الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ يَبْعُدُ ذَلِكَ فَإِنَّ النَّجَاشِيَّ مَلِكَ الْحَبَشَةِ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ فَيَبْعُدُ أَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ أَحَدٌ يُصَلِّي عَلَيْهِ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْأَرْضَ زُوِيَتْ لَهُ صلى الله عليه وسلم وَكُشِفَ لَهُ عَنْ النَّجَاشِيِّ، حَتَّى رَآهُ حِينَ صَلَاتِهِ لَوْ كَانَ لَهُ أَصْلٌ لَذَكَرَهُ لِأَصْحَابِهِ وَلَنُقِلَ لِمَا فِيهِ مِنْ الْمُعْجِزَةِ الْعَظِيمَةِ كَمَا نَقَلَ إخْبَارُهُ لَهُمْ بِمَوْتِهِ يَوْمَ مَاتَ، وَأَيْضًا لَوْ تَمَّ ذَلِكَ فِي حَقِّهِ لَمَا تَمَّ فِي حَقِّ أَصْحَابِهِ وَ (لَا) يُصَلَّى عَلَى مَنْ (فِي أَحَدِ جَانِبَيْ الْبَلَدِ وَلَوْ كَانَ) الْبَلَدُ (كَبِيرًا وَلَوْ لِمَشَقَّةِ مَطَرٍ أَوْ مَرَضٍ) لِأَنَّهُ يُمْكِنُ حُضُورُهُ أَشْبَهَ مَا لَوْ كَانَا فِي جَانِبٍ وَاحِدٍ وَيُعْتَبَرُ انْفِصَالُهُ عَنْ الْبَلَدِ بِمَا يُعَدُّ الذَّهَابُ إلَيْهِ نَوْعَ سَفَرٍ وَقَالَ الْقَاضِي: يَكْفِي خَمْسُونَ خُطْوَةً قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: وَأَقْرَبُ الْحُدُودِ: مَا تَجِبُ فِيهِ الْجُمُعَةُ لِأَنَّهُ إذَنْ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ فِي الْبَلَدِ فَلَا يُعَدُّ غَائِبًا عَنْهَا.
وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي عَلَى قَبْرٍ وَغَائِبٍ وَقْتَ نَهْيٍ (وَلَا يُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ عَلَى كُلِّ غَائِبٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ، قَالَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ (وَمَنْ صَلَّى) عَلَى مَيِّتٍ (كُرِهَ لَهُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ قَالَ فِي الْفُصُولِ: لَا يُصَلِّيهَا مَرَّتَيْنِ كَالْعِيدِ (إلَّا عَلَى مَنْ صَلَّى عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ) كَالْغَائِبِ (إذَا حُضِرَ) جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ وَابْنُ حَمْدَانَ وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْفُرُوعِ (أَوْ وَجَدَ بَعْضَ مَيِّتٍ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ فَتُسَنُّ) إعَادَةُ الصَّلَاةِ (فِيهِمَا) مُرَّةً ثَانِيَةً (وَيَأْتِي) ذَلِكَ (أَوْ صَلَّى عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ (بِلَا إذْنِ مَنْ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ) بِالصَّلَاةِ (مَعَ حُضُورِهِ) أَيْ: الْأَوْلَى وَعَدَمُ إذْنِهِ وَلَمْ يُصَلِّ مَعَهُ (فَتُعَادُ) الصَّلَاةُ عَلَيْهِ (تَبَعًا) لِلْوَلِيِّ لِأَنَّهَا حَقُّهُ ذَكَرَهُ أَبُو الْمَعَالِي وَظَاهِرُهُ: لَا يُعِيدُ غَيْرَ الْوَلِيِّ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ.
[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]
فَصْلُ (وَيَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا وَلَوْ قَرِيبًا أَوْ يُكَفِّنَهُ أَوْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَوْ يَتْبَعَ جِنَازَتَهُ أَوْ يَدْفِنَهُ) .
لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} [الممتحنة: 13] وَغُسْلُهُمْ وَنَحْوُهُ: تَوَلٍّ لَهُمْ وَلِأَنَّهُ تَعْظِيمٌ لَهُمْ، وَتَطْهِيرٌ فَأَشْبَهَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ وَفَارَقَ غُسْلَهُ فِي حَيَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْصَدُ بِهِ ذَلِكَ (إلَّا أَنْ لَا يَجِدَ مَنْ يُوَارِيهِ غَيْرَهُ فَيُوَارَى عِنْدَ الْعَدَمِ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا أُخْبِرَ بِمَوْتِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ لِعَلِيٍّ اذْهَبْ فَوَارِهِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد
وَالنَّسَائِيُّ وَكَذَلِكَ قَتْلَى بَدْرٍ أُلْقُوا فِي الْقَلِيبِ، أَوْ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ بِتَرْكِهِ وَيَتَغَيَّرُ بِبَقَائِهِ (فَإِنْ أَرَادَ) الْمُسْلِمُ (أَنْ يَتْبَعَ قَرِيبًا لَهُ كَافِرًا إلَى الْمَقْبَرَةِ رَكِبَ) الْمُسْلِمُ (دَابَّتَهُ وَسَارَ أَمَامَهُ) أَيْ: قُدَّامَ جِنَازَتِهِ (فَلَا يَكُونُ مَعَهُ) وَلَا مُتَّبِعًا لَهُ (وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَأْكُولٍ فِي بَطْنِ سَبُعٍ) قَالَ فِي الْفُصُولِ: فَأَمَّا إنْ حَصَلَ فِي بَطْنِ سَبُعٍ لَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ، مَعَ مُشَاهَدَةِ السَّبُعِ (وَ) لَا يُصَلَّى عَلَى (مُسْتَحِيلٍ بِإِحْرَاقٍ) لِاسْتِحَالَتِهِ.
(وَنَحْوِهِمَا) أَيْ: نَحْوُ أَكِيلِ السَّبُعِ وَالْمُسْتَحِيلُ بِإِحْرَاقٍ كَأَكِيلِ تِمْسَاحٍ وَمُسْتَحِيلٍ بِصِيَانَةٍ أَوْ نَحْوِهَا.
(وَلَا يُسَنُّ لِلْإِمَامِ الْأَعْظَمِ، وَ) لَا لِ (إمَامِ كُلِّ قَرْيَةٍ - وَهُوَ وَالِيهَا فِي الْقَضَاءِ الصَّلَاةُ عَلَى غَالٍّ وَهُوَ مَنْ كَتَمَ غَنِيمَةً أَوْ بَعْضَهَا) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم امْتَنَعَ مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: «صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ الْقَوْمِ فَقَالَ: إنَّ صَاحِبَكُمْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا فِيهِ حِرْزًا مِنْ حِرْزِ الْيَهُودِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ إلَّا التِّرْمِذِيَّ، وَاحْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ (وَ) .
(لَا) عَلَى (قَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا) لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ عَنْ جَابِرِ بْنِ سُمْرَةَ أَنَّ «رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ» .
وَفِي رِوَايَةٍ لِلنَّسَائِيِّ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْهِ» وَالْمَشَاقِصُ جَمْعُ مِشْقَصٍ قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَالْمِشْقَصُ كَمِنْبَرٍ: نَصْلٌ عَرِيضٌ أَوْ سَهْمٌ فِيهِ ذَلِكَ وَالنَّصْلُ الطَّوِيلُ أَوْ سَهْمٌ فِيهِ ذَلِكَ يُرْمَى بِهِ الْوَحْشُ اهـ فَامْتَنَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الصَّلَاةِ عَلَى الْغَالِّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ وَهُوَ الْإِمَامُ وَأَمَرَ غَيْرَهُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِمَا وَأُلْحِقَ بِهِ مَنْ سَاوَاهُ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ مَا ثَبَتَ فِي حَقِّهِ ثَبَتَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى اخْتِصَاصِهِ بِهِ دَلِيلٌ وَأَمَّا تَرْكُهُ صلى الله عليه وسلم لِلصَّلَاةِ عَلَى مَدِينٍ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً، فَكَانَ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ، ثُمَّ نُسِخَ، كَمَا يَأْتِي فِي الْخَصَائِصِ.
(وَلَوْ صَلَّى) الْإِمَامُ الْأَعْظَمُ أَوْ قَاضِيهِ (عَلَيْهِمَا) أَيْ: عَلَى الْغَالِّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ عَمْدًا (فَلَا بَأْسَ كَبَقِيَّةِ النَّاسِ) لِأَنَّ امْتِنَاعِهِ مِنْ ذَلِكَ رَدْعٌ وَزَجْرٌ، لَا لِتَحْرِيمِهِ (وَإِنْ تَرَكَ أَئِمَّةُ الدِّينِ الَّذِينَ يُقْتَدَى بِهِمْ الصَّلَاةَ عَلَى قَاتِلِ نَفْسِهِ، زَجْرًا لِغَيْرِهِ فَهَذَا أَحَقُّ) لِأَنَّ لَهُ شَبَهًا بِمَا سَبَقَ وَبِإِقَامَةِ الْحُدُودِ.
(وَيُصَلِّي عَلَى كُلِّ عَاصٍ، كَسَارِقٍ وَشَارِبِ خَمْرٍ، وَمَقْتُولٍ قِصَاصًا، أَوْ حَدًّا أَوْ غَيْرِهِمْ) قَالَ الْإِمَامُ: مَا نَعْلَمُ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَى أَحَدٍ إلَّا عَلَى الْغَالِّ وَقَاتِلِ نَفْسِهِ.
(وَ) يُصَلِّي الْإِمَامُ وَغَيْرُهُ عَلَى (مَدِينٍ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً) لِمَا تَقَدَّمَ وَيَأْتِي نَسْخُ امْتِنَاعِهِ صلى الله عليه وسلم مِنْهُ (وَلَا يُغَسَّلُ) كُلُّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ (وَلَا يُصَلَّى عَلَى كُلِّ صَاحِبِ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ نَصًّا وَلَا يُوَرَّثُ وَيَكُونُ مَالُهُ فَيْئًا)
كَسَائِرِ الْمُرْتَدِّينَ.
(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ الْجَهْمِيَّةُ وَالرَّافِضَةُ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِمْ وَقَالَ أَهْلُ الْبِدَعِ إنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تُصَلُّوا عَلَيْهِمْ) وَذَلِكَ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَرَكَ الصَّلَاةَ بِأَدَقِّ مِنْ هَذَا، فَأَوْلَى أَنْ تُتْرَكَ الصَّلَاةُ بِهِ وَلِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«إنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ مَجُوسًا، وَإِنَّ مَجُوسَ أُمَّتِي الَّذِينَ يَقُولُونَ لَا قَدَرَ، فَإِنْ مَرِضُوا فَلَا تَعُودُوهُمْ وَإِنْ مَاتُوا فَلَا تَشْهَدُوهُمْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَيَأْتِي قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ فِي الشَّهَادَاتِ وَيُكَفَّرُ مُجْتَهِدُهُمْ الدَّاعِيَةُ، وَغَيْرُهُ فَاسِقٌ.
(وَإِنْ وُجِدَ بَعْضُ مَيِّتٍ تَحْقِيقًا) أَيْ: يَقِينًا أَنَّهُ مِنْ مَيِّتٍ (غَيْرِ شَعْرٍ وَظُفْرٍ وَسِنٍّ، غُسِّلَ وَكُفِّنَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ، وَدُفِنَ وُجُوبًا) لِأَنَّ أَبَا أَيُّوبَ صَلَّى عَلَى رِجْلٍ قَالَهُ أَحْمَدُ وَصَلَّى عُمَرُ عَلَى عِظَامٍ بِالشَّامِ وَصَلَّى أَبُو عُبَيْدَةَ عَلَى رُءُوسٍ بَعْدَ تَغْسِيلِهَا وَتَكْفِينِهَا رَوَاهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: أَلْقَى طَائِرٌ يَدًا بِمَكَّةَ مِنْ وَقْعَةِ الْجَمَلِ، عُرِفَتْ بِالْخَاتَمِ وَكَانَتْ يَدَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ، فَصَلَّى عَلَيْهَا أَهْلُ مَكَّةَ وَاسْتَثْنَى الشَّعْرَ وَالظُّفْرَ وَالسِّنَّ لِأَنَّهُ لَا حَيَاةَ فِيهَا (يَنْوِي) بِالصَّلَاةِ (ذَلِكَ الْبَعْضَ فَقَطْ) أَيْ: دُونَ الْجُمْلَةِ لِأَنَّهَا غَيْرُ حَاضِرَةٍ بَيْنَ يَدَيْهِ وَمَحَلُّ وُجُوبِ الصَّلَاةِ عَلَى ذَلِكَ الْبَعْضِ (إنْ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ وَإِلَّا) بِأَنْ كَانَ صَلَّى عَلَى جُمْلَتِهِ (سُنَّتْ الصَّلَاةُ) عَلَى ذَلِكَ، الْبَعْضِ وَلَمْ تَجِبْ لِتَقَدُّمِ الصَّلَاةِ عَلَى جُمْلَتِهِ، وَجُعِلَ الْأَكْثَرُ كَالْكُلِّ (ثُمَّ إنْ وُجِدَ الْبَاقِي) مِنْ الْمَيِّتِ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وُجُوبًا وَ (صُلِّيَ عَلَيْهِ وَدُفِنَ بِجَنْبِهِ) أَيْ: جَنْبِ قَبْرِهِ أَوْ فِي جَانِبِ الْقَبْرِ.
(وَلَمْ يُنْبَشْ) مَا تَقَدَّمَ دَفْنُهُ، لِيُضَافَ إلَيْهِ الْبَاقِي احْتِرَامًا لَهُ (وَلَا يُصَلَّى عَلَى مَا بَانَ) أَيْ: انْفَصَلَ (مِنْ حَيٍّ، كَيْدِ سَارِقٍ وَنَحْوِهِ) كَقَاطِعِ طَرِيقٍ وَجَانٍ، وَمَقْطُوعٍ ظُلْمًا مَا دَامَ حَيَّا.
(وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُدْفَنَ الْمُسْلِمُ فِي مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ وَلَا بِالْعَكْسِ) بِأَنْ يُدْفَنَ الْكَافِرُ فِي مَقْبَرَةِ الْمُسْلِمِينَ لِمَا يَأْتِي فِي أَحْكَامِ الذِّمَّةِ مِنْ وُجُوبِ تَمْيِيزِهِمْ عَنَّا (وَلَوْ جُعِلَتْ مَقْبَرَةُ الْكُفَّارِ الْمُنْدَرِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْمُسْلِمِينَ) بَعْدَ نَقْلِ عِظَامِهَا إنْ كَانَتْ (جَازَ) كَجَعْلِهَا مَسْجِدًا وَلِعَدَمِ احْتِرَامِهِمْ (فَإِنْ بَقِيَ عَظْمُ) حَرْبِيٍّ (دُفِنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ وَغَيْرُهَا) أَيْ: غَيْرُ مَقْبَرَةِ الْكُفَّارِ الدَّفْنُ فِيهِ (أَوْلَى إنْ أَمْكَنَ) تَبَاعُدًا عَنْ مَوَاضِعِ الْعَذَابِ وَلَا يَجُوزُ الْعَكْسُ بِأَنْ تُجْعَلَ مَقْبَرَةُ الْمُسْلِمِينَ الدَّارِسَةُ مَقْبَرَةً لِلْكُفَّارِ، وَلَا نَقْلُ عِظَامِ الْمُسْلِمِينَ لِتُدْفَنَ بِمَوْضِعٍ آخَرَ، لِاحْتِرَامِهَا.
(وَإِنْ اخْتَلَطَ مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يُصَلَّى عَلَيْهِ) بِأَنْ اخْتَلَطَ أَمْوَاتٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ (وَاشْتَبَهَ) مَنْ يُصَلِّي عَلَيْهِ بِمَنْ لَا يُصَلِّي عَلَيْهِ (كَمُسْلِمٍ وَكَافِرٍ) اشْتَبَهَا، وَلَوْ مِنْ غَيْرِ
اخْتِلَاطٍ (صَلَّى عَلَى الْجَمِيعِ يَنْوِي) الصَّلَاةَ عَلَى (مَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ) مِنْهُمْ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَاجِبَةٌ، وَلَا طَرِيقَ إلَيْهَا هُنَا إلَّا بِالصَّلَاةِ عَلَى الْجَمِيعِ وَصِفَةُ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ: أَنْ يَصُفَّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ وَيُصَلِّيَ عَلَيْهِمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، يَنْوِي بِالصَّلَاةِ الْمُسْلِمِينَ مِنْهُمْ لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْكَافِرِ لَا تَجُوزُ.
فَلَمْ يَكُنْ بُدٌّ مِنْ ذَلِكَ (بَعْدَ غُسْلِهِمْ وَتَكْفِينِهِمْ) لِأَنَّ الصَّلَاةَ عَلَى الْمَيِّتِ لَا تَصِحُّ إلَّا بَعْدَ غُسْلِهِ وَتَكْفِينِهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ فَوَجَبَ أَنْ يُغَسَّلُوا وَيُكَفَّنُوا كُلُّهُمْ سَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ غَيْرِهَا، كَثُرَ الْمُسْلِمُونَ مِنْهُمْ أَوْ قَلُّوا (وَدُفِنُوا مُنْفَرِدِينَ) عَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ كُلُّ وَاحِدٍ بِمَكَانٍ وَحْدَهُ (إنْ أَمْكَنَ) ذَلِكَ لِئَلَّا يُدْفَنَ مُسْلِمٌ مَعَ كَافِرٍ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ إفْرَادُهُمْ (فَ) إنَّهُمْ يُدْفَنُونَ (مَعَ الْمُسْلِمِينَ) احْتِرَامًا لِمَنْ فِيهِمْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ (وَإِنْ وُجِدَ مَيِّتٌ فَلَمْ يُعْلَمْ: أَمُسْلِمٌ هُوَ أَمْ كَافِرٌ؟ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ بِعَلَامَةٍ مِنْ خِتَانٍ وَثِيَابٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ فِي دَارِ إسْلَامٍ غُسِّلَ وَصُلِّيَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ فِي دَارِ كُفْرٍ لَمْ يُغْسَلْ وَلَمْ يُصَلَّ عَلَيْهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ مَنْ كَانَ فِي دَارٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهَا، يَثْبُتُ لَهُ حُكْمُهُمْ، مَا لَمْ يَقُمْ عَلَى خِلَافِهِ دَلِيلٌ، وَلَوْ مَاتَ مَنْ نَعْهَدُهُ ذِمِّيًّا فَشَهِدَ عَدْلٌ أَنَّهُ مَاتَ مُسْلِمًا لَمْ يُحْكَمْ بِشَهَادَتِهِ فِي تَوْرِيثِ قَرِيبِهِ الْمُسْلِمِ، وَحُكِمَ بِهَا فِي الصَّلَاةِ عَلَيْهِ، بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ بِوَاحِدٍ.
(وَتُبَاحُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَيِّتِ (فِي مَسْجِدٍ، إنْ أُمِنَ تَلْوِيثُهُ) قَالَ الْآجُرِّيُّ السُّنَّةُ أَنْ يُصَلَّى عَلَيْهِ فِيهِ، لِقَوْلِ عَائِشَةَ «صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى سَهْلِ بْنِ بَيْضَاءَ فِي الْمَسْجِدِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَصَلَّى عَلَى أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ، فِيهِ رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهَا صَلَاةٌ فَلَمْ تُكْرَهْ فِيهِ كَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ.
(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يُؤْمَنْ تَلْوِيثُ الْمَسْجِدِ (حَرُمَ) أَنْ يُصَلَّى عَلَى الْمَيِّتِ فِيهِ، خَشْيَةَ تَنْجِيسِهِ (وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْهُ) أَيْ: الْمَيِّتَ (غَيْرُ نِسَاءٍ صَلَّيْنَ عَلَيْهِ وُجُوبًا) لِأَنَّ عَائِشَةَ " أَمَرَتْ أَنْ تُؤْتَى بِأُمِّ سَعْدٍ " وَكَسَائِرِ الصَّلَوَاتِ، وَلِضَرُورَةِ الْخُرُوجِ عَنْ عُهْدَةِ الْفَرْضِ.
(وَيَسْقُطُ بِهِنَّ فَرْضُهَا) وَالْمُرَادُ بِوَاحِدَةٍ وَتُسَنُّ لَهُنَّ جَمَاعَةٌ نَصَّ عَلَيْهِ (وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ) لِلْإِمَامَةِ (مَنْ يُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ) فَإِنْ كَانَ الْمَيِّتُ أَوْصَى لِإِحْدَاهُنَّ قُدِّمَتْ عَلَى سَائِرِهِنَّ وَإِلَّا فَأُمُّهُ ثُمَّ جَدَّتُهُ، ثُمَّ امْرَأَةٌ مِنْ عُصَبَاتِهِ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى ثُمَّ مِنْ أَرْحَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِنَّ قَاضِيَةٌ أَوْ وَالِيَةٌ قُدِّمَتْ لِأَنَّ