الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَظْهَرُ: لُزُومُ إعَادَةِ الطَّوَافِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمَتْرُوكُ فِيهِ الطَّهَارَةُ: هُوَ طَوَافُ الْحَجِّ فَلَا يَبْرَأُ بِيَقِينٍ إلَّا بِإِعَادَتِهِ (وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ) أَيْ: الطَّوَافَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ (مِنْ الْحَجِّ لَزِمَهُ إعَادَةُ الطَّوَافِ) لِوُقُوعِهِ غَيْرَ صَحِيحٍ.
(وَيَلْزَمُهُ إعَادَةُ السَّعْيِ عَلَى التَّقْدِيرَيْنِ؛ لِأَنَّهُ وُجِدَ بَعْدَ طَوَافٍ غَيْرِ مُعْتَدٍّ بِهِ) ؛ لِأَنَّا قَدَّرْنَا كَوْنَهُ وَقَعَ بِغَيْرِ طَهَارَةٍ.
(وَإِنْ كَانَ وَطِئَ بَعْدَ حِلِّهِ مِنْ الْعُمْرَةِ) وَقَدْ فَرَضْنَا طَوَافَهَا بِلَا طَهَارَةٍ (حَكَمْنَا بِأَنَّهُ أَدْخَلَ حَجًّا عَلَى عُمْرَةٍ فَاسِدَةٍ فَلَا يَصِحُّ) إدْخَالُ الْحَجِّ عَلَيْهَا (وَيَلْغُو مَا فَعَلَهُ مِنْ أَفْعَالِ الْحَجِّ) لِعَدَمِ صِحَّةِ الْإِحْرَامِ بِهِ.
(وَيَتَحَلَّلُ بِالطَّوَافِ الَّذِي قَصَدَهُ لِلْحَجِّ مِنْ عُمْرَتِهِ الْفَاسِدَةِ وَعَلَيْهِ) دَمَانِ (دَمٌ لِلْحَلْقِ وَدَمٌ لِلْوَطْءِ فِي عُمْرَتِهِ وَلَا يَحْصُلُ لَهُ حَجٌّ وَلَا عُمْرَةٌ) لِفَسَادِ الْعُمْرَةِ بِالْوَطْءِ فِيهَا وَعَدَمِ صِحَّةِ إدْخَالِ الْحَجِّ عَلَيْهَا إذَنْ (وَلَوْ قَدَّرْنَاهُ) أَيْ: الطَّوَافَ بِلَا طَهَارَةٍ (مِنْ الْحَجِّ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْ إعَادَةِ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ) لِلْحَجِّ.
(وَيَحْصُلُ لَهُ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ) لِحُصُولِ الْوَطْءِ زَمَنَ الْإِحْلَالِ.
[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]
(فَصْلٌ وَيُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا الْإِسْلَامُ وَالْعَقْلُ وَالنِّيَّةُ) كَسَائِرِ الْعِبَادَات (وَسَتْرُ الْعَوْرَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَطَهَارَةُ الْحَدَثِ) ؛ لِأَنَّهُ صَلَاةٌ وَ (لَا) تُشْتَرَطُ طَهَارَةُ الْحَدَثِ (لِطِفْلٍ دُونَ التَّمْيِيزِ) لِعَدَمِ إمْكَانِهَا مِنْهُ.
(وَطَهَارَةُ الْخَبَثِ) وَظَاهِرُهُ: حَتَّى لِلطِّفْلِ (وَتَكْمِيلُ السَّبْع وَجَعْلُ الْبَيْتِ عَنْ يَسَارِهِ، وَالطَّوَافُ بِجَمِيعِهِ) أَيْ: الْبَيْتِ بِأَنْ لَا يَطُوفَ عَلَى جِدَارِ الْحَجَرِ أَوْ شَاذَرْوَانِ الْكَعْبَةِ.
(وَأَنْ يَطُوفَ مَاشِيًا مَعَ الْقُدْرَةِ) عَلَى الْمَشْيِ (وَأَنْ يُوَالِيَ بَيْنَهُ) إلَّا إذَا حَضَرَتْ جِنَازَةٌ أَوْ أُقِيمَتْ صَلَاةٌ وَتَقَدَّمَ (وَأَنْ لَا يَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ) يَعْنِي: أَنْ يَطُوفَ فِي الْمَسْجِدِ (وَأَنْ يَبْتَدِئَ مِنْ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَيُحَاذِيَهُ) بِكُلِّ بَدَنِهِ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ كُلُّهُ مُوَضَّحًا.
(وَسُنَنُهُ) أَيْ: الطَّوَافِ (عَشْرٌ اسْتِلَامُ الرُّكْنِ) يَعْنِي: بِهِ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ (وَتَقْبِيلُهُ أَوْ مَا يَقُوم مَقَامَهُ مِنْ الْإِشَارَةِ) عِنْدَ تَعَذُّرِ الِاسْتِلَامِ.
(وَاسْتِلَامُ الرُّكْنِ الْيَمَانِيِّ وَالِاضْطِبَاعُ وَالرَّمَلُ وَالْمَشْيُ فِي مَوَاضِعِهِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ مُفَصَّلًا (وَالدُّعَاءُ وَالذِّكْرُ وَالدُّنُوُّ مِنْ الْبَيْتِ، وَرَكْعَتَا الطَّوَافِ) وَتَقَدَّمَتْ أَدِلَّةُ ذَلِكَ كُلِّهِ.
(وَإِذَا فَرَغَ مِنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَأَرَادَ السَّعْيَ سُنَّ عَوْدُهُ إلَى الْحَجَرِ فَيَسْتَلِمُهُ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا (ثُمَّ يَخْرُجُ إلَى الصَّفَا مِنْ بَابِهِ)
أَيْ: بَابِ الْمَسْجِد الْمَعْرُوف بِبَابِ الصَّفَا.
(وَهُوَ) أَيْ: الصَّفَا (طَرْفُ جَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ وَعَلَيْهِ دَرَجَ وَفَوْقَهَا أَزَجٌ كَإِيوَانٍ فَيَرْقَى عَلَيْهِ نَدْبًا حَتَّى يَرَى الْبَيْتَ إنْ أَمْكَنَهُ فَيَسْتَقْبِلَهُ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلَا عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو مَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَفِي حَدِيث جَابِرٍ «فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ» لِحَدِيثٍ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَيُكَبِّرُ ثَلَاثًا وَيَقُولُ ثَلَاثًا: لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ يُحْيِ وَيُمِيتُ وَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ بِيَدِهِ الْخَيْرُ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَيْءٍ قَدِيرٌ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ صَدَقَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ) أَيْ: الَّذِينَ تَحَزَّبُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ الْخَنْدَقِ وَهُمْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ وَالْيَهُودُ.
(وَيَقُولُ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَلَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ اللَّهُمَّ اعْصِمْنِي بِدِينِكَ وَطَوَاعِيَتِكَ وَطَوَاعِيَةِ رَسُولِكَ اللَّهُمَّ جَنِّبْنِي حُدُودَكَ) أَيْ: مَحَارِمَكَ (اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِمَّنْ يُحِبُّكَ وَيُحِبُّ مَلَائِكَتَكَ وَأَنْبِيَاءَكَ وَرُسُلَكَ وَعِبَادَكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ حَبِّبْنِي إلَيْكَ وَإِلَى مَلَائِكَتِكَ وَإِلَى رُسُلِكَ وَإِلَى عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ اللَّهُمَّ يَسِّرْ لِي الْيُسْرَى وَجَنِّبْنِي الْعُسْرَى وَاغْفِرْ لِي فِي الْآخِرَة وَالْأُولَى وَاجْعَلْنِي مِنْ أَئِمَّةِ الْمُتَّقِينَ وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ اللَّهُمَّ قُلْتَ {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60] وَإِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ اللَّهُمَّ إذْ هَدَيْتَنِي لِلْإِسْلَامِ فَلَا تَنْزِعَنِي مِنْهُ وَلَا تَنْزِعَهُ مِنِّي حَتَّى تَتَوَفَّانِي عَلَى الْإِسْلَامِ اللَّهُمَّ لَا تُقَدِّمْنِي لِلْعَذَابِ وَلَا تُؤَخِّرنِي لِسُوءِ الْفِتَنِ) .
هَذَا دُعَاءُ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَحْمَدُ يَدْعُو بِهِ قَالَ نَافِعٌ بَعْدَهُ " وَيَدْعُو دُعَاءً كَثِيرًا حَتَّى إنَّهُ لَيُمِلّنَا وَنَحْنُ شَبَابٌ "(وَلَا يُلَبِّي) عَلَى الصَّفَا لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَيَأْتِي حُكْمُ التَّلْبِيَةِ فِي السَّعْيِ (ثُمَّ يَنْزِلُ مِنْ الصَّفَا وَيَمْشِي حَتَّى يُحَاذِيَ الْعَلَمَ وَهُوَ الْمِيلُ الْأَخْضَرُ الْمُعَلَّقُ بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ عَلَى يَسَارِهِ نَحْو سِتَّةِ أَذْرُعٍ) يَعْنِي يَمْشِي مِنْ الصَّفَا حَتَّى يَبْقَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَلَمِ الْمَذْكُورِ نَحْو سِتَّةِ أَذْرُعٍ (فَيَسْعَى مَاشِيًا سَعْيًا شَدِيدًا نَدْبًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يُؤْذِيَ وَلَا يُؤْذَى حَتَّى يَتَوَسَّطَ بَيْنَ الْمِيلَيْنِ الْأَخْضَرَيْنِ وَهُمَا الْعَلَمُ الْآخَرُ أَحَدُهُمَا بِرُكْنِ الْمَسْجِدِ وَالْآخَرُ بِالْمَوْضِعِ الْمَعْرُوفِ بِدَارِ الْعَبَّاسِ فَيَتْرُكَ شِدَّةَ السَّعْيِ ثُمَّ يَمْشِيَ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَرْوَةَ وَهِيَ أَنْفُ) جَبَل (قُعَيْقِعَانَ فَيَرْقَاهَا نَدْبًا وَيَسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةَ
وَيَقُولَ عَلَيْهَا مَا قَالَ عَلَى الصَّفَا) لِمَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا دَنَا مِنْ الصَّفَا قَرَأَ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [البقرة: 158] أَبْدَأُ بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ فَبَدَأَ بِالصَّفَا فَرَقَى عَلَيْهِ حَتَّى رَأَى الْبَيْتَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَوَحَّدَ اللَّهَ وَكَبَّرَهُ وَقَالَ لَا إلَه إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ أَنْجَزَ وَعْدَهُ وَنَصَرَ عَبْدَهُ وَهَزَمَ الْأَحْزَابَ وَحْدَهُ ثُمَّ دَعَا بَيْنَ ذَلِكَ فَقَالَ مِثْلَ هَذَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ نَزَلَ إلَى الْمَرْوَةِ حَتَّى انْصَبَّتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْوَادِي سَعَى حَتَّى إذَا صَعِدْنَا مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ فَفَعَلَ عَلَى الْمَرْوَةِ كَمَا فَعَلَ عَلَى الصَّفَا» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
(وَيَجِبُ اسْتِيعَابُ مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلِهِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (فَإِنْ لَمْ يَرْقَهُمَا أَلْصَقَ عَقِبَ رِجْلَيْهِ بِأَسْفَلِ الصَّفَا وَ) أَلْصَقَ (أَصَابِعَهُمَا أَسْفَلَ الْمَرْوَةِ) لِيَسْتَوْعِبَ مَا بَيْنَهُمَا وَإِنْ كَانَ رَاكِبًا لِعُذْرٍ فَعَلَ ذَلِكَ بِدَابَّتِهِ لَكِنْ قَدْ حَصَلَ عُلُوٌّ فِي الْأَرْضِ مِنْ الْأَتْرِبَةِ وَالْأَمْطَارِ بِحَيْثُ تَغَطَّى مِنْ دَرَجِهِمَا فَكُلُّ مَنْ لَمْ يَتَحَقَّقْ قَدْرَ الْمُغَطَّى يَحْتَاطُ لِيَخْرُجَ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ بِيَقِينٍ (ثُمَّ يَنْقَلِبُ) فَيَنْزِلُ عَنْ الْمَرْوَةِ (إلَى الصَّفَا فَيَمْشِي فِي مَوْضِعِ مَشْيِهِ، وَيَسْعَى فِي مَوْضِعِ سَعْيِهِ إلَى الصَّفَا يَفْعَلُ) السَّاعِي (ذَلِكَ سَبْعًا يَحْتَسِبُ بِالذَّهَابِ سَعْيَةً وَ) يَحْتَسِبُ (بِالرُّجُوعِ سَعْيَةً يَفْتَتِحُ بِالصَّفَا وَيَخْتِمُ بِالْمَرْوَةِ) لِخَبَرِ جَابِرٍ وَسَبَقَ (فَإِنْ بَدَأَ بِالْمَرْوَةِ لَمْ يَحْتَسِبْ بِذَلِكَ الشَّوْطِ) لِمُخَالَفَتِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
(وَيُكْثِرُ مِنْ الدُّعَاءِ وَالذِّكْرِ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ) أَيْ: الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (وَمِنْهُ) أَيْ: مِنْ الدُّعَاءِ مَا وَرَدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ إذَا سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَة قَالَ (رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَاعْفُ عَمَّا تَعْلَمْ وَأَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَكْرَمُ) وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا جُعِلَ رَمْيُ الْجِمَارِ وَالسَّعْيُ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ لِإِقَامَةِ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَلَا يُسَنُّ السَّعْيُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ (إلَّا فِي حَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ) فَهُوَ رُكْنٌ فِيهِمَا كَمَا يَأْتِي فَلَيْسَ السَّعْيُ كَالطَّوَافِ فِي أَنَّهُ يُسَنُّ كُلَّ وَقْتٍ لِعَدَمِ وُرُودِ التَّطَوُّعِ بِهِ مُفْرَدًا (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَسْعَى طَاهِرًا مِنْ الْحَدَثِ) الْأَكْبَرِ وَالْأَصْغَرِ.
(وَ) مِنْ (النَّجَاسَةِ) فِي بَدَنِهِ وَثَوْبِهِ (مُسْتَتِرًا) أَيْ: سَاتِرًا لِعَوْرَتِهِ، بِمَعْنَى أَنَّهُ لَوْ سَعَى عُرْيَانًا أَجْزَأَهُ وَإِلَّا فَكَشْفُ الْعَوْرَةِ غَيْرُ جَائِزٍ.
(وَتُشْتَرَطُ) لِلسَّعْيِ (النِّيَّةُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَالْمُوَالَاةُ) قِيَاسًا عَلَى الطَّوَافِ قَالَهُ الْقَاضِي.
(وَالْمَرْأَةُ لَا تَرْقَى) الصَّفَا وَلَا الْمَرْوَةَ (وَلَا تَسْعَى) بَيْنَ الْمِيلَيْنِ سَعْيًا (شَدِيدًا) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ " لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ رَمَلٌ بِالْبَيْتِ وَلَا بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ. وَقَالَ " لَا تَصْعَدُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلَا تَرْفَعُ صَوْتَهَا بِالتَّلْبِيَةِ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ؛ وَلِأَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهَا السِّتْرُ وَفِي ذَلِكَ تَعَرُّضٌ لِلِانْكِشَافِ وَالْقَصْدُ بِشِدَّةِ السَّعْيِ: إظْهَارُ الْجَلَدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ مَطْلُوبًا فِي حَقِّهَا.
(وَإِنْ سَعَى عَلَى غَيْرِ طَهَارَةٍ) بِأَنْ سَعَى مُحْدِثًا أَوْ نَجِسًا (كُرِهَ) لَهُ ذَلِكَ وَأَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ لَا تَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ أَشْبَهَ الْوُقُوفَ.
(وَيُشْتَرَطُ تَقَدُّمُ الطَّوَاف عَلَيْهِ وَلَوْ) كَانَ الطَّوَافُ الَّذِي تَقَدَّمَ عَلَيْهِ (مَسْنُونًا كَطَوَافِ الْقُدُومِ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إنَّمَا سَعَى بَعْدَ الطَّوَافِ وَقَالَ «لِتَأْخُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .
(فَإِنْ سَعَى بَعْدَ طَوَافِهِ) الْوَاجِبِ أَوْ الْمَسْنُونِ (ثُمَّ عَلِمَ أَنَّهُ طَافَ غَيْرَ مُتَطَهِّرٍ لَمْ يُجْزِئْهُ السَّعْيُ) لِبُطْلَانِ الطَّوَافِ الَّذِي تَقَدَّمَهُ فَوُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.
(وَلَهُ) أَيْ: لِلسَّاعِي (تَأْخِيرُهُ) أَيْ: السَّعْيِ (عَنْ طَوَافِهِ بِطَوَافٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا تَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا) أَيْ: بَيْنَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ (فَلَا بَأْسَ أَنْ يَطُوفَ أَوَّلَ النَّهَارِ وَيَسْعَى آخِرَهُ) أَوْ بَعْدَ ذَلِكَ لَكِنْ تُسَنُّ الْمُوَالَاةُ بَيْنَهُمَا.
(وَلَا تُسَنُّ عَقِبَهُ) أَيْ: السَّعْيِ (صَلَاةٌ) لِعَدَمِ الْوُرُودِ.
(وَإِنْ سَعَى) الْمُفْرِدُ أَوْ الْقَارِنُ (مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ لَمْ يُعِدْهُ) أَيْ: السَّعْيَ (مَعَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرَعْ تَكْرَارُهُ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَعَى مَعَ طَوَافِ الْقُدُومِ أَوْ كَانَ مُتَمَتِّعًا (سَعَى بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ طَوَافِ الزِّيَارَةِ لِيَأْتِيَ بِرُكْنِ الْحَجِّ.
(فَإِذَا فَرَغَ مِنْ السَّعْيِ فَإِنْ كَانَ مُتَمَتِّعًا بِلَا هَدْيٍ) أَيْ: لَيْسَ مَعَهُ هَدْيٌ (حَلَقَ أَوْ قَصَّرَ مِنْ جَمِيعِ شَعْرِهِ وَقَدْ حَلَّ وَلَوْ كَانَ مُلَبِّدًا رَأْسه فَيَسْتَبِيح جَمِيعَ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَامِ وَالْأَفْضَلُ هُنَا: التَّقْصِيرُ لِيَتَوَفَّرَ الْحَلَقُ لِلْحَجِّ وَلَا يُسَنُّ تَأْخِيرُ التَّحَلُّلِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «تَمَتَّعَ النَّاسُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالْعُمْرَةِ إلَى الْحَجِّ فَلَمَّا قَدِمَ صلى الله عليه وسلم مَكَّةَ قَالَ مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَإِنَّهُ لَا يُحِلُّ مِنْ شَيْءٍ حُرِمَ مِنْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَجَّهُ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيَطُفْ بِالْبَيْتِ وَبِالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَلْيُقَصِّرْ وَلْيُحْلِلْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ تَرَكَ التَّقْصِيرَ وَالْحَلْقَ فَعَلَيْهِ دَمٌ فَإِنْ وَطِئَ قَبْلَهُ فَعُمْرَتُهُ صَحِيحَةٌ وَعَلَيْهِ دَمٌ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ذَكَرَهُ فِي الشَّرْحِ.
(وَإِنْ كَانَ مَعَهُ) أَيْ: الْمُتَمَتِّعِ هَدْيٌ (أَدْخَل الْحَجَّ عَلَى الْعُمْرَةِ) وَيَصِيرُ قَارِنًا وَتَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُحِلَّ وَلَا) أَنْ (يَحْلِقَ حَتَّى يَحُجَّ فَيُحْرِمَ بِهِ) أَيْ: بِالْحَجِّ (بَعْدَ طَوَافِهِ وَسَعْيِهِ لِعُمْرَتِهِ كَمَا يَأْتِي) .