المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل صدقة التطوع] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل صدقة التطوع]

أَوْ مُنْفَصِلَةً كَالْوَلَدِ؛ لِأَنَّهُ نَمَاءُ مِلْكِهِ.

(وَإِنْ تَلِفَتْ) الزَّكَاةُ (فِي يَدِ الْقَابِضِ) لَهَا مَعَ عَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِمَا سَبَقَ (ضَمِنَهَا لِعَدَمِ مِلْكِهِ) لَهَا (بِهَذَا الْقَبْضِ وَهُوَ قَبْضٌ بَاطِلٌ لَا يَجُوزُ لَهُ قَبْضُهُ) لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ (وَإِنْ كَانَ الدَّافِعُ) لِلزَّكَاةِ إلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا (الْإِمَام أَوْ السَّاعِي ضَمِنَ) لِتَفْرِيطِهِ (إلَّا إذَا بَانَ) الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ (غَنِيًّا) فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْإِمَامِ وَلَا نَائِبِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يَخْفَى غَالِبًا بِخِلَافِ الْكُفْرِ وَنَحْوِهِ.

(وَالْكَفَّارَةُ كَالزَّكَاةِ فِيمَا تَقَدَّمَ) فَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا إلَّا لِمَنْ يَعْلَمُهُ أَوْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا وَإِنْ دَفَعَهَا إلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا لَمْ تُجْزِئْهُ إلَّا لِغَنِيٍّ إذَا ظَنَّهُ فَقِيرًا.

(وَلَوْ دَفَعَ صَدَقَةَ التَّطَوُّعِ إلَى غَنِيٍّ وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) غِنَاهُ (لَمْ يَرْجِعْ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الثَّوَابُ وَلَمْ يَفُتْ بِخِلَافِ الزَّكَاةِ إذَا دَفَعَهَا لِكَافِرٍ وَنَحْوِهِ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إبْرَاءُ الذِّمَّةِ بِالزَّكَاةِ وَلَمْ يَحْصُلْ فَيَمْلِكُ الرُّجُوعَ (فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْ الزَّكَاةِ يَظُنُّهُ فَقِيرًا فَبَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَتْ) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى الرَّجُلَيْنِ الْجَلْدَيْنِ وَقَالَ: «وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ وَلَا قَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» وَلَوْ اعْتَبَرَ حَقِيقَةَ انْتِفَاءِ الْغَنِيِّ لَمَا اكْتَفَى بِقَوْلِهَا؛ وَلِأَنَّ الْغِنَى يَخْفَى وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «قَالَ رَجُلٌ: لَأَتَصَدَّقَنَّ بِصَدَقَةٍ فَخَرَجَ بِصَدَقَتِهِ فَوَضَعَهَا فِي يَدِ غَنِيٍّ فَأَصْبَحُوا يَتَحَدَّثُونَ: تُصُدِّقَ عَنْ غَنِيٍّ فَأُتِيَ فَقِيلَ لَهُ: أَمَّا صَدَقَتُكَ فَقَدْ تُقُبِّلَتْ فَلَعَلَّ الْغَنِيَّ يَعْتَبِرُ فَيُنْفِقَ مِمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْحَدِيثَ» .

[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

(فَصْلٌ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مُسْتَحَبَّةٌ كُلَّ وَقْتٍ) إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمَرَ بِهَا وَرَغَّبَ فِيهَا وَحَثَّ عَلَيْهَا فَقَالَ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245] وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «مَنْ تَصَدَّقَ بِعِدْلِ تَمْرَةٍ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ وَلَا يَصْعَدُ إلَيْهِ إلَّا طَيِّبٌ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُهَا بِيَمِينِهِ ثُمَّ يُرَبِّيهَا لِصَاحِبِهَا حَتَّى تَكُونَ مِثْلَ الْجَبَلِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ.

وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا «إنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ

ص: 295

الرَّبِّ، وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ.

(وَ) صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (سِرًّا أَفْضَلُ) مِنْهَا جَهْرًا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: 271] وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إلَّا ظِلُّهُ ذَكَرَ مِنْهُمْ رَجُلًا تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لَا تَعْلَمَ شِمَالُهُ مَا تُنْفِقُ يَمِينُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَ (بِطِيبِ نَفْسٍ) أَفْضَلُ مِنْهَا بِدُونِهِ وَ (فِي الصِّحَّةِ) أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ» (وَفِي رَمَضَانَ) أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهِ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ وَكَانَ جِبْرِيلُ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنْ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ؛ وَلِأَنَّ فِي الصَّدَقَةِ فِي رَمَضَانَ إعَانَةً عَلَى أَدَاءِ فَرِيضَةِ الصَّوْمِ (و) فِي (أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ) أَفْضَلُ مِنْهَا فِي غَيْرِهَا، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ} [البلد: 14] .

(وَكُلِّ زَمَانٍ أَوْ مَكَان فَاضِلٍ كَالْعَشْرِ وَالْحَرَمَيْنِ) حَرَمِ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَكَذَا الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى لِتَضَاعُفِ الْحَسَنَاتِ بِالْأَمْكِنَةِ وَالْأَزْمِنَةِ الْفَاضِلَةِ.

(وَهِيَ) أَيْ الصَّدَقَةُ (عَلَى ذِي الرَّحِمِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «الصَّدَقَةُ عَلَى الْمِسْكِينِ صَدَقَةٌ وَعَلَى ذِي الرَّحِمِ اثْنَتَانِ: صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ» قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَهُوَ حَدِيثٌ حَسَنٌ (لَا سِيَّمَا مَعَ الْعَدَاوَةِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تَصِلُ مَنْ عَادَاكَ» (فَهِيَ عَلَيْهِ) أَيْ الْقَرِيبِ أَفْضَلُ (ثُمَّ عَلَى جَارٍ أَفْضَلُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} [النساء: 36] وَلِحَدِيثِ «مَا زَالَ جِبْرِيلُ يُوصِينِي بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ» .

وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَخُصَّ بِالصَّدَقَةِ مَنْ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ، لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ} [البلد: 16] .

(وَيُسْتَحَبُّ) صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ (بِالْفَاضِلِ عَنْ كِفَايَتِهِ وَ) عَنْ (كِفَايَةِ مَنْ يُمَوِّنُهُ دَائِمًا بِ) سَبَبِ (مَتْجَرٍ أَوْ غَلَّةِ مِلْكٍ) مِنْ ضَيْعَةٍ أَوْ عَقَارٍ (أَوْ وَقْفٍ أَوْ ضَيْعَةٍ) أَوْ عَطَاءٍ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ.

(وَإِنْ تَصَدَّقَ بِمَا يُنْقِصُ مُؤْنَةَ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، أَوْ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَرِيمِهِ

ص: 296

أَوْ كَفَالَتِهِ) أَيْ كَفَالَةٍ فِي مَالٍ أَوْ بَدَنٍ (أَثِمَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَكَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِالصَّدَقَةِ فَقَامَ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عِنْدِي دِينَارٌ، فَقَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى نَفْسِكَ، فَقَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى وَلَدِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى زَوْجَتِكَ، قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: تَصَدَّقْ بِهِ عَلَى خَادِمِكَ قَالَ: عِنْدِي آخَرُ، قَالَ: أَنْتَ أَبْصَرُ» رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد فَإِنْ وَافَقَهُ عِيَالُهُ عَلَى الْإِيثَارِ فَهُوَ أَفْضَلُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: 9] .

(وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَهُوَ وَحْدَهُ) أَيْ لَا عِيَالَ لَهُ (وَيَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ) أَيْ الثِّقَةِ بِمَا عِنْدَ اللَّهِ وَالْيَأْسِ مِمَّا فِي أَيْدِي النَّاسِ (وَالصَّبْرَ عَنْ الْمَسْأَلَةِ فَلَهُ ذَلِكَ، أَيْ يُسْتَحَبُّ) لَهُ ذَلِكَ.

(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ) مِنْ نَفْسِهِ (ذَلِكَ) أَيْ حُسْنَ التَّوَكُّلِ وَالصَّبْرِ، (حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ (وَيُمْنَعُ مِنْهُ وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ) لِتَبْذِيرِهِ رَوَى جَابِرٌ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم إذْ «جَاءَ رَجُلٌ بِمِثْلِ بَيْضَةٍ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَصَبْتُ هَذِهِ مِنْ مَعْدِنٍ فَخُذْهَا فَهِيَ صَدَقَةٌ مَا أَمْلِكُ غَيْرَهَا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْمَنِ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رُكْنِهِ الْأَيْسَرِ، فَأَعْرَضَ عَنْهُ ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ خَلْفِهِ، فَأَخَذَهَا رَسُولُ اللَّهِ فَحَذَفَهُ بِهَا، فَلَوْ أَصَابَتْهُ لَأَوْجَعَتْهُ، أَوْ لَعَقَرَتْهُ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: يَأْتِي أَحَدُكُمْ بِمَا يَمْلِكُ فَيَقُولُ: هَذِهِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ يَقْعُدُ يَسْتَكِفُّ النَّاسَ، خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

وَفِي رِوَايَةٍ «خُذْ مَالَكَ عَفَاءً لَا حَاجَةَ لَنَا بِهِ» (وَإِنْ كَانَ لَهُ عَائِلَةٌ، وَلَهُمْ كِفَايَةٌ أَوْ يَكْفِيهِمْ بِمَكْسَبِهِ جَازَ لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ) أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه وَهِيَ أَنَّهُ «جَاءَ بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَا أَبْقَيْتَ لِأَهْلِكَ؟ فَقَالَ: اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَكَانَ تَاجِرًا ذَا مَكْسَبٍ» فَإِنَّهُ قَالَ حِين وُلِّيَ: " قَدْ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّ مَكْسَبِي لَمْ يَكُنْ يَعْجَزُ عَنْ مُؤْنَةِ عِيَالِي " وَهَذَا يَقْتَضِي الِاسْتِحْبَابَ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ كِفَايَةٌ وَلَمْ يَكْفِهِمْ بِمَكْسَبِهِ (فَلَا)

ص: 297

يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «كَفَى بِالْمَرْءِ إثْمًا أَنْ يُضَيِّعَ مَنْ يَقُوتُ» .

(وَيُكْرَهُ لِمَنْ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَوْ لَا عَادَةَ لَهُ بِهِ) أَيْ بِالضِّيقِ (أَنْ يَنْقُصَ عَنْ نَفْسِهِ الْكِفَايَةَ التَّامَّةَ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ التَّقْتِيرَ وَالتَّضْيِيقَ مَعَ الْقُدْرَةِ شُحٌّ وَبُخْلٌ نَهَى اللَّهُ عَنْهُ وَتَعَوَّذَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ، وَفِيهِ سُوءُ الظَّنِّ بِاَللَّهِ تَعَالَى.

(وَالْفَقِيرُ لَا يَقْتَرِضُ وَيَتَصَدَّقُ) لَكِنْ نَصَّ أَحْمَدُ فِي فَقِيرٍ لِقَرِيبِهِ وَلِيمَةٌ يَسْتَقْرِضُ، وَيُهْدِي لَهُ، وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ظَنَّ وَفَاءً.

(وَوَفَاءُ الدَّيْنِ مُقَدَّمٌ عَلَى الصَّدَقَةِ) لِوُجُوبِهِ.

(وَتَجُوزُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ عَلَى الْكَافِرِ وَالْغَنِيِّ وَغَيْرِهِمَا) مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَغَيْرِهِمْ مِمَّنْ مُنِعَ الزَّكَاةَ (وَلَهُمْ أَخْذُهَا) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا} [الإنسان: 8] وَلَمْ يَكُنْ الْأَسِيرُ يَوْمَئِذٍ إلَّا كَافِرًا وَكَسَا عُمَرُ أَخًا لَهُ مُشْرِكًا حُلَّةً كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَسَاهُ إيَّاهَا «وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِأَسْمَاءِ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ صِلِي أُمَّكِ» ، وَكَانَتْ قَدِمَتْ عَلَيْهَا مُشْرِكَةً.

(وَيُسْتَحَبُّ التَّعَفُّفُ فَلَا يَأْخُذُ الْغَنِيُّ صَدَقَةً وَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا) لِأَنَّ اللَّه تَعَالَى مَدَحَ الْمُتَعَفِّفِينَ عَنْ السُّؤَالِ مَعَ وُجُودِ حَاجَتِهِمْ، فَقَالَ:{يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ} [البقرة: 273](فَإِنْ أَخَذَهَا) الْغَنِيُّ (مُظْهِرًا لِلْفَاقَةِ حَرُمَ) عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ تَطَوُّعًا لِمَا فِيهِ مِنْ الْكَذِبِ وَالتَّغْرِيرِ وَرَوَى أَبُو سَعِيدٍ مَرْفُوعًا «فَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِحَقِّهِ يُبَارَكْ لَهُ فِيهِ، وَمَنْ يَأْخُذْ مَالًا بِغَيْرِ حَقِّهِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ» وَفِي لَفْظٍ: «إنَّ هَذَا الْمَالَ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ، فَمَنْ أَخَذَهُ بِحَقِّهِ وَوَضَعَهُ فِي حَقِّهِ فَنِعْمَ الْمَعُونَةُ هُوَ، وَمَنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ حَقِّهِ كَانَ كَاَلَّذِي يَأْكُلُ وَلَا يَشْبَعُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَيَحْرُمُ الْمَنُّ بِالصَّدَقَةِ وَغَيْرِهَا وَهُوَ كَبِيرَةٌ، وَيَبْطُلُ الثَّوَابُ بِذَلِكَ) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى} [البقرة: 264] قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلِأَصْحَابِنَا خِلَافٌ فِيهِ وَفِي بُطْلَانِ طَاعَةٍ بِمَعْصِيَةٍ، وَاخْتَارَ شَيْخُنَا الْإِحْبَاطَ بِمَعْنَى الْمُوَازَنَةِ وَذَكَرَ أَنَّهُ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ.

(وَمَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ أَوْ وَكَّلَ فِي ذَلِكَ) أَيْ الصَّدَقَةِ بِهِ (ثُمَّ بَدَا لَهُ) أَنْ لَا يَتَصَدَّقَ بِهِ (اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمْضِيَهُ) وَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهَا الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ إلَّا بِقَبْضِهَا، وَقَدْ صَحَّ عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ كَانَ إذَا

ص: 298