الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خُصْيَتَيْهِ إلَى فَوْقَ، مَعَ تَدَلِّي الْجِلْدَةِ.
(وَيُكْرَهُ النَّعْيُ وَهُوَ النِّدَاءُ بِمَوْتِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ وَنَقَلَ صَالِحٌ: لَا يُعْجِبُنِي لِحَدِيثِ «إيَّاكُمْ وَالنَّعْيَ فَإِنَّ النَّعْيَ مِنْ عَمَلِ الْجَاهِلِيَّةِ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا وَالنَّعْيُ الْمَعْرُوفُ فِي مِصْرَ تَفْعَلُهُ النِّسَاءُ بِدْعَةٌ مُحَرَّمَةٌ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي.
(وَلَا بَأْسَ أَنْ يُعْلَمَ بِهِ أَقَارِبُهُ وَإِخْوَانُهُ مِنْ غَيْرِ نِدَاءٍ)«لِإِعْلَامِهِ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ بِالنَّجَاشِيِّ فِي الْيَوْمِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَفِيهِ كَثْرَةُ الْمُصَلِّينَ فَيَحْصُلُ لَهُمْ ثَوَابٌ وَنَفْعٌ لِلْمَيِّتِ.
(قَالَ الْآجُرِّيُّ فِيمَنْ مَاتَ عَشِيَّةً: يُكْرَهُ تَرْكُهُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ، بَلْ يَبِيتُ مَعَهُ أَهْلُهُ) قَالَ النَّخَعِيُّ: كَانُوا لَا يَتْرُكُونَهُ فِي بَيْتٍ وَحْدَهُ يَقُولُونَ: يَتَلَاعَبُ بِهِ الشَّيْطَانُ تَتِمَّةٌ قَالَ أَحْمَدُ قَالَ صلى الله عليه وسلم «الْمُؤْمِنُ يَمُوتُ بِعَرَقِ الْجَبِينِ» وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَحَسَّنَهُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ (وَلَا بَأْسَ بِتَقْبِيلِهِ، وَالنَّظَرِ إلَيْهِ) مِمَّنْ يُبَاحُ لَهُ ذَلِكَ فِي حَالِ حَيَاتِهِ.
(وَلَوْ بَعْدَ تَكْفِينِهِ) نَصَّ عَلَيْهِ لِحَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ «رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ وَهُوَ مَيِّتٌ، حَتَّى رَأَيْت الدُّمُوعَ تَسِيلُ» وَقَالَ جَابِرٌ «لَمَّا قُتِلَ أَبِي جَعَلْت أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْهَانِي» قَالَ فِي الشَّرْحِ: وَالْحَدِيثَانِ صَحِيحَانِ.
فَائِدَةٌ عَرْضُ الْأَدْيَانِ عَلَى الْعَبْدِ عِنْدَ الْمَوْتِ لَيْسَ عَامًّا لِكُلِّ أَحَدٍ، وَلَا مَنْفِيًّا عَنْ كُلِّ أَحَدٍ بَلْ مِنْ النَّاسِ مَنْ تُعْرَضُ عَلَيْهِ الْأَدْيَانُ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَا تُعْرَضُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ كُلُّهُ مِنْ فِتْنَةِ الْمَحْيَا وَالشَّيْطَانُ أَحْرَصُ مَا يَكُونُ عَلَى إغْوَاءِ بَنِي آدَمَ وَقْتَ الْمَوْتِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
[فَصْلُ فِي غُسْلِ الْمَيِّتِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ]
ِ (غُسْلُ الْمَيِّتِ الْمُسْلِمِ وَتَكْفِينُهُ وَالصَّلَاةُ عَلَيْهِ وَدَفْنُهُ مُتَوَجِّهًا إلَى الْقِبْلَةِ وَحَمْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي وَقَصَتْهُ رَاحِلَتُهُ «اغْسِلُوهُ بِمَاءٍ وَسِدْرٍ وَكَفِّنُوهُ فِي ثَوْبَيْهِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «صَلُّوا عَلَى مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» رَوَاهُ الْخَلَّالُ وَالدَّارَقُطْنِيّ وَضَعَّفَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ طُرُقَهُ كُلَّهَا وَقَالَ
تَعَالَى {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ} [عبس: 21] وَلِأَنَّ فِي تَرْكِهِ أَذًى وَهَتْكًا لِحُرْمَتِهِ وَحَمْلُهُ وَسِيلَةٌ لِدَفْنِهِ.
وَصَرَّحَ فِي الْمَذْهَبِ بِاسْتِحْبَابِهِ وَأَمَّا اتِّبَاعُهُ فَسُنَّةٌ، وَيَأْتِي لِخَبَرِ الْبَرَاءِ (وَيُكْرَهُ أَخْذُ أُجْرَةٍ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ) يَعْنِي الْغُسْلَ وَالتَّكْفِينَ وَالْحَمْلَ وَالدَّفْنَ قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: كَرِهَ أَحْمَدُ لِلْغَاسِلِ وَالْحَفَّارِ أَخْذَ أُجْرَةٍ عَلَى عَمَلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُحْتَاجًا فَيُعْطَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ تَعَذَّرَ أُعْطِيَ بِقَدْرِ عَمَلِهِ.
(وَيَأْتِي) فِي الْإِجَارَةِ أَنَّ مَا يَخْتَصُّ أَنْ يَكُونَ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرْبَةِ لَا يَجُوزُ أَخْذُ الْأُجْرَةِ عَلَيْهِ بَلْ وَلَا الرِّزْقُ وَلَا الْجَعَالَةُ عَلَى مَا لَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ كَالصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ (فَلَوْ دُفِنَ قَبْلَ الْغُسْلِ مَنْ أَمْكَنَ غُسْلُهُ لَزِمَ نَبْشُهُ) وَأَنْ يُخْرَجَ وَيُغَسَّلَ، تَدَارُكًا لِوَاجِبِ غُسْلِهِ (مَا لَمْ يُخَفْ تَفَسُّخُهُ أَوْ تَغَيُّرُهُ) فَإِنْ خِيفَ ذَلِكَ تُرِكَ بِحَالِهِ وَسَقَطَ غُسْلُهُ، كَالْحَيِّ يَتَضَرَّرُ بِهِ قُلْتُ: وَهَلْ يُيَمَّمُ كَمَا لَوْ تَعَذَّرَ غُسْلُهُ قَبْلَ دَفْنِهِ أَوْ لَا يُنْبَشُ بِالْكُلِّيَّةِ؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لَهُ (وَمِثْلُهُ) أَيْ مِثْلُ مَنْ دُفِنَ بِلَا غُسْلٍ أَمْكَنَ (مَنْ دُفِنَ غَيْرَ مُتَوَجِّهٍ إلَى الْقِبْلَةِ) فَيُنْبَشُ وَيُوَجَّهُ إلَيْهَا، تَدَارُكًا لِذَلِكَ الْوَاجِبِ (أَوْ دُفِنَ قَبْلَ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ) فَيُنْبَشُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ، لِيُوجَدَ شَرْطُ الصَّلَاةِ وَهُوَ عَدَمُ الْحَائِلِ.
وَقَالَ ابْنُ شِهَابٍ وَالْقَاضِي: لَا يُنْبَشُ، وَيُصَلَّى عَلَى الْقَبْرِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِإِمْكَانِهَا عَلَيْهِ (أَوْ دُفِنَ قَبْلَ تَكْفِينِهِ) فَيُخْرَجُ وَيُكَفَّنُ نَصَّ عَلَيْهِ كَمَا لَوْ دُفِنَ بِغَيْرِ غُسْلٍ، تَدَارُكًا لِلْوَاجِبِ وَهُوَ التَّكْفِينُ وَيُصَلَّى عَلَيْهِ وَلَوْ كَانَ قَدْ صُلِّيَ عَلَيْهِ، لِعَدَمِ سُقُوطِ الْفَرْضِ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عُرْيَانًا لِمَا رَوَى سَعِيدٌ عَنْ شُرَيْحِ بْنِ عُبَيْدِ الْحَضْرَمِيِّ " أَنَّ رِجَالًا قَبَرُوا صَاحِبًا لَهُمْ لَمْ يُغَسِّلُوهُ وَلَمْ يَجِدُوا لَهُ كَفَنًا، ثُمَّ لَقَوْا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ فَأَخْبَرُوهُ فَأَمَرَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهُ مِنْ قَبْرِهِ، ثُمَّ غُسِّلَ وَكُفِّنَ وَحُنِّطَ، وَصُلِّيَ عَلَيْهِ "(وَلَوْ كُفِّنَ بِحَرِيرٍ فَ) هَلْ يُنْبَشُ؟ فِيهِ وَجْهَانِ:
قَالَ فِي الْإِنْصَافِ (الْأَوْلَى عَدَمُ نَبْشِهِ) احْتِرَامًا لَهُ (وَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ كَتَحْسِينِ كَفَنِهِ) لِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ «أَتَى النَّبِيُّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ ابْنَ سَلُولَ بَعْد مَا دُفِنَ، فَأَخْرَجَهُ فَنَفَثَ فِيهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ.
(وَ) كَ (دَفْنِهِ فِي بُقْعَةٍ خَيْرٍ مِنْ بُقْعَتِهِ) الَّتِي دُفِنَ فِيهَا فَيَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ.
(وَ) لِ (مُجَاوَرَةِ صَالِحٍ) لِتَعُودَ عَلَيْهِ بَرَكَتُهُ (إلَّا الشَّهِيدَ) إذَا دُفِنَ بِمَصْرَعِهِ فَلَا يُنْقَلُ عَنْهُ لِغَيْرِهِ (حَتَّى لَوْ نُقِلَ) مِنْهُ (رُدَّ إلَيْهِ) نَدْبًا (لِأَنَّ دَفْنَهُ فِي مَصْرَعِهِ) أَيْ الْمَكَانِ الَّذِي قُتِلَ بِهِ (سُنَّةٌ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تُدْفَنُ الْأَجْسَادُ حَيْثُ تُقْبَضُ الْأَرْوَاحُ» فَإِنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الشُّهَدَاءِ لِأَنَّ السُّنَّةَ فِي غَيْرِهِمْ دَفْنُهُمْ فِي الصَّحْرَاءِ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم بِعُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وَغَيْرِهِ (وَيَأْتِي) ذَلِكَ
مُوَضَّحًا.
(وَحَمْلُ الْمَيِّتِ إلَى غَيْرِ بَلَدِهِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ مَكْرُوهٌ) لِمَا نُقِلَ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهُ " لَمَّا مَاتَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ بِالْحَبَشِ، وَهُوَ مَكَانٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ اثْنَا عَشَرَ مِيلًا وَنُقِلَ إلَى مَكَّةَ أَتَتْ قَبْرَهُ وَقَالَتْ: وَاَللَّهِ لَوْ حَضَرْتُكَ مَا دَفَنْتُك إلَّا حَيْثُ مِتَّ وَلَوْ شَهِدْتُكَ مَا زُرْتُكَ رَوَاهُ التِّرْمِذِيَّ وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهَا لَمْ تَرَ غَرَضًا صَحِيحًا فِي نَقْلِهِ، وَأَنَّهُ تَأَذَّى بِهِ فَإِنْ كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيح فَلَا كَرَاهَةَ، لِمَا فِي الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ سَمِعَ غَيْرَ وَاحِدٍ يَقُولُ " إنَّ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ وَسَعِيدَ بْنَ زَيْدٍ مَاتَا بِالْعَقِيقِ فَحُمِلَا إلَى الْمَدِينَةِ وَدُفِنَا بِهَا وَقَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ: مَاتَ ابْنُ عُمَرَ هَاهُنَا، وَأَوْصَى أَنْ لَا يُدْفَنَ هَاهُنَا وَأَنْ يُدْفَنَ بِسَرِفٍ ذَكَرَهُ ابْنُ الْمُنْذِرِ.
(وَيَجُوزُ نَبْشُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ (إذَا دُفِنَ لِعُذْرٍ بِلَا غُسْلٍ وَلَا حَنُوطٍ) فَيُغَسَّلُ وَيُحَنَّطُ لِأَنَّهُ غَرَض صَحِيحٌ (وَكَإِفْرَادِهِ فِي قَبْرٍ عَمَّنْ دُفِنَ مَعَهُ) أَيْ يَجُوزُ نَبْشُهُ لِذَلِكَ لِقَوْلِ جَابِرٍ دُفِنَ مَعَ أَبِي رَجُلٌ فَلَمْ تَطِبْ نَفْسِي حَتَّى أَخْرَجْتُهُ فَجَعَلْتُهُ فِي قَبْرٍ عَلَى حِدَةٍ ".
وَفِي رِوَايَةٍ " كَانَ أَبِي أَوَّلَ قَتِيلٍ يَعْنِي يَوْمَ أُحُدٍ فَدُفِنَ مَعَهُ آخَرُ فِي قَبْرِهِ، ثُمَّ لَمْ تَطِبْ نَفْسِي أَنْ أَتْرُكَهُ مَعَ الْآخَرِ فَاسْتَخْرَجْتُهُ بَعْدَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ فَإِذَا هُوَ كَيَوْمِ وَضَعْتُهُ غَيْرَ أُذُنِهِ " رَوَاهُمَا الْبُخَارِيُّ.
(وَالْحَائِضُ وَالْجُنُبُ إذَا مَاتَا كَغَيْرِهِمَا فِي الْغُسْلِ يَسْقُطُ غُسْلُهُمَا بِغُسْلِ الْمَوْتِ) لِتَدَاخُلِ الْمُوجِبَاتِ كَمَا تَقَدَّمَ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَتْ أَحْدَاثٌ تُوجِبُ وُضُوءًا أَوْ غُسْلًا، وَنَوَى أَحَدُهُمَا ارْتَفَعَ سَائِرُهَا وَفِي كَلَامِهِ: تَلْوِيحٌ بِالرَّدِّ عَلَى التَّنْقِيحِ، حَيْثُ قَالَ: غُسْلُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَبِتَعَيُّنِ جَنَابَةٍ أَوْ حَيْضٍ وَيَسْقُطَانِ بِهِ وَحَمَلَهُ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى عَلَى أَنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى ثَوَابِ فَرْضِ الْعَيْنِ إذَنْ؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ تَعَيَّنُ عَلَى الْمَيِّتِ قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ مَاتَ وَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ فَاَلَّذِي يَتَوَلَّى غُسْلَهُ يَنُوبُ مَنَابَهُ فِي ذَلِكَ فَيَكُونُ ثَوَابُهُ كَثَوَابِهِ (وَيُشْتَرَطُ لَهُ) أَيْ لِغُسْلِ الْمَيِّتِ مَاءٌ طَهُورٌ مُبَاحٌ، كَغُسْلِ الْحَيِّ.
(وَ) يُشْتَرَطُ لَهُ أَيْضًا (إسْلَامُ غَاسِلٍ) لِأَنَّهُ عِبَادَةٌ وَلَيْسَ الْكَافِرُ مِنْ أَهْلِهَا (وَنِيَّتُهُ) لِحَدِيثِ «إنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (وَعَقْلُهُ) لِأَنَّ غَيْر الْعَاقِل لَيْسَ أَهْلًا لِلنِّيَّةِ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ) الْغَاسِلُ (ثِقَةً أَمِينًا عَارِفًا بِأَحْكَامِ الْغُسْلِ) وَنَقَلَ حَنْبَلُ: لَا يَنْبَغِي إلَّا ذَلِكَ، وَأَوْجَبَهُ أَبُو الْمَعَالِي.
(وَلَوْ) كَانَ الْغَاسِلُ (جُنُبًا وَحَائِضًا) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصِحُّ مِنْهُ الْغُسْلَ لِنَفْسِهِ فَكَذَا لِغَيْرِهِ (مِنْ غَيْرِ كَرَاهَةٍ) هُوَ ظَاهِرٌ الْمُنْتَهَى وَغَيْرُهُ، حَيْثُ لَمْ يَذْكُرُوهَا لَكِنْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَنْ يَقْرُبَاهُ.
(وَإِنْ حَضَرَهُ) أَيْ الْمَيِّتَ (مُسْلِمٌ) عَاقِلٌ وَلَوْ مُمَيِّزًا (وَنَوَى غُسْلَهُ وَأَمَرَ كَافِرًا بِمُبَاشَرَةِ غُسْلِهِ فَغَسَّلَهُ) الْكَافِرُ (نَائِبًا عَنْهُ) أَيْ عَنْ الْمُسْلِمِ (فَظَاهِرُ كَلَامِ) الْإِمَامِ (أَحْمَدَ: لَا يَصِحُّ) غُسْلُهُ لِأَنَّ الْكَافِرَ نَجِسٌ فَلَا يُطَهِّرُ
غُسْلُهُ الْمُسْلِمَ.
(وَقَدَّمَ فِي الْفُرُوعِ الصِّحَّةَ) وَجَزَمَ بِمَعْنَاهُ فِي الْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْتَهَى: صَحَّ غُسْلُهُ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ كَمُحْدِثٍ نَوَى رَفْعَ حَدَثِهِ فَأَمَرَ كَافِرًا بِغَسْلِ أَعْضَائِهِ.
(وَيَجُوزُ أَنْ يُغَسِّلَ حَلَالٌ مُحْرِمًا وَعَكْسُهُ) بِ أَنْ يُغَسِّلَ مُحْرِمٌ حَلَالًا لِأَنَّ الْمَاءَ وَالسِّدْرَ لَا يُحَرَّمُ بِالْإِحْرَامِ (لَكِنْ لَا يُكَفِّنُهُ) أَيْ لَا يُكَفِّنُ الْمُحْرِمُ الْحَلَالَ (لِأَجْلِ الطِّيبِ، إنْ كَانَ) فِي الْكَفَنِ طِيبٌ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْمُحْرِمِ.
(وَيُكْرَهُ) الْغُسْلُ مِنْ مُمَيِّزٍ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاخْتِلَافِ فِي أَجْزَائِهِ (وَيَصِحُّ) غُسْلُ الْمَيِّتِ (مِنْ مُمَيِّزٍ) لِصِحَّةِ غُسْلِهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ فَدَلَّ أَنَّهُ لَا يَكْفِي مِنْ الْمَلَائِكَةِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْأَكْثَرِ.
وَفِي الِانْتِصَارِ: وَيَكْفِي إنْ عُلِمَ وَكَذَا فِي تَعْلِيقِ الْقَاضِي وَاحْتَجَّ بِغُسْلِهِمْ لِحَنْظَلَةَ وَبِغُسْلِهِمْ لِآدَمَ عليه السلام وَبِأَنَّ سَعْدًا لَمَّا مَاتَ «أَسْرَعَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي الْمَشْيِ إلَيْهِ، فَقِيلَ لَهُ فَقَالَ خَشِيتُ أَنْ تَسْبِقَنَا الْمَلَائِكَةُ إلَى غُسْلِهِ، كَمَا سَبَقَتْنَا إلَى غُسْلِ حَنْظَلَةَ» قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِي مُسْلِمٍ الْجِنَّ وَأَوْلَى، لِتَكْلِيفِهِمْ.
(وَأَوْلَى النَّاسِ بِغُسْلِ الْمَيِّتِ وَصِيُّهُ إنْ كَانَ عَدْلًا) لِأَنَّهُ حَقٌّ لِلْمَيِّتِ فَقُدِّمَ فِيهِ وَصِيُّهُ عَلَى غَيْرِهِ، كَبَاقِي حُقُوقِهِ وَلِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَوْصَى أَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ وَأَوْصَى أَنَسُ أَنْ يَغْسِلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ (ثُمَّ أَبُوهُ) لِحُنُوِّهِ؟ وَشَفَقَتِهِ، ثُمَّ جَدُّهُ.
(وَإِنْ عَلَا) لِمُشَارِكَتِهِ الْأَبَ فِي الْمَعْنَى (ثُمَّ ابْنُهُ، وَإِنْ نَزَلَ) لِقُرْبِهِ (ثُمَّ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ مِنْ عَصَبَاتِهِ نَسَبًا) فَيُقَدَّمُ الْأَخُ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ ابْنُ الْأَخِ لِأَبَوَيْنِ، ثُمَّ لِأَبٍ، ثُمَّ عَمٌّ لِأَبَوَيْنِ ثُمَّ لِأَبٍ، وَهَكَذَا (ثُمَّ) عُصْبَتُهُ (نِعْمَةً) فَيُقَدَّمُ الْمُعْتِقُ ثُمَّ عَصَبَتُهُ الْأَقْرَبُ فَالْأَقْرَبُ (ثُمَّ ذَوُو أَرْحَامِهِ) كَالْأَخِ لِأُمٍّ وَالْجَدِّ لَهَا، وَالْعَمِّ لَهَا وَابْنِ الْأُخْتِ وَنَحْوِهِمْ (كَمِيرَاثٍ ثُمَّ الْأَجَانِبُ وَيُقَدَّمُ الْأَصْدِقَاءُ مِنْهُمْ) قَالَهُ بَعْضُهُمْ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: فَيَتَوَجَّهُ مِنْهُ تَقْدِيمُ الْجَارِ عَلَى أَجْنَبِيٍّ (ثُمَّ غَيْرُهُمْ) أَيْ غَيْرُ الْأَصْدِقَاءِ (الْأَدْيَنُ الْأَعْرَفُ) فَيُقَدَّمُ عَلَى غَيْرِهِ لِتِلْكَ الْفَضِيلَةِ قَالَ صلى الله عليه وسلم «لِيَلِهِ أَقْرَبُكُمْ إنْ كَانَ يَعْلَمُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ يَعْلَمُ فَمَنْ تَرَوْنَ عِنْدَهُ حَظًّا مِنْ وَرَعٍ وَأَمَانَةٍ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.
(وَالْأَحْرَارُ فِي الْجَمِيعِ) مِنْ عُصُبَاتِ النَّسَبِ وَالْوَلَاءِ وَذَوِي الْأَرْحَامِ (وَالْأَجَانِبُ أَوْلَى مِنْ زَوْجَةٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ فِي تَغْسِيلِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ (وَهِيَ) أَيْ الزَّوْجَةُ (أَوْلَى مِنْ أُمِّ وَلَدٍ) وَلِبَقَاءِ عَلَقِ الزَّوْجِيَّةِ مِنْ الِاعْتِدَادِ وَالْأَحْدَادِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ (وَأَجْنَبِيَّةٌ) بِغُسْلِ امْرَأَةٍ (أَوْلَى مِنْ زَوْجٍ) خُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَنْ مَنَعَهُ غُسْلَهَا.
(وَ) أَجْنَبِيَّةٌ أَوْلَى بِغُسْلِ أَمَةٍ مِنْ (سَيِّدٍ) لِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ مَنْ لَمْ يُبَحْ لَهُ غُسْلُهَا (وَالسَّيِّدُ أَحَقُّ بِغُسْلِ عَبْدِهِ) لِأَنَّهُ مَالِكُهُ وَوَلِيُّهُ (وَيَأْتِي وَلَا حَقَّ لِلْقَاتِلِ فِي غُسْلِ الْمَقْتُولِ إنْ لَمْ يَرِثْهُ، عَمْدًا كَانَ الْقَتْلُ
أَوْ خَطَأً) لِمُبَالَغَتِهِ فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ نَقَلَ فِي الْفُرُوعِ مَعْنَاهُ عَنْ أَبِي الْمَعَالِي قَالَ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ ذَكَرَهُ غَيْرُهُ وَلَا يَتَّجِهُ فِي قَتْلٍ لَا يَأْثَمُ بِهِ وَلِهَذَا قَالَ فِي الْمُنْتَهَى: وَلَيْسَ لِآثِمٍ بِقَتْلٍ حَقٌّ فِي غُسْلِ مَقْتُولٍ.
(وَلَا فِي الصَّلَاةِ) عَلَيْهِ (وَ) لَا فِي (الدَّفْنِ) لِمَا سَبَقَ (وَغُسْلُ الْمَرْأَةِ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ، بَعْد وَصِيَّتِهَا عَلَى مَا سَبَقَ: أُمُّهَا وَإِنْ عَلَتْ، ثُمَّ بِنْتُهَا وَإِنْ نَزَلَتْ ثُمَّ الْقُرْبَى فَالْقُرْبَى كَمِيرَاثِ وَيُقَدَّمُ مِنْهُنَّ مَنْ يُقَدَّمُ مِنْ الرِّجَالِ) فَتُقَدَّمُ الْأُخْتُ الشَّقِيقَةُ عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ، كَمَا فِي الرِّجَالِ.
(وَعَمَّتُهَا وَخَالَتُهَا سَوَاءٌ، كَبِنْتِ أُخْتِهَا وَبِنْتِ أَخِيهَا) لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْقَرَابَةِ وَالْمَحْرَمِيَّةِ (ثُمَّ الْأَجْنَبِيَّاتُ) بَعْدَ ذَوَاتِ الرَّحِمِ، كَمَا فِي الرِّجَالِ.
(وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الزَّوْجَيْنِ، إنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً: غُسْلُ صَاحِبِهِ وَلَوْ) كَانَ الْمَوْتُ (قَبْلَ الدُّخُولِ وَلَوْ وَضَعَتْ) الزَّوْجَةُ (عَقِبَ مَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ زَوْجِهَا (أَوْ) كَانَ الْمَوْتُ (بَعْدَ طَلَاقٍ رَجْعِيٍّ، مَا لَمْ تَتَزَوَّجُ) الْمَرْأَةُ الَّتِي وَضَعَتْ عَقِبَ مَوْتِ زَوْجِهَا فَلَا تُغَسِّلْهُ لِأَنَّهَا بِالتَّزَوُّجِ صَارَتْ صَالِحَةً لَأَنْ تُغَسِّلَ الثَّانِي لَوْ مَاتَ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ غَاسِلَةٌ لِزَوْجَيْنِ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ وَالْأَصْلُ فِي تَغْسِيلِ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ الْآخَرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ وَصِيَّةِ أَبِي بَكْرٍ بِأَنْ تُغَسِّلَهُ زَوْجَتُهُ أَسْمَاءُ فَغَسَّلَتْهُ وَغَسَّلَ أَبُو مُوسَى زَوْجَتَهُ أُمَّ عَبْدِ اللَّهِ ذَكَرَهُمَا أَحْمَدُ.
وَقَوْلُ عَائِشَةَ لَوْ اسْتَقْبَلْتُ مِنْ أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرْتُ مَا غَسَّلَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم إلَّا نِسَاؤُهُ رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ.
وَأَوْصَى جَابِرُ بْنُ زَيْدٍ أَنْ تُغَسِّلَهُ امْرَأَتُهُ وَأَوْصَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْأَسْوَدِ امْرَأَتَهُ أَنْ تُغَسِّلَهُ رَوَاهُمَا سَعِيدٌ فِي سُنَنِهِ وَقَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَكُنْ الزَّوْجَةُ ذِمِّيَّةً، احْتِرَازًا عَمَّا لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ فَلَا تُغَسِّلْهُ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِغُسْلِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ وَ (لَا) تُغَسِّلْ (مَنْ أَبَانَهَا وَلَوْ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ) الْمَخُوفِ فِرَارًا، لِانْقِطَاعِ الزَّوْجِيَّةِ وَإِنَّمَا وَرِثَتْ تَغْلِيظًا عَلَيْهِ بِقَصْدِهِ حِرْمَانَهَا.
(وَيَنْظُرُ مَنْ غَسَّلَ مِنْهُمَا) أَيْ الزَّوْجَيْنِ صَاحِبَهُ غَيْرَ الْعَوْرَةِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وِفَاقًا لِجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ وَجَوَّزَهُ فِي الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ بِلَا لَذَّةٍ وَاللَّمْسُ وَالْخَلْوَةُ وَيَتَوَجَّهُ أَنَّهُ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ شِهَابٍ وَاخْتَلَفَ كَلَامُ الْقَاضِي فِي نَظَرِ الْفَرْجِ فَتَارَةً أَجَازَهُ بِلَا لَذَّةٍ، وَتَارَةً مَنَعَهُ.
(وَلِسَيِّدٍ غُسْلُ أَمَتِهِ وَطِئَهَا أَوْ لَا وَأُمِّ وَلَدِهِ) وَأَمَتِهِ (كَالزَّوْجَيْنِ) فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا أَنْ يُغَسِّلَ الْآخَرَ وَيَنْظُرَ إلَى غَيْرِ الْعَوْرَةِ (وَيُغَسِّلَ) السَّيِّدُ (مُكَاتَبَتَهُ وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَطْأَهَا) لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ كَفَنُهَا وَمُؤْنَةُ تَجْهِيزِهَا وَدَفْنُهَا.
(وَتُغَسِّلُهُ) أَيْ تُغَسِّلُ الْمُكَاتَبَةُ سَيِّدَهَا (إنْ شَرَطَهُ) أَيْ وَطْأَهَا لِإِبَاحَتِهَا لَهُ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَطْءَ مُكَاتَبَتِهِ (فَلَا) يُبَاحُ لَهَا أَنْ تُغَسِّلَهُ لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ مِنْ قَبْلِ
الْمَوْتِ (وَلَا يُغَسِّلُ) سَيِّدٌ (أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَلَا) أَمَتَهُ (الْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ) تَبِعَ الْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ صَاحِبَ الْفُرُوعِ وَاسْتَشْكَلَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ: وَمَعْنَاهُ أَيْضًا فِي الْإِنْصَافِ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ مِنْ تَتِمَّةِ كَلَامِ الْمَعَالِي، وَإِلَّا كَيْفَ يُقَالُ: لَا يُغَسِّلُ السَّيِّدُ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ وَالْمُعْتَدَّةَ مِنْ زَوْجٍ.
ثُمَّ يَحْكِي خِلَافًا فِي الْأَوْلَوِيَّةِ فِيمَا إذَا اجْتَمَعَ زَوْجٌ وَسَيِّدٌ - إلَى أَنْ قَالَ: فَيُقَالُ: الصَّحِيحُ مِنْ الْمَذْهَبِ صِحَّةُ غُسْلِ السَّيِّدِ لِأَمَتِهِ الْمُعْتَدَّةِ وَالْمُزَوَّجَةِ وَهُوَ الَّذِي قَدَّمَهُ الْمُصَنِّفُ وَأَبُو الْمَعَالِي يَقُولُ: لَا يُغَسِّلُهُمَا قَالَ: وَإِنْ لَمْ نَحْمِلْهُ عَلَى هَذَا يَحْصُلْ التَّنَاقُضُ.
(وَلَا) يُغَسِّلُ السَّيِّدُ (الْمُعْتِقُ بَعْضَهَا) لِحُرْمَتِهَا عَلَيْهِ قَبْلَ مَوْتِهَا، وَمِثْلُهَا الْمُشْتَرَكَةُ (وَلَا) يُغَسِّلُ (مَنْ هِيَ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَاجِبٍ) بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يُغَسِّلُ الْمُعْتَدَّةَ لِأَنَّهَا فِي مَعْنَاهَا (وَلَا تُغَسِّلْهُ) أَيْ تُغَسِّلْ الْأَمَةُ الْمُزَوَّجَةُ أَوْ الْمُعْتَدَّةُ مِنْ زَوْجٍ أَوْ الْمُعْتَقُ بَعْضُهَا أَوْ مَنْ هِيَ فِي اسْتِبْرَاءٍ وَاجِبٍ: سَيِّدَهَا وَفِيهِ فِي غَيْرِ الْمُعْتَقِ بَعْضُهَا: مَا تَقَدَّمَ.
(وَإِنْ مَاتَ لَهُ أَقَارِبٌ) أَوْ مَوَالٍ الْأَوْلَى بِهِمْ غَيْرُهُ (دُفْعَةً وَاحِدَةً، بِهَدْمٍ وَنَحْوِهِ) كَغَرَقٍ وَطَاعُونٍ (وَلَمْ يَكُنْ تَجْهِيزُهُمْ دُفْعَةً وَاحِدَةً، اُسْتُحِبَّ أَنْ يَبْدَأَ بِالْأَخْوَفِ فَالْأَخْوَفِ) لِئَلَّا يَفْسُدَ بِتَأَخُّرِهِ (فَإِنْ اسْتَوَوْا) فِي الْخَوْفِ أَوْ عَدَمِهِ (بَدَأَ بِالْأَبِ ثُمَّ بِالِابْنِ، ثُمَّ بِالْأَقْرَبِ فَإِنْ اسْتَوَوْا كَالْأُخْوَةِ وَالْأَعْمَامِ الْمُسْتَوِينَ قُدِّمَ أَفْضَلُهُمْ، ثُمَّ أَسَنُّهُمْ، ثُمَّ) إنْ اسْتَوَوْا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ فَالتَّقْدِيمُ (بِقُرْعَةٍ) أَيْ يُقْرَعَ بَيْنَهُمْ فَمَنْ خَرَجَتْ لَهُ الْقُرْعَةُ قُدِّمَ، لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ سِوَاهَا.
(وَلِرَجُلٍ وَامْرَأَة غُسْلُ مَنْ لَهُ دُونَ سَبْعِ سِنِينَ) مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لِعَوْرَتِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ إبْرَاهِيمَ بْنَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم غَسَّلَهُ النِّسَاءُ.
(وَلَوْ) كَانَ دُونَ السَّبْعِ سِنِينَ (بِلَحْظَةٍ، وَ) لِكُلٍّ مِنْهُمَا (مَسُّ عَوْرَتِهِ وَنَظَرُهَا) لِأَنَّهُ لَا حُكْمَ لَهَا قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ نَحْفَظُ عَنْهُ: أَنَّ الْمَرْأَةَ تُغَسِّلُ الصَّبِيَّ الصَّغِيرَ، فَتُغَسِّلُهُ مُجَرَّدًا مِنْ غَيْرِ سُتْرَةٍ وَتَمَسُّ عَوْرَتَهُ وَتَنْظُرُ إلَيْهَا (وَلَيْسَ لَهُ) أَيْ الرَّجُلِ (غُسْلُ ابْنَةِ سَبْعِ) سِنِينَ (فَأَكْثَرَ، وَلَوْ) كَانَ (مَحْرَمًا) لَهَا كَأَبِيهَا وَابْنِهَا وَأَخِيهَا لِأَنَّهَا مَحَلٌّ لِلشَّهْوَةِ وَيَحْرُمُ النَّظَرُ إلَى عَوْرَتِهَا الْمُغَلَّظَةِ أَشْبَهَتْ الْبَالِغَةَ.
(وَلَا لَهَا) أَيْ وَلَيْسَ لِلْمَرْأَةِ (غُسْلُ ابْنِ سَبْعِ) سِنِينَ (وَلَوْ) كَانَ (مَحْرَمًا) لَهَا، لِمَا تَقَدَّمَ (غَيْرَ مَنْ تَقَدَّمَ فِيهِمَا) مِنْ تَغْسِيلِ الرَّجُلِ لِزَوْجَتِهِ وَأَمَتِهِ وَتَغْسِيلِهَا لَهُ.
(وَإِنْ مَاتَ رَجُلٌ بَيْنَ نِسْوَةٍ لَا رَجُلَ مَعَهُنَّ) مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُنَّ غُسْلُهُ، بِأَنْ لَمْ يَكُنَّ زَوْجَاتِهِ وَلَا إمَائِهِ: يُمِّمَ بِحَائِلٍ (أَوْ عَكْسُهُ) بِأَنْ، مَاتَتْ امْرَأَةٌ بَيْنَ رِجَالٍ (مِمَّنْ لَا يُبَاحُ لَهُمْ) أَيْ الرِّجَالِ (غُسْلُهُ) أَيْ الْمَيِّتِ، بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ زَوْجُهَا وَلَا سَيِّدُهَا: يُمِّمَتْ لِمَا رَوَى تَمَّامٌ فِي فَوَائِدِهِ عَنْ وَاثِلَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إذَا مَاتَتْ الْمَرْأَةُ مَعَ الرِّجَالِ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُمْ مَحْرَمٌ تُيَمَّمُ كَمَا يُيَمَّمُ الرِّجَالُ» وَلِأَنَّهُ لَا