الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَ (لَا) يَضْمَنْ (إنْ أَدَّى دَيْنًا بَعْدَ أَدَاءِ مُوَكَّلِهِ وَلَمْ يَعْلَمْ) بِأَدَاءِ مُوَكَّلِهِ لِأَنَّهُ غَرَّهُ.
(وَ) لِأَنَّهُ هُنَا لَمْ يَتَحَقَّقْ التَّفْوِيتُ، بِدَلِيلِ أَنَّهُ (يَرْجِعُ الْمُوَكَّلُ عَلَى الْقَابِضِ بِمَا قَبَضَ مِنْ الْوَكِيلِ) وَنَظِيرُ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ الزَّكَاةِ لَوْ كَانَ الْقَابِضُ مِنْهُمَا السَّاعِي وَالزَّكَاةُ بِيَدِهِ، فَإِنَّ الْمُوَكِّلَ يَأْخُذُهَا مِنْهُ، مَا دَامَتْ بِيَدِهِ، وَلَا يَضْمَنُ وَكِيلُهُ لَهُ شَيْئًا لِعَدَمِ التَّفْوِيتِ (وَلَوْ أَذِنَ غَيْرُ شَرِيكَيْنِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا) أَذِنَ (لِلْآخَرِ فِي إخْرَاجِ زَكَاتِهِ فَ) هُمَا (كَالشَّرِيكَيْنِ فِيمَا سَبَقَ) مِنْ التَّفْصِيلِ لِلتَّسَاوِي فِي الْمَعْنَى الْمُقْتَضِي لِلضَّمَانِ أَوْ عَدَمَهُ.
(وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ إخْرَاجُ زَكَاتِهِ أَوْ لَا) أَيْ قَبْلَ أَنْ يُخْرِجَ عَنْ مُوَكِّلِهِ بِخِلَافِ حَجِّ النَّائِبِ عَنْ غَيْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَحُجَّ عَنْ نَفْسِهِ لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ، فَإِنَّهَا مَالِيَّةٌ، كَقَضَاءِ دَيْنِ غَيْرِهِ قَبْلَ دَيْنِهِ (بَلْ يُسْتَحَبُّ) أَنْ يَبْدَأَ بِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ أَوَّلًا مُسَارَعَةً لِلْخَيْرِ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَخْلُ بِالْفَوْرِيَّةِ، مَعَ عَدَمِ الْعُذْرِ وَإِلَّا فَيَأْتِي أَنَّ إخْرَاجَ الزَّكَاةِ وَاجِبٌ فَوْرًا (وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُوَكَّلِ أَنَّهُ أَخْرَجَ زَكَاتَهُ قَبْلَ دَفْعِ وَكِيلِهِ إلَى السَّاعِي) لِأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ فِي أَدَاءِ مَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ.
(وَ) يُقْبَلُ (قَوْلُ مَنْ دَفَعَ زَكَاةَ مَالِهِ إلَيْهِ) أَيْ إلَى السَّاعِي (ثُمَّ ادَّعَى أَنَّهُ كَانَ أَخْرَجَهَا) قَبْلَ الدَّفْعِ إلَى السَّاعِي (وَتُؤْخَذُ مِنْ السَّاعِي) فِي الصُّورَتَيْنِ (إنْ كَانَتْ بِيَدِهِ) لِتَبَيُّنِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِزَكَاةٍ (فَإِنْ تَلِفَتْ) بِيَدِ السَّاعِي (أَوْ كَانَ) السَّاعِي (دَفَعَهَا إلَى الْفَقِيرِ أَوْ كَانَا) أَيْ الْوَكِيلُ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى وَرَبُّ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ (دَفَعَا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْفَقِيرِ (فَلَا) رُجُوعَ لِأَنَّهَا انْقَلَبَتْ تَطَوُّعًا كَمَنْ دَفَعَ زَكَاةً يَعْتَقِدُهَا عَلَيْهِ، فَلَمْ تَكُنْ (وَمَنْ لَزِمَهُ نَذْرُ وَزَكَاةٌ قَدَّمَ الزَّكَاةَ) لِوُجُوبِهَا بِأَصْلِ الشَّرْعِ (فَإِنْ قَدَّمَ النَّذْرَ لَمْ يَصِرْ زَكَاةً) لِحَدِيثِ " وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى " وَإِنَّمَا خُولِفَ ذَلِكَ فِي الْحَجِّ لِدَلِيلٍ خَاصٍّ (وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ (الصَّدَقَةِ تَطَوُّعًا قَبْلَ إخْرَاجِ زَكَاتِهِ) كَالصَّدَقَةِ قَبْلَ قَضَاءِ دَيْنِهِ، إنْ لَمْ يَضُرَّ بِغَرِيمِهِ.
[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]
ِ هُوَ اسْمُ مَصْدَرٍ مِنْ قَوْلِك: أَفْطَرَ الصَّائِمُ إفْطَارًا وَأُضِيفَتْ إلَى الْفِطْرِ لِأَنَّهُ سَبَبُ وُجُوبِهَا فَهُوَ مِنْ إضَافَةِ الشَّيْءِ إلَى سَبَبِهِ وَقِيلَ لَهَا فِطْرَةٌ: لِأَنَّ الْفِطْرَةَ الْخِلْقَةُ
قَالَ تَعَالَى {فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا} [الروم: 30] وَهَذَا يُرَادُ بِهَا الصَّدَقَةُ عَنْ الْبَدَنِ وَالنَّفْسِ وَهِيَ بِضَمِّ الْفَاءِ: كَلِمَةٌ مُوَلَّدَةٌ وَقَدْ زَعْمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مِمَّا يَلْحَنُ فِيهِ الْعَامَّةُ وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ لِاسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ لَهَا قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَهِيَ صَدَقَةٌ تَجِبُ بِالْفِطْرِ مِنْ رَمَضَانَ: طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ) لِمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ قَالَ «فَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ: صَاعًا مِنْ بُرٍّ، أَوْ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ عَلَى الْعَبْدِ وَالْحُرِّ، وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى، وَالصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَرَ بِهَا أَنْ تُؤَدَّى قَبْلَ خُرُوجِ النَّاسِ إلَى الصَّلَاةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلَفْظُهُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ «فَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم زَكَاةَ الْفِطْرِ: طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّهْوِ وَالرَّفَثِ، وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ فَمَنْ أَدَّاهَا قَبْلَ الصَّلَاةِ فَهِيَ زَكَاةٌ مَقْبُولَةٌ، وَمَنْ أَدَّاهَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَهِيَ صَدَقَةٌ مِنْ الصَّدَقَاتِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَدَعْوَى أَنَّ " فَرَضَ " بِمَعْنَى قَدَّرَ: مَرْدُودٌ بِأَنَّ كَلَامَ الرَّاوِي لَا يُحْمَلُ إلَّا عَلَى الْمَوْضُوعِ بِدَلِيلِ الْأَمْرِ بِهَا فِي الصَّحِيحِ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَذَهَبَ الْأَصَمُّ وَابْنُ عُلَيَّةَ وَجَمَاعَةٌ إلَى أَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَقَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى: 14] إنَّهَا زَكَاةُ الْفِطْرِ رُدَّ بِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " إنَّهَا تُطَهِّرُ مِنْ الشِّرْكِ " وَالسُّورَةُ مَكِّيَّةٌ وَلَمْ يَكُنْ بِهَا زَكَاةٌ وَلَا عِيدٌ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ فَرْضَهَا كَانَ مَعَ رَمَضَانَ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ مِنْ الْهِجْرَةِ وَتَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ الزَّكَاةِ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ ذَلِكَ.
(وَمَصْرِفُهَا) أَيْ: زَكَاةِ الْفِطْرِ (كَزَكَاةِ) الْمَالِ لِعُمُومِ {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} [التوبة: 60] .
(وَهِيَ وَاجِبَةٌ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَتُسَمَّى فَرْضًا) كَقَوْلِ جُمْهُورِ الصَّحَابَةِ وَأَيْضًا فَالْفَرْضُ: إنْ كَانَ بِمَعْنَى الْوَاجِبِ، فَهِيَ وَاجِبَةٌ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْمُتَأَكِّدِ فَهِيَ مُتَأَكِّدَةٌ (عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمُسْلِمِينَ (حُرٌّ، وَلَوْ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ) لِعُمُومِ مَا سَبَقَ خِلَافًا لِعَطَاءٍ وَالزُّهْرِيِّ وَرَبِيعَةَ وَاللَّيْثِ فِي قَوْلِهِمْ " لَا تَلْزَمُ أَهْلَ الْبَوَادِي ".
(وَمُكَاتَبٌ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ فِي كَسْبِهِ، فَكَذَا فِطْرَتُهُ (ذَكَرٍ وَأُنْثَى كَبِيرٍ وَصَغِيرٍ) لِمَا سَبَقَ مِنْ الْخَبَرِ (وَلَوْ يَتِيمًا) فَتَجِبُ فِي مَالِهِ نَصَّ عَلَيْهِ، كَزَكَاةِ الْمَالِ (وَيُخْرَجُ عَنْهُ) أَيْ الْيَتِيمِ (مِنْ مَالِ وَلِيِّهِ) كَمَا
يُنْفِقُ عَلَيْهِ وَعَلَى مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ.
(وَ) تَجِبُ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى (سَيِّدٍ مُسْلِمٍ عَنْ عَبْدِهِ الْمُسْلِمِ، وَإِنْ كَانَ) الْعَبْدُ (لِلتِّجَارَةِ) فَلَا يَضُرُّ اجْتِمَاعُ زَكَاتَيْنِ فِيهِ لِأَنَّهُمَا بِسَبَبَيْنِ مُخْتَلِفِينَ فَإِنَّ زَكَاةَ الْفِطْرِ تَجِبُ عَلَى بَدَنِ الْمُسْلِمِ طُهْرَةً لَهُ، وَزَكَاةُ التِّجَارَةِ تَجِبُ مِنْ قِيمَتِهِ شُكْرًا لِنِعْمَةِ الْغِنَى، مُوَاسَاةً لِلْفُقَرَاءِ وَإِنَّمَا الْمُمْتَنِعُ إيجَابُ زَكَاتَيْنِ فِي حَوْلٍ وَاحِدٍ وَمَتَى كَانَ عَبِيدُ التِّجَارَةِ بِيَدِ الْمُضَارِبِ فَفِطْرَتُهُمْ فِي مَالِ الْمُضَارَبَةِ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُمْ مِنْهَا قَالَهُ فِي الشَّرْحِ، وَ (لَا) تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ (الْكَافِرِ) لَوْ هَلَّ شَوَّالٌ وَفِي مِلْكِهِ عَبْدٌ مُسْلِمٌ، لِفَقْدِ شَرْطِ وُجُوبِهَا وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَقَالَ فِي الْمُبْدِعِ فِي هَذِهِ: الْأَظْهَرُ وُجُوبُهَا عَلَى الْكَافِرِ.
(وَتَجِبُ فِي مَالِ صَغِيرٍ تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِهِ) لِغِنَاهُ بِمَالٍ أَوْ كَسْبٍ وَيُخْرِجُهَا أَبُوهُ مِنْهُ.
(وَ) تَجِبُ (فِي الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ، وَ) الْعَبْدُ (الْمُوصَى بِهِ عَلَى مَالِكِهِ وَقْتَ الْوُجُوبِ) أَيْ عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ رَمَضَانَ (وَكَذَا) الْعَبْدُ (الْمَبِيعُ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ) تَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَى مَنْ حَكَمَ لَهُ بِالْمِلْكِ وَهُوَ الْمُشْتَرِي عَلَى الْمَذْهَبِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ شَيْءٌ غَيْرُ الْعَبْدِ) الْمَرْهُونِ (بِيعَ مِنْهُ بِقَدْرِ الْفِطْرَةِ) كَأَرْشِ جِنَايَتِهِ (إذَا فَضَلَ عِنْدَهُ) أَيْ عِنْدَ الْمُسْلِمِ الَّذِي تَلْزَمُهُ مُؤْنَةُ نَفْسِهِ (عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ صَاعٌ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَهَمُّ فَيَجِبُ تَقْدِيمُهُ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «ابْدَأْ بِنَفْسِك ثُمَّ بِمَنْ تَعُولُ» فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَعْتَبِرُ لِوُجُوبِهَا مِلْكَ نِصَابٍ وَقَالَهُ الْأَكْثَرُ.
" تَتِمَّةٌ قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ مَنْ عَجَزَ عَنْ صَدَقَةِ الْفِطْرِ وَقْتَ وُجُوبِهَا عَلَيْهِ، ثُمَّ أَيْسَرَ فَأَدَّاهَا فَقَدْ أَحْسَنَ (وَيَعْتَبِرُ كَوْنَ ذَلِكَ) أَيْ الصَّاعَ بَعْدَ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ يَوْمَ الْعِيدِ وَلَيْلَتِهِ (فَاضِلًا عَمَّا يَحْتَاجُهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَخَادِمٍ وَدَابَّةٍ وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ) كَسِدْرَةٍ: مَا يُمْتَهَنُ مِنْ الثِّيَابِ فِي الْخِدْمَةِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ قَالَهُ فِي الْحَاشِيَةِ (وَدَارٍ يَحْتَاجُ إلَى أَجْرِهَا لِنَفَقَتِهِ) وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ (وَسَائِمَةٍ يَحْتَاجُ إلَى نَمَائِهَا) مِنْ دَرٍّ وَنَسْلٍ وَنَحْوِهِمَا (وَبِضَاعَةٍ يَحْتَاجُ إلَى رِبْحِهَا وَنَحْوِهِ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مِمَّا تَتَعَلَّقُ بِهِ حَاجَتُهُ الْأَصْلِيَّةُ فَهُوَ كَنَفَقَتِهِ يَوْمَ الْعِيدِ.
(وَكَذَا كُتُبُ) عِلْمٍ (يَحْتَاجُهَا لِلنَّظَرِ وَالْحِفْظِ وَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ لِلُبْسِهَا، أَوْ لِكِرَاءٍ يَحْتَاجُ إلَيْهِ) لِأَنَّ ذَلِكَ أَهَمُّ مِنْ الْفِطْرَةِ، فَيُقَدَّمُ عَلَيْهَا،
لَكِنْ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْكُتُبِ وَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ.
ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ وَلَمْ أَجِدْ هَذَا فِي كَلَامِ أَحَدٍ قَبْلَهُ وَلَمْ يُسْتَدَلَّ عَلَيْهِ قَالَ: وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الْأَكْثَرُ مِنْ الْوُجُوبِ، وَاقْتِصَارِهِمْ عَلَى مَا سَبَقَ مِنْ الْمَانِعِ أَيْ مَا يَحْتَاجُهُ مِنْ مَسْكَنٍ وَعَبْدٍ، وَدَابَّةٍ وَثِيَابٍ بِذْلَةٍ: أَنَّ هَذَا لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ زَكَاةِ الْفِطْرِ وَذَكَرَ احْتِمَالًا أَنَّ الْكُتُبَ تُمْنَعُ بِخِلَافِ الْحُلِيِّ لِلْحَاجَةِ إلَى الْعِلْمِ وَتَحْصِيلِهِ قَالَ: وَلِهَذَا ذَكَرَ الشَّيْخُ، أَيْ الْمُوَفَّقُ: أَنَّ الْكُتُبَ تُمْنَعُ فِي الْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ وَلَمْ يَذْكُرْ الْحُلِيَّ، وَهَذَا الِاحْتِمَالُ هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْمُنْتَهَى وَعَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُوَفَّقُ وَالشَّارِحُ: هَلْ يَمْنَعُ ذَلِكَ أَخْذُ الزَّكَاةِ؟ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: يَتَوَجَّهُ احْتِمَالَانِ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَتَصْحِيحِ الْفُرُوعِ الصَّوَابُ: أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ.
(وَتَلْزَمُ الْمُكَاتَبَ فِطْرَةُ زَوْجَتِهِ وَفِطْرَةُ قَرِيبِهِ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) كَوَلَدِهِ التَّابِعُ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ.
(وَ) فِطْرَةُ (رَقِيقِهِ) كَفِطْرَةِ نَفْسِهِ، لِدُخُولِهِ فِي عُمُومِ النَّصِّ، وَلِأَنَّهُ مُسْلِمٌ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ مَنْ ذَكَرَ فَلَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ، كَالْحُرِّ، لَا عَلَى سَيِّدِهِ (وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ) مَعَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ زَكَاةُ الْفِطْرِ (إلَّا بَعْضَ صَاعٍ، لَزِمَهُ إخْرَاجُهُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» وَلِأَنَّهَا طُهْرَةٌ فَهِيَ كَالطَّهَارَةِ بِالْمَاءِ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْكَفَّارَةِ: أَنَّ الْكَفَّارَةَ بَدَلٌ بِخِلَافِ هَذِهِ فَيُخْرِجُ مَا وَجَدَهُ (عَنْ نَفْسِهِ) لِحَدِيثِ " ابْدَأْ بِنَفْسِك " وَيُكَمِّلُهُ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ، وَعَجَزَ عَنْ جَمِيعِهَا (فَإِنْ فَضَلَ) عِنْدَهُ (صَاعٌ وَبَعْضُ صَاعٍ، أَخْرَجَ الصَّاعَ عَنْ نَفْسِهِ) لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ.
(وَ) أَخْرَجَ بَعْضَ الصَّاعِ عَمَّنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ مِنْ زَوْجَةٍ وَنَحْوِهَا (وَيُكَمِّلُهُ الْمَخْرَجُ عَنْهُ) إنْ قَدَرَ لِأَنَّ الْأَصِيلَ وَالْمَخْرَجُ مُتَحَمِّلٌ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ.
(وَيَلْزَمُ الْمُسْلِمَ فِطْرَةُ مَنْ يَمُونُهُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الزَّوْجَاتِ وَالْإِمَاءِ وَالْأَقَارِبِ وَالْمَوَالِي) ، فَلَا تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَنْ يَمُونُهُ مِنْ الْكُفَّارِ، لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ لِلْمُخْرِجِ عَنْهُ وَلَا يُطَهِّرُهُ إلَّا الْإِسْلَامُ وَكَذَا عَبْدُ عَبْدِهِ (حَتَّى زَوْجَةُ عَبْدِهِ الْحُرَّةُ) كَنَفَقَتِهَا.
(وَ) حَتَّى (مَالِكُ نَفْعِ قِنٍّ فَقَطْ) لِأَنَّهَا طُهْرَةٌ وَهُوَ الْمُوصَى لَهُ بِنَفْعِهِ فَتَجِبُ فِطْرَتُهُ عَلَيْهِ، كَنَفَقَتِهِ، لَا عَلَى مَالِكِ الرَّقَبَةِ.
(وَ) حَتَّى (خَادِمُ زَوْجَتِهِ إنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ) لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ وَكَذَا مَرِيضٌ لَا يَحْتَاجُ نَفَقَةً لِعُمُومِ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «أَمَرَنَا النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِصَدَقَةِ الْفِطْرِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَالْحُرِّ، وَالْعَبْدِ، مِمَّنْ تَمُونُونَ» رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي
نَحْوَهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ (وَلَا تَلْزَمُ) الْفِطْرَةُ (الزَّوْجَ لِبَائِنٍ حَامِلٍ) ، لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ لَا لَهَا مِنْ أَجَلِ الْحَمْلِ وَالْحَمْلُ لَا تُلْزَمُ فِطْرَتُهُ (وَلَا) تَلْزَمُ الْفِطْرَةُ مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا أَوْ ظِئْرًا بِطَعَامِهِ وَكِسْوَتِهِ كَضَيْفٍ لِأَنَّ الْوَاجِبَ هَهُنَا أُجْرَةٌ تَعْتَمِدُ الشَّرْطَ فِي الْعَقْدِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ دَرَاهِمَ وَلِهَذَا تَخْتَصُّ بِزَمَنٍ مُقَدَّرٍ، كَسَائِرِ الْأُجَرِ.
(وَلَا) تَجِبُ فِطْرَةُ مَنْ وَجَبَتْ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ كَعَبْدِ الْغَنِيمَةِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ وَعَبْدِ (الْفَيْءِ وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَاللَّقِيطِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِإِنْفَاقٍ وَإِنَّمَا هُوَ إيصَالُ الْمَالِ فِي حَقِّهِ (وَلَا مَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ لِأَمَةٍ لَيْلًا فَقَطْ بَلْ هِيَ عَلَى سَيِّدِهَا) أَيْ لَوْ تَزَوَّجَ أَمَةً، وَتَسَلَّمَهَا لَيْلًا فَقَطْ، فَفِطْرَتُهَا عَلَى السَّيِّدِ دُونَ الزَّوْجِ لِأَنَّهَا وَقْتَ الْوُجُوبِ فِي نَوْبَةِ السَّيِّدِ.
(وَتَرْتِيبُهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (كَالنَّفَقَةِ) لِتَبَعِيَّتِهَا لَهَا (فَإِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يَمُونُ جَمَاعَةً (مَا يُؤَدِّي عَنْ جَمِيعِهِمْ بَدَأَ لُزُومًا بِنَفْسِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهَا تَنْبَنِي عَلَى النَّفَقَةِ، وَنَفَقَةُ نَفْسِهِ مُقَدَّمَةٌ فَكَذَا فِطْرَتُهُ (ثُمَّ بِامْرَأَتِهِ وَلَوْ أَمَةً) تَسَلَّمَهَا لَيْلًا وَنَهَارًا، لِوُجُوبِ نَفَقَتِهَا مُطْلَقًا بِخِلَافِ الْأَقَارِبِ وَقُمْت عَلَى غَيْرِهَا لِآكَدِيَّتِهَا، وَلِأَنَّهَا مُعَاوَضَةٌ (ثُمَّ بِرَقِيقِهِ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ مَعَ الْإِعْسَارِ وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ: يُحْتَمَلُ تَقْدِيمُهُ عَلَى الزَّوْجَةِ، لِئَلَّا تَسْقُطُ بِالْكُلِّيَّةِ (ثُمَّ بِأُمِّهِ) لِتَقْدِيمِهَا عَلَى الْأَبِ فِي الْبِرِّ، لِحَدِيثِ مَنْ أَبَرُّ؟ " (ثُمَّ بِأَبِيهِ) لِحَدِيثِ «أَنْتَ وَمَالُكَ لِأَبِيك» (ثُمَّ بِوَلَدِهِ) لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ فِي الْجُمْلَةِ (ثُمَّ عَلَى تَرْتِيبِ الْمِيرَاثِ: الْأَقْرَبَ فَالْأَقْرَبَ) لِأَنَّ الْأَقْرَبَ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ، فَقُدِّمَ كَالْمِيرَاثِ (وَإِنْ اسْتَوَى اثْنَانِ فَأَكْثَرُ) كَوَلَدَيْنِ أَوْ أَوْلَادٌ، أَوْ إخْوَةٌ وَلَمْ يَفْضُلْ غَيْرُ صَاعٍ أَقْرَعَ بَيْنَهُمْ) لِتَسَاوِيهِمْ وَعَدَمِ الْمُرَجَّحِ فَلَمْ يَبْقَ إلَّا الْقُرْعَةُ.
(وَلَا تَجِبُ) الْفِطْرَةُ (عَنْ جَنِينٍ) ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ إجْمَاعُ مَنْ يَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأَمْصَارِ، لِأَنَّهَا لَوْ تَعَلَّقَتْ بِهِ قَبْلَ ظُهُورِهِ لَتَعَلَّقَتْ الزَّكَاةُ بِأَجِنَّةِ السَّوَائِمِ، وَلِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الدُّنْيَا إلَّا فِي الْإِرْثِ وَالْوَصِيَّةِ، بِشَرْطِ خُرُوجِهِ حَيًّا (بَلْ تُسْتَحَبُّ) الْفِطْرَةُ عَنْ الْجَنِينِ، لِفِعْلِ عُثْمَانَ، وَعَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ " كَانَ يُعْجِبُهُمْ أَنْ يُعْطُوا زَكَاةَ الْفِطْرَةِ عَنْ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ، حَتَّى عَنْ الْحَمْلِ فِي بَطْنِ أُمِّهِ رَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ فِي الشَّافِي.
(وَمَنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَةِ مُسْلِمٍ شَهْرَ رَمَضَانَ كُلَّهُ، لَزِمَتْهُ فِطْرَتُهُ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَدُّوا صَدَقَةَ الْفِطْرِ عَمَّنْ تَمُونُونَ» وَرَوَى أَبُو بَكْرٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ زَكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى مَنْ جَرَتْ عَلَيْهِ نَفَقَتُك " وَهَذَا
يَعُمُّ مَنْ يَمُونُهُ وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ تَبَرُّعًا فَإِنْ تَبَرَّعَ بِمُؤْنَتِهِ بَعْضَ رَمَضَانَ وَلَوْ آخِرَهُ، لَمْ تَلْزَمْهُ لِظَاهِرِ النَّصِّ وَ (لَا إنْ مَانَهُ جَمَاعَةٌ) فَلَا يَلْزَمُهُمْ فِطْرَتُهُ لِعَدَمِ أَمَانَةِ أَحَدِهِمْ لَهُ جَمِيعَ الشَّهْرِ.
(وَإِذَا كَانَ رَفِيقَ وَاحِدٍ بَيْنَ شُرَكَاءَ) فَعَلَيْهِمْ صَاعٌ وَاحِدٌ بِحَسَبِ مِلْكِهِمْ فِيهِ، كَنَفَقَتِهِ (أَوْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَبَعْضُهُ رَقِيقٌ فَعَلَيْهِ وَعَلَى سَيِّدِهِ صَاعٌ، بِحَسَبِ الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ (أَوْ) كَانَ (قَرِيبٌ، أَوْ) عَتِيقٌ (تَلْزَمُ نَفَقَتُهُ اثْنَيْنِ) كَوَلَدَيْهِ أَوْ أَخَوَيْهِ، أَوْ مُعْتِقَيْهِ، أَوْ ابْنَيْ مُعْتِقَيْهِ، فَأَكْثَرُ فَفِطْرَتُهُ عَلَيْهِمْ كَنَفَقَتِهِ لَكِنْ لَوْ كَانَ أَبٌ وَأُمٌّ أَوْ جَدَّةٌ انْفَرَدَ بِهَا الْأَبُ كَالنَّفَقَةِ (أَوْ أَلْحَقَتْ الْقَافَةُ وَاحِدًا بِاثْنَيْنِ فَأَكْثَرُ) عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ فِي اللَّقِيطِ (فَعَلَيْهِمْ صَاعٌ وَاحِدٌ) لِأَنَّ الشَّارِعَ إنَّمَا أَوْجَبَ عَلَى الْوَاحِدِ صَاعًا فَأَجْزَأَ لِظَاهِرِ الْخَبَرِ وَكَالنَّفَقَةِ وَمَاءِ طَهَارَتِهِ.
(وَلَا تَدْخُلُ الْفِطْرَةُ فِي الْمُهَايَأَةِ فِيمَنْ بَعْضُهُ حُرِّ) لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ، كَالصَّلَاةِ وَالْمُهَايَأَةُ مُعَاوَضَةُ كَسْبٍ بِكَسْبٍ، (فَإِنْ كَانَ يَوْمَ الْعِيدِ نَوْبَةُ الْعَبْدِ الْمُعْتَقِ نِصْفُهُ مَثَلًا اعْتَبَرَ أَنْ يَفْضُلَ عَنْ قُوتِهِ نِصْفُ صَاعٍ) فَإِنْ عَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَلْزَمْ سَيِّدُهُ سِوَى نِصْفِ الصَّاعِ كَمَا لَوْ عَجَزَ مُكَاتَبٌ عَنْهَا.
(وَإِنْ كَانَتْ نَوْبَةُ السَّيِّدِ) يَوْمَ الْعِيدِ (لَزِمَ الْعَبْدَ أَيْضًا نِصْفُ صَاعٍ) وَلَوْ لَمْ يَمْلِكْ غَيْرَهُ لِأَنَّ مُؤْنَتَهُ عَلَى غَيْرِهِ (وَمَنْ عَجَزَ مِنْهُمْ) أَيْ الشُّرَكَاءِ فِي قِنٍّ أَوْ مِنْ وَارِثٍ لِقَرِيبٍ أَوْ عَتِيقٍ، أَوْ مَنْ أُلْحِقَ بِهِمْ وَلَدٌ (عَمَّا) وَجَبَ (عَلَيْهِ) مِنْ الْفِطْرَةِ الْمُشْتَرَكَةِ (لَمْ يَلْزَمْ الْآخَرَ سِوَى قِسْطِهِ، كَشَرِيكٍ ذِمِّيٍّ) فَلَا يَلْزَمُ الْمُسْلِمَ قِسْطُ الذِّمِّيِّ.
(وَإِنْ عَجَزَ زَوْجُ الْمَرْأَةِ عَنْ فِطْرَتِهَا فَ) هِيَ (عَلَيْهَا إنْ كَانَتْ حُرَّةً وَعَلَى سَيِّدِهَا إنْ كَانَتْ أَمَةً) لِأَنَّ الزَّوْجَ كَالْمَعْدُومِ (وَلَا تَرْجِعُ) الزَّوْجَةُ (الْحُرَّةُ، وَ) لَا (السَّيِّدُ بِهَا) أَيْ الْفِطْرَةِ (عَلَى الزَّوْجِ إذَا أَيْسَرَ) لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلُ، لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلتَّحَمُّلِ وَالْمُوَاسَاةِ.
(وَمَنْ لَهُ عَبْدٌ آبِقٌ أَوْ ضَالٌّ، أَوْ مَغْصُوبٌ، أَوْ مَحْبُوسٌ كَأَسِيرٍ فَعَلَيْهِ فِطْرَتُهُ) لِلْعُمُومِ، وَلِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ بِدَلِيلِ رُجُوعِ مَنْ رَدَّ الْآبِقَ بِنَفَقَتِهِ عَلَى سَيِّدِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَرْجُوَ رَجْعَتَهُ أَوْ يَيْأَسَ مِنْهَا وَلَا يَلْزَمُهُ إخْرَاجُهَا حَتَّى يَعُودَ إلَيْهِ زَادَ بَعْضُهُمْ: أَوْ يَعْلَمُ مَكَانَ الْآبِقِ قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ (إلَّا أَنْ يَشُكَّ) السَّيِّدُ (فِي حَيَاتِهِ) أَيْ الْآبِقِ وَنَحْوِهِ (فَتَسْقُطُ) فِطْرَتُهُ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ بَقَاءَهُ وَالْأَصْلُ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، وَالظَّاهِرُ مَوْتُهُ وَكَالنَّفَقَةِ وَلِأَنَّهُ لَوْ أَعْتَقَهُ عَنْ كَفَّارَتِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ (فَإِنْ عَلِمَ سَيِّدُهُ حَيَاتَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَخْرَجَ لِمَا مَضَى) لِأَنَّهُ بَانَ لَهُ وُجُودُ سَبَبِ الْوُجُوبِ فِي الْمَاضِي، فَوَجَبَ
الْإِخْرَاجُ، كَمَالٍ غَائِبٍ بَانَتْ سَلَامَتُهُ.
(وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجَ فِطْرَةُ زَوْجَةٍ نَاشِزٍ وَقْتَ الْوُجُوبِ) أَيْ وُجُوبِ زَكَاةِ الْفِطْرِ (وَلَوْ) كَانَتْ (حَامِلًا) لِأَنَّ النَّفَقَةَ لِلْحَمْلِ وَلَا تَلْزَمُ فِطْرَتَهُ (وَلَا يَلْزَمُ الزَّوْجُ) أَيْضًا فِطْرَةَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهَا، كَغَيْرِ الْمَدْخُولِ بِهَا إذَا لَمْ تُسَلَّمْ إلَيْهِ أَيْ تَبْذُلُ التَّسْلِيمَ هِيَ أَوْ وَلِيُّهَا.
(وَالصَّغِيرَةُ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الِاسْتِمْتَاعُ بِهَا) أَيْ بِنْتٌ دُونَ تِسْعٍ، لِأَنَّ الْفِطْرَةَ تَابِعَةٌ لِلنَّفَقَةِ، كَمَا تَقَدَّمَ (وَتَلْزَمُهُ فِطْرَةُ مَرِيضَةٍ وَنَحْوِهَا، لَا تَحْتَاجُ إلَى نَفَقَةٍ) لِأَنَّ عَدَمَ احْتِيَاجِهَا لِلنَّفَقَةِ لَا لِخَلَلٍ فِي الْمُقْتَضَى لَهَا بِخِلَافِ مَا قَبْلُ.
(وَمَنْ لَزِمَ غَيْرَهُ فِطْرَتُهُ) كَالزَّوْجَةِ (فَأَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ إذْنِ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (أَجْزَأَ) إخْرَاجُهُ (كَمَا لَوْ أَخْرَجَ بِإِذْنِهِ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ عَنْ نَفْسِهِ، فَأَجْزَأَهُ، كَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ (لِأَنَّ الْغَيْرَ مُحْتَمَلٌ) لِكَوْنِهَا طُهْرَةً (لَا أَصِيلَ) وَإِنْ كَانَ مُخَاطَبًا بِهَا (وَلَوْ لَمْ يُخْرِجْ مَنْ تَلْزَمُهُ فِطْرَةُ غَيْرِهِ مَعَ قُدْرَتِهِ) كَالزَّوْجِ الْقَادِرِ إذَا لَمْ يُخْرِجْ فِطْرَةَ زَوْجَتِهِ (لَمْ يَلْزَمْ الْغَيْرَ) الَّذِي هُوَ الزَّوْجَةُ فِي الْمِثَالِ (شَيْءٌ) لِعَدَمِ خِطَابِهَا بِهَا.
(وَلَهُ) أَيْ الْغَيْرِ الَّذِي وَجَبَتْ فِطْرَتُهُ عَلَى غَيْرِهِ (مُطَالَبَتُهُ بِالْإِخْرَاجِ) كَنَفَقَتِهِ قُلْت وَظَاهِرُهُ: وَلَوْ وَلَدًا، فَيُطَالِبُ وَالِدَهُ بِهَا، كَالنَّفَقَةِ.
(وَلَوْ أَخْرَجَ الْعَبْدُ) فِطْرَتَهُ (بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ لَمْ يُجْزِئُهُ) لِأَنَّهُ تَصَرَّفَ فِي مَالِ سَيِّدِهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ.
(وَإِنْ أَخْرَجَ) مَنْ يَصِحُّ تَبَرُّعُهُ (عَمَّنْ لَا تَلْزَمُهُ فِطْرَتُهُ) كَأَجْنَبِيٍّ (بِإِذْنِهِ، أَجْزَأَ) إخْرَاجُهُ عَنْهُ (وَإِلَّا فَلَا) قَالَ الْآجُرِّيُّ: هَذَا قَوْلُ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
(وَلَا يَمْنَعُ الدَّيْنُ وُجُوبَ الْفِطْرَةِ، إلَّا أَنْ يَكُونَ مُطَالَبًا بِهِ) لِتَأَكُّدِهَا، بِدَلِيلِ وُجُوبِهَا عَلَى الْفَقِيرِ، وَشُمُولِهَا لِكُلِّ مُسْلِمٍ قَدَرَ عَلَى إخْرَاجِهَا فَجَرَى مَجْرَى النَّفَقَةِ بِخِلَافِ زَكَاةِ الْمَالِ، فَإِنَّهَا تَجِبُ بِالْمِلْكِ، وَالدَّيْنُ يُؤَثِّرُ فِيهِ، وَالْفِطْرَةُ تَجِبُ عَلَى الْبَدَنِ، وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ فِيهِ، فَإِنْ كَانَ مُطَالَبًا بِهِ مَنَعَ وُجُوبِهَا، لِوُجُوبِ أَدَائِهِ عِنْدَ الْمُطَالَبَةِ، وَتَأَكُّدِهِ بِكَوْنِهِ حَقُّ آدَمِيٍّ، لَا يَسْقُطُ بِالْإِعْسَارِ، أَشْبَهَ مَنْ لَا فَضْلَ عِنْدَهُ.
(وَتَجِبُ) زَكَاةُ الْفِطْرِ (بِغُرُوبِ شَمْسِ لَيْلَةِ عِيدِ)(الْفِطْرِ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ «فَرَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم صَدَقَةَ الْفِطْرِ طُهْرَةً لِلصَّائِمِ مِنْ اللَّغْوِ وَالرَّفَثِ وَطُعْمَةً لِلْمَسَاكِينِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَقَالَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ، فَأَضَافَ الصَّدَقَةَ إلَى الْفِطْرِ فَكَانَتْ وَاجِبَةً بِهِ، لِأَنَّ الْإِضَافَةَ تَقْتَضِي الِاخْتِصَاصَ، وَأَوَّلُ فِطْرٍ يَقَعُ مِنْ جَمِيعِ رَمَضَانَ بِمَغِيبِ الشَّمْسِ مِنْ لَيْلَةِ الْفِطْرِ (فَمَنْ أَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ) أَيْ بَعْدَ الْغُرُوبِ (أَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بَعْدَهُ أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ) بَعْدَهُ (أَوْ مَلَكَ عَبْدًا)