الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَالَ: لَا يَجُوزُ لَك أَنْ تَدْخُلَ بَيْتَ غَيْرِكَ إلَّا بِالِاسْتِئْذَانِ لِهَذِهِ الْآيَةِ وَقَدَّمَ فِي الرِّعَايَةِ يُسَنُّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَا وَجْهَ لِحِكَايَةِ الْخِلَافِ فَيَجِبُ فِي الْجُمْلَةِ عَلَى غَيْرِ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ اهـ وَرَوَى سَعِيد عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ " إذَا دَخَلَ أَحَدُكُمْ عَلَى وَالِدَيْهِ فَلْيَسْتَأْذِنْ " وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ مِثْله (فَإِنْ أُذِنَ لَهُ) فِي الدُّخُولِ دَخَلَ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ فِي الدُّخُولِ (رَجَعَ) وَيُسَنُّ أَنْ يَكُونَ اسْتِئْذَانُهُ ثَلَاثًا، إلَّا أَنْ يُجَابَ قَبْلَهَا (وَلَا يَزِيدُ) فِي اسْتِئْذَانِ (عَلَى ثَلَاثِ) مَرَّاتٍ لِقَوْلِهِ:«صلى الله عليه وسلم الِاسْتِئْذَانُ ثَلَاثٌ فَإِنْ أُذِنَ لَك وَإِلَّا فَارْجِعْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (إلَّا أَنْ يَظُنَّ عَدَمَ سَمَاعِهِمْ) لِلِاسْتِئْذَانِ، فَيَزِيد بِقَدْرِ مَا يَظُنُّ أَنَّهُمْ سَمِعُوهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ: وَصِفَةُ الِاسْتِئْذَانِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ؟ «وَاسْتَأْذَنَ رَجُلٌ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي بَيْتٍ فَقَالَ: أَلِجُ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِخَادِمِهِ اُخْرُجْ إلَى هَذَا فَعَلِّمْهُ الِاسْتِئْذَانَ فَقَالَ لَهُ قُلْ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ؟ فَأَذِنَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَدَخَلَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ حَمْدَانَ وَقِيلَ يَقُولُ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ فَقَطْ اهـ وَيَجْلِسُ حَيْثُ انْتَهَى بِهِ الْمَجْلِسِ لِلْأَخْبَارِ وَلَعَنَ صلى الله عليه وسلم مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ قَالَ فِي الْآدَابِ: يُتَوَجَّهُ: تَحْرِيمُ ذَلِكَ يُفَرَّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ بِغَيْرِ إذْنِهِمَا لِلْحَدِيثِ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]
(فَصْلُ وَيُسْتَحَبُّ تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ)(قَبْلَ الدَّفْنِ أَوْ بَعْدَهُ حَتَّى الصَّغِيرِ، وَحَتَّى الصَّدِيقِ) لِلْمَيِّتِ (وَنَحْوِهِ) كَجَارِ الْمَيِّت، لِعُمُومِ مَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ إلَّا كَسَاهُ اللَّهُ عز وجل مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ كَمِثْلِ أَجْرِهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: غَرِيبٌ وَيُبْدَأُ بِخِيَارِهِمْ وَالْمَنْظُورُ إلَيْهِ مِنْهُمْ، لِيَسْتَنَّ بِهِ غَيْرُهُ، وَبِالضَّعِيفِ مِنْهُمْ
عَنْ تَحَمُّلِ الْمُصِيبَةِ لِحَاجَتِهِ إلَيْهَا.
(وَ) حَتَّى (مَنْ شَقَّ ثَوْبَهُ) فَيُعَزَّى كَغَيْرِهِ وَلَا يُتْرَكُ حَقًّا لِبَاطِلٍ (لِزَوَالِ الْمُحَرَّمِ وَهُوَ الشَّقُّ) وَالْبَاقِي أَثَرُهُ (وَإِنْ نَهَاهُ) عَنْ الْعَوْدِ لِمِثْلِ ذَلِكَ (فَحَسَنٌ وَيُكْرَهُ) لِمَنْ شَقَّ ثَوْبَهُ (اسْتِدَامَةُ لُبْسِهِ) لِأَنَّهُ أَثَرُ مَعْصِيَتِهِ.
وَتَكُونُ التَّعْزِيَةُ (إلَى ثَلَاثِ) لَيَالٍ بِأَيَّامِهَا (وَكَرِهَهَا) أَيْ: التَّعْزِيَةَ (جَمَاعَةٌ) مِنْهُمْ ابْنُ شِهَابٍ وَالْآمِدِيُّ وَأَبُو الْفَرَجِ (بَعْدَهَا) أَيْ: بَعْدَ الثَّلَاثِ، وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَقَالَ: لَمْ أَجِد فِي آخِرِهَا كَلَامًا لِأَصْحَابِنَا وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: اتَّفَقُوا عَلَى كَرَاهِيَتهَا بَعْدَهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ غَائِبًا فَلَا بَأْسَ بِتَعْزِيَتِهِ إذَا حَضَرَ وَاخْتَارَهُ صَاحِبُ النَّظْمِ وَزَادَ: مَا لَمْ تُنْسَ الْمُصِيبَةُ وَقَوْلُهُ: (لَأَذِنَ الشَّارِعُ فِي الْإِحْدَادِ فِيهَا) أَيْ: فِي الثَّلَاثِ، بِقَوْلِهِ: صلى الله عليه وسلم «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخَرِ أَنْ تُحِدَّ عَلَى مَيِّتٍ فَوْقَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، إلَّا عَلَى زَوْجِهَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» تَعْلِيلٌ لِلتَّحْدِيدِ بِالثَّلَاثِ (وَيُكْرَهُ تَكْرَارهَا) أَيْ: التَّعْزِيَةِ (فَلَا يُعَزِّي عِنْد الْقَبْرِ مَنْ عَزَّى قَبْلَ ذَلِكَ) قَالَ أَحْمَدُ: أَكْرَهُ التَّعْزِيَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ، إلَّا لِمَنْ لَمْ يُعَزِّ، فَيُعَزِّي إذَا دُفِنَ الْمَيِّتُ أَوْ قَبْلَهُ.
(وَيُكْرَهُ الْجُلُوسُ لَهَا) أَيْ: لِلتَّعْزِيَةِ بِأَنْ يَجْلِسَ الْمُصَابُ فِي مَكَان لِيُعَزُّوهُ أَوْ يَجْلِسَ الْمُعَزِّي عِنْدَ الْمُصَابِ لِلتَّعْزِيَةِ لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ اسْتِدَامَةِ الْحُزْنِ قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَمَا يُعْجِبنِي أَنْ تَقْعُدَ أَوْلِيَاءُ الْمَيِّتِ فِي الْمَسْجِدِ يُعَزَّوْنَ، أَخْشَى أَنْ يَكُونَ تَعْظِيمًا لِلْمَوْتِ أَوْ قَالَ لِلْمَيِّتِ وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: مَا أُحِبُّ الْجُلُوسَ مَعَ أَهْلِ الْمَيِّتِ وَالِاخْتِلَافَ إلَيْهِمْ بَعْدَ الدَّفْنِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَهَذَا تَعْظِيمٌ لِلْمَوْتِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّمَا الْمَكْرُوهُ الْبَيْتُوتَةُ عِنْد أَهْلِ الْمَيِّتِ وَأَنْ يَجْلِسَ إلَيْهِمْ مَنْ عَزَّى مَرَّةً، أَوْ يَسْتَدِيمَ الْمُعَزِّي الْجُلُوسَ زِيَادَةً كَثِيرَةً عَلَى قَدْرِ التَّعْزِيَةِ.
(وَ) يُكْرَهُ (الْمَبِيتُ عِنْدَهُمْ) أَيْ: عِنْدَ أَهْلِ الْمَيِّتِ لِمَا تَقَدَّمَ وَفِي الْفُصُولِ: يُكْرَهُ الِاجْتِمَاعُ بَعْد خُرُوجِ الرُّوحِ، لِتَهْيِيجِهِ الْحُزْنَ.
(وَتُكْرَهُ) تَعْزِيَةُ الرَّجُلِ (لِشَابَّةٍ أَجْنَبِيَّةٍ) أَيْ: غَيْرِ مَحْرَمٍ لَهُ خَشْيَةَ الْفِتْنَةِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ: الْحَسْنَاءُ عَجُوزًا كَانَتْ أَوْ شَابَّةً بِخِلَافِ غَيْرِهَا كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا بَأْسَ بِالْجُلُوسِ بِقُرْبِ دَارِ الْمَيِّتِ لِيَتْبَعَ جِنَازَتَهُ، أَوْ) لِ (يَخْرُجَ وَلَيُّهُ فَيُعَزِّيَهُ) وَسَوَاء كَانَ جُلُوسُهُ خَارِجًا عَنْ دَارِ الْمَيِّتِ بِمَسْجِدٍ أَوْ غَيْرِهِ، لَكِنْ إنْ كَانَ الْجُلُوسُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ عَلَى حَصِيرٍ مِنْ الْمَسْجِدِ أَوْ بِسَاطٍ مِنْهُ كُرِهَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْمَرُّوذِيِّ وَغَيْرِهِ وَنَقَلَ عَنْهُ عَبْدُ اللَّهِ وَأَبُو طَالِبٍ: جَوَازَهُ لِأَنَّهُ انْتِفَاعٌ بِهَا فِي عِبَادَةٍ أَشْبَهُ مَا لَوْ قَعَدُوا عَلَيْهَا دَاخِلَهُ قَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ لِأَنَّهَا وُقِفَتْ لَيُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُنْتَفَعُ بِهَا فِيهِ خَاصَّةً.
(وَمَعْنَى التَّعْزِيَةِ التَّسْلِيَةُ وَالْحَثُّ)
أَيْ: حَثُّ الْمُصَابِ (عَلَى الصَّبْرِ بِوَعْدِ الْأَجْرِ وَالدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ) إنْ كَانَ مُسْلِمًا (وَالْمُصَابِ) أَيْ: الدُّعَاءِ لِلْمُصَابِ.
(وَلَا تَعْيِينَ فِيمَا يَقُولُهُ) الْمُعَزِّي قَالَ الْمُوَفَّقُ لَا أَعْلَمُ فِي التَّعْزِيَةِ شَيْئًا مَحْدُودًا، إلَّا أَنَّهُ يُرْوَى «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَزَّى رَجُلًا، فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ وَآجَرَك» رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَيَخْتَلِفُ) مَا يَقُولُهُ الْمُعَزِّي (بِاخْتِلَافِ الْمُعَزِّينَ فَإِنْ شَاءَ) الْمُعَزِّي.
(قَالَ فِي تَعْزِيَةِ الْمُسْلِمِ بِالْمُسْلِمِ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَك وَأَحْسَنَ عَزَاءَك) أَيْ: رَزَقَكَ الصَّبْرَ الْحَسَنَ (وَغَفَرَ لِمَيِّتِكَ، وَفِي تَعْزِيَتِهِ) أَيْ: الْمُسْلِمِ (بِكَافِرٍ: أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَكَ وَأَحْسَنَ عَزَاءَكَ) وَيُمْسِكُ عَنْ الدُّعَاءِ لِلْمَيِّتِ، لِأَنَّ الدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ لَهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ.
(وَتَحْرُمُ تَعْزِيَةُ الْكَافِرِ) سَوَاءً كَانَ الْمَيِّتُ مُسْلِمًا أَوْ كَافِرًا لِأَنَّ فِيهَا تَعْظِيمًا لِلْكَافِرِ كَبُدَاءَتِهِ بِالسَّلَامِ.
(وَيَقُولُ الْمُعَزَّى) بِفَتْحِ الزَّاي مَشْدُودَةً (اسْتَجَابَ اللَّهُ دُعَاءَك، وَرَحِمَنَا وَإِيَّاكَ) بِهَذَا الْقَوْلِ رَدَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَكَفَى بِهِ قُدْوَة.
(وَلَا يُكْرَهُ أَخْذُهُ) أَيْ: الْمُعَزَّى (بِيَدِ مَنْ عَزَاهُ) قَالَ أَحْمَدُ: إنْ شِئْتَ أَخَذْتَ بِيَدِ الرَّجُلِ فِي التَّعْزِيَةِ، وَإِنْ شِئْتَ فَلَا.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يَجْعَلَ الْمُصَابُ عَلَيْهِ عَلَامَةً يُعْرَفُ بِهَا، لِيُعَزَّى) لِتَتَيَسَّرَ التَّعْزِيَةُ الْمَسْنُونَةُ بِذَلِكَ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ.
(وَيُسَنُّ) لِلْمُصَابِ (أَنْ) يَسْتَرْجِعَ فَ (يَقُولُ إنَّا لِلَّهِ) أَيْ: نَحْنُ عَبِيدُهُ يَفْعَلُ بِنَا مَا يَشَاءُ (وَإِنَّا إلَيْهِ رَاجِعُونَ) أَيْ: نَحْنُ مُقِرُّونَ بِالْبَعْثِ وَالْجَزَاءِ عَلَى أَعْمَالِنَا (اللَّهُمَّ أَجُرْنِي فِي مُصِيبَتِي وَأَخْلِفْ لِي خَيْرًا مِنْهَا) أَجُرْنِي مَقْصُورٌ وَقِيلَ مَمْدُودٌ وَأَخْلِفْ: بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ، وَكَسْرِ اللَّامِ يُقَال لِمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا يَتَوَقَّعُ مِثْلَهُ: أَخْلَفَ اللَّهُ عَلَيْك مِثْلَهُ وَمَنْ ذَهَبَ مِنْهُ مَا لَا يَتَوَقَّع مِثْلَهُ خَلَفَ اللَّهُ عَلَيْك أَيْ: كَانَ اللَّهُ لَك خَلِيفَةً مِنْهُ عَلَيْك.
(وَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) قَالَهُ الْآجُرِّيُّ وَجَمَاعَةٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ مُتَّجَهٌ فَعَلَهَا ابْنُ عَبَّاس، وَقَرَأَ {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ} [البقرة: 45] وَلَمْ يَذْكُرْهَا جَمَاعَةٌ وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد عَنْ حُذَيْفَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى» قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَحَزَبَهُ الْأَمْرُ: نَابَهُ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِ، أَوْ ضَغَطَهُ وَلِمُسْلِمٍ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ مَرْفُوعًا «إذَا حَضَرْتُمْ الْمَرِيضَ أَوْ الْمَيِّتَ فَقُولُوا خَيْرًا، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ يُؤَمِّنُونَ عَلَى مَا تَقُولُونَ فَلَمَّا مَاتَ أَبُو سَلَمَةَ قَالَ قُولِي: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَلَهُ وَاعْقُبْنِي عُقْبَةً حَسَنَةً» .
(وَ) يُسَنُّ لِلْمُصَابِ
أَنْ (يَصْبِرَ) وَالصَّبْرُ: الْحَبْسُ قَالَ تَعَالَى {وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46] وَقَالَ: صلى الله عليه وسلم «وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ» وَفِي الصَّبْرِ عَلَى مَوْتِ الْوَلَدِ أَجْرٌ كَبِيرٌ، وَرَدَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ مِنْهَا مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«لَا يَمُوتُ لِأَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَةٌ مِنْ الْوَلَدِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ إلَّا تَحِلَّةَ الْقَسَمِ» يُشِير إلَى قَوْله تَعَالَى {وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا} [مريم: 71] .
وَالصَّحِيحُ: أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمُرُورُ عَلَى الصِّرَاطِ، وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى مَا لِعَبْدِي الْمُؤْمِنِ مِنْ جَزَاءٍ إذَا قَبَضْتُ صَفِيَّهُ مِنْ أَهْلِ الدُّنْيَا ثُمَّ احْتَسَبَهُ: إلَّا الْجَنَّةُ» قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَاعْلَمْ أَنَّ الثَّوَابَ فِي الْمَصَائِبِ فِي الصَّبْرِ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْمُصِيبَةِ نَفْسِهَا فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى كَسْبِهِ وَالصَّبْرُ مِنْ كَسْبِهِ وَالرِّضَا بِالْقَضَاءِ فَوْقَ الصَّبْرِ فَإِنَّهُ يُوجِبُ رِضَا اللَّهِ سبحانه وتعالى (وَيَجِبُ مِنْهُ) أَيْ: الصَّبْرِ (مَا يَمْنَعْهُ مِنْ مُحَرَّمٍ) إذْ النَّهْيُ عَنْ شَيْءٍ أَمْرٌ بِضِدِّهِ وَلَا يَلْزَمُ الرِّضَى بِمَرَضٍ وَفَقْرٍ وَعَاهَةٍ خِلَافًا لِابْنِ عَقِيلٍ، بَلْ يُسَنُّ وَيُحْرَمُ الرِّضَا بِفِعْلِ الْمَعْصِيَةِ ذَكَرَهُ ابْنُ عَقِيلٍ إجْمَاعًا وَذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيِّ الدِّينِ أَنَّهُ إذَا نَظَرَ إلَى إحْدَاثِ الرَّبِّ لِذَلِكَ لِلْحِكْمَةِ الَّتِي يُحِبُّهَا وَيَرْضَاهَا رَضِيَ لِلَّهِ بِمَا رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ فَيَرْضَاهُ وَيُحِبُّهُ مَفْعُولًا مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى وَيَبْغَضُهُ وَيَكْرَهُهُ فِعْلًا لِلْمُذْنِبِ الْمُخَالِفِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَهَذَا كَمَا نَقُولُ فِيمَا خَلَقَهُ مِنْ الْأَجْسَامِ الْخَبِيثَةِ قَالَ: فَمَنْ فَهِمَ هَذَا الْمَوْضِعَ انْكَشَفَ لَهُ حَقِيقَةُ هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي حَارَتْ فِيهِ الْعُقُولُ.
(وَيُكْرَهُ لَهُ) أَيْ: الْمُصَابِ (تَغْيِيرُ حَالِهِ) أَيْ: هَيْئَتِهِ (مِنْ خَلْعِ رِدَائِهِ وَنَعْلِهِ، وَغَلْقِ حَانُوتِهِ، وَتَعْطِيلِ مَعَاشِهِ وَنَحْوِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إظْهَارِ الْجَزَعِ قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيّ فِي قَوْله تَعَالَى {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: 22] اعْلَمْ أَنَّ مَنْ عَلِمَ أَنَّ مَا قُضِيَ لَا بُدَّ أَنْ يُصِيبَهُ قَلَّ حُزْنُهُ وَفَرْحُهُ وَقَالَ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ: اتَّفَقَ الْعُقَلَاءُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَمَشَّ مَعَ الْقَدَرِ لَمْ يَتَهَنَّ بِعَيْشٍ.
(وَلَا يُكْرَهُ الْبُكَاءُ) قَالَ، الْجَوْهَرِيُّ: الْبُكَاءُ يُمَدُّ وَيُقْصَرُ فَإِذَا مَدَدْتَ أَرَدْتَ الصَّوْتَ الَّذِي يَكُونُ مَعَ الْبُكَاءِ وَإِذَا قَصَرْتَ، أَرَدْتَ الدُّمُوعَ وَخُرُوجَهَا (عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَبَعْدَهُ) لِكَثْرَةِ الْأَخْبَارِ بِذَلِكَ، فَمِنْهَا: مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ
«أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمَّا فَاضَتْ عَيْنَاهُ، لَمَّا رُفِعَ إلَيْهِ ابْنُ بِنْتِهِ وَنَفْسُهُ تَقَعْقَعُ كَأَنَّهَا فِي شَنَّةٍ أَيْ: لَهَا صَوْتٌ وَحَشْرَجَةٌ كَصَوْتِ مَا أُلْقِيَ فِي قِرْبَةٍ بَالِيَةٍ قَالَ لَهُ سَعْدُ: مَا هَذَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: هَذِهِ رَحْمَةٌ جَعَلَهَا اللَّهُ فِي قُلُوبِ عِبَادِهِ وَإِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ» قَالَ جَمَاعَةٌ: وَالصَّبْرُ عَنْهُ أَجْمَلُ؟ وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي التُّحْفَةِ الْعِرَاقِيَّةِ: الْبُكَاءُ عَلَى الْمَيِّتِ عَلَى وَجْهِ الرَّحْمَةِ حَسَنٌ مُسْتَحَبٌّ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الرِّضَا بِخِلَافِ الْبُكَاءِ عَلَيْهِ لِفَوَاتِ حَظِّهِ مِنْهُ وَقَالَ فِي الْفُرْقَانِ: الصَّبْرُ وَاجِبٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ، ثُمَّ ذَكَر فِي الرِّضَا قَوْلَيْنِ ثُمَّ قَالَ: وَأَعْلَى مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَشْكُرَ اللَّهَ عَلَى الْمُصِيبَةِ، لِمَا يَرَى مِنْ إنْعَامِ اللَّهِ عَلَيْهِ بِهَا نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى.
(وَلَا يَجُوزُ النَّدْبُ وَهُوَ الْبُكَاءُ، مَعَ تَعْدِيدِ مَحَاسِنَ الْمَيِّتِ) بِلَفْظِ النِّدَاءِ، مَعَ زِيَادَةِ الْأَلْفِ وَالْهَاءِ فِي آخِرِهِ كَقَوْلِهِ: وَا سَيِّدَاهْ وَا جَبَلَاهْ وَا انْقِطَاعَ ظَهْرَاهْ.
(وَلَا) تَجُوزُ (النِّيَاحَةُ وَهِيَ رَفْعُ الصَّوْتِ بِذَلِكَ بِرَنَّةٍ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ «أَخَذَ عَلَيْنَا صلى الله عليه وسلم فِي الْبَيْعَةِ أَنْ لَا نَنُوحَ» فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَعَنَ النَّائِحَةَ وَالْمُسْتَمِعَةَ ".
(وَلَا) يَجُوزُ (شَقُّ الثِّيَابِ وَلَطْمُ الْخُدُودِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ الصُّرَاخِ وَخَمْشِ الْوَجْهِ) وَتَسْوِيدِهِ (وَنَتْفِ الشَّعْرِ وَنَشْرِهِ وَحَلْقِهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَطَمَ الْخُدُودَ وَشَقَّ الْجُيُوبَ وَدَعَا بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ» وَفِيهِمَا أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَرِئَ مِنْ الصَّالِقَةِ وَالْحَالِقَةِ وَالشَّاقَّةِ " فَالصَّالِقَةُ الَّتِي تَرْفَعُ صَوْتَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَيُقَالُ: السَّالِقَةُ بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَالْحَالِقَةُ الَّتِي تَحْلِقُ شَعْرَهَا عِنْدَ الْمُصِيبَةِ وَالشَّاقَّةُ الَّتِي تَشُقُّ ثِيَابَهَا وَلِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ إظْهَارِ الْجَزَعِ وَعَدَمِ الرِّضَا بِقَضَاءِ اللَّهِ وَالسُّخْطِ مِنْ فِعْلِهِ.
وَفِي شَقِّ الْجُيُوبِ إفْسَادٌ لِلْمَالِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (وَفِي الْفُصُولُ: يَحْرُمُ النَّحِيبُ وَالتَّعْدَادُ) أَيْ: تَعْدَادُ الْمَحَاسِنِ وَالْمَزَايَا (وَإِظْهَارُ الْجَزَعِ لِأَنَّ ذَلِكَ يُشْبِهُ التَّظَلُّمَ مِنْ الظَّالِمِ وَهُوَ عَدْلٌ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى) لِأَنَّ لَهُ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي خَلْقِهِ بِمَا شَاءَ لِأَنَّهُمْ مِلْكُهُ.
(وَيُبَاحُ يَسِيرُ النَّدْبَةِ الصِّدْقِ، إذَا لَمْ يَخْرُجُ مَخْرَجَ النَّوْحِ وَلَا قَصْدَ نَظْمِهِ، نَحْوَ قَوْلِهِ: يَا أَبَتَاهُ يَا وَلَدَاهُ وَنَحْو ذَلِكَ) هَذَا تَتِمَّةُ كَلَامِ الْفُصُولِ وَمُقْتَضَى مَا قَدَّمَهُ: تَحْرِيمُهُ (وَجَاءَتْ الْأَخْبَارُ الصَّحِيحَةُ بِتَعْذِيبِ الْمَيِّتِ بِالنِّيَاحَةِ وَالْبُكَاءِ عَلَيْهِ) فَحَمَلَهُ ابْنُ حَامِد عَلَى مَنْ أَوْصَى بِهِ لِأَنَّ عَادَةَ الْعَرَبِ الْوَصِيَّةُ بِفِعْلِهِ فَخَرَجَ
عَلَى عَادَتِهِمْ.
وَفِي شَرْحِ مُسْلِم وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ وَهُوَ ضَعِيفٌ فَإِنَّ سِيَاقَ الْخَبَرِ يُخَالِفُهُ، وَحَمَلَهُ الْأَثْرَمُ عَلَى مَنْ وَصَى بِهِ حِينَ يَمُوت وَقَالَ فِي التَّلْخِيصِ: يَتَأَذَّى بِذَلِكَ إنْ لَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ كَمَا كَانَ السَّلَفُ يُوصُونَ وَلَمْ يُعْتَبَر كَوْنُ النِّيَاحَةِ عَادَةَ أَهْلِهِ.
وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ أَنَّ مَنْ هُوَ عَادَةُ أَهْلِهِ وَلَمْ يُوصِ بِتَرْكِهِ عُذِّبَ لِأَنَّهُ مَتَى ظَنَّ وُقُوعُهُ وَلَمْ يُوصِ فَقَدْ رَضِيَ وَلَمْ يَنْهَ مَعَ قُدْرَتِهِ وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِ الرُّوحِ: يَتَأَلَّمُ مِنْ ذَلِكَ وَيَتَوَجَّهُ مَعَهُ لَا أَنَّهُ يُعَاقَبُ بِذَنْبِ الْحَيِّ {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164] وَهَذَا كَقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ» فَالْعَذَابُ أَعَمُّ مِنْ الْعُقُوبَةِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَأَنْكَرَتْ عَائِشَةُ حَمْلَ ذَلِكَ عَلَى ظَاهِرِهِ وَوَافَقَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَالَتْ " وَاَللَّهُ مَا حَدَّثَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ اللَّهَ لَيُعَذِّبُ الْمُؤْمِنَ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَلَكِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: إنَّ اللَّهَ لَيُزِيدُ الْكَافِرَ عَذَابًا بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ وَقَالَتْ لَمَّا بَلَغَهَا رِوَايَةُ عُمَرَ وَابْنِهِ فِي ذَلِكَ: إنَّكُمْ لَتُحَدِّثُونَ عَنْهُ غَيْرَ كَاذِبَيْنِ وَلَا مُتَّهَمِينَ وَلَكِنَّ السَّمْعَ يُخْطِئُ وَقَالَتْ: حَسْبُكُمْ الْقُرْآنُ: {وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [الأنعام: 164](وَمَا هَيَّجَ الْمُصِيبَةَ مِنْ وَعْظٍ أَوْ إنْشَادِ شِعْرٍ فَمِنْ النِّيَاحَةِ) قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ وَمَعْنَاهُ لِابْنِ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ فَإِنَّهُ لَمَّا تُوُفِّيَ ابْنُهُ عَقِيلٌ قَرَأَ قَارِئٌ {يَا أَيُّهَا الْعَزِيزُ إِنَّ لَهُ أَبًا شَيْخًا كَبِيرًا فَخُذْ أَحَدَنَا مَكَانَهُ إِنَّا نَرَاكَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [يوسف: 78] فَبَكَى ابْنُ عَقِيلٍ وَبَكَى النَّاسُ فَقَالَ لِلْقَارِئِ يَا هَذَا إنْ كَانَ لِتَهْيِيجِ الْحُزْنِ فَهُوَ نِيَاحَةٌ بِالْقُرْآنِ وَلَمْ يَنْزِل لِلنَّوْحِ بَلْ لِتَسْكِينِ الْأَحْزَانِ.
" فَائِدَةٌ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي الْحَاشِيَةِ مَذْهَبُ أَهْلِ السُّنَّةِ: أَنَّ الرُّوحَ هِيَ النَّفْسُ النَّاطِقَةُ الْمُسْتَعِدَّةُ لِلْبَيَانِ وَفَهْمِ الْخِطَابِ وَلَا تَفْنَى بِفَنَاءِ الْجَسَدِ، وَإِنَّهُ جَوْهَرٌ لَا عَرَضٌ اهـ وَتَجْتَمِعُ أَرْوَاحُ الْمَوْتَى فَيَنْزِلُ الْأَعْلَى إلَى الْأَدْنَى لَا الْعَكْس قَالَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ قَالَ: وَمَذْهَبُ سَلَفِ الْأُمَّةِ وَأَئِمَّتهَا: أَنَّ الْعَذَابَ أَوْ النَّعِيمَ يَحْصُلُ لِرُوحِ الْمَيِّتِ وَبَدَنِهِ وَأَنَّ الرُّوحَ تَبْقَى بَعْدَ مُفَارَقَةِ الْبَدَنِ مُنَعَّمَةً أَوْ مُعَذَّبَةً وَأَيْضًا تَتَّصِلُ بِالْبَدَنِ أَحْيَانًا فَيَحْصُلُ لَهُ مَعَهَا النَّعِيمُ أَوْ الْعَذَابُ وَلِأَهْلِ السُّنَّةِ قَوْلٌ آخَر: أَنَّ النَّعِيمَ وَالْعَذَابَ يَكُونُ لِلْبَدَنِ دُونَ الرُّوحِ اهـ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ: هُوَ وَاقِعٌ عَلَى الرُّوحِ فَقَطْ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَيْضًا مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْبَدَنِ تَعَلُّقًا بِالرُّوحِ، فَتُعَذَّبُ، فِي الْقَبْرِ،.