الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(اُسْتُحِبَّ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ وَسْمُ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ فِي أَفْخَاذِهَا وَ) وَسْمُ (الْغَنَمِ فِي آذَانِهَا) لِحَدِيثِ أَنَسٍ قَالَ «غَدَوْتُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ لِيُحَنِّكَهُ فَرَأَيْتُهُ فِي يَدِهِ الْمِيسَمُ يَسِمُ إبِلَ الصَّدَقَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَحْمَدَ وَابْنِ مَاجَهْ «وَهُوَ يَسِمُ غَنَمًا فِي آذَانِهَا» وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ وَلِأَنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إلَيْهِ لِتَتَمَيَّزَ عَنْ الضَّوَالِّ، وَلِتُرَدَّ إلَى مَوَاضِعَهَا إذَا شَرَدَتْ وَخُصَّ الْمَوْضِعَانِ لِخِفَّةِ الشَّعْرِ فِيهِمَا وَلِقِلَّةِ أَلَمِ الْوَسْمِ، وَيَأْتِي فِي النَّفَقَاتِ: يَحْرُمُ وَسْمٌ فِي الْوَجْهِ (فَإِنْ كَانَتْ) الْمَوْسُومَةُ (زَكَاةً كُتِبَ " لِلَّهِ " أَوْ زَكَاةٌ " وَإِنْ كَانَتْ جِزْيَةً كُتِبَ " صَغَارٌ " أَوْ جِزْيَةٌ " لِتَتَمَيَّزَ) بِذَلِكَ وَذَكَرَ أَبُو الْمَعَالِي أَنَّ الْوَسْمَ بِحِنَّاءٍ أَوْ قِير: أَفْضَلُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَفِيهِ شَيْءٌ.
[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]
(فَصْل وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ) لِحَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّ الْعَبَّاسَ سَأَلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي تَعْجِيلِ صَدَقَتِهِ قَبْلَ أَنْ تَحِلَّ، فَرَخَّصَ لَهُ فِي ذَلِكَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد، وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي إسْنَادِهِ، وَذَكَرَ أَبُو دَاوُد أَنَّهُ رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ بْنِ مُسْلِمٍ مُرْسَلًا وَأَنَّهُ أَصَحُّ، وَلِأَنَّهُ حَقٌّ مَالِيٌّ أُجِّلَ لِلرِّفْقِ، فَجَازَ تَعْجِيلُهُ قَبْلَ أَجَلِهِ، كَالدَّيْنِ قَالَ الْأَثْرَمُ: هُوَ مِثْلُ الْكَفَّارَةِ قَبْلَ الْحِنْثِ فَيَصِيرُ مِنْ تَقْدِيمِ الْحُكْمِ بَعْدَ وُجُودِ سَبَبِهِ وَقَبْلَ وُجُودِ شَرْطِهِ.
(وَتَرْكُهُ) أَيْ التَّعْجِيلُ (أَفْضَلُ) خُرُوجًا عَنْ الْخِلَافِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ احْتِمَالٌ يُعْتَبَرُ الْمَصْلَحَةُ (لِحَوْلَيْنِ فَأَقَلَّ فَقَطْ) اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ، أَخْرَجَ أَبُو عُبَيْدٍ فِي الْأَمْوَالِ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ " أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَعَجَّلَ مِنْ الْعَبَّاسِ صَدَقَةَ سَنَتَيْنِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَمَّا الْعَبَّاسُ فَهِيَ عَلَيَّ وَمِثْلُهَا مَعَهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (بَعْدَ كَمَالِ النِّصَابِ، لَا قَبْلَهُ) ؛ لِأَنَّهُ سَبَبُهَا فَلَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُهَا عَلَيْهِ كَالتَّكْفِيرِ قَبْلَ الْحَلِفِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي بِغَيْرِ خِلَافٍ نَعْلَمُهُ.
(وَلَا) يَجُوزُ تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ (قَبْلَ السَّوْمِ) أَيْ الشُّرُوعِ فِيهِ إنْ قُلْنَا: إنَّهُ شَرْطٌ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: هَذَا الْمَذْهَبُ اهـ وَالصَّحِيحُ أَنَّ عَدَمَهُ مَانِعٌ، فَيَصِحُّ إنْ تَعَجَّلَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِيهِ كَمَا قَطَعَ بِهِ فِي الشَّرْحِ، وَتَبِعَهُ فِي الْمُنْتَهَى فِي أَوَّلِ زَكَاةِ السَّائِمَةِ
وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ وَغَيْرِهِ وَقَدْ مَنَعَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ تَحَقُّقَ هَذَا الْخِلَافِ وَرَدَّهُ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ بِمَا يَطُولُ فَرَاجِعْهُ فَهُوَ مُفِيدٌ.
(فَلَوْ مَلَكَ) حُرٌّ مُسْلِمٌ (بَعْضَ نِصَابٍ) مِنْ سَائِمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ مَا مَلَكَهُ (أَوْ) عَجَّلَ (زَكَاةَ نِصَابٍ لَمْ يُجْزِئْهُ) لِعَدَمِ وُجُودِ سَبَبِ الزَّكَاةِ.
(وَلَوْ ظَنَّ مَالَهُ أَلْفًا فَعَجَّلَ زَكَاتَهُ فَبَانَ خَمْسَمِائَةٍ أَجْزَأَهُ) الْمُعَجَّلُ (عَنْ عَامَيْنِ) لِتَبَيُّنِ عَدَمِ وُجُوبِ زَكَاةِ الْأَلْفِ عَلَيْهِ وَأَنَّهُ دَفَعَ زِيَادَةً عَمَّا وَجَبَ عَلَيْهِ مَعَ نِيَّةِ التَّعْجِيلِ.
(وَإِنْ أَخَذَ السَّاعِي) مِنْ الْمُزَكِّي (فَوْقَ حَقِّهِ حَسِبَهُ) رَبُّ الْمَالِ (مِنْ حَوْلٍ ثَانٍ) نَصَّ عَلَيْهِ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ يَحْسِبُ مَا أَهْدَاهُ لِلْعَامِلِ مِنْ الزَّكَاةِ أَيْضًا) وَعَنْهُ: لَا يَحْتَسِبُ بِالزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ هَذَا غَصْبٌ اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ وَجَمَعَ الْمُوَفَّقُ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ، فَقَالَ: إنْ كَانَ نَوَى الْمَالِكُ التَّعْجِيلَ اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا وَحَمَلَهُمَا عَلَى ذَلِكَ وَحَمَلَ الْمَجْدُ: رِوَايَةَ الْجَوَازِ عَلَى أَنَّ السَّاعِيَ أَخَذَ الزِّيَادَةَ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ إذَا نَوَى التَّعْجِيلَ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيْهِ وَأَخَذَهَا، لَمْ يُعْتَدَّ بِهَا عَلَى الْأَصَحِّ لِأَنَّهُ أَخَذَهَا غَصْبًا وَحَمَلَ الْقَاضِي الْمَسْأَلَةَ، أَنَّهُ يَحْتَسِبُ بِنِيَّةِ الْمَالِكِ وَقْتَ الْأَخْذِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِئْهُ وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: مَا أَخَذَهُ بِاسْمِ الزَّكَاةِ وَلَوْ فَوْقَ الْوَاجِبِ بِلَا تَأْوِيلٍ، اُعْتُدَّ بِهِ وَإِلَّا فَلَا.
(وَلَيْسَ لِوَلِيِّ رَبِّ الْمَالِ أَنْ يُعَجِّلَ زَكَاتَهُ) أَيْ زَكَاةَ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا فِيهِ الْأَحَظُّ لَهُ فِي مَالِهِ وَهَذَا أَحَدُ وَجْهَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ، وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَهُ ذَلِكَ قَدَّمَهُ فِي تَجْرِيدِ الْعِنَايَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَالْأَصْحَابِ هُنَا وَهُوَ كَالصَّرِيحِ فِيمَا نَقَلَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَابْنِ حَامِدٍ وَالْقَاضِي قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: وَهُوَ الْأُولَى، وَفِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَهُوَ الصَّوَابُ وَصَحَّحَهُ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي حَوَاشِيهِ.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ النِّصَابِ) الْمَوْجُودِ (وَمَا يُنَمِّي فِي حَوْلِهِ أَجْزَأَ) التَّعْجِيلُ (عَنْ النِّصَابِ) لِمَا تَقَدَّمَ (دُونَ النَّمَاءِ) ؛ لِأَنَّهُ عَجَّلَ زَكَاةَ مَا لَيْسَ فِي مِلْكِهِ، فَلَمْ يُوجَدْ السَّبَبُ كَمَا فِي النِّصَابِ الْأَوَّلِ.
(وَيَجُوزُ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الثَّمَرِ بَعْدَ ظُهُورِهِ وَ) تَعْجِيلُ زَكَاةِ الثَّمَرِ (بَعْدَ طُلُوعِ الطَّلْعِ قَبْلَ تَشَقُّقِهِ) وَهُوَ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ.
(وَ) تَعْجِيلُ زَكَاةِ (الزَّرْعِ بَعْدَ نَبَاتِهِ، إذْ ظُهُورُهُ) أَيْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (كَالنِّصَابِ) الَّذِي هُوَ السَّبَبُ (وَإِدْرَاكُهُ) أَيْ الثَّمَرِ وَالزَّرْعِ (كَحَوَلَانِ الْحَوْلِ) فَلِذَلِكَ صَحَّ التَّعْجِيلُ (فَإِنْ عَجَّلَ) زَكَاتَهُ (قَبْلَ طُلُوعِ الطَّلْعِ، وَ) قَبْلَ طُلُوعِ (الْحِصْرِمِ وَ) قَبْلَ (نَبَاتِ الزَّرْعِ، لَمْ يُجْزِئْهُ) ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيمٌ لَهَا قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا.
(وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ النِّصَابِ فَتَمَّ الْحَوْلُ وَهُوَ) أَيْ النِّصَابُ (نَاقِصٌ
قَدْرَ مَا عَجَّلَهُ أَجْزَأَ؛ إذْ الْمُعَجَّلُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ) فِي مِلْكِهِ حَقِيقَةً أَوْ تَقْدِيرًا وَلِهَذَا يَتِمُّ بِهِ النِّصَابُ.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاتَيْنِ مِنْ غَيْرِهَا) لِحَوْلَيْنِ: أَجْزَأَهُ؛ لِبَقَاءِ النِّصَابِ.
(أَوْ) عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (شَاةً مِنْهَا، وَأُخْرَى مِنْ غَيْرِهَا أَجْزَأَهُ عَنْ الْحَوْلَيْنِ) ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّ الْمُعَجَّلَ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ.
(وَ) إنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً (شَاتَيْنِ مِنْهَا) لِحَوْلَيْنِ (لَا يُجْزِئُ عَنْهُمَا وَيَنْقَطِعُ الْحَوْلُ) لِمَا يَأْتِي.
(وَكَذَا لَوْ عَجَّلَ) عَنْ الْأَرْبَعِينَ شَاةً (شَاةً) مِنْهَا (عَنْ الْحَوْلِ الثَّانِي وَحْدَهُ؛ لِأَنَّ مَا عَجَّلَهُ مِنْهُ) أَيْ مَنْ النِّصَابِ (لِلْحَوْلِ الثَّانِي زَالَ مِلْكُهُ عَنْهُ، فَيَنْقُصُ) النِّصَابُ (بِهِ) بِخِلَافِ مَا عَجَّلَهُ عَنْ الْأُولَى لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ (وَإِنْ مَلَكَ شَاةً اسْتَأْنَفَ الْحَوْلَ مِنْ الْكَمَالِ) أَيْ كَمَالِ النِّصَابِ وَكَذَا لَوْ قُلْنَا: يَرْتَجِعُ مَا عَجَّلَهُ وَارْتَجَعَهُ؛ لِأَنَّهُ تَجْدِيدُ مِلْكٍ.
(وَإِنْ عَجَّلَ زَكَاةَ الْمِائَتَيْنِ) مِنْ الْغَنَمِ شَاتَيْنِ (فَنَتَجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ سَخْلَةً لَزِمَتْهُ ثَالِثَةٌ) ؛ لِأَنَّ الْمُعَجَّلَتَيْنِ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودَتَيْنِ فَكَأَنَّ الْحَوْلَ تَمَّ عَلَى مِائَتَيْنِ وَوَاحِدَةٍ وَفِيهَا ثَلَاثُ شِيَاهٍ.
(وَإِنْ عَجَّلَ مِنْ مِائَةٍ وَعِشْرِينَ) شَاةً (وَاحِدَةً ثُمَّ نَتَجَتْ قَبْلَ الْحَوْلِ أُخْرَى لَزِمَهُ إخْرَاجُ) شَاةٍ (ثَانِيَةٍ) لِمَا مَرَّ.
(وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ خَمْسَ عَشْرَةَ مِنْ الْإِبِلِ، وَعَنْ نَتَاجِهَا: بِنْتَ مَخَاضٍ فَنَتَجَتْ مِثْلَهَا) خَمْسَ عَشْرَةَ (لَمْ تُجْزِئْهُ) الْمُعَجَّلَةُ لِشَيْءٍ أَمَّا النَّتَاجُ فَلِعَدَمِ صِحَّةِ تَعْجِيلِ زَكَاتِهِ قَبْلَ وُجُودِهِ وَأَمَّا الْأَصْلُ فَلَمْ يَكُنْ الْوَاجِبُ فِيهِ إذْ ذَاكَ مِنْ جِنْسِهِ (وَيَلْزَمُهُ بِنْتُ مَخَاضٍ) إذَا تَمَّ الْحَوْلُ.
(وَلَوْ عَجَّلَ مُسِنَّةً عَنْ ثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ وَنَتَاجِهَا فَنَتَجَتْ عَشْرًا أَجْزَأَتْ) الْمُعَجَّلَةُ (عَنْ الثَّلَاثِينَ فَقَطْ) لِعَدَمِ صِحَّةِ التَّعْجِيلِ عَنْ النَّتَاجِ (وَيُخْرِجُ لِلْعَشْرِ) النَّتَاجِ (رُبْعَ مُسِنَّةٍ) زَكَاتَهَا.
(وَإِنْ عَجَّلَ عَنْ أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةً، ثُمَّ أَبْدَلَهَا) أَيْ الْأَرْبَعِينَ (بِمِثْلِهَا أَوْ نَتَجَتْ أَرْبَعِينَ سَخْلَةً ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ، أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ الْبَدَلِ وَالسِّخَالِ) لِأَنَّهَا تُجْزِئُ مَعَ بَقَاءِ الْأُمَّهَاتِ عَنْ الْكُلِّ، فَعَنْ أَحَدِهِمَا أَوْلَى.
(وَلَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ مِائَةِ شَاةٍ أَوْ) عَجَّلَ (تَبِيعًا عَنْ ثَلَاثِينَ بَقَرَةً، ثُمَّ نَتَجَتْ الْأُمَّهَاتُ مِثْلَهَا، ثُمَّ مَاتَتْ) الْأُمَّهَاتُ (أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْ النَّتَاجِ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا.
(وَلَوْ نَتَجَ نِصْفُ الشَّاةِ مِثْلَهَا) كَأَنْ نَتَجَتْ عِشْرُونَ مِنْ الْأَرْبَعِينَ أَرْبَعِينَ (ثُمَّ مَاتَتْ أُمَّهَاتُ الْأَوْلَادِ، أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْبَاقِي مِنْ الشِّيَاهِ وَعَنْ النَّتَاجِ (وَلَوْ نَتَجَ نِصْفُ الْبَقَرِ مِثْلَهَا) كَثَلَاثِينَ بَقَرَةً نَتَجَتْ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْهَا ثَلَاثِينَ (ثُمَّ مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ أَجْزَأَ الْمُعَجَّلُ) عَنْ الْبَاقِي، وَعَنْ النَّتَاجِ؛ لِإِجْزَائِهِ مَعَ عَدَمِ الْمَوْتِ، فَأَوْلَى مَعَهُ.
(وَلَوْ عَجَّلَ عَنْ أَحَدِ نِصَابَيْهِ) بِعَيْنِهِ (وَتَلِفَ لَمْ يَصْرِفْهُ إلَى الْآخَرِ) لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ
امْرِئٍ مَا نَوَى» (كَمَا لَوْ عَجَّلَ شَاةً عَنْ خَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ فَتَلِفَتْ) الْإِبِلُ (وَلَهُ أَرْبَعُونَ شَاةً لَمْ يُجْزِئْهُ) مَا عَجَّلَهُ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ الشِّيَاهِ؛ لِعَدَمِ نِيَّتِهِ إيَّاهَا.
(وَلَوْ كَانَتْ لَهُ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَعَجَّلَ خَمْسِينَ) دِرْهَمًا (وَقَالَ: إنْ رَبِحْتُ أَلْفًا قَبْلَ الْحَوْلِ فَهِيَ) أَيْ الْخَمْسُونَ (عَنْهَا) أَيْ عَنْ الْأَلْفِ وَرِبْحُهَا الْأَلْفُ الْأُخْرَى (وَإِلَّا كَانَتْ لِلْحَوْلِ الثَّانِي جَازَ) إنْ جَازَ تَعْجِيلُ زَكَاةِ الرِّبْحِ قَبْلَهُ كَمَا فِي الْإِنْصَافِ وَالْمَذْهَبُ: أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (فَدَفَعَهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا فَمَاتَ قَابِضُهَا أَوْ ارْتَدَّ، أَوْ اسْتَغْنَى مِنْهَا، أَوْ مِنْ غَيْرِهَا، أَجْزَأَتْ عَنْهُ) كَمَا لَوْ عَدِمَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ؛ لِأَنَّهُ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْقَبْضِ؛ لِئَلَّا يَمْتَنِعَ التَّعْجِيلُ.
(وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى غَنِيٍّ أَوْ كَافِرٍ يَعْلَمُ غِنَاهُ) رَاجِعٌ إلَى غَنِيٍّ (أَوْ) يَعْلَمُ (كُفْرَهُ) أَيْ الْكَافِرِ وَكَذَا لَوْ لَمْ يَعْلَمْ لِأَنَّهُ لَا يَخْفَى غَالِبًا بِخِلَافِ الْغَنِيِّ (فَافْتَقَرَ) الْغَنِيُّ (عِنْدَ الْوُجُوبِ أَوْ أَسْلَمَ) الْكَافِرُ عِنْدَ الْوُجُوبِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْهَا إلَى مُسْتَحِقِّهَا، أَشْبَهَ مَا لَوْ لَمْ يَفْتَقِرْ أَوْ يُسْلِمْ.
(وَإِنْ عَجَّلَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (ثُمَّ هَلَكَ الْمَالُ أَوْ نَقَصَ النِّصَابُ أَوْ مَاتَ الْمَالِكُ أَوْ ارْتَدَّ) الْمَالِكُ (قَبْلَ الْحَوْلِ) فَقَدْ بَانَ الْمُخْرَجُ غَيْرَ زَكَاةٍ لِانْقِطَاعِ الْوُجُوبِ بِذَلِكَ، فَإِنْ أَرَادَ الْوَارِثُ الِاحْتِسَابَ بِهَا عَنْ زَكَاةِ حَوْلِهِ لَمْ يَجُزْ وَ (لَمْ يَرْجِعْ) الْمُعَجَّلُ (عَلَى الْمِسْكِينِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّافِعُ) لَهُ (رَبَّ الْمَالِ أَوْ السَّاعِي) وَسَوَاءٌ (أَعْلَمَهُ أَنَّهَا زَكَاةٌ مُعَجَّلَةٌ أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهَا دُفِعَتْ إلَى مُسْتَحِقِّهَا، فَلَمْ يَمْلِكْ اسْتِرْجَاعَهَا لِوُقُوعِهِ نَفْلًا، بِدَلِيلِ مِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا (فَإِنْ كَانَتْ) الزَّكَاةُ الْمُعَجَّلَةُ (بِيَدِ السَّاعِي وَقْتَ التَّلَفِ) أَيْ تَلَفِ النِّصَابِ (رَجَعَ) بِهَا رَبُّهَا لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ، وَمَفْهُومُهُ: أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ إنْ كَانَتْ بِيَدِ الْفَقِيرِ، وَلَا فِيمَا إذَا مَاتَ الْمُعَجِّلُ أَوْ ارْتَدَّ مُطْلَقًا، قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَا رُجُوعَ إلَّا فِيمَا بِيَدِ سَاعٍ عِنْدَ تَلَفٍ.
(وَلَا يَصِحُّ تَعْجِيلُ زَكَاةِ مَعْدِنٍ بِحَالٍ وَلَا) تَعْجِيلُ (مَا يَجِبُ فِي رِكَازٍ؛) لِأَنَّهُ تَعْجِيلٌ لَهَا قَبْلَ وُجُودِ سَبَبِهَا.
(وَلِلْإِمَامِ وَنَائِبِهِ اسْتِسْلَافُ زَكَاةٍ بِرِضَى رَبِّ الْمَالِ) لِقِصَّةِ الْعَبَّاسِ (لَا إجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ التَّعْجِيلُ (فَإِنْ اسْتَسْلَفَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ (فَتَلِفَتْ بِيَدِهِ لَمْ يَضْمَنْهَا، وَكَانَتْ مِنْ ضَمَانِ الْفُقَرَاءِ) فَتَفُوتُ عَلَيْهِمْ (سَوَاءٌ سَأَلَهُ ذَلِكَ) أَيْ الِاسْتِسْلَافَ (الْفُقَرَاءُ أَوْ رَبُّ الْمَالِ، أَوْ لَمْ يَسْأَلْهُ أَحَدٌ؛ لِأَنَّ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ (قَبْضُهَا كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ) فَقَدْ فَعَلَ مَا يَجُوزُ، فَلَمْ يَضْمَنْ (وَإِنْ تَلْفِتْ) الزَّكَاةُ (فِي يَدِ الْوَكِيلِ) أَيْ وَكِيلِ رَبِّ الْمَالِ (قَبْلَ أَدَائِهَا، فَمِنْ ضَمَانِ رَبِّ الْمَالِ) لِعَدَمِ الْإِيتَاءِ الْمَأْمُورِ بِهِ؛ وَلِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيْدِ مُوَكِّلِهِ.
(وَيُشْتَرَطُ لِمِلْكِ الْفَقِيرِ لَهَا)
أَيْ الزَّكَاةِ (وَإِجْزَائِهَا عَنْ رَبِّهَا قَبْضُهُ لَهَا، فَلَا يُجْزِئُ غَدَاءُ الْفُقَرَاءِ وَلَا عَشَاؤُهُمْ) مِنْ الزَّكَاةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِإِيتَاءٍ.
(وَلَا يَقْضِي مِنْهَا دَيْنَ مَيِّتٍ غَرِمَ لِمَصْلَحَةِ نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ) حَكَاهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ إجْمَاعًا (لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (لِقَبُولِهَا، كَمَا لَوْ كَفَّنَهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ.
(وَلَا يَكْفِي إبْرَاءُ الْمَدِينِ مِنْ دَيْنِهِ بِنِيَّةِ الزَّكَاةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمُخْرَجُ عَنْهُ دَيْنًا أَوْ عَيْنَا، وَلَا تَكْفِي الْحَوَالَةُ بِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ إيتَاءً لَهَا، وَكَذَا الْحَوَالَةُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ لَا دَيْنَ لَهُ يُحِيلُ عَلَيْهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْإِذْنِ فِي الْقَبْضِ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ) أَيْ عَزَلَهَا (فَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا الْفَقِيرُ لَزِمَهُ) أَيْ رَبَّ الْمَالِ (بَدَلُهَا) كَمَا قَبْلَ الْعَزْلِ؛ لِعَدَمِ تَعَيُّنِهَا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ الْعَوْدُ فِيهَا إلَى بَدَلِهَا وَلَمْ يَمْلِكْهَا الْمُسْتَحِقُّ كَمَالٍ مَعْزُولٍ لِوَفَاءِ رَبِّ الدَّيْنِ بِخِلَافِ الْأَمَانَةِ.
(وَلَا يَصِحُّ تَصَرُّفُ الْفَقِيرِ) وَبَاقِي أَهْلِ الزَّكَاةِ فِيهَا (قَبْلَ قَبْضِهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِهِ.
(وَلَوْ قَالَ الْفَقِيرُ لِرَبِّ الْمَالِ: اشْتَرِ لِي بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (ثَوْبًا) أَوْ غَيْرَهُ مِنْ حَوَائِجِهِ (وَلَمْ يَقْبِضْهَا) الْفَقِيرُ (مِنْهُ لَمْ يُجْزِئْهُ) ذَلِكَ.
(وَلَوْ اشْتَرَاهُ) أَيْ رَبُّ الْمَالِ الثَّوْبَ (كَانَ) الثَّوْبُ (لِلْمَالِكِ) دُونَ الْفَقِيرِ (وَإِنْ تَلِفَ) الثَّوْبُ (كَانَ مِنْ ضَمَانِهِ) أَيْ الْمَالِكِ، لِمَا سَبَقَ مِنْ أَنَّ الْفَقِيرَ لَا يَمْلِكُهَا إلَّا بِالْقَبْضِ، وَلَوْ وَكَّلَ الْفَقِيرُ رَبَّ الْمَالِ فِي الْقَبْضِ مِنْ نَفْسِهِ، وَأَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ بِهَا بَعْدَ ذَلِكَ ثَوْبًا أَوْ نَحْوَهُ.
(وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ قِيمَةِ زَكَاةِ الْمَالِ وَ) لَا قِيمَةِ (الْفِطْرَةِ طَائِعًا) كَانَ الْمُخْرِجُ (أَوْ مُكْرَهًا، وَلَوْ لِلْحَاجَةِ) صَحَّ ذَلِكَ (مِنْ تَعَذُّرِ الْفَرْضِ وَنَحْوِهِ، أَوْ لِمَصْلَحَةٍ) كَأَنْ تَكُونَ أَنْفَعَ لِلْفُقَرَاءِ، وَتَقَدَّمَ بِدَلِيلِهِ، لَكِنْ مَا هُنَا فِيهِ زِيَادَةٌ، وَتَقَدَّمَ، أَنَّ أَخْذَ السَّاعِي لِلْقِيمَةِ يُجْزِئُ، وَإِنْ لَمْ يَرَهُ الدَّافِعُ.
(وَيَجِبُ عَلَى الْإِمَامِ أَنْ يَبْعَثَ السُّعَاةُ عِنْدَ قُرْبِ) زَمَنِ (الْوُجُوبِ لِقَبْضِ زَكَاةِ الْمَالِ الظَّاهِرِ) وَهُوَ السَّائِمَةُ وَالزَّرْعُ وَالثِّمَارُ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَالْخُلَفَاءَ بَعْدَهُ " كَانُوا يَفْعَلُونَهُ " وَمِنْ النَّاسِ مَنْ لَا يُزَكِّي وَلَا يَعْلَمُ مَا عَلَيْهِ، فَفِي إهْمَالِ ذَلِكَ تَرْكٌ لِلزَّكَاةِ.
(وَيَجْعَلُ حَوْلَ الْمَاشِيَةِ الْمُحَرَّمَ) لِأَنَّهُ أَوَّلُ السَّنَةِ وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ فِي ذَلِكَ، وَمَيْلُهُ إلَى شَهْرِ رَمَضَانَ.
(وَإِنْ أَخَّرَ السَّاعِي قِسْمَةَ زَكَاةٍ عِنْدَهُ بِلَا عُذْرٍ، كَاجْتِمَاعِ الْفُقَرَاءِ، أَوْ) اجْتِمَاعِ (الزَّكَاةِ، لَمْ يَجُزْ) لَهُ ذَلِكَ (وَيَضْمَنُ) مَا تَلِفَ (لِتَفْرِيطِهِ) بِالتَّأْخِيرِ (كَوَكِيلٍ فِي إخْرَاجِهَا يُؤَخِّرُهُ) بِلَا عُذْرٍ.
(وَإِنْ وَجَدَ السَّاعِي مَالًا) زَكَوِيًّا (لَمْ يَحُلْ حَوْلُهُ وَلَمْ يُعَجِّلْهَا رَبُّهُ، وَكَّلَ) السَّاعِي (ثِقَةً فِي قَبْضِهَا عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَصَرْفِهَا فِي مَصْرِفِهَا) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بِذَلِكَ بِلَا تَأْخِيرٍ.
(وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ) أَيْ جَعْلِ السَّاعِي صَرْفَ