الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَمِنْبَرٍ (سَابِغٍ عَلَى الْوَجْهِ وَهُوَ زَرَدٌ يُنْسَجُ مِنْ الدُّرُوعِ عَلَى قَدْرِ الرَّأْسِ يُلْبَسُ تَحْتَ الْقَلَنْسُوَةِ) أَوْ حَلَقٌ يَتَقَنَّعُ بِهَا الْمُتَسَلِّحُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ.
(وَ) يُكْرَهُ (مَا لَهُ أَنْفٌ) لِأَنَّهُ يَحُولُ بَيْنَ الْأَنْفِ وَالْمُصَلِّي (أَوْ يُثْقِلُهُ حَمْلُهُ كَجَوْشَنٍ وَهُوَ التَّنُّورُ الْحَدِيدُ وَنَحْوُهُ) .
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْجَوْشَنُ الصَّدْرُ وَالدِّرْعُ (وَنَحْوُهُ) أَيْ نَحْوُ مَا ذَكَرَ مِمَّا يُثْقِلُهُ (أَوْ يُؤْذِي غَيْرَهُ كَرُمْحٍ وَقَوْسٍ إذَا كَانَ) الْمُصَلِّي (بِهِ) أَيْ بِالرُّمْحِ أَوْ الْقَوْسِ (مُتَوَسِّطًا) لِلْقَوْمِ (فَيُكْرَهُ) إنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَيْهِ (فَإِنْ احْتَاجَ إلَى ذَلِكَ أَوْ كَانَ فِي طَرَفِ النَّاسِ لَمْ يُكْرَهْ) لِعَدَمِ الْإِيذَاءِ إذَنْ (وَيَجُوزُ حَمْلُ نَجِسٍ) وَلَوْ غَيْرَ مَعْفُوٍّ عَنْهُ لَوْلَا الْخَوْفُ (فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَ) حَمْلُ (مَا يُخِلُّ بِبَعْضِ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ لِلْحَاجَةِ) إلَيْهِ.
(وَلَا إعَادَةَ) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، كَالْمُتَيَمِّمِ فِي الْحَضَرِ لِبَرْدٍ.
[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]
(فَصْلٌ وَإِذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا رِجَالًا وَرُكْبَانًا) مُتَوَجِّهِينَ (إلَى الْقِبْلَةِ وَغَيْرِهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالا أَوْ رُكْبَانًا} [البقرة: 239] .
قَالَ «ابْنُ عُمَرَ فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ وَرُكْبَانًا مُسْتَقْبِلِي الْقِبْلَةِ وَغَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ زَادَ الْبُخَارِيُّ.
قَالَ نَافِعٌ " لَا أَرَى ابْنَ عُمَرَ قَالَ ذَلِكَ إلَّا عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم " وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مَرْفُوعًا، وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «صَلَّى بِأَصْحَابِهِ فِي غَيْرِ شِدَّةِ الْخَوْفِ وَأَمَرَهُمْ بِالْمَشْيِ إلَى وِجَاهِ الْعَدُوِّ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ يَعُودُونَ لِقَضَاءِ مَا بَقِيَ مِنْ صَلَاتِهِمْ» وَهُوَ مَشْيٌ كَثِيرٌ وَعَمَلٌ طَوِيلٌ وَاسْتِدْبَارٌ لِلْقِبْلَةِ، فَمَعَ شِدَّةِ الْخَوْفِ أَوْلَى (يُومِئُونَ) بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (إيمَاءً عَلَى قَدْرِ الطَّاقَةِ) لِأَنَّهُمْ لَوْ تَمَّمُوا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ لَكَانُوا هَدَفًا لِأَسْلِحَةِ الْكُفَّارِ، مُعَرِّضِينَ أَنْفُسَهُمْ لِلْهَلَاكِ.
(وَ) يَكُونُ (سُجُودُهُمْ أَخْفَضَ مِنْ رُكُوعِهِمْ) كَالْمَرِيضِ (وَسَوَاءٌ وُجِدَ) اشْتِدَادُ الْخَوْفِ (قَبْلَهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (أَوْ فِيهَا) لِعُمُومِ الْآيَةِ.
(وَلَوْ احْتَاجَ) الْمُصَلِّي الْخَائِفُ (عَمَلًا كَثِيرًا) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَتَنْعَقِدُ الْجَمَاعَةُ) فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ
(نَصًّا وَتَجِبُ) أَيْ الْجَمَاعَةُ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ كَغَيْرِهَا (لَكِنْ يُعْتَبَرُ إمْكَانُ الْمُتَابَعَةِ) فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لَمْ تَجِبْ الْجَمَاعَةُ وَلَا تَنْعَقِدُ.
(وَلَا يَضُرُّ تَأَخُّرُ الْإِمَامِ) عَنْ الْمَأْمُومِ فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَلَا) يَضُرُّ (كَرٌّ) عَلَى الْعَدُوِّ (وَلَا فَرٌّ) مِنْ الْعَدُوِّ (وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَعْمَالِ، كَالضَّرْبِ وَالطَّعْنِ (لِمَصْلَحَةٍ) تَدْعُو إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالْقِتَالِ كَالْكَلَامِ، فَمَتَى صَاحَ فَبَانَ حَرْفَانِ بَطَلَتْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى الْكَلَامِ إذْ السُّكُونُ أَهْيَبُ فِي نُفُوسِ الْأَقْرَانِ (وَلَا) يَضُرُّ (تَلْوِيثُ سِلَاحِهِ بِدَمٍ) .
وَلَوْ كَانَ كَثِيرًا (وَلَا يَزُولُ الْخَوْفُ إلَّا بِانْهِزَامِ الْكُلِّ) أَيْ جَيْشِ الْعَدُوِّ كُلِّهِ لِأَنَّ انْهِزَامَ بَعْضِهِ قَدْ يَكُونُ مَكِيدَةً (وَلَا يَلْزَمُهُمْ افْتِتَاحُهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (إلَى الْقِبْلَةِ وَلَوْ أَمْكَنَهُمْ) ذَلِكَ كَبَقِيَّةِ أَجْزَاءِ الصَّلَاةِ.
(وَلَا) يَلْزَمُهُمْ (السُّجُودُ عَلَى) ظَهْرِ (الدَّابَّةِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا مَنْ هَرَبَ مِنْ عَدْوٍ هَرَبًا مُبَاحًا) كَخَوْفِ قَتْلٍ أَوْ أَسْرِ مَحْرَمٍ، وَيَكُونُ الْكُفَّارُ أَكْثَرَ مِنْ مِثْلَيْ الْمُسْلِمِينَ (أَوْ) هَرَبَ (مِنْ سَيْلٍ أَوْ سَبُعٍ) وَهُوَ الْحَيَوَانُ الْمَعْرُوفُ بِضَمِّ الْبَاءِ وَسُكُونِهَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ مُفْتَرِسٍ كَمَا هُنَا (وَنَحْوِهِ، كَنَارٍ أَوْ غَرِيمٍ ظَالِمٍ) فَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ كَمَا تَقَدَّمَ لِوُجُودِ الْخَوْفِ.
فَإِنْ كَانَ الْهَرَبُ مُحَرَّمًا لَمْ يُصَلِّ صَلَاةَ خَوْفٍ لِأَنَّهَا رُخْصَةً فَلَا تُنَاطُ بِمَعْصِيَةٍ (أَوْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ) مِنْ شَيْءٍ مِمَّا سَبَقَ إنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى هَيْأَتِهَا فِي شِدَّةِ الْخَوْفِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ شِدَّةِ الْخَوْفِ، لِدُخُولِ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي عُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَإِنْ خِفْتُمْ} [البقرة: 239] (أَوْ ذَبَّ) أَيْ دَفَعَ (عَنْهُ) أَيْ عَمَّا ذُكِرَ مِنْ نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ أَهْلِهِ (أَوْ) ذَبَّ (عَنْ غَيْرِهِ) أَيْ لَهُ أَنْ يُصَلِّيَ صَلَاةَ الْخَائِفِ مِنْ أَجْلِ دَرْءِ الصَّائِلِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ أَهْلِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ نَفْسِ غَيْرِهِ لِأَنَّ قِتَالَ الصَّائِلِ عَلَى ذَلِكَ إمَّا وَاجِبٌ أَوْ مُبَاحٌ وَكِلَاهُمَا مُبِيحٌ لِلصَّلَاةِ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ (أَوْ طَلَبِ عَدُوٍّ يَخَافُ فَوْتَهُ) رُوِيَ عَنْ شُرَحْبِيلَ بْنِ حَسَنَةَ وَقَالَهُ الْأَوْزَاعِيُّ لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُنَيْسٍ «بَعَثَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى خَالِدِ بْنِ سُفْيَانَ الْهُذَلِيِّ وَقَالَ: اذْهَبْ فَاقْتُلْهُ، فَرَأَيْته وَقَدْ حَضَرَتْ صَلَاةُ الْعَصْرِ، فَقُلْت إنِّي لَأَخَافُ أَنْ يَكُونَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ فَانْطَلَقْتُ وَأَنَا أُصَلِّي أُومِئُ نَحْوَهُ إيمَاءً» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ أَخْبَرَ بِذَلِكَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَوْ كَانَ قَدْ عَلِمَ جَوَازَهُ، فَإِنَّهُ لَا يُظَنُّ بِهِ أَنَّهُ فَعَلَ ذَلِكَ مُخْطِئًا وَلِأَنَّ فَوَاتَ الْكُفَّارِ عَظِيمٌ فَأُبِيحَتْ صَلَاةُ الْخَوْفِ عِنْدَ فَوْتِهِ كَالْحَالَةِ الْأُخْرَى.
(أَوْ خَافَ فَوْتَ وَقْتِ وُقُوفٍ بِعَرَفَةَ) إنْ صَلَّاهَا آمِنًا، فَيُصَلِّي