الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تَتِمَّةٌ " إذَا قَطَعَ الصَّوْمَ وَنَحْوَهُ فَهَلْ انْعَقَدَ الْجُزْءُ الْمُؤَدِّي وَحَصَلَ بِهِ قُرْبَةٌ أَمْ لَا؟ وَعَلَى الْأَوَّلِ: هَلْ يَبْطُلُ حُكْمًا أَوْ لَا يَبْطُلُ؟ اخْتَلَفَ كَلَامُ أَبِي الْخَطَّابِ وَقَطَعَ جَمَاعَةٌ بِبُطْلَانِهِ وَعَدَمِ الصِّحَّةِ، وَفِي كَلَامِ الشَّيْخِ تَقِيِّ الدِّينِ: أَنَّ الْإِبْطَالَ فِي الْآيَةِ هُوَ بُطْلَانُ الثَّوَابِ قَالَ: وَلَا نُسَلِّمُ بِبُطْلَانِ جَمِيعِهِ بَلْ قَدْ يُثَابُ عَلَى مَا فَعَلَهُ فَلَا يَكُونُ مُبْطِلًا لِعَمَلِهِ.
[فَصْلٌ فَضْلُ لَيْلَةِ الْقَدْرِ]
(فَصْلٌ وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ شَرِيفَةٌ مُعَظَّمَةٌ تُرْجَى إجَابَةُ الدُّعَاءِ فِيهَا) قَالَ تَعَالَى {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: 2]{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3] قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: أَيْ قِيَامُهَا وَالْعَمَلُ فِيهَا خَيْرٌ مِنْ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ خَالِيَةٍ مِنْهَا وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «مَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ» زَادَ أَحْمَدُ وَمَا تَأَخَّرَ ".
(وَسُمِّيَتْ لَيْلَةَ الْقَدْرِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ فِيهَا مَا يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 4] وَمَا رُوِيَ عَنْ عِكْرِمَةَ أَنَّهَا لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ: ضَعِيفٌ وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ " يَقْضِي اللَّهُ الْأَقْضِيَةَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ وَيُسَلِّمُهَا إلَى أَرْبَابِهَا لَيْلَةَ الْقَدْرِ، وَقِيلَ: سُمِّيَتْ بِهِ لِعِظَمِ قَدْرِهَا عِنْدَ اللَّهِ وَقِيلَ: لِضِيقِ الْأَرْضِ عَنْ الْمَلَائِكَةِ الَّتِي تَنْزِلُ فِيهَا وَقِيلَ: لِأَنَّ لِلطَّاعَاتِ فِيهَا قَدْرًا عَظِيمًا.
(وَهِيَ بَاقِيَةٌ لَمْ تُرْفَعْ) لِلْأَخْبَارِ فِي طَلَبِهَا وَقِيَامِهَا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ فِي رَفْعِهَا، (وَهِيَ مُخْتَصَّةٌ بِالْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ فَتُطْلَبُ فِيهِ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «تَحَرَّوْا لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ.
وَفِي الْمُغْنِي وَالْكَافِي: تُطْلَبُ فِي جَمِيعِ رَمَضَانَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ
هِيَ فِي كُلِّ السَّنَةِ (وَلَيَالِي الْوِتْرِ آكَدُ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اُطْلُبُوهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي ثَلَاثٍ بَقِينَ أَوْ تِسْعٍ بَقِينَ» وَرَوَى سَالِمٌ عَنْ أَبِيهِ مَرْفُوعًا «أَرَى رُؤْيَاكُمْ قَدْ تَوَاطَأَتْ عَلَى أَنَّهَا فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ فِي الْوِتْرِ فَالْتَمِسُوهَا فِي الْوِتْرِ مِنْهَا» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاخْتَارَ الْمَجْدُ كُلَّ الْعَشْرِ سَوَاءً وَلِلْعُلَمَاءِ فِيهَا أَقْوَالٌ كَثِيرَةٌ (كَثِيرَةٌ وَأَرْجَاهَا لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ نَصًّا) وَهُوَ قَوْلُ طَرَفَةَ بْنِ كَعْبٍ، وَكَانَ يَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَلَا يَسْتَثْنِي وَابْنِ عَبَّاسٍ وَزِرِّ بْنِ حُبَيْشٍ قَالَ طَرَفَةَ بْنُ كَعْبٍ:" وَاَللَّهِ لَقَدْ عَلِمَ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنَّهَا فِي رَمَضَانَ وَأَنَّهَا فِي لَيْلَةِ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ، وَلَكِنْ كَرِهَ أَنْ يُخْبِرَكُمْ فَتَتَّكِلُوا " رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ.
وَعَنْ مُعَاوِيَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَيْلَةُ الْقَدْرِ لَيْلَةُ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَيُرَجِّحُهُ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ: سُورَةُ الْقَدْرِ ثَلَاثُونَ كَلِمَةً، السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ فِيهَا هِيَ " وَالْحِكْمَةُ فِي إخْفَائِهَا لِيَجْتَهِدُوا فِي طَلَبِهَا وَيَجِدُّوا فِي الْعِبَادَةِ طَمَعًا فِي إدْرَاكِهَا كَمَا أَخْفَى سَاعَةَ الْإِجَابَةِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَاسْمَهُ الْأَعْظَمَ فِي أَسْمَائِهِ وَرِضَاهُ فِي الْحَسَنَاتِ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.
(وَهِيَ أَفْضَلُ اللَّيَالِي) ذَكَرَهُ الْخَطَّابِيُّ إجْمَاعًا (حَتَّى لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ) وَذَكَرَ ابْنُ عَقِيلٍ رِوَايَةً: أَنَّ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ؛ لِأَنَّهَا تَتَكَرَّرُ، وَلِأَنَّهَا تَابِعَةٌ لِمَا هُوَ أَفْضَلُ وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ: لَيْلَةُ الْقَدْرِ الَّتِي أُنْزِلَ فِيهَا الْقُرْآنُ أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ فَأَمَّا أَمْثَالُهَا مِنْ لَيَالِي الْقَدْرِ فَلَيْلَةُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ.
(وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يَنَامَ فِيهَا مُتَرَبِّعًا مُسْتَنِدًا إلَى شَيْءٍ نَصًّا وَيَذْكُرُ حَاجَتَهُ فِي دُعَائِهِ) الَّذِي يَدْعُو بِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةَ (وَيُسْتَحَبُّ) أَنْ يَكُونَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ دُعَائِهِ فِيهَا (مَا رَوَتْ) أُمُّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةُ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنهما أَنَّهَا قَالَتْ: «يَا رَسُولَ اللَّهِ إنْ وَافَقْتُهَا فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ قَوْلِي: اللَّهُمَّ إنَّك عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ فَاعْفُ عَنِّي» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَلِلتِّرْمِذِيِّ مَعْنَاهُ وَصَحَّحَهُ، وَمَعْنَى الْعَفْوِ التَّرْكُ، وَيَكُونُ بِمَعْنَى السَّتْرِ وَالتَّغْطِيَةِ فَمَعْنَى " اُعْفُ عَنِّي اُتْرُكْ مُؤَاخَذَتِي بِحِرْصٍ وَاسْتُرْ عَلَيَّ ذَنْبِي وَأَذْهِبْ عَنِّي عِقَابَك وَلِلنَّسَائِيِّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْمُعَافَاةَ فَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ بَعْدَ يَقِينٍ خَيْرًا مِنْ مُعَافَاةٍ» فَالشَّرُّ الْمَاضِي يَزُولُ بِالْعَفْوِ، وَالْحَاضِرُ بِالْعَافِيَةِ وَالْمُسْتَقْبَلُ بِالْمُعَافَاةِ، لِتَضَمُّنِهَا دَوَامَ الْعَافِيَةِ.
(وَتَتَنَقَّلُ فِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ لَا أَنَّهَا لَيْلَةٌ مُعَيَّنَةٌ وَحُكِيَ ذَلِكَ عَنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ فِيمَنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إنْ كَانَ قَبْلَ مُضِيِّ
لَيْلَةِ أَوَّلِ الْعَشْرِ) الْأَخِيرَةِ مِنْ رَمَضَانَ.
(وَقَعَ الطَّلَاقُ) أَيْ: تَحَقَّقَ وُقُوعُهُ (فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ) مِنْ رَمَضَانَ؛ لِأَنَّ الْعَشْرَ لَا يَخْلُو مِنْهَا، وَنَازَعَ فِيهِ ابْنُ عَادِلٍ فِي تَفْسِيرِهِ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّ الْعِصْمَةَ مُتَيَقِّنَةٌ فَلَا تَزُولُ إلَّا بِيَقِينٍ وَقَدْ قِيلَ: إنَّ لَيْلَةَ الْقَدْرِ فِي كُلِّ السَّنَةِ فَلَا تَتَحَقَّقُ إلَّا بِمُضِيِّ السَّنَةِ.
(وَإِنْ كَانَ مَضَى مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (لَيْلَةٌ) فَأَكْثَرُ ثُمَّ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ لَيْلَةَ الْقَدْرِ (وَقَعَ الطَّلَاقُ فِي اللَّيْلَةِ الْأَخِيرَةِ) مِنْ رَمَضَانَ (مِنْ الْعَامِ الْمُقْبِلِ) لِيَتَحَقَّقَ وُجُودُهَا.
قَالَ الْمَجْدُ: وَيَتَخَرَّجُ حُكْمُ الْعِتْقِ وَالْيَمِينِ عَلَى مَسْأَلَةِ الطَّلَاقِ.
(وَمَنْ نَذَرَ قِيَامَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ قَامَ الْعَشْرَ الْأَخِيرَ كُلَّهُ وَنَذَرَهُ فِي أَثْنَائِهِ) أَيْ: الْعَشْرِ الْأَخِيرِ (كَطَلَاقٍ) ذَكَرَهُ الْقَاضِي ".
تَتِمَّةٌ " عَنْ طَرَفَةَ بْنِ كَعْبٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ الشَّمْسَ تَطْلُعُ صَبِيحَتَهَا بَيْضَاءَ لَا شُعَاعَ لَهَا» وَفِي بَعْضِ الْأَحَادِيثِ «بَيْضَاءَ مِثْلَ الطَّسْتِ» ، وَرُوِيَ أَيْضًا عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ أَمَارَةَ لَيْلَةِ الْقَدْرِ: أَنَّهَا لَيْلَةٌ صَافِيَةٌ بَلْجَةٌ كَأَنَّ فِيهَا قَمَرًا سَاطِعًا سَاكِنَةٌ سَاجِيَةٌ لَا بَرْدَ فِيهَا وَلَا حَرَّ وَلَا يَحِلُّ لِكَوْكَبٍ أَنْ يُرْمَى بِهِ فِيهَا حَتَّى تُصْبِحَ وَإِنَّ أَمَارَتَهَا أَنَّ الشَّمْسَ صَبِيحَتَهَا تَخْرُجُ مُسْتَوِيَةً لَيْسَ فِيهَا شُعَاعٌ مِثْلَ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ لَا يَحِلُّ لِلشَّيْطَانِ أَنْ يَخْرُجَ مَعَهَا يَوْمَئِذٍ» .
(وَ) شَهْرُ رَمَضَانَ (أَفْضَلُ الشُّهُورِ) وَيَكْفُرُ مَنْ فَضَّلَ رَجَبًا عَلَيْهِ ذَكَرَهُ فِي الِاخْتِيَارَاتِ قَالَ الشَّيْخُ: لَيْلَةُ الْإِسْرَاءِ فِي حَقِّ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ مِنْ لَيْلَةِ الْقَدْرِ.
(وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ أَفْضَلُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْأُمَّةِ وَقَدْ ذَكَرْتُ مَا فِيهِ فِي الْحَاشِيَةِ) وَقَالَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْأُسْبُوعِ إجْمَاعًا وَقَالَ: يَوْمُ النَّحْرِ أَفْضَلُ أَيَّامِ الْعَامِ.
(وَكَذَا ذَكَرَهُ جَدُّهُ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدَيْنِ مِنْ شَرْحِهِ مُنْتَهَى الْغَايَةِ: أَنَّ يَوْمَ النَّحْرِ أَفْضَلُ) وَظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ أَبُو حَكِيمٍ (إبْرَاهِيم النَّهْرَوَانِيُّ) أَنَّ يَوْمَ عَرَفَةَ أَفْضَلُ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَهُوَ أَظْهَرُ (وَقَالَهُ أَكْثَرُ الشَّافِعِيَّةِ، وَبَعْضُهُمْ يَوْمُ الْجُمُعَةِ) وَعَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَفْضَلُ مِنْ الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ (كَلَيَالِيِهِ وَأَيَّامِهِ) وَقَدْ يُقَالُ: لَيَالِي الْعَشْرِ الْأَخِيرِ مِنْ رَمَضَانَ أَفْضَلُ وَأَيَّامُ ذَلِكَ أَفْضَلُ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ ذَكَرَهُ فِي