف، وجاءت الطائفة المقابلة، فيصلي بهم الركعة الثانية، ويثبت الإمام جالسًا، ويتمون لأنفسهم، فإذا فرغوا سلم بهم الإمام. وإن كانوا في الحضر صلى بكل فرقة ركعتين على هذه الصفة، فإن كانت الصلاة صلاة المغرب، صلى بالطائفة الأولى ركعتين، وبالثانية ركعة. انتهى.
وانظر: الأم 1/ 244، والمهذب 1/ 106، ونهاية المحتاج 2/ 365، 370 والتنبيه 41 - 42، والمنهاج 23، والإقناع للشربيني 1/ 181.
* وصلاةُ عُسْفان.
* وصلاةُ (1) ذاتِ الرِّقَاعِ.
* * *
(1)
فصلاةُ (2) بَطْنِ نخلٍ (3): أن يفرقهم فِرقتَينِ، يصلِّي بكلِّ فِرقةٍ صلاةً كاملةً، تكونُ الثانيةُ للإمامِ نافلةً.
وَإنما تُختارُ (4) بشروطٍ ثلاثةٍ:
1 -
أن يكونَ العدوُّ فِي غيرِ القِبلةِ.
2 -
وأن يكونَ فِي المسلمِينَ كثرةٌ (5).
3 -
والعدوُّ قليلٌ.
* * *
(1)"صلاة": سقط من (ل، أ، ز).
(2)
في (ل): "وصلاة".
(3)
قال النووي: بطن نخل هو الذي صلى به رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، ونخل بفتح النون وإسكان الخاء المعجمة، وهو مكان من نَجد من أرض غطفان، هكذا قال صاحب المطالع والجمهور. . . "تهذيب الأسماء واللغات"(3/ 35).
وقال ابن الصلاح في شرح مشكل الوسيط/ بهامش الوسيط (2/ 297): ونخل مكان من نَجد من أرض غطفان، وهو غير نخلة الموضع الذي بقرب مكة، الذي جاء إليه وفد اليمن، وروى هذه الصلاةَ جابرُ ابن عبد اللَّه أخرجه مسلم في صحيحه.
(4)
"إنما": سقط من (أ، ظ، ز).
(5)
"كثرة" سقط من (ل).
(2)
وصلاةُ عُسفانَ (1): أن يصلِّيَ بالجميعِ، فإذَا سجدَ فِي الأُولى حَرَسَ صفٌّ، وفِي الخَبرِ: الحارس (2) الثاني.
والشافعيُّ رضي الله عنه ذَكرَ حِراسةَ الأوَّلِ وحراسة بعضِه، فإذَا قامَ الإمامُ والساجدون، سَجدَ الحارسون وَلَحِقوه، وقرأ (3) الجميعُ، ثُم يركعُ بالكُلِّ ويَعتدلُ، فإذَا سجدَ سجدَ معه الحارسون فِي الأُولى وحَرسَ الآخَرون، فإذَا جلسَ للتشهد سجدوا، ولَحِقُوه، وتَشهدوا، وسلَّم بهم، ولو تولَّى (4) الحراسةَ فِي الركعتينِ طائفةٌ جازَ فِي الأصحِّ، ولو تأخَّر الحارسون وتقدَّمَ الآخَرون جازَ إذَا لمْ تكثُرِ الأفعالُ، وفِي "صحيح مسلم"(5) تقدُّمُ الصفِّ الثاني وتأخُّرُ
(1) قال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط/ بهامش الوسيط"(2/ 297): "ذكر صلاة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بعُسفان، وهذه الصلاة رواها أبو عياش الزرقي أحد الصحابة"، أخرج حديثه أبو داود والنسائي وغيرهما، وله مرتبة الحسن من الحديث، وروى جابر بن عبد اللَّه نحو ذلك. أخرجه مسلم في صحيحه، وفي حديث:"صلاة هي أحب إليهم من الأولاد"، وفي رواية:"أحب إليهم من أبنائهم"، لا كما ذكره في الكتاب من قوله:"أعز عليهم من أزواجهم"، واللَّه أعلم. انظر حديث أبي عياش الزرقي عند أبي داود:(2/ 11، 12) كتاب الصلاة باب صلاة الخوف (1236).
وعُسفَان: بضم العين وإسكان السين، قرية بين مكة والمدينة، تبعد حوالي ثمانية وأربعين ميلًا عن مكة على ما رجح النووي. راجع: تهذيب الأسماء واللغات (3/ 237) ومراصد الاطلاع (2/ 940).
(2)
في (ل): "الحارث"!
(3)
في (ل): "وقر".
(4)
في (ل): "نوى".
(5)
رواه مسلم في "صحيحه"(307/ 840) في باب صلاة الخوف عن عطاءٍ، عن =
الصفِّ الأَوَّلِ.
ولهذه الصلاةِ ثلاثةُ شروطٍ:
(1)
أن يكونَ العدوُّ فِي جهةِ القِبلةِ.
(2)
وأن يكونَ على جبلٍ، أو مستوٍ مِن الأرضِ، لا يسترُهم شيءٌ عن أبصارِ الحارِسِين.
(3)
وأن يكونَ فِي المسلمِينَ كثرةٌ؛ لتسجدَ طائفةٌ وتحرسَ أُخرى، ولو حَرسَ صفَّانِ فأكثرُ، لَمْ يَمْتَنِعْ.
* * *
= جابر بن عبد اللَّه، قال:"شهدتُ مع رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف، فصفنا صفين، صف خلف رسُول اللَّه صلى الله عليه وسلم، والعدُو بيننا وبين القبلة، فكبر النبي صلى الله عليه وسلم وكبرنا جميعًا، ثُم ركع، وركعنا جميعًا، ثُم رفع رأسهُ من الركُوع، ورفعنا جميعًا، ثُم انحدر بالسجُود، والصف الذي يليه، وقام الصف المُؤخرُ في نحر العدُو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجُود، وقام الصف الذي يليه، انحدر الصف المُؤخرُ بالسجُود، وقامُوا، ثُم تقدم الصف المُؤخرُ، وتأخرالصف المُقدمُ، ثُم ركع النبي صلى الله عليه وسلم وركعنا جميعًا، ثُم رفع رأسهُ من الركُوع ورفعنا جميعًا، ثُم انحدر بالسجُود والصف الذي يليه الذي كان مُؤخرًا في الركعة الأُولى، وقام الصف المُؤخرُ في نُحُور العدُو، فلما قضى النبي صلى الله عليه وسلم السجُود والصف الذي يليه، انحدر الصف المُؤخرُ بالسجُود، فسجدُوا، ثُم سلم النبي صلى الله عليه وسلم وسلمنا جميعًا" قال جابرٌ: كما يصنعُ حرسُكُم هؤُلاء بأُمرائهم.
(3)
وصلاةُ دْاتِ الرِّقاع (1): وهي (2) أن يفرقهم فِرْقتَينِ، تقفُ واحدةٌ في (3) وجهِ العدوِّ، لكونِه (4) فِي غيرِ القِبلةِ أو فيها (5)، وهناك حائلٌ يمنعُ رؤيتَهم، وينحازَ بفِرقةٍ إلى حيثُ لا تَبلغُهم (6) بها سهامُ العدوِّ، فيُصلِّيَ بها ركعةً، ثُم يَخرجُ المقتدون عن مُتابعتِه، ويُتِمُّونَ لأنفسهِم، ثم يَذهبون إلى وَجهِ العدوِّ، ويجيءُ أولئك فيقتدون به فِي الثانيةِ، ويطيلُ القيامَ، ويقرأُ فيه (7) إلى أن يَلْحَقوه، فإذَا جلَسَ للتشهدِ قاموا وأَتمُّوا الثانيةَ لأنفسِهم، وهو ينتظرُهم، فإذَا لَحِقُوه سلَّمَ بهم.
(1) قال ابن الصلاح في "شرح مشكل الوسيط/ بهامش الوسيط"(2/ 299): "غزوة ذات الرقاع ثبت في "الصحيحين" عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال فيها: نقبت أقدامنا، فكنا نلف على أرجلنا الخرق، فسميت غزوة ذات الرقاع لما كنا نعصب على أرجلنا من الخرق". وقوله: (نقبت) بالنون والقاف المكسورة، أي تقرَّحت وتقطعت جلودها.
قلت: وفي "صحيح مسلم" عن جابر: (حتى إذا كنا بذات الرقاع) فقال بعضهم: سميت بذات الرقاع من أجل هذا والأصح أنه اسم موضع. قلت: نجمع بين هذا وما قاله أبو موسى بأن يقال: سميت البقعة ذات الرقاع لما ذكر أبو موسى، واللَّه أعلم. والحديث الذي ذكره في صلاتها ثابت بمعناه في الصحيحين.
(2)
في (ل): "وهو".
(3)
في (أ): "من".
(4)
في (ظ): "لكنه".
(5)
في (ل): "في القبلة".
(6)
"بها" سقط من (أ، ظ).
(7)
في (ظ): "فيها".
هذِه روايةُ سهلِ بنِ أبي حَثْمَةَ (1).
ولابنِ عُمرَ رِوايةٌ أُخْرى (2).
وفِي البابِ رواياتٌ موضِعُها المَبْسُوطاتُ.
والخوفُ مِن السَّبُعِ، والثعبانِ، كالخوفِ مِن العدوِّ ونحوِه، وكذا (3) الخوفُ على المالِ (4).
* * *
(1) في (أ، ظ): "خيثمة" وهو تصحيف.
والحديث أخرجه البخاري بمعناه عن سهل بن أبي حثمة: (4129، 4131).
(2)
وروى ابن عُمر: أنَّه لمَّا قام إلى الثانية ما انفردوا بالركعةِ، لكن أخذوا مكانَ إخوانِهم في الصفِّ وهُم في الصفِّ، وانحاز الآخرون وصلُّوا ركعةً، فتخلَّفَ بهم رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ورجعوا إلى مكان إخوانهم وعليهم بعدُ ركعةٌ، ثُم رجعَ الفريقُ الأول وأتموا الركعةَ الثانيةَ منفردين، ونهضوا إلى الصفِّ، وعادَ الآخرون وأتمُّوا كذلك.
وأخرجه البخاري (942، 943، 4132، 4135)، ومسلم (57، 839، 841)، وأبو داود (1237 - 1245)، والترمذي (564 - 467) والنسائي (3/ 170، 171) وابن ماجه (1259).
(3)
في (أ): "وكذلك".
(4)
المجموع 4/ 249، الغاية القصوى 1/ 347، مغني المحتاج 1/ 305، تحفة الطلاب 1/ 275، غاية البيان 122.