الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِعَدَمِ سُقُوطِهَا بِإِتْلَافِهِ (وَظَاهِره) أَيْ ظَاهِرُ الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُخْرِجُ إلَّا يَابِسًا أَنَّهُ يَلْزَمُهُ زَكَاتُهُ إذَا تَلِفَ.
(وَلَوْ لَمْ يُتْلِفهُ) أَيْ يَتَعَدَّى عَلَيْهِ أَوْ يُفَرِّط فِيهِ فَلَا يَتَوَقَّفُ الِاسْتِقْرَارُ فِيهِ عَلَى الْوَضْعِ بِالْمِسْطَاحِ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى وَضْعُهُ فِيهِ لِكَوْنِهِ لَا بِتَمْرٍ وَلَا بِزَبِيبٍ فَيَكُونُ اسْتِقْرَارُهَا بِمُجَرَّدِ انْتِهَاءِ نُضْجِهِ (فَإِنْ لَمْ يَجِدْهُمَا) أَيْ التَّمْرَ وَالزَّبِيبَ (بَقِيَا فِي ذِمَّتِهِ فَيُخْرِجُهُ) أَيْ مَا بَقِيَ فِي ذِمَّتِهِ (إذَا قَدَرَ عَلَيْهِ) كَبَاقِي الْوَاجِبَاتِ الَّتِي لَا بَدَلَ لَهَا (وَالْمَذْهَبُ أَيْضًا أَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ شِرَاؤُهُ وَزَكَاتُهُ وَلَا صَدَقَتُهُ) لِمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ قَالَ «حُمِلْتُ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَضَاعَهُ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَأَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِيَهُ وَظَنَنْتُ أَنَّهُ يَبِيعُهُ بِرُخْصٍ فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: لَا تَشْتَرِهِ وَلَا تَعُدْ فِي صَدَقَتِكَ وَإِنْ أَعْطَاكَهُ بِدِرْهَمٍ فَإِنَّ الْعَائِدَ فِي صَدَقَتِهِ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَلِأَنَّ شِرَاءَهَا وَسِيلَةٌ إلَى اسْتِرْجَاعِ شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ يَسْتَحْيِي أَنْ يُمَاكِسَهُ فِي ثَمَنِهَا وَرُبَّمَا سَامَحَهُ طَمَعًا مِنْهُ بِمِثْلِهَا أَوْ خَوْفًا مِنْهُ إذَا لَمْ يَبِعْهَا أَنْ لَا يَعُودَ يُعْطِيه فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَكُلُّ هَذِهِ مَفَاسِدُ فَوَجَبَ حَسْمُ الْمَادَّةِ (وَسَوَاء اشْتَرَاهَا مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَنَقَلَهُ أَبُو دَاوُد فِي فَرَسِ حَمِيلٍ وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ: يَقْتَضِي الْفَرْقَ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ: أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِعَيْنِ الزَّكَاةِ وَنَقَلَ حَنْبَلُ وَمَا أَرَادَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ أَوْ شَيْئًا مِنْ نِتَاجِهِ فَلَا.
(وَإِنْ رَجَعَتْ إلَيْهِ) زَكَاتُهُ أَوْ صَدَقَتُهُ (بِإِرْثٍ) طَابَتْ لَهُ بِلَا كَرَاهَةٍ لِحَدِيثِ بُرَيْدَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَتَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ: إنِّي تَصَدَّقْتُ عَلَى أُمِّي بِجَارِيَةٍ وَإِنَّهَا مَاتَتْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَجَبَ أَجْرُكِ وَرَدَّهَا عَلَيْكِ الْمِيرَاثُ» رَوَاهُ جَمَاعَةٌ إلَّا الْبُخَارِيَّ وَالنَّسَائِيَّ (أَوْ) عَادَتْ إلَيْهِ ب (هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ أَوْ أَخَذَهَا مِنْ دَيْنِهِ) طَابَتْ لَهُ لِأَنَّ ذَلِكَ كَالْإِرْثِ (أَوْ رَدَّهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (لَهُ الْإِمَامُ بَعْدَ قَبْضِهِ مِنْهُ لِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَالِكِ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ جَازَ لَهُ أَخْذُهَا (لِمَا يَأْتِي) فِي الْبَابِ لِأَنَّهَا عَادَتْ إلَيْهِ بِسَبَبٍ آخَرَ فَهُوَ كَمَا لَوْ عَادَتْ إلَيْهِ بِمِيرَاثٍ.
[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]
فَصْلٌ وَيُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا لَحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَبْعَثُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَوَاحَةَ
إلَى يَهُودَ لِيَخْرُصَ عَلَيْهِمْ النَّخْلَ قَبْلَ أَنْ يُؤْكَلَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد «لِكَيْ يُحْصِيَ الزَّكَاةَ قَبْلَ أَنْ تُؤْكَلَ الثِّمَارُ وَتُفَرَّقَ» .
وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبْعَثُ عَلَى النَّاسِ مَنْ يَخْرُصُ عَلَيْهِمْ كُرُومَهُمْ وَثِمَارَهُمْ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّ عَنْهُ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم خَرَصَ عَلَى امْرَأَةٍ بِوَادِي الْقُرَى حَدِيقَةً لَهَا» وَحَدِيثُهَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ وَقَوْلُ الْمَانِعِ أَنَّهُ خَطَرٌ وَغَرَرٌ: يُرَدُّ بِأَنَّهُ اجْتِهَادٌ فِي مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِغَالِبِ الظَّنِّ وَذَلِكَ جَائِزٌ فِي تَقْوِيمِ الْمُتْلَفَاتِ وَالْمُجْتَهِدَاتِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ وَسَائِرِ الظَّوَاهِرِ الْمَعْمُولِ بِهَا وَإِنْ احْتَمَلَتْ الْخَطَأَ (إذَا بَدَا صَلَاحُ الثَّمَرِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ دُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَى الْخَرْصِ.
(وَيُعْتَبَرُ أَنْ يَكُونَ) الْخَارِصُ (مُسْلِمًا أَمِينًا خَبِيرًا غَيْرَ مُتَّهَمٍ) لِأَنَّ مَنْ لَيْسَ كَذَلِكَ لَا يُعَوَّلُ عَلَى قَوْلِهِ وَالْمُتَّهَمُ: هُوَ مَنْ كَانَ مِنْ أَحَدِ عَمُودَيْ نَسَبِ الْمَالِكِ.
(وَلَوْ) كَانَ (عَبْدًا) كَالْفَتْوَى وَرُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ وَاعْتُبِرَ أَنْ يَكُونَ خَبِيرًا لِئَلَّا تَفُوتَ الْحِكْمَةُ الَّتِي شُرِّعَ لَهَا الْخَرْصُ (وَيَكْفِي خَارِصٌ وَاحِدٌ) لِحَدِيثِ عَائِشَةَ وَلِأَنَّهُ يُنَفِّذُ مَا يُؤَدِّي إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ كَقَائِفٍ وَحَاكِمٍ.
(وَأُجْرَتُهُ) أَيْ الْخَارِصِ (عَلَى رَبِّ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ) وَفِي الْمُبْدِعِ: أُجْرَتُهُ عَلَى بَيْتِ الْمَالِ انْتَهَى قُلْت لَوْ قِيلَ مِنْ سَهْمِ الْعُمَّالِ لَكَانَ مُتَّجَهًا.
(فَيَخْرُصُ ثَمَرَهُمَا) أَيْ النَّخْلَ وَالْكَرْمَ (عَلَى أَرْبَابِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا تُخْرَصُ الْحُبُوبُ) بِلَا خِلَافٍ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَا ثَمَرُ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ كَالْبُنْدُقِ وَاللَّوْزِ لِأَنَّ النَّصَّ إنَّمَا وَرَدَ بِخَرْصِهِمَا مَعَ أَنَّ ثَمَرَهُمَا مُجْتَمِعٌ فِي الْعُذُوقِ وَالْعَنَاقِيدِ فَيُمْكِنُ أَنْ يَأْتِيَ الْخَرْصُ عَلَيْهِ غَالِبًا وَالْحَاجَةُ إلَى أَكْلِهِمَا رُطَبَةً أَشَدُّ مِنْ غَيْرِهِمَا فَامْتَنَعَ الْقِيَاسُ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي بْنُ الْمُنَجَّا: أَنَّ نَخْلَ الْبَصْرَةِ لَا يُخْرَصُ وَإِنَّهُ أَجْمَعَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ وَفُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ وَعُلِّلَ بِالْمَشَقَّةِ وَبِغَيْرِهَا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: كَذَا قَالَ.
(وَالْخَرْصُ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مَصْدَرٌ وَمَعْنَاهُ هُنَا (حَزْرُ مِقْدَارِ الثَّمَرَةِ فِي رُءُوسِ النَّخْلِ وَالْكَرْمِ وَزْنًا بَعْدَ أَنْ يَطُوفَ) الْخَارِصُ (بِهِ) أَيْ بِالنَّخْلِ أَوْ الْكَرْمِ (ثُمَّ يُقَدِّرُهُ تَمْرًا) أَوْ زَبِيبًا (ثُمَّ يُعَرِّفُ) الْخَارِصُ (الْمَالِكَ قَدْرَ الزَّكَاةِ) فِيهِ (وَيُخَيِّرُهُ بَيْنَ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ) مِنْ بَيْعٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَيَضْمَنُ قَدْرَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (وَبَيْنَ حِفْظِهَا) أَيْ الثِّمَارِ
(إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ) لِيُؤَدِّيَ مَا وَجَبَ فِيهَا (فَإِنْ لَمْ يَضْمَنْ) الْمَالِكُ زَكَاتَهَا (وَتَصَرَّفَ) فِيهَا (صَحَّ تَصَرُّفُهُ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ تَعَلُّقَ الزَّكَاةِ كَأَرْشِ الْجِنَايَةِ لَا يَمْنَعُ التَّصَرُّفَ.
(وَكُرِهَ) قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ أَيْ تَصَرُّفُهُ مِنْ غَيْرِ ضَمَانِ زَكَاتِهَا خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ (وَإِنْ حَفِظَهَا) أَيْ حَفِظَ الْمَالِكُ الثِّمَارُ (إلَى وَقْتِ الْجَفَافِ زَكَّى الْمَوْجُودَ فَقَطْ وَافَقَ قَوْلَ الْخَارِصِ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ اخْتَارَ حِفْظَهَا ضَمَانًا بِأَنْ يَتَصَرَّفَ أَوْ أَمَانَةً) مِنْ غَيْرِ تَصَرُّفٍ لِأَنَّهَا أَمَانَةٌ كَالْوَدِيعَةِ وَإِنَّمَا يَعْمَلُ بِالِاجْتِهَادِ مَعَ عَدَمِ تَبَيُّنِ الْخَطَأِ لِأَنَّ الظَّاهِرَ الْإِصَابَةُ.
(وَإِنْ أَتْلَفَهَا) أَيْ الثَّمَرَةَ (الْمَالِكُ أَوْ تَلِفَتْ بِتَفْرِيطِهِ ضَمِنَ زَكَاتَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا) أَوْ زَبِيبًا لِأَنَّ الظَّاهِرَ عَدَمُ الْخَطَأِ قَالَ فِي الشَّرْحِ وَإِنْ أَتْلَفَهَا أَجْنَبِيُّ فَعَلَيْهِ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ وَالْفَرْقُ: أَنَّ رَبَّ الْمَالِ وَجَبَ عَلَيْهِ تَجْفِيفُ هَذَا الرُّطَبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ انْتَهَى وَقَوْلُهُ قِيمَةُ مَا أَتْلَفَ قَوَاعِدُ الْمَذْهَبِ: أَنَّ عَلَيْهِ مِثْلُهُ لِأَنَّهُ مِثْلِيٌّ فَيُضْمَنُ بِمِثْلِهِ.
(وَإِنْ تَرَكَ السَّاعِي شَيْئًا مِنْ الْوَاجِبِ أَخْرَجَهُ الْمَالِكُ) لِأَنَّ الْوَاجِبَ لَا يَسْقُطُ بِتَرْكِ الْخَارِصِ لَهُ (فَإِنْ لَمْ يَبْعَثْ) الْإِمَامُ (سَاعِيًا فَعَلَى رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْخَرْصِ مَا يَفْعَلُهُ السَّاعِي إنْ أَرَادَ) الْمَالِكُ (التَّصَرُّفَ) فِي الثَّمَرَةِ (لِيَعْرِفَ قَدْرَ الْوَاجِبِ قَبْلَ تَصَرُّفِهِ) فِيهَا.
(ثُمَّ إنْ كَانَ) الْمَخْرُوصُ (أَنْوَاعًا لَزِمَ) السَّاعِي (خَرْصُ كُلِّ نَوْعٍ وَحْدَهُ لِاخْتِلَافِ الْأَنْوَاعِ وَقْتَ الْجَفَافِ) فَمِنْهَا: مَا يَزِيدُ رُطَبُهُ عَلَى تَمْرِهِ وَمِنْهَا: مَا يَزِيدُ تَمْرُهُ عَلَى رُطَبِهِ وَتَخْتَلِفُ الزِّيَادَةُ وَالنُّقْصَانُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِمَا فِي اللَّحْمِ وَالْمَاوِيَّةِ كَثْرَةً وَقِلَّةً (وَإنْ كَانَ) الْمَخْرُوصُ (نَوْعًا وَاحِدًا فَلَهُ خَرْصُ كُلِّ شَجَرَةٍ وَحْدَهَا وَلَهُ خَرْصُ الْجَمِيعِ دَفْعَةً وَاحِدَةً) لِأَنَّ النَّوْعَ الْوَاحِدَ لَا يَخْتَلِفُ غَالِبًا وَلِمَا فِيهِ مِنْ الْمَشَقَّةِ بِخَرْصِ كُلِّ شَجَرَةٍ عَلَى حِدَةٍ.
(وَإِنْ ادَّعَى رَبُّ الْمَالِ غَلَطَ الْخَارِصِ غَلَطًا مُحْتَمَلًا) كَالسُّدُسِ (قُبِلَ قَوْلُهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ كَمَا لَوْ قَالَ: لَمْ يُحَصَّلْ فِي يَدِي غَيْرُ كَذَا) فَإِنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْلَفُ بَعْضُهُ بِآفَةٍ لَا يَعْلَمُهَا.
(وَإِنْ فَحُشَ) مَا ادَّعَاهُ مِنْ الْغَلَطِ كَالنِّصْفِ وَالثُّلُثِ (لَمْ يُقْبَلْ) لِأَنَّهُ لَا يُحْتَمَلُ فَيُعْلَمُ كَذِبُهُ (وَكَذَا إنْ ادَّعَى) رَبُّ الْمَالِ (كَذِبَهُ) أَيْ الْخَارِصِ (عَمْدًا) فَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ لِأَنَّهُ خِلَافُ الظَّاهِرِ.
(وَيَجِبُ) عَلَى الْخَارِصِ (أَنْ يَتْرُكَ فِي الْخَرْصِ لِرَبِّ الْمَالِ الثُّلُثَ أَوْ الرُّبْعَ فَيَجْتَهِدُ السَّاعِي) فِي أَيِّهِمَا يَتْرُكُ (بِحَسْبِ الْمَصْلَحَةِ) لِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا خَرَصْتُمْ فَخُذُوا وَدَعُوا الثُّلُثَ فَإِنْ لَمْ تَدَعُوا الثُّلُثَ فَدَعُوا الرُّبْعَ»
رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا ابْنَ مَاجَهْ وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ: هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَهَذَا تَوْسِعَةٌ عَلَى رَبِّ الْمَالِ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى الْأَكْلِ هُوَ وَأَضْيَافُهُ وَجِيرَانُهُ وَأَهْلُهُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا الْمَارَّةُ وَفِيهَا السَّاقِطَةُ فَلَوْ اسْتَوْفَى الْكُلَّ أَضَرَّ بِهِمْ (وَلَا يَكْمُلُ بِهَذَا الْقَدْرِ الْمَتْرُوكِ النِّصَابُ إنْ أَكَلَهُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِاسْتِهْلَاكِهِ عَلَى وَجْهٍ مَأْذُونٍ فِيهِ كَمَا لَوْ تَلِفَ بِجَائِحَةٍ.
(وَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ كَمُلَ بِهِ) النِّصَابُ (ثُمَّ يَأْخُذُ) السَّاعِي (زَكَاةَ الْبَاقِي سَوَاءٌ بِالْقِسْطِ) فَلَوْ كَانَ تَمْرُهُ كُلُّهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَلَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا كَمَّلَ النِّصَابَ بِالرُّبْعِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ وَأُخِذَتْ مِنْهُ زَكَاةُ مَا سِوَاهُ وَهُوَ ثَلَاثَةُ أَوْسُقٍ وَثَلَاثَةُ أَرْبَاعِ وَسْقٍ.
(وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ الْخَارِصُ شَيْئًا) مِنْ الثَّمَرَةِ (فَلِرَبِّ الْمَالِ الْأَكْلُ هُوَ وَعِيَالُهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ) الَّذِي كَانَ يُتْرَكُ لَهُ نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِ) بِمَا أَكَلَهُ إذَنْ فَلَا تُؤْخَذُ مِنْهُ زَكَاتُهُ كَمَا لَوْ تَرَكَهُ الْخَارِصُ لَهُ (وَيَأْكُلُ هُوَ) أَيْ الْمَالِكُ وَعِيَالُهُ مِنْ حُبُوبِ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ كَفَرِيكٍ وَنَحْوِهِ وَمَا يَحْتَاجُهُ وَلَا يُحْتَسَبُ بِهِ عَلَيْهِ (فِي نِصَاب وَلَا زَكَاة كَالثِّمَارِ) وَلَا يُهْدِي (مِنْ الْحُبُوبِ قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهَا شَيْئًا وَأَمَّا الثِّمَارُ فَالثُّلُثُ أَوْ الرُّبْعُ الَّذِي يُتْرَكُ لَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ كَيْفَ شَاءَ) وَلَا يَأْكُلُ مِنْ زَرْعٍ وَثَمَرٍ مُشْتَرَكٍ شَيْئًا إلَّا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ (كَسَائِرِ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ) .
وَيُؤْخَذُ الْعُشْرُ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ عَلَى حِدَتِهِ بِحِصَّتِهِ وَلَوْ شَقَّ (ذَلِكَ) لِكَثْرَةِ الْأَنْوَاعِ وَاخْتِلَافِهَا (لِأَنَّ الْفُقَرَاءَ بِمَنْزِلَةِ الشُّرَكَاءِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَتَسَاوَوْا فِي كُلِّ نَوْعٍ بِخِلَافِ السَّائِمَةِ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشْقِيصِ كَمَا تَقَدَّمَ) .
(وَلَا يَجُوزُ إخْرَاجُ جِنْسٍ عَنْ جِنْسٍ آخَرَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «خُذْ الْحَبَّ مِنْ الْحَبِّ وَالْإِبِلَ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرَ مِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمَ مِنْ الْغَنَمِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ (فَإِنْ أَخْرَجَ الْوَسَطَ عَنْ جَيِّدٍ وَرَدِيءٍ بِقَدْرِ قِيمَتَيْ الْوَاجِبِ مِنْهُمَا) لَمْ يُجْزِئْهُ لِأَنَّهُ عَدَلَ عَنْ الْوَاجِبِ إلَى غَيْرِهِ كَمَا لَوْ أَخْرَجَ الْقِيمَةَ وَإِنَّمَا اُغْتُفِرَ ذَلِكَ فِي السَّائِمَةِ دَفْعًا لِلتَّشْقِيصِ (أَوْ أَخْرَجَ الرَّدِيءَ عَنْ الْجَيِّدِ بِالْقِيمَةِ) بِأَنْ زَادَ فِي الرَّدِيءِ بِحَيْثُ يُسَاوِي قِيمَةَ الْوَاجِبِ مِنْ الْجَيِّدِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) بِخِلَافِ النَّقْدَيْنِ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غَيْرِ الْأَثْمَانِ النَّفْعُ بِعَيْنِهَا فَيَفُوتُ بَعْضُ الْمَقْصُودِ وَمِنْ الْأَثْمَانِ الْقِيمَةُ وَتَقَدَّمَ قَوْلُ الْمَجْدِ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ: جَوَازُهُ فِي الْمَاشِيَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ تَطَوَّعَ رَبُّ الْمَالِ بِإِخْرَاجِ الْجَيِّدِ عَنْ الرَّدِيءِ جَازَ وَلَهُ أَجْرُ ذَلِكَ وَلَا يَجُوزُ أَخْذُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ رِضَاهُ.
(وَيَجِبُ الْعُشْرُ) أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالزَّكَاةِ كَالْمُنْتَهِي
لِشَمْلِهَا (عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِير دُونَ الْمَالِكِ) أَيْ إذَا اسْتَأْجَرَ إنْسَانٌ مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ أَوْ اسْتَعَارَ أَرْضًا فَزَرَعَهَا أَوْ غَرَسَهَا مَا أَثْمَرَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَهِيَ عَلَى الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ دُونَ مَالِك الْأَرْضِ وَهُوَ مُعِيرُهَا أَوْ مُؤَجِّرُهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «فِيمَا سَقَتْ السَّمَاءُ الْعُشْرُ» الْحَدِيثُ وَكَتَاجِرٍ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا أَوْ اسْتَعَارَهَا لِبَيْعِ عُرُوضِهِ وَفِي إيجَابِهِ عَلَى الْمَالِكِ إجْحَافٌ يُنَافِي الْمُوَاسَاةَ وَهِيَ مِنْ حُقُوقِ الزَّرْعِ بِدَلِيلِ أَنَّهَا لَا تَجِبُ إنْ لَمْ تُزْرَعْ وَتَتَقَيَّدُ بِقَدْرِهِ.
(وَالْخَرَاجُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَالِك الْأَرْضِ (دُونَهُمَا) أَيْ دُونَ الْمُسْتَأْجِرِ وَالْمُسْتَعِيرِ لِأَنَّهُ مِنْ حُقُوقِ الْأَرْضِ (وَلَا زَكَاةَ فِي قَدْرِ الْخَرَاجِ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ يُقَابِلُهُ لِأَنَّهُ كَدَيْنِ آدَمِيٍّ وَلِأَنَّهُ مِنْ مُؤْنَةِ الْأَرْضِ كَنَفَقَةِ زَرْعِهِ) كَأُجْرَةِ الْحَرْثِ وَنَحْوِهِ بِخِلَافِ مُؤْنَةِ الْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ لِأَنَّهَا بَعْدَ الْوُجُوبِ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِمَالِكِ الْأَرْضِ (سِوَى غَلَّةِ الْأَرْضِ وَفِيهَا مَا فِيهِ زَكَاةٌ) كَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَبُرٍّ وَشَعِيرٍ.
(وَ) فِيهَا (مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ كَالْخُضَرِ) مِنْ بِطِّيخٍ وَيَقْطِينٍ وَقِثَّاءٍ وَنَحْوِهَا (جَعَلَ الْخَرَاجَ فِي مُقَابَلَتِهِ) أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِي مُقَابَلَتِهِ (أَيْ مَا لَا زَكَاةَ فِيهِ إنْ وَفَّى بِهِ لِأَنَّهُ أَحْوَطُ لِلْفُقَرَاءِ " وَزَكَّى الْبَاقِيَ مِمَّا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَلَّةٌ إلَّا مَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ أَدَّى الْخَرَاجَ مِنْ غَلَّتِهَا وَزَكَّى مَا بَقِيَ (وَلَا يَنْقُصُ النِّصَابُ بِمُؤْنَةِ الْحَصَادِ، وَ) مُؤْنَةِ (الدِّيَاسِ وَغَيْرِهِمَا) كَالْجُذَاذِ وَالتَّصْفِيَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ الزَّرْعِ وَالثَّمَرِ (لَسَبَقَ الْوُجُوبُ ذَلِكَ) أَيْ لِأَنَّهَا تَجِبُ بِالِاشْتِدَادِ وَبُدُوِّ الصَّلَاحِ وَذَلِكَ سَابِقٌ لِلْحَصَادِ وَالدِّيَاسِ وَالْجُذَاذِ وَنَحْوِهِمَا وَتَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ التَّنْبِيهُ عَلَى ذَلِكَ (وَتَلْزَمُ الزَّكَاةُ فِي الْمُزَارَعَةِ الْفَاسِدَةِ مَنْ حُكِمَ أَنَّ الزَّرْعَ لَهُ) لِأَنَّ الزَّكَاةَ عَلَى الْمَالِكِ.
(وَإِنْ كَانَتْ) الْمُزَارَعَةُ (صَحِيحَةً فَعَلَى مَنْ بَلَغَتْ حِصَّتُهُ مِنْهُمَا) أَيْ الْمَالِكِ وَالْعَامِلِ (نِصَابًا) بِنَفْسِهَا أَوْ ضَمَّهَا إلَى زَرْعٍ لَهُ آخَرَ (الْعُشْرُ) أَوْ نِصْفُهُ أَوْ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ عَلَى مَا سَبَقَ، وَكَذَا الْحُكْمُ فِي الْمُسَاقَاةِ بِخِلَافِ الْمُضَارَبَةِ فَإِنَّهُ لَا زَكَاةَ عَلَى الْعَامِلِ فِي حِصَّتِهِ وَلَوْ بَلَغْت نِصَابًا لِأَنَّ الرِّبْحَ وِقَايَةٌ لِرَأْسِ الْمَالِ.
(وَمَتَى حَصَدَ غَاصِبُ الْأَرْضِ زَرْعَهُ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ) عَلَيْهِ فَلَا يَتَمَلَّكُهُ رَبُّ الْأَرْضِ (وَزَكَّاهُ) لِاسْتِقْرَارِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ.
(وَإِنْ تَمَلَّكَهُ رَبُّ الْأَرْضِ قَبْلَ اشْتِدَادِ الْحَبِّ زَكَّاهُ) لِثُبُوتِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَقْتَ وُجُوبِهَا وَإِنْ تَمَلَّكَهُ بَعْدَ اشْتِدَادٍ فَقِيلَ: يُزَكِّيهِ الْغَاصِبُ
لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ وَقْتَ الْوُجُوبِ وَقَطَعَ بِهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْغَصْبِ وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِمَا: يُزَكِّيهِ رَبُّ الْأَرْضِ لِأَنَّ مِلْكَهُ اسْتَنَدَ إلَى أَوَّلِ زَرْعِهِ لِأَنَّهُ يَتَمَلَّكُهُ بِمِثْلِ بَذْرِهِ وَعَوَّضَ لَوَاحِقَهُ فَكَأَنَّهُ أَخَذَهُ إذَنْ.
(وَكَرِهَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ) رضي الله عنه (الْحَصَادَ وَالْجُذَاذَ لَيْلًا) لِحَدِيثِ الْحُسَيْنِ «نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْجُذَاذِ بِاللَّيْلِ وَالْحَصَادِ بِاللَّيْلِ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ.
(وَيَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي كُلِّ أَرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ الْأَخْبَارِ (فَالْخَرَاجُ فِي رَقَبَتِهَا) مُطْلَقًا وَالْعُشْرُ (فِي غَلَّتِهَا إنْ كَانَتْ لِمُسْلِمٍ) لِأَنَّ سَبَبَ الْخَرَاجِ التَّمْكِينُ مِنْ النَّفْعِ لِوُجُوبِهِ وَإِنْ لَمْ تُزْرَعْ وَسَبَبُ الْعُشْرِ: الزَّرْعُ كَأُجْرَةِ الْمَتْجَرِ مَعَ زَكَاةِ التِّجَارَةِ وَلِأَنَّهُمَا شَيْئَانِ مُخْتَلِفَانِ لِمُسْتَحَقِّينَ فَجَازَ اجْتِمَاعُهُمَا كَالْجَزَاءِ وَالْقِيمَةِ فِي الصَّيْدِ الْمَمْلُوكِ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ «لَا يَجْتَمِعُ الْعُشْرُ وَالْخَرَاجُ فِي أَرْضِ مُسْلِمٍ» ضَعِيفٌ جِدًّا قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: لَيْسَ هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ كَلَامِ النُّبُوَّةِ ثُمَّ يُحْمَلُ عَلَى الْخَرَاجِ الَّذِي هُوَ الْجِزْيَةُ وَلَوْ كَانَ عُقُوبَةً لَمَا وَجَبَ عَلَى الْمُسْلِمِ كَالْجِزْيَةِ (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْخَرَاجِيَّةُ ثَلَاثَةُ أَضْرُبٍ إحْدَاهَا (مَا فُتِحَتْ عَنْوَةً وَلَمْ تُقْسَمْ) بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا جَلَا عَنْهَا أَهْلُهَا خَوْفًا مِنَّا وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صُولِحُوا) أَيْ أَهْلُهَا (عَلَيْهَا عَلَى أَنَّهَا لَنَا وَنُقِرُّهَا مَعَهُمْ بِالْخَرَاجِ) الَّذِي يَضْرِبُهُ عَلَيْهَا الْإِمَامُ عَلَى مَا يَأْتِي فِي بَيَانِهِ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ.
(وَالْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ لَا خَرَاجَ عَلَيْهَا) لِأَنَّهَا مِلْكٌ لِأَرْبَابِهَا (وَهِيَ) أَيْ الْأَرْضُ الْعُشْرِيَّةُ (الْأَرْضُ الْمَمْلُوكَةُ) وَهِيَ خَمْسَةُ أَضْرُبٍ الْأُولَى (الَّتِي أَسْلَمَ أَهْلُهَا عَلَيْهَا كَالْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ (وَنَحْوِهَا) كَجُوَاثَى مِنْ قُرَى الْبَحْرَيْنِ.
(وَ) الثَّانِيَةُ (مَا أَحْيَاهُ الْمُسْلِمُونَ وَاخْتَطُّوهُ كَالْبَصْرَةِ) بِتَثْلِيثِ الْبَاءِ قَالَ فِي حَاشِيَتِهِ: بُنِيَتْ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ رضي الله عنه فِي سَنَةِ ثَمَانِ عَشْرَةَ بَعْدَ وَقْفِ السَّوَادِ وَلِهَذَا دَخَلَتْ فِي حَدِّهِ دُونَ حُكْمِهِ.
(وَ) الثَّالِثَةُ (مَا صَالَحَ أَهْلَهَا عَلَى أَنَّهَا لَهُمْ بِخَرَاجٍ يُضْرَبُ عَلَيْهَا كَالْيَمَنِ وَ) الرَّابِعَةُ (مَا أَقْطَعَهَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ) مِنْ السَّوَادِ إقْطَاعَ تَمْلِيكٍ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: وَالْأَرْضُونَ الَّتِي يَمْلِكُهَا أَرْبَابُهَا لَيْسَ فِيهَا خَرَاجٌ مِثْلُ هَذِهِ الْقَطَائِعِ الَّتِي أَقْطَعَهَا عُثْمَانُ فِي السَّوَادِ لِسَعْدٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَخَبَّابٍ.
قَالَ الْقَاضِي: وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ أَقْطَعْهُمْ مَنَافِعَهَا وَخَرَاجَهَا وَلِلْإِمَامِ إسْقَاطُ الْخَرَاجِ عَلَى وَجْهِ
الْمَصْلَحَةِ
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْقَاضِي هَذَا أَنَّهُمْ لَمْ يَمْلِكُوا الْأَرْضَ بَلْ أَقَطَعُوا الْمَنْفَعَةَ وَأُسْقِطَ الْخَرَاجُ لِلْمَصْلَحَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ