الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]
فَصْلٌ (ثُمَّ يَرْجِعُ) مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ " عَلَى مَا تَقَدَّمَ (إلَى مِنًى فَيَبِيتُ بِهَا) وُجُوبًا لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «لَمْ يُرَخِّصْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَأَحَدٍ يَبِيتُ بِمَكَّةَ إلَّا لِلْعَبَّاسِ لِأَجْلِ سِقَايَتِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ (ثَلَاثَ لَيَالٍ) إنْ لَمْ يَتَعَجَّلْ فِي يَوْمَيْنِ وَلَيْلَتَيْنِ إنْ تَعَجَّلَ.
(وَيُصَلِّي بِهَا ظُهْرَ يَوْمِ النَّحْرِ) نَصًّا نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَفَاضَ يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ رَجَعَ فَصَلَّى الظُّهْرَ بِمِنًى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَرْمِي الْجَمَرَاتِ بِهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَهِيَ أَيَّامُ مِنًى الثَّلَاثَةُ الَّتِي تَلِي يَوْمَ النَّحْرِ (كُلُّ يَوْمٍ بَعْدَ الزَّوَالِ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَرَمَى بَعْدَ ذَلِكَ بَعْدَ زَوَالِ الشَّمْسِ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ " كُنَّا نَتَحَيَّنُ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ رَمَيْنَا " وَأَيّ وَقْتٍ رَمَى بَعْدَ الزَّوَالِ أَجْزَأَهُ إلَّا أَنَّ الْمُسْتَحَبَّ الْمُبَادَرَةُ إلَيْهَا حِينَ الزَّوَالِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ (إلَّا السُّقَاةَ وَالرُّعَاةَ فَلَهُمْ الرَّمْيُ لَيْلًا وَنَهَارًا) لِلْعُذْرِ (وَلَوْ) كَانَ رَمْيُهُمْ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي لَيْلَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَإِنْ رَمَى غَيْرُهُمْ) أَيْ: غَيْرُ السُّقَاةِ وَالرُّعَاةِ (قَبْلَ الزَّوَالِ) أَوْ لَيْلًا (لَمْ يُجْزِئْهُ) الرَّمْيُ (فَيُعِيدُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَآخِرُ وَقْتِ رَمْيِ كُلِّ يَوْمٍ) مِنْ أَيَّامِ الرَّمْيِ الْأَرْبَعَةِ (إلَى الْمَغْرِبِ) ؛ لِأَنَّهُ آخِرُ النَّهَارِ.
(وَيُسْتَحَبُّ) الرَّمْيُ أَيَّامَ مِنًى (قَبْلَ صَلَاةِ الظُّهْرِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجِمَارَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ قَدْرَ مَا إذَا فَرَغَ مِنْ رَمْيِهِ صَلَّى الظُّهْرَ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (أَنْ لَا يَدَعَ الصَّلَاةَ مَعَ الْإِمَامِ فِي مَسْجِدِ مِنًى وَهُوَ مَسْجِدُ الْخَيْفِ) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلِ أَصْحَابِهِ (فَإِنْ كَانَ الْإِمَامُ غَيْرَ مَرْضِيٍّ) لِفِسْقٍ أَوْ نَحْوِهِ (صَلَّى الْمَرْءُ بِرُفْقَتِهِ) مُحَافَظَةً عَلَى الْجَمَاعَةِ.
(وَيَرْمِي كُلَّ جَمْرَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ (بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي رَمْي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (فَيَبْدَأُ بِالْجَمْرَةِ الْأُولَى وَهِيَ أَبْعَدُهُنَّ مِنْ مَكَّةَ وَتَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَسَارِهِ وَيَرْمِيهَا) بِالسَّبْعِ حَصَيَاتٍ (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا لِئَلَّا يُصِيبَهُ الْحَصَى فَيَقِفُ فَيَدْعُو اللَّهَ رَافِعًا يَدَيْهِ وَيُطِيلُ ثُمَّ يَأْتِي الْوُسْطَى فَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ) وَيَرْمِيهَا كَذَلِكَ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَيَقِفُ
عِنْدَهَا أَيْ: بَعْدَ أَنْ يَتَقَدَّمَ قَلِيلًا لِئَلَّا يُصِيبَهُ الْحَصَى وَيَدْعُو اللَّهَ وَيَرْفَعُ يَدَيْهِ وَيُطِيلُ ثُمَّ يَأْتِي لِرَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ كَذَلِكَ وَيَجْعَلُهَا عَنْ يَمِينِهِ (وَيَسْتَبْطِنهُ الْوَادِي) عِنْدَ رَمْيِ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِي الْجَمَرَاتِ كُلِّهَا) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَفَاضَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ يَوْمِهِ حِينَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى مِنًى فَمَكَثَ بِهَا لَيَالِيَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، يَرْمِي الْجَمْرَةَ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ، كُلُّ جَمْرَةٍ بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ، يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَيَقِفُ عِنْدَ الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ وَيَتَضَرَّعُ وَيَرْمِي الثَّالِثَةَ وَلَا يَقِفُ عِنْدَهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَرَوَى أَبُو دَاوُد " أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَدْعُو بِدُعَائِهِ الَّذِي دَعَا بِهِ بِعَرَفَةَ، وَيَزِيدُ: وَأَصْلِحْ، أَوْ أَتِمَّ لَنَا مَنَاسِكَنَا ".
وَقَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ " كَانَ عُمَرُ وَابْنُ مَسْعُودٍ يَقُولَانِ عِنْدَ الرَّمْي: اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا ".
(وَتَرْتِيبُهَا) أَيْ: الْجَمَرَاتِ (شَرْطُ بِأَنْ يَرْمِيَ أَوَّلًا) الْجَمْرَةَ (الَّتِي تَلِي مَسْجِدَ الْخَيْفِ ثُمَّ الْوُسْطَى ثُمَّ الْعَقَبَةِ فَإِنْ نَكَّسَهُ) أَيْ: الرَّمْيَ بِأَنْ قَدَّمَ عَلَى الْأُولَى غَيْرَهَا (لَمْ يُجْزِئْهُ) مَا قَدَّمَهُ عَلَى الْأُولَى نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَتَّبَهَا فِي الرَّمْيِ، وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» ؛ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ مُتَكَرِّرٌ، فَاشْتُرِطَ التَّرْتِيبُ فِيهِ كَالسَّعْيِ (وَإِنْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ مِنْ الْأُولَى لَمْ يَصِحّ رَمْيُ الثَّانِيَةِ) وَكَذَا لَوْ أَخَلَّ بِحَصَاةٍ مِنْ الثَّانِيَةِ لَمْ يَصِحّ رَمْيُ الثَّالِثَةِ لِإِخْلَالِهِ بِالتَّرْتِيبِ.
(وَإِنْ جَهِلَ) الرَّامِي (مَحَلَّهَا) بِأَنْ جَهِلَ مِنْ أَيِّ جَمْرَةٍ تَرَكَ الْحَصَاةَ (بَنَى عَلَى الْيَقِينِ) فَإِنْ شَكَّ: أَمِنَ الْأُولَى أَوْ مَا بَعْدَهَا؟ جَعَلَهُ مِنْ الْأُولَى أَوْ شَكَّ فِي كَوْنِهِ مِنْ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ؟ جَعَلَهُ مِنْ الثَّانِيَةِ، لِتَبْرَأَ ذِمَّتُهُ بِيَقِينٍ كَمَا لَوْ تَيَقَّنَ تَرْكَ رُكْنٍ وَجَهِلَ مَحَلَّهُ (ثُمَّ يَرْمِي فِي الْيَوْمِ الثَّانِي) الثَّلَاثَ الْجَمَرَاتِ مُرَتَّبَةً عَلَى صِفَةِ مَا تَقَدَّمَ (وَ) يَرْمِي فِي الْيَوْمِ (الثَّالِثِ كَذَلِكَ) إنْ لَمْ يَكُنْ تَعَجَّلَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي.
(وَعَدَدُ الْحَصَى) لِكُلِّ جَمْرَةٍ (سَبْعٌ) لِمَا تَقَدَّمَ وَأَمَّا مَجْمُوعُ حَصَى الْجِمَارِ فَسَبْعُونَ يَرْمِي مِنْهَا
جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ بِسَبْعَةٍ يَوْمَ النَّحْرِ وَبَاقِيهَا فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ كُلَّ يَوْمٍ إحْدَى وَعِشْرِينَ حَصَاةً فِي الْجَمَرَاتِ الثَّلَاثِ كُلَّ جَمْرَةٍ بِسَبْعَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ مَعَ رَمْيِ يَوْمِ النَّحْرِ) بِأَنْ أَخَّرَ رَمْيَ جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ، وَرَمَى الْيَوْمَ الْأَوَّلَ وَالثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (فَرَمَاهُ آخِرَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ أَجْزَأَهُ أَدَاؤُهُ؛ لِأَنَّ أَيَّامَ الرَّمْي كُلّهَا بِمَثَابَةِ الْيَوْمِ الْوَاحِدِ) ؛ لِأَنَّهَا كُلّهَا وَقْتٌ لِلرَّمْيِ فَإِذَا أَخَّرَهُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِهِ إلَى آخِرِهِ أَجْزَأَهُ، كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْوُقُوفَ بِعَرَفَةَ إلَى آخِرِ وَقْتِهِ.
(وَكَانَ) بِتَأْخِيرِ الرَّمْيِ إلَى آخِرِهَا (تَارِكًا لِلْأَفْضَلِ) وَهُوَ الْإِتْيَانُ بِالرَّمْيِ فِي مَوَاضِعِهِ السَّابِقَةِ (وَيَجِبُ تَرْتِيبُهُ بِنِيَّةٍ) كَالْمَجْمُوعَتَيْنِ وَالْفَوَائِتِ مِنْ الصَّلَاةِ (وَكَذَا لَوْ أَخَّرَ رَمْيَ يَوْمٍ) وَاحِدٍ (أَوْ) رَمْيَ (يَوْمَيْنِ) ثُمَّ رَمَاهُ فِيمَا بَعْدُ قَبْلَ مُضِيِّ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَإِنَّهُ يَكُونُ أَدَاءً لِمَا سَبَقَ ".
(وَإِنْ أَخَّرَ الرَّمْيَ كُلَّهُ) عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (أَوْ) أَخَّرَ (جَمْرَةَ) الْعَقَبَةِ (عَنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ تَرَكَ الْمَبِيتَ بِمِنًى لَيْلَةً أَوْ أَكْثَرَ) مِنْ لَيَالِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَنْ تَرَكَ نُسُكًا أَوْ نَسِيَهُ فَإِنَّهُ يُهْرِيقُ دَمًا وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ: لَوْ تَرَكَ دُونَ لَيْلَةٍ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ أَكْثَرَهَا (وَلَا يَأْتِي بِهِ) أَيْ: بِالرَّمْيِ بَعْدَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ (كَالْبَيْتُوتَةِ) بِمِنًى لَيَالِيهَا إذَا تَرَكَهَا لَا يَأْتِي بِهَا لِفَوَاتِ وَقْتِهِ، وَاسْتِقْرَارِ الْفِدَاءِ الْوَاجِبِ فِيهِ.
(وَفِي تَرْكِ حَصَاةٍ) وَاحِدَةٍ (مَا فِي) حَلْقِ (شَعْرَةٍ وَفِي) تَرْكِ (حَصَاتَيْنِ مَا فِي) حَلْقِ (شَعْرَتَيْنِ) وَفِي أَكْثَرِ مِنْ ذَلِكَ دَمٌ؛ لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَلْقِ الرَّأْسِ.
(وَلَيْسَ عَلَى أَهْلِ سِقَايَةِ الْحَاجِّ) وَهُمْ سُقَاةُ زَمْزَمَ، عَلَى مَا فِي الْمَطْلَعِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَالْمُبْدِعِ (وَ) لَا عَلَى (الرُّعَاةِ مَبِيتٌ بِمِنًى وَلَا بِمُزْدَلِفَةَ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ أَنَّ «الْعَبَّاسَ اسْتَأْذَنَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيتَ بِمَكَّةَ لَيَالِيَ مِنًى مِنْ أَجْلِ سِقَايَتِهِ فَأَذِنَ لَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَعَنْ عَاصِمٍ قَالَ «رَخَّصَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِرُعَاةِ الْإِبِلِ فِي الْبَيْتُوتَةِ أَنْ يَرْمُوا يَوْمَ النَّحْرِ، ثُمَّ يَجْمَعُوا رَمْيَ يَوْمَيْنِ بَعْدَ النَّحْرِ، فَيَرْمُونَهُ فِي أَحَدِهِمَا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ نَحْوَهُ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ (فَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَهُمْ) أَيْ: أَهْلُ سِقَايَةِ الْحَجِّ وَالرُّعَاةِ (بِمِنًى لَزِمَ الرُّعَاةَ الْمَبِيتُ) لِانْقِضَاءِ وَقْتِ الرَّعْيِ، وَهُوَ النَّهَارُ (دُونَ أَهْلِ السِّقَايَةِ) فَلَا يَلْزَمُهُمْ الْمَبِيتُ وَلَوْ غَرَبَتْ وَهُمْ بِمِنًى؛ لِأَنَّهُمْ يَسْقُونَ بِاللَّيْلِ ".
(وَقِيلَ: أَهْلُ الْأَعْذَارِ مِنْ غَيْرِ الرُّعَاةِ كَالْمَرْضَى، وَمَنْ لَهُ مَالٌ يَخَافُ ضَيَاعَهُ وَنَحْوَهُ حُكْمُهُمْ حُكْمُ الرُّعَاةِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ) جَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ وَابْنُ تَمِيمٍ.
(وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ لَهُ عُذْرٌ
جَازَ أَنْ يَسْتَنِيبَ مَنْ يَرْمِي عَنْهُ) كَالْمَعْضُوبِ يَسْتَنِيبُ فِي الْحَجِّ كُلِّهِ إذَا عَجَزَ عَنْهُ (وَالْأَوْلَى: أَنْ يَشْهَدَهُ إنْ قَدَرَ) عَلَى الْحُضُورِ لِيَتَحَقَّقَ الرَّمْيُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَضَعَ) الْمَرِيضُ وَنَحْوُهُ (الْحَصَا فِي يَدِ النَّائِبِ لِيَكُونَ لَهُ عَمَلٌ فِي الرَّمْيِ وَلَوْ أُغْمِيَ عَلَى الْمُسْتَنِيبِ لَمْ تَنْقَطِعْ النِّيَابَةُ) بِذَلِكَ كَمَا لَوْ نَامَ.
(وَيُسْتَحَبُّ خُطْبَةُ إمَامٍ) أَوْ نَائِبِهِ (فِي الْيَوْمِ الثَّانِي مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ بَعْدَ الزَّوَالِ) خُطْبَةٌ (يُعَلِّمُهُمْ فِيهَا حُكْمَ التَّعْجِيلِ وَالتَّأْخِيرِ وَالتَّوْدِيعِ) لِحَدِيثِ سَرَّاءَ بِنْتِ نَبْهَانَ قَالَتْ «خَطَبَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ الرُّءُوسِ فَقَالَ: أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟ قُلْنَا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ: أَلَيْسَ أَوْسَطَ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ؟» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ بِالنَّاسِ حَاجَةً إلَى تَعْلِيمِ مَا ذُكِرَ.
(وَلِكُلِّ حَاجٍّ، وَلَوْ أَرَادَ الْإِقَامَةَ بِمَكَّةَ: التَّعْجِيلُ إنْ أَحَبَّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ} [البقرة: 203] قَالَ عَطَاءٌ هِيَ لِلنَّاسِ عَامَّةٌ يَعْنِي: أَهْلَ مَكَّةَ وَغَيْرَهُمْ وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَيَّامُ مِنًى ثَلَاثَةٌ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إثْمَ عَلَيْهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (إلَّا الْإِمَامَ الْمُقِيمَ لِلْمَنَاسِكِ فَلَيْسَ لَهُ التَّعْجِيلُ لِأَجْلِ مَنْ يَتَأَخَّرُ) مِنْ النَّاسِ (فَإِنْ أَحَبَّ) غَيْرُ الْإِمَامِ (أَنْ يَتَعَجَّلَ فِي ثَانِي) أَيَّامِ (التَّشْرِيقِ وَهُوَ النَّفْرُ الْأَوَّلُ خَرَجَ) مِنْ مِنًى (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْخَبَرِ (لَا يَضُرُّهُ رُجُوعُهُ) إلَى مِنًى بَعْدَ ذَلِكَ لِحُصُولِ الرُّخْصَةِ.
(وَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمُتَعَجِّلِ (فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ رَمْيٌ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَيُدْفَنُ بَقِيَّةَ الْحَصَا) وَهُوَ حَصَا الْيَوْمِ الثَّالِثِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فِي الْأَشْهَرِ زَادَ بَعْضُهُمْ (فِي الْمَرْمَى) وَفِي مَنْسَكِ ابْنِ الزَّاغُونِيِّ: أَوْ يَرْمِي بِهِنَّ كَفِعْلِهِ فِي اللَّوَاتِي قَبْلَهُنَّ (وَإِنْ غَرَبَتْ) الشَّمْسُ (وَهُوَ بِهَا) أَيْ: بِمِنًى (لَزِمَ الْمَبِيتُ وَالرَّمْيُ مِنْ الْغَدِ بَعْدَ الزَّوَالِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَثَبَتَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ مَنْ أَدْرَكَهُ الْمَسَاءُ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي فَلْيَقُمْ إلَى الْغَدِ وَلْيَنْفِرْ مَعَ النَّاسِ " (ثُمَّ يَنْفِرُ) الْإِمَامُ وَمَنْ لَمْ يَنْفِرْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي.
(وَهُوَ النَّفْرُ الثَّانِي) فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ.
(وَيُسَنُّ إذَا نَفَرَ مِنًى: نُزُولُهُ بِالْأَبْطُحِ وَهُوَ الْمُحَصَّبُ) وَالْخَيْفُ وَالْبَطْحَاءُ وَالْحَصْبَةُ (وَحْدَهُ: مَا بَيْنَ الْجَبَلَيْنِ إلَى الْمَقْبَرَةِ فَيُصَلِّي بِهِ الظُّهْرَيْنِ وَالْعِشَاءَيْنِ، وَيَهْجَعُ يَسِيرًا ثُمَّ يَدْخُلُ مَكَّةَ) قَالَ نَافِعٌ " كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُصَلِّي بِهَا الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ وَيَهْجَعُ هَجْعَةً وَذَكَرَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ