المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب إخراج الزكاة وما يتعلق به من حكم النقل والتعجيل ونحوه] - كشاف القناع عن متن الإقناع - ت مصيلحي - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌[فَصْلٌ فِي الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا اشْتَدَّ الْخَوْفُ صَلَّوْا وُجُوبًا وَلَا يُؤَخِّرُونَهَا]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ شُرُوطُ صِحَّة الْجُمُعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى مِنْبَرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ رَكْعَتَانِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يُغْتَسَلَ لِلْجُمُعَةِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الْكُسُوفِ]

- ‌[بَابُ صَلَاةِ الِاسْتِسْقَاءِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَنَائِزِ]

- ‌[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]

- ‌[فَصْلُ سِتْر عَوْرَة الْمَيِّت عِنْد غسله]

- ‌[فَصْلٌ غُسْلُ شَهِيدِ الْمَعْرَكَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْكَفَنِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الصَّلَاةِ عَلَى الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلُ يَحْرُمُ أَنْ يُغَسِّلَ مُسْلِمٌ كَافِرًا]

- ‌[فَصْلٌ حَمْلُ الْمُسْلِم وَدَفْنُهُ مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ]

- ‌[فَصْلٌ فِي دَفْنِ الْمَيِّتِ]

- ‌[فَصْلٌ رَفْعُ الْقَبْرِ عَنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل يُسَنُّ لِذُكُورٍ زِيَارَةُ قَبْرِ مُسْلِمٍ]

- ‌[فَصْل تَعْزِيَةُ أَهْلِ الْمُصِيبَةِ بِالْمَيِّتِ]

- ‌[كِتَابُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ]

- ‌[بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ ثَلَاثَةُ أَنْوَاعٍ]

- ‌[النَّوْع الْأَوَّل الْإِبِلُ]

- ‌[فَصَلِّ النَّوْعُ الثَّانِي الْبَقَرُ]

- ‌[فَصْلٌ النَّوْعُ الثَّالِثُ الْغَنَمُ]

- ‌[فَصْلٌ الْخُلْطَةُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ]

- ‌[فَصْل مَا يُعْتَبَرُ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ الْعُشْرُ فِيمَا سُقِيَ بِغَيْرِ مُؤْنَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنُّ أَنْ يَبْعَثَ الْإِمَامُ سَاعِيًا خَارِصًا]

- ‌[فَصْلٌ فِي الْعَسَلِ الْعُشْرُ]

- ‌[فَصْلٌ فِي زَكَاةُ الْمَعْدِنِ]

- ‌[فَصْلٌ يَجِبُ فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]

- ‌[فَصْلٌ وَلَا زَكَاةَ فِي حُلِيٍّ مُبَاحٍ لِرَجُلٍ وَامْرَأَةٍ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ عُرُوضِ التِّجَارَةِ]

- ‌[بَابُ زَكَاةِ الْفِطْرِ]

- ‌[فَصْلٌ الْوَاجِبُ فِي زَكَاة الْفِطْر]

- ‌[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يُجْزِئُ إخْرَاجُ الزَّكَاة إلَّا بِنِيَّةِ]

- ‌[فَصْل تَعْجِيلُ الزَّكَاةِ]

- ‌[بَابُ ذِكْرِ أَهْلِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]

- ‌[فَصْلٌ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ]

- ‌[كِتَابُ الصِّيَامِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَجِبُ الصَّوْمُ إلَّا عَلَى مُسْلِمٍ عَاقِلٍ بَالِغٍ قَادِرٍ عَلَيْهِ]

- ‌[فَصْلٌ لَا يَصِحُّ صَوْمٌ إلَّا بِنِيَّةٍ]

- ‌[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصِّيَامَ]

- ‌[فَصْلٌ فِيمَا يُوجِبُ الْكَفَّارَةَ فِي الصَّوْم]

- ‌[بَابُ مَا يُكْرَهُ فِي الصَّوْمِ]

- ‌[فَصْلٌ يُسَنَّ تَعْجِيلُ الْإِفْطَارِ]

- ‌[فَصْلُ فَاتَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ كُلِّهِ لِعُذْرٍ]

- ‌[بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ وَمَا يُكْرَهُ مِنْهُ وَذِكْرِ لَيْلَةِ الْقَدْرِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]

- ‌[بَابُ الِاعْتِكَافِ وَأَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ لَزِمَهُ تَتَابُعُ اعْتِكَافٍ]

- ‌[فَصْلٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسَاجِدِ]

- ‌[كِتَابِ الْحَجِّ]

- ‌[شَرَائِط وُجُوب الْحَجّ وَالْعُمْرَة]

- ‌[فَصْلٌ فِي الِاسْتِطَاعَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الْحَجِّ عَلَى الْمَرْأَةِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيُبَادِرْ]

- ‌[بَابُ مَوَاقِيتِ الْحَجّ]

- ‌[فَصْل لَا يَجُوزُ لِمَنْ أَرَادَ دُخُولَ مَكَّةَ تَجَاوُزُ الْمِيقَاتِ بِغَيْرِ إحْرَامٍ]

- ‌[بَابُ الْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِمَا]

- ‌[فَصْل مُرِيدُ الْإِحْرَامِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ التَّمَتُّعِ وَالْإِفْرَادِ وَالْقِرَانِ]

- ‌[فَصْلٌ مَنْ أَحْرَمَ مُطْلَقًا بِأَنْ نَوَى الدُّخُولِ فِي النُّسُكِ وَلَمْ يُعَيِّنْ نُسُكًا]

- ‌[فَصْلٌ التَّلْبِيَةُ سُنَّةٌ]

- ‌[بَابُ مَحْظُورَاتِ الْإِحْرَام]

- ‌[إزَالَةُ الشَّعْرِ مِنْ جَمِيعِ الْبَدَن]

- ‌[فَصْلٌ تَغْطِيَةُ الرَّأْسِ فِي الْإِحْرَام]

- ‌[فَصْلٌ لُبْسِ الذَّكَرِ الْمَخِيطَ]

- ‌[فَصْلٌ فِي الطِّيبُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ قَتْلُ صَيْدِ الْبَرِّ الْمَأْكُولِ وَذَبْحُهُ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ عَقْدُ النِّكَاحِ لِلْمُحْرِمِ]

- ‌[فَصْلٌ الْجِمَاعُ فِي فَرْجٍ أَصْلِيٍّ]

- ‌[فَصْلٌ الْمُبَاشَرَةُ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ]

- ‌[فَصْلٌ الْمَرْأَةُ إحْرَامُهَا فِي وَجْهِهَا]

- ‌[بَابُ الْفِدْيَةِ]

- ‌[الْفِدْيَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ]

- ‌[الضَّرْب الْأَوَّل مَا يَجِبُ عَلَى التَّخْيِيرِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّانِي مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ مَا يَجِب عَلَى التَّرْتِيبِ]

- ‌[فَصْلٌ الضَّرْبُ الثَّالِثُ مِنْ أَضْرُبِ الْفِدْيَةِ الدِّمَاءُ الْوَاجِبَةُ]

- ‌[فَصْلٌ كَرَّرَ الْمُحْرِم مَحْظُورًا مِنْ جِنْسِ غَيْرِ قَتْلِ صَيْدٍ]

- ‌[فَصْلٌ كُلُّ هَدْيٍ أَوْ إطْعَامٍ يَتَعَلَّقُ بِحَرَمٍ أَوْ إحْرَامٍ فَهُوَ لِمَسَاكِينِ الْحَرَمِ]

- ‌[بَابٌ جَزَاءُ الصَّيْدِ]

- ‌[فَصْلٌ مَا لَا مِثْلَ لَهُ مِنْ النَّعَمِ]

- ‌[بَابُ صَيْدِ الْحَرَمَيْنِ وَنَبْتِهِمَا]

- ‌[فَصْلٌ قَطْعُ شَجَرِ الْحَرَمِ الْمَكِّيِّ]

- ‌[فَصْلٌ صَيْدُ الْمَدِينَةِ]

- ‌[بَابٌ دُخُولُ مَكَّةَ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ وَغَيْرِهِ]

- ‌[فَصْلٌ يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ الطَّوَافِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ شَيْئًا]

- ‌[بَابُ صِفَةِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ عَرَفَةَ بِسَكِينَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَدْفَعُ الْمُحْرِم قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ إلَى مِنًى]

- ‌[فَصْلٌ يَحْصُلُ التَّحَلُّلُ الْأَوَّلُ بِاثْنَيْنِ مِنْ ثَلَاثَةٍ]

- ‌[فَصْلٌ يَرْجِعُ مَنْ أَفَاضَ إلَى مَكَّةَ بَعْدَ الطَّوَافِ وَالسَّعْيِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]

- ‌[فَصْلٌ إذَا فَرَغَ مِنْ الْحَجِّ اُسْتُحِبَّ لَهُ زِيَارَةُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم]

- ‌[فَصْلٌ فِي صِفَةِ الْعُمْرَةِ]

- ‌[فَصْلٌ أَرْكَانُ الْحَجِّ]

- ‌[بَابُ الْفَوَاتِ وَالْإِحْصَارِ]

- ‌[بَابٌ الْهَدْيُ وَالْأَضَاحِيُّ وَالْعَقِيقَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا]

الفصل: ‌[باب إخراج الزكاة وما يتعلق به من حكم النقل والتعجيل ونحوه]

يَكُنْ حِيلَةً) كَأَنْ يَشْرِطُ عَلَيْهِ عِنْدَ الْإِعْطَاءِ أَنْ يَرُدَّهَا إلَيْهِ عَنْ نَفْسِهِ.

(وَكَذَا الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ، إذَا حُصِّلَتَا) أَيْ الْفِطْرَةُ وَزَكَاةُ الْمَالِ (عِنْدَهُ، فَقَسَمَهُمَا رَدَّهُمَا) أَيْ جَازَ لِلْإِمَامِ أَنْ يَرُدَّهُمَا (إلَى مَنْ أُخِذَتَا مِنْهُ وَتَقَدَّمَ بَعْضُ ذَلِكَ) وَتَوْضِيحُهُ (وَكَانَ عَطَاءٌ يُعْطِي عَنْ أَبَوَيْهِ صَدَقَةَ الْفِطْرِ، حَتَّى مَاتَ، وَهُوَ تَبَرُّعٌ اسْتَحْسَنَهُ) الْإِمَامُ (أَحْمَدُ) رَحِمِهِمَا اللَّهُ تَعَالَى.

[بَابُ إخْرَاجِ الزَّكَاةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِنْ حُكْمِ النَّقْلِ وَالتَّعْجِيلِ وَنَحْوِهِ]

ِ (لَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ) أَيْ تَأْخِيرُ إخْرَاجِ زَكَاةِ الْمَالِ (عَنْ وَقْتِ وُجُوبِهَا، مَعَ إمْكَانِهِ فَيَجِبُ إخْرَاجُهَا عَلَى الْفَوْرِ، كَنَذْرٍ مُطْلَقٍ، وَكَفَّارَةٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: 141] وَالْمُرَادُ: الزَّكَاةُ وَالْأَمْرُ الْمُطْلَقُ لِلْفَوْرِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الْمُؤَخِّرَ يَسْتَحِقُّ الْعِقَابَ، وَلَوْ جَازَ التَّأْخِيرُ لَكَانَ إمَّا إلَى غَايَةٍ، وَهُوَ مُنَافٍ لِلْوُجُوبِ، وَإِمَّا إلَى غَيْرِهَا، وَلَا دَلِيلَ عَلَيْهِ، بَلْ رُبَّمَا يُفْضِي إلَى سُقُوطِهَا إمَّا بِمَوْتِهِ، أَوْ تَلَفِ الْمَالِ، فَيَتَضَرَّرُ الْفَقِيرُ بِذَلِكَ، فَيَخْتَلُّ الْمَقْصُودُ مِنْ شَرْعِهَا: وَلِأَنَّهَا لِلْفَوْرِ بِطَلَبِ السَّاعِي، فَكَذَا بِطَلَبِ اللَّهِ تَعَالَى كَعَيْنٍ مَغْصُوبَةٍ.

وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ لَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَمْرُ لِلْفَوْرِ، لَقُلْنَا بِهِ هُنَا.

وَلِأَنَّهَا عِبَادَةٌ تَتَكَرَّرُ، فَلَمْ يَجُزْ تَأْخِيرُهَا إلَى دُخُولِ وَقْتِ مِثْلِهَا، كَالصَّلَاةِ (وَيَأْتِي) حُكْمُ النَّذْرِ الْمُطْلَقِ وَالْكَفَّارَةِ فِي الْأَيْمَانِ (إلَّا أَنْ يَخَافَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ (ضَرَرًا) فَيَجُوزُ لَهُ تَأْخِيرُهَا نَصَّ عَلَيْهِ، لِحَدِيثِ «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (كَرُجُوعِ سَاعٍ) عَلَيْهِ إذَا أَخْرَجَهَا هُوَ بِنَفْسِهِ، مَعَ غَيْبَةِ السَّاعِي (أَوْ خَوْفِهِ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ وَنَحْوِهِ) لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ، وَإِذَا جَازَ تَأْخِيرُ دَيْنِ الْآدَمِيِّ لِذَلِكَ، فَهِيَ أَوْلَى (أَوْ كَانَ) الْمَالِكُ (فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى زَكَاتِهِ تَخْتَلُّ كِفَايَتُهُ وَمَعِيشَتُهُ بِإِخْرَاجِهَا) نَصَّ عَلَيْهِ (وَتُؤْخَذُ مِنْهُ) الزَّكَاةُ (عِنْدَ يَسَارِهِ) لِمَا مَضَى، لِزَوَالِ الْعَارِضِ (أَوْ أَخَّرَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (لِيُعْطِيَهَا لِمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ) مِنْ غَيْرِهِ (أَوْ) لِيُعْطِيَهَا لِقَرِيبٍ أَوْ جَارٍ نَقَلَهُ يَعْقُوبُ فِيمَنْ حَاجَتُهُ أَشَدُّ، وَقَيَّدَهُ جَمَاعَةٌ

ص: 255

بِالزَّمَنِ الْيَسِيرِ لِلْحَاجَةِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ تَرْكُ وَاجِبٍ لِمَنْدُوبٍ.

وَظَاهِرُ كَلَامِ جَمَاعَةٍ: الْمَنْعُ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدُ الْكُلُّ بِمَا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ ضَرَرُ الْحَاضِرِ (أَوْ) أَيْ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ (لِتَعَذُّرِ إخْرَاجِهَا مِنْ النِّصَابِ لِغَيْبَةِ) الْمَالِ (وَنَحْوِهَا) كَالْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ إذَنْ (وَلَوْ قَدَرَ عَلَى الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ الْمَالِ الْمُزَكَّى فَلَا يَلْزَمُهُ، لِأَنَّ الْأَصْلَ إخْرَاجُ زَكَاةِ الْمَالِ مِنْهُ وَجَوَازُ الْإِخْرَاجِ مِنْ غَيْرِهِ رُخْصَةٌ فَلَا يَنْقَلِبُ تَضْيِيقًا.

(وَتَقَدَّمَ) ذَلِكَ (فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، أَوْ) أَيْ وَيَجُوزُ تَأْخِيرُهَا (لِغَيْبَةِ الْمُسْتَحِقِّ، أَوْ) غَيْبَةِ (الْإِمَامِ عِنْدَ خَوْفِ رُجُوعِهِ) عَلَيْهِ بِهَا لِلضَّرَرِ (وَكَذَا لِلْإِمَامِ وَالسَّاعِي التَّأْخِيرُ) أَيْ تَأْخِيرُ الزَّكَاةِ (عِنْدَ رَبِّهَا، لِعُذْرِ قَحْطٍ وَنَحْوِهِ) كَمَجَاعَةٍ احْتَجَّ أَحْمَدُ بِفِعْلِ عُمَرَ.

(فَإِنْ جَحَدَ) الْمُسْلِمُ الْحُرُّ الْمُكَلَّفُ (وُجُوبَهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (جَهْلًا بِهِ - وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ - كَقَرِيبِ عَهْدٍ بِإِسْلَامٍ، أَوْ نُشُوئِهِ بِبَادِيَةٍ بَعِيدَةٍ) بِحَيْثُ (يَخْفَى عَلَيْهِ) وُجُوبُ الزَّكَاةِ (عُرِّفَ ذَلِكَ) أَيْ وُجُوبَهَا، لِيَرْجِعَ عَنْ الْخَطَأِ وَلَمْ يُحْكَمْ بِكُفْرِهِ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ (وَنُهِيَ عَنْ الْمُعَاوَدَةِ) لِجَحْدِ وُجُوبِهَا لِزَوَالِ عُذْرِهِ (فَإِنْ أَصَرَّ) عَلَى جَحْدِ الْوُجُوبِ بَعْدَ أَنْ عُرِّفَ (أَوْ كَانَ عَالِمًا بِوُجُوبِهَا كَفَرَ) إجْمَاعًا لِأَنَّهُ مُكَذِّبٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ، وَلَوْ أَخْرَجَهَا وَهَذَا إذَا جَحَدَ وُجُوبَ الزَّكَاةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَأَمَّا إنْ جَحْدَهُ فِي مَالٍ خَاصٍّ وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ وَإِلَّا فَلَا كَمَالِ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ، وَعُرُوضِ التِّجَارَةِ، وَزَكَاةِ الْفِطْرِ، وَزَكَاةِ الْعَسَلِ وَمَا عَدَا الْبُرَّ وَالشَّعِيرَ وَالتَّمْرَ وَالزَّبِيبَ مِنْ الْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ وَلَمْ يُنَبِّهْ لِذَلِكَ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا يَأْتِي (وَأُخِذَتْ) الزَّكَاةُ مِنْهُ إنْ كَانَتْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ قَبْلَ كُفْرِهِ، لِكَوْنِهَا لَا تَسْقُطُ بِهِ، كَالدَّيْنِ.

(وَاسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا) كَغَيْرِهِ مِنْ الْمُرْتَدِّينَ (فَإِنْ لَمْ يَتُبْ) بِأَنْ يُقِرَّ بِوُجُوبِهَا مَعَ الْإِتْيَانِ بِالشَّهَادَتَيْنِ (قُتِلَ كُفْرًا وُجُوبًا) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ» وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ " لَأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

(وَمَنْ مَنَعَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (بُخْلًا بِهَا أَوْ تَهَاوُنًا أُخِذَتْ مِنْهُ) قَهْرًا، كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ، وَكَمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ الْعُشْرُ وَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ طَلَبَهُ بِهِ فَهُوَ كَالْخَرَاجِ بِخِلَافِ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْحَجِّ، وَالتَّكْفِيرِ بِالْمَالِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يُحْبَسُ، حَتَّى يُؤَدِّيَ لِعَدَمِ النِّيَّةِ فِي الْعِبَادَةِ مِنْ الْمُمْتَنِعِ (وَعَزَّرَهُ إمَامٌ عَدْلٌ فِيهَا) أَيْ فِي الزَّكَاةِ يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا.

وَظَاهِرُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا فِي غَيْرِهَا

ص: 256

(أَوْ) عَزَّرَهُ (عَامِلُ زَكَاةٍ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ الْإِمَامِ فِيهَا وَإِنَّمَا عُزِّرَ لِتَرْكِهِ الْوَاجِبَ وَهِيَ مَعْصِيَةٌ لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ (مَا لَمْ يَكُنْ) مَانِعُ الزَّكَاةِ بُخْلًا أَوْ تَهَاوُنًا (جَاهِلًا) بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فَلَا يُعَزَّرُ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ.

(وَإِنْ فَعَلَهُ) أَيْ مَنَعَ الزَّكَاةَ (لِكَوْنِ الْإِمَامُ غَيْرَ عَدْلٍ فِيهَا لَا يَضَعُهَا مَوَاضِعَهَا لَمْ يُعَزَّرْ) لِأَنَّهُ رُبَّمَا اعْتَقَدَ ذَلِكَ عُذْرًا فِي التَّأْخِيرِ (وَإِنْ غَيَّبَ) مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ (مَالَهُ أَوْ كَتَمَهُ) أَيْ غَلَّهُ.

(وَأَمْكَنَ أَخْذُهَا) بِأَنْ كَانَ فِي قَبْضَةِ الْإِمَامِ (أُخِذَتْ) الزَّكَاةُ (مِنْهُ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ) عَلَيْهَا لِأَنَّ الصِّدِّيقَ مَعَ الصَّحَابَةِ لَمَّا مَنَعَتْ الْعَرَبُ الزَّكَاةَ لَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْهُمْ زِيَادَةً عَلَيْهَا وَلِأَنَّهُ لَا يُزَادُ عَلَى أَخْذِ الْحُقُوقِ مِنْ الظَّالِمِ كَسَائِرِ الْحُقُوقِ.

وَأَمَّا حَدِيثُ بَهْزِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «فِي كُلِّ إبِلٍ سَائِمَةٍ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ ابْنَةُ لَبُونٍ، لَا تُفَرَّقُ إبِلٌ عَنْ حِسَابِهَا مَنْ أَعْطَاهَا مُؤْتَجِرًا فَلَهُ أَجْرُهَا، وَمَنْ مَنَعَهَا فَإِنَّا آخِذُوهَا وَشَطْرَ إبِلِهِ، عَزْمَةً مِنْ عَزَمَاتِ رَبِّنَا، لَا يَحِلُّ لِآلِ مُحَمَّدٍ مِنْهَا شَيْءٌ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو دَاوُد وَقَالَ «شَطْرَ مَالِهِ» وَهُوَ ثَابِتٌ إلَى بَهْزٍ وَقَدْ وَثَّقَهُ الْأَكْثَرُ فَجَوَابُهُ أَنَّهُ كَانَ فِي بَدْءِ الْإِسْلَامِ، حَيْثُ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ بِالْمَالِ، ثُمَّ نُسِخَ بِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الصِّدِّيقِ «وَمَنْ سُئِلَ فَوْقَ ذَلِكَ فَلَا يُعْطَهُ» وَلِأَنَّ مَنْعَ الزَّكَاةِ كَانَ فِي خِلَافَةِ الصِّدِّيقِ مَعَ تَوَفُّرِ الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْقَلْ عَنْ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَخْذُ زِيَادَةٍ وَلَا قَوْلَ بِهِ.

(وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ بِالتَّغْيِيبِ أَوْ غَيْرِهِ (اُسْتُتِيبَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وُجُوبًا) لِأَنَّ الزَّكَاةَ أَحَدُ مَبَانِي الْإِسْلَامِ فَيُسْتَتَابُ تَارِكُهَا كَالصَّلَاةِ (فَإِنْ تَابَ) وَ (أَخْرَجَ) كُفَّ عَنْهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْ (قُتِلَ) لِاتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِ مَانِعِهَا (حَدًّا) لَا كُفْرًا لِقَوْلِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ " كَانَ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَا يَرَوْنَ شَيْئًا مِنْ الْأَعْمَالِ تَرْكَهُ كُفْرًا إلَّا الصَّلَاةَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَمَا حَكَى أَحْمَدُ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ " مَا مَانِعُ الزَّكَاةِ بِمُسْلِمٍ رَوَاهُ الْأَثْرَمُ، مَعْنَاهُ: التَّغْلِيظُ وَمُقَارَبَةُ الْكُفْرِ، دُونَ حَقِيقَتِهِ (وَأُخِذَتْ مِنْ تَرِكَتِهِ) مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ لِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يُسْقِطُ حَقَّ الْآدَمِيِّ.

فَكَذَا الزَّكَاةُ (وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ أَخْذُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ مِنْ مَانِعِهَا (إلَّا بِقِتَالٍ وَجَبَ عَلَى الْإِمَامِ قِتَالُهُ، إنْ وَضَعَهَا مَوَاضِعَهَا) لِاتِّفَاقِ الصِّدِّيقِ مَعَ الصَّحَابَةِ عَلَى قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَقَالَ " وَاَللَّهِ لَوْ مَنَعُونِي عَنَاقًا - وَفِي لَفْظِ: عِقَالًا - كَانُوا يُؤَدُّونَهُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَقَاتَلْتُهُمْ عَلَيْهَا " مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا لَمْ يُقَاتِلْهُ، لِاحْتِمَالِ أَنَّ مَنْعَهُ إيَّاهَا لِاعْتِقَادِهِ ذَلِكَ عُذْرًا

ص: 257

(وَلَا يُكَفَّرُ) مَانِعُ الزَّكَاةِ تَهَاوُنًا أَوْ بُخْلًا (بِقِتَالِهِ لَهُ) أَيْ لِلْإِمَامِ لِمَا تَقَدَّمَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ.

وَلِأَنَّ عُمَرَ وَغَيْرَهُ امْتَنَعُوا ابْتِدَاءً مِنْ قِتَالِ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَلَوْ اعْتَقَدُوا كُفْرَهُمْ مَا امْتَنَعُوا مِنْهُ، ثُمَّ اتَّفَقُوا عَلَى الْقِتَالِ فَبَقِيَ عَدَمُ التَّكْفِيرِ عَلَى اعْتِقَادِهِمْ الْأَوَّلِ، وَمَا رُوِيَ عَنْ الصِّدِّيقِ أَنَّهُ لَمَّا قَاتَلَ مَانِعِي الزَّكَاةِ وَعَضَّتْهُمْ الْحَرْبُ قَالُوا، نُؤَدِّيهَا قَالَ " لَا أَقْبَلُهَا حَتَّى تَشْهَدُوا أَنَّ قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ وَأَنَّ قَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ " يُحْتَمَلُ أَنَّهُ فِيمَنْ مَنَعَهَا جُحُودًا وَلَحِقَ بِأَهْلِ الرِّدَّةِ مِنْهُمْ فَقَدْ كَانَ فِيهِمْ طَائِفَةٌ كَذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ الْحُكْمِ بِالنَّارِ الْحُكْمُ بِالْكُفْرِ، بِدَلِيلِ الْعُصَاةِ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ لَوْ فَرَّقَ الْقَاضِي بَيْنَ الصَّلَاةِ وَغَيْرِهَا مِنْ الْعِبَادَاتِ بِتَعَذُّرٍ فِيهَا وَالْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ دَفْعُ حَاجَةِ الْفَقِيرِ وَهُوَ حَاصِلٌ بِأَدَائِهَا مَعَ الْقِتَالِ.

(وَمَنْ طُولِبَ بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (فَادَّعَى مَا يَمْنَعُ وُجُوبَهَا مِنْ نُقْصَانِ الْحَوْلِ أَوْ) نُقْصَانِ (النِّصَابِ، أَوْ انْتِقَالِهِ) أَيْ مَلَكَ النِّصَابَ (فِي بَعْضِ الْحَوْلِ وَنَحْوِهِ، كَادِّعَائِهِ أَدَاءَهَا، أَوْ تَجَدُّدِ مِلْكِهِ قَرِيبًا أَوْ) ادَّعَى (أَنَّ مَا بِيَدِهِ) مِنْ الْمَالِ (لِغَيْرِهِ أَوْ) ادَّعَى أَنَّهُ مُنْفَرِدٌ، أَوْ أَنَّهُ (مُخْتَلَطٌ قُبِلَ قَوْلِهِ) لِأَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ ذِمَّتِهِ (بِغَيْرِ يَمِينٍ) نَصَّ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ هُوَ مُؤْتَمَنٌ عَلَيْهَا فَلَا يُسْتَحْلَفُ عَلَيْهَا كَالصَّلَاةِ، نَقَلَ حَنْبَلٌ: لَا يُسْأَلُ الْمُتَصَدِّقُ عَنْ شَيْءٍ، وَلَا يُبْحَثُ، إنَّمَا يَأْخُذُ مَا أَصَابَهُ مُجْتَمَعًا، وَكَذَا الْحُكْمُ إنْ مَرَّ بِعَاشِرٍ وَادَّعَى أَنَّهُ عَشَّرَهُ آخَرُ.

(وَإِنْ أَقَرَّ بِقَدْرِ زَكَاتِهِ وَلَمْ يُخْبَرْ بِقَدْرِ مَالِهِ أُخِذَتْ مِنْهُ بِقَوْلِهِ وَلَمْ يُكَلَّفْ إحْضَارَ مَالِهِ) لِمَا مَرَّ.

(وَالصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ) تَجِبُ الزَّكَاةُ فِي مَالِهِمَا لِمَا تَقَدَّمَ (يُخْرِجُ عَنْهُمَا وَلِيُّهُمَا فِي مَالِهِمَا) لِأَنَّهَا حَقٌّ وَاجِبٌ عَلَيْهِمَا فَوَجَبَ عَلَى الْوَلِيِّ أَدَاؤُهَا عَنْهُمَا (كَنَفَقَةِ أَقَارِبِهُمَا وَزَوْجَاتِهِمَا، وَأُرُوشِ جِنَايَاتِهِمَا) وَتُعْتَبَرُ النِّيَّةُ مِنْ الْوَلِيِّ فِي الْإِخْرَاجِ، كَرَبِّ الْمَالِ.

(وَيُسْتَحَبُّ لِلْإِنْسَانِ تَفْرِقَةُ زَكَاتِهِ وَ) تَفْرِقَةُ (فِطْرَتِهِ بِنَفْسِهِ،، بِشَرْطِ أَمَانَتِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ مِنْ دَفْعِهَا إلَى إمَامٍ عَادِلٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ} [البقرة: 271] وَكَالدَّيْنِ وَلِأَنَّ الْقَابِضَ رَشِيدٌ قَبَضَ مَا يَسْتَحِقُّهُ، وَلِيَكُونَ عَلَى ثِقَةٍ مِنْ إيصَالِهَا إلَى مُسْتَحَقِّيهَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْأَمْوَالِ

ص: 258

الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ.

(وَلَهُ) أَيْ رَبِّ الْمَالِ (دَفْعُهَا إلَى السَّاعِي وَإِلَى الْإِمَامِ وَلَوْ فَاسِقًا يَضَعُهَا فِي مَوَاضِعِهَا) لِمَا رَوَى سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ " أَتَيْت سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ فَقُلْت: لِي مَالٌ وَأُرِيدُ إخْرَاجَ زَكَاتِهِ فَمَا تَأْمُرُنِي؟ فَقَالَ: ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ فَأَتَيْت ابْنَ عُمَرَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَأَبَا سَعِيدٍ فَقَالُوا مِثْلَ ذَلِكَ رَوَاهُ سَعِيدٌ وَلِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ مُسْتَحَقِّهَا فَجَازَ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَوَلِيِّ الْيَتِيمِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ (يَضَعْهَا مَوَاضِعَهَا حَرُمَ) دَفْعُهَا إلَيْهِ (وَيَجُوزُ) .

وَعِبَارَةُ الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَكَثِيرٌ مِنْ النُّسَخِ: وَيَجِبُ وَهِيَ أَنْسَبُ بِمَا قَبْلَهُ (كَتَمَهَا إذَنْ) وَهَذَا قَوْلُ الْقَاضِي فِي الْأَحْكَامِ السُّلْطَانِيَّةِ وَنَصَّ الْإِمَامُ عَلَى خِلَافَهُ قَالَ فِي الشَّرْح: لَا يَخْتَلِفُ الْمَذْهَبُ أَنَّ دَفْعَهَا لِلْإِمَامِ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ غَيْرَ عَدْلٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مِنْ الْأَمْوَالِ الظَّاهِرَةِ أَوْ الْبَاطِنَةِ وَيَبْرَأُ بِدَفْعِهَا إلَيْهِ سَوَاءٌ تَلِفَتْ بِيَدِ الْإِمَامِ أَوْ لَا، أَوْ صَرَفَهَا فِي مَصَارِفهَا أَوْ لَمْ يَصْرِفْهَا اهـ، وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ: إنَّهُمْ يُقَلِّدُونَ بِهَا الْكِلَابَ وَيَشْرَبُونَ بِهَا الْخُمُورَ فَقَالَ " ادْفَعْهَا إلَيْهِمْ " حَكَاهُ عَنْهُ أَحْمَدُ، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ " ادْفَعُوهَا إلَى مَنْ غَلَبَ ".

وَفِي لَفْظٍ آخَرَ " ادْفَعُوهَا إلَى الْأُمَرَاءِ وَإِنْ كَرَعُوا بِهَا لُحُومَ الْكِلَابِ عَلَى مَوَائِدِهِمْ " رَوَاهُمَا عَنْهُ أَبُو عُبَيْدٍ وَقَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: كَانُوا يَدْفَعُونَ الزَّكَاةَ إلَى الْأُمَرَاءِ.

وَهَؤُلَاءِ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَأْمُرُونَ بِدَفْعِهَا وَقَدْ عَلِمُوا فِيمَا يُنْفِقُونَهَا فَمَا أَقُولُ أَنَا؟ (وَيَبْرَأُ) دَافِعُ الزَّكَاةِ إلَى السَّاعِي أَوْ الْإِمَامِ (بِدَفْعِهَا إلَيْهِ وَلَوْ تَلِفَتْ فِي يَدِهِ، أَوْ لَمْ يَصْرِفُهَا فِي مَصَارِفِهَا) لِمَا سَبَقَ (وَيُجْزِئُ دَفْعُهَا إلَى الْخَوَارِجِ وَالْبُغَاةِ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْخَوَارِجِ، إذَا غَلَبُوا عَلَى بَلَدٍ، وَأَخَذُوا مِنْهُ الْعُشْرَ: وَقَعَ مَوْقِعَهُ وَقَالَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُمْ خَرَجُوا بِتَأْوِيلٍ وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: إنَّمَا يُجْزِئُ أَخْذُهُمْ إذَا نَصَبُوا لَهُمْ إمَامًا (وَكَذَلِكَ مَنْ أَخَذَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ مِنْ السَّلَاطِينِ قَهْرًا أَوْ اخْتِيَارًا عَدَلَ فِيهَا أَوْ جَارَ وَيَأْتِي فِي بَابِ قِتَالِ أَهْلِ الْبَغْيِ، وَلِلْإِمَامِ طَلَبُ النَّذْرِ وَالْكَفَّارَةِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي كَفَّارَةِ الظِّهَارِ، وَكَالزَّكَاةِ.

(وَ) لِلْإِمَامِ طَلَبُ (الزَّكَاةِ مِنْ الْمَالِ الظَّاهِرِ) كَالْمَوَاشِي وَالْحُبُوبِ وَالثِّمَارِ (وَالْبَاطِنِ) كَالْأَثْمَانِ وَعُرُوضُ التِّجَارَةِ (إنْ وَضَعَهَا فِي أَهْلِهَا، وَلَا يَجِبُ الدَّفْعُ إذَا طَلَبَهَا) بَلْ لِرَبِّهَا تَفْرِقَتُهَا بِنَفْسِهِ وَهُوَ أَفْضَلُ كَمَا تَقَدَّمَ (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الْإِمَامِ (أَنْ يُقَاتِلَ عَلَى) ذَلِكَ إذَا لَمْ يَمْنَعْ مَنْ هِيَ عَلَيْهِ (إخْرَاجُهَا بِالْكُلِّيَّةِ) إذْ الْوَاجِبُ الْإِخْرَاجُ، لَا الدَّفْعُ إلَى الْإِمَامِ.

ص: 259