الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
«كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ يَنْزِلُونَ الْأَبْطَحَ» قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ «التَّحْصِيبُ لَيْسَ بِشَيْءٍ إنَّمَا هُوَ مَنْزِلٌ نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» وَعَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ نُزُولَ الْأَبْطُحِ لَيْسَ بِسُنَّةٍ إنَّمَا نَزَلَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لِيَكُونَ أَسْمَحَ بِخُرُوجِهِ إذَا خَرَجَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا.
[فَصْلٌ أَرَادَ الْمُحْرِم الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ]
" (فَصْلٌ فَإِذَا أَرَادَ الْخُرُوجَ) مِنْ مَكَّةَ (لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى يُوَدِّعَ الْبَيْتَ بِالطَّوَافِ إذَا فَرَغَ مِنْ جَمِيعِ أُمُورِهِ إنْ لَمْ يُقِمْ بِمَكَّةَ أَوْ حَرَمِهَا) لِمَا رَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ «أُمِرَ النَّاسُ أَنْ يَكُونَ عَهْدَهُمْ بِالْبَيْتِ إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْحَائِضِ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَفِي لَفْظِ مُسْلِمٍ قَالَ «كَانَ النَّاسُ يَنْصَرِفُونَ فِي كُلِّ وَجْهٍ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لَا يَنْفِرَنَّ أَحَدٌ حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ» وَلِأَبِي دَاوُد " حَتَّى يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ.
(وَمَنْ كَانَ خَارِجَهُ) أَيْ: خَارِجَ الْحَرَمِ ثُمَّ أَرَادَ الْخُرُوجَ مِنْ مَكَّةَ (فَعَلَيْهِ الْوَدَاعُ) سَوَاءٌ أَرَادَ الرُّجُوعَ إلَى بَلَدِهِ أَوْ غَيْرِهَا لِمَا تَقَدَّمَ.
(وَهُوَ عَلَى كُلِّ خَارِجٍ مِنْ مَكَّةَ) قَالَ الْقَاضِي وَالْأَصْحَابُ: إنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْعَزْمِ عَلَى الْخُرُوجِ وَاحْتَجَّ بِهِ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ الْحَجِّ (ثُمَّ يُصَلِّي رَكْعَتَيْنِ خَلْفَ الْمَقَامِ) كَسَائِرِ الطَّوَّافَاتِ (وَيَأْتِي الْحَطِيمَ وَهُوَ تَحْتَ الْمِيزَابِ فَيَدْعُو ثُمَّ يَأْتِي زَمْزَمَ فَيَشْرَبُ مِنْهَا ثُمَّ يَسْتَلِمُ الْحَجَرَ وَيُقَبِّلهُ وَيَدْعُو فِي الْمُلْتَزَمِ بِمَا يَأْتِي) مِنْ الدُّعَاءِ.
(فَإِنْ وَدَّعَ ثُمَّ اشْتَغَلَ بِغَيْرِ شَدِّ رَحْلٍ وَنَحْوِهِ أَوْ اتَّجَرَ أَوْ أَقَامَ أَعَادَ الْوَدَاعَ) وُجُوبًا؛ لِأَنَّ طَوَافَ الْوَدَاعِ إنَّمَا يَكُونُ عِنْدَ خُرُوجِهِ، لَيَكُونَ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ وَلَا يُعِيدُ الْوَدَاعَ (إنْ اشْتَرَى حَاجَةً فِي طَرِيقِهِ) أَوْ اشْتَرَى زَادَا أَوْ شَيْئًا لِنَفْسِهِ (أَوْ صَلَّى) ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّ آخِرَ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافُ.
(فَإِنْ خَرَجَ قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ الْوَدَاعِ (فَعَلَيْهِ الرُّجُوعُ إلَيْهِ) أَيْ: إلَى الْوَدَاعِ (لِفِعْلِهِ إنْ كَانَ قَرِيبًا) دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ وَلَمْ (يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ فَوَاتِ رُفْقَتِهِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ) مِنْ الْأَعْذَارِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا رَجَعَ) قَرِيبًا سَوَاءٌ كَانَ مِمَّنْ لَهُ عُذْرٌ يُسْقِطُ عَنْهُ الرُّجُوعَ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَمْ
يَسْتَقِرّ عَلَيْهِ لِكَوْنِهِ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ) الرُّجُوعُ لِعُذْرٍ مِمَّا تَقَدَّمَ أَوْ لِغَيْرِهِ (أَوْ أَمْكَنَهُ) الرُّجُوعُ لِلْوَدَاعِ.
(وَلَمْ يَرْجِعْ أَوْ بَعْدَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) عَنْ مَكَّةَ (فَعَلَيْهِ دَمٌ رَجَعَ) إلَى مَكَّةَ وَطَافَ لِلْوَدَاعِ (أَوْ لَا) ؛ لِأَنَّهُ قَدْ اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ بِبُلُوغِهِ مَسَافَةَ الْقَصْرِ فَلَمْ يَسْقُطْ بِرُجُوعِهِ كَمَنْ تَجَاوَزَ الْمِيقَاتَ بِغَيْرِ إحْرَامٍ ثُمَّ أَحْرَمَ ثُمَّ رَجَعَ إلَى الْمِيقَاتِ (وَسَوَاءٌ تَرَكَهُ) أَيْ: طَوَافَ الْوَدَاعِ (عَمْدًا أَوْ خَطَأً أَوْ نِسْيَانًا) لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ فَاسْتَوَى عَمْدُهُ وَخَطَؤُهُ وَالْمَعْذُورُ وَغَيْرُهُ كَسَائِرِ وَاجِبَاتِ الْحَجِّ (وَمَتَى رَجَعَ مَعَ الْقُرْبِ لَمْ يَلْزَمْهُ إحْرَامٌ) ؛ لِأَنَّهُ فِي حُكْمِ الْحَاضِرِ (وَيَلْزَمُهُ مَعَ الْبُعْدِ الْإِحْرَامُ بِعُمْرَةٍ يَأْتِي بِهَا) فَيَطُوفُ وَيَسْعَى وَيَحْلِقُ أَوْ يُقَصِّرُ (ثُمَّ يَطُوفُ لِلْوَدَاعِ) إذَا فَرَغَ مِنْ أُمُورِهِ.
(وَإِنْ أَخَّرَ طَوَافَ الزِّيَارَةِ) وَنَصَّهُ (أَوْ الْقُدُومِ فَطَافَهُ عِنْدَ الْخُرُوجِ كَفَاهُ) ذَلِكَ الطَّوَافُ (عَنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ أَنْ يَكُونَ آخِرُ عَهْدِهِ بِالْبَيْتِ الطَّوَافَ وَقَدْ فَعَلَ؛ وَلِأَنَّ مَا شُرِعَ مِثْلُ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ يُجْزِئ عَنْهُ الْوَاجِبُ مِنْ جِنْسِهِ كَإِجْزَاءِ الْمَكْتُوبَةِ عَنْ تَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ وَكَإِجْزَاءِ الْمَكْتُوبَةِ أَيْضًا عَنْ رَكْعَتَيْ الطَّوَافِ وَعَنْ رَكْعَتَيْ الْإِحْرَامِ فَإِنْ نَوَى بِطَوَافِهِ الْوَدَاعَ لَمْ يُجْزِئهُ عَنْ طَوَافِ الزِّيَارَةِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى» .
(وَلَا وَدَاعَ عَلَى حَائِضٍ وَنُفَسَاءَ) لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ «إلَّا أَنَّهُ خُفِّفَ عَنْ الْحَائِضِ» وَالنُّفَسَاءُ فِي مَعْنَاهَا (وَلَا فِدْيَةَ عَلَى الْحَائِضِ أَوْ النُّفَسَاءِ) لِظَاهِرِ حَدِيثِ صَفِيَّةَ فَإِنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَأْمُرْهَا بِفِدْيَةٍ (إلَّا أَنْ تَطْهُرَ قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ فَتَرْجِعُ وَتَغْتَسِلُ) لِلْحَيْضِ أَوْ النِّفَاسِ.
(وَتُوَدِّعُ) ؛ لِأَنَّهَا فِي حُكْمِ الْحَاضِرَةِ (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) أَيْ: تَرْجِعُ لِلْوَدَاعِ مَعَ طُهْرِهَا قَبْلَ مُفَارَقَةِ الْبُنْيَانِ (وَلَوْ لِعُذْرٍ فَعَلَيْهَا دَمٌ) لِتَرْكِهَا نُسُكًا وَاجِبًا.
(فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْوَدَاعِ وَاسْتَلَمَ الْحَجَرَ وَقَبَّلَهُ وَقَفَ فِي الْمُلْتَزَمِ) وَهُوَ (مَا بَيْنَ) الرُّكْنِ الَّذِي بِهِ (الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ وَبَابُ الْكَعْبَةِ) وَذَرْعُهُ أَرْبَعَةُ أَذْرُعٍ (فَيَلْتَزِمَهُ) أَيْ: الْمُلْتَزَمَ (مُلْصِقًا بِهِ صَدْرَهُ وَوَجْهَهُ وَبَطْنَهُ وَيَبْسُطُ يَدَيْهِ عَلَيْهِ وَيَجْعَلُ يَمِينَهُ نَحْوَ الْبَابِ وَيَسَارَهُ نَحْوَ الْحَجَرِ) لِمَا رَوَى عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ «طُفْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ فَلَمَّا جَاءَ دُبُرَ الْكَعْبَةِ قُلْتُ: أَلَا تَتَعَوَّذُ؟ قَالَ نَعُوذُ بِاَللَّهِ مِنْ النَّارِ ثُمَّ اسْتَلَمَ الْحَجَرَ فَقَامَ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَابِ فَوَضَعَ صَدْرَهُ وَذِرَاعَيْهِ وَكَفَّيْهِ هَكَذَا وَبَسَطَهُمَا بَسْطًا وَقَالَ: هَكَذَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَفْعَلُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
(وَيَدْعُو بِمَا أَحَبَّ مِنْ خَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمِنْهُ: اللَّهُمَّ هَذَا بَيْتُكَ وَأَنَا عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ