الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَحْصُلُ بِالْغُسْلِ مِنْ غَيْرِ مَسٍّ تَنْظِيفٌ وَلَا إزَالَةُ النَّجَاسَةِ، بَلْ رُبَّمَا كَثُرَتْ (أَوْ) مَاتَ (خُنْثَى مُشْكِلٌ) لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرَ وَلَمْ تَحْضُرْهُ أَمَةٌ لَهُ (يُمِّمَ) لِمَا تَقَدَّمَ (بِحَائِلٍ) مِنْ خِرْقَةٍ وَنَحْوِهَا يَلُفُّهَا عَلَى يَدِهِ، فَيُيَمِّمُ بِهَا الْمَيِّتَ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ حَتَّى لَا يَمَسَّهُ.
(وَيَحْرُمُ) أَنْ يُيَمِّمَ (بِدُونِهِ) أَيْ دُونَ الْحَائِلِ (لِغَيْرِ مَحْرَمٍ) لِمَا فِيهِ مِنْ الْمَسِّ (وَرَجُلٌ أَوْلَى بِتَيَمُّمِ خُنْثَى مُشْكِلٍ) مِنْ امْرَأَةٍ، إذَا مَاتَ الْخُنْثَى بَيْنَ رِجَالٍ وَنِسَاءٍ لِأَنَّ الصِّنْفَيْنِ قَدْ اشْتَرَكَا فِي الْمَحْذُورِ وَامْتَازَ الرَّجُلُ بِفَضِيلَةِ الذُّكُورِيَّةِ لَكِنْ إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ وَفِيهِمْ صَبِيٌّ لَا شَهْوَةَ لَهُ عَلَّمُوهُ الْغُسْلَ وَبَاشَرَهُ نَصَّ عَلَيْهِ كَذَا الرَّجُلُ يَمُوتُ مَعَ نِسْوَةٍ فِيهِنَّ صَغِيرَةٌ تُطِيقُ الْغُسْلَ ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ قُلْتُ: وَكَذَا الْخُنْثَى يَمُوتُ مَعَ رِجَالٍ أَوْ نِسْوَةٍ فِيهِنَّ صَغِيرٌ أَوْ صَغِيرَةٌ تُطِيقُهُ (وَإِنْ كَانَتْ لَهُ) أَيْ لِلْخُنْثَى الْمُشْكِلِ (أَمَةٌ غَسَّلَتْهُ) لِأَنَّهُ إنْ كَانَ أُنْثَى فَلَا كَلَامَ وَإِنْ كَانَ ذَكَرًا فَلِأَمَتِهِ أَنْ تُغَسِّلَهُ.
[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]
(فَصْلُ وَإِذَا أَخَذَ) أَيْ شَرَعَ (فِي غُسْلِهِ سَتَرَ عَوْرَتَهُ وُجُوبًا) وَهِيَ مَا بَيْنَ سُرَّتِهِ وَرُكْبَتِهِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَغَيْرِهِ.
وَفِي الْإِنْصَافِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِّهَا انْتَهَى وَعَلَيْهِ: فَيُسْتَرُ مِنْ ابْنِ سَبْعٍ إلَى عَشْرٍ الْفَرْجَانِ فَقَطْ، حَذَرًا مِنْ النَّظَرِ إلَيْهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَلِيٍّ «لَا تُبْرِزْ فَخِذَكَ، وَلَا تَنْظُر إلَى فَخِذِ حَيٍّ وَلَا مَيِّتٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (لَا مَنْ) لَهُ (دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) فَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ مُجَرَّدًا، لِمَا تَقَدَّمَ (ثُمَّ جَرَّدَهُ مِنْ ثِيَابِهِ نَدْبًا) لِأَنَّ ذَلِكَ أَمْكَنُ فِي تَغْسِيلِهِ، وَأَبْلَغُ فِي تَطْهِيرِهِ وَأَشْبَهُ بِغُسْلِ الْحَيِّ وَأَصْوَنُ لَهُ مِنْ التَّنْجِيسِ إذْ يُحْتَمَل خُرُوجُهَا مِنْهُ وَلِفِعْلِ الصَّحَابَةِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِمْ " لَا نَدْرِي أَنُجَرِّدُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَمَا نُجَرِّدُ مَوْتَانَا " وَالظَّاهِرُ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَهُمْ بِهِ، وَأَقَرَّهُمْ عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ (إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَلَا) فَإِنَّهُمْ " لَمَّا اخْتَلَفُوا هَلْ يُجَرِّدُونَهُ أَوْ لَا أَوْقَعَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِمْ النَّوْمَ، حَتَّى مَا مِنْهُمْ رَجُلٌ إلَّا وَذَقَنُهُ فِي صَدْرِهِ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ مُكَلِّمٌ مِنْ نَاحِيَةِ الْبَيْتِ، لَا يَدْرُونَ مَنْ هُوَ: أَنْ غَسِّلُوا الرَّسُولَ صلى الله عليه وسلم وَعَلَيْهِ ثِيَابُهُ فَقَامُوا إلَيْهِ صلى الله عليه وسلم فَغَسَّلُوهُ وَعَلَيْهِ قَمِيصٌ يَصُبُّونَ الْمَاءَ فَوْقَ الْقَمِيصِ، وَيُدَلِّكُونَ، بِالْقَمِيصِ دُونَ أَيْدِيهِمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلِأَنَّ فَضَلَاتِهِ كُلَّهَا طَاهِرَةٌ، فَلَمْ يُخْشَ
تَنْجِيسُ قَمِيصِهِ.
(وَلَوْ غَسَّلَهُ فِي قَمِيصٍ خَفِيفٍ وَاسِعِ الْكُمَّيْنِ جَازَ) قَالَ أَحْمَدُ: يُعْجِبُنِي أَنْ يُغَسَّلَ وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ، يُدْخِلُ يَدَهُ مِنْ تَحْتِ الثَّوْبِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاسِعَ الْكُمَّيْنِ تَوَجَّهَ أَنْ يَفْتِقَ رُءُوسَ الدَّخَارِيصِ وَيُدْخِلَ يَدَهُ مِنْهَا.
(وَ) يُسَنُّ (سَتْرُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ حَالَةَ الْغُسْلِ (عَنْ الْعُيُونِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا كَانَ بِهِ عَيْبٌ يَسْتُرُهُ فِي حَيَاتِهِ أَوْ تَظْهَرُ عَوْرَتُهُ وَكَانَ ابْنُ سِيرِينَ يَسْتَحِبُّ أَنْ يَكُونَ الْبَيْتُ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ الْمَيِّتُ مُظْلِمًا ذَكَرَهُ أَحْمَدُ وَأَنْ يُغَسَّلَ (تَحْتَ سِتْرٍ أَوْ سَقْفٍ وَنَحْوِهِ) كَخَيْمَةٍ، لِئَلَّا يَسْتَقْبِلَ السَّمَاءَ بِعَوْرَتِهِ.
(وَيُكْرَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (لِغَيْرِ حَاجَةٍ حَتَّى الْغَاسِلِ فَلَا يَنْظُرُ إلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ قَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: لِأَنَّ جَمِيعَهُ صَارَ عَوْرَةً) إكْرَامًا لَهُ (فَلِهَذَا شُرِعَ سَتْرُ جَمِيعِهِ) أَيْ بِالتَّكْفِينِ (انْتَهَى) قَالَ: فَيَحْرُمُ نَظَرُهُ.
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْضُرَهُ إلَّا مَنْ يُعِينُ فِي أَمْرِهِ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَ) كُرِهَ (أَنْ يَحْضُرَهُ) أَيْ غُسْلَهُ (غَيْرُ مَنْ يُعِينُ فِي غُسْلِهِ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا حَدَثَ مَا يَكْرَهُ الْحَيُّ أَنْ يَطَّلِعَ مِنْهُ عَلَى مِثْلِهِ وَرُبَّمَا ظَهَرَ مِنْهُ شَيْءٌ هُوَ فِي الظَّاهِرِ مُنْكَرٌ فَيَتَحَدَّثُ بِهِ فَيَكُونُ فَضِيحَةً وَالْحَاجَةُ غَيْرُ دَاعِيَةٍ إلَى حُضُورِهِ بِخِلَافِ مَنْ يُعِينُ الْغَاسِلَ بِصَبٍّ وَنَحْوِهِ (إلَّا وَلِيُّهُ فَلَهُ الدُّخُولُ كَيْفَ شَاءَ) قَالَهُ الْقَاضِي وَابْنُ عَقِيلٍ.
(وَلَا يُغَطِّي وَجْهَهُ) نَقَلَهُ الْجَمَاعَةُ وَالْحَدِيثُ الْمَرْوِيُّ لَا أَصْلَ لَهُ (وَيُسْتَحَبُّ خَضْبُ لِحْيَةِ رَجُلٍ وَرَأْسِ امْرَأَةٍ وَلَوْ غَيْرَ شَائِبَيْنِ بِحِنَّاءٍ) لِقَوْلِ أَنَسٍ " اصْنَعُوا بِمَوْتَاكُمْ مَا تَصْنَعُونَ بِعَرَائِسِكُمْ "(ثُمَّ يَرْفَعُ رَأْسَهُ بِرِفْقٍ فِي أَوَّلِ غُسْلِهِ إلَى قَرِيبٍ مِنْ، جُلُوسِهِ وَلَا يُشَقَّ عَلَيْهِ وَيَعْصِرُ بَطْنَ غَيْرِ حَامِلٍ: بِيَدِهِ) لِيُخْرِج مَا فِي بَطْنِهِ مِنْ نَجَاسَةٍ بِخِلَافِ الْحَامِلِ لِخَبَرٍ رَوَاهُ الْخَلَّالُ.
وَلِأَنَّهُ يُؤْذِي الْحَمْلَ (عَصْرًا رَفِيقًا) لِأَنَّ الْمَيِّتَ فِي مَحَلِّ الشَّفَقَةِ وَالرَّحْمَةِ (وَيُكْثِرُ صَبَّ الْمَاءِ حِينَئِذٍ) لِيَذْهَبَ مَا خَرَجَ وَلَا تَظْهَرُ رَائِحَةٌ (وَيَكُونُ ثَمَّ) أَيْ هُنَاكَ فِي الْمَكَانِ الَّذِي يُغَسَّلُ فِيهِ (بَخُورٌ) عَلَى وَزْن رَسُولٍ لِئَلَّا يَتَأَذَّى بِرَائِحَةِ الْخَارِجِ (ثُمَّ يَلُفُّ) الْغَاسِلُ عَلَى يَدِهِ (خِرْقَةً خَشِنَةً، أَوْ يُدْخِلُهَا) أَيْ يَدَهُ (فِي كِيسٍ فَيُنْجِي بِهَا أَحَدَ فَرْجَيْهِ، ثُمَّ) يَأْخُذُ خِرْقَةً (ثَانِيَةً لِلْفَرَجِ الثَّانِي) فَيُنْجِيهِ بِهَا إزَالَةً لِلنَّجَاسَةِ وَطَهَارَةً لِلْمَيِّتِ مِنْ غَيْرِ تَعَدِّي النَّجَاسَةِ إلَى الْغَاسِلِ وَاعْتَبَرَ لِكُلِّ فَرْجٍ خِرْقَةً، لِأَنَّ كُلَّ خِرْقَةٍ خَرَجَ عَلَيْهَا شَيْءٌ مِنْ النَّجَاسَةِ لَا يُعْتَدُّ بِهَا، إلَّا أَنْ تُغْسَلَ وَظَاهِرُ الْمُقْنِعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا: تَكْفِيهِ خِرْقَةٌ وَقَالَهُ فِي الْمُجَرَّدِ (وَلَا يَحِلُّ مَسُّ عَوْرَة مَنْ لَهُ سَبْعُ سِنِينَ فَأَكْثَرُ)
بِغَيْرِ حَائِلٍ (وَلَا النَّظَرُ إلَيْهَا) لِأَنَّ التَّطْهِيرَ يُمْكِنُ بِدُونِ ذَلِكَ فَأَشْبَهَ حَالَ الْحَيَاةِ وَذَكَرَ الْمَرُّوذِيُّ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ عَلِيًّا حِينَ غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَفَّ عَلَى يَدِهِ خِرْقَةً حِينَ غَسَلَ فَرْجَهُ " (وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَمَسَّ سَائِرَ بَدَنِهِ إلَّا بِخِرْقَةٍ) لِفِعْلِ عَلِيٍّ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَلِيَأْمَنَ مَسَّ الْعَوْرَةِ الْمُحَرَّمِ مَسُّهَا ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ فَحِينَئِذٍ يُعِدُّ الْغَاسِلُ ثَلَاثَ خِرَقٍ، خِرْقَتَيْنِ لِلسَّبِيلَيْنِ، وَالثَّالِثَةَ لِبَقِيَّةِ بَدَنِهِ.
(وَلَا يَجِبُ فِعْلُ الْغُسْلِ فَلَوْ تُرِكَ) الْمَيِّتُ (تَحْتَ مِيزَابٍ وَنَحْوِهِ) مِمَّا يُصَبُّ مِنْهُ الْمَاءُ (وَحَضَرَهُ أَهْلٌ لِغُسْلِهِ) وَهُوَ الْمُسْلِمُ الْعَاقِلُ (وَنَوَى) غُسْلَهُ (وَمَضَى زَمَنُ يُمْكِنُ غُسْلُهُ فِيهِ) يَعْنِي وَعَمَّهُ الْمَاءُ (صَحَّ) ذَلِكَ وَأَجْزَأَ، لِأَنَّ الْقَصْدَ تَعْمِيمُهُ بِالْمَاءِ وَقَدْ حَصَلَ كَالْحَيِّ وَهَذَا يَرُدَّ مَا سَبَقَ فِيمَا إذَا مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ وَعَكْسِهِ.
(ثُمَّ يَنْوِي) غَاسِلُ الْمَيِّتِ بَعْدَ تَجْرِيدِهِ وَسَتْرِ عَوْرَتِهِ وَتَنْجِيَتِهِ (غُسْلَهُ) لِتَعَذُّرِ النِّيَّةِ مِنْ الْمَيِّتِ وَقِيَامِ الْغَاسِلِ مُقَامَهُ.
(وَنِيَّتُهُ) أَيْ الْغُسْلِ (فَرْضٌ) فَلَا يَصِحُّ غُسْلُهُ بِدُونِهَا لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» لَكِنْ عَدَّهَا شَرْطًا أَنْسَبُ بِمَا تَقَدَّمَ (وَكَذَا تَعْمِيمُ بَدَنِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَاءِ فَإِنَّهُ فَرْضٌ كَالْحَيِّ (ثُمَّ يُسَمِّي) الْغَاسِلُ، فَيَقُولُ بِسْمِ اللَّهِ لَا يَقُومُ غَيْرُهَا مُقَامَهَا (وَحُكْمُهَا) أَيْ التَّسْمِيَةِ هُنَا (حُكْمُ تَسْمِيَةِ وُضُوءِ وَغُسْلِ حَيٍّ) فَتَجِبُ مَعَ الذِّكْرِ وَتَسْقُطُ سَهْوًا قِيَاسًا عَلَى الْوُضُوءِ (ثُمَّ يَغْسِلُ) الْغَاسِلُ (كَفَّيْهِ) أَيْ الْمَيِّتِ نَدْبًا كَغُسْلِ الْحَيِّ (وَيَعْتَبِرُ غُسْلَ مَا عَلَيْهِ مِنْ نَجَاسَةٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَطْهِيرُهُ.
وَلَا يَحْصُلُ إلَّا بِذَلِكَ قُلْتُ: وَمُقْتَضَى مَا سَبَقَ فِي الْحَيِّ: لَا يَجِبُ غَسْلُ النَّجَاسَةِ قَبْلَ غُسْلِهِ، إنْ لَمْ تَمْنَعْ وُصُولَ الْمَاءِ، لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ يَرْتَفِعُ حَدَثٌ قَبْلَ زَوَالِ حُكْمِ خَبَثٍ (وَلَا يَكْفِي مَسْحُهَا) أَيْ النَّجَاسَةِ (وَلَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَيْهَا) بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْغُسْلِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ عَلَى السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا لَكِنْ قَالَ فِي مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَتَعَدَّ الْخَارِجُ، أَيْ مِنْ السَّبِيلَيْنِ مَوْضِعَ الْعَادَةِ فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَكْفِي فِيهِ الِاسْتِجْمَارُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُدْخِلَ أُصْبُعَهُ السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ عَلَيْهِمَا خِرْقَةٌ) صِيَانَةً لِلْيَدِ وَإِكْرَامًا لِلْمَيِّتِ (خَشِنَةً مَبْلُولَةً بِالْمَاءِ بَيْنَ شَفَتَيْهِ، فَيَمْسَحُ أَسْنَانَهُ وَ) فِي (مَنْخِرَيْهِ وَيُنَظِّفُهُمَا) لِإِزَالَةِ مَا عَلَى تِلْكَ الْأَعْضَاءِ مِنْ الْأَذَى (وَلَا يُدْخِلُهُ) أَيْ الْمَاءَ (فِيهِمَا) أَيْ الْفَمِ وَالْأَنْفِ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ إلَى جَوْفِهِ حَرَّكَ النَّجَاسَةَ.
(وَيَتَتَبَّعُ مَا تَحْتَ أَظَافِرِهِ) مِنْ وَسَخٍ (بِعُودٍ) لِيَصِلَ الْمَاءُ إلَى مَحَلِّهِ (إنْ لَمْ يُمْكِنْ قَلْمُهَا) فَإِنْ أَمْكَنَ قَلَمَهَا.
(وَيُسَنُّ) لِلْغَاسِلِ (أَنْ يُوَضِّئَهُ فِي أَوَّلِ غَسَلَاتِهِ كَوُضُوءِ حَدَثٍ) لِمَا فِي الصَّحِيحِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِأُمِّ عَطِيَّةَ فِي غُسْلِ ابْنَتِهِ «ابْدَأْنَ
بِمَيَامِنِهَا وَمَوَاضِعِ الْوُضُوءِ مِنْهَا» وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَمْسَحُ رَأْسَهُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (مَا خَلَا الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ) لِأَنَّهُ لَا يُؤْمَنُ مِنْهُمَا وُصُولُ الْمَاءِ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْضِي إلَى، الْمُثْلَةِ وَرُبَّمَا حَصَلَ مِنْهُ الِانْفِجَارُ وَبِهَذَا عَلَّلَ أَحْمَدُ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْوُضُوءِ فِي الْغَسْلَةَ الْأُولَى دُونَ بَاقِي الْغَسَلَاتِ (إنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ شَيْءٌ فَإِنْ خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (أُعِيدَ وُضُوءُهُ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَهُوَ مُسْتَحَبّ، لِقِيَامِ مُوجِبِهِ وَهُوَ زَوَالُ عَقْلِهِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَابْنِ الزَّاغُونِيِّ أَنَّهُ وَاجِبٌ.
(وَيَأْتِي حُكْمُ) إعَادَةِ (غُسْلِهِ) إذَا خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ.
(وَيُجْزِئُ غُسْلُهُ مُرَّةً) كَالْحَيِّ (وَكَذَا لَوْ نَوَى) الْغَاسِلُ (وَسَمَّى وَغَمَسَهُ فِي مَاءٍ كَثِيرٍ) مَرَّةً (وَاحِدَةً) فَإِنَّهُ يُجْزِئُ كَغُسْلِ الْحَيِّ.
(وَيُكْرَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى الْمَرَّةِ الْوَاحِدَةِ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ نَصَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا» .
(وَيُسَنُّ ضَرْبُ سِدْرٍ) وَنَحْوِهِ كَخِطْمِيٍّ (فَيَغْسِلُ بِرَغْوَتِهِ) بِتَثْلِيثِ الرَّاءِ (رَأْسَهُ وَلِحْيَتَهُ فَقَطْ) لِأَنَّ الرَّأْسَ أَشْرَفُ الْأَعْضَاءِ وَلِهَذَا جُعِلَ كَشْفُهُ شِعَارُ الْإِحْرَامِ وَهُوَ مَجْمَعُ الْحَوَاسِّ الشَّرِيفَةِ وَلِأَنَّ الرَّغْوَةَ تُزِيلُ الدَّرَنَ وَتَتَعَلَّقُ بِالشَّعْرِ فَنَاسَبَ أَنْ تُغْسَلَ بِهَا اللِّحْيَةُ لِتَزُولَ الرَّغْوَةُ بِمُجَرَّدِ جَرْيِ الْمَاءِ عَلَيْهَا بِخِلَافِ ثُفْلِ السِّدْرِ.
(وَ) يُغْسَلُ بَاقِي (بَدَنِهِ بِالثُّفْلِ) أَيْ ثُفْلِ السِّدْرِ (وَيَقُومُ الْخِطْمِيُّ وَنَحْوُهُ مَقَامَ السِّدْرِ) لِحُصُولِ الْإِنْقَاءِ بِهِ (وَيَكُونُ السِّدْرُ فِي كُلِّ غَسْلَةٍ) مِنْ الثَّلَاثِ فَأَكْثَرَ، وَاعْتَبَرَ ابْنُ حَامِدٍ أَنْ يَكُونَ السِّدْرُ يَسِيرًا وَقَالَ: إنَّهُ الَّذِي وُجِدَ عَلَيْهِ أَصْحَابُنَا لِيُجْمَعَ بَيْنَ الْعَمَلِ بِالْخَبَرِ وَيَكُونُ الْمَاءُ بَاقِيًا عَلَى إطْلَاقِهِ وَقَالَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: يُغَسَّلُ أَوَّلَ مَرَّةٍ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ، ثُمَّ يُغَسَّلُ، ذَلِكَ بِالْمَاءِ الْقَرَاحِ فَيَكُونُ الْجَمِيعُ غَسْلَةً وَاحِدَةً وَالِاعْتِدَادُ بِالْآخِرِ مِنْهَا لِأَنَّ أَحْمَدَ شَبَّهَ غُسْلَهُ بِغُسْلِ الْجَنَابَةِ وَلِأَنَّ السِّدْرَ إنْ كَثُرَ سَلَبَ الطَّهُورِيَّةَ وَإِنْ لَمْ يُغَيِّرْهُ فَلَا فَائِدَةَ فِي تَرْكِ يَسِيرٍ لَا يُغَيِّرُ.
(وَيُسَنُّ تَيَامُنُهُ فَيُغَسَّلُ شِقُّهُ الْأَيْمَنُ مِنْ نَحْوِ رَأْسِهِ إلَى نَحْوِ رِجْلَيْهِ يُبْدَأُ بِصَفْحَةِ عُنُقِهِ، ثُمَّ) يَدِهِ الْيُمْنَى (إلَى الْكَتِفِ ثُمَّ) كَتِفِهِ وَشِقِّ صَدْرِهِ وَفَخِذِهِ وَسَاقِهِ (إلَى الرِّجْلِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ كَذَلِكَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ابْدَأْنَ بِمَيَامِنِهَا» وَلِأَنَّهُ مَسْنُونٌ فِي غُسْلِ الْحَيِّ فَكَذَا الْمَيِّتُ.
(وَيُقَلِّبُهُ) الْغَاسِلُ (عَلَى جَنْبِهِ مَعَ غُسْلِ شِقَّيْهِ، فَيَرْفَعُ جَانِبَهُ الْأَيْمَنَ، وَيَغْسِلُ ظَهْرَهُ وَوَرِكَهُ وَفَخِذَهُ وَيَفْعَلُ الْأَيْسَرَ كَذَلِكَ وَلَا يَكُبُّهُ عَلَى وَجْهِهِ) إكْرَامًا لَهُ (ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ الْقَرَاحَ عَلَى جَمِيعِ بَدَنِهِ فَيَكُونُ ذَلِكَ غَسْلَةً وَاحِدَةً، يَجْمَعُ فِيهَا بَيْنَ السِّدْرِ وَالْمَاءِ الْقَرَاحِ) كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْقَاضِي وَأَبِي الْخَطَّابِ (يُفْعَل ذَلِكَ) الْمَذْكُورَ فِيمَا تَقَدَّمَ (ثَلَاثًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِلنِّسَاءِ
اللَّاتِي غَسَّلْنَ ابْنَتَهُ «اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا إنْ رَأَيْتُنَّ ذَلِكَ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ» (إلَّا أَنَّ الْوُضُوءَ) يَكُونُ (فِي) الْمَرَّةِ (الْأُولَى فَقَطْ) مِنْ الْغَسَلَاتِ إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ وَتَقَدَّمَ (يُمِرُّ) الْغَاسِلُ (فِي كُلِّ مَرَّةٍ يَدَهُ عَلَى بَطْنِهِ) بِرِفْقٍ إخْرَاجًا لِمَا تَخَلَّفَ وَأَمْنًا مِنْ فَسَادِ الْغُسْلِ بِمَا يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْدُ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ) الْمَيِّتُ (بِالثَّلَاثِ) الْغَسَلَاتِ (غَسَّلَهُ إلَى سَبْعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (فَإِنْ لَمْ يُنَقَّ بِسَبْعِ) غَسَلَاتٍ (فَالْأَوْلَى غُسْلُهُ حَتَّى يُنَقَّى) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم " اغْسِلْنَهَا ثَلَاثًا أَوْ خَمْسًا أَوْ سَبْعًا أَوْ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ إنْ رَأَيْتُنَّ ".
(وَيَقْطَعُ عَلَى وَتْرٍ) لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ وِتْرٌ يُحِبُّ الْوِتْرَ مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ وُضُوءٍ» فَإِنَّهُ فِي الْأُولَى خَاصَّةً، كَمَا تَقَدَّمَ، إنْ لَمْ يَخْرُجْ شَيْءٌ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ الثَّلَاثِ أُعِيدَ وُضُوءُهُ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُبْدِعِ وَالْمُنْتَهَى: وُجُوبًا كَالْجُنُبِ، لِمَا سَبَقَ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ غُسْلِهِ، لِتَكُونَ طَهَارَتُهُ كَامِلَةً وَعَنْهُ لَا يَجِبُ الْوُضُوءُ.
(وَوَجَبَ غُسْلُهُ كُلَّمَا خَرَجَ) مِنْهُ شَيْءٌ (إلَى سَبْعٍ) لِمَا سَبَقَ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا كَرَّرَ الْأَمْرَ بِغَسْلِهَا مِنْ أَجْلِ تَوَقُّعِ النَّجَاسَةِ وَلِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ غُسْلِ الْمَيِّتِ أَنْ يَكُونَ خَاتِمَةَ أَمْرِهِ الطَّهَارَةُ الْكَامِلَةُ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمَوْتَ جَرَى مَجْرَى زَوَالِ الْعَقْلِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْخَارِجِ مِنْ السَّبِيلَيْنِ وَغَيْرِهِمَا وَعَنْهُ فِي الدَّمِ هُوَ أَسْهَلُ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ مِنْ السَّبِيلَيْنِ أَوْ غَيْرِهِمَا بَعْدَ السَّبْعِ غُسِلَتْ النَّجَاسَةُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَتَقَدَّمَ كَلَامُ مَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ فِي أَجْزَاءِ الِاسْتِجْمَارِ (وَوُضِّئَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَلَا غُسْلَ) أَيْ لَا يُعَادُ غُسْلُهُ بَعْدَ السَّبْعِ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ (لَكِنْ يَحْشُوهُ) أَيْ الْمَخْرَجَ (بِالْقُطْنِ أَوْ يُلْجَمُ بِهِ) أَيْ الْقُطْنِ (كَمَا تَفْعَلُ الْمُسْتَحَاضَةُ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ (فَإِنْ لَمْ يُمْسِكْهُ ذَلِكَ) أَيْ الْحَشْوُ بِالْقُطْنِ أَوْ التَّلَجُّمُ بِهِ (حُشِيَ) الْمَحَلُّ (بِالطِّينِ الْحُرِّ) بِضَمِّ الْحَاءِ أَيْ الْخَالِصِ (الَّذِي لَهُ قُوَّةٌ تُمْسِكُ الْمَحَلَّ) لِيُمْنَعَ الْخَارِجَ.
(وَلَا يُكْرَهُ حَشْوُ الْمَحَلِّ إنْ لَمْ يَسْتَمْسِكْ) لِدُعَاءِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ (وَإِنْ خِيفَ خُرُوجُ شَيْءٍ) كَدَمٍ (مِنْ مَنَافِذِ وَجْهِهِ) كَفَمِهِ وَأَنْفِهِ (فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحْشَى بِقُطْنٍ) دَفْعًا لِتِلْكَ الْمَفْسَدَةِ.
(وَإِنْ خَرَجَ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (شَيْءٌ بَعْدَ وَضْعِهِ فِي أَكْفَانِهِ وَلَفِّهَا عَلَيْهِ حُمِلَ وَلَمْ يُعَدْ غُسْلٌ وَلَا وُضُوءٌ سَوَاءٌ كَانَ) ذَلِكَ (فِي السَّابِعَةِ أَوْ قَبْلَهَا) وَسَوَاءٌ كَانَ الْخَارِجُ قَلِيلًا أَوْ كَثِيرًا دَفْعًا لِلْمَشَقَّةِ لِأَنَّهُ يُحْتَاجُ إلَى إخْرَاجِهِ وَإِعَادَةِ غُسْلِهِ، وَتَطْهِيرِ أَكْفَانِهِ وَتَجْفِيفِهَا أَوْ إبْدَالِهَا فَيَتَأَخَّرُ دَفْنُهُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلسُّنَّةِ ثُمَّ لَا يُؤْمَنُ مِثْلُ هَذَا بَعْدَهُ وَإِنْ وُضِعَ عَلَى الْكَفَنِ وَلَمْ يُلَفَّ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهُ شَيْءٌ أُعِيدَ غُسْلُهُ قَالَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
(وَيُسَنّ أَنْ يَجْعَلَ) الْغَاسِلُ (فِي) الْغَسْلَةِ (الْأَخِيرَةِ كَافُورًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَاجْعَلْنَ فِي الْآخِرَةِ كَافُورًا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّهُ يُصْلِبُ الْجِسْمَ وَيُبَرِّدُهُ وَيُطَيِّبُهُ وَيَطْرُدُ عَنْهُ الْهَوَامَّ.
(وَ) أَنْ يَجْعَلَ فِي الْأَخِيرَةِ (سِدْرًا)
كَسَائِرِ الْغَسَلَاتِ لِمَا تَقَدَّمَ (وَغَسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِالْمَاءِ الْبَارِدِ أَفْضَلُ) لِأَنَّ الْمُسَخَّنَ يُرْخِيهِ وَلَمْ تَرِدْ بِهِ السُّنَّةُ (وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ بِمَاءٍ حَارٍّ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِشِدَّةِ بَرْدٍ أَوْ وَسَخٍ لَا يَزُولُ إلَّا بِهِ وَاسْتَحَبَّهُ ابْنُ حَامِدٍ لِأَنَّهُ يُنَقِّي مَا لَا يُنَقِّي الْمَاءُ الْبَارِدُ (وَ) لَا بَأْسَ بِ (خِلَالٍ) إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ لِإِزَالَةِ وَسَخٍ لِأَنَّ إزَالَتَهُ مَطْلُوبَةٌ شَرْعًا.
(وَالْأَوْلَى: أَنْ يَكُونَ) الْخِلَالُ (مِنْ شَجَرَةٍ لَيِّنَةٍ كَالصَّفْصَافِ) بِالْفَتْحِ: الْخِلَافُ، بِلُغَةِ أَهْلِ الشَّامِ قَالَهُ الْأَزْهَرِيُّ (وَنَحْوِهِ مِمَّا يُنْقِي وَلَا يَجْرَحُ) لِأَنَّهُ يُؤْذِي الْمَيِّتَ مَا يُؤْذِي الْحَيَّ.
(وَإِنْ جَعَلَ) الْغَاسِلُ وَنَحْوُهُ (عَلَى رَأْسِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (قُطْنًا فَحَسَنٌ) لِشَرَفِهِ (وَيُزِيلُ) الْغَاسِلُ (مَا بِأَنْفِهِ) أَيْ الْمَيِّتِ (وَصِمَاخَيْهِ مِنْ أَذًى) تَكْمِيلًا لِطَهَارَتِهِ.
(وَ) لَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ بِ (أُشْنَانٍ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِنَّ) أَيْ الْمَاءِ الْحَارِّ وَالْخِلَالِ، وَالْأُشْنَانِ لِوَسَخٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يُحْتَجْ إلَيْهِنَّ (كُرِهَ فِي الْكُلِّ) لِأَنَّ السُّنَّةَ لَمْ تَرِدْ بِهِ، وَمَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ يَكُونُ كَالْعَبَثِ.
(وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ شَيْخًا أَوْ بِهِ حَدَبٌ أَوْ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَمْكَنَ تَمْدِيدُهُ بِالتَّلْيِينِ وَالْمَاءِ الْحَارِّ فُعِلَ ذَلِكَ) إزَالَةً لِلْمُثْلَةِ.
(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ) ذَلِكَ (إلَّا بِعَسْفٍ تَرَكَهُ بِحَالِهِ) دَفْعًا لِأَذَاهُ بِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَيِّتُ (عَلَى صِفَةٍ لَا يُمْكِنُ تَرْكُهُ عَلَى النَّعْشِ إلَّا عَلَى وَجْهٍ يُشْهِرُهُ بِالْمُثْلَةِ تُرِكَ فِي تَابُوتٍ أَوْ) تُرِكَ فِي النَّعْشِ (تَحْتَ، مِكَبَّةٍ كَمَا يُصْنَعُ بِالْمَرْأَةِ) سَتْرًا لِذَلِكَ (وَيَأْتِي فِي فَصْلِ الْحَمْلِ) أَيْ حَمْلِ الْمَيِّتِ.
(وَلَا بَأْسَ بِغُسْلِهِ فِي حَمَّامٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، وَكَالْحَيِّ لَكِنْ إنْ كَانَ الْمَاء حَارًّا كُرِهَ بِلَا حَاجَةٍ.
(وَ) لَا بَأْسَ (بِمُخَاطَبَتِهِ) أَيْ الْغَاسِلِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (حَالَ غُسْلِهِ، بِنَحْوِ انْقَلِبْ يَرْحَمْكَ اللَّهُ) لِقَوْلِ الْفَضْلِ وَهُوَ مُحْتَضِنٌ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " أَرِحْنِي ارْحَمْنِي فَقَدْ قَطَعْتَ وَتِينِي إنِّي أَجِدُ شَيْئًا يَتَنَزَّلُ عَلَيَّ وَقَالَ عَلِيٌّ لَمَّا لَمْ يَجِدْ مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَا يَجِدُهُ مِنْ سَائِرِ الْمَوْتَى يَا رَسُولَ اللَّهِ طِبْتَ حَيًّا وَمَيِّتًا "(وَلَا يَغْتَسِلُ غَاسِلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (بِفَضْلِ مَاءٍ سَاخِنٍ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ غَيْرَهُ تَرَكَهُ حَتَّى يَبْرُدَ) قَالَهُ أَحْمَدُ ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ.
(وَيَقُصُّ شَارِبَ غَيْرِ مُحْرِمٍ وَيُقَلِّمُ أَظْفَارَهُ إنْ طَالَتْ وَيَأْخُذُ شَعْرَ إبِطِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ تَنْظِيفٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِقَطْعِ عُضْوٍ أَشْبَهَ إزَالَةَ الْأَوْسَاخِ وَالْأَدْرَانِ وَيُعَضِّدُ ذَلِكَ الْعُمُومَاتِ فِي سُنَنِ الْفِطْرَةِ (وَيَجْعَلُ ذَلِكَ) أَيْ مَا أَخَذَ مِنْ الشَّارِبِ وَالْأَظْفَارِ وَشَعْرِ الْإِبْطَيْنِ (مَعَهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَعُضْوٍ سَاقِطٍ) لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مَسَائِلِ صَالِحٍ عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ " تُغْسَلُ رَأْسُ الْمَيِّتَةِ فَمَا سَقَطَ مِنْ شَعْرِهَا فِي أَيْدِيهِمْ غَسَلُوهُ ثُمَّ رَدُّوهُ فِي رَأْسِهَا " وَلِأَنَّ دَفْنَ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ مُسْتَحَبٌّ فِي حَقِّ الْحَيِّ فَفِي حَقِّ الْمَيِّتِ أَوْلَى.
(وَيُعَادُ غُسْلُهُ) أَيْ غُسْلُ مَا أُخِذَ مِنْ الْمَيِّتِ
مِنْ شَعْرِ شَارِبٍ وَأَظْفَارٍ وَشَعْرِ إبِطٍ لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ فِيمَا تَقَدَّمَ " غَسِّلُوهُ ثُمَّ رُدُّوهُ " إلَى آخِرِهِ.
(وَلِأَنَّهُ جُزْءٌ مِنْهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (كَعُضْوٍ) مِنْ أَعْضَائِهِ (وَالْمُرَادُ: يُسْتَحَبُّ) إعَادَةُ غُسْلِ الْمَأْخُوذِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: لِلِاكْتِفَاءِ بِغُسْلِهِ أَوَّلًا.
(وَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ مَقْطُوعَ الرَّأْسِ، أَوْ كَانَتْ أَعْضَاؤُهُ مَقْطُوعَةً) لُفِّقَ بَعْضُهَا إلَى بَعْضٍ بِالتَّقْمِيطِ وَالطِّينِ الْحُرِّ حَتَّى لَا يَتَبَيَّنَ تَشْوِيهُهُ.
(فَإِنْ فُقِدَ مِنْهَا) أَيْ أَعْضَاءِ الْمَيِّتِ شَيْءٌ لَمْ يُجْعَلُ لَهُ شَكْلٌ مِنْ طِينٍ وَلَا غَيْرِهِ لِأَنَّهُ تَصْوِيرٌ.
(وَإِنْ كَانَ فِي أَسْنَانِهِ شَيْءٌ) مِنْهَا (يَتَحَرَّكُ وَخِيفَ سُقُوطُهُ تُرِكَ) بِحَالِهِ (وَلَمْ يُنْزَعْ وَنَصَّ أَنَّهُ يُرْبَطُ بِذَهَبٍ) كَالْحَيِّ (فَإِنْ سَقَطَ) شَيْءٌ مِنْ أَسْنَانِ الْمَيِّتِ (لَمْ يُرْبَطْ بِهِ) أَيْ بِالذَّهَبِ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ وَجُعِلَ مَعَ الْمَيِّتِ كَمَا تَقَدَّمَ (وَيُؤْخَذُ) أَيْ مَا عَلَى سِنِّهِ مِنْ ذَهَبٍ كَانَ رُبِطَ بِهِ (إنْ لَمْ يَسْقُطْ) سِنُّهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ وَإِلَّا تُرِكَ حَتَّى يَبْلَى.
(وَيَحْرُمُ حَلْقُ شَعْرِ عَانَتِهِ) لِمَا فِيهِ مِنْ لَمْسِ عَوْرَتِهِ.
وَرُبَّمَا احْتَاجَ إلَى نَظَرِهَا وَهُوَ مُحَرَّمٌ فَلَا يُرْتَكَبُ مِنْ أَجَلِ مَنْدُوبٍ وَيَحْرُمُ حَلْقُ شَعْرِ (رَأْسِهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَكُونُ لِزِينَةٍ أَوْ نُسُكٍ وَالْمَيِّتُ لَا نُسُكَ عَلَيْهِ وَلَا يُزَيَّنُ.
(وَ) يَحْرُمُ (خَتْنُهُ) إنْ كَانَ أَقْلَفَ لِأَنَّهُ قَطْعٌ لِبَعْضِ عُضْوٍ مِنْ الْمَيِّتِ وَلِأَنَّ التَّعَبُّدَ بِذَلِكَ قَدْ زَالَ وَلِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْخِتَانِ التَّطْهِيرُ مِنْ النَّجَاسَةِ وَقَدْ زَالَ ذَلِكَ بِمَوْتِهِ.
(وَلَا يُسَرِّحُ شَعْرَهُ قَالَ الْقَاضِي يُكْرَهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْطِيعِ الشَّعْرِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا " مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيِّت فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ، وَقَالَتْ: عَلَامَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ؟ " أَيْ لَا تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ لِأَنَّهُ يُقَطِّعُ الشَّعْرَ وَيَنْتِفُهُ.
(وَيَبْقَى عَظْمٌ نَجِسٌ جُبِرَ بِهِ) الْمَيِّتُ قَبْلَ مَوْتِهِ (مَعَ مُثْلَةٍ) وَتَقَدَّمَ فِي اجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ (وَتُزَالُ اللَّصُوقُ) بِفَتْحِ اللَّامِ: مَا يُلْصَقُ عَلَى الْجُرْحِ مِنْ الدَّوَاءِ، ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْخِرْقَةِ وَنَحْوِهَا إذَا شُدَّتْ عَلَى الْعُضْوِ لِلتَّدَاوِي قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (لِغَسْلٍ وَاجِبٍ فَيُغْسَلُ مَا تَحْتَهَا) لِيَحْصُلَ تَعْمِيمُ الْبَدَنِ بِالْغُسْلِ وَكَالْحَيِّ (فَإِنْ خِيفَ مِنْ قَلْعِهَا مُثْلَةٌ) بِأَنْ خِيفَ سُقُوطُ شَيْءٍ مِنْ الْمَيِّتِ بِإِزَالَتِهَا وَنَحْوِهِ (مُسِحَ عَلَيْهَا) كَجَبِيرَةِ الْحَيِّ.
(وَلَا يَبْقَى خَاتَمٌ وَنَحْوُهُ) كَخَلْخَالٍ.
(وَلَوْ بِبُرْدِهِ كَحَلْقَةٍ فِي أُذُنِ امْرَأَةٍ) لِأَنَّ تَرْكَ ذَلِكَ مَعَهُ إضَاعَةٌ لِلْمَالِ مِنْ غَيْرِ غَرَضٍ صَحِيحٍ وَ (لَا) يُزَالُ عَنْهُ (أَنْفُ ذَهَبٍ) لِمَا فِي إزَالَتِهِ مِنْ الْمُثْلَةِ (وَيَأْتِي آخِرَ الْبَابِ وَيُسَنُّ ضَفْرُ شَعْرِ الْمَرْأَةِ ثَلَاثَةَ قُرُونٍ أَيْ ضَفَائِرَ قَرْنَيْهَا وَنَاصِيَتِهَا وَيُسْدَلُ خَلْفَهَا) لِقَوْلِ أُمِّ عَطِيَّةَ " فَضَفَرْنَا شَعْرَهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ وَأَلْقَيْنَاهُ خَلْفَهَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ (قِيلَ) لِلْإِمَامِ (أَحْمَدَ فِي الْعَرُوسِ تَمُوتُ فَتُجَلَّى، فَأَنْكَرَهُ شَدِيدًا) لِأَنَّهُ بِدْعَةٌ، خُصُوصًا مَعَ مَا يَنْضَمُّ إلَيْهِ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ.
(فَإِذَا فَرَغَ) الْغَاسِلُ (مِنْ غُسْلِهِ نَشَّفَهُ بِثَوْبٍ نَدْبًا) لِأَنَّهُ هَكَذَا