المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل إذا فرغ من الحج استحب له زيارة النبي صلى الله عليه وسلم] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل إذا فرغ من الحج استحب له زيارة النبي صلى الله عليه وسلم]

أَمَتِكَ حَمَلْتَنِي عَلَى مَا سَخَّرْتَ لِي مِنْ خَلْقِكَ وَسَيَّرْتنِي فِي بِلَادِكَ حَتَّى بَلَّغْتَنِي بِنِعْمَتِكَ إلَى بَيْتِكَ، وَأَعَنْتَنِي عَلَى أَدَاءِ نُسُكِي فَإِنْ كُنْتَ رَضِيتَ عَنِّي فَازْدَدْ عَنِّي رِضًا، وَإِلَّا فَمُنَّ) الْوَجْهُ فِيهِ ضَمُّ الْمِيمِ وَتَشْدِيدُ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ صِيغَةُ أَمْرٍ مِنْ مَنَّ يَمُنُّ مَقْصُودًا بِهِ الدُّعَاءَ وَيَجُوزُ كَسْرُ الْمِيمِ وَفَتْحُ النُّونِ عَلَى أَنَّهُ حَرْفُ جَرٍّ لِابْتِدَاءِ الْغَايَةِ (الْآنَ) أَيْ: هَذَا الْوَقْتُ الْحَاضِرُ وَجَمْعُهُ آوِنَةٌ كَزَمَانٍ وَأَزْمِنَةٍ (قَبْلَ أَنْ تَنْأَى) أَيْ: تَبْعُدَ (عَنْ بَيْتِكَ دَارِي، فَهَذَا أَوَانُ انْصِرَافِي) أَيْ: زَمَنُهُ (إنْ أَذِنْتَ لِي غَيْرُ مُسْتَبْدِلٍ بِكَ وَلَا بِبَيْتِكَ وَلَا رَاغِبٌ عَنْكَ وَلَا عَنْ بَيْتِكَ اللَّهُمَّ فَأَصْحَبَنِي) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (الْعَافِيَةَ فِي بَدَنِي وَالصِّحَّةَ فِي جِسْمِي وَالْعِصْمَةَ فِي دِينِي) وَهِيَ الْمَنْعُ مِنْ الْمَعَاصِي.

(وَأَحْسِنْ) بِقَطْعِ الْهَمْزَةِ (مُنْقَلَبِي وَارْزُقْنِي طَاعَتَكَ مَا أَبْقَيْتَنِي وَاجْمَعْ لِي خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ وَإِنْ أَحَبَّ دَعَا بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيُصَلِّي عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا خَرَجَ وَلَّاهَا ظَهْرَهُ وَلَا يَلْتَفِتُ) قَالَ أَحْمَدُ فَإِذَا وَلَّى لَا يَقِفُ وَلَا يَلْتَفِتُ (فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ: الْتَفَتَ (أَعَادَ الْوَدَاعَ) نَصَّ عَلَيْهِ يَعْنِي: (اسْتِحْبَابًا) قَالَ فِي الشَّرْحِ: إذْ لَا نَعْلَمُ لِإِيجَابِ ذَلِكَ عَلَيْهِ دَلِيلًا.

(وَقَدْ قَالَ مُجَاهِدٌ إذَا كِدْتَ تَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَالْتَفِتْ ثُمَّ اُنْظُرْ إلَى الْكَعْبَةِ فَقُلْ: اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلهُ آخِرَ الْعَهْدِ) وَرَوَى حَنْبَلٌ عَنْ الْمُهَاجِرِ قَالَ قُلْتُ: لِجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الرَّجُلُ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَيُصَلِّي فَإِذَا انْصَرَفَ خَرَجَ، ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ؟ فَقَالَ جَابِرٌ مَا كُنْتُ أَحْسَبُ يَصْنَعُ هَذَا إلَّا الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ أَكَرَهُ ذَلِكَ (وَالْحَائِضُ) أَوْ النُّفَسَاءُ (تَقِفُ عَلَى بَابِ الْمَسْجِدِ) الْحَرَامِ (وَتَدْعُو بِذَلِكَ) الدُّعَاءِ اسْتِحْبَابًا لِتَعَذُّرِ دُخُولِهِ عَلَيْهَا.

[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

(فَصْلٌ وَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَبْرَيْ صَاحِبَيْهِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (- رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا -) لِحَدِيثِ

ص: 514

الدَّارَقُطْنِيّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي» .

وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ زَارَ قَبْرِي وَجَبَتْ لَهُ شَفَاعَتِي» رَوَاهُ بِاللَّفْظِ الْأَوَّلِ سَعِيدٌ " تَنْبِيهٌ " قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ: لَازِمُ اسْتِحْبَابِ زِيَارَةِ قَبْرِهِ صلى الله عليه وسلم اسْتِحْبَابُ شَدِّ الرِّحَالِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ زِيَارَتَهُ لِلْحَاجِّ بَعْدَ حَجِّهِ لَا تُمْكِنُ بِدُونِ شَدِّ الرَّحْلِ فَهَذَا كَالتَّصْرِيحِ بِاسْتِحْبَابِ شَدِّ الرَّحْلِ لِزِيَارَتِهِ صلى الله عليه وسلم.

(قَالَ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ إذَا حَجَّ الَّذِي لَمْ يَحُجَّ قَطُّ يَعْنِي مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الشَّامِ لَا يَأْخُذُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ كَانَ فِي سَبِيلِ الْحَجِّ) وَهُوَ مِنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَيَكُونُ شَهِيدًا، عَلَى مَا تَقَدَّمَ بَحْثُهُ عَنْ صَاحِبِ الْفُرُوعِ وَعِبَارَةُ الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: لَا يَأْخُذُ عَلَى طَرِيقِ الْمَدِينَةِ لِأَنِّي أَخَافُ أَنْ يَحْدُثَ بِهِ حَدَثٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَقْصِدَ مَكَّةَ مِنْ أَقْصَرِ الطَّرِيقِ وَلَا يَتَشَاغَلَ بِغَيْرِهِ (وَإِنْ كَانَ) الْحَجُّ (تَطَوُّعًا بَدَأَ بِالْمَدِينَةِ) قَالَ ابْنُ نَصْرِ اللَّهِ فِي هَذَا: إنَّ الزِّيَارَةَ أَفْضَلُ مِنْ حَجِّ التَّطَوُّعِ وَإِنَّ حَجَّ الْفَرْضِ أَفْضَلُ مِنْهَا انْتَهَى قُلْتُ: قَدْ يَتَوَقَّفُ فِي ذَلِكَ، وَإِنَّمَا أَرَادَ الْإِمَامُ أَنْ يَنْضَمَّ إلَى قَصْدِ الْحَجِّ قَصْدُ الزِّيَارَةِ، فَيُثَابُ عَلَيْهِمَا بِخِلَافِ حَجِّ الْفَرْضِ فَيُمَحِّضُ النِّيَّةَ لَهُ.

(فَإِذَا دَخَلَ مَسْجِدَهَا) أَيْ: مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ (سُنَّ لَهُ أَنْ يَقُولَ) عِنْدَ دُخُولِهِ (مَا يَقُولَ فِي دُخُولِ غَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ) وَتَقَدَّمَ فِي صِفَةِ الصَّلَاةِ (ثُمَّ يُصَلِّيَ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ) لِعُمُومِ الْأَوَامِرِ (ثُمَّ يَأْتِيَ الْقَبْرَ الشَّرِيفَ، فَيَقِفَ قُبَالَةَ وَجْهِهِ صلى الله عليه وسلم مُسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةِ، وَيَسْتَقْبِلَ جِدَارَ الْحُجْرَةِ، وَ) يَسْتَقْبِلَ (الْمِسْمَارَ الْفِضَّةَ فِي الرُّخَامَةِ الْحَمْرَاءِ) وَيُسْمَى الْآنَ بِالْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ (فَيُسَلِّمَ عَلَيْهِ) صلى الله عليه وسلم (فَيَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَانَ) عَبْدُ اللَّهِ (ابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه) وَعَنْ أَبِيهِ وَعَنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ (لَا يَزِيدُ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ زَادَ) عَلَيْهِ (فَحَسَنٌ) .

قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النَّبِيُّ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا نَبِيَّ اللَّهِ وَخِيرَتِهِ مِنْ خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنَّكَ بَلَّغْتَ رِسَالَاتِ رَبِّكَ، وَنَصَحْتَ لِأُمَّتِكَ

ص: 515

وَدَعَوْتَ إلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَعَبَدْتَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاكَ الْيَقِينُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْكَ كَثِيرًا كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى اللَّهُمَّ أَجْزِ عَنَّا نَبِيَّنَا أَفْضَلَ مَا جَزَيْتَ أَحَدًا مِنْ النَّبِيِّينَ وَالْمُرْسَلِينَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْتَهُ يَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالْآخِرُونَ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إبْرَاهِيمَ إنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ اللَّهُمَّ إنَّكَ قُلْتَ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] وَقَدْ أَتَيْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إلَى رَبِّكَ فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تُوجِبَ لِي الْمَغْفِرَةَ كَمَا أَوْجَبْتَهَا لِمَنْ آتَاهُ فِي حَيَاتِهِ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ أَوَّلَ الشَّافِعِينَ، وَأَنْجَحَ السَّائِلِينَ وَأَكْرَمَ الْأَوَّلِينَ، وَالْآخِرِينَ، بِرَحْمَتِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ ثُمَّ يَدْعُو لِوَالِدَيْهِ وَلِإِخْوَانِهِ وَلِلْمُسْلِمِينَ أَجْمَعِينَ.

" فَائِدَةٌ " يُرْوَى عَنْ الْعُتْبِيِّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ قَبْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ سَمِعْتُ اللَّهَ يَقُولُ {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء: 64] وَقَدْ جِئْتُكَ مُسْتَغْفِرًا مِنْ ذُنُوبِي مُسْتَشْفِعًا بِكَ إلَى رَبِّي ثُمَّ أَنْشَأَ يَقُولُ:

يَا خَيْرَ مَنْ دُفِنَتْ بِالْقَاعِ أَعْظُمُهُ

فَطَابَ مِنْ طِيبِهِنَّ الْقَاعُ وَالْأَكَمُ

نَفْسِي الْفِدَاءُ لِقَبْرٍ أَنْتَ سَاكِنُهُ

فِيهِ الْعَفَافُ وَفِيهِ الْجُودُ وَالْكَرَمُ

ثُمَّ انْصَرَفَ الْأَعْرَابِيُّ، فَحَمَلَتْنِي عَيْنَيَّ فَرَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فِي النَّوْمِ فَقَالَ: يَا عُتْبِيُّ الْحَقْ الْأَعْرَابِيَّ فَبَشِّرْهُ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ غَفَرَ لَهُ.

(وَلَا يَرْفَعُ صَوْتَهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ} [الحجرات: 2]

ص: 516

وَحُرْمَتُهُ مَيِّتًا كَحُرْمَتِهِ حَيَّا (ثُمَّ يَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ و) يَجْعَلُ (الْحُجْرَةَ عَنْ يَسَارِهِ قَرِيبًا لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ قَبْرَهُ صلى الله عليه وسلم وَيَدْعُو) بِمَا أَحَبَّ (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ قَلِيلًا مِنْ مَقَامِ سَلَامِهِ) صلى الله عليه وسلم (نَحْو ذِرَاعٍ عَلَى يَمِينِهِ، فَيُسَلِّمُ عَلَى أَبِي بَكْرٍ) الصِّدِّيقِ (رضي الله عنه) فَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقِ (ثُمَّ يَتَقَدَّمُ نَحْوَ ذِرَاعٍ عَلَى يَمِينِهِ فَيُسَلِّمُ عَلَى عُمَرَ) بْنِ الْخَطَّابِ (رضي الله عنه) فَيَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا عُمَرَ الْفَارُوقِ، وَيَقُولُ: السَّلَامُ عَلَيْكُمَا يَا صَاحِبَيْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَضَجِيعَيْهِ، وَوَزِيرَيْهِ اللَّهُمَّ اجْزِهِمَا عَنْ نَبِيِّهِمَا وَعَنْ الْإِسْلَامِ خَيْرًا، {سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ} [الرعد: 24] اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ الْعَهْدِ مِنْ قَبْرِ نَبِيِّكَ صلى الله عليه وسلم وَمِنْ حَرَمِ مَسْجِدَكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ.

قَالَ فِي الشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى (وَلَا يَتَمَسَّحُ وَلَا يَمَسُّ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَا حَائِطَهُ وَلَا يُلْصِقُ بِهِ صَدْرَهُ وَلَا يُقَبِّلَهُ) أَيْ: يُكْرَهُ ذَلِكَ لِمَا فِيهِ مِنْ إسَاءَةِ الْأَدَبِ وَالِابْتِدَاعِ قَالَ الْأَثْرَمُ: رَأَيْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لَا يَمَسُّونَ قَبْرَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بَلْ يَقُومُونَ مِنْ نَاحِيَةٍ فَيُسَلِّمُونَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَهَكَذَا كَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُ وَأَمَّا الْمِنْبَرُ فَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّهُ كَانَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى مَقْعَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الْمِنْبَرِ ثُمَّ يَضَعَهَا عَلَى وَجْهِهِ.

(قَالَ الشَّيْخُ: وَيَحْرُمُ طَوَافُهُ بِغَيْرِ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ اتِّفَاقًا) وَقَالَ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقَبِّلُهُ وَلَا يَتَمَسَّحُ بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ الشِّرْكِ وَقَالَ وَالشِّرْكُ لَا يَغْفِرَهُ اللَّهُ، وَلَوْ كَانَ أَصْغَرَ.

(قَالَ) أَبُو الْوَفَاءِ عَلِيٌّ (ابْنُ عَقِيلٍ وَ) أَبُو الْفَرَجِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ (بْنُ الْجَوْزِيِّ: يُكْرَهُ قَصْدُ الْقُبُورِ لِلدُّعَاءِ) فَعَلَيْهِ لَا يَتَرَخَّصُ مَنْ سَافَرَ لَهُ.

(قَالَ الشَّيْخُ: وَ) يُكْرَهُ (وُقُوفُهُ عِنْدَهَا) أَيْ: الْقُبُورِ (لَهُ) أَيْ: لِلدُّعَاءِ.

(أَيْضًا، وَتُسْتَحَبُّ الصَّلَاةُ بِمَسْجِدِهِ صلى الله عليه وسلم وَهِيَ بِأَلْفِ صَلَاةٍ، وَ) الصَّلَاةُ (بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام بِمِائَةِ أَلْفِ) صَلَاةٍ.

(وَ) الصَّلَاةُ (فِي) الْمَسْجِدِ (الْأَقْصَى بِخَمْسِمِائَةِ) صَلَاةٍ وَتَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي الِاعْتِكَافِ مُسْتَوْفًى بِأَدِلَّتِهِ.

(وَحَسَنَاتُ الْحَرَمِ) فِي الْمُضَاعَفَةِ (كَصَلَاتِهِ) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ

ص: 517

مَرْفُوعَا «مَنْ حَجَّ مِنْ مَكَّةَ مَاشِيًا حَتَّى يَرْجِعَ إلَى مَكَّةَ كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خُطْوَةٍ سَبْعَمِائَةِ حَسَنَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ الْحَرَمِ قِيلَ لَهُ: وَمَا حَسَنَاتُ الْحَرَمِ؟ قَالَ: بِكُلِّ حَسَنَةٍ مِائَةُ أَلْفِ حَسَنَةٍ» (وَتَعْظُمُ السَّيِّئَاتُ بِهِ) سُئِلَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ: هَلْ تُكْتَبُ السَّيِّئَةُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ؟ قَالَ: لَا إلَّا بِمَكَّةَ لِتَعْظِيمِ الْبَلَدِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا بِعَدَنٍ وَهَمَّ أَنْ يَقْتُلَ عِنْدَ الْبَيْتِ أَذَاقَهُ اللَّهُ مِنْ الْعَذَابِ الْأَلِيمِ انْتَهَى وَظَاهِرُ كَلَامِهِ: أَنَّ الْمُضَاعَفَةَ فِي الْكَيْفِ لَا الْكَمِّ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمُنْتَهَى تَبَعًا لِلْقَاضِي وَغَيْرِهِ: أَنَّ التَّضَاعُفَ فِي الْكَمِّ، كَمَا هُوَ ظَاهِرُ نَصِّ الْإِمَامِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَبَّاسٍ " مَالِي وَبَلَدٍ تَتَضَاعَفُ فِيهِ السَّيِّئَاتُ كَمَا تَتَضَاعَفُ الْحَسَنَاتُ؟ " وَهُوَ خَاصٌّ فَلَا يُعَارِضُهُ عُمُومُ الْآيَاتِ بَلْ تُخَصَّصُ بِهِ؛ لِأَنَّ مِثْلَهُ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْيِ، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْمَرْفُوعِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَأْتِيَ مَسْجِدَ قُبَا) بِضَمِّ الْقَافِ يُقْصَرُ وَيُمَدُّ وَيُصْرَفُ وَلَا يُصْرَفُ عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ مِنْ جِهَةِ الْجَنُوبِ قَالَ فِي الْحَاشِيَةِ (فَيُصَلِّيَ فِيهِ) لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِيَهُ رَاكِبًا وَمَاشِيًا؛ فَيُصَلِّيَ فِيهِ رَكْعَتَيْنِ " وَفِيهِمَا " كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا " وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلهُ.

(وَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ) مِنْ الْمَدِينَةِ لِيَعُودَ إلَى وَطَنِهِ - بَعْدَ فِعْلِ مَا تَقَدَّمَ - وَزِيَارَةِ الْبَقِيعِ، وَمَنْ فِيهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَالْعُلَمَاءِ وَالصَّالِحِينَ (عَادَ إلَى الْمَسْجِدِ) النَّبَوِيِّ (فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَعَادَ إلَى قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَدَّعَ وَأَعَادَ الدُّعَاءَ قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ، وَقَالَ: وَيَعْزِمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ حَجِّهِ، مِنْ عَمَلٍ لَا يُرْضِي) فَفِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يَعُودُ كَيَوْمِ وَلَدْتَهُ أُمُّهُ وَيُسْتَجَابُ دُعَاؤُهُ إلَى أَرْبَعِينَ يَوْمًا قَالَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَرَوَى أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْفَهَانِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ رِوَايَةِ لَيْثٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ " يُغْفَرُ لِلْحَاجِّ وَلِمَنْ اسْتَغْفَرَ لَهُ الْحَاجُّ بَقِيَّةَ ذِي الْحِجَّةِ وَمُحَرَّمٍ، وَصَفَرٍ وَعَشْرٍ مِنْ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ " اقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي اللَّطَائِفِ.

(وَيُسَنُّ أَنْ يَقُولَ عِنْدَ مُنْصَرَفِهِ مِنْ حَجِّهِ مُتَوَجِّهًا) إلَى بَلَدِهِ (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٍ آيِبُونَ) أَيْ: رَاجِعُونَ (تَائِبُونَ، عَابِدُونَ لِرَبِّنَا، حَامِدُونَ صَدَقَ اللَّهُ وَعْدَهُ، وَنَصَرَ عَبْدَهُ،

ص: 518