المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب صلاة العيدين] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[باب صلاة العيدين]

لَغَا» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْعَبَثَ يَمْنَعُ الْخُشُوعَ.

(وَكَذَا الشُّرْبُ) يُكْرَهُ حَالَ الْخُطْبَةِ إذَا كَانَ يُسْمَعُ لِأَنَّهُ فِعْلٌ بِهِ أَشْبَهَ مَسَّ الْحَصَى (مَا لَمْ يَشْتَدَّ عَطَشُهُ) فَلَا يُكْرَهُ شُرْبُهُ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ وَجَزَمَ أَبُو الْمَعَالِي بِأَنَّهُ إذَنْ أَوْلَى.

وَفِي الْفُصُولِ ذَكَرَ جَمَاعَةٌ شِرَاءَهُ بَعْدَ الْأَذَانِ يَقْطَعُهُ لِأَنَّهُ بَيْعٌ مَنْهِيٌّ عَنْهُ وَكَذَا شِرَاؤُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ الثَّمَنَ بَعْدَ الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ بَيْعٌ، وَيَتَخَرَّجُ الْجَوَازُ لِلْحَاجَةِ دَفْعًا لِلضَّرَرِ، وَتَحْصِيلًا لِاسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.

(وَمَنْ نَعَسَ سُنَّ انْتِقَالُهُ مِنْ مَكَانِهِ إنْ لَمْ يَتَخَطَّ) أَحَدًا فِي انْتِقَالِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا نَعَسَ أَحَدُكُمْ فِي مَجْلِسِهِ فَلْيَتَحَوَّلْ إلَى غَيْرِهِ» صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ.

(وَلَا بَأْسَ بِشِرَاءِ مَاءِ الطَّهَارَةِ بَعْدَ أَذَانِ الْجُمُعَةِ أَوْ) شِرَاءِ (سُتْرَةٍ) لِعُرْيَانٍ لِلْحَاجَةِ وَيَأْتِي فِي الْبَيْعِ (وَتَأْتِي أَحْكَامُ الْبَيْعِ بَعْدَ النِّدَاءِ) الثَّانِي لِلْجُمُعَةِ (فِي الْبَيْعِ) مُفَصَّلَةً.

" فَائِدَةٌ " يُسْتَحَبُّ لِمَنْ صَلَّى الْجُمُعَةَ أَنْ يَنْتَظِرَ صَلَاةَ الْعَصْرَ فَيُصَلِّيَهَا فِي مَوْضِعِهِ، ذَكَرَهُ فِي الْفُصُولِ وَالْمُسْتَوْعِبِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ الْأَكْثَرُ وَيُسْتَحَبُّ انْتِظَارُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ، لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إنَّكُمْ لَنْ تَزَالُوا فِي صَلَاةٍ مَا انْتَظَرْتُمُوهَا» وَكَلَامُهُ فِي جُلُوسِهِ بَعْدَ فَجْرٍ وَعَصْرٍ إلَى طُلُوعِ شَمْسٍ وَغُرُوبِهَا قَدْ سَبَقَ قَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ مِنْ الْبِدَعِ الْمُنْكَرَةِ كَتْبُ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ الْأَوْرَاقَ الَّتِي يُسَمُّونَهَا حَفَائِظَ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فِي حَالِ الْخُطْبَةِ، لِمَا فِيهِ مِنْ الِاشْتِغَالِ عَنْ اسْتِمَاعِ الْخُطْبَةِ وَالِاتِّعَاظِ بِهَا وَالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الْأَوْقَاتِ وَكِتَابَةُ مَا لَا يُعْرَفُ مَعْنَاهُ كعسهلون وَنَحْوِهِ وَقَدْ يَكُونُ دَالًّا عَلَى مَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَا مَشْرُوعٍ وَلَمْ يُنْقَلْ ذَلِكَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ " خَاتِمَةٌ " رَوَى ابْنُ السُّنِّيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «مَنْ قَرَأَ إذَا سَلَّمَ الْإِمَامُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَبْلَ أَنْ يَثْنِيَ رِجْلَيْهِ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ سَبْعًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ وَأُعْطِيَ مِنْ الْأَجْرِ بِعَدَدِ مَنْ آمَنَ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ» .

[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

(بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ) أَيْ صِفَتِهَا وَأَحْكَامِهَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ سُمِّيَ الْيَوْمُ الْمَعْرُوفُ عِيدًا لِأَنَّهُ يَعُودُ وَيَتَكَرَّرُ لِأَوْقَاتِهِ وَقِيلَ لِأَنَّهُ يَعُودُ بِالْفَرَحِ وَالسُّرُورِ وَقِيلَ: تَفَاؤُلًا لِيَعُودَ ثَانِيَةً كَالْقَافِلَةِ،

ص: 49

وَهُوَ مِنْ عَادَ يَعُودُ فَهُوَ الِاسْمُ مِنْهُ كَالْقِيلِ مِنْ الْقَوْلِ وَصَارَ عَلَمًا عَلَى الْيَوْمِ الْمَخْصُوصِ لِمَا تَقَدَّمَ وَجُمِعَ عَلَى أَعْيَادٍ بِالْيَاءِ وَأَصْلُهُ الْوَاوُ لِلُزُومِهَا فِي الْوَاحِدِ وَقِيلَ: لِلْفَرْقِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَعْوَادِ الْخَشَبِ (وَهِيَ) أَيْ صَلَاةُ الْعِيدَيْنِ مَشْرُوعَةٌ إجْمَاعًا لِمَا يَأْتِي وَ (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2] هِيَ صَلَاةُ الْعِيدِ فِي قَوْلِ عِكْرِمَةَ وَعَطَاءٍ وَقَتَادَةَ قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي السِّيَرِ وَكَانَ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ يُدَاوِمُونَ عَلَيْهَا وَلِأَنَّهَا مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ الظَّاهِرَةِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً كَالْجِهَادِ، بِدَلِيلِ قَتْلِ تَارِكِهَا وَلَمْ تَجِبْ عَلَى الْأَعْيَانِ لِحَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَرُوِيَ أَنَّ أَوَّلَ صَلَاةِ عِيدٍ صَلَّاهَا النَّبِيُّ عِيدُ الْفِطْرِ، فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ، وَوَاظَبَ عَلَى صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ حَتَّى مَاتَ (إنْ تَرَكَهَا أَهْلُ بَلَدٍ) يَبْلُغُونَ أَرْبَعِينَ بِلَا عُذْرٍ (قَاتَلَهُمْ الْإِمَامُ) كَالْأَذَانِ، لِأَنَّهَا مِنْ شَعَائِرِ الْإِسْلَامِ الظَّاهِرَةِ وَفِي تَرْكِهَا تَهَاوُنٌ بِالدِّينِ.

(وَكُرِهَ أَنْ يَنْصَرِفَ مَنْ حَضَرَ) مُصَلَّى الْعِيدِ (وَيَتْرُكَهَا) كَتَفْوِيتِهِ حُصُولِ أَجْرِهَا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ.

(وَوَقْتُهَا كَصَلَاةِ الضُّحَى) مِنْ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ قَيْدَ رُمْحٍ إلَى قُبَيْلِ الزَّوَالِ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَمَنْ بَعْدَهُ لَمْ يُصَلُّوهَا إلَّا بَعْدَ ارْتِفَاعِ الشَّمْسِ، بِدَلِيلِ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَنَّ الْأَفْضَلُ فِعْلُهَا فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَلَمْ يَكُنْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ إلَّا الْأَفْضَلَ وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَغْدُو إلَى الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى حِينَ تَطْلُعُ الشَّمْسُ فَيَتِمُّ طُلُوعُهَا وَكَانَ يَفْتَتِحُ الصَّلَاةَ إذَا حَضَرَ» وَ (لَا) يَدْخُلُ وَقْتُ الْعِيدِ (بِطُلُوعِ الشَّمْسِ) قَبْلَ ارْتِفَاعِهَا قَيْدَ رُمْحٍ لِأَنَّهُ وَقْتٌ نُهِيَ عَنْ الصَّلَاةِ فِيهِ فَلَمْ يَكُنْ وَقْتًا لِلْعِيدِ كَمَا قَبْلَ طُلُوعِهَا (فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْعِيدِ إلَّا بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ أَخَّرُوهَا) وَلَوْ (لِغَيْرِ عُذْرٍ خَرَجَ مِنْ الْغَدِ فَصَلَّى بِهِمْ قَضَاءً وَلَوْ أَمْكَنَ) قَضَاؤُهَا (فِي يَوْمِهَا) لِمَا رَوَى أَبُو عُمَيْرِ بْنُ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنْ الْأَنْصَارِ قَالَ «غُمَّ عَلَيْنَا هِلَالُ شَوَّالٍ، فَأَصْبَحْنَا صِيَامًا فَجَاءَ رَكْبٌ فِي آخِرِ النَّهَارِ فَشَهِدُوا إنَّهُمْ رَأَوْا الْهِلَالَ بِالْأَمْسِ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا مِنْ يَوْمِهِمْ، وَأَنْ يَخْرُجُوا غَدًا لِعِيدِهِمْ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَحَسَّنَهُ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا تُصَلَّى غَيْرَ يَوْمِ الْعِيدِ قَالَ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ " سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْلَى أَنْ تُتَّبَعَ " وَحَدِيثُ أَبِي عُمَيْرٍ صَحِيحٌ فَالْمَصِيرُ إلَيْهِ وَاجِبٌ وَكَالْفَرَائِضِ (وَكَذَا لَوْ مَضَى أَيَّامٌ) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ

ص: 50

فَتُقْضَى قِيَاسًا عَلَى مَا سَبَقَ.

(وَيُسَنُّ تَقْدِيمُ صَلَاةِ الْأَضْحَى، بِحَيْثُ يُوَافِقُ مَنْ بِمِنًى فِي ذَبْحِهِمْ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَتَأْخِيرُ صَلَاةِ الْفِطْرِ) لِمَا رَوَى الشَّافِعِيُّ مُرْسَلًا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَتَبَ إلَى عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ: أَنْ عَجِّلْ الْأَضْحَى وَأَخِّرْ الْفِطْرَ وَذَكِّرْ النَّاسَ» وَلِأَنَّهُ يَتَّسِعُ بِذَلِكَ وَقْتُ الْأُضْحِيَّةِ وَوَقْتُ صَدَقَةِ الْفِطْرِ.

(وَ) يُسَنُّ (الْأَكْلُ فِيهِ) أَيْ عِيدِ الْفِطْرِ (قَبْلَ الْخُرُوجِ إلَيْهَا) أَيْ الصَّلَاةِ (تَمَرَاتٍ وِتْرًا) لِقَوْلِ بَرِيرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يُفْطِرَ وَلَا يَطْعَمُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يُصَلِّيَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَقَوْلُ أَنَسٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ مُنْقَطِعَةٍ «وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا» .

وَفِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَكْلُ فِيهِ (آكَدُ مِنْ الْإِمْسَاكِ فِي الْأَضْحَى، وَ) يُسَنُّ (الْإِمْسَاكُ فِي الْأَضْحَى حَتَّى يُصَلِّيَ) لِمَا تَقَدَّمَ (لِيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ وَالْأَوْلَى مِنْ كَبِدِهَا) لِأَنَّهُ أَسْرَعُ تَنَاوُلًا وَهَضْمًا (إنْ كَانَ يُضَحِّي وَإِلَّا خُيِّرَ) بَيْنَ أَكْلِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ وَبَعْدَهَا نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ بَرِيرَةَ «وَكَانَ لَا يَأْكُلُ يَوْمَ النَّحْرِ حَتَّى يَرْجِعَ فَيَأْكُلَ مِنْ أُضْحِيَّتِهِ» وَإِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَبْحٌ لَمْ يُبَالِ أَنْ يَأْكُلَ.

(وَ) يُسَنُّ (الْغُسْلُ) لِلْعِيدِ فِي يَوْمِهَا وَهُوَ لِلصَّلَاةِ فَيَفُوتُ بِفَوَاتِهَا وَتَقَدَّمَ (وَ) يُسَنُّ (تَبْكِيرُ مَأْمُومٍ إلَيْهَا بَعْدَ صَلَاةِ الصُّبْحِ) لِيَحْصُلَ لَهُ الدُّنُوُّ مِنْ الْإِمَامِ مِنْ غَيْرِ تَخَطٍّ، وَانْتِظَارِ الصَّلَاةِ فَيَكْثُرُ ثَوَابُهُ، وَيَكُونُ (مَاشِيًا إنْ لَمْ يَكُنْ عُذْرٌ) لِمَا رَوَى الْحَارِثُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ مِنْ السُّنَّةِ أَنْ يَخْرُجَ إلَى الْعِيدِ مَاشِيًا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: الْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَقَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إنْ كَانَ الْبَلَدُ ثَغْرًا اُسْتُحِبَّ الرُّكُوبُ وَإِظْهَارُ السِّلَاحِ.

(وَ) يُسَنُّ (دُنُوٌّ مِنْ الْإِمَامِ) أَيْ قُرْبُهُ مِنْهُ كَالْجُمُعَةِ.

(وَ) يُسَنُّ (تَأَخُّرُ إمَامٍ إلَى) وَقْتِ (الصَّلَاةِ) لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ يَوْمَ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى فَأَوَّلُ شَيْءٍ يَبْدَأُ بِهِ الصَّلَاةُ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ (وَلَا بَأْسَ بِالرُّكُوبِ فِي الْعَوْدِ) لِقَوْلِ عَلِيٍّ " ثُمَّ تَرْكَبُ إذَا رَجَعْت ".

(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يَخْرُجَ عَلَى أَحْسَنِ هَيْئَةٍ مِنْ لِبْسٍ وَتَطَيُّبٍ وَنَحْوِهِ) كَتَنَظُّفٍ لِمَا رَوَى جَابِرٌ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَعْتَمُّ وَيَلْبَسُ بُرْدَهُ الْأَحْمَرَ فِي الْعِيدَيْنِ وَالْجُمُعَةِ» رَوَاهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ «كَانَتْ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم حُلَّةٌ يَلْبَسُهَا فِي الْعِيدَيْنِ وَيَوْمِ الْجُمُعَةِ» رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ، وَكَالْجُمُعَةِ.

(وَالْإِمَامُ بِذَلِكَ آكَدُ) لِأَنَّهُ مَنْظُورٌ إلَيْهِ مِنْ

ص: 51

بَيْنِ سَائِرِ النَّاسِ (غَيْرَ مُعْتَكِفٍ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ وَلَوْ) كَانَ (الْإِمَامُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَا عَلَى أَحَدِكُمْ أَنْ يَكُونَ لَهُ ثَوْبَانِ سِوَى ثَوْبَيْ مِهْنَتِهِ لِجُمُعَتِهِ وَعِيدِهِ» إلَّا الْمُعْتَكِفَ فَإِنَّهُ يَخْرُجُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ وَلِأَنَّهُ أَثَرُ عِبَادَةٍ فَاسْتُحِبَّ، لَهُ بَقَاؤُهُ كَالْخُلُوفِ.

(وَإِنْ كَانَ الْمُعْتَكِفُ فَرَغَ مِنْ اعْتِكَافِهِ قَبْلَ لَيْلَةِ الْعِيدِ اُسْتُحِبَّ لَهُ الْمَبِيتُ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي الْمَسْجِدِ؟) لِيُحْيِيَهَا.

(وَ) يُسْتَحَبُّ (الْخُرُوجُ مِنْهُ) أَيْ الْمَسْجِدِ (إلَى الْمُصَلَّى) لِصَلَاةِ الْعِيدِ.

(وَ) يُسَنُّ يَوْمَ الْعِيدَيْنِ (التَّوْسِعَةُ عَلَى الْأَهْلِ وَالصَّدَقَةُ) عَلَى الْفُقَرَاءِ لِيُغْنِيَهُمْ عَنْ السُّؤَالِ.

(وَإِذَا غَدَا) الْمُصَلِّي (مِنْ طَرِيقٍ سُنَّ رُجُوعُهُ فِي أُخْرَى) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ إذَا خَرَجَ إلَى الْعِيدِ خَالَفَ الطَّرِيقَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَعِلَّتُهُ: لِتَشْهَدَ لَهُ الطَّرِيقَانِ، أَوْ لِمُسَاوَاتِهِ لَهُمَا فِي التَّبَرُّكِ بِمُرُورِهِ وَالسُّرُورِ بِرُؤْيَتِهِ، أَوْ لِتَتَبَرَّكَ الطَّرِيقَانِ بِوَطْئِهِ عَلَيْهِمَا أَوْ لِزِيَادَةِ الْأَجْرِ بِالسَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الطَّرِيقِ الْآخَرِ أَوْ لِتَحْصُلَ الصَّدَقَةُ عَلَى الْفُقَرَاءِ مِنْ أَهْلِ الطَّرِيقَيْنِ.

(وَكَذَا جُمُعَةٌ) إذَا ذَهَبَ إلَيْهَا مِنْ طَرِيقٍ سُنَّ لَهُ الْعَوْدُ مِنْ أُخْرَى لِمَا سَبَقَ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَلَا يَمْتَنِعُ ذَلِكَ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْجُمُعَةِ وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ: الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُخَالَفَةَ فِيهِ أَيْ، الْعِيدِ شُرِعَتْ لِمَعْنًى خَاصٍّ فَلَا يَلْتَحِقُ بِهِ غَيْرُهُ.

(وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (شُرُوطُ الْجُمُعَةِ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَهَا خُطْبَةٌ رَاتِبَةٌ أَشْبَهَتْ الْجُمُعَةَ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم وَافَقَ الْعِيدَ فِي حَجَّتِهِ وَلَمْ يُصَلِّ.

(وَ) يُشْتَرَطُ (لِصِحَّتِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (اسْتِيطَانُ) أَرْبَعِينَ (وَعَدَدُ الْجُمُعَةِ) لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: إذَا قُلْنَا مِنْ شَرْطِهَا الْعَدَدُ وَكَانَتْ قَرْيَةٌ إلَى جَانِبِ قَرْيَةٍ، أَوْ مِصْرٍ تُصَلَّى فِيهِ الْعِيدُ لَزِمَهُمْ السَّعْيُ إلَى الْعِيدِ سَوَاءٌ كَانُوا يَسْمَعُونَ النِّدَاءَ أَمْ لَا لِأَنَّ الْجُمُعَةَ إنَّمَا لَمْ يَلْزَمْ إتْيَانُهَا مَعَ عَدَمِ السَّمَّاعِ لِتَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الْعِيدِ فَإِنَّهُ لَا يَتَكَرَّرُ فَلَا يَشُقُّ إتْيَانُهُ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الشَّرْحِ قَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَ (لَا) يُشْتَرَطُ لَهَا (إذْنُ إمَامٍ) كَالْجُمُعَةِ (فَلَا تُقَامُ) الْعِيدُ (إلَّا حَيْثُ تُقَامُ) الْجُمُعَةُ، لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَفْعَلُهَا الْمُسَافِرُ وَالْعَبْدُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُنْفَرِدُ تَبَعًا) لِأَهْلِ وُجُوبِهَا (لَكِنْ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَقْضِيَهَا مَنْ فَاتَتْهُ) مَعَ الْإِمَامِ (كَمَا يَأْتِي) مُوَضَّحًا.

(وَلَا بَأْسَ بِحُضُورِهَا النِّسَاءُ غَيْرَ مُطَيَّبَاتٍ وَلَا لَابِسَاتٍ ثِيَابَ زِينَةٍ أَوْ شُهْرَةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَلْيَخْرُجْنَ تَفِلَاتٍ» (وَيَعْتَزِلْنَ الرِّجَالَ) فَلَا يَخْتَلِطْنَ بِهِمْ (وَيَعْتَزِلُ الْحُيَّضُ الْمُصَلَّى) لِلْخَبَرِ (بِحَيْثُ يَسْمَعْنَ) الْخُطْبَةَ لِيَحْصُلَ الْمَقْصُودُ.

(وَتُسَنُّ) صَلَاةُ

ص: 52

الْعِيدَيْنِ (فِي صَحْرَاءَ قَرِيبَةٍ عُرْفًا) نَقَلَ حَنْبَلٌ: الْخُرُوجُ إلَى الْمُصَلَّى أَفْضَلُ، إلَّا ضَعِيفًا أَوْ مَرِيضًا لِقَوْلِ أَبِي سَعِيدٍ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَخْرُجُ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى إلَى الْمُصَلَّى» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَذَلِكَ الْخُلَفَاءُ بَعْدَهُ وَلِأَنَّهُ أَوْقَعُ لِهَيْبَةِ الْإِسْلَامِ وَأَظْهَرُ لِشَعَائِرِ الدِّينِ وَلَا مَشَقَّةَ فِي ذَلِكَ، لِعَدَمِ تَكَرُّرِهَا بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا فِي مُعْظَمِ الْأَمْصَارِ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَخْلِفَ مَنْ يُصَلِّي بِضَعَفَةِ النَّاسِ فِي الْمَسْجِدِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِفِعْلِ عَلِيٍّ، حَيْثُ اسْتَخْلَفَ أَبَا مَسْعُودٍ الْبَدْرِيَّ رَوَاهُ سَعِيدٌ.

(وَيَخْطُبُ بِهِمْ إنْ شَاءُوا، وَهُوَ الْمُسْتَحَبُّ) لِيَكْمُلَ حُصُولُ مَقْصُودِهِمْ.

(وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُصَلُّوا قَبْلَ الْإِمَامِ) قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ (وَإِنْ صَلَّوْا قَبْلَهُ فَلَا بَأْسَ) لِأَنَّهُمْ مِنْ أَهْلِ الْوُجُوبِ (وَأَيُّهُمَا سَبَقَ) بِالصَّلَاةِ (سَقَطَ الْفَرْضُ بِهِ وَجَازَتْ التَّضْحِيَةُ) لِأَنَّهَا صَلَاةٌ صَحِيحَةٌ (وَتَنُوبُهُ الْمَسْبُوقَةُ نَفْلًا) لِسُقُوطِ الْفَرْضِ بِالسَّابِقَةِ.

(وَتُكْرَهُ) صَلَاةُ الْعِيدِ (فِي الْجَامِعِ) لِمُخَالَفَةِ فِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم (بِلَا عُذْرٍ) فَإِنْ كَانَ عُذْرٌ لَمْ تُكْرَهْ فِيهِ لِقَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ «أَصَابَنَا مَطَرٌ فِي يَوْمِ عِيدٍ فَصَلَّى بِنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَفِيهِ لِينٌ (إلَّا بِمَكَّةَ) الْمُشَرَّفَةَ (فَتُسَنُّ) صَلَاةُ الْعِيدِ (فِي الْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ لِمُعَايَنَةِ الْكَعْبَةِ وَذَلِكَ مِنْ أَكْبَرِ شَعَائِرِ الدِّينِ.

(وَيَبْدَأُ بِالصَّلَاةِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ «كَانَ النَّبِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ قَبْلَ الْخُطْبَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (فَلَوْ خَطَبَ قَبْلَ الصَّلَاةِ لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا) كَمَا لَوْ خَطَبَ فِي الْجُمُعَةِ بَعْدَهَا وَقَدْ رُوِيَ عَنْ بَنِي أُمَيَّةَ تَقْدِيمُ الْخُطْبَةِ قَالَ الْمُوَفَّقُ وَلَمْ يَصِحَّ عَنْ عُثْمَانَ.

(فَيُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ) إجْمَاعًا، لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ يَوْمَ الْفِطْرِ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» .

وَلِقَوْلِ عُمَرَ " صَلَاةُ الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى رَكْعَتَانِ رَكْعَتَانِ تَمَامٌ غَيْرُ قَصْرٍ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ وَقَدْ خَابَ مَنْ افْتَرَى رَوَاهُ أَحْمَدُ.

(يُكَبِّرُ تَكْبِيرَةَ الْإِحْرَامِ، ثُمَّ يَسْتَفْتِحُ) لِأَنَّ الِاسْتِفْتَاحَ لِأَوَّلِ الصَّلَاةِ (ثُمَّ يُكَبِّرُ سِتًّا زَوَائِدَ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَبَّرَ فِي عِيدٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ تَكْبِيرَةً، سَبْعًا فِي الْأُولَى وَخَمْسًا فِي الْآخِرَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ حَدِيثٌ حَسَنٌ وَهُوَ أَحْسَنُ حَدِيثٍ فِي الْبَابِ وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ قَالَ أَبِي أَنَا أَذْهَبُ إلَى هَذَا وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْمَدِينِيِّ.

وَفِي رِوَايَةٍ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «التَّكْبِيرُ

ص: 53

سَبْعٌ فِي الْأُولَى وَخَمْسٌ فِي الْآخِرَةِ وَالْقِرَاءَةُ بَعْدَهُمَا كِلْتَيْهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالدَّارَقُطْنِيّ وَقَالَ أَحْمَدُ: اخْتَلَفَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّكْبِيرِ وَكُلُّهُ جَائِزٌ وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: لَيْسَ يُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي التَّكْبِيرِ فِي الْعِيدَيْنِ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

(قَبْلَ التَّعَوُّذِ، ثُمَّ يَتَعَوَّذُ عَقِبَ) التَّكْبِيرَةِ (السَّادِسَةِ) لِأَنَّ التَّعَوُّذَ لِلْقِرَاءَةِ، فَيَكُونُ عِنْدَهَا (بِلَا ذِكْرٍ) بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ لِأَنَّ الذِّكْرَ إنَّمَا هُوَ بَيْنَ التَّكْبِيرَتَيْنِ وَلَيْسَ بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ تَكْبِيرٌ (ثُمَّ يَشْرَعُ فِي الْقِرَاءَةِ وَيُكَبِّرُ فِي الثَّانِيَةِ بَعْدَ قِيَامِهِ مِنْ السُّجُودِ وَقَبْلَ قِرَاءَتِهَا خَمْسًا زَوَائِدَ) لِمَا تَقَدَّمَ (يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ كُلِّ تَكْبِيرَةٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ مَعَ التَّكْبِيرِ» قَالَ أَحْمَدُ: فَأَرَى أَنْ يَدْخُلَ فِيهِ هَذَا كُلُّهُ وَعَنْ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَرْفَعُ يَدَيْهِ فِي كُلِّ تَكْبِيرَةٍ فِي الْجِنَازَةِ وَالْعِيدِ " وَعَنْ زَيْدٍ كَذَلِكَ رَوَاهُمَا الْأَثْرَمُ.

(وَيَقُولُ بَيْنَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ) زَائِدَتَيْنِ (اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا، وَسُبْحَانَ اللَّهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى مُحَمَّدٍ النَّبِيِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا) لِمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ قَالَ: سَأَلْت ابْنَ مَسْعُودٍ عَمَّا يَقُولُهُ بَعْدَ تَكْبِيرَاتِ الْعِيدِ قَالَ " يَحْمَدُ اللَّهَ وَيُثْنِي عَلَيْهِ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ يَدْعُو وَيُكَبِّرُ " الْحَدِيثَ وَفِيهِ: فَقَالَ حُذَيْفَةُ وَأَبُو مُوسَى " صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَحَرْبٌ وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ وَلِأَنَّهَا تَكْبِيرَاتٌ حَالَ الْقِيَامِ فَاسْتُحِبَّ أَنْ يَتَخَلَّلهَا ذِكْرٌ، كَتَكْبِيرَاتِ الْجِنَازَةِ.

(وَإِنْ أَحَبَّ قَالَ غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ الذِّكْرِ (إذْ لَيْسَ فِيهِ ذِكْرٌ مُؤَقَّتٌ) أَيْ مَحْدُودٌ لِأَنَّ الْفَرْضَ الذِّكْرُ بَيْنَ التَّكْبِيرِ فَلِهَذَا نَقَلَ حَرْبٌ: أَنَّ الذِّكْرَ غَيْرُ مُؤَقَّتٍ.

(وَلَا يَأْتِي بَعْدَ التَّكْبِيرَةِ الْأَخِيرَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بِذِكْرٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ، نَسِيَ التَّكْبِيرَ أَوْ شَيْئًا مِنْهُ، حَتَّى شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ لَمْ يَعُدْ إلَيْهِ) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا أَشْبَهَ مَا لَوْ نَسِيَ الِاسْتِفْتَاحَ أَوْ التَّعَوُّذَ حَتَّى شَرَعَ فِي الْقِرَاءَةِ، أَوْ نَسِيَ قِرَاءَةَ سُورَةٍ حَتَّى رَكَعَ وَلِأَنَّهُ إنْ أَتَى بِالتَّكْبِيرَاتِ ثُمَّ عَادَ إلَى الْقِرَاءَةِ فَقَدْ أَلْغَى فَرْضًا يَصِحُّ أَنْ يُعْتَدَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى الْقِرَاءَةِ فَقَدْ حَصَلَتْ التَّكْبِيرَاتُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهَا.

(وَكَذَا إنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ

ص: 54

قَائِمًا بَعْدَ التَّكْبِيرِ الزَّائِدِ أَوْ بَعْضِهِ لَمْ يَأْتِ بِهِ) لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ، وَكَمَا لَوْ أَدْرَكَهُ رَاكِعًا.

(يَقْرَأُ فِي) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى بَعْدَ الْفَاتِحَةِ بِسَبِّحْ، وَفِي) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ) بَعْدَ الْفَاتِحَةِ (بِالْغَاشِيَةِ) لِحَدِيثِ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ بِ سَبِّحْ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَلِابْنِ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ مِثْلُهُ وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ وَأَنَسٍ لِأَنَّ فِيهِ حَثًّا عَلَى الصَّدَقَةِ وَالصَّلَاةِ فِي قَوْلِهِ {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14]{وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى} [الأعلى: 15] هَكَذَا فَسَّرَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ.

(وَيَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ) لِمَا رَوَى الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ فِي الْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ» .

(فَإِذَا سَلَّمَ مِنْ الصَّلَاةِ خَطَبَهُمْ خُطْبَتَيْنِ) وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ الْخُطْبَةُ عَنْ الصَّلَاةِ لِأَنَّهَا لَمَّا لَمْ تَكُنْ وَاجِبَةً جُعِلَتْ فِي وَقْتٍ يَتَمَكَّنُ مَنْ أَرَادَ تَرْكَهَا بِخِلَافِ خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ قَالَهُ الْمُوَفَّقُ (يَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) يَسِيرًا لِلْفَصْلِ، كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ (يَجْلِسُ بَعْدَ صُعُودِهِ الْمِنْبَرَ قَبْلَهُمَا لِيَسْتَرِيحَ) وَيُرَدَّ إلَيْهِ نَفَسُهُ، وَيَتَأَهَّبَ النَّاسُ لِلِاسْتِمَاعِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي خُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.

(وَحُكْمُهُمَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ) فِي جَمِيعِ مَا تَقَدَّمَ (حَتَّى فِي) تَحْرِيمِ (الْكَلَامِ) حَالَ الْخُطْبَةِ نَصَّ عَلَيْهِ (إلَّا التَّكْبِيرَ مَعَ الْخَاطِبِ) فَيُسَنُّ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى وَمَعْنَاهُ فِي الشَّرْحِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَفْتَتِحَ الْأُولَى) مِنْ الْخُطْبَتَيْنِ (قَائِمًا) كَسَائِرِ أَذْكَارِ الْخُطْبَةِ (بِتِسْعِ تَكْبِيرَاتٍ مُتَوَالِيَاتٍ وَ) يَفْتَتِحَ الْخُطْبَةَ (الثَّانِيَةَ بِسَبْعٍ كَذَلِكَ) أَيْ مُتَوَالِيَاتٍ لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ قَالَ " كَانَ يُكَبِّرُ الْإِمَامُ يَوْمَ الْعِيدِ قَبْلَ أَنْ يَخْطُبَ تِسْعَ تَكْبِيرَاتٍ، وَفِي الثَّانِيَةِ سَبْعَ تَكْبِيرَاتٍ "(يَحُثُّهُمْ فِي خُطْبَةِ) عِيدِ (الْفِطْرِ عَلَى الصَّدَقَةِ) أَيْ زَكَاةِ الْفِطْرِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَغْنَوْهُمْ عَنْ السُّؤَالِ فِي هَذَا الْيَوْمِ» .

(وَيُبَيِّنُ لَهُمْ مَا يُخْرِجُونَ) جِنْسًا وَقَدْرًا وَوَقْتَ الْوُجُوبِ وَالْإِخْرَاجِ وَمَنْ تَجِبُ فِطْرَتُهُ أَوْ تُسَنُّ (وَعَلَى مَنْ تَجِبُ) الْفِطْرَةُ.

(وَإِلَى مَنْ تُدْفَعُ) مِنْ الْفُقَرَاءِ وَغَيْرِهِمْ تَكْمِيلًا لِلْفَائِدَةِ (وَيُرَغِّبُهُمْ فِي الْأُضْحِيَّةِ فِي

ص: 55

الْأَضْحَى وَيُبَيِّنُ لَهُمْ حُكْمَهَا) أَيْ مَا يُجْزِئُ مِنْهَا وَمَا لَا يُجْزِئُ وَمَا الْأَفْضَلُ مِنْهَا وَوَقْتَهَا وَنَحْوَ ذَلِكَ لِأَنَّهُ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ذَكَرَ فِي خُطْبَةِ الْأَضْحَى كَثِيرًا مِنْ أَحْكَامِ الْأُضْحِيَّةِ مِنْ رِوَايَةِ أَبِي سَعِيدٍ وَالْبَرَاءِ وَجَابِرٍ وَغَيْرِهِمْ.

(وَالتَّكْبِيرَاتُ الزَّوَائِدُ) سُنَّةٌ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ بِتَرْكِهَا عَمْدًا وَلَا سَهْوًا، بِغَيْرِ خِلَافٍ عَلِمْنَاهُ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (وَالذِّكْرُ بَيْنَهَا) أَيْ بَيْنَ التَّكْبِيرَاتِ الزَّوَائِدِ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ ذِكْرٌ مَشْرُوعٌ بَيْنَ التَّحْرِيمَةِ وَالْقِرَاءَةِ أَشْبَهَ دُعَاءَ الِاسْتِفْتَاحِ فَإِنْ نَسِيَهُ فَلَا سُجُودَ لِلسَّهْوِ.

(وَالْخُطْبَتَانِ سُنَّةٌ لَا يَجِبُ حُضُورُهُمَا وَلَا اسْتِمَاعُهُمَا) لِمَا رَوَى عَطَاءٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ السَّائِبِ قَالَ «شَهِدْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْعِيدَ فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ إنَّا نَخْطُبُ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَجْلِسَ لِلْخُطْبَةِ فَلْيَجْلِسْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَذْهَبَ فَلْيَذْهَبْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ ثِقَاتٌ وَأَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَقَالَا: مُرْسَلٌ وَلَوْ وَجَبَتْ لَوَجَبَ حُضُورُهَا وَاسْتِمَاعُهَا كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ.

(وَيُكْرَهُ التَّنَفُّلُ فِي مَوْضِعِهَا) أَيْ صَلَاةِ الْعِيدِ (قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا) قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عِيدٍ فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُصَلِّ قَبْلَهُمَا وَلَا بَعْدَهُمَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ سَبْعًا وَخَمْسًا وَيَقُولُ: لَا صَلَاةَ قَبْلَهَا وَلَا بَعْدَهَا» رَوَاهُ ابْنُ بَطَّةَ بِإِسْنَادِهِ قَالَ أَحْمَدُ: لَا أَرَى الصَّلَاةَ.

(وَ) يُكْرَهُ أَيْضًا (قَضَاءُ فَائِتَةٍ) فِي مُصَلَّى الْعِيدِ (قَبْلَ مُفَارَقَتِهِ) الْمُصَلَّى (إمَامًا كَانَ أَوْ مَأْمُومًا، فِي صَحْرَاءَ فُعِلَتْ أَوْ فِي مَسْجِدٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِئَلَّا يُقْتَدَى بِهِ.

(وَلَا بَأْسَ بِهِ) أَيْ التَّنَفُّلِ (إذَا خَرَجَ) مِنْ الْمُصَلَّى نَصَّ عَلَيْهِ فِي مَنْزِلِهِ أَوْ غَيْرِهِ، لِمَا رَوَى حَرْبٌ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يُصَلِّي يَوْمَ الْعِيدِ إذَا رَجَعَ إلَى مَنْزِلِهِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ رَكْعَتَيْنِ " وَاحْتَجَّ بِهِ إِسْحَاقُ (أَوْ فَارَقَهُ) أَيْ الْمُصَلِّي (ثُمَّ عَادَ إلَيْهِ) فَلَا يُكْرَهُ تَنَفُّلُهُ (نَصًّا) وَقَضَاءُ الْفَائِتَةِ أَوْلَى لِوُجُوبِهِ.

(وَمَنْ كَبَّرَ قَبْلَ سَلَامِ الْإِمَامِ) الْأَوْلَى (صَلَّى مَا فَاتَهُ عَلَى صِفَتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَا أَدْرَكْتُمْ فَصَلُّوا وَمَا فَاتَكُمْ فَاقْضُوا» وَلِأَنَّهَا أَصْلٌ بِنَفْسِهَا فَتُدْرَكُ بِإِدْرَاكِ التَّشَهُّدِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ وَإِذَا أَدْرَكَ مَعَهُ رَكْعَةً، قَضَى أُخْرَى، وَكَبَّرَ فِيهَا سِتًّا زَوَائِدَ.

(وَيُكَبِّرُ مَسْبُوقٌ) وَمِثْلُهُ مَنْ تَخَلَّفَ عَنْ الْإِمَامِ بِرَكْعَةٍ لِعُذْرٍ.

(وَلَوْ بِنَوْمٍ أَوْ غَفْلَةٍ فِي قَضَاءٍ بِمَذْهَبِهِ، لَا بِمَذْهَبِ إمَامِهِ) لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمُنْفَرِدِ فِي الْقِرَاءَةِ

ص: 56

وَالسَّهْوِ، فَكَذَا فِي التَّكْبِيرِ (وَإِنْ فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ) أَيْ صَلَاةُ الْعِيدِ مَعَ الْإِمَامِ (سُنَّ) لَهُ (قَضَاؤُهَا) عَلَى صِفَتِهَا لِفِعْلِ أَنَسٍ وَلِأَنَّهُ قَضَاءُ صَلَاةٍ فَكَانَ صِفَتُهَا كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.

(فَإِنْ أَدْرَكَهُ فِي الْخُطْبَةِ جَلَسَ فَسَمِعَهَا) أَيْ الْخُطْبَةَ وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ كَانَ بِمَسْجِدٍ، لِأَنَّ صَلَاةَ الْعِيدِ تُفَارِقُ صَلَاةَ الْجُمُعَةِ لِأَنَّ التَّطَوُّعَ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا مَكْرُوهٌ وَقَالَ الْمُوَفَّقُ: إنْ كَانَ بِمَسْجِدٍ صَلَّى تَحِيَّتَهُ، كَالْجُمُعَةِ وَأَوْلَى (ثُمَّ صَلَّاهَا) أَيْ الْعِيدَ (مَتَى شَاءَ قَبْلَ الزَّوَالِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى صِفَتِهَا، وَلَوْ مُنْفَرِدًا) أَوْ فِي جَمَاعَةٍ دُونَ أَرْبَعِينَ (لِأَنَّهَا صَارَتْ تَطَوُّعًا) لِسُقُوطِ فَرْضِ الْكِفَايَةِ بِالطَّائِفَةِ الْأُولَى.

(وَيُسَنُّ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ فِي الْعِيدَيْنِ) قَالَ أَحْمَدُ: كَانَ ابْنُ عُمَرَ يُكَبِّرُ فِي الْعِيدَيْنِ جَمِيعًا.

(وَ) يُسَنُّ (إظْهَارُهُ) أَيْ التَّكْبِيرِ الْمُطْلَقِ (فِي الْمَسَاجِدِ وَالْمَنَازِلِ وَالطُّرُقِ، حَضَرًا وَسَفَرًا فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يَجُوزُ فِيهِ ذِكْرُ اللَّهِ) بِخِلَافِ مَا يُكْرَهُ فِيهِ كَالْحُشُوشِ.

(وَ) يُسَنُّ (الْجَهْرُ بِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (لِغَيْرِ أُنْثَى فِي حَقِّ كُلِّ مَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ مِنْ مُمَيِّزٍ وَبَالِغٍ حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى مِنْ أَهْلِ الْقُرَى وَالْأَمْصَارِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ} [البقرة: 185](وَيَتَأَكَّدُ) التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ (مِنْ ابْتِدَاءِ لَيْلَتَيْ الْعِيدَيْنِ) أَيْ غُرُوبِ شَمْسِ مَا قَبْلَهُمَا لِلْآيَةِ وَقِيَاسُ الْأَضْحَى عَلَى الْفِطْرِ.

(وَ) يَتَأَكَّدُ (فِي الْخُرُوجِ إلَيْهِمَا) أَيْ إلَى الْعِيدَيْنِ، لِاتِّفَاقِ الْآثَارِ عَلَيْهِ (إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ فِيهِمَا) أَيْ الْعِيدَيْنِ لِأَنَّ شَعَائِرَ الْعِيدِ لَمْ تَنْقَضِ فَسُنَّ كَمَا فِي حَالِ الْخُرُوجِ.

(ثُمَّ) إذَا فَرَغَتْ الْخُطْبَةُ (يَقْطَعُ) التَّكْبِيرَ الْمُطْلَقَ لِانْتِهَاءِ وَقْتِهِ (وَهُوَ) أَيْ التَّكْبِيرُ الْمُطْلَقُ (فِي) عِيدِ (الْفِطْرِ آكَدُ) نَصًّا " لِثُبُوتِهِ فِيهِ بِالنَّصِّ.

وَفِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ أَنَّهُ فِي الْأَضْحَى آكَدُ قَالَ لِأَنَّهُ يُشْرَعُ إدْبَارَ الصَّلَوَاتِ، وَإِنَّهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَإِنَّ عِيدَ النَّحْرِ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَكَانُ وَالزَّمَانُ وَعِيدُ النَّحْرِ أَفْضَلُ مِنْ عِيدِ الْفِطْرِ (وَلَا يُكَبَّرُ فِيهِ) أَيْ الْفِطْرِ (إدْبَارَ الصَّلَوَاتِ) بِخِلَافِ الْأَضْحَى (وَفِي الْأَضْحَى يَبْتَدِئُ) التَّكْبِيرُ (الْمُطْلَقُ مِنْ ابْتِدَاءِ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ، وَلَوْ لَمْ يَرَ بَهِيمَةَ الْأَنْعَامِ) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ، لِمَا ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ قَالَ " كَانَ ابْنُ عُمَرَ وَأَبُو هُرَيْرَةَ يَخْرُجَانِ إلَى السُّوقِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ يُكَبِّرَانِ، وَيُكَبِّرُ النَّاسُ بِتَكْبِيرِهِمَا "(إلَى فَرَاغِ الْخُطْبَةِ يَوْمَ النَّحْرِ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَ) التَّكْبِيرُ

ص: 57

(الْمُقَيَّدُ فِيهِ) أَيْ الْأَضْحَى.

(يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ فَجْرِ يَوْمِ عَرَفَةَ، إنْ كَانَ مُحِلًّا) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَبِّرُ فِي صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ إلَى صَلَاةِ الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ حِينَ يُسَلِّمُ مِنْ الْمَكْتُوبَاتِ» .

وَفِي لَفْظٍ كَانَ صلى الله عليه وسلم «إذَا صَلَّى الصُّبْحَ مِنْ غَدَاةِ عَرَفَةَ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ، فَيَقُولُ عَلَى مَكَانِكُمْ وَيَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ» رَوَاهُمَا الدَّارَقُطْنِيّ فَإِنْ قِيلَ: مَدَارُ الْحَدِيثِ عَلَى جَابِرِ بْنِ زَيْدٍ الْجُعْفِيِّ، وَهُوَ ضَعِيفٌ قُلْنَا: قَدْ رَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ وَالثَّوْرِيُّ وَوَثَّقَاهُ وَنَاهِيك بِهِمَا.

وَقَالَ أَحْمَدُ: لَمْ يَتَكَلَّمْ فِي جَابِرٍ فِي حَدِيثِهِ، إنَّمَا تَكَلَّمَ فِيهِ لِرَأْيِهِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ أَقْوَى إسْنَادًا مِنْهُ لِيُتْرَكَ مِنْ أَجْلِهِ وَالْحُكْمُ فِيهِ حُكْمُ فَضِيلَةٍ وَنَدْبٍ، لَا حُكْمَ إيجَابٍ أَوْ تَحْرِيمٍ لِيُشَدَّدَ فِي أَمْرِ الْإِسْنَادِ وَقِيلَ لِأَحْمَدَ: بِأَيِّ حَدِيثٍ تَذْهَبُ فِي ذَلِكَ قَالَ: بِإِجْمَاعِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ مَسْعُودٍ.

(وَإِنْ كَانَ مُحْرِمًا فَ) إنَّهُ يُكَبِّرُ (مِنْ صَلَاةِ ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ) لِأَنَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ مَشْغُولٌ بِالتَّلْبِيَةِ (إلَى الْعَصْرِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمُحِلِّ وَالْمُحْرِمِ لِمَا تَقَدَّمَ (فَلَوْ رَمَى) الْمُحْرِمُ (جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ) مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، فَإِنَّ وَقْتَهَا مِنْ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ كَمَا يَأْتِي (فَعُمُومُ كَلَامِهِمْ: يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ لَمْ يَرْمِ إلَّا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ (حَمْلًا عَلَى الْغَالِبِ) فِي رَمْيِ الْجَمْرَةِ، إذْ هُوَ بَعْدَ الشُّرُوقِ (يُؤَيِّدُهُ لَوْ أَخَّرَ الرَّمْيَ إلَى بَعْدِ صَلَاةِ الظُّهْرِ فَإِنَّهُ يَجْتَمِعُ فِي حَقِّهِ التَّكْبِيرُ وَالتَّلْبِيَةُ فَيَبْدَأُ بِالتَّكْبِيرِ ثُمَّ يُلَبِّي نَصًّا) لِأَنَّ التَّكْبِيرَ مِنْ جِنْسِ الصَّلَاةِ قُلْت: وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الِاسْتِغْفَارِ، وَقَوْلُ: اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ - إلَى آخِرِهِ فَيَكُونُ تَكْبِيرُ الْمُحِلِّ عَقِبَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَرِيضَةً وَتَكْبِيرُ الْمُحْرِمِ عَقِبَ سَبْعَ عَشْرَةَ.

(وَمَنْ، كَانَ عَلَيْهِ سُجُودُ سَهْوٍ أَتَى بِهِ) أَوَّلًا، إمَّا قَبْلَ السَّلَامِ أَوْ بَعْدَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَيَانُهُ (ثُمَّ كَبَّرَ) لِأَنَّهُ مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ (عَقِبَ كُلِّ فَرِيضَةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ: يُكَبِّرُ مِنْ صَلَاةِ الْفَجْرِ يَوْمَ عَرَفَةَ (فِي جَمَاعَةٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ الْأَخْبَارِ.

(وَأُنْثَى كَذَكَرٍ) تُكَبِّرُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ فِي جَمَاعَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَ الرِّجَالِ لَكِنْ لَا تَجْهَرُ بِهِ (وَمُسَافِرٌ كَمُقِيمٍ) فِي التَّكْبِيرِ (وَلَوْ لَمْ يَأْتَمَّ بِمُقِيمٍ) وَمُمَيِّزٌ كَبَالِغٍ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِثْلُهُ صَلَاةٌ مُعَادَةٌ، وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ: أَنْ لَا يُكَبِّرَ، لِأَنَّ صَلَاةَ الصَّبِيِّ يُضْرَبُ عَلَيْهَا بِخِلَافِ نَفْلِ الْبَالِغِ (وَيُكَبِّرُ

ص: 58

مَأْمُومٌ نَسِيَهُ إمَامُهُ) لِيَحُوزَ الْفَضِيلَةَ كَقَوْلِ آمِينَ.

(وَ) يُكَبِّرُ (مَسْبُوقٌ بَعْدَ قَضَائِهِ) مَا فَاتَهُ مِنْ صَلَاتِهِ وَسَلَامِهِ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ ذِكْرٌ مَسْنُونٌ، فَلَا يَتْرُكُهُ الْمَسْبُوقُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْأَذْكَارِ.

(وَ) يُكَبِّرُ (مَنْ قَضَى فِيهَا) أَيْ فِي الْأَيَّامِ الَّتِي يُسَنُّ فِيهَا التَّكْبِيرُ عَقِبَ الْفَرَائِضِ (فَائِتَةً مِنْ أَيَّامِهَا أَوْ مِنْ غَيْرِ أَيَّامِهَا فِي عَامِهِ) أَيْ عَامِ ذَلِكَ الْعِيدِ، إذَا قَضَاهَا جَمَاعَةً، لِأَنَّهَا مَفْرُوضَةٌ فِيهِ وَوَقْتُ التَّكْبِيرِ بَاقٍ وَ (لَا) يُكَبِّرُ مَنْ قَضَى فَائِتَةً (بَعْدَ أَيَّامِهَا، لِأَنَّهَا سُنَّةٌ فَاتَ مَحَلُّهَا) كَالتَّلْبِيَةِ (وَلَا يُكَبِّرُ عَقِبَ نَافِلَةٍ) خِلَافًا لِلْآجُرِّيِّ لِأَنَّهَا صَلَاةٌ لَا تُشْرَعُ لَهَا الْجَمَاعَةُ، أَوْ غَيْرَ مُؤَقَّتَةٍ فَأَشْبَهَتْ الْجِنَازَةَ وَسُجُودَ التِّلَاوَةِ.

(وَلَا) يُكَبِّرُ (مَنْ صَلَّى وَحْدَهُ) لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ " إنَّمَا التَّكْبِيرُ عَلَى مَنْ صَلَّى جَمَاعَةً رَوَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ وَلِأَنَّهُ ذِكْرٌ مُخْتَصٌّ بِوَقْتِ الْعِيدِ فَأَشْبَهَ الْخُطْبَةَ.

(وَيَأْتِي بِهِ) أَيْ التَّكْبِيرِ (الْإِمَامُ مُسْتَقْبِلَ النَّاسِ) أَيْ يَلْتَفِتُ إلَى الْمَأْمُومِينَ ثُمَّ يُكَبِّرُ، لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ «النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُقْبِلُ بِوَجْهِهِ عَلَى أَصْحَابِهِ، وَيَقُولُ عَلَى مَكَانِكُمْ، ثُمَّ يُكَبِّرُ» (وَأَيَّامُ الْعَشْرِ: الْأَيَّامُ الْمَعْلُومَاتُ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ: الْأَيَّامُ الْمَعْدُودَاتُ) ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.

(وَهِيَ) أَيْ أَيَّامُ التَّشْرِيقِ (ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ، بَعْدَ يَوْمِ النَّحْرِ تَلِيهِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ مِنْ تَشْرِيقِ اللَّحْمِ وَهُوَ تَقْدِيدُهُ وَقِيلَ: مِنْ قَوْلِهِمْ: أَشْرَقَ ثَبِيرُ وَقِيلَ: لِأَنَّ الْهَدْيَ لَا يُنْحَرُ حَتَّى تُشْرِقَ الشَّمْسُ وَقِيلَ: هُوَ التَّكْبِيرُ دُبُرَ الصَّلَوَاتِ وَأَنْكَرَهُ أَبُو عُبَيْدٍ.

(وَمَنْ نَسِيَ التَّكْبِيرَ قَضَاهُ، وَلَوْ بَعْدَ كَلَامِهِ مَكَانَهُ فَإِنْ قَامَ) مِنْ مَكَانِهِ (أَوْ ذَهَبَ عَادَ فَجَلَسَ، ثُمَّ كَبَّرَ) لِأَنَّ فِعْلَهُ جَالِسًا فِي مُصَلَّاهُ سُنَّةٌ فَلَا تُتْرَكُ مَعَ إمْكَانِهَا.

(وَإِنْ قَضَاهُ) أَيْ كَبَّرَ (مَاشِيًا فَلَا بَأْسَ) قَالَهُ جَمَاعَةٌ (مَا لَمْ يُحْدِثْ) فَلَا يَقْضِي التَّكْبِيرَ لِأَنَّ الْحَدَثَ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ، وَالذِّكْرُ تَابِعٌ لَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى (أَوْ يَخْرُجْ مِنْ الْمَسْجِدِ) فَلَا يَقْضِيهِ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِالصَّلَاةِ أَشْبَهَ سُجُودَ السَّهْوِ (أَوْ يَطُلْ الْفَصْلُ) فَلَا يَقْضِيهِ لِمَا سَبَقَ (وَلَا يُكَبِّرُ عَقِبَ صَلَاةِ عِيدِ الْأَضْحَى كَالْفِطْرِ) لِأَنَّ الْأَثَرَ إنَّمَا جَاءَ فِي الْمَكْتُوبَاتِ.

(وَصِفَةُ التَّكْبِيرِ: شَفْعًا: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَاَللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ كَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، وَقَالَهُ عَلِيٌّ وَحَكَاهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ عَنْ عُمَرَ قَالَ أَحْمَدُ: اخْتِيَارِي تَكْبِيرُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَذَكَرَ مِثْلَهُ وَقَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا يُكَبِّرُونَ كَذَلِكَ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلِأَنَّهُ تَكْبِيرٌ خَارِجَ الصَّلَاةِ لَهُ تَعَلُّقٌ بِهَا وَلَا يَخْتَصُّ الْحَاجُّ فَأَشْبَهَ الْأَذَانَ.

(وَيُجْزِئُ

ص: 59