المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب الاعتكاف وأحكام المساجد] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[باب الاعتكاف وأحكام المساجد]

الِاخْتِيَارَاتِ، (وَ) عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ (مِنْ أَعْشَارِ الشُّهُورِ كُلِّهَا) لِمَا فِي صَحِيحِ ابْنِ حِبَّانَ عَنْ جَابِرٍ مَرْفُوعًا قَالَ:«مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَيَّامِ ذِي الْحِجَّةِ» قَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي اللَّطَائِفِ: وَالتَّحْقِيقُ مَا قَالَهُ بَعْضُ أَعْيَانِ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ الْعُلَمَاءِ: أَنْ يُقَالَ: مَجْمُوعُ هَذَا الْعَشْرِ أَفْضَلُ مِنْ مَجْمُوعِ عَشْرِ رَمَضَانَ، وَإِنْ كَانَ فِي عَشْرِ رَمَضَانَ لَيْلَةٌ لَا يَفْضُلُ عَلَيْهَا غَيْرُهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

ِ " (وَهُوَ) أَيْ: الِاعْتِكَافُ لُغَةً لُزُومُ الشَّيْءِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ} [الأعراف: 138] يُقَالُ: عَكَفَ بِفَتْحِ الْكَافِ يَعْكُفُ بِضَمِّهَا وَكَسْرِهَا، وَشَرْعًا (لُزُومُ الْمَسْجِدِ لِطَاعَةِ اللَّهِ عَلَى صِفَةٍ مَخْصُوصَةٍ) يَأْتِي بَيَانُهَا (مِنْ مُسْلِمٍ) لَا كَافِرٍ وَلَوْ مُرْتَدًّا (عَاقِلٍ وَلَوْ مُمَيِّزًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ مَجْنُونٍ وَلَا طِفْلٍ لِعَدَمِ النِّيَّةِ (طَاهِرٍ مِمَّا وَجَبَ غُسْلًا) فَلَا يَصِحُّ مِنْ جُنُبٍ وَنَحْوِهِ وَلَوْ مُتَوَضِّئًا (وَأَقَلُّهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافُ (سَاعَةٌ) قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: أَقَلُّهُ إذَا كَانَ تَطَوُّعًا أَوْ نَذْرًا مُطْلَقًا: مَا يُسَمَّى بِهِ مُعْتَكِفًا لَابِثًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: ظَاهِرُهُ وَلَوْ لَحْظَةٌ وَفِي كَلَامِ جَمَاعَةٍ مِنْ الْأَصْحَابِ: أَقَلُّهُ سَاعَةٌ لَا لَحْظَةٌ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي الْمَذْهَبِ وَغَيْرِهِ اهـ وَقَالَ الزَّرْكَشِيّ: وَأَقَلُّهُ أَدْنَى لُبْثٍ اهـ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ بَعْدُ: وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ، يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالسَّاعَةِ مَا يَتَنَاوَلُ اللَّحْظَةَ وَقَدْ حَكَيْت كَلَامَهُ فِي حَاشِيَةِ الْمُنْتَهَى، (فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافًا وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُقَيِّدْهُ بِمُدَّةٍ (أَجْزَأَتْهُ) السَّاعَةُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (وَلَا يَكْفِي عُبُورُهُ) بِالْمَسْجِدِ مِنْ غَيْرِ لُبْثٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُعْتَكِفًا.

(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَنْقُصَ الِاعْتِكَافُ عَنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ: أَقَلُّهُ ذَلِكَ.

(وَيُسَمَّى) الِاعْتِكَافُ (جِوَارًا)«لِقَوْلِ عَائِشَةَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ مُجَاوِرٌ فِي الْمَسْجِدِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

ص: 347

مَرْفُوعًا قَالَ «كُنْت أُجَاوِرُ هَذَا الْعَشْرَ يَعْنِي الْأَوْسَطَ ثُمَّ قَدْ بَدَا لِي أَنْ أُجَاوِرَ هَذَا الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ فَمَنْ كَانَ اعْتَكَفَ مَعِي فَلْيَلْبَثْ فِي مُعْتَكَفِهِ» .

(قَالَ ابْنُ هُبَيْرَةَ: وَ) هَذَا الِاعْتِكَافُ (لَا يَحِلُّ أَنْ يُسَمَّى خَلْوَةً) وَلَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَكَأَنَّهُ نَظَرَ إلَى قَوْلِ بَعْضِهِمْ

إذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلَا تَقُلْ

خَلَوْتُ وَلَكِنْ قُلْ عَلَيَّ رَقِيبُ

(قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ الْكَرَاهَةَ أَوْلَى) أَيْ مِنْ التَّحْرِيمِ.

(وَهُوَ سُنَّةٌ كُلَّ وَقْتٍ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: إجْمَاعًا؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ وَدَاوَمَ عَلَيْهِ تَقَرُّبًا إلَى اللَّه تَعَالَى وَاعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ بَعْدَهُ وَمَعَهُ (إلَّا أَنْ يَنْذُرَهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ (فَيَجِبُ عَلَى صِفَةِ مَا نُذِرَ) مِنْ تَتَابُعٍ وَغَيْرِهِ لِحَدِيثِ «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ» وَعَنْ عُمَر أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَوْفِ بِنَذْرِكَ» رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.

(وَلَا يَخْتَصُّ) الِاعْتِكَافُ (بِزَمَانٍ) دُونَ غَيْرِهِ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ: كُلَّ وَقْتٍ.

(وَآكَدُهُ فِي رَمَضَانَ) إجْمَاعًا قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَمْ يُفَرِّقْ الْأَصْحَابُ بَيْنَ الثَّغْرِ وَغَيْرِهِ وَهُوَ وَاضِحٌ وَنَقَلَ أَبُو طَالِبٍ لَا يَعْتَكِفُ بِالثَّغْرِ لِئَلَّا يَشْغَلَهُ نَفِيرٌ (وَآكَدُهُ الْعَشَرَةُ الْأَخِيرَةُ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ رَمَضَانَ لِحَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْمُتَقَدِّمِ؛ وَلِأَنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ تُطْلَبُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ.

(وَإِنْ عَلَّقَهُ) أَيْ: نَذْرَ الِاعْتِكَافِ (أَوْ) عَلَّقَ (غَيْرَهُ مِنْ التَّطَوُّعَاتِ) كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالصَّدَقَةِ عِنْدَ نَذْرِهَا (بِشَرْطٍ فَلَهُ شَرْطُهُ) أَيْ: فَلَا يَلْزَمُهُ حَتَّى يُوجَدَ شَرْطُهُ، وَذَلِكَ نَحْوُ (أَنْ يَقُولَ)(لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ شَهْرَ رَمَضَانَ إنْ كُنْت مُقِيمًا أَوْ مُعَافًى، فَلَوْ كَانَ) النَّاذِرُ (فِيهِ) أَيْ: فِي شَهْرِ رَمَضَانَ (مَرِيضًا أَوْ مُسَافِرًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِعَدَمِ وُجُودِ شَرْطِهِ.

(وَيَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ (بِغَيْرِ صَوْمٍ) لِحَدِيثِ «عُمَرَ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ نَذْرَكَ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَلَوْ كَانَ الصَّوْمُ شَرْطًا لَمَا صَحَّ اعْتِكَافُ اللَّيْلِ؛ لِأَنَّهُ لَا صِيَامَ فِيهِ؛ وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ تَصِحُّ فِي اللَّيْلِ فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصِّيَامُ كَالصَّلَاةِ وَكَسَائِرِ الْعِبَادَاتِ؛ وَلِأَنَّ إيجَابَ الصَّوْمِ حُكْمٌ لَا يَثْبُت إلَّا بِالشَّرْعِ وَلَا يَثْبُتُ فِيهِ نَصٌّ وَلَا إجْمَاعٌ وَمَا رُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ " لَا اعْتِكَافَ إلَّا بِصَوْمٍ " فَمَوْقُوفٌ عَلَيْهَا، وَمَنْ رَفْعَهُ فَقَدْ وَهَمَ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ وَغَيْرِهِ، ثُمَّ لَوْ صَحَّ فَالْمُرَادُ بِهِ: الِاسْتِحْبَابُ فَإِنَّ الصَّوْمَ فِيهِ أَفْضَلُ؛ وَلِأَنَّ

ص: 348

الِاعْتِكَافَ لُبْثٌ فِي مَكَان مَخْصُوصٍ فَلَمْ يُشْتَرَطْ لَهُ الصَّوْمُ كَالْوُقُوفِ (إلَّا أَنْ يَقُولَ فِي نَذْرِهِ) أَيْ: نَذْرٌ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ (بِصَوْمٍ) فَيَلْزَمُهُ الصَّوْمُ لِنَذْرِهِ إيَّاهُ.

(وَ) الِاعْتِكَافُ (بِهِ) أَيْ: الصَّوْمُ (أَفْضَلُ) لِمَا تَقَدَّمَ وَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ.

(فَيَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ (فِي لَيْلَةٍ مُنْفَرِدَةٍ) عَنْ يَوْمِهَا لِحَدِيثِ عُمَرَ.

(وَ) يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ (فِي بَعْضِ يَوْمٍ وَإِنْ كَانَ مُفْطِرًا) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ الصَّوْمِ فِيهِ.

(وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطْ الصَّوْمَ فِي نَذْرِهِ فَصَامَ) وَهُوَ مُعْتَكِفٌ (ثُمَّ أَفْطَرَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ يَبْطُلْ اعْتِكَافُهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ بِغَيْرِ صَوْمٍ.

(وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا) أَوْ يَصُومَ وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا (أَوْ) نَذَرَ أَنْ (يَصُومَ مُعْتَكِفًا أَوْ بِاعْتِكَافٍ أَوْ) نَذَرَ أَنْ (يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا أَوْ) أَنْ (يُصَلِّيَ مُعْتَكِفًا لَزِمَهُ الْجَمْعُ) بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصِّيَامِ أَوْ بَيْنَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «لَيْسَ عَلَى الْمُعْتَكِفِ صِيَامٌ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى نَفْسِهِ» وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ وَيُقَاسُ عَلَى الصَّوْمِ الصَّلَاةُ؛ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ صِفَةٌ مَقْصُودَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ فَلَزِمَتْ بِالنَّذْرِ كَالتَّتَابُعِ وَكَنَذْرِ الْقِيَامِ فِي صَلَاةِ النَّافِلَةِ وَ (كَنَذْرِ صَلَاةٍ بِسُورَةٍ مُعَيَّنَةٍ) مِنْ الْقُرْآنِ (لَكِنْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُصَلِّيَ جَمِيعَ الزَّمَانِ إذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ) يَوْمًا مَثَلًا (مُصَلِّيًا، وَالْمُرَادُ) يَكْفِيهِ (رَكْعَةٌ أَوْ رَكْعَتَانِ) بِنَاءً عَلَى مَا لَوْ نَذَرَ الصَّلَاةَ وَأَطْلَقَ عَلَى مَا يَأْتِي.

وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ بِصَوْمٍ فَأَفْطَرَ يَوْمًا أَفْسَدَ تَتَابُعَهُ وَوَجَبَ الِاسْتِئْنَافُ لِإِخْلَالِهِ بِالْإِتْيَانِ بِمَا نَذَرَهُ عَلَى صِفَتِهِ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ.

(وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ عُشْرِ رَمَضَانَ الْأَخِيرَ فَنَقَصَ) الْعُشْرُ (أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّهُ يُسَمَّى بِالْعُشْرِ الْأَخِيرِ وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا (بِخِلَافِ نَذْرِهِ عَشَرَةَ أَيَّامٍ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ فَنَقَصَ) الشَّهْرُ (فَيَقْضِي يَوْمًا) عِوَضَ النَّقْصِ قُلْت: وَيُكَفِّرُ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ.

(وَإِنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ رَمَضَانَ فَفَاتَهُ) اعْتِكَافُ رَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ (لَزِمَهُ) اعْتِكَافُ (شَهْرٍ غَيْرِهِ) لِيَفِيَ بِنَذْرِهِ (وَلَا يَلْزَمُهُ الصَّوْمُ) فِي الشَّهْرِ الَّذِي يَعْتَكِفُهُ قَضَاءً عَنْ رَمَضَانَ.

(وَلَا يَجُوزُ الِاعْتِكَافُ لِلْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ بِغَيْرِ إذْنِ زَوْجٍ وَسَيِّدٍ) ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ مَمْلُوكَةٌ لِغَيْرِهَا وَالِاعْتِكَافُ يَفُوتُهَا وَيَمْنَعُ اسْتِيفَاءَهَا وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ بِالشَّرْعِ فَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ مَالِك الْمَنْفَعَةِ وَهُوَ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ (فَإِنْ شَرَعَا) أَيْ: الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ (فِيهِ) أَيْ: فِي الِاعْتِكَافِ (بِغَيْرِ إذْنِ) الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا) مِنْهُ، (وَلَوْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ (نَذْرًا) لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ:«لَا تَصُومُ الْمَرْأَةُ وَزَوْجُهَا شَاهِدٌ يَوْمًا مِنْ غَيْرِ رَمَضَانَ إلَّا بِإِذْنِهِ» رَوَاهُ الْخَمْسَةُ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ، وَضَرَرُ

ص: 349

الِاعْتِكَافِ أَعْظَمُ؛ وَلِأَنَّ إقَامَتَهُمَا عَلَى ذَلِكَ تَتَضَمَّنُ تَفْوِيتَ حَقِّ غَيْرِهِمَا بِغَيْرِ إذْنِهِ فَكَانَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ الْمَنْعُ مِنْهُ كَرَبِّ الْحَقِّ مَعَ غَاصِبِهِ (فَإِنْ لَمْ يُحَلِّلَاهُمَا) مِنْ الِاعْتِكَافِ (صَحَّ وَأَجْزَأَ) عَنْهُمَا، (وَإِنْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ (بِإِذْنٍ) مِنْ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ (فَلَهُمَا تَحْلِيلُهُمَا إنْ كَانَ تَطَوُّعًا) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَذِنَ لِعَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي الِاعْتِكَافِ ثُمَّ مَنَعَهُنَّ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ دَخَلْنَ؛ " وَلِأَنَّ حَقَّ الزَّوْجِ وَالسَّيِّدِ وَاجِبٌ وَالتَّطَوُّعُ لَا يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ؛ وَلِأَنَّ لَهُمَا الْمَنْعَ مِنْهُ ابْتِدَاءً فَكَانَ لَهُمَا الْمَنْعُ مِنْهُ دَوَامًا كَالْعَارِيَّةِ وَيُخَالِفُ الْحَجَّ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ بِالشُّرُوعِ وَيَجِبُ الْمُضِيُّ فِي فَاسِدِهِ.

(وَإِنْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ الَّذِي شَرَعَتْ فِيهِ الزَّوْجَةُ أَوْ الْقِنُّ بِإِذْنِ الزَّوْجِ أَوْ السَّيِّدِ (نَذْرًا وَلَوْ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَلَا) يُحَلِّلَانِهِمَا؛ لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فِيهِ وَيَجِبُ إتْمَامُهُ كَالْحَجِّ، (وَلَوْ رَجَعَا) أَيْ الزَّوْجُ وَالسَّيِّدُ (بَعْد الْإِذْنِ لِلزَّوْجَةِ) وَالْقِنِّ فِي الِاعْتِكَافِ (قَبْلَ الشُّرُوعِ) فِي الِاعْتِكَافِ (جَازَ) الرُّجُوعُ كَعَزْلِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ.

(وَالْإِذْنُ فِي عَقْدِ النَّذْرِ إذْنٌ فِي فِعْلِهِ إنْ نَذَرَا) أَيْ الزَّوْجَةُ وَالْقِنُّ (زَمَنًا مُعَيَّنًا بِالْإِذْنِ) كَمَا لَوْ أَذِنَ لَهُمَا الزَّوْجُ أَوْ السَّيِّدُ فِي نَذْرِ اعْتِكَافِ الْعُشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ فَيَكُونُ إذْنًا فِي فِعْلِهِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّمَنُ مُعَيَّنًا بِالْإِذْنِ (فَلَا) يَكُونُ الْإِذْنُ فِي النَّذْرِ إذْنًا فِي الْفِعْلِ؛ لِأَنَّ زَمَنَ الشُّرُوعِ لَمْ يَقْتَضِهِ الْإِذْنُ السَّابِقُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُعَلَّقُ عِتْقُهُ بِصِفَةٍ كَعَبْدٍ فِيمَا تَقَدَّمَ وَلِأَنَّ مَنَافِعَهُمْ مُسْتَحَقَّةٌ لِلسَّيِّدِ.

(وَلِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَعْتَكِفَ بِلَا إذْنِ سَيِّدِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ وَلَا يَمْلِكُ إجْبَارَهُ عَلَى الْكَسْبِ فَهُوَ مَالِكٌ لِمَنَافِعِهِ كَحُرٍّ مَدِينٍ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ وَالْمُدَبَّرِ، وَظَاهِرُهُ: لَا فَرْقَ بَيْنَ الْوَاجِبِ وَغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ نَجَّمَ أَوْ لَا (وَلَهُ) أَيْ: لِلْمُكَاتَبِ (أَنْ يَحُجَّ بِغَيْرِ إذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ سَيِّدِهِ لِمَا سَبَقَ (مَا لَمْ يَحُلَّ نَجْمٌ) مِنْ نُجُومِ الْكِتَابَةِ، وَنَقَلَ الْمَيْمُونِيُّ: لَهُ الْحَجُّ مِنْ الْمَالِ الَّذِي جَمَعَهُ مَا لَمْ يَحُلَّ نَجْمُهُ وَحَمَلَهُ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ عَلَى إذْنِهِ لَهُ أَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالُوا: نَصَّ عَلَيْهِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ مَا لَمْ يَحُلَّ نَجْمٌ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ وَعَنْهُ الْمَنْعُ مُطْلَقًا قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ وَيَأْتِي فِي الْكِتَابَةِ: لِلسَّيِّدِ مَنْعُهُ مِنْ السَّفَرِ، كَحُرٍّ مَدِينٍ (وَلَا يُمْنَعُ الْمُكَاتَبُ) مِنْ إنْفَاقِ الْمَالِ فِي الْحَجِّ كَتَرْكِ التَّكَسُّبِ، (وَمَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ) وَبَاقِيهِ رَقِيقٌ (إنْ كَانَ بَيْنَهُمَا مُهَايَأَةٌ فَلَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ) فِي نَوْبَتِهِ.

(وَ) أَنْ (يَحُجَّ فِي نَوْبَتِهِ بِلَا إذْنِهِ) أَيْ: إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ مَنَافِعَهُ إذَنْ غَيْرُ مَمْلُوكَةٍ لِسَيِّدِهِ بَلْ هِيَ لَهُ كَالْحُرِّ (وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ (فَلِسَيِّدِهِ مَنْعُهُ) مِنْ الِاعْتِكَافِ وَالْحَجِّ

ص: 350

لِأَنَّ لَهُ مِلْكًا فِي مَنَافِعِهِ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ، فَتَجْوِيزُهُ يَتَضَمَّنُ إبْطَالَ حَقِّ غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِجَائِزٍ.

(وَإِذَا اعْتَكَفَتْ الْمَرْأَةُ اُسْتُحِبَّ لَهَا أَنْ تَسْتَتِرَ بِخِبَاءٍ وَنَحْوِهِ) لِفِعْلِ عَائِشَةَ وَحَفْصَةَ وَزَيْنَبَ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم (وَتَجْعَلَهُ فِي مَكَان لَا يُصَلِّي فِيهِ الرِّجَالُ) ؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ فِي التَّحَفُّظِ لَهَا، نَقَلَ أَبُو دَاوُد «يَعْتَكِفْنَ فِي الْمَسَاجِدِ وَيُضْرَبُ لَهُنَّ فِيهَا الْخِيَمُ» (وَلَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَتِرَ الرِّجَالُ أَيْضًا) ذَكَرَهُ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم؛ وَلِأَنَّهُ أَخْفَى لِعَمَلِهِمْ وَنَقَلَ إبْرَاهِيمُ: لَا إلَّا لِبَرْدٍ شَدِيدٍ.

(وَلَا يَصِحُّ الِاعْتِكَافُ إلَّا بِنِيَّةٍ) لِحَدِيثِ: «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» وَلِأَنَّهُ عِبَادَةٌ مَحْضَةٌ كَالصَّوْمِ، (فَإِنْ كَانَ) الِاعْتِكَافُ (فَرْضًا) أَيْ: مَنْذُورًا (لَزِمَهُ نِيَّةُ الْفَرْضِيَّةِ) لِيَتَمَيَّزَ الْمَنْذُورُ عَنْ التَّطَوُّعِ (وَإِنْ نَوَى الْخُرُوجَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الِاعْتِكَافِ (أَيْ نَوَى إبْطَالَهُ بَطَلَ إلْحَاقًا لَهُ بِالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ) ؛ لِأَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ بِالْفَسَادِ بِخِلَافِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ.

(وَلَا يَبْطُلُ) الِاعْتِكَافُ (بِإِغْمَاءٍ) كَمَا لَا يَبْطُلُ بِنَوْمٍ بِجَامِعِ بَقَاءِ التَّكْلِيفِ.

(وَلَا يَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ (مِنْ رَجُلٍ تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ) الْجَمَاعَةُ فَلَا يَصِحُّ بِغَيْرِ مَسْجِدٍ بِلَا خِلَافٍ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187] فَلَوْ صَحَّ فِي غَيْرِهَا لَمْ تَخْتَصَّ بِتَحْرِيمِ الْمُبَاشَرَةِ إذْ هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي الِاعْتِكَافِ مُطْلَقًا؛ وَلِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «كَانَ يُدْخِلُ رَأْسَهُ إلَى عَائِشَةَ وَهُوَ مُعْتَكِفٌ فَتُرَجِّلُهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَكَانَ لَا يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةٍ.

وَلَا يَصِحُّ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا بِمَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ حَذَرًا مِنْ تَرْكِ الْجَمَاعَةِ أَوْ تَكَرُّرِ الْخُرُوجِ الْمُنَافِي لَهُ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ، وَخَرَجَ مِنْهُ الْمَعْذُورُ وَالصَّبِيُّ، وَمَنْ هُوَ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ الْمَمْنُوعَ مِنْهُ تَرْكُ الْجَمَاعَةِ الْوَاجِبَةِ وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هُنَا (وَلَوْ) كَانَتْ إقَامَةُ الْجَمَاعَةِ مِنْ رَجُلَيْنِ أَوْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ (مُعْتَكِفَيْنِ) لِانْعِقَادِ الْجَمَاعَةِ بِهِمَا فَيُخْرَجُ مِنْ عُهْدَةِ الْوَاجِبِ (إنْ أَتَى عَلَيْهِ) أَيْ: الرَّجُلِ الَّذِي تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً (فِعْلُ الصَّلَاةِ زَمَنَ اعْتِكَافِهِ وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُعْتَكِفُ رَجُلًا تَلْزَمُهُ الصَّلَاةُ جَمَاعَةً بِأَنْ كَانَ امْرَأَةً أَوْ عَبْدًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَعْذُورًا أَوْ لَمْ يَأْتِ عَلَيْهِ زَمَنَ اعْتِكَافِهِ فِعْلُ صَلَاةٍ كَمَا لَوْ اعْتَكَفَ مِنْ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى الزَّوَالِ (صَحَّ) اعْتِكَافًا (فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) .

لِعُمُومِ الْآيَةِ وَالْجَمَاعَةُ غَيْرُ وَاجِبَةٍ إذَنْ وَمَا رَوَى حَرْبٌ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ امْرَأَةٍ جَعَلَتْ عَلَيْهَا أَنْ تَعْتَكِفَ فِي مَسْجِدِ بَيْتِهَا

ص: 351

فَقَالَ بِدْعَةٌ، وَأَبْغَضُ الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ الْبِدَعُ فَلَا اعْتِكَافَ إلَّا فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الصَّلَاةُ " أَيْ: مِنْ شَأْنِهِ أَنْ تُقَامَ فِيهِ (وَإِنْ كَانَتْ) الْجَمَاعَةُ (تُقَامُ فِيهِ فِي بَعْضِ الزَّمَانِ) دُونَ بَعْضٍ (جَازَ الِاعْتِكَافُ فِيهِ) مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ (فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ) الَّذِي تُقَامُ فِيهِ (فَقَطْ) دُونَ الزَّمَانِ الَّذِي لَا تُقَامُ فِيهِ لِمَا سَبَقَ.

(وَلَا يَصِحُّ) الِاعْتِكَافُ مِمَّنْ تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ (فِي مَسْجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الْجُمُعَةُ دُونَ الْجَمَاعَةِ) إذَا كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِ وَقْتُ صَلَاةٍ لِمَا مَرَّ (وَظَهْرُهُ) أَيْ: الْمَسْجِدِ مِنْهُ (وَرَحَبَتُهُ الْمَحُوطَةُ وَعَلَيْهَا بَابٌ نَصًّا) مِنْهُ.

(وَمَنَارَتُهُ الَّتِي بَابُهَا فِيهِ: مِنْهُ) بِدَلِيلِ مَنْعِ الْجُنُبِ، وَكَذَا إذَا كَانَتْ الْمَنَارَةُ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بَابُهَا فِيهِ (وَكَذَا مَا زِيدَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْمَسْجِدِ فَهُوَ مِنْهُ (حَتَّى فِي الثَّوَابِ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَكَذَا مَسْجِدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم) مَا زِيدَ فِيهِ: حُكْمُهُ حُكْمُهُ حَتَّى فِي الثَّوَابِ (عِنْدَ الشَّيْخِ وَابْنِ رَجَبٍ وَجَمْعٍ وَحُكِيَ عَنْ السَّلَفِ) لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «لَوْ بُنِيَ هَذَا الْمَسْجِدُ إلَى صَنْعَاءَ كَانَ مَسْجِدِي» وَقَالَ عُمَرُ لَمَّا زَادَ الْمَسْجِدُ: لَوْ زِدْنَا فِيهِ حَتَّى يَبْلُغَ الْجَبَّانَةَ كَانَ مَسْجِدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ ابْنُ رَجَبٍ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ: وَقَدْ قِيلَ إنَّهُ لَا يُعْلَمُ عَنْ السَّلَفِ خِلَافٌ فِي الْمُضَاعَفَةِ، وَإِنَّمَا خَالَفَ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ أَصْحَابِنَا مِنْهُمْ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَابْنُ عَقِيلٍ.

(وَخَالَفَ فِيهِ ابْنُ عَقِيلٍ وَابْنُ الْجَوْزِيِّ وَجَمْعٌ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَصْحَابِنَا، وَتَوَقَّفَ أَحْمَدُ) وَقَالَ فِي الْآدَابِ: وَهَذِهِ الْمُضَاعَفَةُ تَخْتَصُّ بِالْمَسْجِدِ غَيْرَ الزِّيَادَةِ عَلَى ظَاهِرِ الْخَبَرِ وَقَوْلِ الْعُلَمَاءِ مِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ، أَيْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم " فِي مَسْجِدِي هَذَا لِأَجْلِ الْإِشَارَةِ.

(وَلَوْ اعْتَكَفَ مَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجُمُعَةُ) كَالْعَبْدِ وَالْمُسَافِرِ وَالْمَرْأَةِ (فِي مَسْجِدٍ لَا تُصَلَّى فِيهِ) الْجُمُعَةُ (بَطَلَ) اعْتِكَافُهُ (بِخُرُوجِهِ إلَيْهَا إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ) الْخُرُوجَ إلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ.

(وَالْأَفْضَلُ الِاعْتِكَافُ فِي الْمَسْجِدِ الْجَامِعِ إذَا كَانَتْ الْجُمُعَةُ تَتَخَلَّلُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ لِئَلَّا يَحْتَاجَ إلَى الْخُرُوجِ إلَيْهَا فَيَتْرُكُ الِاعْتِكَافَ مَعَ إمْكَانِ التَّحَرُّزِ مِنْهُ.

(وَلِلْمَرْأَةِ وَمَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْجَمَاعَةُ كَالْمَرِيضِ وَالْمَعْذُورِ) بِسَفَرٍ أَوْ غَيْرِهِ (وَمَنْ فِي قَرْيَةٍ لَا يُصَلِّي فِيهَا غَيْرُهُ الِاعْتِكَافُ فِي كُلِّ مَسْجِدٍ) لِعُمُومِ الْآيَةِ (إلَّا مَسْجِدَ بَيْتِهَا وَهُوَ مَا اتَّخَذَتْهُ لِصَلَاتِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ حَقِيقَةً وَلَا حُكْمًا وَلَوْ جَازَ لَفَعَلَتْهُ أُمَّهَاتُ الْمُؤْمِنِينَ وَلَوْ مَرَّةً تَبْيِينًا لِلْجَوَازِ.

(وَمَنْ نَذَرَ الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ فِي مَسْجِدٍ غَيْرِ) الْمَسَاجِدِ

ص: 352

(الثَّلَاثَةِ، فَلَهُ فِعْلُهُ) أَيْ: الْمَنْذُورِ مِنْ اعْتِكَافٍ أَوْ صَلَاةٍ (فِي غَيْرِهِ) ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُعَيِّنْ لِعِبَادَتِهِ مَوْضِعًا فَلَمْ يَتَعَيَّنْ بِالنَّذْرِ وَلَوْ تَعَيَّنَ لَاحْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم: «لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى وَمَسْجِدِي هَذَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَلَعَلَّ مُرَادَهُمْ إلَّا مَسْجِدَ قُبَاءَ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَأْتِيهِ كُلَّ سَبْتٍ رَاكِبًا وَمَاشِيًا وَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ: وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَعْتَكِفُ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ الَّذِي عَيَّنَهُ، وَظَاهِرُهُ: لَا كَفَّارَةَ وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ.

(وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ (فِي أَحَدِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهَا) لِفَضْلِ الْعِبَادَةِ فِيهَا عَلَى غَيْرِهَا فَتَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (وَلَهُ شَدُّ الرَّحْلِ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْمَسْجِدِ الَّذِي عَيَّنَهُ مِنْ الثَّلَاثَةِ لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ السَّابِقِ.

(وَأَفْضَلُهَا: الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ ثُمَّ مَسْجِدُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى)، وَهُوَ مَسْجِدُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ لِمَا رَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «صَلَاةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ إلَّا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ» رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا أَبَا دَاوُد وَلِأَحْمَدَ وَأَبِي دَاوُد مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مِثْلُهُ، وَزَادَ «وَصَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ» وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هُوَ أَحْسَنُ حَدِيثٍ رُوِيَ فِي ذَلِكَ وَلِأَحْمَدَ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ مِثْلُ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَزَادَ: «صَلَاةٌ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَفْضَلُ مِنْ مِائَةِ صَلَاةٍ فِي هَذَا» .

، وَكَوْنُ مَسْجِدِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى لَمْ يُفْرَضْ إتْيَانُهَا شَرْعًا بِخِلَافِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ فِيهِمَا بِالنَّذْرِ؛ لِأَنَّ النَّذْرَ مُوجِبٌ لِمَا لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا بِأَصْلِ الشَّرْعِ، وَإِلْحَاقُ غَيْرِ الثَّلَاثَةِ بِهَا مُمْتَنِعٌ لِثُبُوتِ فَضْلِهَا عَلَى غَيْرِهَا بِالنَّصِّ.

(فَإِنْ عَيَّنَ الْأَفْضَلَ مِنْهَا) وَهُوَ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ (فِي نَذْرِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ) الِاعْتِكَافُ وَلَا الصَّلَاةُ (فِيمَا دُونَهُ) لِعَدَمِ مُسَاوَاتِهِ لَهُ (وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ) أَيْ: إنْ عَيَّنَ الْمَفْضُولَ مَعَهَا أَجْزَأَهُ فِيمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ فَمَنْ عَيَّنَ فِي نَذْرِهِ مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ أَجْزَأَهُ فِيهِ، فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَقَطْ وَإِنْ عَيَّنَ الْأَقْصَى أَجْزَأَهُ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لِحَدِيثِ جَابِرٍ «أَنَّ رَجُلًا قَالَ يَوْمَ الْفَتْحِ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي نَذَرْتُ إنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ مَكَّةَ أَنْ أُصَلِّيَ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَقَالَ صَلِّ هَاهُنَا فَسَأَلَهُ فَقَالَ

ص: 353

صَلِّ هَاهُنَا فَسَأَلَهُ فَقَالَ: شَأْنُكَ إذَنْ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد رَوَيَا أَيْضًا هَذَا الْخَبَرَ بِإِسْنَادِهِمَا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَزَادَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «وَاَلَّذِي بَعَثَ مُحَمَّدًا بِالْحَقِّ لَوْ صَلَّيْتَ هَاهُنَا لَقَضَى عَنْك ذَلِكَ كُلَّ صَلَاةٍ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ» .

(وَإِنْ نَذَرَهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافَ أَوْ الصَّلَاةَ (فِي غَيْرِ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ) الثَّلَاثَةِ (وَأَرَادَ الذَّهَابَ إلَى مَا عَيَّنَهُ) فَإِنْ احْتَاجَ إلَى شَدِّ رَحْلٍ خُيِّرَ (عِنْدَ الْقَاضِي وَغَيْرِهِ، وَهُوَ مَعْنَى مَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ بِإِبَاحَتِهِ، وَاخْتَارَهُ) الْمُوَفَّقُ فِي الْقَصْرِ وَمَنَعَ مِنْهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ، وَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ إلَى شَدِّ رَحْلٍ فَفِي الْمُبْدِعِ فَالْمَذْهَبُ يُخَيَّرُ وَفِي الْوَاضِحِ: الْأَفْضَلُ الْوَفَاءُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا أَظْهَرُ.

(وَإِنْ دَخَلَ فِيهِ) أَيْ: فِي مُعْتَكَفِهِ (ثُمَّ انْهَدَمَ مُعْتَكَفُهُ وَلَمْ يُمْكِنْ الْقِيَامُ فِيهِ لَزِمَ إتْمَامُهُ) أَيْ: الِاعْتِكَافِ إنْ كَانَ مَنْذُورًا (فِي غَيْرِهِ وَلَمْ يَبْطُلْ) اعْتِكَافُهُ بِخُرُوجِهِ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ خُرُوجٌ لِمَا لَا بُدَّ مِنْهُ.

(وَمَنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرٍ) بِعَيْنِهِ كَرَمَضَانَ (أَوْ نَذَرَ) اعْتِكَافَ عَشْرٍ بِعَيْنِهِ كَالْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (أَوْ أَرَادَ ذَلِكَ تَطَوُّعًا دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ قَبْلَ لَيْلَتِهِ الْأُولَى) أَيْ: قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ نَصَّ عَلَيْهِ؛ إذْ الشَّهْرُ يَدْخُلُ بِدُخُولِ اللَّيْلَةِ بِدَلِيلِ تَرَتُّبِ الْأَحْكَامِ الْمُعَلَّقَةِ بِهِ: مِنْ حُلُولِ الدَّيْنِ وَوُقُوعِ الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ الْمُعَلَّقِينَ بِهِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَائِشَةَ:«كَانَ إذَا أَرَادَ أَنْ يَعْتَكِفَ صَلَّى الْفَجْرَ ثُمَّ دَخَلَ مُعْتَكَفَهُ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَاعْتِكَافُهُ كَانَ تَطَوُّعًا، وَالتَّطَوُّعُ يَشْرَعُ فِيهِ مَتَى شَاءَ، وَقَالَ الْقَاضِي: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ كَانَ يَفْعَلُ يَوْمَ الْعِشْرِينَ لِيَسْتَظْهِرَ بِبَيَاضِ يَوْمٍ زِيَادَةً، (وَخَرَجَ) مِنْ مُعْتَكَفِهِ (بَعْدَ آخِرِهِ) أَيْ: آخِرِ مَا عَيَّنَهُ بِأَنْ تَغْرُبَ شَمْسُ آخِرِ يَوْمٍ مِنْهُ نَصَّ عَلَيْهِ لِمَا تَقَدَّمَ.

(وَلَوْ نَذَرَ) أَنْ يَعْتَكِفَ (يَوْمًا مُعَيَّنًا) كَيَوْمِ الْخَمِيسِ (أَوْ) نَذَرَ يَوْمًا (مُطْلَقًا) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ يَوْمًا وَأَطْلَقَ (دَخَلَ) مُعْتَكَفَهُ (قَبْلَ فَجْرِهِ الثَّانِي وَخَرَجَ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ) ؛ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (وَلَمْ يَجُزْ تَفْرِيقُهُ بِسَاعَاتٍ مِنْ أَيَّامٍ) ؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهُ التَّتَابُعُ أَشْبَهَ مَا لَوْ قَيَّدَهُ بِهِ.

(فَلَوْ كَانَ فِي وَسَطِ النَّهَارِ فَقَالَ: لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ يَوْمًا مِنْ وَقْتِي هَذَا لَزِمَهُ) الِاعْتِكَافُ (مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى مِثْلِهِ) ؛ لِيَتَحَقَّقَ مُضِيُّ يَوْمٍ مِنْ ذَلِكَ الْوَقْتِ (وَلَا يَدْخُلُ اللَّيْلُ) فِي نَذْرِهِ اعْتِكَافَ يَوْمٍ فَلَا يَلْزَمُهُ اعْتِكَافُهُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْيَوْمِ (وَكُلُّ زَمَانٍ مُعَيَّنٍ) نَذَرَ اعْتِكَافَهُ (يَدْخُلُ) مُعْتَكَفَهُ قَبْلَهُ وَيَخْرُجُ بَعْدَهُ (لِمَا تَقَدَّمَ) .

(وَإِنْ اعْتَكَفَ رَمَضَانَ

ص: 354

أَوْ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ مِنْهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الْعِيدِ فِي مُعْتَكَفِهِ) لِيُحْيِيَ لَيْلَةَ الْعِيدِ (وَيَخْرُجَ مِنْهُ إلَى الْمُصَلَّى) نَصَّ عَلَيْهِ قَالَ إبْرَاهِيمُ: كَانُوا يُحِبُّونَ لِمَنْ اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الْأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ أَنْ يَبِيتَ لَيْلَةَ الْفِطْرِ فِي الْمَسْجِدِ ثُمَّ يَغْدُو إلَى الْمُصَلَّى مِنْ الْمَسْجِدِ اهـ وَيَكُونُ فِي ثِيَابِ اعْتِكَافِهِ لِيَصِلَ طَاعَةً بِطَاعَةٍ.

(وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُطْلَقًا لَزِمَهُ شَهْرٌ مُتَتَابِعٌ نَصًّا) ؛ لِأَنَّ الِاعْتِكَافَ مَعْنًى يَصِحُّ لَيْلًا وَنَهَارًا فَإِذَا أَطْلَقَهُ لَزِمَهُ التَّتَابُعُ كَقَوْلِهِ: لَا كَلَّمْت زَيْدًا شَهْرًا كَمُدَّةِ الْإِيلَاءِ وَالْعُنَّةِ وَالْعِدَّةِ، (وَحُكْمُهُ فِي دُخُولِ مُعْتَكَفِهِ وَخُرُوجِهِ مِنْهُ كَمَا تَقَدَّمَ) فَيَدْخُلُ قَبْلَ الْغُرُوبِ مِنْ أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْهُ وَلَا يَخْرُجُ إلَّا بَعْدَ غُرُوبِ شَمْسِ آخِرِ أَيَّامِهِ، (وَيَكْفِي شَهْرٌ هِلَالِيٌّ نَاقِصٌ بِلَيَالِيِهِ أَوْ ثَلَاثُونَ يَوْمًا بِلَيَالِيِهَا) ؛ لِأَنَّ الشَّهْرَ اسْمٌ لِمَا بَيْنَ الْهِلَالَيْنِ نَاقِصًا كَانَ أَوْ تَامًّا وَلِثَلَاثِينَ يَوْمًا، (وَإِنْ ابْتَدَأَ) اعْتِكَافَهُ (الثَّلَاثِينَ فِي أَثْنَاءِ النَّهَارِ فَتَمَامُهُ فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ الْيَوْمِ الْحَادِي وَالْعِشْرِينَ وَإِنْ ابْتَدَأَهُ فِي أَثْنَاءِ اللَّيْلِ تَمَّ) اعْتِكَافُهُ (فِي مِثْلِ تِلْكَ السَّاعَةِ مِنْ اللَّيْلَةِ الْحَادِيَةِ وَالثَّلَاثِينَ وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا) مَعْدُودَةً (أَوْ) نَذَرَ (لَيَالِيَ مَعْدُودَةً فَلَهُ تَفْرِيقُهَا إنْ لَمْ يَنْوِ التَّتَابُعَ) ؛ لِأَنَّ الْأَيَّامَ وَاللَّيَالِيَ الْمُطْلَقَةَ تُوجَدُ بِدُونِ التَّتَابُعِ فَلَمْ يَلْزَمْهُ كَنَذْرِ صَوْمِهَا، وَاحْتِجَاجُ ابْنُ عَبَّاسٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ بِالْآيَةِ يَدُلُّ عَلَيْهِ.

(أَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ لَا تَدْخُلُ لَيْلَتُهُ) ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْهُ (وَكَذَا عَكْسُهُ) إذَا نَذَرَ اعْتِكَافَ لَيْلَةٍ لَا يَدْخُلُ يَوْمُهَا؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْهَا (وَإِنْ نَذَرَ شَهْرًا مُتَفَرِّقًا) يَعْنِي نَذَرَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا مُتَفَرِّقًا (فَلَهُ تَتَابُعُهُ) وَلَا يَلْزَمُهُ.

(وَإِنْ نَذَرَ أَيَّامًا) مُتَتَابِعَةً (أَوْ) نَذَرَ (لَيَالِيَ مُتَتَابِعَةً لَزِمَهُ مَا يَتَخَلَّلُهَا مِنْ لَيْلٍ) إذَا نَذَرَ الْأَيَّامَ (أَوْ نَهَارًا) إذَا نَذَرَ اللَّيَالِيَ نَصَّ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ اسْمٌ لِبَيَاضِ النَّهَارِ وَاللَّيْلُ اسْمٌ لِسَوَادِ اللَّيْلِ وَالتَّثْنِيَةُ وَالْجَمْعُ تَكْرَارُ الْوَاحِدِ، وَإِنَّمَا يَدْخُلُ مَا تَخَلَّلَ لِلُزُومِ التَّتَابُعِ ضِمْنًا وَهُوَ حَاصِلٌ بِمَا بَيْنَهُمَا خَاصَّةً، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مُتَتَابِعَةً لَمْ يَلْزَمْهُ مَا تَخَلَّلَهَا مِنْ ذَلِكَ.

(وَإِنْ نَذَرَ اعْتِكَافَ يَوْمٍ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ فِي بَعْضِ النَّهَارِ لَزِمَهُ اعْتِكَافُ الْبَاقِي مِنْهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ قَضَاءُ مَا فَاتَ) مِنْ الْيَوْمِ قَبْلَ قُدُومِهِ؛ لِأَنَّهُ فَاتَ قَبْلَ شَرْطِ الْوُجُوبِ فَلَمْ يَجِبْ (كَ نَذْرِ اعْتِكَافِ زَمَنٍ مَاضٍ) لِعَدَمِ انْعِقَادِهِ، (وَإِنْ قَدِمَ لَيْلًا لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا نَذَرَ يَوْمَ يَقْدَمُ لَا لَيْلَةَ يَقْدَمُ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا ذَكَرُوهُ فِي: أَنْتِ طَالِقٌ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا يَحْنَثُ مَا لَمْ يَنْوِ النَّهَارَ، (فَإِنْ كَانَ لِلنَّاذِرِ عُذْرٌ يَمْنَعُهُ الِاعْتِكَافَ عِنْدَ قُدُومِ فُلَانٍ مِنْ حَبْسٍ أَوْ مَرَضٍ قَضَى وَكَفَّرَ) كَفَّارَةَ يَمِينٍ لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (وَيَقْضِي بَقِيَّةَ الْيَوْمِ) الَّذِي قَدِمَ فِيهِ فُلَانٌ (فَقَطْ) دُونَ مَا مَضَى مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقَضَاءَ تَابِعٌ لِلْأَدَاءِ.

ص: 355