المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل يدفع المحرم بعد غروب الشمس من عرفة بسكينة] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل يدفع المحرم بعد غروب الشمس من عرفة بسكينة]

(وَيَجِبُ أَنْ يَجْمَعَ فِي الْوُقُوفِ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَنْ وَقَفَ نَهَارًا) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْلِهِ «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ دَفَعَ) مِنْ عَرَفَةَ (قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ وَاجِبًا لَا يَفْسُدُ الْحَجُّ بِتَرْكِهِ أَشْبَهَ الْإِحْرَامَ مِنْ الْمِيقَاتِ وَإِنْ عَادَ إلَيْهَا لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى بِالْوَاجِبِ وَهُوَ الْجَمْعُ بَيْنَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ (وَإِنْ وَافَاهَا) أَيْ: عَرَفَةَ (لَيْلًا فَوَقَفَ بِهَا فَلَا دَمَ عَلَيْهِ) .

(وَإِنْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ الْوُقُوفِ) بِعَرَفَةَ إنْ صَلَّى صَلَاةَ آمِنٍ (صَلَّى صَلَاةَ خَائِفٍ إنْ رَجَا إدْرَاكَهُ) لِمَا فِي فَوْتِ الْحَجِّ مِنْ الضَّرَرِ الْعَظِيمِ.

(وَوَقْفَةُ الْجُمُعَةِ فِي آخِرِ يَوْمِهَا سَاعَةُ الْإِجَابَةِ) لِلْخَبَرِ (فَإِذَا اجْتَمَعَ فَضْلُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ وَيَوْمِ عَرَفَةَ كَانَ لَهَا مَزِيَّةٌ عَلَى سَائِرِ الْأَيَّامِ) قِيلَ وَلِهَذَا اشْتَهَرَ وَصْفُ الْحَجِّ بِالْأَكْبَرِ إذَا كَانَتْ الْوَقْفَةُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ وَلِأَنَّ فِيهَا مُوَافَقَةَ حَجَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّ وَقْفَةَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ كَانَتْ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَلِلْحَدِيثَيْنِ الْآتِيَيْنِ.

(قَالَ) ابْنُ الْقَيِّمِ (فِي الْهَدْي) النَّبَوِيِّ (وَأَمَّا مَا اسْتَفَاضَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْعَوَامّ مِنْ أَنَّهَا تَعْدِلُ ثِنْتَيْنِ وَسَبْعِينَ حَجَّةً فَبَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ) لَكِنْ أَخْرَجَ رَزِينٌ مَرْفُوعًا «يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ الْأَيَّامِ إلَّا يَوْمَ عَرَفَةَ وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ سَبْعِينَ حَجَّةً فِي غَيْرِ يَوْمِ جُمُعَةٍ» ذَكَرَهُ ابْنُ جَمَاعَةٍ فِي مَنَاسِكِهِ وَالْكَازَرُونِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ الْمَعْرُوفُ بِالْأَخَوَيْنِ وَالشَّيْخُ نُورُ الدِّينِ عَلِيٌّ الزِّيَادِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ وَحَدِيثُ «إذَا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ غَفَرَ اللَّهُ لِجَمِيعِ أَهْلِ الْمَوْقِفَ» قَدْ يُسْتَشْكَلُ بِأَنَّهُ قَدْ وَرَدَ مِثْلُهُ فِي مُطْلَقِ الْحَجِّ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَغْفِرَتِهِ لَهُمْ بِلَا وَاسِطَةٍ وَحَمْلُ غَيْرِهِ عَلَى أَنَّهُ يَهَبُ قَوْمًا لِقَوْمٍ ذَكَرَهُ الْكَازَرُونِيُّ وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ جَمَاعَةٍ فِي مَنَاسِكِهِ عَنْ أَبِيهِ.

[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

(فَصْلٌ ثُمَّ يَدْفَعُ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) مِنْ عَرَفَةَ (بِسَكِينَةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فِي عَشِيَّةِ عَرَفَةَ غَدَاةَ جَمَعَ لِلنَّاسِ حِينَ دَفَعُوا

ص: 495

عَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ.

(قَالَ أَبُو حَكِيمٍ) إبْرَاهِيمُ بْنُ دِينَارٍ النَّهْرَوَانِيُّ: وَيَكُونُ (مُسْتَغْفِرًا) حَالَ دَفْعِهِ مِنْ عَرَفَةَ (إلَى مُزْدَلِفَةَ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ الزَّلَفِ وَهُوَ التَّقَرُّبُ؛ لِأَنَّ الْحَاجَّ إذَا أَفَاضُوا مِنْ عَرَفَاتٍ ازْدَلَفُوا إلَيْهَا أَيْ: تَقَرَّبُوا وَمَضَوْا إلَيْهَا وَتُسَمَّى أَيْضًا: جَمْعًا لِاجْتِمَاعِ النَّاسِ بِهَا (عَلَى طَرِيقِ الْمَأْزِمَيْنِ) ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم سَلَكَهَا وَهُمَا جَبَلَانِ صَغِيرَانِ (مَعَ إمَامٍ وَنَائِبِهِ وَهُوَ أَمِيرُ الْحَاجِّ فَإِنْ دَفَعَ قَبْلَهُ كُرِهَ) لِقَوْلِ أَحْمَدَ مَا يُعْجِبُنِي أَنْ يَدْفَعَ إلَّا مَعَ الْإِمَامِ.

(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) فِي الدَّفْعِ قَبْلَ الْإِمَامِ (يُسْرِعُ فِي الْفَجْوَةِ) لِقَوْلِ أُسَامَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَسِيرُ الْعَنَقَ فَإِذَا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالْعَنَقُ انْبِسَاطُ السَّيْرِ وَالنَّصِّ: فَوْقَهُ.

(وَيُلَبِّي فِي الطَّرِيقِ) لِقَوْلِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَزَلْ يُلَبِّي حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى) ؛ لِأَنَّهُ فِي زَمَنِ السَّعْيِ إلَى شَعَائِرِهِ.

(فَإِذَا وَصَلَهَا) أَيْ: مُزْدَلِفَةَ (صَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمْعًا) إنْ كَانَ مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ الْجَمْعُ (قَبْلَ حَطِّ رَحْلِهِ بِإِقَامَةٍ لِكُلِّ صَلَاةٍ بِلَا أَذَانٍ) هَذَا اخْتِيَارُ الْخِرَقِيِّ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ هُوَ آخِرُ قَوْلِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ رِوَايَةُ أُسَامَةَ وَهُوَ أَعْلَمُ بِحَالِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّهُ كَانَ رَدِيفَهُ وَإِنَّمَا لَمْ يُؤَذِّنْ لِلْأُولَى كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الْأَذَانِ وَلِقَوْلِ جَابِرٍ «حَتَّى أَتَى الْمُزْدَلِفَةَ فَصَلَّى بِهَا الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ» .

(وَإِنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْأُولَى فَقَطْ) أَيْ: وَلَمْ يُقِمْ لِلثَّانِيَةِ (فَحَسَنٌ) لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ فَصَلَّى الْمَغْرِبَ ثَلَاثًا وَالْعِشَاءَ رَكْعَتَيْنِ بِإِقَامَةٍ وَاحِدَةٍ» لَكِنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُقِيمَ لَهَا لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَتَطَوَّعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ الْمَجْمُوعَتَيْنِ لِقَوْلِ أُسَامَةَ وَابْنِ عُمَرَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُصَلِّ بَيْنَهُمَا» لَكِنْ لَمْ يَبْطُلْ جَمْعُ التَّأْخِيرِ بِالتَّطَوُّعِ بَيْنَ الْمَجْمُوعَتَيْنِ بِخِلَافِ جَمْعِ التَّقْدِيمِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْجَمْعِ (فَإِنْ صَلَّى الْمَغْرِبَ فِي الطَّرِيقِ تَرَكَ السُّنَّةَ وَأَجْزَأَتْهُ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ صَلَاتَيْنِ جَازَ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا جَازَ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُمَا كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ بِعَرَفَةَ وَفِعْلُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَحْمُولٌ عَلَى الْأَفْضَلِ.

(وَإِنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مَعَ الْإِمَامِ بِهَا) أَيْ: بِمُزْدَلِفَةَ (أَوْ بِعَرَفَةَ جَمَعَ وَحْدَهُ) لِفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ (ثُمَّ يَبِيتُ بِهَا حَتَّى يُصْبِحَ وَيُصَلِّيَ الْفَجْرَ) لِقَوْلِ جَابِرٍ ثُمَّ «اضْطَجَعَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ فَصَلَّى الْفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ» .

ص: 496

(وَلَهُ الدَّفْعُ قَبْلَ الْإِمَامِ وَلَيْسَ لَهُ الدَّفْعُ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ وَيُبَاحُ) الدَّفْعُ مِنْ مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ.

(وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ وَافَاهُ بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَا مِمَّنْ قَدَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ الْمُزْدَلِفَةِ فِي ضَعَفَةِ أَهْلِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَعَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ «أَرْسَلَ رَسُولُ اللَّهِ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ الْجَمْرَةَ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

(وَإِنْ جَاءَ) مُزْدَلِفَةَ (بَعْدَ الْفَجْرِ فَعَلَيْهِ دَمٌ) لِتَرْكِهِ نُسُكًا وَاجِبًا.

(وَإِنْ دَفَعَ غَيْرُ رُعَاةٍ وَسُقَاةٍ قَبْلَ نِصْفِهِ) أَيْ: اللَّيْلِ (فَعَلَيْهِ دَمٌ إنْ لَمْ يَعُدْ إلَيْهَا) قَبْلَ الْفَجْرِ عَالِمًا كَانَ أَوْ جَاهِلًا ذَاكِرًا أَوْ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ نُسُكًا وَاجِبًا وَالنِّسْيَانُ إنَّمَا يُؤَثِّرُ فِي جَعْلِ الْمَوْجُودِ كَالْمَعْدُومِ لَا فِي جَعْلِ الْمَعْدُومِ كَالْمَوْجُودِ فَإِنْ عَادَ إلَيْهَا (وَلَوْ بَعْدَ نِصْفِهِ) فَلَا دَمَ عَلَيْهِ وَأَمَّا الرُّعَاةُ وَالسُّقَاةُ فَلَا دَمَ عَلَيْهِمْ بِالدَّفْعِ قَبْلَهُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم رَخَّصَ لِلرُّعَاةِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ لِحَدِيثِ عَدِيٍّ وَرَخَّصَ لِلْعَبَّاسِ فِي تَرْكِ الْبَيْتُوتَةِ لِأَجْلِ سِقَايَتِهِ؛ وَلِأَنَّ عَلَيْهِمْ مَشَقَّةً لِحَاجَتِهِمْ إلَى حِفْظِ مَوَاشِيهِمْ وَسَقْيِ الْحَاجِّ فَكَانَ لَهُمْ تَرْكُ الْمَبِيتِ بِمُزْدَلِفَةَ كَلَيَالِي مِنًى.

(وَحَدُّ الْمُزْدَلِفَةَ مَا بَيْنَ الْمَأْزِمَيْنِ) بِكَسْرِ الزَّايِ (وَوَادِي مُحَسِّرٍ) بِالْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ الْمُشَدَّدَةِ وَلَيْسَ مِنْ مُزْدَلِفَةَ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَارْفَعُوا عَنْ بَطْنِ مُحَسِّرٍ» قَالَ فِي الشَّرْحِ.

(فَإِذَا أَصْبَحَ) بِمُزْدَلِفَةَ (صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ أَوَّلَ وَقْتِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جَابِرٍ وَلِيَتَّسِعْ وَقْتُ الْوُقُوفِ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ (ثُمَّ يَأْتِي الْمَشْعَرَ الْحَرَامَ) سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ مِنْ عَلَامَاتِ الْحَجِّ وَتُسَمَّى أَيْضًا الْمُزْدَلِفَةَ بِذَلِكَ تَسْمِيَةً لِلْكُلِّ بِاسْمِ الْبَعْضِ وَاسْمُهُ فِي الْأَصْلِ: قُزَحٌ وَهُوَ جَبَلٌ صَغِيرٌ بِالْمُزْدَلِفَةِ (فَيَرْقَى عَلَيْهِ إنْ أَمْكَنَهُ وَإِلَّا وَقَفَ عِنْدَهُ وَيَحْمَدُ اللَّهَ) تَعَالَى (وَيُهَلِّلُهُ وَيُكَبِّرُهُ وَيَدْعُو وَيَقُولُ: اللَّهُمَّ كَمَا وَفَّقْتَنَا فِيهِ وَأَرَيْتنَا إيَّاهُ فَوَفِّقْنَا لِذِكْرِكَ كَمَا هَدَيْتَنَا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا كَمَا وَعَدْتَنَا بِقَوْلِكَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ} [البقرة: 198] {ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 199] ثُمَّ لَا يَزَالُ يَدْعُو إلَى أَنْ يُسْفِرَ جِدًّا) لِقَوْلِ جَابِرٍ «ثُمَّ رَكِبَ الْقُصْوَى حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَدَعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَرَ جِدًّا» .

(وَلَا بَأْسَ بِتَقْدِيمِ

ص: 497