المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل فاته صوم رمضان كله لعذر] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل فاته صوم رمضان كله لعذر]

فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ قَالَ الْبُخَارِيُّ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ لِقَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا «قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَلَمْ يُسْنِدْهُ غَيْرُ سُفْيَانِ بْنِ بِشْرٍ قَالَ الْمَجْدُ: لَا نَعْلَمُ أَحَدًا طَعَنَ فِيهِ وَالزِّيَادَةُ مِنْ الثِّقَةِ مَقْبُولَةٌ؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَلَّقُ بِزَمَانٍ مُعَيَّنٍ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ التَّتَابُعُ كَالنَّذْرِ الْمُطْلَقِ (إلَّا إذَا لَمْ يَبْقَ مِنْ شَعْبَانَ إلَّا مَا يَتَّسِعُ لِلْقَضَاءِ فَقَطْ) فَيَتَعَيَّنُ التَّتَابُعُ لِضِيقِ الْوَقْتِ، كَأَدَاءِ رَمَضَانَ فِي حَقِّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ، (وَلَا يُكْرَهُ الْقَضَاءُ فِي عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا أَيَّامُ عِبَادَةٍ فَلَمْ يُكْرَهْ الْقَضَاءُ فِيهَا كَعَشْرِ الْمُحَرَّمِ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَسْتَحِبُّ الْقَضَاءَ فِيهَا.

(وَيَجِبُ الْعَزْمُ عَلَى الْقَضَاءِ) إذَا لَمْ يَفْعَلْهُ فَوْرًا (فِي) الْقَضَاءِ (الْمُوَسَّعِ، وَكَذَا كُلُّ عِبَادَةٍ مُتَرَاخِيَةٍ) يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ إذَا دَخَلَ وَقْتُهَا الْمُتَّسَعُ.

[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

(فَصْلُ مَنْ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ تَامًّا كَانَ) رَمَضَانُ (أَوْ نَاقِصًا لِعُذْرٍ وَغَيْرِهِ كَالْأَسِيرِ وَالْمَطْمُورِ وَغَيْرِهِمَا قَضَى عَدَدَ أَيَّامِهِ)، سَوَاءٌ (ابْتَدَأَهُ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ أَوْ مِنْ أَثْنَائِهِ كَأَعْدَادِ الصَّلَوَاتِ) الْفَائِتَةِ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَعْدَهُ مَا فَاتَهُ كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْله تَعَالَى {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] .

(وَيَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ يَوْمَ شِتَاءٍ عَنْ يَوْمِ صَيْفٍ وَعَكْسَهُ) بِأَنْ يَقْضِي يَوْمَ صَيْفٍ عَنْ يَوْمِ شِتَاءٍ لِعُمُومِ الْآيَةِ، (وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ قَضَاءِ رَمَضَانَ (صَوْمُ نَذْرٍ لَا يَخَافُ فَوْتَهُ) لِاتِّسَاعِ وَقْتِهِ (بَدَأَ بِقَضَاءِ رَمَضَانَ) وُجُوبًا قَالَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى، فَإِنْ خَافَ فَوْتَ النَّذْرِ لِضِيقِ وَقْتِهِ قَدَّمَهُ، قُلْتُ: إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ بِأَنْ كَانَ عَلَيْهِ مَثَلًا عَشَرَةُ أَيَّامٍ مِنْ رَمَضَانَ وَنَذَرَ أَنْ يَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ شَعْبَانَ وَلَمْ يَبْقَ سِوَى الْعَشَرَةِ فَيَصُومُهَا عَنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ لِتَعَيُّنِ الْوَقْتِ لَهَا.

(وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ قَضَائِهِ) أَيْ رَمَضَانَ (مَا لَمْ يَفُتْ وَقْتُهُ وَهُوَ) أَيْ وَقْتُ الْقَضَاءِ (إلَى أَنْ يَهُلَّ رَمَضَانُ آخَرُ) لِقَوْلِ عَائِشَةَ " كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إلَّا فِي شَعْبَانَ لِمَكَانِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَكَمَا لَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ الْأُولَى إلَى الثَّانِيَةِ (فَلَا

ص: 333

يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ: قَضَاءُ رَمَضَانَ (إلَى رَمَضَانَ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ) نَصَّ عَلَيْهِ وَاحْتَجَّ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَائِشَةَ.

(وَيَحْرُمُ التَّطَوُّعُ بِالصَّوْمِ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ (وَلَا يَصِحُّ) تَطَوُّعُهُ بِالصَّوْمِ قَبْلَ قَضَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ نَصَّ عَلَيْهِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ بَلْ يَبْدَأُ بِالْفَرْضِ حَتَّى يَقْضِيَهُ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ نَذْرٌ صَامَهُ يَعْنِي بَعْدَ الْفَرْضِ، وَرَوَى حَنْبَلٌ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَنْ صَامَ تَطَوُّعًا وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ شَيْءٌ لَمْ يَقْضِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ حَتَّى يَصُومَهُ» وَكَالْحَجِّ وَالْحَدِيثِ يَرْوِيه ابْنُ لَهِيعَةَ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَفِي سِيَاقِهِ مَا هُوَ مَتْرُوكٌ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِهِ: " وَمَنْ أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ وَعَلَيْهِ مِنْ رَمَضَانَ آخَرَ شَيْءٌ لَمْ يُتَقَبَّلْ مِنْهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَلَوْ اتَّسَعَ الْوَقْتُ) أَيْ: وَقْتُ الْقَضَاءِ وَعَنْهُ: بَلَى إنَّ اتَّسَعَ الْوَقْتُ.

(فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: قَضَاءَ رَمَضَانَ (إلَى رَمَضَانَ آخَرَ أَوْ) أَخَّرَهُ إلَى (رَمَضَانَاتٍ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ وَإِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يَوْمٍ مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ) رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ فِيمَا إذَا أَخَّرَهُ لِرَمَضَانَ آخَرَ وَالدَّارَقُطْنِيّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَرَوَاهُ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ، (وَيَجُوزُ إطْعَامُهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ وَمَعَهُ وَبَعْدَهُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ:(وَالْأَفْضَلُ) إطْعَامُهُ (قَبْلَهُ) قَالَ الْمَجْدُ: الْأَفْضَلُ عِنْدَنَا تَقْدِيمُهُ مُسَارَعَةً إلَى الْخَيْرِ وَتَخَلُّصًا مِنْ آفَاتِ التَّأْخِيرِ، وَإِنَّمَا لَمْ تَتَكَرَّرْ الْفِدْيَةُ بِتَعَدُّدِ الرَّمَضَانَاتِ؛ لِأَنَّ كَثْرَةَ التَّأْخِيرِ لَا يُزَادُ بِهَا الْوَاجِبُ كَمَا لَوْ أَخَّرَ الْحَجَّ الْوَاجِبَ سِنِينَ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَكْثَرُ مِنْ فِعْلِهِ.

(وَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: قَضَاءَ رَمَضَانَ حَتَّى أَدْرَكَهُ آخَرُ أَوْ أَكْثَرُ (لِعُذْرٍ) نَحْوِ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ (فَلَا كَفَّارَةَ) لِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى وُجُوبِهَا إذَنْ، (وَلَا قَضَاءَ إنْ مَاتَ) مَنْ أَخَّرَ الْقَضَاءَ لِعُذْرٍ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلَّهِ تَعَالَى وَجَبَ بِالشَّرْعِ فَسَقَطَ بِمَوْتِ مَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَبْلَ إمْكَانِ فِعْلِهِ إلَى غَيْرِ بَدَلٍ كَالْحَجِّ، (وَمَنْ دَامَ عُذْرُهُ بَيْنَ الرَّمَضَانَيْنِ ثُمَّ زَالَ) عُذْرُهُ (صَامَ الرَّمَضَانَ الَّذِي أَدْرَكَهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسَعُ غَيْرَهُ (ثُمَّ قَضَى مَا فَاتَهُ) قَبْلُ.

(وَلَا إطْعَامَ) عَلَيْهِ نَصَّ عَلَيْهِ (كَمَا لَوْ مَاتَ قَبْلَ زَوَالِهِ) أَيْ: الْعُذْرِ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُ الْقَضَاءُ وَالْكَفَّارَةُ، وَأَمَّا الْحَيُّ فَتَسْقُطُ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ دُونَ الْقَضَاءِ لِإِمْكَانِهِ.

(فَإِنْ أَخَّرَهُ) أَيْ: الْقَضَاءُ (لِغَيْرِ عُذْرٍ فَمَاتَ قَبْلَ رَمَضَانَ آخَرَ) أَوْ بَعْدَهُ (أَطْعَمَ عَنْهُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ وَالصَّحِيحُ: وَقْفُهُ عَلَيْهِ، وَسُئِلَتْ عَائِشَةُ عَنْ الْقَضَاءِ فَقَالَتْ:" لَا بَلْ يُطْعِمُ " رَوَاهُ سَعِيدٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ (وَلَا يُصَامُ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ الْوَاجِبَ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لَا يُقْضَى عَنْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ

ص: 334

فِي الْحَيَاةِ فَكَذَا بَعْدَ الْمَوْتِ كَالصَّلَاةِ.

(وَالْإِطْعَامِ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ أَوْصَى بِهِ أَوْ لَا) كَسَائِرِ الدُّيُونِ (وَلَا يُجْزِئُ صَوْمٌ عَنْ كَفَّارَةٍ عَنْ مَيِّتٍ وَلَوْ أَوْصَى بِهِ) ؛ لِأَنَّهُ وَجَبَ بِالشَّرْعِ أَشْبَهَ قَضَاءَ رَمَضَانَ، (لَكِنْ لَوْ مَاتَ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى صَوْمِ الْكَفَّارَةِ (وَقُلْنَا: الِاعْتِبَارُ بِحَالَةِ الْوُجُوبِ وَهُوَ الْمَذْهَبُ) كَمَا يَأْتِي تَوْضِيحُهُ فِي كِتَابِ الظِّهَارِ (أُطْعِمَ عَنْهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِينَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ) فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ قِيَاسًا عَلَى قَضَاءِ رَمَضَانَ.

(وَلَوْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ شَهْرٍ) أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ (مِنْ كَفَّارَةِ) ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِهِ (أُطْعِمَ عَنْهُ أَيْضًا) لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينٌ لِمَا سَبَقَ، (وَكَذَا صَوْمُ مُتْعَةِ) الْحَجِّ إذَا مَاتَ قَبْلَهُ.

(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمٌ مَنْذُورٌ فِي الذِّمَّةِ) كَأَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ أَوْ عَشَرَةٍ مُطْلَقَةٍ ثُمَّ مَاتَ (وَلَمْ يَصُمْ مِنْهُ شَيْئًا مَعَ إمْكَانِهِ فَفُعِلَ عَنْهُ أَجْزَأَ عَنْهُ) ؛ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا صَوْمُ نَذْرٍ أَفَأَصُومُ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ» ؛ وَلِأَنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُلُ فِي الْعِبَادَةِ بِحَسَبِ خِفَّتِهَا وَهُوَ أَخَفُّ حُكْمًا مِنْ الْوَاجِبِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ لِإِيجَابِهِ مِنْ نَفْسِهِ، (فَإِنْ لَمْ يُخَلِّفْ) الْمَيِّتُ (تَرِكَةً لَمْ يَلْزَمْ الْوَلِيَّ شَيْءٌ، لَكِنْ يُسَنُّ لَهُ فِعْلُهُ عَنْهُ لِتَفَرُّغِ ذِمَّتِهِ كَقَضَاءِ دَيْنِهِ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ.

(وَإِنْ خَلَّفَ) الْمَيِّتَ (تَرِكَةً وَجَبَ) الْفِعْلُ كَقَضَاءِ الدَّيْنِ (فَيَفْعَلُهُ الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ اسْتِحْبَابًا) ؛ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِبَرَاءَةِ الْمَيِّتِ (فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) الْوَلِيُّ بِنَفْسِهِ (وَجَبَ أَنْ يَدْفَعَ مِنْ تَرِكَتِهِ إلَى مَنْ يَصُومُ عَنْهُ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ طَعَامَ مِسْكِينٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ فِدْيَةُ الصَّوْمِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَيُجْزِئُ فِعْلُ غَيْرِهِ) أَيْ: الْوَلِيِّ (عَنْهُ بِإِذْنِهِ وَبِدُونِهِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم شَبَّهَهُ بِالدَّيْنِ، وَالدَّيْنُ يَصِحُّ قَضَاؤُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ، وَلَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ صَوْمِ النَّذْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ النُّذُورِ.

(وَإِنْ مَاتَ وَقَدْ أَمْكَنَهُ صَوْمُ بَعْضِ مَا نَذَرَهُ قُضِيَ عَنْهُ مَا أَمْكَنَهُ صَوْمُهُ فَقَطْ) كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَمَاتَ قَبْلَ مُضِيِّ ثَلَاثِينَ يَوْمًا فَيُصَامُ عَنْهُ مَا مَضَى مِنْهُ دُونَ الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ فِي ذِمَّتِهِ بِخِلَافِ الْمِقْدَارِ الَّذِي أَدْرَكَهُ حَيًّا، فَإِنَّهُ ثَبَتَ فِي ذِمَّتِهِ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ الْمَرَضَ لَا يُنَافِي ثُبُوتَ الصَّوْم فِي الذِّمَّةِ بِدَلِيلِ وُجُوبِ قَضَاءِ رَمَضَانَ مَعَ الْمَرَضِ وَنَحْوِهِ.

(وَيُجْزِئُ صَوْمُ جَمَاعَةٍ عَنْهُ) أَيْ: الْمَيِّتِ (فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ عَنْ عِدَّتِهِمْ مِنْ الْأَيَّامِ) أَيْ: لَوْ كَانَ عَلَى مَيِّتٍ صَوْمُ عَشَرَةِ أَيَّامٍ فَصَامَ عَنْهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَجْزَأَ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ يَحْصُلُ بِهِ مَعَ نِجَازِ إبْرَاءِ ذِمَّتِهِ، وَنَقَلَ عَنْهُ أَبُو طَالِبٍ يَصُومُ وَاحِدٌ وَحَمَلَهُ الْمَجْدُ عَلَى صَوْمٍ شَرْطُهُ التَّتَابُعُ، وَتَعْلِيلُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ كَالْحُجَّةِ الْمَنْذُورَةِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ.

(وَإِنْ نَذَرَ

ص: 335

صَوْمَ شَهْرٍ) بِعَيْنِهِ (كَالْمُحَرَّمِ) فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ لَمْ يُصَمْ (عَنْهُ) وَلَمْ يُقْضَ عَنْهُ، (وَكَذَا لَوْ جُنَّ قَبْلَهُ) وَدَامَ بِهِ الْجُنُونُ حَتَّى انْقَضَى الشَّهْرُ الْمُعَيَّنُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ صَوْمُهُ فِي ذِمَّتِهِ.

(قَالَ الْمَجْدُ: وَهُوَ مَذْهَبُ سَائِرِ الْأَئِمَّةِ وَلَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا وَإِنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ بِالنَّذْرِ (سَقَطَ بَاقِيهِ) لِمَا سَبَقَ، (فَإِنْ لَمْ يَصُمْهُ) أَيْ النَّذْرَ الْمُعَيَّنَ (لِمَرَضٍ حَتَّى انْقَضَى ثُمَّ مَاتَ فِي مَرَضِهِ فَعَلَى مَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا كَانَ فِي الذِّمَّةِ مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ قَبْلَ مَوْتِهِ فُعِلَ عَنْهُ) وُجُوبًا إنْ خَلَّفَ تَرِكَةً، وَاسْتِحْبَابًا إنْ لَمْ يُخَلِّفْ شَيْئًا وَتَقَدَّمَ أَنَّ الْمَرَضَ لَا يَمْنَعُ ثُبُوتَ الصَّوْمِ فِي الذِّمَّةِ، فَالْمُرَادُ بِإِمْكَانِ الْفِعْلِ مُضِيُّ زَمَنٍ يَتَّسِعُ لَهُ (وَلَا كَفَّارَةَ مَعَ الصَّوْمِ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مَنْذُورًا (أَوْ الْإِطْعَامَ) إنْ كَانَ عَلَيْهِ قَضَاءُ رَمَضَانَ أَوْ صَوْمُ مُتْعَةٍ وَنَحْوُهُ.

(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ حَجٌّ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتْ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَتْ: إنَّ أُمِّي نَذَرَتْ أَنْ تَحُجَّ فَلَمْ تَحُجَّ حَتَّى مَاتَتْ أَفَأَحُجُّ عَنْهَا؟ قَالَ: نَعَمْ حُجِّي عَنْهَا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، (وَلَا يُعْتَبَرُ تَمَكُّنُهُ) أَيْ: النَّاذِرِ (مِنْ الْحَجِّ فِي حَيَاتِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ؛ وَلِأَنَّ النِّيَابَةَ تَدْخُلُهُ حَالَ الْحَيَاةِ فِي الْجُمْلَةِ فَهُوَ كَنَذْرِ الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ، (وَكَذَا الْعُمْرَةُ الْمَنْذُورَةُ) حُكْمُهَا حُكْمُ الْحَجِّ فِي ذَلِكَ لِمُشَارَكَتِهَا لَهُ فِي الْمَعْنَى.

(وَيَجُوزُ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ حَجَّةَ الْإِسْلَامِ وَلَوْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ) لِشَبَهِهِ بِالدَّيْنِ فِي إبْرَاءِ الذِّمَّةِ (وَلَهُ) أَيْ: الْحَاجُّ عَنْ الْمَيِّتِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهِ (الرُّجُوعُ عَلَى التَّرِكَةِ بِمَا أَنْفَقَ) بِنِيَّةِ الرُّجُوعِ؛ لِأَنَّهُ قَامَ بِوَاجِبٍ.

(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ اعْتِكَافٌ مَنْذُورٌ فُعِلَ عَنْهُ)، نَقَلَهُ الْجَمَاعَة لِقَوْلِ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ:«إنَّ أُمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْرٌ لَمْ تَقْضِهِ فَقَالَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم اقْضِهِ عَنْهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمَعْنَاهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُمْ مُخَالِفٌ فِي الصَّحَابَةِ وَكَالصَّوْمِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ فِعْلُهُ حَتَّى مَاتَ) كَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرِ رَمَضَانَ فَمَاتَ قَبْلَ دُخُولِهِ (فَكَالصَّوْمِ) ، وَكَذَا إنْ مَاتَ فِي أَثْنَائِهِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ كَانَتْ عَلَيْهِ صَلَاةٌ مَنْذُورَةٌ) وَمَاتَ بَعْدَ التَّمَكُّنِ (فُعِلَتْ عَنْهُ) كَالصَّوْمِ وَتَصِحُّ وَصِيَّتُهُ بِهَا (وَلَا كَفَّارَةَ مَعَهُ) أَيْ: مَعَ الْفِعْلِ النَّاذِرِ (وَطَوَافٌ مَنْذُورٌ كَصَلَاةٍ) مَنْذُورَةٍ فِيمَا سَبَقَ (وَأَمَّا صَلَاةُ الْفَرْضِ فَلَا تُفْعَلُ عَنْهُ) ذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ إجْمَاعًا أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَنْهُ فَائِتَةً (كَقَضَاءِ رَمَضَانَ) فَإِنَّهُ لَا يُصَامُ عَنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ أَنَّهُ بَلَغَهُ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ لَا يَصُومُ أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ وَلَا يُصَلِّي أَحَدٌ عَنْ أَحَدٍ.

ص: 336