الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ حَامِدٍ: وَدَعْوَى الْعَامَّةِ: إنْ غَلَبَتْ حُمْرَتُهُ كَانَتْ الْفِتَنُ وَالدِّمَاءُ وَإِنْ غَلَبَتْ خُضْرَتُهُ كَانَتْ رَخَاءً وَسُرُورًا هَذَيَانٌ) وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ.
[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]
(كِتَابُ الْجَنَائِزِ) بِفَتْحِ الْجِيمِ جَمْعُ جِنَازَةٍ بِكَسْرِهَا وَالْفَتْحُ لُغَةٌ وَقِيلَ بِالْفَتْحِ لِلْمَيِّتِ، وَبِالْكَسْرِ لِلنَّعْشِ عَلَيْهِ مَيِّتٌ وَقِيلَ: عَكْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مَيِّتٌ فَلَا يُقَالُ نَعْشٌ وَلَا جِنَازَةٌ وَإِنَّمَا يُقَال سَرِيرٌ وَهِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ جَنَزَ يَجْنُزُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ إذَا سَتَرَ وَكَانَ مِنْ حَقِّ هَذَا الْكِتَابِ أَنْ يُذْكَرَ بَيْنَ الْوَصَايَا وَالْفَرَائِضِ لَكِنْ لَمَّا كَانَ أَهَمُّ مَا يُفْعَلُ بِالْمَيِّتِ الصَّلَاةَ أَعْقَبَهُ لِلصَّلَاةِ (تَرْكُ الدَّوَاءِ أَفْضَلُ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أَقْرَبُ إلَى التَّوَكُّلِ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَبُو الْوَفَاءِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَغَيْرُهُمْ فِعْلَهُ، لِأَكْثَرِ الْأَحَادِيثِ (وَلَا يَجِبُ) التَّدَاوِي (وَلَوْ ظَنَّ نَفْعَهُ) لَكِنْ يَجُوزُ اتِّفَاقًا وَلَا يُنَافِي التَّوَكُّلَ لِخَبَرِ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ، وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً، فَتَدَاوَوْا، وَلَا تَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ» .
(وَيَحْرُمُ) التَّدَاوِي (بِسُمٍّ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]" تَتِمَّةٌ " يُكْرَهُ قَطْعُ الْبَاسُورِ، وَمَعَ خَوْفِ تَلَفٍ بِقَطْعِهِ يَحْرُمُ، وَبِتَرْكِهِ يُبَاحُ (فَإِنْ كَانَ الدَّوَاءُ مَسْمُومًا وَغَلَبَتْ مِنْهُ السَّلَامَةُ وَرُجِيَ نَفْعُهُ أُبِيحَ لِدَفْعِ مَا هُوَ أَعْظَمَ مِنْهُ، كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَدْوِيَةِ) غَيْرِ الْمَسْمُومَةِ، وَدَفْعًا لِإِحْدَى الْمَفْسَدَتَيْنِ بِأَخَفَّ مِنْهَا (وَلَا بَأْسَ بِالْحُمِّيَّةِ) نَقَلَهُ حَنْبَلٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهَا مَسْأَلَةُ التَّدَاوِي وَلِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، لِلْخَبَرِ «يَا عَلِيُّ لَا تَأْكُلْ مِنْ هَذَا وَكُلْ مِنْ هَذَا، فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَك» وَلِهَذَا لَا يَجُوزُ تَنَاوُلُ مَا ظُنَّ ضَرَرُهُ اهـ وَاَلَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ: الرُّطَبُ وَاَلَّذِي أَمَرَهُ بِالْأَكْلِ مِنْهُ شَعِيرٌ وَسِلْقٌ وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
(وَيَحْرُمُ) تَدَاوٍ (بِمُحَرَّمٍ أَكْلًا وَشُرْبًا وَكَذَا صَوْتُ مَلْهَاةٍ وَغَيْرُهُ) كَسَمَاعِ الْغِنَاءِ الْمُحَرَّمِ لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلَا تَتَدَاوَوْا بِالْحَرَامِ» وَأَخْرَجَ ابْنُ عَسَاكِرَ عَنْ ابْنِ عُثْمَانَ وَالرَّبِيعِ وَأَبِي حَارِثَةَ عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّك تُدَلِّكُ بِالْخَمْرِ وَإِنَّ اللَّهَ قَدْ حَرَّمَ ظَاهِرَ الْخَمْرِ وَبَاطِنَهَا وَقَدْ
حَرَّمَ مَسَّ الْخَمْرِ كَمَا حَرَّمَ شُرْبَهَا، فَلَا تُمِسُّوهَا أَجْسَادَكُمْ فَإِنَّهَا نَجَسٌ " وَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ فِي الْجِهَادِ أَنَّهُ يَجُوزُ الِادِّهَانُ بِدُهْنٍ غَيْرِ مَأْكُولٍ وَقَالَ فِي الْمُنْتَهَى: يَحْرُمُ بِمُحَرَّمٍ فَتَنَاوَلَ الْكُلَّ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي: يَجُوزُ اكْتِحَالُهُ بِمِيلِ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: لِأَنَّهَا حَاجَةٌ وَيُبَاحَانِ لَهَا.
(وَلَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِشُرْبِ دَوَاءٍ بِخَمْرٍ وَقَالَ: أُمُّك طَالِقٌ ثَلَاثًا إنْ لَمْ تَشْرَبْهُ حَرُمَ شُرْبُهُ) نَقَلَهُ هَارُونُ الْحَمَّالُ لِأَنَّهُ لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ فِي مَعْصِيَةِ الْخَالِقِ.
(وَتَحْرُمُ التَّمِيمَةُ، وَهِيَ عُوذَةٌ أَوْ خَرَزَةٌ أَوْ خَيْطٌ وَنَحْوُهُ يَتَعَلَّقُهَا) فَنَهَى الشَّارِعُ عَنْهُ وَدَعَا عَلَى فَاعِلِهِ وَقَالَ «لَا يَزِيدُك إلَّا وَهْنًا، انْبِذْهَا عَنْك لَوْ مِتَّ وَهِيَ عَلَيْك مَا أَفْلَحْت أَبَدًا» رَوَى ذَلِكَ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ وَالْإِسْنَادُ حَسَنٌ وَقَالَ الْقَاضِي: يَجُوزُ حَمْلُ الْأَخْبَارِ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَنَهَى إذَا كَانَ يَعْتَقِدُ أَنَّهَا النَّافِعَةُ لَهُ وَالدَّافِعَةُ عَنْهُ وَهَذَا لَا يَجُوزُ لِأَنَّ النَّافِعَ هُوَ اللَّهُ وَالْمَوْضِعُ الَّذِي أَجَازَهُ إذَا اعْتَقَدَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ النَّافِعُ وَالدَّافِعُ، وَلَعَلَّ هَذَا خَرَجَ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ، كَمَا تَعْتَقِدُ أَنَّ الدَّهْرَ يُغَيِّرُهُمْ فَكَانُوا يَسُبُّونَهُ (وَلَا بَأْسَ بِكَتْبِ قُرْآنٍ وَذِكْرٍ فِي إنَاءٍ ثُمَّ يُسْقَى فِيهِ مَرِيضٌ وَحَامِلٌ لِعُسْرِ الْوَلَدِ) أَيْ الْوِلَادَةِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ.
(وَيُسَنُّ الْإِكْثَارُ مِنْ ذِكْرِ الْمَوْتِ وَالِاسْتِعْدَادِ لَهُ) بِالتَّوْبَةِ مِنْ الْمَعَاصِي وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلا صَالِحًا} [الكهف: 110] وَلِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ هَاذِمِ اللَّذَّاتِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَهُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ الْمَوْتِ وَالتَّوْبَةُ مِنْ الْمَعَاصِي، وَالْخُرُوجُ مِنْ الْمَظَالِم وَاجِبٌ فَوْرًا وَالْمُسْتَحَبُّ إنَّمَا هُوَ مُلَاحَظَتُهُ فِي ذَلِكَ الْخَوْفِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى، وَالْعَرْضِ عَلَيْهِ وَالسُّؤَالِ عَنْهُ وَمِنْ غَيْرِهِ مِمَّا يَقَعُ لَهُ بَعْدَ الْمَوْتِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) تُسَنُّ (عِيَادَةُ الْمَرِيضِ) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «خَمْسٌ تَجِبُ لِلْمُسْلِمِ عَلَى أَخِيهِ رَدُّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتُ الْعَاطِسِ، وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ، وَعِيَادَةُ الْمَرِيضِ، وَاتِّبَاعُ الْجِنَازَةِ» .
وَفِي لَفْظٍ «حَقُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ قِيلَ: وَمَا هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ إذَا لَقِيته فَسَلِّمْ عَلَيْهِ، وَإِذَا دَعَاك فَأَجِبْهُ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَك فَانْصَحْ لَهُ
وَإِذَا عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ فَشَمِّتْهُ وَإِذَا مَرِضَ فَعُدْهُ وَإِذَا مَاتَ فَاتْبَعْهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا إلَّا أَنَّ الْبُخَارِيَّ لَمْ يَذْكُرْ لَفْظَ السِّتِّ وَلَا النَّصِيحَةَ (وَنَصُّهُ غَيْرُ الْمُبْتَدِعِ) كَرَافِضِيٍّ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: تَحْرُمُ عِيَادَتُهُ (وَمِثْلُهُ مَنْ جَهَرَ بِالْمَعْصِيَةِ) نَقَلَ حَنْبَلٌ: إذَا عُلِمَ مِنْ رَجُلٍ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَةٍ لَمْ يَأْثَمْ، إنْ هُوَ جَفَاهُ حَتَّى يَرْجِعَ وَإِلَّا كَيْفَ يُبَيِّنُ لِلرَّجُلِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرَ مُنْكِرًا عَلَيْهِ وَلَا جَفْوَةً مِنْ صَدِيقٍ، وَخَرَجَ بِهِ مَنْ لَا يَجْهَرُ بِالْمَعْصِيَةِ فَيُعَادُ قَالَ صَاحِبُ النَّظْمِ: الْمُسْتَتِرُ مِنْ فِعْلِهِ بِمَوْضِعٍ لَا يُعْلَمُ بِهِ غَالِبًا إمَّا لِبُعْدِهِ أَوْ نَحْوِهِ غَيْرُ مَنْ حَضَرَهُ.
وَأَمَّا مَنْ فَعَلَهُ بِمَوْضِعٍ يَعْلَمُ بِهِ جِيرَانُهُ وَلَوْ فِي دَارِهِ فَإِنَّ هَذَا مُعْلِنٌ مُجَاهِرٌ غَيْرُ مُسْتَتِرٍ وَتَكُونُ الْعِيَادَةُ (مِنْ أَوَّلِ مَرَضِهِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ وَقِيلَ: بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ عَنْ أَنَسٍ.
(وَقَالَ ابْنُ حَمْدَانَ) فِي الرِّعَايَةِ (عِيَادَتُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ قَالَ الشَّيْخُ الَّذِي يَقْتَضِيه النَّصُّ: وُجُوبُ ذَلِكَ) كَرَدِّ السَّلَامِ، وَتَشْمِيتِ الْعَاطِسِ (وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ) مِنْهُمْ الشِّيرَازِيُّ كَمَا فِي الْمُبْدِعِ وَقَالَ تَبَعًا لِجَدِّهِ (وَالْمُرَادُ مَرَّةً) وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ.
(وَظَاهِرُهُ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اسْتِحْبَابِ عِيَادَةِ الْمَرِيضِ (وَلَوْ) كَانَ مَرَضُهُ (مِنْ وَجَعِ ضِرْسٍ وَرَمَدٍ وَدُمَّلٍ) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (خِلَافًا لِأَبِي الْمَعَالِي بْنِ الْمُنَجَّا) قَالَ ثَلَاثَةٌ لَا تُعَادُ وَلَا يُسَمَّى صَاحِبُهَا مَرِيضًا: الضِّرْسُ وَالرَّمَدُ وَالدُّمَّلُ، وَاحْتَجَّ بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ رَوَاهُ النِّجَادُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا، بَلْ ثَبَتَتْ الْعِيَادَةُ فِي الرَّمَدِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ قَالَ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَادَهُ لِمَرَضٍ كَانَ بِعَيْنِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
وَفِي نَوَادِرِ ابْنِ الصَّيْرَفِيِّ: نُقِلَ عَنْ إمَامِنَا رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ لَهُ وَلَدُهُ يَا أَبَتِ إنَّ جَارَنَا فُلَانًا مَرِيضٌ فَمَا نَعُودُهُ؟ قَالَ يَا بُنَيَّ مَا عَادَنَا فَنَعُودُهُ وَيُشْبِهُ هَذَا مَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنَاهُ فِي السَّلَامِ عَلَى الْحُجَّاجِ؟ وَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَتَحْرُمُ عِيَادَةُ الذِّمِّيِّ) كَبُدَاءَتِهِ بِالسَّلَامِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْظِيمِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ فِي أَحْكَامِ أَهْلِ الذِّمَّةِ (وَيَسْأَلُهُ) أَيْ الْعَائِدُ يَسْأَلَ الْمَرِيضَ (عَنْ حَالِهِ) نَحْوُ كَيْفَ أَجِدُك؟ (وَيُنَفِّسُ لَهُ فِي الْأَجَلِ بِمَا يُطَيِّبُ نَفْسَهُ) إدْخَالًا لِلسُّرُورِ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا دَخَلْتُمْ عَلَى الْمَرِيضِ فَنَفِّسُوا لَهُ فِي أَجَلِهِ» لَكِنَّهُ ضَعِيفٌ كَمَا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ تَتِمَّةٌ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُ عَنْ مَيْمُونِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ عُمَرَ وَلَمْ يُدْرِكْهُ - مَرْفُوعًا «سَلُوهُ الدُّعَاءَ فَإِنَّ دُعَاءَهُ كَدُعَاءِ الْمَلَائِكَةِ» .
(وَلَا يُطِيلُ) الْعَائِدُ (الْجُلُوسَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ
الْمَرِيضِ خَوْفًا مِنْ الضَّجَرِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْعَمَلِ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ.
(وَتُكْرَهُ) الْعِيَادَةُ (وَسَطَ النَّهَارِ نَصًّا) قَالَ أَحْمَدُ عَنْ قُرْبِ وَسَطِ النَّهَارِ: لَيْسَ هَذَا وَقْتَ عِيَادَةٍ.
(وَقَالَ يُعَادُ) الْمَرِيضُ (بُكْرَةً وَعَشِيًّا) وَالْوَاوُ بِمَعْنَى أَوْ (وَ) يُعَادُ (فِي رَمَضَانَ لَيْلًا) لِأَنَّهُ رُبَّمَا رَأَى مِنْ الْمَرِيضِ مَا يُضْعِفُهُ.
(قَالَ جَمَاعَةٌ: وَيُغِبُّ بِهَا) وَجَزَمَ بِهِ فِي الْمُنْتَهَى قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَظَاهِرُ إطْلَاقِ جَمَاعَةٍ خِلَافَهُ وَيَتَوَجَّهُ اخْتِلَافُهُ بِاخْتِلَافِ النَّاسِ وَالْعَمَلِ بِالْقَرَائِنِ وَظَاهِرِ الْحَالِ وَمُرَادُهُمْ فِي الْجُمْلَةِ وَهِيَ تُشْبِهُ الزِّيَارَةَ قَالَ: وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ الصَّيْرَفِيِّ فِي نَوَادِرِهِ الشِّعْرَ الْمَشْهُورَ:
لَا تُضْجِرَنَّ عَلِيلًا فِي مُسَاءَلَةٍ
…
إنَّ الْعِيَادَةَ يَوْمٌ بَيْنَ يَوْمَيْنِ
بَلْ سَلْهُ عَنْ حَالِهِ وَادْعُ الْإِلَهَ لَهُ
…
وَاجْلِسْ بِقَدْرِ فَوَاقٍ بَيْنَ حَلْبَيْنِ
مَنْ زَارَ غِبًّا أَخًا دَامَتْ مَوَدَّتُهُ
…
وَكَانَ ذَاكَ صَلَاحًا لِلْخَلِيلَيْنِ.
(وَيُخْبِرُ الْمَرِيضَ بِمَا يَجِدُهُ) مِنْ الْوَجَعِ (وَلَوْ لِغَيْرِ طَبِيبٍ بِلَا شَكْوَى، بَعْدَ أَنْ يَحْمَدَ اللَّهَ) لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «إذَا كَانَ الشُّكْرُ قَبْلَ الشَّكْوَى فَلَيْسَ بِشَاكٍ» وَكَانَ أَحْمَدُ أَوَّلًا يَحْمَدُ اللَّهَ فَقَطْ فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ طَبِيبُ السُّنَّةِ وَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ عَنْ بِشْرِ بْنِ الْحَارِثِ صَارَ إذَا سَأَلَهُ قَالَ أَحْمَدُ اللَّهَ إلَيْك أَجِدُ كَذَا أَجِدُ كَذَا (وَيُسْتَحَبُّ لَهُ) أَيْ الْمَرِيضِ (أَنْ يَصْبِرَ) وَكَذَا كُلُّ مُبْتَلًى، لِلْأَمْرِ بِهِ فِي قَوْله تَعَالَى {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ} [النحل: 127] وَقَوْلُهُ {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ} [الزمر: 10] وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ» (وَالصَّبْرُ الْجَمِيلُ صَبْرٌ بِلَا شَكْوَى إلَى الْمَخْلُوقِ وَالشَّكْوَى إلَى الْخَالِقِ لَا تُنَافِيهِ) أَيْ الصَّبْرَ (بَلْ) هِيَ (مَطْلُوبَةٌ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَاقْتَصَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ عَلَى قَوْلِ الزَّجَّاجِ: إنَّ الصَّبْرَ الْجَمِيلَ لَا جَزَعَ فِيهِ وَلَا شَكْوَى إلَى النَّاسِ وَأَجَابَ عَنْ قَوْلِ يَعْقُوبَ {يَا أَسَفَى عَلَى يُوسُفَ} [يوسف: 84] بِوَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ شَكَا إلَى اللَّهِ لَا مِنْهُ وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ وَهُوَ مِنْ أَصْحَابِنَا وَالثَّانِي أَنَّهُ أَرَادَ بِهِ الدُّعَاءَ؛ فَالْمَعْنَى يَا رَبِّ ارْحَمْ أَسَفِي عَلَى يُوسُفَ.
وَمِنْ الشَّكْوَى إلَى اللَّهِ: قَوْلُ أَيُّوبَ
{أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} [الأنبياء: 83] وَقَوْلُ يَعْقُوبَ {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف: 86] قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: وَكَذَلِكَ مَنْ شَكَا إلَى النَّاسِ، وَهُوَ فِي شَكْوَاهُ رَاضٍ بِقَضَاءِ اللَّهِ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ جَزَعًا، أَلَمْ تَسْمَعْ «قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِجِبْرِيلَ فِي مَرَضِهِ أَجِدُنِي مَغْمُومًا، وَأَجِدُنِي مَكْرُوبًا» وَقَوْلُهُ لِعَائِشَةَ " بَلْ أَنَا وَارَأْسَاهُ " ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ.
(وَيُحْسِنُ) الْمَرِيضُ (ظَنَّهُ بِرَبِّهِ قَالَ بَعْضُهُمْ وُجُوبًا) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي» زَادَ أَحْمَدُ «إنْ ظَنَّ بِي خَيْرًا فَلَهُ وَإِنْ ظَنَّ شَرًّا فَلَهُ» .
وَقَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ فِي حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «مَنْ أَحَبَّ لِقَاءَ اللَّهِ أَحَبَّ اللَّهُ لِقَاءَهُ، وَمَنْ كَرِهَ لِقَاءَ اللَّهِ كَرِهَ اللَّهُ لِقَاءَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: يَدُلُّ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَحْسِينِ، الْعَبْدِ ظَنَّهُ عِنْدَ إحْسَاسِهِ بِلِقَاءِ اللَّهِ، لِئَلَّا يَكْرَهَ أَحَدٌ لِقَاءَ اللَّهِ، يَوَدُّ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ، مَا يَكْرَهُهُ، وَالرَّاجِي الْمَسْرُورُ يَوَدُّ زِيَادَةَ ثُبُوتِ مَا يَرْجُو حُصُولَهُ.
(وَيُغَلِّبُ، الرَّجَاءَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ} [الأعراف: 156] وَفِي الصِّحَّةِ يُغَلِّبُ الْخَوْفَ لِحَمْلِهِ عَلَى الْعَمَلِ (وَنَصُّهُ: يَكُونُ خَوْفُهُ وَرَجَاؤُهُ وَاحِدًا فَأَيُّهُمَا غَلَبَ صَاحِبَهُ هَلَكَ قَالَ الشَّيْخُ: هَذَا الْعَدْلُ) لِأَنَّ مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الْخَوْفِ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْيَأْسِ وَالْقُنُوطِ إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي أُمُورِ النَّاسِ وَمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حَالُ الرَّجَاءِ بِلَا خَوْفٍ أَوْقَعَهُ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَمْنِ لِمَكْرِ اللَّهِ، إمَّا فِي نَفْسِهِ وَإِمَّا فِي النَّاسِ وَالرَّجَاءُ بِحَسَبِ رَحْمَةِ اللَّهِ الَّتِي سَبَقَتْ غَضَبَهُ يَجِبُ تَرْجِيحُهُ كَمَا «قَالَ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي فَلْيَظُنَّ بِي خَيْرًا» وَأَمَّا الْخَوْفُ فَيَكُونُ بِالنَّظَرِ إلَى تَفْرِيطِ الْعَبْدِ وَتَعَدِّيهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَدْلٌ لَا يُؤَاخِذُ إلَّا بِالذَّنْبِ.
فَائِدَةٌ يَنْبَغِي لِلْمَرِيضِ أَنْ يَشْتَغِلَ بِنَفْسِهِ وَمَا يَعُودُ عَلَيْهِ ثَوَابُهُ مِنْ قِرَاءَةٍ وَذِكْرٍ وَصَلَاةٍ وَاسْتِرْضَاءِ خَصْمٍ وَزَوْجَةٍ وَجَارٍ وَكُلِّ مَنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عُلْقَةٌ، وَيُحَافِظُ عَلَى الصَّلَوَاتِ وَاجْتِنَابِ النَّجَاسَاتِ وَيَصْبِرُ عَلَى مَشَقَّةِ ذَلِكَ، وَيَتَعَاهَدُ نَفْسَهُ بِتَقْلِيمِ أَظْفَارِهِ، وَأَخْذِ عَانَتِهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَيَعْتَمِدُ عَلَى اللَّهِ فِيمَنْ يُحِبُّ، وَيُوصِي لِلْأَرْجَحِ فِي نَظَرِهِ (وَيُكْرَهُ الْأَنِينُ) لِأَنَّهُ يُتَرْجِمُ عَنْ الشَّكْوَى مَا لَمْ يَغْلِبْهُ.
(وَ) يُكْرَهُ (تَمَنِّي الْمَوْتِ لِضُرٍّ نَزَلَ بِهِ) وَكَذَا إنْ لَمْ يَنْزِلْ بِهِ ضَرٌّ وَيُحْمَلُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «لَا يَتَمَنَّيَنَّ أَحَدُكُمْ الْمَوْتَ مِنْ ضُرٍّ أَصَابَهُ، فَإِنْ كَانَ لَا بُدَّ فَاعِلًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أَحْيِنِي مَا كَانَتْ الْحَيَاةُ خَيْرًا لِي وَتَوَفَّنِي إذَا كَانَتْ الْوَفَاةُ
خَيْرًا لِي» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عَلَى الْغَالِبِ مِنْ أَحْوَالِ النَّاسِ.
(وَلَا يُكْرَهُ) تَمَنِّي الْمَوْتِ " (لِضَرَرٍ بِدِينِهِ وَخَوْفِ فِتْنَةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَإِذَا أَرَدْت بِعِبَادِك فِتْنَةً فَاقْبِضْنِي إلَيْك غَيْرَ مَفْتُونٍ» (وَتَمَنِّي الشَّهَادَةِ لَيْسَ مِنْ تَمَنِّي الْمَوْتِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ ذَكَرَهُ فِي الْهَدْيِ) بَلْ مُسْتَحَبٌّ لَا سِيَّمَا عِنْدَ حُضُورِ أَسْبَابِهَا، لِمَا فِي الصَّحِيحِ:«مَنْ تَمَنَّى الشَّهَادَةَ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ؛ أَعْطَاهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ» .
(وَيُذَكِّرُهُ) الْعَائِدُ (التَّوْبَةَ) لِأَنَّهَا وَاجِبَةٌ لِكُلِّ حَالٍ وَالْمَرِيضُ أَحْوَجُ إلَيْهَا مِنْ غَيْرِهِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ» أَيْ: تَبْلُغْ رُوحُهُ إلَى حَلْقِهِ.
(وَ) يُذَكِّرُهُ (الْوَصِيَّةَ) ؛ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي بِهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إلَّا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةً عِنْدَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.
(وَ) يُذَكِّرُهُ (الْخُرُوجَ مِنْ الْمَظَالِمِ) لِأَنَّهُ شَرْطٌ لِصِحَّةِ التَّوْبَةِ (وَيُرَغِّبُهُ فِي ذَلِكَ) أَيْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّوْبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَالْخُرُوجِ مِنْ الْمَظَالِمِ.
(وَلَوْ كَانَ مَرَضُهُ غَيْرَ مَخُوفٍ) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ حَتَّى مِنْ الصَّحِيحِ (وَيَدْعُو) الْعَائِدُ لِلْمَرِيضِ (بِالصَّلَاحِ وَالْعَافِيَةِ) لِمَا يَأْتِي.
(وَلَا بَأْسَ بِوَضْعِ) الْعَائِدِ (يَدَهُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْمَرِيضِ (وَ) لَا بَأْسَ بِ (رُقَاهُ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ «كَانَ يَعُودُ بَعْضَ أَهْلِهِ وَيَمْسَحُ بِيَدِهِ الْيُمْنَى. (وَيَقُولُ فِي دُعَائِهِ أَذْهِبْ الْبَأْسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِي لَا شِفَاءَ إلَّا شِفَاؤُك شِفَاءً لَا يُغَادِرُ أَيْ يَتْرُكُ سَقَمًا» ، وَيَقُولُ «أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَظِيمَ رَبَّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ أَنْ يَشْفِيَك وَيُعَافِيَك» سَبْعَ مَرَّاتٍ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُمَا.
وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ إسْقَاطُ " وَيُعَافِيَك " وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَهُ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ وَمَا يُدْرِيك أَنَّهَا رُقْيَةٌ " وَأَنْ يَقْرَأَ عِنْدَهُ سُورَةَ الْإِخْلَاصِ، وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ فَقَدْ ثَبَتَ ذَلِكَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَرَوَى أَبُو دَاوُد أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إذَا جَاءَ رَجُلٌ يَعُودُ مَرِيضًا فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ اشْفِ عَبْدَك يَنْكَأْ لَك عَدُوًّا أَوْ يَمْشِ لَك إلَى صَلَاةٍ» .
وَصَحَّ «أَنَّ جِبْرِيلَ عَادَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيك مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيك مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ، أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ اللَّهُ يَشْفِيك، بِاسْمِهِ أَرْقِيك» وَأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا دَخَلَ عَلَى مَنْ يَعُودُهُ قَالَ «لَا بَأْسَ طَهُورٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ» .
وَفِي الْفُنُونِ: إنْ سَأَلَك وَضْعَ يَدِك عَلَى رَأْسِهِ لِلتَّشَفِّي فَجَدِّدْ تَوْبَةً لَعَلَّهُ يَتَحَقَّقُ ظَنُّهُ فِيك وَقَبِيحٌ تَعَاطِيك مَا لَيْسَ لَك، وَإِهْمَالُ هَذَا وَأَمْثَالِهِ يُعْمِي الْقُلُوبَ وَيُخَمِّرُ الْعُيُونَ وَيَعُودُ بِالرِّيَاءِ.
(فَإِذَا نَزَلَ بِهِ) أَيْ نَزَلَ الْمَلَكُ بِالْمَرِيضِ لِقَبْضِ رُوحِهِ (سُنَّ أَنْ يَلِيَهُ أَرْفَقُ أَهْلِهِ بِهِ
وَأُعْرَفُهُمْ بِمُدَارَاتِهِ، وَأَتْقَاهُمْ لِلَّهِ) تَعَالَى.
(وَ) أَنْ (يَتَعَاهَدَ بَلَّ حَلْقِهِ بِمَاءٍ أَوْ شَرَابٍ، وَيُنَدِّي شَفَتَيْهِ بِقُطْنَةٍ) لِأَنَّ ذَلِكَ يُطْفِئُ مَا نَزَلَ بِهِ مِنْ الشِّدَّةِ وَيُسَهِّلُ عَلَيْهِ النُّطْقَ بِالشَّهَادَةِ.
(وَ) أَنْ (يُلَقِّنَهُ قَوْلَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مَرَّةً) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» وَأُطْلِقَ عَلَى الْمُحْتَضَرِ مَيِّتًا بِاعْتِبَارِ مَا هُوَ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ وَعَنْ مُعَاذٍ مَرْفُوعًا «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا لِأَنَّ إقْرَارَهُ بِهَا إقْرَارٌ بِالْأُخْرَى وَفِيهِ شَيْءٌ.
وَفِي الْفُرُوعِ احْتِمَالٌ وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ يُلَقَّنْ الشَّهَادَتَيْنِ لِأَنَّ الثَّانِيَةَ تَبَعٌ.
فَلِهَذَا اقْتَصَرَ فِي الْخَبَرِ عَلَى الْأُولَى (فَإِنْ لَمْ يُجِبْ) الْمُحْتَضَرُ مَنْ لَقَّنَهُ (أَوْ تَكَلَّمَ بَعْدَهَا) أَيْ بَعْدَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ (أَعَادَ) الْمُلَقِّنُ (تَلْقِينَهُ) لِيَكُونَ آخِرَ كَلَامِهِ ذَلِكَ (بِلُطْفٍ وَمُدَارَاةٍ) ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ إجْمَاعًا لِأَنَّ ذَلِكَ مَطْلُوبٌ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ فَهُنَا أَوْلَى.
(وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: يُكْرَهُ تَلْقِينُ الْوَرَثَةِ) أَيْ أَحَدُهُمْ (لِلْمُحْتَضَرِ بِلَا عُذْرٍ) بِأَنْ حَضَرَهُ غَيْرُهُ، لِمَا فِيهِ مِنْ تُهْمَةِ الِاسْتِعْجَالِ وَلَا يُزَادُ فِي التَّلْقِينِ عَلَى ثَلَاثِ مَرَّاتٍ لِئَلَّا يُضْجِرَهُ، مَا لَمْ يَتَكَلَّمْ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عِنْدَهُ يس) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اقْرَءُوا عَلَى مَوْتَاكُمْ سُورَةَ يس» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَفِيهِ لِينٌ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ وَلِأَنَّهُ يُسَهِّلُ خُرُوجَ الرُّوحِ (وَ) أَنْ يَقْرَأَ (الْفَاتِحَةَ) نَصَّ عَلَيْهِ وَفِي الْمُسْتَوْعِبِ وَيَقْرَأُ تَبَارَكَ.
(وَ) يُسَنُّ (تَوْجِيهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ قَبْلَ النُّزُولِ بِهِ وَتَيَقُّنِ مَوْتِهِ وَبَعْدَهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْبَيْتِ الْحَرَامِ «قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَلِقَوْلِ حُذَيْفَةَ " وَجِّهُونِي ".
(وَ) تَوْجِيهُهُ (عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ إنْ كَانَ الْمَكَانُ وَاسِعًا) أَفْضَلُ رُوِيَ عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهَا قَالَتْ لِأُمِّ رَافِعٍ " اسْتَقْبِلِي بِي الْقِبْلَةَ ثُمَّ قَامَتْ فَاغْتَسَلَتْ أَحْسَنَ مَا تَغْتَسِلُ وَلَبِسَتْ ثِيَابًا جُدُدًا وَقَالَتْ إنِّي الْآنَ مَقْبُوضَةٌ ثُمَّ اسْتَقْبَلَتْ الْقِبْلَةَ مُتَوَسِّدَةً يَمِينِهَا ".
(وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ الْمَكَانُ وَاسِعًا وُجِّهَ (عَلَى ظَهْرِهِ) أَيْ مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ وَأَخْمَصَاهُ إلَى الْقِبْلَةِ كَالْمَوْضُوعِ عَلَى الْمُغْتَسَلِ (وَعَنْهُ) يُوَجَّهُ (مُسْتَلْقِيًا عَلَى قَفَاهُ) وَاسِعًا كَانَ الْمَكَانُ أَوْ ضَيِّقًا (اخْتَارَهُ الْأَكْثَرُ) وَعَلَيْهِ الْعَمَلُ.
(قَالَ جَمَاعَةٌ يَرْفَعُ رَأْسَهُ) أَيْ الْمُحْتَضَرِ إذَا كَانَ مُسْتَلْقِيًا (قَلِيلًا لِيَصِيرَ وَجْهُهُ إلَى الْقِبْلَةِ دُونَ السَّمَاءِ وَاسْتَحَبَّ، الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ تَطْهِيرَ ثِيَابِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) لِأَنَّ أَبَا سَعِيدٍ لَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ دَعَا بِثِيَابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَهَا
وَقَالَ " سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «الْمَيِّتُ يُبْعَثُ فِي ثِيَابِهِ الَّتِي يَمُوتُ فِيهَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَذَكَرَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ بَعْضَ الْعُلَمَاءِ قَالَ: الْمُرَادُ بِثِيَابِهِ عَمَلُهُ قَالَ وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِهِ {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} [المدثر: 4] وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْهُ الْأَكْثَرُ.
(فَإِذَا مَاتَ سُنَّ تَغْمِيضُ عَيْنَيْهِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَغْمَضَ أَبَا سَلَمَةَ وَقَالَ إنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
وَعَنْ شَدَّادٍ مَرْفُوعًا «إذَا حَضَرْتُمْ الْمَيِّتَ فَأَغْمِضُوا الْبَصَرَ فَإِنَّ الْبَصَرَ يَتْبَعُ الرُّوحَ وَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَ أَهْلُ الْمَيِّتِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَلِئَلَّا يَقْبُحَ مَنْظَرُهُ، وَيُسَاءُ بِهِ الظَّنُّ.
(وَيُكْرَهُ) التَّغْمِيضُ (مِنْ جُنُبٍ وَحَائِضٍ، وَأَنْ يَقْرَبَاهُ) أَيْ الْمَيِّتَ حَائِضٌ أَوْ جُنُبٌ نَصَّ عَلَيْهِ (وَلِلرَّجُلِ أَنْ يُغْمِضَ ذَاتَ مَحْرَمِهِ) كَأُمِّهِ وَأُخْتِهِ وَأُمِّ زَوْجَتِهِ وَأُخْتِهِ مِنْ رَضَاعٍ.
(وَ) لِلْمَرْأَةِ أَنْ (تُغْمِضَ ذَا مَحْرَمِهَا) كَأَبِيهَا وَأَخِيهَا، وَيُغْمِضُ الْأُنْثَى مِثْلُهَا أَوْ صَبِيٌّ وَفِي الْخُنْثَى وَجْهَانِ.
(وَيَقُولُ) حِينَ تَغْمِيضِهِ (بِسْمِ اللَّهِ وَعَلَى وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَلَا يَتَكَلَّمُ مَنْ حَضَرَهُ إلَّا بِخَيْرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَقُولُوا خَيْرًا فَإِنَّهُ يُؤَمَّنُ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَيِّتِ» .
(وَيَشُدُّ لِحْيَيْهِ) لِئَلَّا يَدْخُلَهُ الْهَوَامُّ أَوْ الْمَاءُ فِي وَقْتِ غُسْلِهِ (وَيُلَيِّنُ مَفَاصِلَهُ عَقِبَ مَوْتِهِ) قَبْلَ قَسْوَتِهَا لِتَبْقَى أَعْضَاؤُهَا سَهْلَةٌ عَلَى الْغَاسِلِ لَيِّنَةً وَيَكُونُ ذَلِكَ (بِإِلْصَاقِ ذِرَاعَيْهِ بِعَضُدَيْهِ ثُمَّ يُعِيدُهُمَا، وَإِلْصَاقِ سَاقَيْهِ بِفَخِذَيْهِ وَفَخِذَيْهِ بِبَطْنِهِ ثُمَّ يُعِيدُهَا فَإِنْ شَقَّ ذَلِكَ عَلَيْهِ تَرَكَهُ) بِحَالِهِ.
(وَيَنْزِعُ ثِيَابَهُ) لِئَلَّا يُحْمَى جَسَدُهُ فَيُسْرِعَ إلَيْهِ الْفَسَادُ وَيَتَغَيَّرُ وَرُبَّمَا خَرَجَتْ مِنْهُ نَجَاسَةٌ فَلَوَّثَتْهَا (وَيُسَجَّى) أَيْ يُغَطَّى (بِثَوْبٍ) يَسْتُرهُ لِمَا رَوَتْ عَائِشَةُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم حِينَ تُوُفِّيَ سُجِّيَ بِبُرْدِ حِبَرَةٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَيَجْعَلُ عَلَى بَطْنِهِ مِرْآةً) بِكَسْرِ الْمِيمِ الَّتِي يُنْظَرُ فِيهَا (مِنْ حَدِيدٍ أَوْ طِينٍ وَنَحْوِهِ) لِقَوْلِ أَنَسٍ " ضَعُوا عَلَى بَطْنِهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيدٍ لِئَلَّا يَنْتَفِخَ بَطْنُهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: وَهَذَا لَا يُتَصَوَّرُ إلَّا وَهُوَ عَلَى ظَهْرِهِ انْتَهَى لِأَنَّهُ إذَا كَانَ عَلَى جَنْبِهِ لَا يَثْبُتُ عَلَى بَطْنِهِ شَيْءٌ، فَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمَيِّتَ بَعْدَ مَوْتِهِ يَكُونُ عَلَى ظَهْرِهِ لِيَتَصَوَّرَ وَضْعَ الْحَدِيدَةِ وَنَحْوِهَا.
(وَيُوضَعُ عَلَى سَرِيرِ غُسْلِهِ) لِيَبْعُدَ عَنْ الْهَوَامِّ وَيَرْتَفِعَ عَنْ نَدَاوَةِ الْأَرْضِ (مُتَوَجِّهًا) إلَى الْقِبْلَةِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ «قِبْلَتُكُمْ أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا» (عَلَى جَنْبِهِ الْأَيْمَنِ) كَمَا يُدْفَنُ (مُنْحَدِرًا نَحْوَ رِجْلَيْهِ) أَيْ يَكُونُ رَأْسُهُ أَعْلَى مِنْ رِجْلَيْهِ، لِيَنْحَدِرَ عَنْهُ الْمَاءُ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهُ (وَلَا
يَدَعُهُ عَلَى الْأَرْضِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَيَجِبُ أَنْ يُسَارِعَ فِي قَضَاءِ دَيْنِهِ وَمَا فِيهِ إبْرَاءُ ذِمَّتِهِ مِنْ إخْرَاجِ كَفَّارَةٍ وَحَجِّ نَذْرٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ) كَزَكَاةٍ وَرَدِّ أَمَانَةٍ وَغَصْبٍ وَعَارِيَّةٍ لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «نَفْسُ الْمُؤْمِنِ مُعَلَّقَةٌ بِدَيْنِهِ حَتَّى يُقْضَى عَنْهُ» (وَيُسَنُّ تَفْرِيقُ وَصِيَّتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَعْجِيلِ الْأَجْرِ وَاقْتَضَى ذَلِكَ تَقْدِيمَ الدَّيْنِ مُطْلَقًا عَلَى الْوَصِيَّةِ لِقَوْلِ عَلِيٍّ «قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالدَّيْنِ قَبْلَ الْوَصِيَّةِ» وَأَمَّا تَقْدِيمُهَا فِي الْآيَةِ فَلِأَنَّهَا لَمَّا أَشْبَهَتْ الْمِيرَاثَ فِي كَوْنِهَا بِلَا عِوَضٍ كَانَ فِي إخْرَاجِهَا مَشَقَّةٌ عَلَى الْوَارِثِ حَثًّا عَلَى إخْرَاجِهَا قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وَلِذَلِكَ جِيءَ بِكَلِمَةِ " أَوْ " الَّتِي تَقْتَضِي التَّسْوِيَةَ، أَيْ فَيَسْتَوِيَانِ فِي الِاهْتِمَامِ وَعَدَمِ التَّضْيِيعِ.
وَإِنْ كَانَ مُقَدَّمًا عَلَيْهَا (كُلُّ ذَلِكَ) أَيْ قَضَاءُ الدَّيْنِ وَإِبْرَاءُ ذِمَّتِهِ، وَتَفْرِيقُ وَصِيَّتِهِ (قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ لَا وِلَايَةَ لِأَحَدٍ عَلَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالتَّجْهِيزِ.
وَفِي الرِّعَايَةِ قَبْلَ غُسْلِهِ وَالْمُسْتَوْعِبِ: قَبْلَ دَفْنِهِ وَيُؤَيِّدُ مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ: مَا كَانَ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ مِنْ عَدَمِ صَلَاتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ، وَيَقُولُ " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ " إلَى آخِرِهِ كَمَا يَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ (فَإِنْ تَعَذَّرَ إيفَاءُ دَيْنِهِ فِي الْحَالِ) لِغَيْبَةِ الْمَالِ وَنَحْوِهَا (اُسْتُحِبَّ لِوَارِثِهِ أَوْ غَيْرِهِ أَنْ يَتَكَفَّلَ بِهِ عَنْهُ) لِرَبِّهِ، بِأَنْ يَضْمَنَهُ عَنْهُ، أَوْ يَدْفَعَ بِهِ رَهْنًا، لِمَا فِيهِ مِنْ الْأَخْذِ فِي أَسْبَابِ بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ وَإِلَّا فَلَا تَبْرَأُ قَبْلَ وَفَائِهِ، كَمَا يَأْتِي.
(وَيُسَنُّ الْإِسْرَاعُ فِي تَجْهِيزِهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَنْبَغِي لِجِيفَةِ مُسْلِمٍ أَنْ تُحْبَسَ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ أَهْلِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَلِأَنَّهُ أَصْوَنُ لَهُ وَأَحْفَظُ مِنْ التَّغَيُّرِ قَالَ أَحْمَدُ: كَرَامَةُ الْمَيِّتِ تَعْجِيلُهُ (إنْ مَاتَ غَيْرَ فَجْأَةٍ) وَتُيُقِّنَ مَوْتُهُ (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْتَظِرَ بِهِ مَنْ يَحْضُرُهُ مِنْ وَلِيٍّ) أَيْ وَارِثٍ.
(وَكَثْرَةِ جَمْعٍ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَلَمْ يُخْشَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (أَوْ يُشَقُّ عَلَى الْحَاضِرِينَ) نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا يُؤَمَّلُ مِنْ الدُّعَاءِ لَهُ إذَا صُلِّيَ عَلَيْهِ (وَفِي مَوْتِ فَجْأَةٍ) أَيْ بَغْتَةٍ (بِصَعْقَةٍ أَوْ هَدْمٍ أَوْ خَوْفٍ مِنْ حَرْبٍ أَوْ سَبُعٍ أَوْ تَرَدٍّ مِنْ جَبَلٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فِيمَا إذَا شُكَّ فِي مَوْتِهِ حَتَّى يُعْلَمَ مَوْتُهُ) يَقِينًا (بِانْخِسَافِ صُدْغَيْهِ، وَمَيْلِ أَنْفِهِ) وَذَكَرَ جَمَاعَةٌ.
(وَانْفِصَالِ كَفَّيْهِ، وَارْتِخَاءِ رِجْلَيْهِ، وَغَيْبُوبَةِ سَوَادِ عَيْنَيْهِ فِي الْبَالِغِينَ وَهُوَ أَقْوَاهَا) لِأَنَّ هَذِهِ الْعَلَامَاتِ دَالَّةٌ عَلَى الْمَوْتِ يَقِينًا زَادَ فِي الشَّرْحِ وَالرِّعَايَةِ: وَامْتِدَادِ جِلْدَةِ وَجْهِهِ وَوُجِّهَ تَأْخِيرُهُ إذَا مَاتَ فَجْأَةً أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ (لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَرَضَ لَهُ سَكْتَةٌ) مَرَضٌ مَعْرُوفٌ (وَنَحْوُهَا وَقَدْ يُفِيقُ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا وَقَدْ يُعْرَفُ مَوْتُ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَنْ مَاتَ فَجْأَةً، أَوْ شُكَّ فِي مَوْتِهِ (بِهَذِهِ الْعَلَامَاتِ أَيْضًا وَبِغَيْرِهَا) كَتَقَلُّصِ