الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرُّجُوعَ لَمْ يُوجَدْ) .
وَقَالَ فِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ: إنَّهُ حَصَلَ مِنْ كَلَامِ أَحْمَدَ إذَا قَصَدَ بِالدَّفْعِ إحْيَاءَ مَالِهِ وَاسْتِيفَاءَ دَيْنِهِ، لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقُّ اللَّهِ فَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى نَفْعِهِ (وَإِنْ رَدَّ الْغَرِيمُ مِنْ نَفْسِهِ مَا قَبَضَهُ وَفَاءً عَنْ دَيْنِهِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ وَلَا مُوَاطَأَةٍ جَازَ) لِرَبِّ الْمَالِ (أَخْذُهُ) مِنْ دَيْنِهِ؛ لِأَنَّهُ بِسَبَبٍ مُتَجَدِّدٍ، كَالْإِرْثِ وَالْهِبَةِ.
(وَيُقَدِّمُ الْأَقْرَبَ) فَالْأَقْرَبَ (وَالْأَحْوَجَ) فِيهِمْ فَالْأَحْوَجَ، مُرَاعَاةً لِلصِّلَةِ وَالْحَاجَةِ (وَإِنْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ أَحْوَجَ، فَلَا يُعْطَى الْقَرِيبُ وَيُمْنَعُ الْبَعِيدُ) ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ هِيَ الْمُعْتَبَرَةُ (بَلْ يُعْطَى الْجَمِيعُ) ؛ لِوُجُودِ الْحَاجَةِ فِيهِمْ.
(وَلَا يُحَابِي) رَبُّ الْمَالِ (بِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (قَرِيبَهُ، وَلَا يَدْفَعُ بِهَا مَذِمَّةً وَلَا يَسْتَخْدِمُ بِسَبَبِهَا قَرِيبًا وَلَا غَيْرَهُ، وَلَا يَقِي مَالَهُ بِهَا، كَقَوْمٍ عَوَّدَهُمْ بِرًّا مِنْ مَالِهِ، فَيُعْطِيهِمْ مِنْ الزَّكَاةِ لِدَفْعِ مَا عَوَّدَهُمْ) قَالَ فِي الْمُسْتَوْعِبِ: هَذَا إنْ كَانَ الْمُعْطَى غَيْرَ مُسْتَحِقٍّ لِلزَّكَاةِ لِأَنَّ الزَّكَاةَ حَقٌّ لِلَّهِ فَلَا يَصْرِفُهَا إلَى نَفْعِهِ.
(وَالْجَارُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ) وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُمْ الْأَقْرَبَ بَابًا فَالْأَقْرَبَ بَابًا (وَالْقَرِيبُ أَوْلَى مِنْهُ) أَيْ مِنْ الْجَارِ، لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ (وَيُقَدَّمُ الْعَالِمُ وَالدَّيِّنُ عَلَى ضِدِّهِمَا وَكَذَا ذُو الْعَائِلَةِ) يُقَدَّمُ عَلَى ضِدِّهِ لِلْحَاجَةِ.
وَمَنْ أَعْتَقَ عَبْدًا لِتِجَارَةٍ قِيمَتُهُ نِصَابٌ بَعْدَ الْحَوْلِ وَقَبْلَ إخْرَاجِ مَا فِيهِ، فَلَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ، مَا لَمْ يَقُمْ بِهِ مَانِعٌ.
[فَصْلٌ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَى كَافِرٍ]
(فَصْلٌ وَلَا يَجُوزُ دَفْعُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (إلَى كَافِرٍ) قَالَ فِي الْمُبْدِعِ: إجْمَاعًا وَحَدِيثُ مُعَاذٍ نَصٌّ فِيهِ، وَلِأَنَّهَا مُوَاسَاةٌ تَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِ، فَلَمْ تَجِبْ لِلْكَافِرِ كَالنَّفَقَةِ (مَا لَمْ يَكُنْ مُؤَلَّفًا) فَيُعْطَى عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَى تَأْلِيفِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَوْ) كَانَتْ (زَكَاةَ فِطْرٍ) فَلَا تُدْفَعُ إلَى كَافِرٍ كَزَكَاةِ الْمَالِ وَرُوِيَ عَنْ عِمْرَانَ بْنِ مَيْمُونٍ وَعَمْرِو بْنِ شُرَحْبِيلَ وَمُرَّةَ الْهَمْدَانِيِّ: أَنَّهُمْ يُعْطُونَ مِنْهَا الرُّهْبَانَ.
(وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى عَبْدٍ كَامِلِ الرِّقِّ، وَلَوْ كَانَ سَيِّدُهُ فَقِيرًا) لِأَنَّ نَفَقَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَى سَيِّدِهِ، فَهُوَ غَنِيٌّ بِغِنَاهُ وَمَا يُدْفَعُ إلَيْهِ لَا يَمْلِكُهُ، وَإِنَّمَا يَمْلِكُهُ سَيِّدُهُ فَكَأَنَّهُ دُفِعَ إلَيْهِ.
(وَأَمَّا مَنْ بَعْضُهُ حُرٌّ فَيَأْخُذُ بِقَدْرِ حُرِّيَّتِهِ بِنِسْبَتِهِ مِنْ كِفَايَتِهِ) فَمَنْ نِصْفُهُ حُرٌّ يَأْخُذُ تَمَامَ نِصْفِ كِفَايَتِهِ وَهَكَذَا (مَا لَمْ يَكُنْ) الْعَبْدُ (عَامِلًا) لِأَنَّ مَا يَأْخُذُهُ أُجْرَةٌ يَسْتَحِقُّهَا
سَيِّدُهُ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمُكَاتَبِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى فَقِيرَةٍ لَهَا زَوْجٌ غَنِيٌّ) تَصِلُ نَفَقَتُهُ إلَيْهَا لِاسْتِغْنَائِهَا بِذَلِكَ.
(وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُهَا (إلَى عَمُودَيْ نَسَبِهِ فِي حَالٍ تَجِبُ نَفَقَتُهُمْ فِيهِ) عَلَيْهِ (أَوْ لَا تَجِبُ) نَفَقَتُهُمْ فِيهِ (وَرِثُوا أَوْ لَمْ يَرِثُوا، حَتَّى ذَوِي الْأَرْحَامِ مِنْهُمْ) كَأَبِي الْأُمِّ وَوَلَدِ الْبِنْتِ، قَالَ أَحْمَدُ لَا يُعْطِي الْوَالِدَيْنِ مِنْ الزَّكَاةِ وَلَا الْوَلَدُ وَلَا وَلَدُ الْوَلَدِ وَلَا الْجَدُّ وَلَا الْجَدَّةُ وَلَا وَلَدُ الْبِنْتِ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ» يَعْنِي الْحَسَنَ، فَجَعَلَهُ ابْنَهُ لِأَنَّهُ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِهِ، وَوَجْهُ ذَلِكَ اتِّصَالُ مَنَافِعِ الْمِلْكِ بَيْنَهُمَا عَادَةً فَيَكُونُ صَارِفًا لِنَفْسِهِ بِدَلِيلِ عَدَمِ قَبُولِ شَهَادَةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ.
(وَلَوْ) كَانَ أَحَدُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ أَخَذَ (فِي غُرْمٍ لِنَفْسِهِ) بِأَنْ تَدَايَنَ دَيْنًا ثُمَّ أَخَذَ وَفَاءَهُ مِنْ زَكَاةِ أَبِيهِ أَوْ ابْنِهِ، وَإِنْ عَلَا أَوْ نَزَلَ (أَوْ فِي كِتَابِهِ أَوْ كَانَ) أَحَدُ عَمُودَيْ نَسَبِهِ (ابْنَ سَبِيلٍ) لِأَنَّ هَؤُلَاءِ إنَّمَا يَأْخُذُونَ مَعَ الْفَقْرِ فَأَشْبَهَ الْأَخْذَ لِلْفَقْرِ (مَا لَمْ يَكُونُوا عُمَّالًا) عَلَى الزَّكَاةِ فَلَهُمْ الْأَخْذُ لِأَنَّهُمْ يَأْخُذُونَ أُجْرَةَ عَمَلِهِمْ، مَا لَوْ اُسْتُعْمِلُوا عَلَى غَيْرِ الزَّكَاةِ (أَوْ) يَكُونُوا (مُؤَلَّفَةً) فَيُعْطَوْنَ لِلتَّأْلِيفِ؛ لِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ أَشْبَهُوا الْأَجَانِبَ (أَوْ) يَكُونُوا (غُزَاةً) لِأَنَّ الْغُزَاةَ لَهُمْ الْأَخْذُ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ فَأَشْبَهُوا الْعَامِلِينَ (أَوْ) يَكُونُوا (غَارِمِينَ) لِإِصْلَاحِ (ذَاتِ الْبَيْنِ) لِجَوَازِ أَخْذِهِمْ مَعَ غِنَاهُمْ، وَلِأَنَّهُ مَصْلَحَةٌ عَامَّةٌ.
(وَلَا) يُجْزِئُ الْمَرْأَةَ دَفْعُ زَكَاتِهَا (إلَى الزَّوْجِ) لِأَنَّهَا تَعُودُ إلَيْهَا بِإِنْفَاقِهِ عَلَيْهَا، قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهَلْ يَجُوزُ لِلْمَرْأَةِ دَفْعُ زَكَاتِهَا إلَى زَوْجِهَا؟ اخْتَارَهُ الْقَاضِي وَأَصْحَابُهُ وَالشَّيْخُ وَغَيْرُهُمْ وِفَاقًا لِلشَّافِعِيِّ أَمْ لَا؟ اخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الْخِرَقِيُّ وَأَبُو بَكْرٍ وَصَاحِبُ الْمُحَرَّرِ وَحَكَاهُ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ وِفَاقًا لِأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ فِيهِ رِوَايَتَانِ.
(وَلَا) يَجُوزُ لِلزَّوْجِ دَفْعُ زَكَاتِهِ (إلَى الزَّوْجَةِ) قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّ الرَّجُلَ لَا يُعْطِي زَوْجَتَهُ مِنْ الزَّكَاةِ، وَذَلِكَ أَنَّ نَفَقَتَهَا وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ فَتَسْتَغْنِي بِهَا عَنْ أَخْذِ الزَّكَاةِ فَلَمْ يَجُزْ دَفْعُهَا إلَيْهَا كَمَا لَوْ دَفَعَ إلَيْهَا عَلَى سَبِيلِ الْإِنْفَاقِ عَلَيْهَا.
(وَلَوْ لَمْ تَكُنْ) الزَّوْجَةُ (فِي مُؤْنَتِهِ كَنَاشِزٍ) وَغَيْرِ مَدْخُولٍ بِهَا؛ لِأَنَّهَا تَؤَوَّلُ إلَى الْعَوْدِ فِي مُؤْنَتِهِ (وَكَذَا عَبْدُهُ الْمَغْصُوبُ) فَلَا يُجْزِئُ الدَّفْعُ إلَيْهِ كَمَا فِي غَيْرِ حَالِ الْغَصْبِ.
(وَلَا لِبَنِي هَاشِمٍ كَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَهُمْ) أَيْ بَنُو هَاشِمٍ (مَنْ كَانَ مِنْ سُلَالَةِ هَاشِمٍ فَدَخَلَ فِيهِمْ آلُ عَبَّاسِ) بْنِ عَبْدِ
الْمُطَّلِبِ (وَآلُ عَلِيٍّ وَآلُ جَعْفَرٍ وَآلُ عَقِيلٍ) بَنِي أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
(وَآلُ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَآلُ أَبِي لَهَبِ) بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ فِي الشَّرْحِ: لَا نَعْلَمُ خِلَافًا فِي أَنَّ بَنِي هَاشِمٍ لَا تَحِلُّ لَهُمْ الصَّدَقَةُ الْمَفْرُوضَةُ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إنَّ الصَّدَقَةَ لَا تَنْبَغِي لِآلِ مُحَمَّدٍ وَإِنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «أَخَذَ الْحَسَنُ تَمْرَةً مِنْ تَمْرِ الصَّدَقَةِ فَقَالَ النَّبِيُّ: صلى الله عليه وسلم كِخْ كِخْ لِيَطْرَحَهَا وَقَالَ أَمَا شَعَرْتَ أَنَّا لَا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ؟» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَسَوَاءٌ أُعْطُوا مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ أَوْ لَمْ يُعْطَوْا لِعُمُومِ النُّصُوصِ؛ وَلِأَنَّ مَنْعَهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ لِشَرَفِهِمْ، وَشَرَفُهُمْ بَاقٍ فَيَبْقَى الْمَنْعُ (مَا لَمْ يَكُونُوا) أَيْ بَنُو هَاشِمٍ (غُزَاةً أَوْ مُؤَلَّفَةً أَوْ غَارِمِينَ لِذَاتِ الْبَيْنِ) فَلَهُمْ الْأَخْذُ لِذَلِكَ، لِجَوَازِ الْأَخْذِ لِذَلِكَ مَعَ الْغِنَى وَعَدَمِ الْمِنَّةِ فِيهِ (وَاخْتَارَ الشَّيْخُ وَجَمْعٌ) مِنْهُمْ الْقَاضِي يَعْقُوبُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ الْإِصْطَخْرِيُّ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ (جَوَازُ أَخْذِهِمْ إنْ مُنِعُوا الْخُمْسَ) ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ حَاجَةٍ وَضَرُورَةٍ، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ أَيْضًا: وَيَجُوزُ لِبَنِي هَاشِمٍ الْأَخْذُ مِنْ زَكَاةِ الْهَاشِمِيِّينَ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ.
(وَيَجُوزُ) دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى وَلَدِ هَاشِمِيَّةٍ مِنْ غَيْرِ هَاشِمِيٍّ فِي ظَاهِرِ كَلَامِهِمْ، وَقَالَهُ الْقَاضِي اعْتِبَارًا بِالْأَبِ) وَقَالَ أَبُو بَكْرٍ لَا يَجُوزُ وَاحْتَجَّ بِحَدِيثِ أَنَسٍ «ابْنُ أُخْتِ الْقَوْمِ مِنْهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
(وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ (لِمَوَالِي بَنِي هَاشِمٍ) وَهُمْ الَّذِينَ أَعْتَقَهُمْ بَنُو هَاشِمٍ، لِمَا رَوَى أَبُو رَافِعٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا مِنْ بَنِي مَخْزُومٍ عَلَى الصَّدَقَةِ، فَقَالَ لِأَبِي رَافِعٍ اصْحَبْنِي كَيْمَا تُصِيبَ مِنْهَا فَقَالَ: لَا حَتَّى آتِيَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَأَسْأَلَهُ فَانْطَلَقَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ فَقَالَ: إنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ وَإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ مِنْهُمْ» أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد وَالنَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(وَيَجُوزُ) دَفْعُ الزَّكَاةِ (لِمَوَالِي مَوَالِيهِمْ) لِأَنَّهُمْ لَيْسُوا مِنْ بَنِي هَاشِمٍ وَلَا مِنْ مَوَالِيهِمْ (وَلَهُمْ) أَيْ لِبَنِي هَاشِمٍ وَمَوَالِيهِمْ (الْأَخْذُ مِنْ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ) لِأَنَّهُمْ إنَّمَا مُنِعُوا مِنْ الزَّكَاةِ لِكَوْنِهَا مِنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ كَمَا سَبَقَ وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ لَيْسَتْ كَذَلِكَ (إلَّا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم) فَإِنَّ الصَّدَقَةَ
كَانَتْ مُحَرَّمَةً عَلَيْهِ مُطْلَقًا فَرْضَهَا وَنَفْلَهَا؛ لِأَنَّ اجْتِنَابَهَا كَانَ مِنْ دَلَائِلِ نُبُوَّتِهِ، وَعَلَامَاتِهَا، فَلَمْ يَجُزْ الْإِخْلَالُ بِهِ فَرُوِيَ فِي حَدِيثِ سَلْمَانَ أَنَّ الَّذِي أَخْبَرَهُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَوَصَفَهُ لَهُ قَالَ: إنَّهُ يَأْكُلُ الْهَدِيَّةَ وَلَا يَأْكُلُ الصَّدَقَةَ وَرَوَى أَبُو هُرَيْرَةَ «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا أُتِيَ بِطَعَامٍ سَأَلَ عَنْهُ أَهَدِيَّةٌ أَمْ صَدَقَةٌ؟ فَإِنْ قِيلَ: صَدَقَةٌ، قَالَ لِأَصْحَابِهِ: كُلُوا وَلَمْ يَأْكُلْ، وَإِنْ قِيلَ: هَدِيَّةٌ، ضَرَبَ بِيَدِهِ وَأَكَلَ مَعَهُمْ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَلِأَنَّ آلَ مُحَمَّدٍ لَمَّا مُنِعُوا فَرْضَ الصَّدَقَةِ لِشَرَفِهِمْ عَلَى غَيْرِهِمْ وَجَبَ أَنْ يُنَزَّهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ نَفْلِهَا وَفَرْضِهَا لِشَرَفِهِ عَلَى الْخَلْقِ كُلِّهِمْ تَمْيِيزًا لَهُ بِذَلِكَ كَمَا خُصَّ مَعَ خُمْسِ الْخُمْسِ بِالصَّفِيِّ مِنْ الْمَغْنَمِ، وَبِالْإِسْهَامِ لَهُ مَعَ غَيْبَتِهِ مِنْ الْمَغَانِمِ.
قَالَ فِي شَرْحِ الْهِدَايَةِ: وَلَا خِلَافَ نَعْلَمُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْتَرِضَ، وَلَا أَنْ يُهْدَى لَهُ أَوْ يُنْظَرَ بِدَيْنِهِ، أَوْ يُوضَعَ عَنْهُ، أَوْ يَشْرَبَ مِنْ سِقَايَةٍ مَوْقُوفَةٍ عَلَى الْمَارَّةِ، أَوْ يَأْوِيَ إلَى مَكَان جُعِلَ لِلْمَارَّةِ، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَعْرُوفِ الَّتِي لَا غَضَاضَةَ فِيهَا، وَالْعَادَةُ جَارِيَةٌ بِهَا فِي حَقِّ الشَّرِيفِ وَالْوَضِيعِ، وَإِنْ كَانَ يُطْلَقُ عَلَيْهَا اسْمُ الصَّدَقَةِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم «كُلُّ مَعْرُوفٍ صَدَقَةٌ» (وَ) لَبَنِي هَاشِمٍ غَيْرَهُ صلى الله عليه وسلم الْأَخْذُ مِنْ (وَصَايَا الْفُقَرَاءِ) نَصَّ عَلَيْهِ (وَمِنْ نَذْرٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَلَيْهِمَا اسْمُ الزَّكَاةِ وَالطُّهْرَةِ وَالْوُجُوبُ عَنْ الْآدَمِيِّ أَشْبَهَ الْهِبَةَ وَ (لَا) يَجُوزُ لَهُمْ الْأَخْذُ مِنْ (كَفَّارَةٍ) لِوُجُوبِهَا بِالشَّرْعِ كَالزَّكَاةِ.
(وَلَا يَحْرُمُ) أَخْذُ الزَّكَاةِ (عَلَى أَزْوَاجِهِ صلى الله عليه وسلم فِي ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ) وَلِلْأَصْحَابِ (كَمَوَالِيهِنَّ) لِدُخُولِهِمْ فِي عُمُومِ الْآيَةِ وَالْأَخْبَارِ، وَعَدَمُ الْمُخَصِّصِ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالشَّرْحِ عَنْ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ " أَنَّ خَالِدَ بْنَ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ أَرْسَلَ إلَى عَائِشَةَ بِسُفْرَةٍ مِنْ الصَّدَقَةِ فَرَدَّتْهَا وَقَالَتْ: إنَّا آلَ مُحَمَّدٍ لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ " رَوَاهُ الْخَلَّالُ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِهَا عَلَيْهِنَّ وَلَمْ يُذْكَرْ مَا يُخَالِفُهُ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا هَذَا فِي الْوَصِيَّةِ وَالْوَقْفِ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي تَحْرِيمِ الزَّكَاةِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: أَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَيْهِنَّ الصَّدَقَةُ، وَأَنَّهُنَّ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ فِي أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ وَرَدَّهُ الْمَجْدُ، قَالَهُ فِي الْمُبْدِعِ.
(وَلَا يُجْزِئُ دَفْعُهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (إلَى سَائِرِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ مِنْ أَقَارِبِهِ) أَوْ مَوَالِيهِ (مِمَّنْ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ لَهُ تَعْصِيبُ نَسَبٍ،
أَوْ وَلَاءٍ كَأَخٍ وَابْنِ عَمٍّ) وَعَتِيقٍ، لِغِنَائِهِ بِوُجُوبِ النَّفَقَةِ، وَلِأَنَّ نَفْعَهَا يَعُودُ إلَى الدَّافِعِ؛ لِكَوْنِهِ يُسْقِطُ النَّفَقَةَ عَنْهُ كَعَبْدِهِ (مَا لَمْ يَكُونُوا عُمَّالًا، أَوْ غُزَاةً، أَوْ مُؤَلَّفَةً أَوْ مُكَاتَبِينَ أَوْ أَبْنَاءَ سَبِيلٍ، أَوْ غَارِمِينَ لِذَاتِ الْبَيْنِ) قَالَ الْمَجْدُ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ أَنَّهُ يُعْطَى لِغَيْرِ النَّفَقَةِ الْوَاجِبَةِ نَحْوَ كَوْنِهِ غَارِمًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ ابْنَ سَبِيلٍ بِخِلَافِ عَمُودَيْ النَّسَبِ لِقُوَّةِ الْقَرَابَةِ انْتَهَى، وَأَمَّا إذَا كَانُوا عُمَّالًا أَوْ غُزَاةً أَوْ مُؤَلَّفَةً فَتَقَدَّمَ أَنَّ عَمُودَيْ النَّسَبِ يُعْطَوْنَ لِذَلِكَ، فَهَؤُلَاءِ أَوْلَى (فَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا يَرِثُ الْآخَرَ وَالْآخَرُ لَا يَرِثُهُ، كَعَتِيقٍ وَمُعْتِقِهِ) فَإِنَّ الْمُعْتِقَ يَرِثُ الْعَتِيقَ بِخِلَافِ عَكْسِهِ.
(وَ) ك (أَخَوَيْنِ لِأَحَدِهِمَا ابْنٌ وَنَحْوُهُ) كَابْنِ ابْنٍ فَذٍّ، وَالِابْنُ يَرِثُ الْآخَرَ دُونَ عَكْسِهِ، وَكَعَمَّةٍ مَعَ ابْنِ أُخْتِهَا (فَالْوَارِثُ مِنْهُمَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، فَلَا يَدْفَعُ زَكَاتَهُ إلَى الْآخَرِ) لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَغَيْرُ الْوَارِثِ يَجُوزُ) لَهُ أَنْ يَدْفَعَ زَكَاتَهُ إلَى الْآخَرِ؛ لِأَنَّهُ لَا مِيرَاثَ بَيْنَهُمَا أَشْبَهَ الْأَجْنَبِيَّ.
(وَلَا) يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى فَقِيرٍ وَمِسْكِينٍ مُسْتَغْنِيَيْنِ بِنَفَقَةٍ لَازِمَةٍ) لِغِنَاهُمَا بِمَا يَجِبُ لَهُمَا عَلَى وَارِثِهِمَا، كَالزَّوْجَةِ (فَإِنْ تَعَذَّرَتْ النَّفَقَةُ) عَلَى الزَّوْجَةِ الْفَقِيرَةِ أَوْ الْفَقِيرِ أَوْ الْمِسْكِينِ (مِنْ زَوْجٍ أَوْ قَرِيبٍ بِغَيْبَةٍ أَوْ امْتِنَاعٍ أَوْ غَيْرِهِ كَمَنْ غُصِبَ مَالُهُ أَوْ تَعَطَّلَتْ مَنَافِعُ عَقَارِهِ جَازَ) لَهُمْ (الْأَخْذُ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى مَعَ عَدَمِ الْمَانِعِ.
(وَيَجُوزُ) دَفْعُ الزَّكَاةِ (إلَى بَنِي الْمُطَّلِبِ) وَمَوَالِيهمْ لِعُمُومِ آيَةِ الصَّدَقَاتِ، خَرَجَ مِنْهُ بَنُو هَاشِمٍ بِالنَّصِّ فَيَبْقَى مَنْ عَدَاهُمْ عَلَى الْأَصْلِ وَلِأَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ فِي دَرَجَةِ بَنِي أُمَيَّةَ وَهُمْ لَا تَحْرُمُ الزَّكَاةُ عَلَيْهِمْ فَكَذَا هُمْ وَقِيَاسُهُمْ عَلَى بَنِي هَاشِمٍ لَا يَصِحُّ، لِأَنَّهُمْ أَشْرَفُ وَأَقْرَبُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمُشَارَكَةُ بَنِي الْمُطَّلِبِ لَهُمْ فِي خُمْسِ الْخُمْسِ مَا اسْتَحَقُّوهُ بِمُجَرَّدِ الْقَرَابَةِ، بَلْ بِالنُّصْرَةِ، أَوْ بِهِمَا جَمِيعًا كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِقَوْلِهِ «لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ» بِدَلِيلِ مَنْعِ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ وَنَوْفَلٍ مِنْ خُمْسِ الْخُمْسِ مَعَ مُسَاوَاتِهِمْ فِي الْقَرَابَةِ، وَالنُّصْرَةُ لَا تَقْتَضِي حِرْمَانَ الزَّكَاةِ.
(وَلَهُ) أَيْ لِمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ (الدَّفْعُ) مِنْهَا (إلَى ذَوِي أَرْحَامِهِ كَعَمَّتِهِ وَبِنْتِ أَخِيهِ غَيْرَ عَمُودَيْ نَسَبِهِ) فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِمْ، وَيَجُوزُ إعْطَاءُ ذَوِي الرَّحِمِ غَيْرَهُمْ.
(وَلَوْ وَرِثُوا) الْمُزَكِّيَ (لِضَعْفِ قَرَابَتِهِمْ) لِكَوْنِهِمْ لَا يَرِثُونَ بِهَا مَعَ عَصَبَةٍ وَلَا ذِي فَرْضٍ غَيْرِ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ (وَإِنْ تَبَرَّعَ) الْمُزَكِّي (بِنَفَقَةِ قَرِيبٍ) لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ (أَوْ) بِنَفَقَةِ (يَتِيمٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِنْ الْأَجَانِبِ (ضَمَّهُ إلَى عِيَالِهِ، جَازَ دَفْعُهَا إلَيْهِ) لِوُجُودِ الْمُقْتَضَى.
(وَكُلُّ
مَنْ حُرِّمَتْ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ بِمَا سَبَقَ) كَكَوْنِهِ مِنْ بَنِي هَاشِمٍ أَوْ غَنِيًّا أَوْ مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ الْمُزَكِّي وَنَحْوِهِ (فَلَهُ قَبُولُهَا هَدِيَّةً مِمَّنْ أَخَذَهَا مِنْ أَهْلِهَا) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إلَّا لِخَمْسَةٍ، لِعَامِلٍ أَوْ رَجُلٍ اشْتَرَاهَا بِمَالِهِ أَوْ غَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مِسْكِينٍ تُصُدِّقَ عَلَيْهِ مِنْهَا فَأَهْدَى مِنْهَا لِغَنِيٍّ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَكَلَ مِمَّا تُصُدِّقَ بِهِ عَلَى أُمِّ عَطِيَّةَ وَقَالَ: «إنَّهَا قَدْ بَلَغَتْ مَحَلَّهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَقِيسَ الْبَاقِي عَلَى ذَلِكَ.
(وَالذَّكَرُ وَالْأُنْثَى فِي) جَوَازِ (أَخْذِ الزَّكَاةِ) عِنْدَ وُجُودِ الْمُقْتَضَى (وَ) فِي (عَدَمِهِ) مَعَ الْمَانِعِ (سَوَاءٌ) لِلْعُمُومَاتِ مَعَ عَدَمِ الْمُخَصِّصِ.
(وَالصَّغِيرُ) مِنْ أَهْلِ الزَّكَاةِ (وَلَوْ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعَامَ كَالْكَبِيرِ) مِنْهُمْ لِلْعُمُومِ (فَيُصْرَفُ ذَلِكَ) أَيْ مَا يُعْطَاهُ مِنْ الزَّكَاةِ (فِي أُجْرَةِ رَضَاعِهِ وَكِسْوَتِهِ وَمَا لَا بُدَّ مِنْهُ) مِنْ مَصَالِحِهِ (وَيَقْبَلُ) لَهُ وَلِيُّهُ الزَّكَاةَ وَالْكَفَّارَةَ وَالنَّذْرَ وَالْهِبَةَ وَصَدَقَةَ التَّطَوُّعِ.
(وَيَقْبِضُ لَهُ) أَيْ لِلصَّغِيرِ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ الزَّكَاةِ (وَلَوْ مُمَيِّزًا مِنْ هِبَةٍ وَكَفَّارَةٍ) وَنَذْرٍ وَصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ (مَنْ يَلِي مَالَهُ وَهُوَ وَلِيُّهُ) فِي مَالِهِ كَسَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَالِيَّةِ (أَوْ وَكِيلُ وَلِيِّهِ الْأَمِينُ) لِقِيَامِهِ مَقَامَ وَلِيِّهِ.
(وَفِي الْمُغْنِي: يَصِحُّ قَبْضُ الْمُمَيِّز انْتَهَى، وَعِنْدَ عَدَمِ الْوَلِيِّ يَقْبِضُ لَهُ) أَيْ لِلصَّغِيرِ (مَنْ يَلِيهِ مِنْ أُمٍّ وَقَرِيبٍ وَغَيْرِهِمَا نَصًّا) نَقَلَ هَارُونُ الْحَمَّالُ فِي الصِّغَارِ: يُعْطَى أَوْلِيَاؤُهُمْ، فَقُلْتُ: لَيْسَ لَهُمْ وَلِيٌّ قَالَ: يُعْطَى مَنْ يُعْنَى بِأَمْرِهِمْ وَنَقَلَ مُهَنَّا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ: يَقْبِضُ لَهُ وَلِيُّهُ قُلْت: لَيْسَ لَهُ وَلِيٌّ قَالَ: الَّذِي يَقُومُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ حِفْظَهُ عَنْ الضَّيَاعِ وَالْهَلَاكِ أَوْلَى مِنْ مُرَاعَاةِ الْوَلَايَةِ.
(وَلَا يَجُوزُ دَفْعُ الزَّكَاةِ إلَّا لِمَنْ يَعْلَمُ) أَنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا (أَوْ يَظُنُّهُ مِنْ أَهْلِهَا؛) لِأَنَّهُ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا فَاحْتَاجَ إلَى الْعِلْمِ بِهِ لِتَحْصُلَ الْبَرَاءَةُ، وَالظَّنُّ يَقُومُ مَقَامَ الْعِلْمِ لِتَعَذُّرِ أَوْ عُسْرِ الْوُصُولِ إلَيْهِ (فَلَوْ لَمْ يَظُنَّهُ مِنْ أَهْلِهَا فَدَفَعَهَا إلَيْهِ ثُمَّ بَانَ مِنْ أَهْلِهَا لَمْ يُجْزِئْهُ) الدَّفْعُ إلَيْهِ كَمَا لَوْ هَجَمَ وَصَلَّى فَبَانَ فِي الْوَقْتِ (فَإِنْ دَفَعَهَا) أَيْ الزَّكَاةَ (إلَى مَنْ لَا يَسْتَحِقُّهَا لِكُفْرٍ أَوْ شَرَفٍ) أَيْ لِكَوْنِهِ هَاشِمِيًّا أَوْ مَوْلًى لَهُ (أَوْ كَوْنِهِ عَبْدًا) غَيْرَ مُكَاتَبٍ وَلَا عَامِلٍ (أَوْ) لِكَوْنِهِ (قَرِيبًا) مِنْ عَمُودَيْ نَسَبِ الْمُزَكِّي أَوْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ لِكَوْنِهِ يَرِثُهُ بِفَرْضٍ أَوْ تَعْصِيبٍ (وَهُوَ لَا يَعْلَمُ) عَدَمَ اسْتِحْقَاقِهِ (ثُمَّ عَلِمَ) ذَلِكَ (لَمْ يُجْزِئْهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْتَحِقٍّ وَلَا يَخْفَى حَالُهُ غَالِبًا فَلَمْ يُعْذَرْ بِجَهَالَتِهِ كَدَيْنِ الْآدَمِيِّ (وَيَسْتَرِدُّهَا رَبُّهَا بِزِيَادَتِهَا مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مُتَّصِلَةً كَالسِّمَنِ