المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل يدفع المحرم قبل طلوع الشمس إلى منى] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[فصل يدفع المحرم قبل طلوع الشمس إلى منى]

الضَّعَفَةِ وَالنِّسَاءِ) فِي الدَّفْعِ مَنْ مُزْدَلِفَةَ إلَى مِنًى بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ.

[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

(فَصْلٌ " ثُمَّ يَدْفَعُ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى ") لِقَوْلِ عُمَرَ «كَانَ أَهْلُ الْجَاهِلِيَّةِ لَا يُفِيضُونَ مِنْ جَمْعٍ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ وَيَقُولُونَ: أَشْرَقَ ثَبِيرُ كَيْمَا نُغِيرُ وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَالَفَهُمْ فَاضَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

(وَعَلَيْهِ السَّكِينَةُ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ ثُمَّ «أَرْدَفَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْفَضْلَ بْنَ الْعَبَّاسِ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إنَّ الْبِرَّ لَيْسَ بِإِيجَافِ الْخَيْلِ وَالْإِبِلِ فَعَلَيْكُمْ السَّكِينَةُ» .

(فَإِذَا بَلَغَ وَادِي مُحَسِّرٍ) بَيْنَ مُزْدَلِفَةَ وَمِنًى سُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَحْسُرُ سَالِكَهُ (أَسْرَعَ رَاكِبًا كَانَ) فَيُحَرِّكُ دَابَّتَهُ (أَوْ مَاشِيًا قَدْرَ رَمْيِهِ حَجَرٍ) لِقَوْلِ جَابِرٍ «حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ حَرَّكَ قَلِيلًا» وَرُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ لَمَّا أَتَى مُحَسِّرًا أَسْرَعَ وَقَالَ إلَيْكَ تَعْدُو قَلَقًا وَضَيْنُهَا مُخَالِفًا دِينَ النَّصَارَى دِينُهَا مُعْتَرِضًا فِي بَطْنِهَا جَنِينُهَا (وَيَكُونُ مُلَبِّيًا إلَى أَنْ يَرْمِيَ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ) لِقَوْلِ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ «لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُلَبِّيًا حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ مُخْتَصَرًا.

(وَهِيَ) أَيْ: جَمْرَة الْعَقَبَةِ (آخِرُ الْجَمَرَاتِ مِمَّا يَلِي) مِنًى (وَأَوَّلُهَا مِمَّا يَلِي مَكَّةَ وَيَأْخُذُ حَصَى الْجِمَارِ مِنْ طَرِيقِهِ قَبْلَ أَنْ يَصِلَ إلَى مِنًى أَوْ) يَأْخُذَهُ (مِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ) أَيْ: الْحَصَا (جَازَ) لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «غَدَاةَ الْعَقَبَةِ وَهُوَ عَلَى نَاقَتِهِ اُلْقُطْ لِي حَصًا فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ هُنَّ حَصَا الْخَذْفِ فَجَعَلَ يَقْبِضُهُنَّ فِي كَفِّهِ وَيَقُولُ: أَمْثَالُ هَؤُلَاءِ فَارْمُوا ثُمَّ قَالَ أَيُّهَا النَّاسُ إيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي الدِّينِ فَإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلكُمْ الْغُلُوُّ فِي الدِّينِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَكَانَ ذَلِكَ بِمِنًى.

قَالَ فِي الشَّرْحِ وَفِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَأْخُذُ الْحَصَا مِنْ جَمْعٍ وَفَعَلَهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَقَالَ كَانُوا يَتَزَوَّدُونَ الْحَصَا مِنْ جَمْعٍ وَذَلِكَ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ عِنْدَ قُدُومِهِ مِنًى بِشَيْءٍ قَبْلَ الرَّمْيِ؛ لِأَنَّ الرَّمْيَ تَحِيَّةُ مِنًى كَمَا يَأْتِي فَلَا يُبْدَأُ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ.

(وَيُكْرَهُ) أَخْذُ الْحَصَا (مِنْ مِنًى وَسَائِرِ الْحَرَمِ) هَذَا مَعْنَى كَلَامِهِ فِي

ص: 498

الْفُرُوعِ وَالْإِنْصَافِ وَالتَّنْقِيحِ وَالْمُنْتَهَى بَعْدَ أَنْ قَدَّمَ فِي الْإِنْصَافِ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَخْذُهُ مِنْ طَرِيقِهِ وَمِنْ مُزْدَلِفَةَ وَمِنْ حَيْثُ شَاءَ وَإِنَّهُ الْمَذْهَبُ وَعَلَيْهِ الْأَصْحَابُ وَهُوَ مَعْنَى مَا تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَمِنْ حَيْثُ أَخَذَهُ جَازَ قَالَ أَحْمَدُ خُذْ الْحَصَى مِنْ حَيْثُ شِئْتَ وَفِي حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ حِينَ دَخَلَ مُحَسِّرًا قَالَ " عَلَيْكُمْ بِحَصَى الْخَذْفِ تَرْمِي بِهِ الْجَمْرَةَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَلِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَفِعْلِ ابْنِ عُمَرَ وَقَوْلِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَلِذَلِكَ قَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: عَمَّا فِي الْفُرُوعِ: إنَّهُ سَهْوٌ وَقَالَ لَعَلَّهُ أَرَادَ حَرَمَ الْكَعْبَةِ وَفِي مَعْنَاهُ قُوَّةٌ انْتَهَى أَيْ: أَرَادَ بِالْحَرَمِ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ إلَّا مِنْ الْمَسْجِدِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ يُكْرَهُ إخْرَاجُ شَيْءٍ مِنْ حَصَى الْحَرَمِ وَتُرَابِهِ انْتَهَى، وَقَوْلِ ابْنِ جَمَاعَةَ فِي مَنَاسِكهِ الْكُبْرَى: وَقَالَ الْحَنَابِلَةُ: إنَّهُ يُكْرَهُ مِنْ الْمَسْجِدِ وَمِنْ الْحِلِّ انْتَهَى، وَمَا أُجِيبَ بِهِ عَنْ الْفُرُوعِ لَا يَتَأَتَّى الْجَوَابُ بِهِ عَنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ.

(وَ) يُكْرَهُ (تَكْسِيرُهُ) أَيْ: الْحَصَى لِئَلَّا يَطِيرَ إلَى وَجْهِهِ شَيْءٌ فَيُؤْذِيَهُ وَكُرِهَ أَخْذُهُ مِنْ الْخَشَنِ (وَيَكُونُ) حَصَى الْجِمَارِ (أَكْبَرَ مِنْ الْحِمِّص وَدُونَ الْبُنْدُقِ كَحَصَى الْخَذْفِ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَخِيهِ الْفَضْلِ (فَلَا يُجْزِئُ صَغِيرٌ جِدًّا وَلَا كَبِيرٌ) لِأَمْرِهِ صلى الله عليه وسلم بِالرَّمْيِ بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ فَلَا يَتَنَاوَلُ مَا لَا يُسَمَّى حَصَى وَلَا كَبِيرَةً تُسَمَّى حَجَرًا.

(وَيُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ) الرَّمْيُ بِحَصًى (نَجِسٍ) أَمَّا إجْزَاؤُهُ فَلِعُمُومِ الْأَمْرِ وَأَمَّا الْكَرَاهَةُ فَخُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ (فَإِنْ غَسَلَهُ) أَيْ: النَّجَسَ (زَالَتْ) الْكَرَاهَةُ لِزَوَالِ عِلَّتِهَا (وَ) تُجْزِئُ (حَصَاةٌ فِي خَاتَمٍ إنْ قَصَدَهَا) بِالرَّمْيِ كَغَيْرِهَا فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْهَا لَمْ تُجْزِئْهُ لِحَدِيثِ «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .

(وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْحَصَى أَبْيَضَ أَوْ أَسْوَدَ أَوْ كَدَانًا أَوْ أَحْمَرَ مِنْ مَرْمَرٍ وَبِرَامٍ وَمَرْوٍ وَهُوَ حَجَرُ الصَّوَّانِ وَرُخَامٍ وَسَنٍّ وَغَيْرِهَا) لِعُمُومِ الْإِخْبَارِ.

(وَعَدَدُ الْحَصَى: سَبْعُونَ حَصَاةً وَلَا يُسْتَحَبُّ غَسْلُهُ) قَالَ أَحْمَدُ لَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَعَلَهُ (إلَّا أَنْ يُعْلَمَ نَجَاسَتُهُ) فَيَغْسِلَهُ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ فِي إجْزَائِهِ.

(فَإِذَا وَصَلَ إلَى مِنًى، وَحَدُّهَا: مِنْ وَادِي مُحَسِّرٍ إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ) وَوَادِي مُحَسِّرٍ وَجَمْرَةِ الْعَقَبَةِ لَيْسَا مِنْ مِنًى وَيُسْتَحَبُّ سُلُوكُ الطَّرِيقِ الْوُسْطَى الَّتِي تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَلَكَهَا كَذَا فِي حَدِيثِ جَابِرٍ قَالَهُ فِي الشَّرْحِ (بَدَأَ بِهَا رَاكِبًا إنْ كَانَ) رَاكِبًا لِحَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ «أَنَّهُ انْتَهَى إلَى جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ فَرَمَاهَا مِنْ بَطْنِ الْوَادِي

ص: 499

بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ وَهُوَ رَاكِبٌ يُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ وَقَالَ اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا وَذَنْبًا مَغْفُورًا ثُمَّ قَالَ هَهُنَا كَانَ يَقُومُ الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ مَاشِيًا.

(وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ رَاكِبًا رَمَاهَا (مَاشِيًا) وَقَوْلُهُ (؛ لِأَنَّهَا تَحِيَّةُ مِنًى) تَعْلِيلٌ لِبُدَاءَتِهِ بِهَا كَمَا أَنَّ الطَّوَافَ تَحِيَّةُ الْمَسْجِدِ فَلَا يُبْدَأ بِشَيْءٍ قَبْلَهُ.

(فَرَمَاهَا) أَيْ: جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ (بِسَبْعِ) حَصَيَاتٍ (وَاحِدَةٌ بَعْدَ وَاحِدَةٍ) أَيْ: حَصَاةٍ بَعْدَ حَصَاةٍ (بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ نَدْبًا) لِقَوْلِ جَابِرٍ «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَرْمِي الْجَمْرَةَ ضُحَى يَوْمِ النَّحْرِ وَحْدَهُ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.

(فَإِنْ رَمَى بَعْدَ نِصْفِ لَيْلَةِ النَّحْرِ أَجْزَأَهُ) الرَّمْيُ قُلْتُ إنْ كَانَ وَقَفَ وَإِلَّا فَبَعْدَهُ كَطَوَافِ الْإِفَاضَةِ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَائِشَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ أُمَّ سَلَمَةَ لَيْلَةَ النَّحْرِ فَرَمَتْ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَبْلَ الْفَجْرِ ثُمَّ مَضَتْ فَأَفَاضَتْ وَرُوِيَ أَنَّهُ أَمَرَهَا أَنْ تُعَجِّل الْإِفَاضَةَ وَتُوَافِي مَكَّةَ مَعَ صَلَاةِ الْفَجْرِ» احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ؛ وَلِأَنَّهُ وَقَّتَ لِلدَّفْعِ مِنْ مُزْدَلِفَةَ فَكَانَ وَقْتًا لِلرَّمْيِ كَمَا بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَحَدِيث أَحْمَدَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَا تَرْمُوا الْجَمْرَةَ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ» مَحْمُولٌ عَلَى وَقْتِ الْفَضِيلَةِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَخْبَارِ.

(وَإِنْ غَرَبَتْ الشَّمْسُ) قَبْلَ رَمْيِ الْجَمْرَةِ (ف) إنَّهُ يَرْمِيهَا (بَعْدَ الزَّوَالِ مِنْ الْغَدِ) لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ مَنْ فَاتَهُ الرَّمْيُ حَتَّى تَغِيبَ الشَّمْسُ فَلَا يَرْمِ حَتَّى تَزُولَ الشَّمْسُ مِنْ الْغَدِ ".

(فَإِنْ رَمَاهَا) أَيْ: السَّبْعَ (دَفْعَةً وَاحِدَةً لَمْ يُجْزِئْهُ) الرَّمْيُ (إلَّا عَنْ) حَصَاةٍ (وَاحِدَةٍ) ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «رَمَى سَبْعَ رَمْيَاتٍ وَقَالَ خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (وَيُؤَدَّبُ نَصًّا) نَقَلَهُ الْأَثْرَمُ (وَيُشْتَرَطُ عِلْمُهُ بِحُصُولِهَا) أَيْ: السَّبْعِ حَصَيَاتٍ (فِي الْمَرْمَى) فِي جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ.

(وَفِي سَائِرِ الْجَمَرَاتِ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الرَّمْيِ فِي ذِمَّتِهِ فَلَا يَزُولُ عَنْهُ بِالظَّنِّ وَلَا بِالشَّكِّ فِيهِ.

(وَلَا يُجْزِئُ وَضْعُهَا) أَيْ: الْحَصَيَاتِ فِي الْمَرْمَى؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِرَمْيٍ (بَلْ) يُعْتَبَرُ (طَرْحُهَا) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَقَوْلِهِ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» .

(وَلَوْ أَصَابَتْ) الْحَصَاةُ (مَكَانًا صَلْبًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَسُكُونِ اللَّامِ (فِي غَيْرِ الْمَرْمَى ثُمَّ تَدَحْرَجَتْ إلَى الْمَرْمَى أَوْ أَصَابَتْ ثَوْبَ إنْسَانٍ ثُمَّ طَارَتْ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى أَجْزَأَتْهُ) ؛ لِأَنَّ الرَّامِيَ انْفَرَدَ بِرَمْيِهَا (وَكَذَا لَوْ نَفَضَهَا) أَيْ: الْحَصَاةَ (مَنْ وَقَعَتْ عَلَى ثَوْبِهِ فَوَقَعَتْ فِي الْمَرْمَى) أَجْزَأَتْهُ " (نَصًّا) لِحُصُولِهَا فِي الْمَرْمَى.

(وَقَالَ ابْنُ عَقِيلٍ لَا تُجْزِئُهُ؛ لِأَنَّ حُصُولَهَا فِي الْمَرْمَى بِفِعْلِ الثَّانِي) دُونَ الْأَوَّلِ

ص: 500

(قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: قُلْتُ وَهُوَ الصَّوَابُ) وَهُوَ كَمَا قَالَ " تَنْبِيهٌ " قَدْ عَلِمْتَ مِمَّا سَبَقَ: أَنَّ الْمَرْمَى مُجْتَمَعُ الْحَصَى كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ لَا نَفْسُ الشَّاخِصِ وَلَا مَسِيلُهُ.

(وَإِنْ رَمَاهَا) أَيْ: الْحَصَاةَ (فَاخْتَطَفَهَا طَائِرٌ قَبْلَ حُصُولِهَا فِيهِ) أَيْ: الْمَرْمَى (أَوْ ذَهَبَ بِهَا) الرِّيحُ (عَنْ الْمَرْمَى لَمْ يُجْزِئْهُ) أَيْ: لَمْ يُعْتَدَّ لَهُ بِهَا لِعَدَمِ حُصُولِهَا فِيهِ الْمَرْمَى.

(وَيُكَبِّرُ مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ (وَيَسْتَبْطِنُ الْوَادِي) لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ.

(وَيَقُولُ) مَعَ كُلِّ حَصَاةٍ (اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ حَجًّا مَبْرُورًا) أَيْ: مَقْبُولًا يُقَالُ: بَرَّ اللَّهُ حَجَّهُ أَيْ: تَقَبَّلَهُ (وَذَنْبًا مَغْفُورًا وَعَمَلًا مَشْكُورًا) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا رَوَاهُ حَنْبَلٌ وَكَذَا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُهُ.

(وَيَرْفَعُ الرَّامِي) لِلْجِمَارِ (يُمْنَاهُ حَتَّى يُرَى) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (بَيَاضُ إبِطِهِ) ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ مَعُونَةً عَلَى الرَّمْيِ (وَيُومِئُهَا عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ) لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ «لَمَّا أَتَى عَبْدُ اللَّهِ جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ اسْتَبْطَنَ الْوَادِي وَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَجَعَلَ يَرْمِي الْجَمْرَةَ عَلَى حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ رَمَى بِسَبْعِ حَصَيَاتٍ ثُمَّ قَالَ وَاَلَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ مِنْ هَهُنَا رَمَى الَّذِي أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

(وَلَهُ رَمْيُهَا) أَيْ: جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (مِنْ فَوْقِهَا) لِفِعْلِ عُمَرَ (وَلَا يَقِفُ) الرَّامِي (عِنْدَهَا) أَيْ: جَمْرَةِ الْعَقَبَةِ (بَلْ يَرْمِيهَا وَهُوَ مَاشٍ) يَعْنِي بِلَا وُقُوفٍ عِنْدَهَا لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ «إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ إذَا رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةَ انْصَرَفَ وَلَمْ يَقِفْ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَرَوَى الْبُخَارِيُّ مَعْنَاهُ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ وَلِضِيقِ الْمَكَانِ.

(وَيَقْطَعُ التَّلْبِيَةَ مَعَ رَمْي أَوَّلِ حَصَاةٍ مِنْهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ حَدِيثِ الْفَضْلِ بْنِ الْعَبَّاسِ وَفِي بَعْضِ أَلْفَاظِهِ «حَتَّى رَمَى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ قَطَعَ عِنْدَ أَوَّلِ حَصَاةٍ» رَوَاهُ حَنْبَلٌ فِي مَنَاسِكِهِ.

(فَإِنْ رَمَى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ) رَمَى ب (غَيْرِ الْحَصَا مِنْ الْجَوَاهِرِ الْمُنْطَبِعَةِ وَالْفَيْرُوزَجِ وَالْيَاقُوتِ وَالطِّينِ وَالْمَدَرِ) وَهُوَ التُّرَابُ الْمُلَبَّدُ (أَوْ) رَمَى (بِغَيْرِ جِنْسِ الْأَرْضِ) كَالْحَدِيدِ وَالنُّحَاسِ وَالرَّصَاصِ وَالْخَشَبِ لَمْ يُجْزِئْهُ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم رَمَى بِالْحَصَى.

وَقَالَ «خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (أَوْ) رَمَى (بِحَجَرٍ) أَيْ: حَصَاةٍ (رَمَى بِهِ لَمْ يُجْزِئْهُ) نَصًّا؛ لِأَنَّهُ اُسْتُعْمِلَ فِي عِبَادَةٍ فَلَا يُسْتَعْمَلُ فِيهَا ثَانِيًا كَمَاءِ الْوُضُوءِ؛ وَلِأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ " مَا تُقُبِّلَ مِنْهُ رُفِعَ ".

(ثُمَّ يَنْحَرُ هَدْيًا إنْ كَانَ مَعَهُ وَاجِبًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا)

ص: 501

لِقَوْلِ جَابِرٍ فِي صِفَةِ حَجِّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ «رَمَى مِنْ بَطْنِ الْوَادِي ثُمَّ انْصَرَفَ إلَى الْمَنْحَرِ فَنَحَرَ ثَلَاثًا وَسِتِّينَ بَدَنَةً بِيَدِهِ ثُمَّ أَعْطَى عَلِيًّا فَنَحَرَ مَا غَبَرَ وَأَشْرَكَهُ فِي هَدْيِهِ» (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ هَدْيٌ وَكَانَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَاجِبٌ) لِتَمَتُّعٍ أَوْ قِرَانٍ أَوْ نَحْوِهِمَا (اشْتَرَاهُ) وَذَبَحَهُ.

(وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يُضَحِّيَ اشْتَرَى مَا يُضَحِّي بِهِ) وَكَذَا إنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَدْيٍ.

(ثُمَّ يَحْلِقَ رَأْسَهُ) لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «حَلَقَ رَأْسَهُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ (وَيَبْدَأُ بِأَيْمَنِهِ) أَيْ: شِقَّ رَأْسِهِ الْأَيْمَنِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى مِنًى فَأَتَى الْجَمْرَةَ فَرَمَاهَا ثُمَّ أَتَى مَنْزِلَهُ بِمِنًى وَنَحَرَ ثُمَّ قَالَ لِلْحَلَّاقِ: خُذْ وَأَشَارَ إلَى جَانِبِهِ الْأَيْمَنِ ثُمَّ الْأَيْسَرِ ثُمَّ جَعَلَ يُعْطِيهِ النَّاسَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

(وَيَسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَلْقِ؛ لِأَنَّهُ نُسُكٌ أَشْبَهَ سَائِرَ الْمَنَاسِكِ (وَيُكَبِّرُ وَقْتَ الْحَلْقِ) كَالرَّمْيِ.

(وَالْأَوْلَى أَنْ لَا يُشَارِطَ الْحَلَّاقَ عَلَى أُجْرَةٍ) قَالَ أَبُو حَكِيمٍ ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ (وَإِنْ قَصَّرَ فَمِنْ جَمِيعِ شَعْرِ رَأْسِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ (لَا مِنْ كُلِّ شَعْرَةٍ بِعَيْنِهَا) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يُعْلَمُ إلَّا بِحَلْقِهِ وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ قَوْله تَعَالَى {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ} [الفتح: 27] وَهُوَ عَامٌّ فِي جَمِيعِ شَعْرِ الرَّأْسِ وَقَدْ حَلَقَ صلى الله عليه وسلم جَمِيعَ رَأْسِهِ فَكَانَ ذَلِكَ تَفْسِيرًا لِمُطْلَقِ الْأَمْرِ بِالْحَلْقِ أَوْ التَّقْصِيرِ فَيَجِبُ الرُّجُوعُ إلَيْهِ وَمَنْ لَبَّدَ رَأْسَهُ أَوْ ضَفَّرَهُ أَوْ عَقَصَهُ فَكَغَيْرِهِ (وَالْمَرْأَةُ تُقَصِّرُ مِنْ شَعْرِهَا عَلَى أَيِّ: صِفَةٍ كَانَ مِنْ ضَفْرٍ وَعَقْصٍ وَغَيْرِهِمَا قَدْرَ أُنْمُلَةٍ فَأَقَلُّ مِنْ رُءُوسِ الضَّفَائِرِ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مَرْفُوعًا «لَيْسَ عَلَى النِّسَاءِ حَلْقٌ إنَّمَا عَلَى النِّسَاءِ التَّقْصِيرُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد؛ وَلِأَنَّهُ مُثْلَةٌ فِي حَقِّهِنَّ (وَكَذَا عَبْدٌ) يُقَصِّرُ (وَلَا يَحْلِقُ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ الْحَلْقَ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ) .

(وَيُسَنُّ أَخْذُ أَظْفَارِهِ) أَيْ: الْحَاجِّ (وَشَارِبِهِ وَنَحْوِهِ) كَعَانَتِهِ وَإِبِطِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ ثَبَتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «لَمَّا حَلَقَ رَأْسَهُ قَلَّمَ أَظْفَارَهُ» وَكَانَ ابْن عُمَرَ يَأْخُذُ مِنْ شَارِبِهِ وَأَظْفَارِهِ وَيُسْتَحَبُّ إذَا حَلَقَ أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَ الَّذِي عِنْدَ مُنْقَطَعِ الصُّدْغِ مِنْ الْوَجْهِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ لِلْحَالِقِ " أَبْلِغْ الْعَظْمَاتِ، افْصِلْ الرَّأْسَ مِنْ اللِّحْيَةِ وَكَانَ عَطَاءٌ يَقُولُ مِنْ السُّنَّةِ إذَا حَلَقَ أَنْ يَبْلُغَ الْعَظْمَاتِ "(وَمَنْ عَدِمَ الشَّعْرَ اُسْتُحِبَّ أَنْ يُمِرَّ الْمُوسَى عَلَى رَأْسِهِ) وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَلَا يَجِبُ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ.

(ثُمَّ قَدْ حَلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ مِنْ الطِّيبِ وَغَيْرِهِ إلَّا النِّسَاءَ) نَصَّ

ص: 502