المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل لا يجب الصوم إلا على مسلم عاقل بالغ قادر عليه] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل لا يجب الصوم إلا على مسلم عاقل بالغ قادر عليه]

فَرْضِهِ بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يَضُرُّ التَّرَدُّدُ فِي النِّيَّةِ لِمَكَانِ الضَّرُورَةِ.

(وَلَوْ صَامَ شَعْبَانَ ثَلَاثَ سِنِينَ مُتَوَالِيَةٍ ثُمَّ عَلِمَ) أَنَّ صَوْمَهُ كَانَ بِشَعْبَانَ فِي الثَّلَاثِ سِنِينَ (صَامَ ثَلَاثَةَ أَشْهُرٍ) بِنِيَّةِ قَضَاءِ مَا فَاتَهُ مِنْ الرَّمَضَانَاتِ (شَهْرٌ عَلَى إثْرِ شَهْرٍ) أَيْ: شَهْرًا بَعْدَ شَهْرٍ يُرَتِّبُهَا بِالنِّيَّةِ (كَالصَّلَاةِ إذَا فَاتَتْهُ) نَقَلَهُ مُهَنَّا أَيْ فَإِنَّ التَّرْتِيبَ بَيْنَ الصَّلَوَاتِ وَاجِبٌ، فَكَذَا بَيْنَ الرَّمَضَانَاتِ إذَا فَاتَتْ.

(وَإِنْ صَامَ) مَنْ اشْتَبَهَتْ عَلَيْهِ الْأَشْهُرُ (بِلَا اجْتِهَادٍ، فَكَمَنْ خَفِيَتْ عَلَيْهِ الْقِبْلَةُ) لَا يُجْزِئُهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الِاجْتِهَادِ.

(وَإِنْ ظَنَّ الشَّهْرَ لَمْ يَدْخُلْ فَصَامَ لَمْ يُجْزِئْهُ وَلَوْ أَصَابَ وَكَذَا لَوْ شَكَّ فِي دُخُولِهِ) أَيْ: دُخُولِ شَهْرِ رَمَضَانَ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِ دُخُولُهُ كَمَا لَوْ تَرَدَّدَ فِي دُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ.

[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

(فَصْلٌ وَلَا يَجِبُ الصَّوْمُ) أَيْ صَوْمُ رَمَضَانَ (إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الصَّوْمِ؛ لِمَا يَأْتِي (فَلَا يَجِبُ عَلَى كَافِرٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا) ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ تَفْتَقِرُ إلَى النِّيَّةِ فَكَانَ مِنْ شَرْطِهِ الْإِسْلَامُ كَالصَّلَاةِ (وَالرِّدَّةُ تَمْنَعُ صِحَّةَ الصَّوْمِ، فَلَوْ ارْتَدَّ فِي يَوْمٍ) وَهُوَ صَائِمٌ فِيهِ بَطَلَ صَوْمُهُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ} [الزمر: 65](ثُمَّ) إنْ (أَسْلَمَ فِيهِ، أَوْ) أَسْلَمَ (بَعْدَهُ، أَوْ ارْتَدَّ فِي لَيْلَتِهِ ثُمَّ أَسْلَمَ فِيهِ فَعَلَيْهِ الْقَضَاءُ) أَيْ: قَضَاءُ ذَلِكَ الْيَوْمِ إنْ كَانَ فَرْضًا؛ لِأَنَّهُ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِإِدْرَاكِ جُزْءٍ مِنْهُ مُسْلِمًا كَالصَّلَاةِ يُدْرِكُ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهَا.

(وَلَا يَجِبُ) الصَّوْمُ (عَلَى مَجْنُونٍ) لِحَدِيثِ: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» (وَلَا يَصِحُّ مِنْهُ) لِعَدَمِ إمْكَانِ النِّيَّةِ مِنْهُ.

(وَلَا) يَجِبُ (عَلَى صَغِيرٍ) وَلَوْ مُرَاهِقًا لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.

(وَيَصِحُّ) الصَّوْمُ (مِنْ مُمَيِّزٍ) كَصَلَاتِهِ (وَيَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ) أَيْ الْمُمَيِّزِ (أَمْرُهُ بِهِ إذَا أَطَاقَهُ وَضَرْبُهُ حِينَئِذٍ عَلَيْهِ) أَيْ: الصَّوْمِ (إذَا تَرَكَهُ لِيَعْتَادَهُ) كَالصَّلَاةِ إلَّا أَنَّ الصَّوْمَ أَشَقُّ فَاعْتُبِرَتْ لَهُ الطَّاقَةُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُطِيقُ الصَّلَاةَ مَنْ لَا يُطِيقُ الصِّيَامَ.

(وَإِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ بِالرُّؤْيَةِ) أَيْ: رُؤْيَةِ هِلَالِ رَمَضَانَ (فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ) مُتَعَلِّقٌ بِ (قَامَتْ)(لَزِمَهُمْ)

ص: 308

أَيْ: أَهْلَ وُجُوبِ الصَّوْمِ (الْإِمْسَاكُ وَلَوْ بَعْدَ فِطْرِهِمْ) لِتَعَذُّرِ إمْسَاكِ الْجَمِيعِ فَوَجَبَ أَنْ يَأْتُوا بِمَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» ، وَكَذَا لَوْ تَعَمَّدُوا الْأَكْلَ فِي يَوْمٍ آخَرَ مِنْهُ (وَ) لَزِمَهُمْ (الْقَضَاءُ) لِثُبُوتِهِ مِنْ رَمَضَانَ، وَلَمْ يَأْتُوا فِيهِ بِصَوْمٍ صَحِيحٍ فَلَزِمَهُمْ قَضَاؤُهُ لِلنَّصِّ.

(وَإِنْ أَسْلَمَ كَافِرٌ أَوْ أَفَاقَ مَجْنُونٌ أَوْ بَلَغَ صَغِيرٌ) مُفْطِرًا (فَكَذَلِكَ) أَيْ: مَنْ صَارَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ مِنْ رَمَضَانَ أَهْلًا لِلْوُجُوبِ لَزِمَهُ إمْسَاكُ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَضَاؤُهُ لِحُرْمَةِ الْوَقْتِ وَلِقِيَامِ الْبَيِّنَةِ فِيهِ بِالرُّؤْيَةِ؛ وَلِإِدْرَاكِهِ جُزْءًا مِنْ وَقْتِهِ كَالصَّلَاةِ.

(وَ) كَذَا (كُلُّ مَنْ أَفْطَرَ وَالصَّوْمُ يَجِبُ عَلَيْهِ) فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ (كَالْفِطْرِ لِغَيْرِ عُذْرٍ) .

(وَمَنْ أَفْطَرَ يَظُنَّ أَنَّ الْفَجْرَ لَمْ يَطْلُعْ وَقَدْ كَانَ طَلَعَ أَوْ) يَظُنُّ (الشَّمْسَ قَدْ غَابَتْ وَلَمْ تَغِبْ أَوْ النَّاسِي النِّيَّةَ أَوْ طَهُرَتْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ تَعَمَّدَتْ) مُكَلَّفَةٌ (الْفِطْرَ ثُمَّ حَاضَتْ) أَوْ نُفِسَتْ (أَوْ تَعَمَّدَهُ) أَيْ: الْفِطْرَ (مُقِيمٌ ثُمَّ سَافَرَ) فَكُلُّهُمْ يَلْزَمُهُمْ الْإِمْسَاكُ وَالْقَضَاءُ لِمَا سَبَقَ، (أَوْ قَدِمَ مُسَافِرٌ) أَوْ أَقَامَ مَا يَمْنَعُ الْقَصْرَ (أَوْ بَرِئَ مَرِيضٌ مُفْطِرِينَ فَعَلَيْهِمْ الْقَضَاءُ وَالْإِمْسَاكُ) لِمَا سَبَقَ.

(وَإِنْ بَلَغَ الصَّغِيرُ) ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى فِي أَثْنَاءِ نَهَارِ رَمَضَانَ (بِسِنٍّ) أَيْ: تَمَامِ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً (أَوْ احْتِلَامٍ) أَيْ: إنْزَالِ مَنِيٍّ بِسَبَبِ حُلُمٍ (صَائِمًا أَتَمَّ صَوْمَهُ) بِغَيْرِ خِلَافٍ (وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ إنْ) كَانَ (نَوَى مِنْ اللَّيْلِ) ؛ لِأَنَّهُ نَوَاهُ مِنْ اللَّيْلِ فَأَجْزَأَهُ كَالْبَالِغِ، وَلَا يُمْتَنَعُ أَنْ يَكُونَ أَوَّلُهُ نَفْلًا وَبَاقِيهِ فَرْضًا (كَنَذْرِ إتْمَامِ) نَفْلٍ، وَعِنْدَ أَبِي الْخَطَّابِ عَلَيْهِ الْقَضَاءُ.

(وَلَا يَلْزَمُ مَنْ أَفْطَرَ فِي صَوْمٍ وَاجِبٍ غَيْرَ رَمَضَانَ الْإِمْسَاكُ) لِعَدَمِ حُرْمَةِ الْوَقْتِ.

(وَإِنْ عَلِمَ مُسَافِرٌ أَنَّهُ يَقْدَمُ غَدًا لَزِمَهُ الصَّوْمُ نَصًّا) نَقَلَهُ أَبُو طَالِبٍ وَأَبُو دَاوُد كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ، وَعَلِمَ قُدُومَهُ فِي غَدٍ فَيَنْوِيهِ مِنْ اللَّيْلِ (بِخِلَافِ صَبِيٍّ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَبْلُغُ غَدًا) فَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ (لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ) قَبْلَ دُخُولِ الْغَدِ بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ.

(وَمَنْ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ) وَهُوَ الْهَرِمُ وَالْهَرِمَةُ (أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ أَفْطَرَ) أَيْ: لَهُ ذَلِكَ إجْمَاعًا (لِعَدَمِ وُجُوبِهِ) أَيْ الصَّوْمِ (عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ عَاجِزٌ عَنْهُ فَلَا يُكَلَّفُ بِهِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .

(وَأَطْعَمَ عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مَا يُجْزِئُ فِي كَفَّارَةٍ) مُدًّا مِنْ بُرٍّ أَوْ نِصْفَ صَاعٍ مِنْ تَمْرٍ أَوْ زَبِيبٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ أَقِطٍ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ} [البقرة: 184]

ص: 309

لَيْسَتْ بِمَنْسُوخَةٍ فِي الشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ لَا يَسْتَطِيعَانِ الصَّوْمَ فَيُطْعِمَانِ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمَعْنَاهُ عَنْ ابْنِ أَبِي لَيْلَى عَنْ مُعَاذٍ وَلَمْ يُدْرِكْهُ، رَوَاهُ أَحْمَدُ (وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ) أَيْ: عَنْ الْكَبِيرِ وَالْمَرِيضِ الَّذِي لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ (غَيْرُهُ) رَمَضَانَ وَلَا قَضَاؤُهُ وَلَا كَفَّارَةَ؛ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ مَحْضَةٌ وَجَبَتْ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَلَمْ تَدْخُلْهَا النِّيَابَةُ كَالصَّلَاةِ.

(وَإِنْ سَافَرَ) الْكَبِيرُ الْعَاجِزُ عَنْ الصَّوْمِ (أَوْ مَرِضَ فَلَا فِدْيَةَ) عَلَيْهِ؛ (لِأَنَّهُ أَفْطَرَ بِعُذْرٍ مُعْتَادٍ وَلَا قَضَاءَ) لِعَجْزِهِ عَنْهُ وَيُعَايَى بِهَا.

(وَإِنْ) أَطْعَمَ ثُمَّ (قَدِرَ عَلَى الْقَضَاءِ فَكَمَعْضُوبٍ) بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ ثُمَّ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ: الْعَاجِزُ عَنْ الْحَجِّ وَيَأْتِي (أَحَجَّ عَنْهُ ثُمَّ عُوفِيَ) ذَكَرَهُ الْمَجْدُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بَلْ يَتَعَيَّنُ الْإِطْعَامُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ عُوفِيَ قَبْلَ الْإِطْعَامِ تَعَيَّنَ الْقَضَاءُ كَالْمَعْضُوبِ إذَا عُوفِيَ قَبْلَ إحْرَامِ نَائِبِهِ.

(وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ) عَنْ الْعَاجِزِ عَنْ الصَّوْمِ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ (بِالْعَجْزِ) عَنْهُ كَفِدْيَةِ الْحَجِّ فَمَتَى قَدِرَ عَلَيْهِ أَطْعَمَ (وَيَأْتِي قَرِيبًا) .

(وَالْمَرِيضُ) غَيْرُ الْمَيْئُوسِ مِنْ بُرْئِهِ (إذَا خَافَ) بِصَوْمِهِ (ضَرَرًا بِزِيَادَةِ مَرَضِهِ أَوْ طُولِهِ) أَيْ: الْمَرَضِ (وَلَوْ بِقَوْلِ مُسْلِمٍ ثِقَةٍ أَوْ كَانَ صَحِيحًا فَمَرِضَ فِي يَوْمِهِ أَوْ خَافَ مَرَضًا لِأَجْلِ عَطَشٍ أَوْ غَيْرِهِ سُنَّ فِطْرُهُ وَكُرِهَ صَوْمُهُ وَإِتْمَامُهُ) أَيْ: الصَّوْمِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] أَيْ فَلْيُفْطِرْ وَلْيَقْضِ عَدَدَ مَا أَفْطَرَهُ؛ وَلِأَنَّ فِيهِ قَبُولَ الرُّخْصَةِ مَعَ التَّلَبُّسِ بِالْأَخَفِّ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا خُيِّرْتُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إلَّا اخْتَرْتُ أَيْسَرَهُمَا» قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: فَلَوْ خَافَ تَلَفًا بِصَوْمِهِ كُرِهَ وَجَزَمَ جَمَاعَةٌ بِأَنَّهُ يَحْرُمُ وَلَمْ يَذْكُرُوا خِلَافًا فِي الْإِجْزَاءِ (فَإِنْ صَامَ) الْمَرِيضُ مَعَ مَا سَبَقَ (أَجْزَأَهُ) صَوْمُهُ، نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ لِصُدُورِهِ مِنْ أَهْلِهِ فِي مَحَلِّهِ كَمَا لَوْ أَتَمَّ الْمُسَافِرُ.

(وَلَا يُفْطِرُ مَرِيضٌ لَا يَتَضَرَّرُ بِالصَّوْمِ كَمَنْ بِهِ جَرَبٌ أَوْ وَجَعُ ضِرْسٍ أَوْ أُصْبُعٍ أَوْ دُمَّلٍ وَنَحْوِهِ) قِيلَ لِأَحْمَدَ مَتَى يُفْطِرُ الْمَرِيضُ؟ قَالَ: إذَا لَمْ يَسْتَطِعْ قِيلَ: مِثْلَ الْحُمَّى؟ قَالَ: وَأَيُّ مَرَضٍ أَشَدُّ مِنْ الْحُمَّى.

(وَقَالَ) أَبُو بَكْرٍ (الْآجُرِّيُّ مَنْ صَنْعَتُهُ شَاقَّةٌ فَإِنْ خَافَ) بِالصَّوْمِ (تَلَفًا أَفْطَرَ وَقَضَى) إنْ ضَرَّهُ تَرْكُ الصَّنْعَةِ، (فَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ تَرْكُهَا أَثِمَ) بِالْفِطْرِ وَيَتْرُكُهَا (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْتِفْ التَّضَرُّرُ بِتَرْكِهَا (فَلَا) إثْمَ عَلَيْهِ بِالْفِطْرِ لِلْعُذْرِ.

(وَمَنْ قَاتَلَ عَدُوًّا أَوْ أَحَاطَ الْعَدُوُّ بِبَلَدِهِ وَالصَّوْمُ يُضْعِفُهُ) عَنْ الْقِتَالِ

ص: 310

(سَاغَ لَهُ الْفِطْرُ بِدُونِ سَفَرٍ نَصًّا) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَمَنْ بِهِ شَبَقٌ يَخَافُ أَنْ يَنْشَقَّ ذَكَرُهُ) أَوْ أُنْثَيَاهُ أَوْ مَثَانَتُهُ (جَامَعَ وَقَضَى وَلَا يُكَفِّرُ نَصًّا) نَقَلَهُ إسْمَاعِيلُ بْنُ سَعِيدٍ الشَّالَنْجِيُّ قَالَ أَحْمَدُ: يُجَامِعُ وَلَا يُكَفِّرُ وَيَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ إذَا أَخَذَ الرَّجُلُ هَذَا وَلَمْ يُجَامِعْ خِيفَ عَلَيْهِ أَنْ يَنْشَقَّ فَرْجُهُ.

(وَإِنْ انْدَفَعَتْ شَهْوَتُهُ بِغَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْجِمَاعِ (كَالِاسْتِمْنَاءِ بِيَدِهِ أَوْ يَدِ زَوْجَتِهِ أَوْ) يَدِ (جَارِيَتِهِ وَنَحْوِهِ) كَالْمُفَاخَذَةِ (لَمْ يَجُزْ) لَهُ الْوَطْءُ كَالصَّائِلِ يَنْدَفِعُ بِالْأَسْهَلِ لَا يَنْتَقِلُ إلَى غَيْرِهِ.

(وَكَذَا إنْ أَمْكَنَهُ أَنْ لَا يُفْسِدَ صَوْمَ زَوْجَتِهِ) أَوْ أَمَتِهِ (الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ بِأَنْ يَطَأَ زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الْكِتَابِيَّتَيْنِ أَوْ) يَطَأَ (زَوْجَتَهُ أَوْ أَمَتَهُ الصَّغِيرَتَيْنِ) أَوْ الْمَجْنُونَتَيْنِ (أَوْ) انْدَفَعْت شَهْوَتَهُ بِالْوَطْءِ (دُونَ الْفَرْجِ) فَلَا يُبَاحُ لَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ إلَيْهِ، قُلْتُ: وَلَعَلَّ قِيَاسَ ذَلِكَ إذَا أَمْكَنَهُ وَطْءُ مَنْ لَزِمَهَا الْإِمْسَاكُ كَمَنْ طَهُرَتْ وَنَحْوِهَا فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ؛ لِأَنَّ الْإِمْسَاكَ دُونَ الصَّوْمِ الشَّرْعِيِّ خُصُوصًا فِيمَا فِيهِ خِلَافٌ فِي وُجُوبِهِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ عَدَمُ إفْسَادِ صَوْمِ الزَّوْجَةِ أَوْ الْأَمَةِ الْمُسْلِمَةِ الْبَالِغَةِ (جَازَ) لَهُ إفْسَادُ صَوْمِهَا (لِلضَّرُورَةِ) كَأَكْلِ الْمَيْتَةِ لِلْمُضْطَرِّ.

(وَمَعَ الضَّرُورَةِ إلَى وَطْءِ حَائِضٍ وَصَائِمَةٍ بَالِغٍ) بِأَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَيْرُهُمَا (فَوَطْءُ الصَّائِمَةِ أَوْلَى) مِنْ وَطْءِ الْحَائِضِ؛ لِأَنَّ تَحْرِيمَ وَطْءِ الْحَائِضِ بِنَصِّ الْقُرْآنِ، (وَإِنْ لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ أَوْ الْأَمَةُ الصَّائِمَةُ (بَالِغًا وَجَبَ اجْتِنَابُ الْحَائِضِ) لِلِاسْتِغْنَاءِ عَنْهُ بِلَا مَحْذُورٍ، فَيَطَأُ الصَّغِيرَةَ وَكَذَا الْمَجْنُونَةَ.

(وَإِنْ تَعَذَّرَ قَضَاؤُهُ) أَيْ: ذِي الشَّبَقِ (لِدَوَامِ شَبَقِهِ فَكَكَبِيرٍ عَجَزَ عَنْ الصَّوْمِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) فَيُطْعِمُ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَلَا قَضَاءَ إلَّا مَعَ عُذْرٍ مُعْتَادٍ كَمَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ فَلَا إطْعَامَ وَلَا قَضَاءَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَبِيرِ، وَلَعَلَّ حُكْمَ زَوْجَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ الَّتِي لَيْسَ لَهُ غَيْرُهَا كَذَلِكَ.

(وَحُكْمُ الْمَرِيضِ الَّذِي يَنْتَفِعُ بِالْجِمَاعِ) فِي مَرَضِهِ (حُكْمُ مَنْ خَافَ تَشَقُّقَ فَرْجِهِ) فِي جَوَازِ الْوَطْءِ مَعَ الْكَفَّارَةِ وَإِفْسَادِ صَوْمِ زَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَعَدَمِهِ.

(وَالْمُسَافِرُ سَفَرَ قَصْرٍ يُسَنُّ لَهُ الْفِطْرُ إذَا فَارَقَ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ) الْعَامِرَةِ (كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْقَصْرِ) مُوَضِّحًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: 184] .

(وَيُكْرَهُ صَوْمُهُ وَلَوْ لَمْ يَجِدْ مَشَقَّةً) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَزَادَ: «عَلَيْكُمْ بِرُخْصَةِ اللَّهِ الَّتِي رَخَّصَ لَكُمْ فَاقْبَلُوهَا» .

وَصَحَّ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ لَمَّا «أَفْطَرَ فِي السَّفَرِ وَبَلَغَهُ أَنَّ قَوْمًا صَامُوا قَالَ: أُولَئِكَ الْعُصَاةُ»

ص: 311

قَالَ الْمَجْدُ: وَعِنْدِي لَا يُكْرَهُ لِمَنْ قَوِيَ وَاخْتَارَهُ الْآجُرِّيُّ (وَيُجْزِئُهُ) أَيْ: يُجْزِئُ الْمُسَافِرَ الصَّوْمُ بِرَمَضَانَ نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ، وَنَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُعْجِبُنِي، وَاحْتَجَّ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَيْسَ مِنْ الْبِرِّ الصَّوْمُ فِي السَّفَرِ» وَعُمَرُ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَأْمُرَانِهِ بِالْإِعَادَةِ، وَقَالَهُ الظَّاهِرِيَّةُ وَيُرْوَى عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَالْمُبْدِعِ: وَالسُّنَّةُ الصَّحِيحَةُ تَرُدُّ هَذَا الْقَوْلَ (لَكِنْ لَوْ سَافَرَ لِيُفْطِرَ حَرُمَا) أَيْ السَّفَرُ وَالْفِطْرُ (عَلَيْهِ) حَيْثُ لَا عِلَّةَ لِسَفَرِهِ إلَّا الْفِطْرُ أَمَّا حُرْمَةُ الْفِطْرِ فَلِعَدَمِ الْعُذْرِ الْمُبِيحِ لَهُ وَأَمَّا حُرْمَةُ السَّفَرِ فَلِأَنَّهُ وَسِيلَةٌ إلَى الْفِطْرِ الْمُحَرَّمِ.

(وَلَا يَجُوزُ لِمَرِيضٍ وَمُسَافِرٍ أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ أَنْ يَصُومَا فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ) مِنْ قَضَاءٍ وَنَذْرٍ وَغَيْرِهِمَا (كَمُقِيمٍ صَحِيحٍ) ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَ أُبِيحَ تَخْفِيفًا وَرُخْصَةً فَإِذَا لَمْ يُؤَدِّهِ، لَزِمَهُ الْإِتْيَانُ بِالْأَصْلِ، كَالْجُمُعَةِ وَكَالْمُقِيمِ الصَّحِيحِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَ صَوْمًا مِنْ الْمَعْذُورِ لَقَبِلَهُ مِنْ غَيْرِهِ، كَسَائِرِ الزَّمَانِ الْمُتَضَيِّقِ لِلْعِبَادَةِ (فَيَلْغُو صَوْمُهُ) إذَا صَامَ فِي رَمَضَانَ عَنْ غَيْرِهِ وَلَا يَقَعُ عَنْ رَمَضَانَ لِعَدَمِ تَعْيِينِ النِّيَّةِ لَهُ.

(وَلَوْ قَلَبَ صَوْمَ رَمَضَانَ إلَى نَفْلٍ، لَمْ يَصِحَّ لَهُ النَّفَلُ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَبَطَلَ فَرْضُهُ) لِقَطْعِ نِيَّتِهِ.

(وَمَنْ نَوَى الصَّوْمَ فِي سَفَرٍ فَلَهُ الْفِطْرُ بِمَا شَاءَ مِنْ جِمَاعٍ وَغَيْرِهِ) كَأَكْلٍ وَشُرْبٍ؛ (لِأَنَّ مَنْ) أُبِيحَ (لَهُ الْأَكْلُ) أُبِيحَ (لَهُ الْجِمَاعُ) كَمَنْ لَمْ يَنْوِ.

(وَلَا كَفَّارَةَ) عَلَيْهِ بِالْوَطْءِ (لِحُصُولِ الْفِطْرِ بِالنِّيَّةِ قَبْلَ الْفِعْلِ) أَيْ: الْجِمَاعِ، فَيَقَعُ الْجِمَاعُ بَعْدَهُ.

(وَكَذَا مَرِيضٌ يُبَاحُ لَهُ الْفِطْرُ) إذَا نَوَى الصَّوْمَ، لَهُ الْفِطْرُ بِمَا شَاءَ مِنْ جِمَاعٍ وَغَيْرِهِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ نَوَى الْحَاضِرُ صَوْمَ يَوْمٍ ثُمَّ سَافَرَ فِي أَثْنَائِهِ) سَفَرًا يَبْلُغُ الْمَسَافَةَ (طَوْعًا أَوْ كُرْهًا فَلَهُ الْفِطْرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ) وَمُفَارَقَتِهِ بُيُوتَ قَرْيَتِهِ الْعَامِرَةِ، لِظَاهِرِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ الصَّرِيحَةِ مِنْهَا: مَا رَوَى عُبَيْدُ بْنُ جَبْرٍ قَالَ: " رَكِبْتُ مَعَ أَبِي بَصْرَةَ الْغِفَارِيِّ مِنْ الْفُسْطَاطِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، ثُمَّ قَرَّبَ غَدَاءَهُ فَقَالَ: اقْتَرِبْ قُلْتُ: أَلَسْتَ تَرَى الْبُيُوتَ؟ قَالَ: أَتَرْغَبُ عَنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم؟ فَأَكَلَ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّ السَّفَرَ مُبِيحٌ لِلْفِطْرِ فَأَبَاحَهُ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ كَالْمَرَضِ الطَّارِئِ، وَلَوْ بِفِعْلِهِ، وَالصَّلَاةُ لَا يَشُقُّ إتْمَامُهَا وَهِيَ آكَدُ؛ لِأَنَّهُ مَتَى وَجَبَ إتْمَامُهَا لَمْ تُقْصَرْ بِحَالٍ و (لَا) يَجُوزُ لَهُ الْفِطْرُ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ لِأَنَّهُ مُقِيمٌ (وَالْأَفْضَلُ لَهُ) أَيْ لِمَنْ سَافَرَ فِي أَثْنَاءِ يَوْمٍ نَوَى صَوْمَهُ (الصَّوْمُ) أَيْ: إتْمَامُ صَوْمِ ذَلِكَ الْيَوْمِ خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يُبِحْ لَهُ الْفِطْرَ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ تَغْلِيبًا لِحُكْمِ الْحَضَرِ كَالصَّلَاةِ.

(وَالْحَامِلُ وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا الضَّرَرَ عَلَى أَنْفُسِهِمَا) أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ كَالْمَرِيضِ (أَوْ)

ص: 312

خَافَتَا الضَّرَرَ عَلَى (وَلَدَيْهِمَا أُبِيحَ لَهُمَا الْفِطْرُ) ؛ لِأَنَّ خَوْفَهُمَا خَوْفٌ عَلَى آدَمِيٍّ، أَشْبَهَ خَوْفَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا.

(وَكُرِهَ صَوْمُهُمَا) كَالْمَرِيضِ، (وَيُجْزِئُ) صَوْمُهُمَا (إنْ فَعَلَتَا) أَيْ: صَامَتَا كَالْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، (وَإِنْ أَفْطَرَتَا قَضَتَا) مَا أَفْطَرَتَاهُ كَالْمَرِيضِ (وَلَا إطْعَامَ) عَلَى أَحَدٍ (إنْ خَافَتَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا كَمَرِيضٍ) يَضُرُّهُ الصَّوْمُ فَإِنَّهُ يَقْضِي مِنْ غَيْرِ إطْعَامٍ.

(بَلْ إنْ خَافَتَا عَلَى وَلَدَيْهِمَا) فَقَطْ (أَطْعَمَتَا مَعَ الْقَضَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ (عَنْ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا مَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ:" كَانَتْ رُخْصَةً لِلشَّيْخِ الْكَبِيرِ وَالْمَرْأَةِ الْكَبِيرَةِ، وَهُمَا يُطِيقَانِ الصِّيَامَ أَنْ يُفْطِرَا وَيُطْعِمَا مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَالْحُبْلَى وَالْمُرْضِعُ إذَا خَافَتَا عَلَى أَوْلَادِهِمَا أَفْطَرَتَا وَأَطْعَمَتَا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَرَوَى ذَلِكَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمَا مِنْ الصَّحَابَةِ؛ وَلِأَنَّهُ فِطْرٌ بِسَبَبِ نَفْسٍ عَاجِزَةٍ مِنْ طَرِيقِ الْخِلْقَةِ فَوَجَبَ بِهِ الْكَفَّارَةُ كَالشَّيْخِ الْهَرِمِ.

(وَهُوَ) أَيْ: الْإِطْعَامُ (عَلَى مَنْ يُمَوِّنُ الْوَلَدَ) ؛ لِأَنَّ الْإِرْفَاقَ لِلْوَلَدِ وَيَجِبُ الْإِطْعَامُ (عَلَى الْفَوْرِ) ؛ لِأَنَّهُ مُقْتَضَى الْأَمْرِ، وَكَسَائِرِ الْكَفَّارَاتِ.

وَذَكَرَ الْمَجْدُ أَنَّهُ إنْ أَتَى بِهِ مَعَ الْقَضَاءِ جَازَ؛ لِأَنَّهُ كَالتَّكْمِلَةِ لَهُ وَهَذَا مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَوَّلًا (وَإِنْ قَبِلَ وَلَدُ الْمُرْضِعَةِ ثَدْيَ غَيْرِهَا وَقَدِرَتْ تَسْتَأْجِرُ لَهُ أَوْ لَهَا) مِنْ الْمَالِ (مَا يُسْتَأْجَرُ مِنْهُ فَعَلَتْ) أَيْ: اسْتَأْجَرَتْ لَهُ (وَلَمْ تُفْطِرْ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ.

(وَلَهُ صَرْفُ الْإِطْعَامِ إلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ جُمْلَةً وَاحِدَةً) لِظَاهِرِ الْآيَةِ.

(وَحُكْمُ الظِّئْرِ) أَيْ: الْمُرْضِعَةُ لِوَلَدِ غَيْرِهَا (كَمُرْضِعٍ) لِوَلَدِهَا (فِيمَا تَقَدَّمَ) مِنْ الْفِطْرِ وَعَدَمِهِ، وَالْفِدْيَةِ وَعَدَمِهَا، (فَإِنْ لَمْ تُفْطِرْ) الظِّئْرُ (فَتَغَيَّرَ لَبَنُهَا) بِالصَّوْمِ (أَوْ نَقَصَ خُيِّرَ الْمُسْتَأْجِرُ) بَيْنَ فَسْخِ الْإِجَارَةِ وَإِمْضَائِهَا، (وَإنْ قَصَدَتْ) الظِّئْرُ (الْإِضْرَارَ) بِالرَّضِيعِ بِصَوْمِهَا (أَثِمَتْ وَكَانَ لِلْحَاكِمِ إلْزَامُهَا بِالْفِطْرِ بِطَلَبِ الْمُسْتَأْجِرِ) ذَكَرَهُ ابْنُ الزَّاغُونِيِّ، وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: إنْ تَأَذَّى الصَّبِيُّ بِنَقْصِهِ أَوْ تَغْيِيرِهِ لَزِمَهَا الْفِطْرُ، فَإِنْ أَبَتْ فَلِأَهْلِهِ الْفَسْخُ، وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا: أَنَّهُ يَلْزَمُ الْحَاكِمَ إلْزَامُهَا بِمَا يَلْزَمُهَا، وَإِنْ لَمْ تَقْصِدْ الضَّرَرَ، بِلَا طَلَبٍ قُبِلَ الْفَسْخُ وَهَذَا مُتَّجَهٌ، قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى.

(وَلَا يَسْقُطُ الْإِطْعَامُ بِالْعَجْزِ) كَالدَّيْنِ.

(وَكَذَا) الْإِطْعَامُ (عَنْ الْكَبِيرِ، و) الْمَرِيضِ (الْمَيْئُوسِ) مِنْهُ وَتَقَدَّمَ.

(وَلَا) يَسْقُطُ (إطْعَامُ مَنْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ) حَتَّى أَدْرَكَهُ رَمَضَانُ آخَرُ (و) لَا إطْعَامَ (غَيْرِهِ) مِمَّا وَجَبَ بِنَذْرٍ أَوْ كَفَّارَةٍ بِالْعَجْزِ (غَيْرَ كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ) فِي

ص: 313