المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل كل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام فهو لمساكين الحرم] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل كل هدي أو إطعام يتعلق بحرم أو إحرام فهو لمساكين الحرم]

عُذْرٍ.

(فَإِنْ لَبِسَ بَعْدَ إحْرَامِهِ ثَوْبًا كَانَ مُطَيَّبًا أَوْ انْقَطَعَ رِيحُهُ) إذَا رُشَّ فِيهِ مَاءٌ فَاحَ رِيحُهُ فَدَى (أَوْ افْتَرَشَهُ وَلَوْ تَحْتَ حَائِلٍ غَيْرِ ثِيَابِهِ لَا يَمْنَعُ رِيحُهُ وَمُبَاشَرَتِهِ إذَا رَشَّ فِيهِ مَاءً فَاحَ رِيحُهُ فَدَى) ؛ لِأَنَّهُ مُطَيَّبٌ بِدَلِيلِ أَنَّ رَائِحَتَهُ تَظْهَرُ عِنْدَ رَشِّ الْمَاءِ وَالْمَاءُ لَا رَائِحَةَ لَهُ وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ الطِّيبِ الَّذِي فِيهِ أَشْبَهَ مَا لَوْ ظَهَرَتْ الرَّائِحَةُ بِنَفْسِهَا فَإِنْ كَانَ الْحَائِلُ غَيْرَ ثِيَابِهِ صَفِيقًا يَمْنَعُ رِيحَهُ وَمُبَاشَرَتَهُ فَلَا فِدْيَةَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ مُسْتَعْمِلًا لَهُ.

[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

فَصْلٌ (وَكُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ كَجَزَاءِ صَيْدٍ وَمَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ) وَجَبَ ل (فَوَاتٍ أَوْ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ فِي الْحَرَمِ وَهَدْيِ تَمَتُّعٍ وَقِرَانٍ وَمَنْذُورٍ وَنَحْوِهَا) فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ أَمَّا الْهَدْيُ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] وَأَمَّا جَزَاءُ الصَّيْدِ فَلِقَوْلِهِ تَعَالَى: {هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ} [المائدة: 95] وَأَمَّا مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ أَوْ فَوَاتِ الْحَجِّ فَلِأَنَّهُ هَدْيٌ وَجَبَ لِتَرْكِ نُسُكٍ أَشْبَهَ دَمَ الْقِرَانِ وَالْإِطْعَامِ فِي مَعْنَى الْهَدْيِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ "؛ وَلِأَنَّهُ نُسُكٌ يَنْفَعَهُمْ كَالْهَدْيِ وَكُلُّ هَدْيٍ قُلْنَا إنَّهُ لِمَسَاكِينِ الْحَرَم فَإِنَّهُ (يَلْزَمهُ ذَبْحه فِي الْحَرَم) وَيُجْزِئُهُ الذَّبْح فِي جَمِيع الْحَرَم لِمَا رُوِيَ عَنْ جَابِر مَرْفُوعًا «كُلُّ فِجَاجِ مَكَّةَ طَرِيقٌ وَمَنْحَرٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَلَكِنَّهُ فِي مُسْلِمٍ عَنْهُ مَرْفُوعًا «مِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ» وَإِنَّمَا أَرَادَ الْحَرَمَ؛ لِأَنَّهُ كُلَّهُ طَرِيقٌ إلَيْهَا، وَالْفَجُّ الطَّرِيقُ وَقَوْلُهُ: هَدْيًا بَالِغَ الْكَعْبَةِ وَقَوْلُهُ: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} [الحج: 33] لَا يُمْنَعُ الذَّبْحُ فِي غَيْرِهَا كَمَا لَمْ يَمْنَعْهُ بِمِنًى.

(وَ) يَلْزَمُهُ (تَفْرِقَةُ لَحْمِهِ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَرَمِ (أَوْ إطْلَاقُهُ بَعْدَ ذَبْحِهِ لِمَسَاكِينِهِ) أَيْ: الْحَرَمِ (مِنْ الْمُسْلِمِينَ إنْ قَدِرَ عَلَى إيصَالِهِ إلَيْهِمْ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ ذَبْحِهِ بِالْحَرَمِ التَّوْسِعَةُ عَلَى مَسَاكِينِهِ وَلَا يَحْصُلُ بِإِعْطَاءِ غَيْرِهِمْ.

(وَهُمْ) أَيْ: مَسَاكِينُ الْحَرَم (مَنْ كَانَ) مُقِيمًا

ص: 460

(بِهِ أَوْ وَارِدًا إلَيْهِ مِنْ حَاجٍّ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ لَهُ أَخْذُ زَكَاةٍ لِحَاجَةٍ) كَالْفَقِيرِ وَالْمِسْكِينِ وَالْمُكَاتَبِ وَالْغَارِمِ لِنَفْسِهِ (فَإِنْ دَفَعَ) مِنْ الْهَدْيِ أَوْ الْإِطْعَامِ (إلَى فَقِيرٍ فِي ظَنِّهِ فَبَانَ غَنِيًّا أَجْزَأَهُ) كَالزَّكَاةِ.

(وَيُجْزِئُ نَحْرُهُ فِي أَيِّ نَوَاحِي الْحَرَمِ كَانَ) الذَّبْحُ.

(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ مَكَّةُ وَمِنًى وَاحِدٌ وَمُرَادُهُ: فِي الْإِجْزَاءِ لَا فِي التَّسَاوِي) فِي الْفَضِيلَةِ (وَمِنًى كُلُّهَا مَنْحَرٌ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ مُسْلِمٍ (وَالْأَفْضَلُ: أَنْ يَنْحَرَ فِي الْحَجِّ بِمِنًى وَفِي الْعُمْرَةِ بِالْمَرْوَةِ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ رحمه الله.

(وَإِنْ سَلَّمَهُ) أَيْ: الْهَدْيَ حَيًّا (إلَيْهِمْ) أَيْ: إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (فَنَحَرُوهُ) بِالْحَرَمِ (أَجْزَأَ) لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْحَرُوهُ (اسْتَرَدَّهُ) مِنْهُمْ.

(وَنَحَرَهُ) لِوُجُوبِ نَحْرِهِ (فَإِنْ أَبَى) أَنْ يَسْتَرِدَّهُ (أَوْ عَجَزَ) عَنْ اسْتِرْدَادِهِ (ضَمِنَهُ) لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ لِعَدَمِ خُرُوجِهِ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ.

(فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إيصَالِهِ إلَيْهِمْ) أَيْ: إلَى مَسَاكِينِ الْحَرَمِ (جَازَ نَحْرُهُ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ) كَالْهَدْيِ إذَا عَطِبَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا} [البقرة: 286] .

(وَ) جَازَ (تَفْرِقَتُهُ هُوَ) أَيْ: الْهَدْيَ الَّذِي عَجَزَ عَنْ إيصَالِهِ (وَ) تَفْرِقَةِ (الطَّعَامُ) إذَا عَجَزَ عَنْ إيصَالِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ بِمَنْ يُرْسِلُهُ مَعَهُ (حَيْثُ نَحَرَهُ) أَيْ: بِالْمَكَانِ الَّذِي نَحَرَهُ فِيهِ لِمَا تَقَدَّمَ (فِدْيَةَ الْأَذَى وَاللُّبْسِ وَنَحْوِهِمَا كَطِيبٍ وَدَمِ الْمُبَاشَرَةِ دُونَ الْفَرْجِ إذَا لَمْ يُنْزِلْ وَمَا وَجَبَ بِفِعْلِ مَحْظُورٍ خَارِجَ الْحَرَمِ وَلَوْ لِغَيْرِ عُذْرٍ غَيْرِ جَزَاءِ صَيْدٍ فَلَهُ تَفْرِقَتُهَا) أَيْ: الْفِدْيَةِ دَمًا كَانَتْ أَوْ طَعَامًا (حَيْثُ وُجِدَ سَبَبُهَا) ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ كَعْبَ بْنَ عُجْرَةَ بِالْفِدْيَةِ بِالْحُدَيْبِيَةِ وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ» وَاشْتَكَى الْحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ رَأْسَهُ فَحَلَقَهُ عَلِيٌّ وَنَحَرَ عَنْهُ جَزُورًا بِالسُّقْيَا رَوَاهُ مَالِكٌ وَالْأَثْرَمُ وَغَيْرُهُمَا.

(وَ) لَهُ تَفْرِقَتُهَا (فِي الْحَرَم أَيْضًا) كَسَائِرِ الْهَدَايَا.

(وَوَقْتُ ذَبْحِ فِدْيَةِ الْأَذَى) أَيْ: حَلْقِ الرَّأْسِ (وَ) فِدْيَةِ (اللُّبْسِ وَنَحْوِهِمَا) كَتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ وَالطِّيبِ.

(وَمَا لَحِقَ بِهِ) أَيْ: بِمَا ذُكِرَ مِنْ الْمَحْظُورَاتِ (حِين فَعَلَهُ) أَيْ: الْمَحْظُورَ (وَلَهُ الذَّبْحُ قَبْلَهُ) إذَا أَرَادَ فِعْلَهُ (لِعُذْرٍ) كَكَفَّارَةِ الْيَمِينِ وَنَحْوِهَا وَتَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ (وَكَذَلِكَ مَا وَجَبَ لِتَرْكِ وَاجِبٍ) أَيْ: يَكُونُ وَقْتُهُ مِنْ تَرْكِ ذَلِكَ الْوَاجِبِ (وَلَوْ أَمْسَكَ صَيْدًا أَوْ جَرَحَهُ ثُمَّ أَخْرَجَ جَزَاءَهُ ثُمَّ تَلِفَ الْمَجْرُوحُ أَوْ الْمُمْسَكُ أَوْ قَدَّمَ مَنْ أُبِيحَ لَهُ الْحَلْقُ فَدِيَتُهُ قَبْلَ الْحَلْقِ ثُمَّ حَلَقَ أَجْزَأَهُ) وَلَا يَخْلُو عَنْ نَوْعِ تَكْرَارِ مَعَ مَا قَبْلَهُ.

(وَدَم الْإِحْصَارِ يُخْرِجُهُ حَيْثُ

ص: 461

أُحْصِرَ) مِنْ حِلٍّ أَوْ حَرَمٍ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «نَحَرَ هَدْيَهُ فِي مَوْضِعِهِ بِالْحُدَيْبِيَةِ» وَهِيَ مِنْ الْحِلِّ وَدَلَّ عَلَى ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفًا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ} [الفتح: 25] ؛ وَلِأَنَّهُ مَوْضِعُ حِلِّهِ فَكَانَ مَوْضِعُ نَحْرِهِ كَالْحَرَمِ.

(وَأَمَّا الصِّيَامُ وَالْحَلْقُ) فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَان لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ " الْهَدْيُ وَالْإِطْعَامُ بِمَكَّةَ وَالصَّوْمُ حَيْثُ شَاءَ "؛ وَلِأَنَّهُ لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ إلَى أَحَدٍ فَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ بِخِلَافِ الْهَدْيِ وَالْإِطْعَامِ وَلِعَدَمِ الدَّلِيلِ عَلَى التَّخْصِيصِ.

(وَ) أَمَّا (هَدْيُ التَّطَوُّعِ وَمَا يُسَمَّى نُسُكًا فَيُجْزِئُهُ بِكُلِّ مَكَان كَالْأُضْحِيَّةِ) ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ هَدْيَ التَّطَوُّعِ لِأَهْلِ الْحَرَمِ وَكَذَا مَا كَانَ نُسُكًا فَلَعَلَّ أَنْ يَكُونَ هُنَا نَقْصٌ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ: لِعَدَمِ نَفْعِهِ وَلَا مَعْنَى لِتَخْصِيصِهِ بِمَكَانٍ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يُنَافِي هَدْيَ التَّطَوُّعِ وَمَا يُسَمَّى نُسُكًا فَإِنَّ فِيهِمَا نَفْعًا لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ.

(وَكُلُّ دَمٍ ذُكِرَ) وَلَمْ يُقَيَّدْ (يُجْزِئُ فِيهِ شَاةٌ كَأُضْحِيَّةٍ فَيُجْزِئُ الْجِذْعُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ أَوْ سُبُعُ بَدَنَةٍ أَوْ سُبُعُ بَقَرَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي التَّمَتُّع: {فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ} [البقرة: 196] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ شَاةٌ أَوْ شِرْكٌ فِي دَمٍ وقَوْله تَعَالَى فِي فِدْيَةِ الْأَذَى: {فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ} [البقرة: 196] وَفَسَّرَهُ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيث كَعْبِ بْنِ عُجْرَةَ " بِذِبْحِ شَاةٍ وَمَا سِوَى هَذَيْنِ مَقِيسٌ عَلَيْهِمَا.

(وَإِنْ ذَبَحَ بَدَنَةً أَوْ بَقَرَةً فَهُوَ أَفْضَلُ وَتَكُونُ كُلُّهَا وَاجِبَةً) ؛ لِأَنَّهُ اخْتَارَ الْأَعْلَى لِأَدَاءِ فَرْضِهِ فَكَانَ كُلُّهُ وَاجِبًا كَمَا لَوْ اخْتَارَ الْأَعْلَى مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ.

(وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ بَدَنَةٌ أَجْزَأَتْهُ) عَنْهَا (بَقَرَةٌ) لِقَوْلِ جَابِرٍ " كُنَّا نَنْحَرُ الْبَدَنَةَ عَنْ سَبْعَةٍ فَقِيلَ لَهُ: وَالْبَقَرَةُ؟ فَقَالَ وَهَلْ هِيَ إلَّا مِنْ الْبُدْنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ (كَعَكْسِهِ) أَيْ: إجْزَاءِ الْبَدَنَةِ عَنْ بَقَرَةٍ.

(وَلَوْ) كَانَ ذَبَحَ الْبَقَرَةِ عَنْ الْبَدَنَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ (فِي جَزَاءِ صَيْدٍ وَنَذْرٍ) مُطْلَقٍ فَإِنْ نَوَى شَيْئًا بِعَيْنِهِ لَزِمَهُ مَا نَوَاهُ قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ (وَيُجْزِئهُ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا) أَيْ: مِنْ الْبَدَنَةِ وَالْبَقَرَةِ (سَبْعُ شِيَاهٍ) وَلَوْ فِي نَذْرٍ أَوْ جَزَاءِ صَيْدٍ قَدَّمَهُ فِي الشَّرْحِ (وَيُجْزِئُهُ عَنْ سَبْعِ شِيَاهٍ بَدَنَةٌ أَوْ بَقَرَةٌ) سَوَاءٌ وَجَدَ الشِّيَاهَ أَوْ عَدِمَهَا؛ لِأَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا يَتَمَتَّعُونَ

ص: 462