الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كُلِّ جِنْسٍ وَمَضْرُوبِهِ إلَى رَدِيئِهِ وَتِبْرِهِ) كَالْمَوَاشِي وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ وَلِأَنَّهُ إذَا ضَمَّ أَحَدَ الْجِنْسَيْنِ هُنَا إلَى الْآخَرِ، فَضَمُّ أَحَدِ النَّوْعَيْنِ أَوْلَى.
[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]
ٍ مِنْ ذَهَبٍ وَفِضَّةٍ مُعَدٍّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ أَوْ إعَارَةٍ، وَلَوْ لَمْ يُعَرْ أَوْ يُلْبَسْ حَيْثُ أُعِدَّ لِذَلِكَ (أَوْ مِمَّنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ كَرَجُلٍ يَتَّخِذُ حُلِيَّ النِّسَاءِ لِإِعَارَتِهِنَّ وَامْرَأَةٍ تَتَّخِذُ حُلِيَّ الرِّجَالِ لِإِعَارَتِهِمْ) لِمَا رَوَى جَابِرٌ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَيْسَ فِي الْحُلِيِّ زَكَاةٌ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عُمَرَ وَعَائِشَةَ وَأَسْمَاءَ بِنْتَيْ أَبِي بَكْرٍ وَلِأَنَّهُ مُرْصَدٌ لِلِاسْتِعْمَالِ الْمُبَاحِ فَلَمْ يَجِبْ فِيهِ الزَّكَاةُ كَالْعَوَامِلِ وَثِيَابِ الْقِنْيَةِ وَمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم «قَالَ لِامْرَأَةٍ فِي يَدِهَا سِوَارَانِ مِنْ ذَهَبٍ هَلْ تُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا؟ قَالَتْ: لَا قَالَ: أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِسِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد فَهُوَ ضَعِيفٌ قَالَهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَمَا صَحَّ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فِي الرِّقَةِ رُبْعُ الْعُشْرِ» فَجَوَابُهُ: أَنَّهَا الدَّرَاهِمُ الْمَضْرُوبَةُ قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا يُعْلَمُ هَذَا الِاسْمُ فِي الْكَلَامِ الْمَعْقُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ إلَّا عَلَى الدَّرَاهِمِ الْمَضْرُوبَةِ ذَاتِ السِّكَّةِ السَّائِرَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى تَقْدِيرِ الشُّمُولِ: يَكُونُ مَخْصُوصًا بِمَا ذَكَرْنَا.
وَ (لَا) تَسْقُطُ الزَّكَاةُ عَمَّنْ اتَّخَذَ حُلِيًّا (فَارًّا مِنْهَا) أَيْ الزَّكَاةُ، بَلْ تَلْزَمُهُ (وَإِنْ كَانَ) الْحُلِيُّ (لِيَتِيمٍ لَا يَلْبَسُهُ) الْيَتِيمُ (فَلِوَلِيِّهِ إعَارَتُهُ فَإِنْ فَعَلَ) أَيْ أَعَارَهُ (فَلَا زَكَاةَ) فِيهِ (وَإِلَّا فَفِيهِ الزَّكَاةُ نَصًّا) ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ.
(فَأَمَّا الْحُلِيُّ الْمُحَرَّمُ) كَطَوْقِ الرَّجُلِ وَسِوَارِهِ وَخَاتَمِهِ الذَّهَبِ، وَحِلْيَةِ مَرَاكِبِ الْحَيَوَانِ، وَلِبَاسِ الْخَيْلِ، كَاللُّجُمِ وَالسُّرُوجِ، وَقَلَائِدِ الْكِلَابِ وَحِلْيَةِ الرِّكَابِ وَالْمِرْآةِ وَالْمُشْطِ وَالْمُكْحُلَةِ وَالْمِيلِ وَالْمِسْرَحَةِ، وَالْمِرْوَحَةِ وَالْمِشْرَبَةِ وَالْمُدْهُنَةِ وَالْمِسْعَطِ وَالْمِجْمَرَةِ وَالْمِلْعَقَةِ وَالْقِنْدِيلِ، وَالْآنِيَةِ، وَحِلْيَةِ كُتُبِ الْعِلْمِ
بِخِلَافِ الْمُصْحَفِ فَيُكْرَهُ تَحْلِيَتُهُ (وَ) حِلْيَةِ (الدَّوَاةِ وَالْمِقْلَمَةِ وَمَا أُعِدَّ لِكِرَاءٍ، كَحُلِيِّ الْمَوَاشِطِ نَصًّا حَلَّ لَهُ) أَيْ الْمُتَّخَذَةَ لِكِرَاءٍ (لَبِسَهُ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَحِلَّ لَهُ (أَوْ أُعِدَّ لِلتِّجَارَةِ، كَحُلِيِّ الصَّيَارِفِ، أَوْ) أُعِدَّ لِ (قِنْيَةٍ أَوْ ادِّخَارٍ أَوْ نَفَقَةٍ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، أَوْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ شَيْئًا فَفِيهِ الزَّكَاةُ) إنْ بَلَغَ نِصَابًا لِأَنَّهَا إنَّمَا سَقَطَتْ فِي الْمُبَاحِ الْمُعَدِّ لِلِاسْتِعْمَالِ لِصَرْفِهِ عَنْ جِهَةِ النَّمَاءِ فَيَبْقَى مَا عَدَاهُ عَلَى مُقْتَضَى الْأَصْلِ.
(وَلَا زَكَاةَ فِي الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَإِنْ كَثُرَتْ قِيمَتُهُ، أَوْ كَانَ فِي حُلِيٍّ) كَسَائِرِ الْعُرُوضِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ) الْحُلِيُّ (لِتِجَارَةٍ، فَيُقَوَّمُ جَمِيعُهُ) أَيْ مَا فِيهِ مِنْ جَوْهَرٍ وَلُؤْلُؤٍ وَغَيْرِهِمَا (تَبَعًا لِنَقْدٍ) أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْدٍ.
(وَالْفُلُوسُ: كَعُرُوضِ التِّجَارَةِ فِيهَا زَكَاةُ الْقِيمَةِ) كَبَاقِي الْعُرُوضِ وَلَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ زَكَاتِهَا مِنْهَا.
(قَالَ الْمَجْدُ: وَإِنْ كَانَتْ) الْفُلُوسُ (لِلنَّفَقَةِ فَلَا) زَكَاةَ فِيهَا كَعُرُوضِ الْقِنْيَةِ (وَالِاعْتِبَارِ فِي نِصَابِ الْكُلِّ) أَيْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ مُبَاحٍ تَجِبُ فِيهِ وَمُحَرَّمٍ (بِوَزْنِهِ) لِعُمُومٍ " لَيْسَ فِيمَا دُونَ خَمْسِ أَوَاقٍ صَدَقَةٌ "(إلَّا) الْحُلِيَّ (الْمُبَاحَ الْمُعَدَّ لِلتِّجَارَةِ وَلَوْ نَقْدًا فَالِاعْتِبَارُ بِقِيمَتِهِ نَصًّا) كَسَائِرِ أَمْوَالِ التِّجَارَةِ (فَيُقَوَّمُ النَّقْدُ) الْمُعَدُّ لِلتِّجَارَةِ (بِنَقْدٍ آخَرَ، إنْ كَانَ أَحَظَّ لِلْفُقَرَاءِ، أَوْ نَقَصَ عَنْ نِصَابٍ لِأَنَّهُ عَرَضٌ) أَيْ مَالُ تِجَارَةٍ.
(وَإِنْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ وَأَمْكَنَ لُبْسُهُ، كَانْشِقَاقِهِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ) إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَرْكَ لُبْسِهِ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لُبْسُهُ فَإِنْ لَمْ يَحْتَجْ فِي إصْلَاحِهِ إلَى سَبْكٍ وَتَجْدِيدِ صِنَاعَةٍ وَنَوَى إصْلَاحَهُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) كَالصَّحِيحِ.
هَذَا قَوْلُ الْقَاضِي وَجَزَمَ بِهِ الْمَجْدُ فِي شَرْحِهِ وَلَمْ يَذْكُرْ نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرِهَا وَذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ وَجْهًا فَقَالَ: مَا لَمْ يَنْوِ كَسْرَهُ فَيُزَكِّيهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ مُرَادُ غَيْرِهِ وَعِنْدَ ابْنِ عَقِيلٍ: أَنَّهُ يُزَكِّيهِ وَلَوْ نَوَى إصْلَاحَهُ وَصَحَّحَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ وَجَزَمَ بِهِ الْمُوَفَّقُ وَلَمْ يَذْكُرْ نِيَّةَ إصْلَاحٍ وَلَا غَيْرِهَا قَالَهُ فِي الْإِنْصَافِ قَالَ فِي الْكَافِي وَالشَّرْحِ وَشَرْحِ الْمُنْتَهَى: فَإِنْ انْكَسَرَ الْحُلِيُّ كَسْرًا لَا يَمْنَعُ اللُّبْسَ فَهُوَ كَالصَّحِيحِ، إلَّا أَنْ يَنْوِيَ تَرْكَ لُبْسِهِ وَإِنْ كَانَ كَسْرًا يَمْنَعُ الِاسْتِعْمَالَ فَفِيهِ الزَّكَاةُ لِأَنَّهُ صَارَ كَالنَّقْرَةِ (وَإِنْ نَوَى كَسْرَهُ) أَيْ الْحُلِيِّ (أَوْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَفِيهِ الزَّكَاةُ) كَالنُّقْرَةِ.
(وَإِنْ احْتَاجَ إلَى تَجْدِيدِ صَنْعَةٍ زَكَّاهُ) إلَى أَنْ يُجَدِّدَ صَنْعَتَهُ، كَالسَّبِيكَةِ الَّتِي يُرِيدُ جَعْلَهَا حُلِيًّا (وَالِاعْتِبَارُ فِي الْإِخْرَاجِ مِنْ الْحُلِيِّ الْمُحَرَّمِ: بِوَزْنِهِ) .
وَلَوْ زَادَتْ قِيمَتُهُ لِأَنَّهَا حَصَلَتْ بِوَاسِطَةِ صَنْعَةٍ مُحَرَّمَةٍ، يَجِبُ إتْلَافُهَا شَرْعًا، فَلَمْ تُعْتَبَرْ (وَإِنْ كَانَ) الْحُلِيُّ (لِلتِّجَارَةِ) فَالِاعْتِبَارُ فِي الْإِخْرَاجِ بِقِيمَتِهِ لِأَنَّهُ مَالُ تِجَارَةٍ (أَوْ كَانَ) الْحُلِيُّ (مُبَاحَ الصِّنَاعَةِ، وَجَبَتْ زَكَاتُهُ لِعَدَمِ اسْتِعْمَالٍ، أَوْ لِعَدَمِ إعَارَةٍ وَنَحْوِهِ) كَنِيَّتِهِ بِهِ الْقِنْيَةَ
(فَالِاعْتِبَارُ فِي الْإِخْرَاجِ) مِنْهُ (بِقِيمَتِهِ) لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ رُبْعَ عُشْرِهِ وَزْنًا لَفَاتَتْ الصَّنْعَةُ الْمُتَقَدِّمَةُ شَرْعًا عَلَى الْفُقَرَاءِ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ (فَإِنْ أَخْرَجَ مُشَاعًا) أَجْزَأَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَخْرَجَ الْوَاجِبَ (أَوْ) أَخْرَجَ (مِثْلَهُ وَزْنًا مِمَّا يُقَابِلُ جُودَتَهُ زِيَادَةُ الصَّنْعَةِ جَازَ) لِأَنَّهُ أَخْرَجَ قَدْرَ الْوَاجِبِ وَزْنًا وَقِيمَةً.
(وَإِنْ أَرَادَ كَسْرَهُ) لِإِخْرَاجِ زَكَاتِهِ (لَمْ يَجُزْ لِأَنَّ كَسْرَهُ يُنْقِصُ قِيمَتَهُ) فَفِيهِ إضَاعَةُ مَالٍ بِلَا مَصْلَحَةٍ.
(وَيُبَاحُ لِلذَّكَرِ مِنْ الْفِضَّةِ خَاتَمٌ) لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «اتَّخَذَ خَاتَمًا مِنْ وَرِقٍ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ قَالَ أَحْمَدُ فِي خَاتَمِ الْفِضَّةِ لِلرَّجُلِ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ وَاحْتَجَّ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ لَهُ خَاتَمٌ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّهُ لَا فَضْلَ فِيهِ وَجَزَمَ بِهِ فِي التَّلْخِيصِ وَغَيْره وَقِيلَ: يُسْتَحَبُّ، قِدَمُهُ فِي الرِّعَايَةِ وَقِيلَ: يُكْرَهُ لِقَصْدِ الزِّينَةِ جَزَمَ بِهِ ابْنُ تَمِيمٍ (وَلُبْسُهُ) أَيْ الْخَاتَمِ (فِي خِنْصَرِ يَسَارٍ أَفْضَلُ) مِنْ لُبْسِهِ فِي خِنْصَرِ الْيَمِينِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ وَالْفَضْلِ وَإِنَّهُ أَقَرُّ وَأَثْبَتُ وَضُعِّفَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ وَغَيْرِهِ: التَّخَتُّمُ فِي الْيُمْنَى قَالَ الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيْرُهُ: الْمَحْفُوظُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَتَخَتَّمُ فِي يَسَارِهِ، وَإِنَّهُ إنَّمَا كَانَ فِي الْخِنْصَرِ، لِكَوْنِهِ طَرَفًا، فَهُوَ أَبْعَدُ عَنْ الِامْتِهَانِ، فِيمَا تَتَنَاوَلُهُ الْيَدُ.
وَلِأَنَّهُ لَا يَشْغَلُ الْيَدَ عَمَّا تَتَنَاوَلُهُ (وَ) الْأَفْضَلُ: أَنْ (يَجْعَلَ فَصَّهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرَ كَفِّهِ) لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم " كَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ يَجْعَلُهُ مِمَّا يَلِي ظَهْرِ كَفّه قَالَ فِي الْفُرُوعِ (وَلَا بَأْسَ بِجَعْلِهِ مِثْقَالًا فَأَكْثَرَ لِأَنَّهُ لَمْ يَرِدْ فِيهِ تَحْدِيدٌ مَا لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ) وَإِلَّا حَرُمَ لِأَنَّ الْأَصْلَ التَّحْرِيمُ، خَرَجَ الْمُعْتَادُ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم وَفِعْلِ الصَّحَابَة.
(وَ) لَهُ (جَعْلُ فَصَّهُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) لِأَنَّ فِي الْبُخَارِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ " كَانَ فَصُّهُ مِنْهُ " وَلِمُسْلِمِ «كَانَ فَصُّهُ حَبَشِيًّا» (وَلَوْ) كَانَ فَصُّهُ (مِنْ ذَهَبٍ، إنْ كَانَ يَسِيرًا) فَيُبَاحُ، وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِإِبَاحَةِ يَسِيرِ الذَّهَبِ فِي اخْتِيَارِ أَبِي بَكْرِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَالْمَجْدِ، وَالشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي الْعِلْمِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ ابْنِ رَجَبٍ ذَكَرَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ: وَهُوَ الصَّوَابُ.
وَالْمَذْهَبُ عَلَى مَا اصْطَلَحْنَاهُ وَاخْتَارَ الْقَاضِي وَأَبُو الْخَطَّابِ: التَّحْرِيمَ، وَقَطَعَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى فِي بَابِ الْآنِيَةِ.
(وَيُكْرَهُ لُبْسُهُ فِي سَبَّابَةٍ وَوُسْطَى) لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ ذَلِكَ (وَظَاهِرُهُ: لَا يُكْرَهُ) لُبْسُهُ (فِي الْإِبْهَامِ وَالْبِنْصِرِ) وَإِنْ كَانَ الْخِنْصَرُ أَفْضَلَ، اقْتِصَارًا عَلَى النَّصِّ ذَكَرَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَالْبِنْصِرُ: بِكَسْرِ الْبَاءِ وَالصَّادِ، قَالَهُ فِي حَاشِيَتِهِ.
(وَيُكْرَهُ أَنْ يُكْتَبْ عَلَيْهِ) أَيْ الْخَاتَمِ ذِكْرُ اللَّهِ مِنْ الْقُرْآنِ أَوْ غَيْرِهِ
نَصًّا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ لَا يَدْخُلُ الْخَلَاءَ فِيهِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَلَعَلَّ أَحْمَدَ كَرِهَهُ لِذَلِكَ قَالَ وَلَمْ أَجِدْ لِلْكَرَاهَةِ دَلِيلًا سِوَى هَذَا، هِيَ تَفْتَقِرُ إلَى دَلِيلٍ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ (وَيَحْرُمُ أَنْ يُنْقَشَ عَلَيْهِ صُورَةُ حَيَوَانٍ) لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَحْرِيمِ التَّصْوِيرِ.
(وَيَحْرُمُ لُبْسُهُ) أَيْ الْخَاتَمِ (وَهِيَ) أَيْ الصُّورَةُ (عَلَيْهِ) كَالثَّوْبِ الْمُصَوَّرِ.
(وَيُبَاحُ التَّخَتُّمُ بِالْعَقِيقِ) قَالَ ابْنُ رَجَبٍ: ظَاهِرُ كَلَامِ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ: لَا يُسْتَحَبُّ.
وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا وَقَدْ سَأَلَهُ: مَا السُّنَّةُ يَعْنِي فِي التَّخَتُّمِ قَالَ: لَمْ تَكُنْ خَوَاتِيمُ الْقَوْمِ إلَّا مِنْ الْفِضَّةِ قَالَ الْعُقَيْلِيُّ: لَا يَصِحُّ فِي التَّخَتُّمِ بِالْعَقِيقِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم شَيْءٌ وَقَدْ ذَكَرَهَا كُلَّهَا ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ، وَأَعَلَّهَا وَاسْتَحَبَّهُ صَاحِبُ الْمُسْتَوْعِبِ وَالتَّلْخِيصِ وَابْنُ تَمِيمٍ، وَقَدَّمَهُ فِي الرِّعَايَةِ وَالْآدَابِ، وَتَبِعَهُمْ فِي الْمُنْتَهَى، وَحَدِيثُ «تَخَتَّمُوا بِالْعَقِيقِ فَإِنَّهُ مُبَارَكٌ» ذَكَرَهُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَذَا الْخَبَرُ فِي إسْنَادِهِ يَعْقُوبُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ الْمَدَنِيُّ الَّذِي قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِالْمَعْرُوفِ وَبَاقِيهِ جَيِّدٌ وَمِثْلُ هَذَا لَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ مِنْ الْمَوْضُوعِ.
(وَيُكْرَهُ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ خَاتَمٌ حَدِيدٍ وَصُفْرٍ، وَنُحَاسٍ وَرَصَاصٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ وَنَقَلَ مُهَنَّا: أَكْرَهُ خَاتَمَ الْحَدِيدِ لِأَنَّهُ حِلْيَةُ أَهْلِ النَّارِ (وَكَذَا دُمْلُجٌ) مِنْ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ أَوْ نُحَاسٍ أَوْ رَصَاصٍ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الْخَاتَمِ وَجَوَّزَهُ أَبُو الْخَطَّابِ.
(وَيُبَاحُ لَهُ أَيْ الذَّكَرِ مِنْ الْفِضَّةِ: قَبِيعَةُ سَيْفٍ) لِقَوْلِ أَنَسٍ «كَانَتْ قَبِيعَةُ سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِضَّةً» رَوَاهُ الْأَثْرَمُ وَالْقَبِيعَةُ: مَا يُجْعَلُ عَلَى طَرَفِ الْقُبْضَةِ وَلِأَنَّهُ حِلْيَةٌ مُعْتَادَةٌ لِلرَّجُلِ أَشْبَهَتْ الْخَاتَمَ (وَ) يُبَاحُ لَهُ حِلْيَةُ مِنْطَقَةٍ وَهِيَ مَا شَدَدْت بِهِ وَسَطَك قَالَهُ الْخَلِيلُ وَتُسَمِّيهَا الْعَامَّةُ حِيَاصَةً، لِأَنَّ الصَّحَابَةَ اتَّخَذُوا الْمَنَاطِقَ مُحَلَّاةً بِالْفِضَّةِ وَهِيَ كَالْخَاتَمِ، قَالَ فِي الِاخْتِيَارَاتِ: وَكِتَابَةُ الْقُرْآنِ عَلَى الْحِيَاصَةِ وَالدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ مَكْرُوهَةٌ.
(وَ) يُبَاحُ لَهُ مِنْ الْفِضَّةِ حِلْيَةُ (جَوْشَنٍ وَبَيْضَةٍ وَهِيَ الْخُوذَةُ، وَحِلْيَةُ خُفٍّ وَحِلْيَة رَانٍ، وَهُوَ شَيْءٌ يُلْبَسُ تَحْتَ الْخُفِّ، وَحَمَائِلُ) وَاحِدَتُهَا حَمَّالَةٌ، قَالَهُ الْخَلِيلُ.
(وَنَحْوُ ذَلِكَ، كَالْمِغْفَرِ وَالنَّعْلِ، وَرَأْسِ الرُّمْحِ وَشَعِيرَةِ السِّكِّينِ والتركاش، وَالْكَلَالِيبِ بِسَيْرٍ وَنَحْو ذَلِكَ) لِأَنَّهُ يُسَاوِي الْمِنْطَقَةَ مَعْنَى فَوَجَبَ أَنْ يُسَاوِيَهَا حُكْمًا وَعَلَّلَ الْمَجْدُ بِأَنَّهُ يَسِيرُ فِضَّةٍ فِي لِبَاسِهِ وَلِأَنَّهُ يَسِيرٌ تَابِعٌ، والتركاش وَالْكَلَالِيبُ ذَكَرَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ قَالَ: وَغِشَاءُ الْقَوْسِ وَالنُّشَّابُ والغوفل، وَحِلْيَةُ الْمِهْمَازِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِرُكُوبِ الْخَيْلِ وَقَالَ: لَا حَدَّ لِلْمُبَاحِ مِنْ ذَلِكَ
ذَلِكَ (وَلَوْ اتَّخَذَ لِنَفْسِهِ عِدَّةَ خَوَاتِيمَ أَوْ) عِدَّةَ (مَنَاطِقَ) وَنَحْوِهَا (فَالْأَظْهَرُ جَوَازُهُ) إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ.
(وَ) الْأَظْهَر (عَدَمُ) وُجُوبِ (زَكَاتِهِ) لِأَنَّهُ حُلِيٌّ أُعِدَّ لِاسْتِعْمَالٍ مُبَاحٍ (وَ) الْأَظْهَرُ (جَوَازُ لُبْسِ خَاتَمَيْنِ فَأَكْثَرَ جَمِيعًا) إنْ لَمْ يَخْرُجْ عَنْ الْعَادَةِ كَحُلِيِّ الْمَرْأَةِ.
(وَتَحْرُمُ حِلْيَةُ مَسْجِدٍ وَمِحْرَابٍ بِنَقْدِ) ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ لِأَنَّهُ تَرَفٌ، وَيُفْضِي إلَى كَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ.
(وَلَوْ وَقَفَ عَلَى مَسْجِدٍ وَنَحْوِهِ) كَمَدْرَسَةٍ وَرِبَاطِ (قِنْدِيلًا مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّة لَمْ يَصِحَّ) وَقْفُهُ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهِ مَعَ بَقَاءِ عَيْنِهِ.
(وَيَحْرُمُ) ذَلِكَ لِأَنَّهُ مِنْ الْآنِيَةِ.
(وَقَالَ الْمُوَفَّقُ) الشَّارِحُ (هُوَ) أَيْ وَقْفُهُ (بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ) بِهِ عَلَى الْمَسْجِدِ (فَيُكَسَّرُ، وَيُصْرَفُ فِي مَصْلَحَةِ الْمَسْجِدِ وَعِمَارَتِهِ) تَصْحِيحًا لِكَلَامِ الْمُكَلَّفِ حَيْثُ أَمْكَنَ (وَيَحْرُمُ تَمْوِيهُ سَقْفٍ وَحَائِطٍ) وَنَحْوِهِ (بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ) لِأَنَّهُ سَرَفٌ، وَيُفْضِي إلَى الْخُيَلَاءِ وَكَسْرِ قُلُوبِ الْفُقَرَاءِ (وَتَجِبُ إزَالَتُهُ) كَسَائِرِ الْمُنْكَرَاتِ.
(وَ) تَجِبُ (زَكَاتُهُ) إنْ بَلَغَ نِصَابًا بِنَفْسِهِ، أَوْ ضَمَّهُ إلَى غَيْرِهِ لِعُمُومِ مَا سَبَقَ (وَإِنْ اسْتَهْلَكَ) النَّقْدَ فِيمَا مَوَّهَ بِهِ (فَلَمْ يَجْتَمِعْ مِنْهُ شَيْءٌ) بِالْعَرْضِ عَلَى النَّارِ (فَلَهُ اسْتِدَامَتُهُ، وَلَا زَكَاةَ فِيهِ لِعَدَمِ الْمَالِيَّةِ) فَلَا فَائِدَةَ فِي إتْلَافِهِ وَإِزَالَتِهِ وَلَمَّا وُلِّيَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيز الْخِلَافَةَ أَرَادَ جَمْعَ مَا فِي مَسْجِدِ دِمَشْقَ مِمَّا مُوِّهَ بِهِ مِنْ الذَّهَبِ، فَقِيلَ لَهُ: إنَّهُ لَا يُجْتَمَعُ مَنّهُ شَيْءٌ فَتَرَكَهُ (وَلَا يُبَاحُ مِنْ الْفِضَّةِ إلَّا مَا اسْتَثْنَاهُ الْأَصْحَابُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ) بَيَانُهُ (فَلَا يَجُوزُ لِذَكَرٍ وَخُنْثَى لُبْسُ مَنْسُوجٍ بِذَهَبِ أَوْ فِضَّةٍ، أَوْ مُمَوَّهٍ بِأَحَدِهِمَا وَتَقَدَّمَ فِي بَابِ سَتْرِ الْعَوْرَةِ) مُفَصَّلًا.
(وَيُبَاحُ لَهُ) أَيْ الذَّكَرِ (مِنْ الذَّهَبِ: قَبِيعَةُ السَّيْفِ) لِأَنَّ عُمَرَ كَانَ لَهُ سَيْفٌ فِيهِ سَبَائِكُ مِنْ ذَهَبٍ وَعُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ كَانَ فِي سَيْفِهِ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ ذَكَرَهُمَا أَحْمَدُ.
(وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ: أَنَّ قَبِيعَةَ سَيْفِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ثَمَانِيَةُ مَثَاقِيلَ) وَحَكَاهُ فِي الْمُبْدِعِ عَنْ الْإِمَامِ قَالَ: فَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا كَانَتْ ذَهَبًا وَفِضَّةً وَقَدْ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ كَذَلِكَ.
(وَ) يُبَاحُ لِلذَّكَرِ مِنْ ذَهَبٍ (مَا دَعَتْ إلَيْهِ الضَّرُورَةُ كَأَنْفٍ) وَإِنْ أَمْكَنَ اتِّخَاذُهُ مِنْ فِضَّةٍ لِأَنَّ «عَرْفَجَةَ بْنَ أَسْعَدَ قُطِعَ أَنْفُهُ يَوْمَ الْكِلَابِ، فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ فِضَّةٍ فَأَنْتَنَ عَلَيْهِ، فَأَمَرَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَاِتَّخَذَ أَنْفًا مِنْ ذَهَبٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ وَالْحِكْمَةُ فِي الذَّهَبِ أَنَّهُ لَا يَصْدَأُ بِخِلَافِ الْفِضَّةِ (وَكَرَبْطِ سِنٍّ أَوْ أَسْنَانٍ بِهِ) لِمَا رَوَى الْأَثْرَمُ عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ وَأَبِي جَمْرَةَ الضُّبَعِيِّ وَأَبِي رَافِعٍ ثَابِتٍ اسْتَرْقُوا وَإِسْمَاعِيلَ بْنِ زَيْدٍ بْنِ ثَابِتٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنَّهُمْ شَدُّوا أَسْنَانَهُمْ بِالذَّهَبِ وَهِيَ